بسم الله الرحمن الرحيـــم
كشفت دراسة طريفة أجرتها جامعة "كولومبييا" الأميركية أن العنوسة لا تهدد الجنس البشري فقط، بل الطيور أيضاً، وذلك بعد دراسة العلاقات الاجتماعية لـ(45) نوعا من طيور "الزرزور" الإفريقي.
وأشارت الدراسة إلى أن نحو (10) بالمئة من بعض أنواع الطيور مهددة بالعنوسة؛ لأنها ليست على قدر كاف من الجمال، مضيفة أنه في بعض أنواع الطيور تكون الذكور منها أكثر جمالا من الإناث، حيث تتمتع بمزيد من الألوان.
وتقول الدراسة إن ذكور "الزرزور" تسعى بجهد خلال موسم التزاوج للعثور على شريكات لهم، بحيث يتمكن أجملهم من الحصول على شريكة، فيما يفشل آخرون في العثور على شريكة ترضى بهم.
وأضافت الدراسة أن الانتقاء الجنسي يحدث في كثير من الأحيان بطريقة متماثلة بين الذكور والإناث!! ا.هـ.
لا أخاف على الطيور الطائرة التي فقط برفرفة جناحيها تنتقل من عشة إلى عشة، ومن غصن إلى غصن، ومن ضفة إلى ضفة.
ولكن كل خوفي، ومجموع حزني، وموفور دمعي هو لأخواتنا العوانس خلف الأبواب الموصدة، والجدران المظلمة.
لا همس يسمع لهن، ولا صوت يصل إليهن؛ فلا هن طيور أحرار يستطعن البحث عن شريك لهن في هذه الحياة القاسية، ولا هن يمتلكن زمام المبادرة ليوصلن أمرهن إلى من يهمه أمرهن؛ فقط هن في أقفاص المنازل محكوم عليهن بالمؤبد، ومن أظهرت منهن صرخت أو شكوى حكم عليها بالإعدام من أي زوج طبقاً للعادات القبلية والأطماع الأبوية في كثير من الأحيان التي تحرم على الفتاة أن تفصح عن رغبتها بالزواج ولو بالهمس واللمس أو حتى الدمع.
ها هي عطلتنا الصيفية لا مطر فيها ينهر معه الخطاب على الأبواب بل؛ هم في جدب من الزواج لا يقع منه قطرة إلا في أماكن متفرقة لا يمكن مشاهدتها ولا الفرح بها لقلتها.
قبيل عدة أيام نشرت مقالة عن العوانس في صحيفة الاقتصادية بعنوان: (تعداد سكاني للعوانس) فأتاني تعليقاً يبكي ويدمي من إحدى فتياتنا العوانس أنقله لكم نصاً كم ورد من كاتبته: (حسبي الله أنا تجاوز عمري (39) ومازلت عزباء وتقدم لي يمني من مواليد السعودية ومقيم فيها بشكل دائم وأنا موافقة .. بس المجرمين واسماهم رجال من إخواني بل أعدائي رفضوا لماذا تأخذين أجنبي؟!! وهم المجرمين متزوجين و واحد منهم متزوج سورية، واقسم بالله أن هذا اليمني من أحسن الناس أخلاق).
يا كرام؛ بنت وصل عمرها (39) سنة في قمة الطهر والعفة والعفاف، بل في قمة الحزن والصبر والمعاناة، ومع ذلك يقف أقرب قريب لها في هذه الدنيا في وجهها.
هل يعقل أن يكون الأب هو المسؤول الأول في عنوسة بناته؟!!
للأسف؛ قد يكون هذا الكلام صحيحاً في بعض الأحيان، وقد يكون أحد الأخوة المتعصبين سبب في ذلك، والأدهى والأشد فظاعة هي تلك العادات الجاهلية المسماة (بالتقاليد والأعراف القبلية) التي ما أنزل الشرع لأكثرها من دليل، والتي حرمت الكثير من الفتيات من الزواج من خارج القبيلة في كثير من الأحيان فكيف من الأخوة الكرام من الجنسيات الأخرى.
ما يؤلمني أن كل هؤلاء الأطراف الذين يساهمون في عنوسة الفتيات هم من أقرب الناس لهن
(الأب - الأخوة - القبيلة) كل من تورط من هؤلاء الثلاثة في السكوت على فتاة حتى أصبحت عانس فهو مجرم ستصله دعوة مظلوم في جوف ليل، أو قد يدخرها الله يوم القيامة ليشتد وبالها وعقابها.
ولكن؛ مازالت الكلمة بل والكلمات لا تغير ولن تغير في قلوب الجامدين الطامعين في حبس بناتهم لأسباب مادية أو قبلية أو عنجهية أو حتى بدون أسباب .. للأسف ما زالت لن تغير من الأمر شيئا لأنه؛ من أمن العقوبة فقد أساء الأدب.
أسألكم؛ لو كانت هناك جمعية سعودية للعوانس تراقب وتجمع ثم تكتب قضايا كل فتاة عانس في المملكة وتوصلها إلى المسؤول؛ لتبحث الحلول، وتجبر ولي أمر الفتاة على قبولها؛ بالنصيحة تارة، وبالإقناع تارة أخرى، وبالنظام كحل أخير .. أسألكم أنتم أيها القراء .. لو أقيمت جمعية لهذا الشأن، وذلك الأمر؛ هل كنا سنصل إلى مليوني عانس، أو ربما أكثر في مقبل الأيام - لا سمح الله- ؟!!
بالتأكيد لا .. ثم لا .. لأن أي مرض عضوي .. نفسي .. مجتمعي .. بدون علاج سيتضخم وينتشر كسم يسري في الجسد، وكطاعون يقضي على البلد؟
وهكذا مرض العنوسة ترك كسرطان في الأمة يعبث في فتياتها فيحرق واحدة، ويفتك بأخرى بين كل ساعة وأخرى؛ ونحن صامتون، ساكتون، جامدون، نائمون، ولا حول ولا قوة إلى بالحي القيوم.
عبد العزيز جايز الفقيري - تبوك
بتاريخ : الأحد, يونيو 19, 2011
منقول
ابو وريف