العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#81
|
|||
|
|||
خديجة بنت خويلد
نسبها رضي الله عنها هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الاسدية امها فاطمة بنت زائدة بن الاصم و اسمه جندب بن هدم بن رواحه بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي [/color]مولدها رضي الله عنها ولدت رضي الله عنها عام68 قبل الهجرة النبوية الشريفة و كان ذلك قبل علم الفيل بخمس عشرة سنة تقريبا و هذه السنة توافق علم 556 ميلاديا كانت تدعى في الجاهلية "الطاهرة" فكأن الله تعالى طهرها و جهزها لدورها الخالد و قد تزوجت قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا هالة و انجبت له هند بنت ابي هالة و هالة ابن ابي هالة ثم خلف عليها عتيق بن عابد و انجبت له هند بنت عتيق زواجها بالرسول صلى الله عليه و سلم كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تبعث رجالا يتاجرون في مالها نظير اجر فخرج الرسول صلى الله عليه و سلم بتجارتها الى الشام لما عرفت عن امانته و فضله و كان معه صلى الله عليه و سلم غلامها "ميسرة" و ما ان عاد الركب الى مكه حتى انطلق "ميسرة" يملأ سمعها بحديث مثير عن رحلته مع النبي صلى الله عليه و سلم حيث نزلوا بالقرب من صومعت راهب فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت شجرة فقال الراهب لميسرة انه لم يجلس تحت هذه الشجرة الا نبي كما تمكن الرسول صلى الله عليه و سلم من تحقيق ربح لم يتحقق من قبل للسيدة خديجة و هكذا نشئت العاطفة العظيمة داخل السيدة خديجة فعلى فبالرغم من انه لا توجد في قريش من تنافسها شرفا و نسبا الا انها ترددت هل يقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي الكهلة ذات الاولاد...هل يستجيب لها "محمد" و قد انصرف عن عذارى مكة و زهرات بني هاشم النضرات فافضت بسرها الى صديقتها "نفيسة بنت أمية" و هونت "نفيسة" الامر عليها فهي ذات غنى و جمال و لا توجد من تفوقها نسبا و شرفا و كل قومها حريص على الزواج منها ذهبت "نفيسة" الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ووجهت بلطف الى السيدة خديجة رضي الله عنها و كانت به رغبة فيها و لكنه لم يكن يملك ما يتزوج به فلما وجهته تقدم لخطبتها وتزوجها رسول الله خير زوجة سارت الحياة المباركة بالزوجين السعيدين أحسن سير و كيف لا و ربها خير الخل أجمعين و ربتها خير نسائها و لما رأت السيدة خديجة حب رسول الله صلى الله عليه و سلم لمولاها زيد بن حارثه وهبته اياه فزادت محبتها في قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم و كفل المصطفى لبن عمه على بن ابي طالب رضي الله عنه فكانت له خير ام و قد أكمل الله عز و جل عليهما السعادة فرزقهما الولد فولدت له القاسم –و به كان يكنى رسول الله صلى الله عليه و سلم- و عبد الله زينب و رقية و ام كلثوم وفاطمة وقد ما الاولاد الذكور رضعا و عاشت الاناث فامن برسول الله و هاجرن معه أول المصدقين كانت انباء عن اقتراب ميعاد ظهور النبي الخاتم تتناقل في الجزيرة العربية لاسيما في مكة لكن احدا لم يكن يدري يقينا كيف و متى يكون المبعث المنتظر و كان رسول الله قد نزع الى التأمل فكان كثيرا ما يذهب الى غار حراء للتعبد و ما كانت "خديجة" في وقار سنها و جلال امومتها لتضيق بهذه الخلوات التي تبعده عنها احيانا او تعكر عليه صفو تأملاته بالمعهود من فضول النساء بل حاولت ما وسعها الجهد ان تحوطه بالرعاية و الهدوء ما قام في البيت فاذا انطلق الى غار حراء ظلت عيناها عليه من بعيد و ربما ارسلت وراءه من يحرسه و يرعاه و هكذا بدا كل شئ مهيأ لاستقبال الرسالة المنتظرة فلما جاء الوحي و هرع اليها رسول الله صلى الله عليه و سلم خائفا و نفض لديها مخاوفه قال "لقد خشيت على نفسي" و ضمته الى صدرها و قد اثار مراه أعمق عواطف الامومة فغي قلبها و هتفت في ثقة و يقين "الله يرعانا يا ابا القاسم أبشر يا بن العم و اثبت فوالذي نفس خديجة بيده اني لارجو ان تكون نبي هذه الامة و الله لا يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم و تصدق الحديث و تحمل الكل و تقري الضعيف و تعين على نوائب الحق" انساب صوتها رضي الله عنها لى فؤاد رسول الله ليبعث في نفسه الطمأنينة و الهدوء فانطلقت به الى ابن عمها "ورقة ابن نوفل" و كان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجه "يا بن عم اسمع من ابن اخيك" فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم بما حدث فقال له ورقة " هذا الناموس الذي نزل على موسىعليه السلام يا ليتني فيها جذعا ليتني اكون حيا اذ يخرجك قومك" فقال رسول الله "أومخرجي هم؟" قال "نعم لو يأت رجل بمثل ما جئت به الا عودي و ان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا " صبرها على الشدائد في سبيل الله رضي الله عنها للسيدة خديجة رضي الله عنها اكبر الفضل في الصبر على المحن و مساندة رسول الله و مواساته بالمال و الكلمة الطيبة التي تخفف عنه فقاست معه سنوات الحصار و اقامت ثلاث سنوات في شعب ابي طالب –عندما اعلنت قريش مقاطعتها للمسلمين -و هي الحسيبة الشريفة و زاد بلائها عدو الله ابو لهب عندما امر بنيه ان يطلقا ابنتيها كرمها و برها رضي الله عنها شاء الله تعالى ان تكتمل فضائل امنا السيدة خديجة رضي الله عنها فكانت مثالا للكرم و البر و كانت تبر من يحبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد أصابت الناس سنة جدب بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم و في هذه السنة جاءت حليمة السعدية زائرة فعادت من عنده و معها من مال الطاهره السيدة خديجة بعي ر يحمل الماء و اربعون رأسا من الغنم ووصل بر السيدة خديجة الى ابعد من ذلك حيث كانت "ثوبيه" أول مرضعة للرسول صلى الله عليه و سلم تدخل على النبي الكريم بعد ان تزوج الطاهره فكانت تكرمها و تصلها و فاء و كرما لزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم يجلها و يقدرها عبادتها رضي الله عنها مكثت السيدة خديجة رضي الله عنها تصلي مع النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة التي كانت و هي ركعتان في الغداة و ركعتان في العشي و ذلك قبل ان تفرض لصلوات الخمس في ليلة الاسراء ذكر الامام ابن اسحاق –رحمه الله- قال " حدثني بعض اخل العلم ان الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه و سلم اتاه جبريل و هو باعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين من ماء مزن فتوضأ جبريل و محمد عليهما السلام ثم صلى ركعتين و سجد اربع سجدات ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم و قد اقر الله عينه و طابت نفسه و جاءه ما يحبه من الله عز و جل فأخذ بيد خديجة حتى اتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم ركع ركعتين و سجد اربع سجدات هو و خديجة ثم كان هو و خديجة يصليان سرا حب الرسول صلى الله عليه و سلم لها و قد احبها رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا شديدا بلغ ان غارت منها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و هي من هي حظوة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الايام فادركتني الغيرة فقلت هل كانت الا عجوزا فقد ابدلك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال "لا و الله ما ابدلني الله خيرا منها امنت بي اذ كفر الناس و صدقتني و كذبني الناس وواستني في مالها اذ حرمني الناس و رزقني الله منها أولادا اذ حرمني اولاد النساء"لاقالت عائشة فقلت في نفسي لا اذكرها بسيئة ابدا و عن عائشة رضي الله عنها ايضا قالت "ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه و سلم ما غرت على خديجة و ما رأيتها و لكن كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر من ذكرها و ربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امراة الا خديجة ؟ فيقول "انها كانت و كانت و كان لي منها ولد" و مما يدل على مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه و سلم انه لم يتزوج غيرها في حياتها و كان يقول صلى الله عليه و سلم "اني رزقت حبها" و قد ظل صلى الله عليه و سلم على وفائه لذكراها و يدل على ذلك ما حدث في غزوة بدر الكبرى اذ أسر أبو العاص بن ربيع زوج زينب بنت الرسول صلى الله عليه و سلم فأرسلت الوفيه بنت الطاهره فداء لزوجها ابي العاص و من ضمن الفداء قلادة كانت قلدتها بها والدتها المعطاءة ليلة زفافها فلما راها رسول الله صلى الله عليه و سلم رق لها رقة شديدة و تذكر زوجه المباركة الوفية خديجة و قال لأصحابه "ان رأيتم ان تطلقوا أسيرها و تردوا لهل قلادتها فافعلوا" و قد قال صلى الله عليه و سلم "خير نسائها مريم بنت عمران و خير نسائها خديجة " و قال ايضا صلى الله عليه و سلم "كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء الا ثلاث مريم بنت عمران و اسية امرأت فرعون و خديجة بنت خويلد و فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" حبها لرسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر في كتاب نزهة المجالس و منتخب النفائس انه قد ذكر في عقائق الحقائق ان النبي صلى الله عليه و سلم لما تزوج السيدة خديجة كثر كلام الحساد فيها فقالوا ان محمدا فقير و قد تزوج بأغنى النساء فكيف رضيت خديجة بفقره؟ فلما بلغها ذلك أخذتها الغيرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ان يعير بفقره فدعت رؤساء الحرم و أشهدتهم ان جميع ما تملكه لمحمد صلى الله عليه و سلم فان رضي بفقري فذلك من كرم أصله فتعجب الناس منها و انقلب القول فقالوا ان محمدا أمسى من أغنى أهل مكة و خديجة أمست من أفقر اهل مكة فأعجبها ذلك فقال بما اكافئ خديجة؟ فجاءة جبريل و قال ان الله يقرئك السلام و يقول لك مكافأتها علينا فانتظر النبي صلى الله عليه و سلم المكافأة فلما كان ليلة المعراج و دخل الجنة وجد فيها قصرا مد البصر فيه ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فقال يا جبريل لمن هذا قال لخديجة فقال صلى الله عليه و سلم هنيئا لها لقد أحسن الله مكافأتها بشارتها بالجنة و فقهها في الرد أتى جبريل صلى الله عليه و سلم النبي صلى الله عليه و سلم فقال "أقرئ خديجة من الله و مني السلام و بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب" فقالت "ان الله هو السلام و على جبريل السلام و عليك السلام و رحمة الله و بركاته " و القصب هو اللؤلؤ المجوف و الصخب هو رفع الصوت و النصب هو التعب رحمك الله من فقيهه فقد عرقت ان الله لا يليق به ما يليق بخلقه فهو السلام كما ان السلام هو دعاء بالسلامة فلا يليق بالمولى الا الثناء بما هو اهله و كذلك من فقهها رد السلام على من بلغه وفاتها رضي الله عنها توفيت أمنا خديجة رضي الله عنها في شهر رمضان سنة عشر من النبوة و هي يومئذ بنت خمس و ستون سنة و دفنت بالحجون و نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في حفرتها و لم تكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها و كان ذلك قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات و بعد خروج بني هاشم من الشعب بوقت قليل و قد مات في نفس العام عم الرسول صلى الله عليه و سلم فشق ذلك عليه صلى الله عليه و سلم و سمي "عام الحزن" و لم يكن ذلك الا لحمايتهما الدعوة و للدور الذي قام به كل منهما و لم يؤذ رسول الله صلى الله عليه و سلم الا بعد موتهما فضلها رضي الله عنها و في كتاب نزهة المجالس و منتخب النفائس ان السيدة فاطمة رضي الله عنها قالت بعد موت أمها و الله يا نبي الله لا ينفعني طعام و لا شراب حتى تسأل جبريل عليه السلام عن أمي فسأله فقال هي بين سارة و مريم في الجنة و قال النبي صلى الله عليه و سلم أفضل نساء الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و مريم بنت عمران و اسية بنت مزاحم امرأة فرعون وفي رواية قال جبريل عليه السلام يا محمد ما نزلت من عند سدرة المنتهى الا و يقول الله تعالى يا جبريل سلم على خديجة وعن معاذ رضي الله عنه قال قال رسول الله ذكر في كتب نزهة المجالس و منتخب النفائس لخديجة رضي الله عنها و هي في سكرات الموت أتكرهين ما قد نزل بك و الله لقد جعل الله لك في السكرة خيرا فاذا قدمت على ضراتك فأقرئيهن السلام مني مريم بنت عمران و اسية بنت مزاحم و كلثوم أخت موسى عليه السلام فقالت علي الوفاء يا رسول الله ذكره القرطبي
|
#82
|
|||
|
|||
من عظماء الحكام .. وليم الفاتح
وليم هو الابن الغير شرعى لدوق نورماندى روبرت الاول ، بعد وفاة والده وهو راجع من حج بيت المقدس , اتعين وليم مكان والده وهو لسة ما كملش 8 سنين من عمره فى جو من الصراع والتمزق الداخلى بينه وبين البارونات الاقطاعيين اللي كانوا رجال كبار وطموحهم اكبر من ولائهم للملك . وقدر وليم رغم صغر سنة انه يحافظ على مملكتة من البارونات الاقطاعيين ومن العواصف والتقلبات اللي كانت بتهدد مملكته بسبب الأعداء الخارجيين . وقاد وليم الفاتح اخر غزو ناجح لانجلترا سنة 1066, وهو يعتبر الغزو الوحيد ليها من أيام الفتح الرومانى قبل الف سنة . وشكل انتصاره فى المعركة التاريخية هاستنجر المقدمة الى النصر ، والانتصار دا اتحقق بفضل ابداعة العسكرى فى استخدام رماة السهم وقيادة جيشه .. وانهى وليم الفاتح حالات التمرد - اللى كانت بتعم البلاد لما بلغ سن الرشد - بحكمة و قوى ودعم سلطته على نورماندى بقوة السيف وغزا مقاطعة "مين " و "بريتانى" وضمهم لمملكته . وفى سنة 1051 اقنع وليم " الملك ادوارد " بتأييد مطالبته بالعرش , وساعده الملك ادوارد بإنه احتجز " هارولد جودوين " شقيق زوجة ادوارد فى فرنسا لحد ما وافق على مطلب وليم . وبعد وفاة ادوارد سنة 1066, رجع هارولد في عهده ونصب نفسة ملك على انجلترا . و رد وليم على الفور و حشد قواتةه اللى بلغ عددها خمسة وعشرين ألف جندى ووصل وليم بجيشة الغازى لــلساحل وهناك لقى هارول وجيشه فى مواجهته وراء دفاعات اقاموها بسرعة على امتداد خط الساحل , على بعد 8 اميال من جهة الشمال الغربى من هاسنتنجز . و اتقدم وليم الفاتح بجيشه للمعركة و كان واضح ان الغزو يبهدد الساكسونيون و فعلاً خرجوا من احصانهم علشان يطاردوا النورمانديين واصيب هارولد فى المعركة بسهم قاتل فاجبرهم على الانسحاب وما اتبقاش منهم الا الحرس الشخصى لهارولد . وفى ديسمير 1066دخل وليم واستلم التاج وسمى نفسه " وليم الاول ملك انجلترا " واتمكن من السيطرة على البلاد بعد ما اخمد سلسلة من الثورات اللي قامت ضده. وفى سنة 1087 اختلف وليم مع ملك فرنسا فيليب على حدود سلطانهم ودخلوا فى حرب . وبعد فترة قصيرة من إستيلاء وليم على مدينة مانتية اتعرض لاصابة قاتلة بعد اسقاطه من على فرسه فى معركة رون وتوفى فى سبتمبر 1087م وكان عمره ستين سنة . -------------------- أحمد شعبان --------------------
|
#83
|
|||
|
|||
غاليلو غاليلي ابن بيزا
ولد العالم الإيطالي غاليلو غاليلي في عام 1564م ، في مدينة بيزا ـ الشهيرة ببرجها المائل ـ في إيطاليا وقد درس في شبابه في جامعة بيزا ولكنه تركها لأسباب مادية ، ومع ذلك فقد استطاع في عام 1589م أن يحصل على كرسي أستاذ في تلك الجامعة ، وبعد سنوات قليلة انضم إلى هيئة التدريس في جامعة بادوا وظل هناك حتى عام 1610 ، وقد كانت تلك الفترة هي التي شهدت معظم اكتشافاته العلمية. وقد كانت أولى إسهاماته العلمية في الميكانيك ، فقد كان أرسطو قد ذكر قبل ألفي سنة أن سرعات سقوط الأجسام تتناسب مع أوزانها ، وهكذا كان يعتقد بأن الأجسام الأثقل تسقط بسرعة أكبر من الأجسام الخفيفة ، وعلم هذا لطلابه ومريديه ، وظلت أجيال من العلماء تقبل هذا المبدأ احتراما لرأي أرسطو ، ولكن غاليلو قرر أن يختبر صحة هذا المبدأ ، وبعد سلسلة من التجارب أكتشف بأن أرسطو كان مخطئا ، فقد جرب إسقاط أجسام مختلفة الأشكال والأوزان من نفس الموضع ، وكانت الأجسام تصل إلى سطح الأرض في نفس الفترة الزمنية ، وقد أجرى غاليلو حسابات بسيطة لدعم وتفسير تجاربه وخلص إلى نتيجة مفادها أن المسافات التي يقطعها جسم أفلت من السكون كي يسقط سقوطاً حراً في جو الأرض تتناسب فيما بينها كتناسب مربعات الفترة الزمنية التي يستغرقها الجسم في قطع هذه المسافات ، أي أن الأجسام الثقيلة والخفيفة تسقط بنفس السرعة ، ماعدا الحالات التي تصطدم بها الأجسام باحتكاك الهواء ، وهكذا دحض غاليلو آراء أرسطو بشكل قاطع . وهنالك ابداع فيزيائي اخر لغاليلو وهو اكتشافه قانون ( التباطؤ) ، فقد كان الناس يعتقدون في السابق أن الجسم المتحرك يميل ـ في طبيعته ـ للتباطؤ في الحركة الى ان يقف ما لم تحاول قوة أخرى أن تبقيه على حالة الحركة ، ولكن غاليلو لم يقبل بهذا الرأي ، واستطاع بعبقريته الفذة أن يخلص إلى استنتاج بالغ الأهمية بمراجعة تجاربه وملاحظاته . تصور غاليلو جسماً قذف على امتداد مستوي أفقي أملس عديم الاحتكاك ، وأكد أن الجسم يستمر في حركته المنتظمة على هذا المستوي دون توقف بشرط أن يكون المستوي غير محدود ولا نهائي ، ثم تابع تصوراته فارضاً أنه دفع كرة فعلية على مستٍو أفقي فعلي ، هنا ذكر غاليلو أن الكرة لن تستمر في حركتها وأنها تنتهي إلى التوقف بعد وقت يطول أو يقصر، ذلك أن الكرة ليست ملساء بشكل كامل ، وكذلك المستوي ليس أملساً بشكل كامل ، وقد مهد هذا الأسلوب في التفكير الطريق أمام ولادة مبدأ التباطؤ ، ووفق هذا المبدأ فان أي جسم يحافظ على حركة منتظمة لا تتوقف إن لم يعترضه مؤثر خارجي . وقد تحاشى غاليلو التفاصيل الرياضية المعقدة لمسألة الاحتكاك مكتفياً بما قدمه باعتباره فرضية لا بدّ منها للمضي قدماً في أبحاثه ، ثم تحول غاليلو إلى تطبيق فرضيته في حركة القذائف ، كان شكل المعالجة التي قدمها غاليلو لحركة القذائف مختلفاً عن الشكل المعاصر، لكن مضمون معالجته كان مطابقاً لمضمون المعالجة المعاصرة ، فهو يقول انه إذا قذف جسم من سطح الأرض ، فإن حركته ستتكون من حركتين إحداهما شاقولية والأخرى أفقية ، تتأثر الحركة الشاقولية بفعل الجاذبية الارضية ، أما الحركة الأفقية فتبقى ثابتة بصرف النظر عن المقاومة التي يفرضها احتكاك القذيفة مع الهواء ، وهكذا وضع غاليلو القانون الذي يقول : ( إن حركة الجسم تستمر إلى ما لا نهاية ما لم يطرأ عليها ما يعدّلها أو يوقفها ) ، هذا القانون سيستوقف نيوتن فيما بعد ، ويجعله يتساءل : لماذا لا تستمر حركة الكواكب في اتجاه مستقيم بدلاً من أن تدور حول الشمس وكأنها مشدودة بحبل غير منظور ؟ وهذا قاد نيوتن الى اكتشاف نظرياته الهامة في علم الفلك ، حول تفسير حركة الكواكب في الفضاء اللامتناهي . ولكن أشهر اكتشافات غاليلو كانت في ميدان الفلك ، وكانت النظريات الفلكية في أوائل القرن السابع عشر في حالة ثوران وتغير مستمر ، فكان هنالك نقاش حاد بين إتباع النظرية التي تقول أن الشمس هي مركز الكون وهي نظرية العالم الفلكي البولوني كوبرنيكوس ، واتباع النظرية التي تقول أن الأرض هي هذا المركز ، وقد ثبت لكوبرنيكوس ( 1473ـ 1543 ) علمياً أن الأرض متحركة، وكان هذا مخالفاً لتعاليم الكنيسة والكتاب المقدس فيما يخص وصف الكوكب الأرضي ، كانت الأرض حسب تصور الأنجيل قرصاً مسطحاً يوجد في مركز الكون وتدور حوله الشمس وسائر النجوم والكواكب منذ خلقها الرب ، وعندما احس كوبرنيكوس بالعاصفة القادمة ، رفع كتابا إلى البابا بولس الثالث يتنصل فيه من نظرياته وافكاره ، ثم جاء بعده ( برونو ) وأعلن قبوله للنظام ( الكوبرنيكي )، فاعتبر ذلك منه خروجاً على الكنيسة، فلجأ إلى جمهورية البندقية، ولكنه حُوكم، وحُكم عليه بالسجن، وبعد ست سنوات، رأى أولو الأمر أن السجن لا يكفي في معاقبته، فحُكم عليه بالموت حرقا. وجاء دور غاليلو .. كان غاليلو قد استطاع عام 1600 أن يبرهن بوضوح لا يقبل الشك على صحة نظريات كوبرنيكوس ، وقد أعلن غاليلو في عام 1604م أن كوبرنيكوس هو المصيب ، ولكن لم يكن لديه في ذلك الوقت أي برهان مقنع على النظرية الشمسية ، أي أن الشمس هي المركز. سمع غاليلو في عام 1609 أن الهولنديين قد اخترعوا أداة عرفت فيما بعد باسم التلسكوب يمكن استخدامها لرؤية الأجسام البعيدة ، وفي غضون 24 ساعة فقط ، صنع غاليلو أداة مشابهة وصوبها نحو السماء ، وفي خلال سنة واحدة انجز غاليلو سلسلة مثيرة من الاكتشافات ، نظر إلى القمر ورأى بأنه لم يكن كرة ملساء ولكن كان به فوهات بركانية وجبال عالية ـ وهكذا استنتج غاليلو ان الأجسام السماوية لم تكن ملساء أو تامة الاستدارة كما تبدو ، بل انها تحتوي نفس الإلتواءات والتضاريس الموجودة على الأرض ـ وشاهد أربعة أقمار من أقمار المشتري ـ تعرف اليوم بأقمار غاليلو تخليداً لذكراه ـ وراقب أيضاً أطوار كوكب الزهرة ، كما راى البقع الشمسية وأكد أن هذه البقع ظاهرة تخص الشمس وليست أجساماً تسبح في الفضاء بين الأرض والشمس كما اعتقد كثيرون في زمنه. وبعد ان تأكد غاليلوعلمياً من صحة رأي كوبرنيكوس، أعلن رأيه وجاء بالأدلة والبراهين على صحة ما ذهب إليه ، وهبت العاصفة .. اصدر رجال الدين أمراً بطلبه إلى روما حيث قرر مجمع الكرادلة، اعتبار كتابات ( كوبرنيكوس ) محرمة، ويعاقب قائلها وناشرها ومعتقدها ، وبذلك وجد غاليلو نفسه بين خطرين : إما السجن والتعذيب ، وإما ترك آراء كوبرنيكوس، فآثر السلامة، وسلّم بما لا بد منه .. وبعد أن توفي البابا بولس الخامس، وخلفه البابا أربان الثامن ، ( وكان من أصدقاء العالم غاليلو ) ، ظنّ غاليلو أن العهد الجديد سيكون عهد تساهل، فوضع كتابا على نمط محاورة بين ثلاثة أشخاص : أحدهم يمثل رأي كوبرنيكوس، والثاني يمثل رأي أرسطوطاليس وبطليموس، والثالث يُدير المناقشة ، وجعل الغلبة لرأي كوبرنيكوس ، وقد قضى غاليلو ست سنوات في تأليف هذا الكتاب الذي اسماه ( حوار حول النظامين العالميين الرئيسيين ) ، وفي هذا الكتاب اورد غاليلو كل الحجج المؤيدة لنظرية كوبرنيكوس . صودر الكتاب، وأُستدعيَ غاليلو للمحاكمة، وأمام مجمع الكرادلة حكموا باعدامه وبإعدام مؤلفاته ، ولكن نظراً لكبر سنه، واعتلال صحته، وإعلانه لتوبته، اكتفت المحكمة بسجنه في ديوان التفتيش طول عمره ، بعد أن يشجب أمام الجمهور وجهة نظره وهي أن الأرض تدور حول الشمس... وقد قام العالم البالغ من العمر 69 عاماً بهذا التصريح أمام الجمهور ، ثم خرج من المحكمة وهو يقول كلمته المعروفة : ( ومع ذلك فهي تدور ) ، وظل سجيناً في مدينة أركتيري الى ان توفي عام 1642م. كانت رؤية غاليلو للفلسفة والعالم أن الفلسفة مكتوبة في هذا الكتاب الكبير الذي هو الكون ، وإن هذا الكتاب مفتوح أمامنا ، ولكن القراءة المباشرة لهذا الكتاب أمر مستحيل الا اذا تعلمنا لغة كتاب الطبيعة ، وحروف هذا الكتاب هي المثلثات والدوائر والأشكال الهندسية الأخرى ، فإن لم نتمثل الرياضيات ، فإن بحثنا في الطبيعة أشبه بمن يتخبط في الظلمة ، وعلى الرغم من أن غاليلو كان فيزيائياً تجريبياً ، الا انه أكد أن الرياضيات تقع في المقام الأول . لم يتطرق غاليلو إلى مفاهيم أكثر تقدماً كمفهوم الطاقة أو القوة ، لانه لم يكن بمقدوره أن يقيس أياً من هاتين الكميتين ، ولعل ذلك هو السبب في أنه اكتفى بذكرهما بشكل غير مباشر ودون إحاطة كاملة بالمعنى الشامل لكل مصطلح ، كان علمه الاساسي هو ما يدعى اليوم " حركة الأجسام " ، أما التحريك وفق مصطلحاتنا أي النظر إلى الحركة عبر أسبابها فقد كان موضوعاً هاماً للعلماء الذين أتوا بعد غاليلو ، وعلى راسهم نيوتن.
|
#84
|
|||
|
|||
من هو ابن كثير
ولد في سوريا سنة 700 هـ كما ذكر أكثر من مترجم له أو بعدها بقليل كما قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة. وكان مولده بقرية "مجدل" من أعمال بصرى من منطقة سهل حوران درعا حاليا في جنوب دمشق ب سوريا, وكان أبوه من أهل بصرى و أمه من قرية مجدل.والاصح انه من قرية مندثرة تسمى الشريك تقع بين قريتي الجيزة وغصم ويمر من جانبها وادي مشهور اسمه وادي الزيدي وهي في منطقة حوران أو درعا حاليا. طلبه للعلم انتقل إلى دمشق سنة 706 هـ في الخامسة من عمره و تفقه بالشيخ إبراهيم الفزازى الشهير بابن الفركاح وسمع بدمشق من عيسى بن المطعم ومن أحمد بن أبى طالب وبالحجار ومن القاسم بن عساكر وابن الشيرازى واسحاق بن الامدى ومحمد بن زراد ولازم الشيخ جمال يوسف بن الزكى المزى صاحب تهذيب الكمال وأطراف الكتب الستة وبه انتفع وتخرج وتزوج بابنته. قرأ على شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا ولازمه وأحبه وانتفع بعلومه وعلى الشيخ الحافظ بن قايماز وأجاز له من مصر أبو موسى القرافى والحسينى وأبو الفتح الدبوسى وعلى بن عمر الوانى ويوسف الختى و غير واحد. عقيدته تنازع الأشاعرة و السلفية في أمر معتقده. فأما الأشاعرة فزعموا أنه أشعري العقيدة حيث ذكر الحافظ بن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة, ص17 ج1 باب الهمزة ( وهو حرف الألف) قصة حدثت بين ابن القيم وابن كثير عندما قال ابن كثير لإبن القيم "أنت تكرهني لأنني أشعري فقال له لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس في قولك إنك أشعري وشيخك ابن تيمية", كما أن ابن كثير تولى مشيخة دار الحديث الأشرفية ، وشرط واقفها أن يكون أشعري العقيدة -انظر طبقات السبكي [1] و رأى السلفية أنه كان واضحا وجليا أن ابن كثير سلفي الأعتقاد في غالب بل كل مؤلفاته, فكان يصرح بها, ولعل المتتبع البسيط لتفسيره (تفسير القرآن العظيم) يرى بوضح وبدون أدنى لبس أنه على عقيدة شيخه أبن تيمية. وكذلك ما كتبه في أول كتابه الجليل "البداية و النهاية" عن علو الله على عرشه و إثبات صفة العلو و الفوقية لله العلي القدير. أما ماأثير حول كونه أشعريا, لقبوله مشيخة دار الحديث الأشرفية التي شرط وقفها أن يكون المدرس فيها أشعريا, فهو شرط غير ملزم، وقد ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية علماء سلفيون من قبله: مثل الحافظ جمال الدين المزي و الحافظ أبو عمرو بن الصلاح. أما ما رواه الحافظ ابن حجر فهي كما قال نادرة وقعت بينهما، ولم تكن في مقام البيان والإقرار. و لا مانع من كون هذه الكلمة على فرض صحتها أنها خرجت منه على سبيل الفكاهة فهذا الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول عنه في الدرر الكامنة : (وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه، وامتحن بسببه. وكان كثير الإستحضار، حسن المفاكهة. سارت تصانيفة في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته). فنجد الحافظ ابن حجر يقول أنه (حسن المفاكهة). والمقصود بقوله "لأنني أشعري" هو ما وضحه إبراهيم بن ابن القيم حين قال له "لو كان من رأسك إلى قدمك شعر"، أي كثرة الشعر. و هذا من باب المعاريض، و هو جائز في المفاكهة و التندر بلا ريب. فرسول صلى الله عليه و سلم عندما سأله الرجل في غزوة بدر من أين أنت قال أنا من (ماء). وهذا ما يسمى تعريض. و مما يقوي رأي السلفية هو ما قاله ابن كثير بنفسه عن توبة الأشعري وعودته لعقيدة السلف. [2]. فلو كان ابن كثير أشعرياً فهو إذاً على العقيدة التي يعتقد أن الأشعري إستقر عليها آخر عمره. كما يقوي ذلك شدة تأثره بـابن تيمية و تبجيله له وانتصاره له حتى توفي و دفن بجواره. [3] وخلاصة الأمر أن أبن كثير قد صرح بعامة كتبه ولاخلاف في ذلك عند أهل العلم أنه على مذهب السلف في المعتقد, لابل أنه خالف أصول الأشاعرة وردهم في كثير من المواضع, وكان مساندا لشيخه الأمام أبن تيمية وبالذات في مسائل الأعتقاد, فالذهاب إلى أنه أشعري لحادثة قبوله الوظيفة , فهو يعلم أنه لايلزم صاحب الوقف هذا الشرط في الوقف , بل أن أبن كثير نشر عقيدة السلف وخالف الأشاعرة في دروسة, وعامة تلامذته من السلفية, وأن مرد الكلام كله أن صاحب الكلام أعني السبكي, كان عدوا لدودا لشيخ الأسلام أبن تيمية وهو أحد أهم الأسباب في سجن أبن تيمية, وكان ذو نفوذ وقوة عند حاكم البلاد, فسطر في كتابه ماأراد كونه أشعريا, وكان الكل من طلاب شيخ الأسلام كأبن كثير وأبن القيم وغيرهم, يدركون أن مواجهة السبكي تعني سجن القلعة, وحدث هذا بالفعل للأمام أبن القيم فقد سجن هو الأخر, ولكن أبن كثير أتقى وأبتعد عن مواجهة السبكي. فلايصح الأستدلال بأدلة الغريم والقرائن وهذا معلوم عند أهل الأصول والعلم وفاته في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة توفي الحافظ ابن كثير بدمشق، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية، رحمه الله. وقد ذكر ابن ناصر الدين أنه "كانت له جنازة حافلة مشهودة، ودفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية بمقبرة الصوفية". قال صاحب المنهل الصافى: توفى في يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة عن أربع وسبعين سنة. قال الحافظ ابن حجر: وكان قد أضر –فقد بصره– في اخر حياته، ورضى عنه. منتدى نافذة العرب
|
#85
|
|||
|
|||
يذكر التاريخ الإسلامي لـ "أروى بنت أحمد الصالحية" أنها أول امرأة تحكم دولة في العالم الإسلامي، فقد تولّت عرش دولة اليمن بعد وفاة زوجها الملك "المكرم" سنة (477هـ= 1084م) وتصرفت في أمور الدولة، واتخذت لنفسها ألقابا عديدة، منها الحُرّة، الملكة، والسيدة السديدة، وظلت تحكم البلاد نحو 55 عامًا.
وشاءت الأقدار أن تكون "رضية الدين" هي النموذج الثاني الذي يعتلي الملك؛ حيث تولَّت حكم دولة المماليك بالهند، تلتها شجرة الدر في مصر؛ حيث كانت أول سلطانة لدولة المماليك في مصر سنة (648هـ=1250م) وحكمت ثمانين يومًا. وتشترك الملكات الثلاث في رجاحة العقل، وحسن التدبير، وسعة الحيلة، والتمتع بالذكاء والبصيرة، وإن افترقن في المدة التي قضينها في الحكم. قيام دولة المماليك في الهند قامت الدولة الغورية (543-613هـ= 1148-1215م) على أنقاض الدولة الغزنوية التي كانت تملك بلاد الغور والأفغان والهند الشمالية، واستعان السلطان "محمد الغوري" في حكم بلاده بالمماليك الذين كان يشتريهم ويخصّهم بعنايته، ويعدهم للغزو والجهاد، ويرقي منهم من تؤهله ملكاته ومواهبه للقيادة ومناصب الحكم، وعُرف من بين هؤلاء المماليك "قطب الدين أيبك"، ولاه الغوري ولاية دلهي. وكان قطب الدين قائدا ماهرا وحاكما عادلا يتمسك بالإسلام ويكره الظلم والعسف، ويبغض نظام الطبقات الذي كان سائدا بالهند، ويُنسب له في دلهي مسجد رائع، ذو منارة سامقة، ما تزال قائمة حتى اليوم تُعْرف باسمه "قطب منار"، ويصل ارتفاعها إلى 250 قدمًا. ولم تطل الحياة بالسلطان محمد الغوري حيث تعرض لعملية اغتيال في سنة (603هـ= 1206م) وتهيأت الظروف لأن تبرز مدينة دلهي، باعتبارها عاصمة لدولة سلاطين المماليك بالهند، ولم يهنأ قطب الدين أيبك بما هيأته له الظروف، فقد لقي حتفه هو الآخر إثر وقوعه من على ظهر فرسه سنة (608هـ= 1210م) وخلفه ابنه "آرام شاه" لكنه لم يكن مؤهلا لأن يتولى شئون البلاد فقام "التمش" أحد مماليك أبيه البارزين بخلعه من الحكم بمساعدة بقية الأمراء، وجلس على عرش البلاد في عام (614هـ= 1216م). ولاية التمش حدود سلطنة دلهي يعد "التمش" المؤسس الحقيقي لدولة الممالك بالهند، وهو في الأصل مملوك اشتراه السلطان قطب الدين أيبك من غزنة، ومكنتّه مواهبه من تولي المناصب الكبيرة، وحظي بثقة سيده؛ فولاه رئاسة حرسه، ثم عهد إليه بإدارة بعض الولايات الهندية. وما إن أمسك "التمش" بمقاليد الأمور في البلاد حتى كشف عن كفاءة نادرة وقدرة على الإدارة والتنظيم، ورغبة في إقامة العدل وإنصاف المظلومين، فينسب إليه أنه قام بتأسيس مجلس من كبار أمراء المماليك عُرف باسم "الأربعين" لمعاونته في إدارة البلاد، ويُؤثَر عنه أنه أمر أن يلبس كل مظلوم ثوبا مصبوغا، وكان أهل الهند جميعا يلبسون الأبيض، فإذا قعد للناس أو مرّ على جمع من الناس، فرأى أحدا يرتدي ثوبا مصبوغا؛ نظر في قضيته وأنصفه ممن ظلمه. وقد عاصر "التمش" اجتياح المغول المدمّر لما حولهم من البلاد بقيادة زعيمهم جنكيز خان، غير أن المغول انسحبوا سريعا من الهند، واتجهت أبصارهم نحو الغرب؛ فنجت بلاد التمش من الخراب والدمار، في حين تكفّل هذا الإعصار المغولي بالقضاء على أعداء دولته في الشمال؛ الأمر الذي مكّنه من توسيع رقعة بلاده، وأن يستعيد جميع ممتلكات سيده "قطب الدين أيبك" في شمال الهند. وبلغ الفوز مداه بأن اعترفت الخلافة العباسية بولايته على الهند، وأقرّته سلطانا على البلاد، وبعث له الخليفة "المستنصر بالله" العباسي بالتقليد والخلع والألوية في سنة (626هـ= 1229م) فأصبح أول سلطان في الهند يتسلم مثل هذا التقليد، وبدأ في ضرب نقود فضية نُقش عليها اسمه بجوار اسم الخليفة العباسي، فكانت أول نقود فضية عربية خالصة تُضرب في الهند. ولاية السلطانة رضية الدين توفي السلطان "التمش" سنة (634هـ= 1236م) وخلفه ابنه "ركن الدين فيروز"، غير أنه كان منشغلا عن مسئولية الحكم وتبعاته باللهو واللعب، تاركا تصريف أمور دولته إلى أمّه التي استبدّت بالأمر وهو ما جعل الأحوال تزاد سوءا، وتشتعل المعارضة ضده، وانتهت الأزمة بأن بايع كثير من الأمراء "رضية الدين بنت التمش"، وأجلسوها على عرش السلطنة، وكانت تتمتع بصفات طيبة من رجاحة العقل، وشجاعة النفس، وعلى حظ كبير من الذكاء، تحفظ القرآن الكريم، وتلم بالفقه الإسلامي. وكان أبوها يسند إليها بعض المهام، حتى إنه فكّر في أن يجعلها "وليّة للعهد" دون إخوانها الذكور الذين انشغلوا باللهو والملذات، وقد تحقق ما كان يراه أبوها ولا يراه سواه ممن كانوا يعترضون عليه إيثاره لها، فما إن آلت إليها السلطنة حتى دلّت على ما تتمتع به من صفات، حتى إن مؤرخي الهند، أطلقوا عليها اسم "ملكة دوران بلقيس جهان"، أي فتنة العالم. فترة ولاياتها جلست "رضية الدين" على عرش سلطنة دلهي نحو أربع سنوات (634-637هـ= 1236-1369م) بذلت ما في وسعها من طاقة لتنهض بالبلاد التي خوت خزائنها من المال لإسراف أخيها، وسارت على خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة، لكنها اصطدمت بكبار أمراء الملوك الذين يشكلون جماعة الأربعين، ويستأثرون بالسلطة والنفوذ، وحاولت الملكة جاهدة أن تسوسهم، وتحتال على تفريق كلمتهم، وتعقُّب المتمردين والثائرين عليها، وكانت تظهر بمظهر الرجال، وتجلس على العرش والعباءة عليها، والقلنسوة على رأسها وتقود جيشها وهي تمتطي ظهر فيلها. ولما استقرت أحوال مملكتها انصرفت إلى تنظيم شئونها، فعينت وزيرا جديدا للبلاد، وفوضت أمر الجيش إلى واحد من أكفأ قادتها هو "سيف الدين أيبك"، ونجحت جيوشها في مهاجمة قلعة "رنتهبور" وإنقاذ المسلمين المحاصرين بها، وكان الهنود يحاصرون القلعة بعد وفاة أبيها السلطان "التمش". غير أن هذه السياسة لم تلق ترحيبا من مماليك سلطنتها الذين أنفوا أن تحكمهم امرأة، وزاد من بغضهم لهذا الأمر أن السلطانة قرّبت إليها رجلا فارسيًا يُدعى "جمال الدين ياقوت"، كان يشغل منصب قائد الفرسان، ولم تستطع السلطانة أن تُسكت حركات التمرد التي تقوم ضدها، كما كانت تفعل في كل مرة، فاجتمع عليها المماليك وأشعلوا الثورة ضدها، وحاولت أن تقمعها بكل شجاعة، لكنها هُزمت، وانتهى الأمر بقتلها في (25 من ربيع الأول 637هـ= 25 من أكتوبر 1239م) وتولَّي أخيها السلطان "معز الدين" عرش البلاد.
|
#86
|
|||
|
|||
محيي الدين بن عبد الظاهر،
ازدهرت الكتابة التاريخية في مصر في عهد دولة المماليك، وكانت امتدادا لحركة تاريخية نشطة تعهدتها مصر في العصرين الفاطمي والأيوبي، غير أنها أصبحت في عصر المماليك أكثر غزارة وتنوعا عن ذي قبل، واشتغلت بها طوائف مختلفة من العلماء والفقهاء والكتاب. وقدم المؤرخون المصريون خير إنتاجهم في مختلف ميادين الكتابة التاريخية، وكان إنتاجا عظيما من حيث الكم والكيف، وعلى أيديهم ظهرت الموسوعات الكبرى، مثل "نهاية الأرب في فنون الأدب" للنويري، و"صبح الأعشى في صناعة الإنشا" للقلقشندي، و"مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لابن فضل الله العمري. وكان من أبرع المؤرخين الذين ظهروا في مطالع دولة المماليك البحرية محيي الدين بن عبد الظاهر، وكان إلى جانب كونه مؤرخا كبيرا كاتبا عظيما صاحب قلم بليغ أهّله لأن يحتل مكانة مرموقة في الصف الأول من كتاب العربية، وقدم للمكتبة التاريخية روائع في فن الترجمة الشخصية، وخص السلطان بيبرس بواحدة من أجمل السير في تراثنا العربي، اعتمد عليها كل من جاء بعده من المؤرخين. المولد والنشأة ولد أبو الفضل عبد الله بن رشيد الدين عبد الظاهر بالقاهرة في (9 من المحرم 620هـ = 12 من فبراير 1223م)، ولا تحدثنا المصادر كثيرا عن حياته الأولى وملامح نشأته، غير أن ذلك لا يمنعنا من تكوين صورة عن تلك الحياة، يساعدنا على ذلك أنه نشأ في بيت علم وفضل، فأبوه رشيد الدين المتوفى سنة (649هـ = 1250م) كان شيخا للقراء في مصر، ومن البارعين في فن القراءات. وقد بدأ محيي الدين بن عبد الظاهر حياته بحفظ القرآن مثل أقرانه من طلبة العلم، وتردد على حلقات الفقهاء والمحدثين، وتحتفظ المصادر بأسماء قليلة لشيوخه، فيذكر المقريزي أنه سمع من جعفر الهمداني، وعبد الله بن إسماعيل. ولم تقتصر ثقافته على العلوم الشرعية واللغوية، بل امتدت لتشمل الأدب والتاريخ والأخبار، وهو ما مكنه من الالتحاق من ديوان الإنشاء على عهد الأيوبيين الذي كان يضم فحول الكتاب البارعين. الظهور والتألق لم يبدأ نجم ابن عبد الظاهر في التألق والظهور إلا في عهد السلطان الظاهر بيبرس، حين عهد إليه بعمل شجرة نسب للخليفة الحاكم بأمر الله أحمد العباسي، الذي اختاره بيبرس خليفة للمسلمين في محاولة منه لإحياء الخلافة العباسية في القاهرة بعد أن سقطت في بغداد سنة (656هـ = 1257م)، ثم توثقت صلته بالظاهر بيبرس حتى صار موضع ثقته، فعندما أرسل إليه الملك المغولي بركة خان يطلب عقد حلف مع بيبرس كتب ابن عبد الظاهر صيغة الكتاب، وقرأه على السلطان بحضور الأمراء، كما كتب تفويض الظاهر بيبرس بولاية العهد إلى ولده الملك السعيد بركة خان. واحتفظ ابن عبد الظاهر بمكانته أيضا في عهد السلطان قلاوون الذي حكم مصر بعد الظاهر بيبرس وولديه، وكتب له تفويض السلطنة بولاية العهد إلى ابنه علاء الدين علي، ثم لابنه الملك الأشرف خليل قلاوون. وكان لابن عبد الظاهر ولد نابه على مثاله في البلاغة وحسن البيان، يدعى فتح الدين محمد، ترقى إلى وظيفة كاتب السر أي صاحب ديوان الإنشاء في عهد السلطان قلاوون، وكانت هذه الوظيفة من كبرى وظائف الدولة. وقد عمل ابن عبد الظاهر تحت رئاسة ابنه في ديوان الإنشاء، وشاءت الأقدار أن يتوفى الولد قبل أبيه سنة (691هـ = 1292م). أمير البيان في عصره برع ابن عبد الظاهر في الكتابة البيانية والرسائل البليغة حتى صار شيخ أهل الترسل في عصره، وحاكى القاضي الفاضل (وزير صلاح الدين ومستشاره) في بيانه، وتأثر به في طريقته، وبلغ من إعجابه به أن ألف عنه كتابا بعنوان "الدر النظيم من ترسل عبد الرحيم" وهو كتاب مطبوع نشره الدكتور أحمد بدوي بالقاهرة سنة 1959م. وقد أشاد ببلاغته معاصروه وشهدوا له بالتقدم في صناعة الكتابة والأدب؛ فقد وصفه القلقشندي بأنه وأبناؤه "بيت الفصاحة ورؤوس البلاغة"، وقال عنه ابن تغري بردي بأنه "من سادات الكتاب ورؤسائهم وفضلائهم". ولما وضع ابن عبد الظاهر مؤلفاته التاريخية ضمنها عددا كبيرا من الوثائق التي كتبها، وصاغ أحداث عصره ووقائعه وصور أبطاله ومعاركه بقلمه البليغ وأسلوبه الرفيع، وغلبت عليه صنعته، فقد كان أديبا شاعرا قبل أن يكون مؤرخا كبيرا. وقد أتاح له عمله في ديوان الإنشاء إصدار المكاتبات الرسمية والرسائل السلطانية، والرد على الرسائل الواردة، ومتابعة أعمال السلطان اليومية ومشاهدة الأحداث عن قرب، وكان كل ذلك مادة خصبة لمؤلفاته التاريخية. ومن أمثلة ما كتبه عن تراجع التتار عن مهاجمة الحجاز حين علموا بوجود السلطان بيبرس هناك لأداء فريضة الحج سنة (667هـ = 1269م): "وكان التتار قد قصدوا ركبا إلى الحجاز، وقصدوا بذلك كشف الطرقات والتلصص على تلك الجهات، فركبوا الطريق ومعهم جماعات من المغول لا يعرفون الله ولا حرمة، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، كم أهلكوا من أمم، وكان قصدهم استباحة دم الحجاج في الحرم، فبلغتهم حركة السلطان، فرجعوا خائبين وقفلوا هابلين، وكان السلطان قد بلغته هذه الأخبار قبل توجهه إلى الحجاز فأقدم وتقدم، وعزم على الجمع بين الحج والجهاد وصمم...". الظاهر بيبرس في مرآة ابن عبد الظاهر صور ابن عبد الظاهر في كتابه "الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر" السلطان بيبرس بالحاكم القوي اليقظ الذي يتابع شئون دولته متابعة دقيقة، ويراقب ولاتها، ويعمل على سلامتها وحمايتها من الأخطار المحدقة بها، ويلتزم بما جاء في نص كتاب التقليد الذي كتبه فخر الدين بن لقمان والذي قرئ على السلطان حين ولاه الخليفة العباسي مقاليد الأمور في البلاد سنة (659هـ =1261م)، وقد تضمن هذا التقليد مطالبة السلطان بالالتزام بأحكام الشريعة، وملاحظة أمور الدولة، والدقة في اختيار النواب والولاة ومراقبة تصرفاتهم وإلزامهم بمعاملة رعاياهم بالعدل والإحسان، والعناية بأمور الجهاد وحماية الثغور من الأعداء، والاستعداد الدائم لمواجهتهم. وصور ابن عبد الظاهر السلطان بيبرس وهو جالس للناس ينظر في أمورهم فقال: "وأصبح ينظر في أمور دولته؛ لأنه كان إذا لم يركب يصلي الصبح، ويخرج إلى باب دهليزه، ويجلس على كرسي أمير جاندارة، ظاهرا للناس كافة، يقرب منه الفقير والمرأة والضعيف، ويقضي حوائج الناس، ويسمع قصص الرعايا، ويوقّع عليها بين يديه، إلى أن يرى أمراءه حضروا من سوق الخيل، يقوم ويجلس في مرتبة السلطنة ويحضر الأمراء، ويمد لهم الخوان ويجلس لقضاء حوائج الناس...". ويرسم له صورة حية وهو يؤدي مناسك الحج سنة (767هـ= 1366م) مثله مثل غيره من الحجاج دون حراسة أو حاشية تحيط به، فيقول: "وقدم مكة شرفها الله خامس ذي الحجة، وصافح بيده المجاهدة في سبيل الله تعالى أركان البيت الشريف متبركا، وما ترك والحمد لله مزارا ولا أغفل منسكا، وأعطى خواصه جملة من المال يفرقونها سرا، وفُرقت قمصان وكساوٍ على أهل الحرمين، وبقي كأحد الناس لا يحبه أحد، ولا يحفظه إلا الله تعالى وهو منفرد، مصليا وطائفا وساعيا، ثم عمد إلى الكعبة شرفها الله تعالى فغسلها بيده، وحمل الماء في القرب على كتفه، وغسل البيت الشريف، وبقي في وسط الخلائق، وكل من رمى إليه إحرامه غسله له بما ينصب من الماء في الكعبة الشريفة، ويرميه إلى صاحبه، وجلس على باب الكعبة، فأخذ بأيدي الناس أخذ الله بيده ليطلع بهم الكعبة، وتعلق أحد العوام به ولما لم يقدر على يده لتزاحم الناس عليه تعلق بإحرامه فقطعه، وكاد يرميه إلى الأرض، وهو مستبشر بهذا الأمر، وعلق كسوة البيت الشريف بنفسه وخواصه.. هذا وقاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي مرافقه طول الطريق يستفتيه، ويتفهم منه أمر دينه، ويتحرى في أمر دينه أتم تحر، ولم يغفل تدبير الممالك، وكُتاب الإنشاء تكتب عنه في المهمات...". وهذه الصورة النابضة التي كتبها ابن عبد الظاهر بقلمه البليغ للظاهر بيبرس تؤكد حرص السلطان على المحافظة على الشريعة، مثل أمره إبطال تعاطي الحشيشة وتأديب آكلها، وإبطال الخمر والمنكرات، وميله إلى أن يصحبه في معاركه العُبّاد والزهاد والفقهاء. أما في المعارك والحروب فقد أبدع ابن عبد الظاهر في رسم صورة البطولة للسلطان، فهو فارس شجاع لا يبالي بالمخاطر، يقف وسط جنوده، يعمل معهم في حفر الخنادق وجر المجانيق دون ملل أو كلل، يشحن الجنود ويزيد من حماسهم واستعدادهم للحرب. وأشار المؤلف إلى جهود السلطان في استقرار البلاد واستتباب الأمن فيها بإقامة المؤسسات القضائية التي تفصل في المنازعات، فأقام دار العدل لإنصاف الضعيف من القوي، وكان السلطان يجلس بنفسه بدار العدل التي في القاهرة للنظر في حوائج الناس، وبلغ حرصه على تيسير أمور التقاضي أن جعل لقاضي القضاة أربعة نواب من أصحاب المذاهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة للقضاء بين الناس. آثاره ومؤلفاته ترك ابن عبد الظاهر عددا من المؤلفات التاريخية والأدبية وصل إلينا كثير منها، ومن تلك الكتب: - الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، وهذه السيرة كتبها المؤلف في حياة السلطان، واستمد مادتها التاريخية من مصادر متعددة، وكان السلطان نفسه أحد تلك المصادر؛ حيث أملى عليه معلومات عن حياته الأولى، بالإضافة إلى وثائق الدولة التي كانت تحت يده ومشاهداته لكثير من الأحداث. وقد نشر هذه السيرة عبد العزيز الخويطر في الرياض سنة 1976م. - تشريف الأيام والعصور بسيرة السلطان الملك المنصور، وهي سيرة للمنصور قلاوون (679 - 689هـ = 1279 - 1290م) تناول فيها حياة السلطان وجهوده السياسية وفتوحاته العسكرية وجهاده ضد المغول والصليبيين، وقد فُقد الجزء الأول من الكتاب، والموجود منه الجزء الثاني الذي يتناول سيرة السلطان من سنة (680هـ = 1280م) حتى وفاته، وقد نشر الكتاب محققا مراد كامل بالقاهرة سنة 1961م. - الروضة البهية الزاهرة في خطط المُعِزّية القاهرة، ويتناول الكتاب خطط مدينة القاهرة وتطورها إلى عصره، وعُني في كتابه بذكر أغلب المعالم التي تعود إلى العصرين الفاطمي والأيوبي، وهذا الكتاب يُعَد أول كتاب يخصص لذكر خطط القاهرة، حيث اهتم كل من ألف قبله بذكر خطط مدينة الفسطاط، وقد اقتبس من الكتاب كثيرٌ من المؤرخين مثل ابن أيبك الدواداري وابن دقماق والقلقشندي والمقريزي، وكان يظن حتى عهد قريب أن الكتاب مفقود حتى عُثر على نسخة خطية محفوظة في مكتبة المتحف البريطاني فقام بنشرها في بيروت أيمن فؤاد السيد سنة (1417هـ = 1996م). وإلى جانب ذلك عدد كبير من الرسائل الديوانية احتفظ ببعضها القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى". وقصائد شعرية مدح فيها سلاطين المماليك، وذكر فيها أحداث عصرهم، وتحتفظ المكتبة التيمورية بنسخة من ديوان ابن عبد الظاهر. وفاته وقد امتدت الحياة بابن عبد الظاهر حتى تجاوز السبعين من عمره قضى معظمها قريبا من الأحداث التي شهدتها مصر والشام فسجلها في دقة وأمانة في كتبه التي لا تزال المصدر الأساسي لكل من يتناول تاريخ دولة المماليك في عهد السلطان الظاهر بيبرس. وظل ابن عبد الظاهر موضع تكريم السلاطين المماليك حتى تُوفي في القاهرة في (4 من شهر رجب 692هـ= 17 من يونيو 1293م).
|
#87
|
|||
|
|||
الأصفهاني.. مؤلف الأغاني
كتاب الأغاني موسوعة أدبية لا غنى عنها لم ينل كتاب في الأدب العربي شهرة كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، وهو منذ أن ظهر من ألف عام قل من لم يسمع به، أو يقرأ طرفا منه، أو يعتمد عليه في شيء مما يتصل بالتاريخ والحضارة. أنفق فيه مؤلفه نصف قرن من الزمان، حتى خرج على الصورة التي هو عليها الآن، وهو كتاب -كما وصفه الفقيه ابن العربي-: جليل القدر، كثير العلم، لم يؤلف مثله قط. وقد يختلف الناس حول ما حواه من أخبار وروايات، لكنهم لا يختلفون حول قيمته باعتباره المصدر الأول لمن يكتبون عن الأدب العربي في عصوره المتقدمة. النشأة والتعليم ينتهي نسب أبي الفرج الأصفهاني إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية. ولد سنة (284هـ = 897م) ولا يعرف على وجه اليقين موضع ولادته، فقالوا إنه أصفهاني المولد استنادا إلى لقبه الذي عُرف به واشتهر، وقالوا إنه بغدادي المنشأ والمسكن، ولعل أجداده كانوا يعيشون في أصفهان بعد سقوط دولتهم، ثم نزح أحفادهم إلى بغداد وأقاموا بها. وكان جده محمد بن أحمد الأصفهاني من كبار رجالات سامراء وعلى صلة متينة بوزرائها وأدبائها وكتابها، وكان أبوه الحسين بن محمد يقطن بغداد، ويحرص على طلب العلم والثقافة الشائعة في عصره، وكذلك كان عمه الحسن بن محمد من كبار الكتاب في عصر المتوكل. وروى عنه أبو الفرج كثيرا في كتابه الأغاني، وهو الذي تولى تربيته وتثقيفه. أما نسب أبي الفرج من ناحية أمه فهو ينتسب إلى آل ثوابة المعروفين في عصرهم بالكتابة والأدب والشعر. وذكر ابن النديم عددا منهم في كتابه الفهرست. وفي هذا الجو المُعبَّق بعطر العلم وأريج الثقافة نشأ أبو الفرج الأصفهاني وتعلم، ثم تطلعت همته إلى مصادر أخرى للمعرفة، فولّى وجهه شطر الكوفة في فترة مبكرة من حياته، وأخذ الحديث والتاريخ واللغة عن شيوخها الكبار من أمثال: مطين بن أيوب، والحسين بن الطيب الشجاعي، ومحمد بن الحسين الكندي مؤدبه في الكوفة… وغيرهم، ثم رجع إلى بغداد وبدأ حياة علمية جادة، وأظهر جلدا وشغفا بالعلم، واتصل بأعداد هائلة من شيوخ بغداد وعلمائها الذين كانت تمتلئ بهم مساجدها، وحسبك أن يكون من شيوخه: يحيى بن علي المنجّم، المتوفى سنة (300هـ = 912م) وكان أديبا ناقدا عالما بالغناء والموسيقى، وأبو عبد الله اليزيدي المتوفى سنة (310هـ = 922م) وكان إماما في النحو والأدب، ومحمد بن جرير الطبري الإمام المؤرخ المفسر الفقيه المتوفى سنة (310هـ = 922م) وعنه روى أبو فرج الأصفهاني معظم أخبار العرب القديمة ومغازي الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأشعارا لشعراء الدعوة الإسلامية. ولازم أيضا عددا من كبار أئمة اللغة مثل: علي بن سليمان الأخفش، المتوفى سنة (315هـ = 927م) وأبي بكر الأنباري، المتوفى سنة (328هـ = 939م) وابن دريد العالم اللغوي الفذ، المتوفى سنة (321هـ = 933م) وأبي بكر الصولي، المتوفى سنة (335هـ = 946م) وصاحب كتابيْ: "الأوراق"، و"أدب الكاتب". في موكب العلم والتدريس وبعد هذا التحصيل العلمي الجاد والإصرار على الدرس جلس للتدريس في نحو سنة (313هـ = 925م)، وكان قد انتهى من كتابة أول مؤلفاته "مقاتل الطالبيين" فجلس لإملائه على تلاميذه الذين اتصلوا به ولازموه، بعد أن ذاعت شهرته، وقصد حلقاته عدد كبير من المحدثين والأدباء والشعراء. ومن تلاميذه المعروفين الإمام الدارقطني، وأبو زكريا يحيى بن مالك الأندلسي، وعلي بن دينار، ومحمد بن أحمد المغربي راوية المتنبي، وأبو علي الحسن بن علي بن محمد التنوخي. واتصل أبو الفرج بالحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة البويهي، وكانت له به صلة قبل أن يتولى الوزارة، فلازمه 13 سنة حتى توفي المهلبي في سنة (352هـ = 963م)، وكان الوزير يوالي أبا الفرج بصلاته، ويقربه إليه، ويجعله من ندمائه المقربين، وكان للوزير مجلس مشهور يؤمه كبار الشعراء والكتاب من أمثال أبي القاسم التنوخي، وأبي إسحاق الصابئ، وأبي العلاء صاعد خليفة، والشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي. وكان أبو الفرج رأس هذا المجلس، ونديم صاحبه، كثير المدح له، وكان من ثمرات هذه العلاقة آثار كثيرة في مؤلفات أبي الفرج وأشعاره. وتذكر المصادر التاريخية أن لأبي فرج صلات بملوك الأندلس من بني أمية، يؤلف لهم الكتب ويرسلها لهم فيصلونه بجوائز كبيرة. وأما صلته بسيف الدولة فليس في أخباره ما يوضح حقيقتها، ويلقي الضوء عليها سوى أنه أهداه كتاب الأغاني فأعطاه عليه ألف دينار. شخصيته رسمت كتب المعاصرين له صورة ذات ألوان قاتمة وظلال شاحبة فهو لا يعتني بمظهره، يبدو دائما متسخ الثياب، قذرا في شكله وفعله، بعيدا عن مظاهر السلوك الحميد والتصرف الأنيق الذي يتصف به دائما من ينادم الملوك والأمراء. وأيا ما كان الرأي حول هذه الصفات ومدى مبالغتها في رسم هذه الصورة السيئة، فإن هناك إجماعا من المؤرخين على سعة علمه، وكثرة محفوظه، وجودة شعره، وكثرة تأليفه، وأضافوا إلى ذلك أنه كانت له رحمة وألفة بصنوف الحيوان، يأنس بصحبتها، ويعالجها إذا أصابتها العلة، ويأسى لموتها، وقد أُثرت عنه أبيات رقيقة في رثاء ديك له مات، جاء فيها: أبكي إذا أبصرت ربعك موحشـا </SPAN> بتحنن وتأسف وشهـــيق</SPAN> ويزيدني جزعا لفقدك صــادح </SPAN> في منزل دان إليَّ لصـيق</SPAN> فتأسفي أبدا عليك مواصـــل </SPAN> بسواد ليل أو بياض شروق</SPAN> ألف أبو الفرج الأصفهاني أكثر من 30 كتابا، لم تسلم كلها من عوادي الزمن، ووصل إلينا منها: "الإماء الشواعر"، و"مقاتل الطالبيين" وتناول فيه سيرة أكثر من 200 من قتلى الطالبيين وشهدائهم منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الوقت الذي انتهى فيه من تأليفه سنة (313هـ = 925م)، وكانت شخصية علي بن أبي طالب هي أهم شخصية تناولها بالترجمة، فأفرد لها صفحات كثيرة، ثم تتابعت شخصيات العلويين لتشمل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وغيرهما من آل البيت. كتاب الأغاني رسوم من كتاب الأغاني</SPAN> غير أن أهم كتبه هو "الأغاني" الذي نال شهرة واسعة وصِيتا ذائعا لم ينله كتاب في الأدب العربي منذ أن ظهر للناس في القرن الرابع الهجري حتى يومنا هذا، ووصفه ابن خلدون بأنه "ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن…". ويذكر لنا أبو الفرج الباعث على تأليف كتابه في مقدمته، فيقول: "والذي بعثني على تأليفه أن رئيسا من رؤسائنا كلفني جمعه له، وعرفني أنه بلغه أن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي في الغناء مدفوع أن يكون من تأليفه، وهو مع ذلك قليل الفائدة، وأنه شاك في صحته…" وموضوع الكتاب هو الغناء، ألفه ليكون بديلا عن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي، ولذلك صدَّر كتابه بذكر "المائة صوت المختارة للرشيد الذي أمر إبراهيم الموصلي، وإسماعيل بن جامع وفليح بن العوراء باختيارها له من الغناء، ثم رفعت إلى الواثق بالله ، فأمر إسحاق بن إبراهيم أن يختار له منها ما رأى أنه أفضل مما كان اختير متقدما…". وكان أبو الفرج يبدأ بذكر الصوت الذي اختاره والشعر المتعلق به، ثم يستطرد إلى ذكر أشعار أخرى قيلت في المعنى نفسه، وتغني بها، ثم يتناول المناسبة التي قيلت فيها هذه الأشعار، وقد تكون المناسبة اجتماعية أو سياسية فيبين ذلك، وهو في أثناء ذلك يتعرض لذكر الإنسان وأخبار القبائل، وقصص وأشعار وملح، فيقف القارئ على ألوان مختلفة من الحياة، وعادات متفرقة في بيئات مختلفة، وطرائق الحياة في البادية والقصور من لهو وتسلية فراغ. ولم يلتزم أبو الفرج في اختيار الأصوات التي ذكرها بالترتيب الزمني للشعراء والمغنين، وإنما رتبها حسب الأصوات المائة التي اختارها المغنون الثلاثة للرشيد، وقد حوى كتاب الأغاني تراجم لزهاء 300 شاعر وقرابة 60 من المغنيين والمغنيات. ومعظم من ترجم لهم كانوا من شعراء الجاهلية والإسلام، ولم يلتزم في أخبارهم ترتيبا تاريخيا، وإنما ينثر ما انتهى إليه من أخبار الشاعر حينما اتفق. واتبع طريقة المحدّثين في إسناد كل خبر إلى رواته. وقد أنفق أبو الفرج في تأليف كتابه 50 سنة، واعتمد في كتابته على مصادر متعددة بعضها شفوية استمدها من أفواه الرواة والأدباء والمجالس الأدبية التي كان يحرص على حضورها، وبعضها أخذها من الكتب التي تعنى بالشعر والغناء، وهو إن أغفل ذكر اسم الكتاب لا يهمل اسم المؤلف لأهمية ذلك في الثقة بالخبر وتقويمه. وعلى الرغم من أهمية الكتاب التي لا يختلف عليها الباحثون في التاريخ والحضارة، فقد وجه للكتاب عدد من المآخذ، وإن كانت لا تقلل من شأن الكتاب، لكنها تبصر القارئ بأن الكتاب ليس مصدرا للتاريخ يُعتمد عليه وحده، وأنه يصور جانبا من حياة بعض الناس لا حياة الأمة كلها، ومن تلك المآخذ أنه ركز على تصوير الحياة اللاهية في المجتمع البغدادي، وأبرز الجوانب الضعيفة في حياة بعض أفراده من خلفاء وقادة وشعراء، واختزل حياتهم في جانب المجون والخلاعة، وأغفل ما كان منها جادًّا ورزينا، حتى يكاد القارئ يتصور أن بغداد -مدينة العلم وكعبة الثقافة- كانت مركزا للمجَّان والخلعاء لا مركزا للثقافة الجادة وحلقات العلم التي كانت تمتلئ بها مساجدها. مختصرات الأغاني نظرا لضخامة كتاب الأغاني وأهميته في الوقت نفسه فقد عمد كثير من العلماء لاختصاره بمناهج مختلفة ليسهل تداوله ويعم الانتفاع به، ومن أشهر تلك المختصرات: - "تجريد الأغاني من المثالث والمثاني" لـ"جمال الدين محمد بن سالم" المعروف بابن واصل الحموي المتوفى سنة (697هـ = 1297م) جرَّد الكتاب من الأسانيد والأصوات، وكل ما يتصل بفن الغناء، واقتصر على الأخبار والتراجم الأدبية. وقد نُشر الكتاب بالقاهرة سنة (1374هـ = 1955م) بتحقيق طه حسين وإبراهيم الإبياري. - "مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" لـ"ابن منظور المصري" صاحب لسان العرب، والمتوفى سنة (711هـ = 1311م) ورتبه على حروف الهجاء، وأضاف إليه ترجمة واسعة لأبي نواس، التي أغفلها أبو الفرج في كتابه، ونشر الكتاب محققا في القاهرة في 8 أجزاء سنة (1385هـ = 1966م). وفي العصر الحديث صنع المؤرخ المعروف "محمد الخضري" المتوفى سنة 1345هـ = 1927م) مختصرا للأغاني، سماه تهذيب الأغاني،حذف منه الأسانيد وما فيه فحش من الأشعار والأخبار، وجعله في قسمين: الأول للشعراء، والثاني للمغنين، ورتب الشعراء حسب العصور ونشره في 7 أجزاء سنة (1343هـ = 1925م). كما قام الدكتور إحسان النص بعمل "اختيارات من كتاب الأغاني" ونشر كتابه في 6 أجزاء، وفصل فيه بين الشعراء والمغنين، ورتبهم حسب العصور. وقد طبع كتاب الأغاني طبعات متعددة، فطبع كاملا لأول مرة بمطبعة بولاق بالقاهرة سنة (1305هـ = 1868م)، ثم توالت طبعاته بعد ذلك، حتى قامت دار الكتب المصرية بطبعة محققا على أسس علمية، فصدر الجزء الأول سنة (1343هـ = 1925م)، وكان ذلك استجابة لرغبة أحد الوجهاء المثقفين المصريين، فقد رغَّب الدار أن تطبع الكتاب على نفقته، ثم توالت أجزاء الكتاب حتى بلغت 24 مجلدا، وهي تعد أوفى الطبعات وأكملها تحقيقا. وفاته وبعد حياة عريضة من العمل والتأليف، وذيوع الشهرة والصيت بسبب كتابه الأغاني، توفي أبو الفرج الأصفهاني في بغداد (14 من ذي الحجة 356هـ = 20 من نوفمبر 967م).
|
#88
|
|||
|
|||
خطاب يبحث الإنسان بطبيعته عن الحياة الرغدة الرغيدة التي يظنها الأفضل له، وهذا ما يدفع المرء للتساؤل والفضول حول شخصية خطاب الشيشان.. فما الذي يدفع إنسانا يعيش في رغد من العيش تُقبل عليه الدنيا بكل ما فيها ليُعرض عنها ويستبدل بها حياة في أقصي بقاع الأرض وأفقرها وأخطرها، حيث الحرب ودرجات الحرارة تحت الصفر... المولد والنشأة ولد سامر السويلم في مدينة عرعر شمال المملكة العربية السعودية عام (1390 هـ=1970م) لأب سعودي وأم تركية، ونشأ في بيت عرف بالورع والتقوى، وعرف منذ صغره بالإقدام والشجاعة. سافر للولايات المتحدة الأمريكية عام (1407 هـ=1987م) بهدف الدراسة بجامعة بوسطن، ولكنه رفض الاستمرار وقرر السفر إلى أفغانستان للمشاركة في القتال الدائر ضد القوات السوفيتية المحتلة، واستمر هناك عدة سنوات قبل أن يتوجه إلى طاجيكستان ومنها إلى الشيشان. تميز خطاب بسرعة استجابته وتعلمه للفنون القتالية، إلى جانب إجادته لعدة لغات بجانب العربية وهي الروسية والإنجليزية والبوشتو. وخلال ست سنوات فقط تحول هذا الشبل الصغير إلى مقاتل وقائد من أشجع وابرع المجاهدين، كان معروفا عنه أنه يرفض رفضا تاما الانبطاح أرضا خلال أي قصف، وأنه لا يظهر أي جزع أو ألم بعد أي إصابة. عمليات وأرقام حضر خطاب أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام (1408 هـ=1988م)، ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام (1413 هـ=1993م). وبعد أن رحل من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان في ربيع 1995، قام بعدة عمليات عسكرية، أولاها كانت في (رمضان 1413 = مارس 1996م) وعرفت باسم "ياريش ماردي" وشارك فيها 13 مقاتلا فقط، وقتل فيها 252 جنديا روسيا وأصيب 58 آخرون بعد تدمير 13 دبابة و24 عربة مدرعة و12 عربة لنقل العسكريين. وفي عمليه أخرى هاجم خطاب ثكنة عسكرية عام (1412هـ=1995م) بالقرب من قرية "خاراشوي" ودمر المبنى بالكامل حيث لقي 34 جنديا روسيا مصرعهم وأسر 23 آخرون، بالإضافة إلى أكثر من 45 عملية أخرى قام بها أسفرت عن مصرع حوالي 9340 جنديا روسيا على مدار 7 سنوات. وفي يوم (28 من ذي القعدة 1416 هـ=16 أبريل 1996م) قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن كمين "شاتوي" وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهدا لمهاجمة طابور روسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان، حيث قتل 223 عسكريا روسا من ضمنهم 26 ضابطا كبيرا، ودمرت جميع السيارات بالكامل، ونتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات. وقاد خطاب يوم (23 من شعبان 1418 هـ= 22 ديسمبر 1997م) مجموعة مكونة من مائة مجاهد ودخلوا بعمق 100 كيلومتر في الأراضي الروسية حيث القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس. بطل شيشاني.. ولم يكن ميدان القتال والنزال هو فقط ما يؤمن به خطاب، بل آمن بالجهاد من خلال الإعلام؛ فقد نقلوا عنه أنه قال: "إن الله أمرنا بمجاهدة الكافرين وقتالهم بمثل ما يقاتلوننا به . وهاهم يقاتلوننا بالدعاية والإعلام لذلك فيجب علينا أيضا مقاتلتهم بإعلامنا"؛ لذلك فهو دائما يصر على تصوير كل عملياته. ويقولون إنه كانت لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة للعمليات الجهادية في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان، حيث كان يعتقد أن الكلام وحده ليس كافيا لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو، بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة لدحض ادعاءاتهم. وقد كرمت الشيشان وشعبها خطاب بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف (1417هـ=1996م)، حيث أصبح خطاب بطلا قوميا في الشيشان، ومنح ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية، وحصل على رتبة لواء في حفل حضره شامل باساييف وسلمان رودييف. وفاته خلف خطاب بعد وفاته زوجة داغستانية -من قرية "كاراماخي"- وبنتا وولدا من هذه السيدة. وقد استشهد عن طريق "رسالة مسمومة" سلمها له أحد عناصر المقاومة بغرب الشيشان وفر هاربا، واعترف المقاتلون الشيشان بمقتله في بيان أصدروه (16 من صفر 1423 هـ= 28 أبريل 2002م) على موقع "قوقاز سنتر" على الإنترنت، حيث ذكروا أنه تم دفن جثمان "خطاب" بمنطقة الجبالية جنوب الشيشان يوم (6 من المحرم 1423 هـ= 20 مارس 2002م).
|
#89
|
||||
|
||||
يسلموا على الموضوالحلو
mskor* ((نسيت الناس))
|
#90
|
|||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||
الله يسلمك
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |