العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#51
|
|||||||||||
|
|||||||||||
28 من ذي الحجة 63هـ ـ 29 أغسطس 683م
بعد وفاة أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه، تولى الأمر بعده ولده يزيد ولم يكن على مستوى أبيه ولا في السن المناسب لوجود أعيان المسلمين والصحابة وقتها أمثال ابن عمر وابن عباس وابن الزبير ورأس آل البيت الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين، لذلك نجد أن الكثير لم يكن راضيًا عن خلافة يزيد، ولكنهم آثروا السكوت والسلامة حرصًا على وحدة الصف المسلم، ولكن بقي اثنان لم يبايعا وهما الحسين بن علي وابن الزبير وقد خرج كلاهما من المدينة وأقاما بمكة([1]). خرج الحسين إلى العراق ظانًا منه أن أهلها سينصرونه فخذلوه وغروه وتركوه وحده يواجه جيش عبيد الله بن زياد، وانتهى خروجه بكارثة هائلة أصابت أمة الإسلام، حيث قتل هو ومعظم أفراد بيته، وبعدها بدأ ابن الزبير يدعو لنفسه ويؤلب الناس على يزيد ويذمه ذمًا شديدًا حتى مال إليه أهل الحرمين، وسخط أهل المدينة خاصة على يزيد وذلك بعد أن عزل والي المدينة القوي «عمرو بن سعيد» وعيَّن مكانه شابًا صغيرًا ليس أهلاً لهذا المنصب، فاستخف به أهل المدينة، فقام وفد من أهل المدينة سنة 62هـ بزيارة دمشق واجتمعوا مع الخليفة يزيد الذي أغدق عليهم الأموال ليستألف قلوبهم الساخطة، ولكن بلا فائدة. عاد وفد أهل المدينة إليها وقد أجمعوا على خلعه وأظهروا شتم يزيد وعيوبه وأشاعوا عليه المنكرات وفعل المحرمات، وقام فيهم عبد الله بن مطيع خطيبًا وقال: «قد خلعت يزيدًا كما خلعت عمامتي هذه» وألقاها من على رأسه، فتابعه الناس على ذلك وأخرجوا والي المدينة من بين أظهرهم، وقاموا بمحاصرة بيوت بني أمية وكانوا ألف رجل، ووصلت الأخبار ليزيد بن معاوية فغضب غضبًا شديدًا لسابق إحسانه لأهل المدينة، فطلب منه «النعمان بن بشير» رضي الله عنه أن يأذن له بالتوجه إلى المدينة لإقناع أهلها بالعدول عن هذا العصيان، وبالفعل ذهب النعمان إليهم ولكنه فشل في إقناعهم، وعندها قرر يزيد إرسال جيش كبير من أهل الشام لتأديب أهل المدينة وجعل على قيادة هذا الجيش رجلاً غشومًا ظلومًا جلفًا من الأعراب وهو «مسلم بن عقبة المري»، والذي سماه السلف بعد وقعة الحرة «مسرفًا». لم يوافق كبار أهل المدينة على الاشتراك في هذه الثورة أمثال ابن عمر وعلي زيد العابدين ومحمد بن الحنفية والأخير قد ناظر قادة الثورة وألزمهم الحجة ولكنهم أبوا إلا الاستمرار . وصلت أخبار قدوم هذا الجيش لأهل المدينة فأجلوا بني أمية من بين أظهرهم، وذلك بعد أن أخذوا عليهم العهود والأيمان المغلظة ألا يدلوا على عورات ومداخل المدينة، ولكن في الطريق أخذهم مسلم بن عقبة جميعًا وأخذ يضغط عليهم ويهددهم بالقتل إذا لم يدلوا على نقاط ضعف المدينة، فدل عبد الملك بن مروان على عورة المدينة، فاكتفى بإجابته عن سؤال باقي بني أمية، وعدَّ ذلك غدرًا وعيبًا من عبد الملك ولكنه كان مكرهًا. استعد أهل المدينة للقتال وكان أول الوهن أن جعلوا عليهم قائدين: عبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار، وعبد الله بن مطيع على المهاجرين، ثم حفروا خندقًا عميقًا حول المدينة على نمط خندق الأحزاب، وفي يوم 25 من ذي الحجة سنة 63هـ بدأ جيش الشام حصاره لأهل المدينة وأمهلوهم ثلاثة أيام حسب وصية يزيد لعل الثوار يعودون عن عصيانهم، ولكن أهل المدينة أصروا على القتال. وفي يوم 28 من ذي الحجة هجم جيش الشام الضخم على المدينة، ورغم بسالة أهل المدينة إلا إنهم لم يصمدوا طويلاً في القتال ووقعت هزيمة فظيعة على أهل المدينة قتل فيها الكثير من سادتها وأعيانها وقتل العديد من الصحابة، وأسرف مسلم بن عقبة في سفك الدماء وفعل الفظائع ضد أهل المدينة، ولكن خبر استباحة المدينة لمدة ثلاثة أيام والذي ذكره الطبري في تاريخه لا يصح، فسنده به عدة متهمين بالوضع والكذب والرفض. كانت هذه المعركة سببًا لجرح لم يندمل لعشرات السنين بين عرب الشام وعرب الحجاز وثارت فتنة عصبية قبلية امتدت آثارها من العراق إلى الحجاز حتى بلاد الأندلس، وقد أخطأ أهل المدينة في ثورتهم ضد يزيد بن معاوية وهو قد أخطأ بدوره عندما رماهم بهذا القائد الغشوم الظلوم الجهول مسلم «مسرف» بن عقبة
|
#52
|
|||||||||||
|
|||||||||||
20 من ذي الحجة 1202هـ ـ 21 سبتمبر 1788م
تعتبر روسيا القيصرية من ألد أعداء الإسلام عمومًا والدولة العثمانية خصوصًا، فلقد كانت روسيا القيصرية ترى نفسها وريثة الإمبراطورية البيزنطية التي سقطت أمام الجيوش العثمانية التي فتحت القسطنطينية سنة 857هـ، لذلك ومنذ قيام الإمبراطورية الروسية وهي دائمة التحرش بالدولة العثمانية، وبدأت روسيا في التوسع شرقًا تحت شعار التوسع في المناطق المخلخلة سكانيًا، على حين أن مناطقهم مزدحمة بالسكان، وتحت هذا الشعار ابتلعت روسيا شبه جزيرة القرم سنة 1190هـ مستغلة حالة الضعف والتراجع الكبير في الدولة العثمانية. بعد ذلك أخذت روسيا في تحريض السكان النصارى في الأقاليم التابعة للدولة العثمانية مثل أقاليم رومانيا واليونان، وشعرت الدولة العثمانية أن السكوت أكثر من ذلك على العدوان الروسي سيؤدي حتمًا إلى كارثة شاملة، فأرسلت الدولة العثمانية بعدة طلبات لروسيا القيصرية لردعها عن مواصلة تحريض نصارى رومانيا واليونان، فرفضتها روسيا فأعلنت الدولة العثمانية الحرب عليها([1]). عندها أعلن الإمبراطور جوزيف الثاني إمبراطور النمسا وألمانيا الحرب على الدولة العثمانية، وذلك بدافع صليبي محض وتضامنًا مع الروس النصارى، وقاد جوزيف جيشًا ضخمًا وتقدم ناحية بلجراد لاحتلالها، ولكنه فشل أمام بسالة الحامية العثمانية وقائدها «قوجا يوسف باشا» واضطر للانسحاب وهو يجر أذيال الخيبة عائدًا إلى النمسا. صدرت الأوامر السلطانية لقوجا يوسف بملاحقة إمبراطور النمسا الفار وذلك لردعه عن غيه وعن العودة لمثلها، فانطلق العثمانيون خلف النمساويين الذين فروا من بين أيديهم حتى أدركوهم عند بلدة «شبش» الألمانية، وفي يوم 20من ذي الحجة 1202هـ اشتبك الجيشان وحقق العثمانيون نصرًا باهرًا ووقع خمسون ألفًا من النمساويين والألمان أسرى في هذه المعركة الفريدة، وانكسرت النمسا بعدها كسرة كبيرة لم تقم بعدها لفترة طويلة.
|
#53
|
|||||||||||
|
|||||||||||
15 من ذي القعدة 16هـ بعد أن حقق المسلمون فتحهم الكبير لعاصمة الفرس «المدائن» أصيب الفرس بهزيمة نفسية مروعة وتشرذمت الجيوش الفارسية تحت الضربات الموجعة للجيوش الإسلامية، وتفرقت فلول الفرس المنهزمة من المدائن والأهواز وغيرها في عدة أماكن، وفي ظلمة اليأس القاتل قرر رجلان من آخر قادة الفرس بقاءً وهما «مهران الرازي» و«الهرفران» تجميع شتات فلول الفرس والتحصين بهم في إحدى القلاع القريبة من «المدائن» لمنع تقدم المسلمين أكثر من ذلك، فاختاروا مدينة على بعد أربعين ميلاً شمال المدائن وكانت ذات موقع إستراتيجي جيد، وبالغوا في تحصينها لتكون عقبة أمام الحملات الإسلامية، وعمل «مهران» على رفع معنويات جنوده بشتى الوسائل للتصدي للمسلمين وأرسل مهران يطلب من كسرى يزدجرد التفويض في قيادة الجيوش الفارسية، وأيضًا الإمدادات من رجال وعتاد وأقوات، فوافق كسرى وأمده بما يطلب وصلت أخبار هذه الاستعدادات الحربية للقائد العام للعراق «سعد بن أبي وقاص»، فأرسل جيشًا من اثني عشر ألفًا بقيادة ابن أخيه «هاشم بن عتبة» الملقب بالمرقال ومعه بطل العراق «القعقاع بن عمرو» وذلك بعد استئذان الخليفة الراشد «عمر بن الخطاب»، وبمنتهى السرعة وصل المسلمون إلى المدينة فوجدوا أن الفرس قد بالغوا في تحصينها، حيث أحاطوها بخندق مائي متسع وعميق، وزرعوا حول المدينة حقولاً من حسك الحديد لإعاقة خيل المسلمين عن التقدم، ولمس المسلمون الاستماتة الدفاعية الكبيرة عند الفرس، فضربوا على المدينة حصارًا شديدًا استطال حتى جاوز سبعة شهور وهي أطول مدة حاصر المسلمون فيها مدينة بالعراق، وخلال هذه الفترة كان الفرس يخرجون للهجوم على المسلمين، حتى إنهم قد زاحفوا المسلمين أثناء هذا الحصار ثمانين زحفًا ولكن المسلمين أحبطوها كلها بمنتهى الشجاعة والثبات، ومع طول الحصار طلب «هاشم المرقال» من القائد العام «سعد بن أبي وقاص» إرسال إمدادات جديدة. ومع طول الحصار وشدته وثبات المسلمين وإصرارهم على فتح المدينة، قرر الفرس الخروج بكامل قواتهم وهي زيادة عن مائة وخمسين ألفًا من المقاتلين، والاشتباك مع المسلمين في معركة واحدة وفاصلة، وقد وضع لهم «مهران» خطة ذكية تقوم على فكرة التناوب على قتال المسلمين فجزء يحارب والآخر يستريح، ثم يتم التبادل بينهم حتى يرهقوا المسلمين في قتال مستمر. وفي صباح يوم الأحد 15 من ذي القعدة سنة 16هـ خرج الفرس بأعداد ضخمة من المدينة وأنشبوا القتال مع المسلمين بمنتهى الضراوة، وقابلهم المسلمون بضراوة أشد وأنكى، ومع تطبيق خطة الفرس بدأ التعب والإرهاق يحل بالمسلمين، وهذا الأمر أخذ يؤثر على نفسيتهم وشدتهم في القتال، وهنا برز دور البطل العظيم الذي لم ينل حظه من الشهرة والمعرفة عند المسلمين وهو «القعقاع بن عمرو» إذ وقف بين الصفوف يحرض المسلمين على الثبات ومواصلة القتال، ثم قام بخطوة عبقرية في القتال، إذ كان الليل على وشك الحلول، فضغط بسرية من خلاصة الفرسان على مؤخرة الفرس المنسحبين لدخول المدينة، ليتمكن بذلك من السيطرة على الخندق وبالتالي يمنع باقي الفرس من العودة لتحصينات المدينة، ثم نادى في المسلمين «أين أيها المسلمون؟ هذا أميركم ـ يعني المرقال ـ على باب خندقهم، فأقبلوا عليه ولا يمنعكم من بينكم وبينه من دخوله»، فأثار حمية المسلمين ونخوة العرب التي تمنع العربي والمسلم من ترك أخيه وقائده ويتخاذل عن نصرته، فشد المسلمون بكل قوة على الفرس حتى وصلوا إلى الخندق وصدموا الفرس صدمة هائلة أزالوهم بها عن مواقعهم. عندها وقع الفرس في مأزق خطير، إذ أصبحوا عاجزين عن العودة للمدينة إلا إذا تغلبوا على المسلمين فدار قتال ليلي شديد الضراوة، شبيه بليلة الهرير في القادسية، وأثناء القتال وصلت الإمدادات التي أرسلها سعد لأرض المعركة فاشتد عضد المسلمين، واضطرب الفرس بشدة ودخلت خيولهم في حسك الحديد الذي نصبوه أصلاً لخيل المسلمين فاضطروا للنزول من على الخيل والقتال مترجلين، وكان هذا أوان هلاكهم، حيث طحنهم المسلمون طحنًا شديدًا وأفنوهم عن بكرة أبيهم، حتى بلغ قتلى الفرس مائة ألف قتيل، وجللت جثثهم الساحات أمام المدينة، لذلك سميت المدينة بعد ذلك «جلولاء» لما جللها من قتلى الفرس.
|
#54
|
|||||||||||
|
|||||||||||
8 من ذي القعدة 1338هـ ـ 24 يوليو 1920م مر بنا في أحداث شهر شوال الإنذار الفرنسي الذي وجهه القائد «جورو» قائد القوات الفرنسية في 28 شوال سنة 1338هـ لملك سوريا «فيصل الأول بن الحسين»، والذي يأمره فيه بقبول الانتداب «الاحتلال» الفرنسي بلا شروط ويسحب إعلانه السابق باستقلال سوريا، وحل الحكومة التي شكلها «هاشم الأتاسي»، وكان لهذا الإنذار أثر كبير في إشعال حمية السوريين الذين رفضوا الإنذار بشدة واستعدوا لجهاد الأعداء الفرنسيين، وأخذ الناس في شراء السلاح والذخائر والمؤن وسرت روح جهادية قوية بين الناس خصوصًا عند الدمشقيين([1]). اجتمع الملك فيصل مع وزرائه ورجال دولته للتباحث في كيفية التعامل مع الإنذار فلم يصلوا لأي رأي، وكان وزير الدفاع يوسف العظمة من أشد الناس عداوة للاحتلال يقود الفريق المعارض الرافض للإنذار، ولكن فيصل بن الحسين قبل الإنذار، وأرسل رسالة بذلك للقائد «جورو» الذي كان يخطط لاكتساح سوريا بقوة السلاح، وأمر فيصل بن الحسين الجيش السوري بالعودة إلى منازلهم وتسريح جنوده مع احتفاظهم بالسلاح. تقدمت القوات الفرنسية حتى وصلت إلى خان ميسلون على بعد 25 كم من دمشق العاصمة، وتعلل «جورو» بأن برقية قبول الإنذار لم تصل بسبب تعطل أجهزة البرق، فشعر فيصل أن الفرنسيين ينوون اكتساح دمشق، فأصدر أوامره للجيش بالعودة إلى ثكناته والاستعداد للمواجهة، وحاول فيصل اللجوء لأوليائه الإنجليز للضغط على الفرنسيين، ولكنه وجد أن الإنجليز لا يمانعون من التهام الفرنسيين لسوريا، فقد كان يجهل أن كلا الطرفين قد أعد العدة لذلك في اتفاقية «سايكس ـ بيكو» قبل ذلك بعدة سنوات، ولما أحس فيصل بقرب اقتحام الفرنسيين لدمشق رحل إلى أوروبا! ولم يبق في البلاد زعامة تقود الناس سوى القائد البطل يوسف العظمة وزير الدفاع الذي خرج بجيش صغير يبلغ ثمانية آلاف مقاتل نصفهم من المتطوعين وبلا أسلحة ثقيلة، وتقدم نحو معسكر الفرنسيين بخان ميسلون، وفي يوم 8 من ذي القعدة 1338هـ التقى الجيشان غير المتكافئين، فالجيش الفرنسي ضخم العدد والعدة والسوريون كما نعلم، ومع ذلك ظل السوريون يجاهدون بمنتهى القوة والثبات والبطولة، وقد أبت عليهم كرامتهم أن يتركوا الأعداء يحتلون بلادهم، حتى سقط معظمهم شهيدًا في المعركة في مقدمتهم «يوسف العظمة» واحتل الفرنسيون سوريا.
|
#55
|
|||||||||||
|
|||||||||||
4 من ذي القعدة 647هـ ـ 8 فبراير 1250م في ربيع الأول سنة 647هـ ـ 1249م تحركت الحملة الصليبية السابعة بقيادة «لويس التاسع» ملك فرنسا تجاه الشواطئ المصرية لتصل بعد أقل من شهر أمام ميناء دمياط، وكانت الأحوال وقتها في المعسكر الإسلامي شديدة الاضطراب بسبب اشتداد مرض السلطان نجم الدين أيوب وإرجاف الناس بموته، مما جعل الحامية المدافعة عن دمياط تتخلى عنها وكذلك سكانها، وهذا القرار أدى لاستيلاء الصليبيين على دمياط بكل سهولة ودون أدنى قتال. استقبل السلطان نجم الدين أيوب نبأ سقوط دمياط بمزيج من الحسرة والألم الذي زاد من علته ولكنه تحامل على نفسه لخطورة الموقف وقام بنقل معسكره إلى مدينة المنصورة القريبة من دمياط، والتي ظهرت للوجود أول مرة منذ ثلاثين سنة فقط أيام الحملة الصليبية الخامسة على دمياط أيضًا، ومن هناك بدأت حرب عصابات قام بها المجاهدون المتطوعون من المصريين والشاميين والمغاربة، وخطفوا أعدادًا كبيرة من الصليبيين في عمليات ذكية ولا تخلو أيضًا من الطرافة والتجديد في التنفيذ، وتعددت مواكب أسرى الصليبيين المشهرة في شوارع القاهرة بالشكل الذي زاد من حماسة الناس ورفع معنويات المجاهدين. ومع ارتفاع وتيرة حرب العصابات ضد المعسكر الصليبي بدمياط، قرر الملك لويس التاسع ورغم معارضة كثير من قواده تنفيذ خطة الزحف صوب القاهرة والتي ولابد أن تبدأ باحتلال المنصورة، وفي هذه الأوضاع الخطيرة توفي السلطان نجم الدين أيوب في 15 شعبان 647هـ فكتمت زوجته شجرة الدر الخبر وكان نجم الدين قد رتب أمور الحكم معها قبل وفاته وأوصاها بكتمان خبر وفاته حتى لا يفت ذلك في عضد المجاهدين، وفي المقابل استعد الصليبيون لاقتحام المنصورة وذلك بعدة فرق عسكرية، فرقة فرنسية يقودها الكونت «آرتوا» شقيق لويس التاسع، وفرقة الدواية أو فرسان المعبد المشهورون بقسوتهم ووحشيتهم، وفرقة من الفرسان الإنجليز، وكان بين الفرق الثلاثة نوع من التنافس. كان المعسكر الإسلامي بالمنصورة تحت قيادة الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري والذي وضع خطة ذكية لقتال الصليبيين في رحاب مدينة المنصورة، وذلك عن طريق وضع عدة كمائن داخل المدينة وطلب من الأهالي البقاء في منازلهم دون أدنى حركة انتظارًا لإعطاء إشارة الهجوم، وفي يوم 4 من ذي القعدة سنة 647هـ ـ 8 فبراير 1250م، دخلت الفرق الصليبية الثلاثة مدينة المنصورة فوجدوها صامتة وشوارعها خالية فظنوا أن حاميتها وأهلها قد فروا منها مثلما حدث بدمياط، فانطلقوا يمرحون ويزهون في طرقاتها وهم يبحثون عن الغنائم والأسلاب وتحدوهم رغبة عارمة في ارتكاب واحدة من المذابح البشرية التي اشتهروا بها، وفجأة انقض عليهم المسلمون مثل الصواعق المحرقة وأطبق عليهم فرسان المماليك وأهل المنصورة والمتطوعون من كل ناحية، فأصيب الصليبيون بالذعر والاضطراب الشديد وتبعثرت قواتهم, وقد وضع الأهالي المتاريس لعرقلة فرار الصليبيين، وانقشع غبار المعركة عن عدد كبير من القتلى في مقدمتهم الكونت المغرور «آرتوا» ومن استطاع الفرار من القتل كان مصيره الغرق في مياه النيل، وكان هذا النصر مقدمة للنصر الأكبر يوم فارسكور في 3 محرم سنة 648هـ.
|
#56
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وقعت بلاد المغرب فريسة للاستعمار الإسباني والفرنسي المشترك، حيث احتل الإسبان شمال المغرب واحتل الفرنسيون جنوب المغرب، وكان الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي أول من قاد المقاومة المغربية ضد الاحتلال الإسباني، وقد تزعم قبيلة «ورياغل» واتخذ من بلدة «أغدير» عاصمة له، وقد حاول الإسبان أول الأمر استعراض قوتهم، فقام الجنرال «سلفستر» قائد قطاع «مليلة» بحشد قوة عسكرية كبيرة، واتجه بها نحو منازل قبيلة «ورياغل» واحتل مدينة «أنوال» فأرسل إليه الأمير محمد يحذره من التقدم أكثر من ذلك، فلم يبال الجنرال بهذه التحذيرات واحتقرها ثم واصل تقدمه مسافة اثني عشر كيلو مترًا بعد مدينة «أنوال». اقترب الإسبان من بلدة «أغدير» فقام الأمير محمد بهجوم معاكس داهم به الإسبان في 25 شوال 1339هـ ـ 1 يوليو 1921م دحر فيه القوات الإسبانية وردهم على أعقابهم حتى أخرجهم من مدينة «أنوال» التي احتلوها من قبل، وأبيد الجيش الإسباني عن بكرة أبيه، واعترفوا بمقتل خمسة عشر ألف جندي وخمسمائة وسبعين أسيرًا، وكميات كبيرة من العتاد الحربي منها: 30 ألف بندقية، 400 مدفع رشاش، 129 مدفع ميدان، ولم ينتبه الأمير محمد إلى ما أدركه من نصر كبير وحاسم، إذ لو تابع القتال لما وجد أمامه قوة ولدخل حصن «مليلة» دون مقاومة، ولأنهى وضع الإسبان في تلك النواحي بالكلية
|
#57
|
|||||||||||
|
|||||||||||
3 من المحرم 648هـ، إبريل 1250م كانت الفكرة السائدة في أوروبا منذ أواسط القرن الثاني عشر الميلادي أن مصر ما دامت على قوتها وبأسها، فلا سبيل إلى نجاح الحملات الصليبية واسترداد بيت المقدس من المسلمين الذين نجحوا في استعادته، من الصليبين مرة ثانية سنة 642هـ، 1244م على يد الملك الصالح أيوب.
كان هذا هو السبب الذي أدى إلى قيام الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع على مصر، تلك الحملة التي استعد لها الغرب المسيحي بالتنسيق بين البابا أنوسنت الرابع والملك الفرنسي لويس التاسع وشهد مجمع ليون الديني الدعوة لها سنة 646هـ، 1248م. ولم يكن هدف تلك الحلمة إعادة الاستيلاء على بيت المقدس، أو ضرب مصر باعتبارها قاعدة حربية هامة، وإنما استهدفت هدفا بعيد المنال، يتمثل في تكوين حلف مسيحي وثني بين الصليبيين والمغول، يهدم الدولة الأيوبية في مصر والشام من ناحية، ويطوق العالم الإسلامي ويحيط به من الشرق والغرب من ناحية أخرى. وكانت الخطة البابوية تقوم على أساس أن تهاجم الحملة الصليبية المنطقة العربية من سواحل البحر المتوسط، وأن تبدأ برنامجها العسكري باحتلال دمياط أهم مواني الحوض الشرقي للبحر المتوسط آنذاك، وفي الوقت نفسه تتقدم القوات المغولية من ناحية الشرق لتشن هجومها على المنطقة، وكانت القوات المغولية البربرية قد نجحت في اجتياح الجانب الشرقي من العالم الإسلامي. أرسل البابا إنوسنت الرابع سفارتين إلى المغول لتحقيق هذا الغرض، غير أنهما لم يكللا بالنجاح، فقد كان لخان المغول الأعظم رأيا آخر، إذ أرسل إلى البابا يطلب منه أن يعترف له بالسيادة، ويعلن خضوعه له هو وملوك أوروبا، بل طالبه بأن يأتي إلى بلاطه جميع ملوك أوروبا لتقديم الجزية باعتباره الخان الأعظم للتتر وسيد العالم بأسره. لم يغير فشل مشروع التحالف الصليبي المغولي من الأمر شيئا، فأبحرت حملتها في خريف سنة 646هـ، 12448م من ميناء مارسيليا الفرنسي إلى جزيرة قبرص وظلت هناك فترة من الوقت، ثم أقلعت منها في ربيع العام التالي 647هـ، 1249م وأبحرت تجاه الشواطئ المصرية بعد أن استعدت جيدا، وبلغ عدد رجالها نحو خمسين ألف جندي في مقدمتهم أخوا الملك الفرنسي شارل دي أنجو وروبرت دي أرتو. علم الصالح أيوب بأنباء تلك الحملة وهو في بلاد الشام وترامى إليه تجمع الحشود الصليبية في قبرص، واستعدادها لغزو مصر والاستيلاء عليها فرجع السلطان إلى مصر على الرغم من مرضه، وبدأ في ترتيب أوضاعه العسكرية وتحكي المصادر التاريخية الإسلامية أن أخبار تلك الحملة بلغت السلطان الصالح أيوب عن طريق أمبراطور إلمانيا فردريك الثاني، وكانت تربطه صداقة بالأيوبيين، فأرسل رسولا من قبله تنكر في زي تاجر ليحذر الملك الصالح من تلك الحملة ولما علم الصالح أيوب أن مدينة دمياط سوف تكون طريق الصليبيين المفضل لغزو مصر عسكر بجيوشه جنوبها في بلدى أشموم طناح التي تسمى الآن أشمون الرمان بمركز دكرنس التابع لمحافظة الدقهلية وأمر بتحصين المدينة وأرسل إليها جيشها بقيادة الأمير فخر الدين يوسف، وأمره أن يعسكر بساحلها الغربي، ليحول دون نزول العدو إلى الشاطئ، فنزل هناك تجاه المدينة وأصبح النيل بينه وبينها. وصل الأسطول الصليبي إلى المياه المصرية أمام دمياط (20 من صفر 647هـ، من يونيو 1249م) وفي اليوم التالي نزل الصليبيون إلى البر الغربي للنيل، ووقعت بينهم وبين المسلمين مناوشات انسحب بعدها الأمير فخر الدين وقواته المكلفة بحماية المدينة إلى المعسكر السلطاني باشموم طناح، ولما رأى أهالي دمياط انسحاب الحامية فروا خائفين مذعورين، تاركين الجسر الذي يصل بين البر الغربي ودمياط قائما، فعبر عليه الصليبيون واحتلوا المدينة بسهولة، وهكذا سقطت دمياط في أيدي القوات الحملة الصليبية السابعة دون قتال. استقبل الصالح أيوب أنباء سقوط دمياط بمزيج من الألم والغضب فأمر بنقل عدد من الفرسان الهاربين، وأنب الأمير فخر الدين على تهاونه وضعفه، واضطر إلى نقل معسكره إلى مدينة المنصورة، ورابطت السفن الحربية في النيل تجاه المدينة، وتوافد على المدينة أفواج من المجاهدين الذين نزحوا من بلاد الشام والمغرب الإسلامي واقتصر الأمر على الغارات التي يشنها الفدائيون المسلمون على معسكر الصليبيين واختطاف كل من تصل إليه أيديهم، وابتكروا لذلك وسائل تثير الدهشة والإعجاب، من ذلك أن مجاهدا من المسلمين قور بطيخة خضراء، وأدخل رأسه فيها ثم غطس في الماء إلى أن اقترب من معسكر الصليبيين فظنه بعضهم بطيخة عائمة في الماء، فلما نزل لأخذها خطفه الفدائي المسلم، وأتى به أسيرا، وتعددت مواكب أسرى الصليبيين في شوارع القاهرة على نحو زاد من حماسة الناس، ورفع معنويات المقاتلين إلى السماء، وفي الوقت نفسه قامت البحرية المصرية بحصار قوات الحملة وقطع خطوط إمدادها في فرع دمياط استمر هذا الوضع ستة أشهر منذ قدوم الحملة، ولويس التاسع ينتظر في دمياط قدوم أخيه الثالث كونت دي بواتييه، فلما حضر عقد الملك مجلسا للحرب لوضع خطة الزحف، واستقروا فيه على الزحف صوب القاهرة فخرجت قواتهم من دمياط في يوم السبت الموافق (12 من شعبان 647هـ، 20 من نوفمبر 1249م) وسارت سفنهم بحذائهم في فرع النيل، وبقيت في دمياط حامية صليبية. وفي الوقت التي تحركت فيه الحملة الصليبية توفى الملك الصالح أيوب في ليلة النصف من شعبان سنة 647هـ، 22 من نوفمبر 1249م فقامت زوجته شجرة الدر بتدبير شئون الدولة بعد أن أخفت خبر موته خوفا من حدوث فتنة بين صفوف المسلمين، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى تورنشاه ابن زوجها وولي عهده تحثه على الرحيل مغادرة حصن كيفا، بالقرب من حدود العراق، وعلى سرعة القدوم إلى مصر ليعتلي عرش البلاد خلفا لأبيه. تسربت أنباء وفاة الملك الصالح أيوب إلى الصليبيين فبدأوا في التحرك، وتركوا دمياط، وزحفوا جنوبا على شاطئ النيل الشرقي لفرع دمياط، وسفنهم تسير حذاءهم في النيل، حتى وصولوا إلى بحر أو قناة أشموم المعروف اليوم باسم البحر الصغير، فصار على يمينهم فرع النيل، وأمامهم قناة أشموم التي تفصلهم عن معسكرات المسلمين القائمة عند مدينة المنصورة. وتعين على الصليبيين لمواصلة الزحف أن يعبروا فرع دمياط أو قناة أشموم فاختار لويس التاسع القناة، فعبرها بمساعدة بعض الخونة، ولم يشعر المسلمون إلا والصليبيون يقتحمون معسكرهم، فانتشر الذعر بين الجند المصريين، واقتحم الصليبيون بقيادة روبرت أرتوا أحد أبواب المنصورة، ونجحوا في دخول المدينة وأخذوا يقتلون المصريين يمينا وشمالا حتى وصلت طلائعهم إلى أبواب قطر السلطان نفسه، وانتشروا في أزقة المدينة، حيث أخذ السلطان يرمونهم بالأحجار والطوب والأسهم. وبينما هم على هذا الحال وظنوا أن النصر صار بين أيديهم حقيقة لا خيالا واطمأنت نفوسهم إلى هذا النجاح والظفر، انقض المماليك البحرية بقيادة بيبرس البندقداري على الصليبيين وهم في نشوتهم وغرورهم، فانقلب نصرهم إلى هزيمة، وأوسعهم المماليك قتلا حتى أهلكوهم عن آخرهم تقريبا بما في ذلك الكونت أرتوا نفسه. وفي اليوم التالي لمعركة المنصورة عقد الأمير فارس الدين أقطاي القائد العام للجيش المصري مجلس الحرب، عرض فيه على ضباطه معطف الكونت أرتوا ظنا منه أنها سترة الملك، وأعلن أن مقتل الملك يتطلب مهاجمة الصليبيين على الفور، مبررا ذلك بقوله، أن شعبا بدون ملك، جسم بلا رأس، لا يخشى منه خطر، وعلى ذلك أعلن أنه سيهاجم الجيش الصليبي بلا تردد. وفي فجر يوم الجمعة 8 من ذي القعدة 647هـ، 11 من فبراير 1250م بدأ الجيش المصري هجومه على معسكر الفرنج، واستخدم المماليك النار الأغريقية في هجومهم، لكن الملك لويس تمكن من الثبات بعد أن تكبد خسائر فادحة، وبذلك انتهت معركة المنصورة الثانية، وهي المعركة التي أيقن الصليبيون بعدها أنهم لن يستطيعوا البقاء في مراكزهم، وأن عليهم الانسحاب إلى دمياط قبل فوات الأوان. لم تمض أيام بعد هذه المعركة حتى وصل تورانشاه في 23 من ذي القعدة 674هـ، 27 من فبراير 1250م وتولى قيادة الجيش، وأخذ في إعداد خطة لإجبار الملك لويس التاسع على التسليم، بقطع خط الرجعة على الفرنسيين، فأمر بنقل عدة سفن مفككة على ظهور الجمال وإنزالها خلف الخطوط الصليبية في النيل. بهذه الوسيلة تمكنت الأساطيل المصرية من مهاجمة السفن الصليبية المحملة بالمؤن والأقوات، والاستيلاء عليها وأسر من فيها، وأدى هذا إلى سوء الحال بالفرنسيين، وحلول المجاعة بمعسكرهم وتفشى الأمراض والأوبئة بين الجنود، فطلب لويس التاسع الهدنة وتسليم دمياط في مقابل أن يأخذ الصليبيون بيت المقدس وبعض بلاد ساحل الشام ، فرفض المصريون ذلك وأصروا على مواصلة الجهاد. لم يجد الصليبيون بدا من الانسحاب إلى دمياط تحت جنح الظلام، وأمر الملك بإزالة الجسر الذي على قناة أشموم، غير أنهم تعجلوا أمرهم، فسهوا عن قطع الجسر، فعبره المصريون في الحال، وتعقبوا الصليبيين، وطاردوهم حتى فارسكور، وأحدقوا به من كل جانب، وانقضوا عليهم انقضاض الصاعقة، وذلك في يوم الأربعاء الموافق 3 من المحرم سنة 648هـ، إبريل 1250م وقتلوا منهم أكثر من عشرة آلاف، وأسر عشرات الألوف، وكان من بين الأسرى أنفسهم الملك لويس التاسع نفسه، حيث تم أسره في قرية منية عبد الله، شمال مدينة المنصورة، وتم نقله إلى دار ابن لقمان، حيث بقى سجينا فترة من الزمان في دار القاضي فخر الدين ابن لقمان. ومهد هذا الانتصار للمماليك البحرية الذين أبلوا بلاء حسنا، في مقاومة تلك الحملة أن يقيموا دولتهم على أنقاض الدولة الأيوبيين، في مصر فلم يكد يمضي شهر من تحقيق هذا النصر حتى تخلص المماليك من تورنشاه بالقتل، وأقاموا شجر الدر سلطانة على مصر، وكان ذلك إيذانا ببزوغ عصر دولة سلاطين المماليك في مصر والشام.
|
#58
|
|||||||||||
|
|||||||||||
10 شوال 8هـ مفكرة الإسلام: كان لفتح مكة في رمضان سنة 8هـ وبهذه الصورة القوية والمباغتة أثر بالغ في تحريك ضغائن القبائل العربية المنافسة لمضر عمومًا وقريش خصوصًا، وكانت بطون قيس عيلان بالأخص في حالة عداء تقليدية وقديمة مع بطون مضر، لذلك لما فتح المسلمون مكة، اجتمعت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال، وقررت محاربة المسلمين مدفوعة بعداوة الإسلام وعداوة القبلية والعصبية. قرر القائد العام لتحالف مشركي هوازن وثقيف «مالك بن عوف» أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس المشركين في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات، وسار جيش التحالف الشركي حتى وصل إلى وادي أوطاس وهو على مسيرة يوم من مكة تقريبًا، ولم يعجب هذا الرأي أحد قادة الجيش المجربين ذوي الخبرة وهو «دريد بن الصمة» ولكن مالك بن عوف أصر عليه، وهدد بالانتحار إذا لم يطيعوه، فأطاعوه على سفاهة رأيه، ولُقب من بعدها بالأحمق المطاع. وصلت أخبار هذا الجيش للرسول r، فاستعد بجيش كبير يضم كثيرًا من مسلمة الفتح الذين لم يدخل الإسلام في قلوبهم بصورة كاملة، وكان الجيش كبيرًا بصورة أعجبت كثيرًا من المسلمين، وداخلهم الثقة الكاملة لحد الغرور من النصر الكاسح على المشركين، وانزعج الرسول r من مقولة بعضهم: «لن نغلب اليوم من قلة». قام «مالك بن عوف» بوضع جيشه على شكل كمائن في مداخل ومضايق وشعب وادي حنين وقد سبق المسلمين لهذا الوادي، ووضع خطته على مفاجأة المسلمين بالسهام القاتلة، وفي يوم 10 شوال سنة 8هـ وعند السحر دخل المسلمون وادي حنين وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو، وفجأة انهالت السهام عليهم من كل مكان والعدو يهجم عليهم هجمة رجل واحد، فأصيب المسلمون بالدهشة المربكة وتراجعوا بدون نظام، فركبوا بعضهم بعضًا من شدة الصدمة، وصاح بعض حديثي العهد بالإسلام مثل أبي سفيان بن حرب وكلدة بن الجنيد بما في صدورهم وعندها قام الرسول r بعمل جريء، إذ عرض نفسه لمخاطرة كبيرة، إذ انحاز إلى جهة اليمين ثم نادى على المسلمين، وخصص النداء بالمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان، حتى اجتمع عنده مائة من خاصة أصحابه، فقال النبي r: «الآن حمي الوطيس» ثم أخذ قبضة من تراب الأرض ورمى بها في وجوه القوم وقال: «شاهت الوجوه» ولم تمر سوى ساعات قلائل حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وفروا إلى عدة أماكن مختلفة، فطائفة إلى «أوطاس» وأخرى إلى «نخلة» ومعظم الفارين إلى حصون الطائف، فأرسل الرسول r عدة فرق لمطاردة الفارين، وذلك من أجل منعهم من التجمع ومعاودة الهجوم على المسلمين. استطاعت فرق المطاردة القضاء على الفارين، وبعدها اتجه الرسول r والمسلمون مباشرة إلى الطائف حيث منازل وحصون ثقيف، وقد لجأ إليها «مالك بن عوف» ومعظم الفارين، وضربوا على الطائف حصارًا شديدًا، وقع خلاله مناوشات حامية بين المدافعين عن الحصن والمسلمين، حدثت خلالها إصابات كثيرة للمسلمين جعلتهم يغيرون مكان معسكرهم. حاول الرسول r الضغط على المحاصرين بقطع حدائق أعنابهم، فسألوه أن يدعها لله والرحم، فتركها لله والرحم، ثم أعلن أن من خرج من عبيد ثقيف للمسلمين فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون رجلاً، ثم حاول الهجوم بشدة ولكن أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة، وبعد المشاورة قرر الرسول r الرجوع ورفع الحصار عن الطائف. ولما عاد رسول الله r بعد رفع الحصار عن الطائف، مكث بالجعرانة، وهو المكان الذي تم تجميع فيه غنائم حنين، وكانت كبيرة وضخمة بالمقارنة بغنائم المعارك السابقة، فقام الرسول r بتوزيعها على رؤساء القبائل وأشراف مكة والمؤلفة قلوبهم، وأفاض في العطاء، حتى ازدحم عليه الأعراب والناس طمعًا في المـال، ولم يعط النـبيr للأنصار من هذه الغنيمة الضخمة شيئًا، فوجد الأنصار في أنفسهم من هذا الأمر وتكلموا فيه حتى كثرت فيهم القالة، فجمعهم النبي r ووعظهم موعظة بليغة مؤثرة أزالت من نفوسهم أي أثر للحزن ووجد النفوس. وأنزل الله عز وجل في أحداث غزوة حنين وما جرى فيها للمسلمين من إعجاب بالنفس آيات من الذكر الحكيم في سورة التوبة، ليتأسى المسلمون بهذه الحادثة العظيمة وما فيها من دروس وعبر.
|
#59
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نزل الإذن للمسلمين بالقتال بعد الهجرة، وذلك لحماية الدولة الإسلامية الوليدة من محاولات مشركي قريش الدءوبة لتقويض هذه الدولة، وقد اتبع الرسول r سياسة حكيمة في القتال تعتمد على إضعاف القوة الاقتصادية لقريش بالإغارة على القوافل التجارية المتجهة إلى الشام، وانطلقت شرارة السرايا القتالية في رمضان سنة 1هـ. وقد نقلت الاستخبارات النبوية خبر قافلة تجارية ضخمة لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب، فحاول المسلمون إدراكها قبل أن تذهب للشام ففاتهم اللحاق بها، فندب الرسول r الناس للخروج لأخذها وهي عائدة، فخرج زيادة عن ثلاثمائة مسلم معظمهم من الأنصار، ولم يكن معهم سوى فرسين، وكل ثلاثة يتعاقبون على بعير، وكانوا لا يظنون أنهم سيلقون جيشًا كبيرًا في بدر. وصلت الأخبار لأبي سفيان بن حرب فقام بعمل مزدوج شديد الذكاء، حيث غير مسار القافلة، ثم أرسل يخبر قريشًا بالأمر، فاستعد المشركون لحرب المسلمين بجيش يقوده أبو جهل وسادة قريش وتعدادهم ألف مقاتل، واشتركت فيه كل بطون قريش عدا بني عدي، وقد تمثل لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك سيد بني كنانة، ليحفزهم على قتال المسلمين، وقال لهم: {إِنِّي جَارٌ لَكُمْ}[الأنفال:48]. عرف المسلمون حقيقة الأمر، وأنهم أمام مواجهة غير متوقعة مع جيش كبير، وقد فاتتهم القافلة فأراد الرسول r أن يتعرف على رأي المهاجرين والأنصار في القتال، فسمع ما يسره من كليهما وتم اختيار مكان القتال وبشرهم الرسول بالظفر، وحدد الرسول مصارع المشركين، للتأكيد على نصر الله عز وجل للمسلمين، وبنى المسلمون للرسول عريشًا يمكث فيه أثناء القتال لمتابعة سير المعركة ويمكث الرسول ليلة المعركة في الصلاة والدعاء والاستغفار، وقد نزل في هذه الليلة مطر خفيف على المسلمين وشديد على المشركين. في هذه الليلة وقعت بوادر انشقاق داخل صف المشركين وحاول حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة إثناء الناس عن القتال، ولكن أبا جهل أجهض هذه المحاولات وأزكى حفائظ الناس حتى استوثقوا على القتال، وفي يوم الجمعة 17 رمضان سنة 2هـ، كان يوم الفرقان، اليوم الخالد في تاريخ هذه الأمة، حيث اللقاء الأول الكبير بين جند الرحمن بقيادة الرسول r ومعهم جبريل وميكائيل في جيش من الملائكة الأطهار، وجند الشيطان بقيادة أبي جهل ومعهم إبليس لعنه الله، وخرج ثلاثة من فرسان المشركين هم عتبة بن ربيعة وولده الوليد وأخوه شيبة يطلبون المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من المهاجرين حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، فقُتل المشركون الثلاثة، ثم اندلع القتال الشامل التي تجلت فيه نوادر البطولة والفداء في عدة مواقف يطول شرحها مثل موقف عمير بن الحمام، ومعاذ ومعوذ ابني عفراء، وعوف بن الحارث، وأبي عبيدة بن الجراح، وعمر بن الخطاب ومصعب بن عمير. وانتهت المعركة بنصر عظيم للمؤمنين، أنزل الله عز وجل فيه قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة، في سورة الأنفال، وسماه الله عز وجل يوم الفرقان، وتثبتت به دعائم دولة الإسلام الوليدة في المدينة.
|
#60
|
|||||||||||
|
|||||||||||
10 رمضان 1393هـ ـ 6 أكتوبر 1973م إنها واحدة من اللقاءات الحاسمة والفاصلة في تاريخ الصراع الإسلامي واليهودي، بل هي تعتبر آخر الحروب بين المسلمين واليهود، إذ دخلت بعده في نفق مفاوضات السلام وشرك الاتفاقيات والمعاهدات التي مزقت وحدة المسلمين وأضاعت كل مكتسباتهم السابقة. كما هو معلوم أسفرت حرب سنة 1967م عن احتلال اليهود لسيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية والقدس، وأصبح على دول الطوق «مصر وسوريا والأردن ولبنان» تبعة كبيرة ومسئولية جسيمة نحو تحرير الأجزاء المحتلة من بلادها، وكانت الأنظار والعيون متجهة نحو مصر بحكم أنها زعيمة العالم العربي والإسلامي، وأقوى دولة عربية، وهذا ما شعرت به إسرائيل فشحنت أرض سيناء بكميات ضخمة من السلاح والعتاد، وأقامت خط بارليف الحصين والذي كان يعد من أقوى الخطوط الدفاعية في العالم، وقامت بتلغيم قناة السويس بقنابل النابالم الحارقة لمنع أي محاولة للعبور. تم التنسيق المحكم بين مصر وسوريا على الهجوم المشترك على الجبهتين المحتلتين في سيناء وهضبة الجولان بحيث يصاب العدو اليهودي بالارتباك والاضطراب، وفي يوم 10 رمضان 1393هـ الموافق 6 أكتوبر 1973م، وكان يوم عطلة الغفران عند اليهود وتحديدًا في الساعة الثانية ظهرًا، قامت 220 طائرة مصرية بعبور قناة السويس على ارتفاع منخفض، ثم ضرب أهداف العدو في عمق سيناء خاصة مركز القيادة والمطارات ومواقع الدفاع الجوي ومراكز الإرسال والرادار. بعد ذلك بخمس دقائق أي في الثانية وخمس دقائق بدأت ألفا قطعة مدفعية ولواء صواريخ أرض أرض بصب حمم نيران مهولة على أرض سيناء، ووقعت خسائر ضخمة عند العدو اليهودي أجبرته على التراجع ونزول الدشم والملاجئ، مما مكن الجيوش البرية المصرية لأن تقتحم قناة السويس وتنزل على الضفة الشرقية للقناة وتقوم بعمل ثغرات وفتحات عميقة في خط بارليف المنيع، ورفعت الأعلام المصرية على الضفة الشرقية والجنود تصيح بأعلى صوت «الله أكبر»، وخلال أقل من يوم تم عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف ونزول 80 ألف مقاتل مصري بكامل أسلحتهم على الضفة الشرقية. أفاقت دولة إسرائيل المتغطرسة من هول الصدمة وحاولت القيام بهجوم عكسي بالطائرات والدبابات، ودارت أشرس المعارك البرية في التاريخ بين الدبابات المصرية واليهودية أسفرت عن نصر حاسم للمصريين، مما دفع «جولدا مائير» رئيسة الوزراء اليهودية لطلب النجدة من الولايات المتحدة الأمريكية التي استجابت على الفور وقامت بإرسال جسر جوي يعتبر الأكبر في التاريخ، ومعه أحدث الأسلحة والقنابل المتطورة، وقامت طائرات الاستطلاع الأمريكية بتصوير جبهة القتال وتحديد مراكز المصريين ومد اليهود بمعلومات مهمة عنها، مما أدى لوقوع حادثة الثغرة الشهيرة عند منطقة الدفرسوار جنوب الإسماعيلية وتراجع المصريين في القتال. استمر القتال على الجبهتين السورية والمصرية حتى يوم 3 شوال، ثم توقف بعد تدخل الأمم المتحدة التي أصدرت قرارات بوقف إطلاق النار بين الجانبين، ولقد تركت هذه الحرب آثارًا مهمة ونتائج خطيرة بالنسبة لمصر وإسرائيل والدول العربية والإفريقية والدولية، وبرز دور البترول العربي كسلاح خطير وفعال عندما قامت الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات بقطع إمدادات البترول عن أمريكا؛ لأنها ساعدت إسرائيل في الحرب، وسرت روح من الوحدة والتضامن بين العرب، ولكن للأسف لم تستمر طويلاً، إذ تمزقت على مائدة مفاوضات كامب دايفيد بعد ذلك
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 1 والزوار 11) | |
Nabil48 |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |