وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هنيئا لمن لم يدر ما لوعة النوى ××× ولا سهمها بين البرية صائبه
وطوبى لمحب لم يسح دموعه ××× لبعد حبيب تناءت ركائبه
ايو والله صح لسانه الشاعر
والدتي
لا تعرف القراءة والكتابة .... بسيطة ... عفوية ... دمعتها قريبة ... قريبة جدا ... حينما يدعو لها أحد بالجنة ... تشاهد دمعتها مباشرة ... والدتي لم تسافر لأكثر من 100 كيلو في حياتها ...
حينما أبلغتها بوجود فيزة الزيارة لدي .. وأني سوف أرسلها لها في الأسبوع القادم ... لم تغمض لها عين لعدة أيام من شدة الفرح .... أنا أيضا كذلك ...
ياقلبي عليها الله يحفظها لك
كل بنات حواء دموعهم بحر لو تبى يسوون لك
قبل السفر
تقرر سفر والدتي يوم الخميس الموافق 1 / 11 ذو القعدة ... كراتشي ... دبي ... الرياض ..
أمضت والدتي آخر ثلاثة أيام في استقبال المهنئين لها
والمباركين على فيزة الزيارة لأداء الحج والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ...
أمتلأ بيت والدتي من عجائز وأطفال وبنات البلدة .. هؤلاءيدخلون ...وهؤلاء يخرجون
...وأولئك يسلمون ويودعون ويذرفون دموعهم
فرحا لفرح تلك العجوز الكبيرةالتي لم تجف دموعها خلال هذه الأيام الثلاثة ....
كانت تلك الزيارات والتهاني والتبريكات يتخللها كثير من الوصايا والأماني والطلبات ... وأكثر ما كان .. هو طلب الدعاء يوم عرفة...
أو إحضار ماء زمزم...
أو سجادة ونحوه ...
وأطرف تلك الوصايا والطلبات ما قامت به حسينة ... وهي رفيقة والدتي وجارتها منذ 55 سنة .
.. حيث دخلت على والدتي وهي تتوكأعلى عصاها
...فقامت والدتي من كرسيها وعانقتها ... فقالت حسينة ... لو لم يأتيك من غياب منير طوال هذه السنين إلا أن سهل لك فيزة الحج والعمرة لكفى ... وعوضك ذلك عن غيابه ...ثم بكيا جميعا ...
ثم قالت .. عندي لك وصية فأشارت لها والدتي ...وهي تبكي .... ما هي .....؟
فأخرجت من جيبها 5 روبيات.. (تقريبا.. ريال ونصف )
ملفوفات في كيس وقالت أريد بها سبحة...
...ولكن بشرط أن تكون من الدكاكين المجاورة للحرم ....>>> اعتقادا ببركتها ... وهذا لا يصح ... ولكن جهلا منها ... عفا الله عنها ...
وهذا الكيس أريدك أن تضعي فيه قليلا من تراب مكة .. فلعلي أقبل ترابها
..قبل أن أموت .....
أيضا سعيدة خان أعطت والدتي 30 روبية
( 9 ريالات ونصف )...وأوصتها أن تتصدق بها في الحرم ...
جمعت أختي كل تلك الوصايا في ورقة ليسهل الوفاء بها ...
ياااااااي والله انهم خطيرين
سبحان الله كل طلباتهم خير
الله ييسر لهم زيارة مكة والمدينه
يوم الرحيل ..
وصلت تلك الحافلة الجميلة ...
لتقل والدتي إلى المطار ...
ركبت والدتي وجلست في المؤخرة ... بجانب النافذة .. لترى الدنيا ببصرها الضعيف
...والدتي لا زالت تبكي
حينما أدار السائق محرك السيارة .. صاح بالأطفال (المتعلقين )بالسيارة
... ثم تهادى بحافلته راحلا ...ناظرا إلى الخلف إن كان أحد من الصبية قد لحق به ...
هههههههههههههههههههههههههههههههه
اتخيلهم ياحليلهم متعه الصراحة التعلق بالسيارات الكبيرة>>ماهي مجربتها ابد
والدتي عندما وصلت الحافلة أخر الحي ... أخرجت يدها من النافذة ... مودعة لمن كان في الشارع ...
تلك الليلة تقول أختي .. خيم على البلدة حزن وصمت ...
والدتي ... استقبلها ابن خالتي زادهـ في موقف الحافلات وأنهى أوراقها وأركبها الطائرة ......
عبدالله (ابن كفيلي)
أوصى كفيلي ابنه عبدالله بأخذي إلى مطار الرياض في ذلك اليوم ...
يبعد المطار حوالي 5 ساعات من البلدة ... والطائرة موعدها 4 عصرا ... قادمة من دبي ....
عبدالله الشمري ... (ابن كفيلي ).. شاب جامعي طموح وخلوق ... وشديد الحياء ... ترافقنا كثيرا وتمازحنا أكثر ...
كان يجعلني أتصل على زملائه فأعمل فيهم مقالب بحكم إجادتي للغتين ( العربية والأردو )..
أيضا هو شاعر رومانسي حالم ... أسمعني من شعره أبياتا تجعل العجائز يبكين على شبابهن ...
مابي ابتسي على شبابي انا
بس جيب لنا شوي من اشعاره
خلن اقوله لعجايز الحارة>>>ماهيب نذلة
وسأورد لكم شيئا من أشعاره بعد استئذانه ...
أيضا هو أول من يقرأ موضوعاتي ويصححها إملائيا ...
..المهم ترافقنا إلى.....
مطار الرياض
الرحلات الخارجية... تتوافد...... وتتوافد ....
وقد كنت أجزع يوم اللقاء ××× فكيف تراني يوم الرحيل ..
قلبي يدق ... سريعا ...
الله كل ههالقلووب جنب قلبك
سأقابل والدتي بعد فراق دام لثلاث سنوات و 9 أشهر ....
أحسست تلك اللحظة أنني أعيش في حلم
... لا أريد أن ينبهني منه أحد ...
ذروني أحلم بلقاء والدتي ... بعد هذا الغياب ... من منكم يستطيع أن يصبر عن والدته إذا كانت حية ترزق
أياما أو شهورا ..........؟
فكيف بالسنين ......؟
المهم عبدالله انتبه لي ورأى أنني مضطرب قليلا .... أحس أن حركاتي وكلامي وإلتفاتاتي ... فيها نوع من التكلف ... والتصنع ... ومحاولة إخفاء شئ ما .... حاول أن يتظاهر أنه يمسح نظارته بطرف غترته ...ولكنني لمحت عبرته ....
نم بالسر عندهم دمع عيني ××× إن سر المحب بالدمع فاشي ..
أعلن موظف المطار عن وصول رحلة دبي .....
بدأ قلبي تتزايد نبضاته ...بدأ يخفق ...
بدأ القادمون ... يدخلون إلى الصالة ....
بدأت كالملهوف .. المضطرب ... كل شئ يمر بسرعة ...انشل تفكيري ... لحظة أقف .. ثم أجلس ...
ثم أذهب إلى طرف المسار ثم أعود إلى أوله .. خائف ... من لا شئ ..
تارة أختبئ خلف منتظر وأميل برأسي لأنظر من الخلف إلى مدخل القادمون... وتارة أتقدم ...
خرج جميع المسافرون ... ولم تخرج والدتي ...
ارتبكت ... أصبحت كالمجنون ... أتلفت في وجوه الآخرين ...
اللهم ارحم ضعفي ... ولهفتي ... وقلة حيلتي ..
اللهم يا رحمن السماوات والأرض ..ارحم حالي ...
امين
قال عبدالله ..سأذهب إلى الموظف ...لآخذ منه أسماء من كانو في الرحلة ...
من الممكن أن تكون نزلت في دبي ... ولم تعاود الركوب ....
عبدالله أظنه أراد أن يهرب عن تلك اللحظة ...
صبوت إلى اللقاء وحن قلبي ××× وقد سحت عيوني في بكاها ..
بدا من المدخل رجل من موظفي المطار ... وهو يحمل حقيبة كبيرة ... ويهادي عجوزا مسنة إلى الصالة... وهي تتحدث إليه بالأردو.... وهو يبتسم ...
حينما نظرت إليها ونظرت إلي ... رمت بعصاها إلى الأرض ...انهارت ... وجلست في وسط المسار ..
أقبلت إليها وأنا أبكي ..
. وأقبل يديها ... وهي تبكي بكاء لم أسمع بمثله إلا مرة واحدة ...
ذلك الموظف الذي يبتسم قبل قليل ... رأيته وهو يبحث في جيبه عن شئ ليمسح دموعه ...
ـــــــــــــــــــــ
طولنا عليكم ... سامحونا ....
نكمل في الحلقة القادمة ... ونتناول إن شاء الله :
السفر بوالدتي ولقاؤها بأم عبدالله ثم حجها ...
أيضا نتناول الرحيل المر ...لرفيقي زاكي جاويد ..
وقصة اتقاني للهجة القصيم المميزة ( بوه )
.