23-10-12, 10:39 PM
|
|
مداخلة أخيرة ..
وقفت على هذه الأبيات .. أدعو الله أن ينفع بها /
هـذي الـحضارةُ في أدنى معانيها *** تـعطي الجسومَ وتنسى جوهراً فيها
تـقـيـمُ لـلـجسمِ سلطاناً وهيمنةً *** وتـنـبـري لـعذابِ الروحِ تشقيها
وآزَرَتْـهـا نـفـوسٌ ضلَّ هاجِسُها *** فَـزَيّـنَـتْ فـي دَهاءٍ سوءَ حاديها
وشـقـوةُ الـناسِ مذ كانوا نفوسهمُ *** تَـؤزُّ أجـسـادَهُـم شـرّاً فتُرديها
بـئـسَ الـحياة ُإذا كانت توجّهُها *** تـلـك الـنفوسُ وقد نامَتْ نواهيها
فـتـسـتـحيلُ حياةُ الناسِ مجزرةً *** ويـمـخـرُ الشرُّ في شتّى نواحيها
يـا حسرتاهُ على الإنسانِ قد عَميَتْ *** مـنـه الـبصيرةُ وامتدّت غَواشيها
يـعمى عن الرّشدِ في القرآنِ واأسفا *** ويـبـصـرُ الـغيَّ في دنياهُ تنزيها
سـمّـى الـفواحشَ فنّاً من سفاهته *** وراح يـسـفـكُ طهرَ الغيدِ حاميها
ومـسـلمو اليومِ قد ضلّوا صِراطَهُمُ *** فـبـدّلـوا بـجـمالِ الوَجهِ تشويها
لـمْ تبْقَ مَفْسَدَةٌ في الغربِ قد وُلِدَتْ *** إلا فـشـا بـربـوعِ الشرقِ فاشيها
أيـن الـتَفَتَّ وجَدْتَ الفُحشَ منتشِراً *** كـأنّـمـا لـعـنـةٌ هبّتْ سوافيها
فـفـي الـشّوارعِ فِسْقٌ عمَّ مظهرُهُ *** وفـي الـمـكـاتبِ أعراضٌ نُدَمّيها
وفـي الـمـحـافـلِ أخلاقٌ ممزَّقَةٌ *** وفـي الـمـعاهدِ نارُ الجنسِ نُذكيها
وفـي الـبـيوتِ شريطُ العُهْرِ تأكلُهُ *** مـنـا الـعـيـونُ فما تَنْدى مآقيها
وفـي الـمـسابحِ قطعانٌ قد انبَعَثَتْ *** مـنـهـا النتانةُ حتى فاضَ طاميْهَا
فـي سـوقِ شَـهْوَتِنا بِعنا طَهارَتَنا *** ونَـدّعـي أنـنـا نَـحْمي غَواليها
بَـنـاتُـنـا في دكاكينِ الهَوى لُعَبٌ *** كـيـف الـحرائرَ للذؤبانِ نلقيها؟
تَـبَـخَّـرَت غَيْرَةٌ منا قد اشتَهَرَتْ *** فـيما مضى أين منا اليومَ زاكيها؟
وأيـنَ أجـنـحـةٌ طِـرْنا بها شُهُباً *** فـدانـت الأرضُ قاصيها ودانيها؟
أيـنَ الأُلـى حملوا القرآنَ في رَشَدٍ *** فـعـمَّ نـورُهُـمُ الدُّنيا وما فيها؟
هـمُ الأبـاةُ وربُّ الـكونِ أرْسَلَهمْ *** لـيغسلوا الأرضَ من أدرانِ طاغيها
شـقّـوا الطريقَ ونور اللهِ مُرْشِدُهُم *** وسُـنّـة الـمصطفى تجلو خوافيها
هـذا قـتـيبةُ شرقُ الأرضُ حرّرَهُ *** وطـارق الفتحِ أرضُ الغربِ يَهديها
حـتـى اسـتـقامَ لهم ما شاءَ ربُّهُمُ *** مـن الأمـورِ - تعالى -اللهُ مجريها
فأينَ نحن من الماضي المجيدِ؟ وهلْ *** صُنّا الأمانةَ؟ أم ضاعت غواليها؟
خُـنّـا الأمـانـةَ والأخلاقَ واأسفا *** فـاجـتـاحَ دوْلَتَنا الإعصارُ منهيها
وأصـبـحَ الـنـاسُ أنعاماً تسَيِّرُها *** فـي كـلّ نـاحـيةٍ أهواءُ راعيها
فاستَفْحَلَ الخَطبُ حتى لا ترى فَرَجاً *** كـيف الخلاصُ وللأقدارِ مُجريها؟
ومـا الـرُّعـاةُ بِدُنيا الغافلينَ سِوى *** جـنـدٍ لإبـليسَ صالي النارِ داعيها
لو غَيَّر القوم ما في النفسِ لانكشَفَتْ *** هـذي الـمفاسدُ وانجابت طَواغيها
وبُـدِّلـوا بـهـبوط العيشِ أجنحةً *** تـسـمـو بـأمَّـتنا والله ُ راعيها
فـبـالـصلاحِ يظلُّ القومُ في شَمَمٍ *** وبـالـذنـوبِ يُـذِلُّ اللهُ جـانـيها
|