16-09-12, 08:52 AM
|
|
سيارات الأجرة .. الأمر مخجل يا وزارة النقل
''اللي.. مو.. زين'' هو ما يمكن أن يصح إطلاقه على سيارات الأجرة أو ''تكاسي'' الليموزين، فهو يتطابق معها شكلا وموضوعا طالما أن الليموزين نجح في فرض نفسه كأمر واقع في أن يكون على هواه ومزاجه بغض النظر عن رضا الجمهور وسمعة الوطن بالإصرار على خدش هذه السمعة بالرداءة التي هو عليها وظيفيا ومظهراً، وبما يشكله من تنافر حاد مع كل الجهود المبذولة لحسن هندام الوطن وجماله، حيث نجحت أمانات وبلدات مدننا في جعل شوارعنا وأحيائنا مشجرة مرصوفة نظيفة، تتمتع بمظهر جمالي مرموق، كما كرست جهودها أيضا لما يسلس حركة المرور وما إلى ذلك من جهود مشكورة نتمنى تواصل المزيد منها مثلما نتمنى أن تصاب وزارة النقل بالعدوى باحتذائه في دورها في الإشراف على أرتال سيارات الأجرة ''الليموزين'' التي تمخر شوارع مدننا وقرانا ليل نهار ومعظمها في حالة مزرية تسيء لمظهر بلادنا وسمعتها.
من المؤكد أن مسؤولي وزارة النقل ومنسوبيها شاهدوا بأم أعينهم في بلدان العالم كيف هي أحوال سيارات الأجرة هناك، لامعة أنيقة، نظيفة بمواصفات محددة واضحة خاضعة لشروط صارمة على سائقيها وهندامهم ونظافتهم وأسلوب تعاملهم، على أننا من ناحية أخرى لا نستطيع التأكد من أن مسؤولي الوزارة قد جربوا ركوب سيارات الليموزين في بلادنا، لأننا نعتقد أنهم لو فعلوا لهالتهم الحالة التي هي عليها ومدى رداءة هذه الليموزينات شكلا وموضوعا، فكثير منها أشبه بخردة متحركة أما داخلها فلن يتوقف الأمر على المقاعد المتسخة الممزقة والأبواب المتهالكة المتداعية, بل سيفاجأ من ركبها بأنه إنما دخل إلى ما يشبه صندوق للنفايات يعج بما هب ودب مثل علب المشروبات وزجاجاتها الفارغة إلى مناديل الورق وعلب السجائر وأعقابها وأكياس محشورة بين المقاعد أو في خلفياتها مع أكوام من التراب والقاذورات في موضع الأقدام .. أما السائق فحتما لن يكون البقاء معه سوى مغالبة للغثيان من روائح مؤذية لا تطاق ومن اللباس الملطخ بالأوساخ كما لو كان قد خرج للتو من ''مشحمة'' أو ورشة للتوضيب، علاوة على ثقافة متدنية مؤشراتها: تعامل فج وقيادة للمركبة باستهتار وخشونة وجهل بالعناوين وشجار بشأن الأجرة وما إلى ذلك.
إنه لأمر مؤسف حقا أن هذا العدد الهائل من سيارات الليموزين لا يخضع لأي نوع من الرقابة والإشراف، وأن يضطر الزبائن إلى تحمل مصائبهم كما يتلقاها رجال المرور الذين يعانون أشد العناء منهم، فسائقو الليموزين مصدر معظم الحوادث ومصدر معظم المخالفات والإزعاج سواء في إرباك حركة السير أو في تعريض المشاة للخطر .. فإلى متى يظل لليموزينات هذا التسيب وتتاح لسائقيها ممارسة هذه الفوضى وهذه البدائية في التعامل مع الزبائن ومع المركبة ومع القانون ومع الطريق؟
لماذا تصمت وزارة النقل عن كل هذا الأداء المتخلف لليموزين وتسمح باستشراء هذا التشويه المرعب وهذه التصرفات والمسلكيات الرعناء المستفزة؟ أيعقل أن وزارة النقل لا ترى هذا السوء ولا تسمع الشكوى منه ولا تقرأ عنه؟ أيعقل أن الوزارة تتعمد نفض يدها من ذلك كله مكتفية فقط بمنح التراخيص دون أن يخطر ببالها أن سيارات الأجرة في العالم هي بمثابة أيقونات سياحية وحليات جمالية متحركة، الراكب فيها رجلاً كان أو امرأة يحس أنه في ضيافة الحفاوة والاحترام؟ ألم يشاهد ويجرب مسؤولو وزارة النقل ــــ مثلا ـــ ليموزينات لندن أو سنغافورة أو حتى إمارة دبي ودولة قطر؟ كم هو فرق شاسع فاضح بين ليموزينات العالم المتمدن، بل ليموزينات جيراننا وبين ليموزينات بلدنا الذي يزهو بتنميته وبصروحه وبفسيح شوارعه وأناقة واجهات معماره.. بلد موقعه في الصدارة كعضو في مجموعة أكبر عشرين دولة اقتصاديا في العالم، أنجز تسع خطط للتنمية، مرافقه العلمية بالآلاف وبلغ عدد طلابه وطالباته على سبيل المثال أكثر من خمسة ملايين فيما تعداد سكانه أكثر من 25 مليونا ويتقاطر إليه الوافدون للعمل من كل بقاع الدنيا ولديه منهم قرابة عشرة ملايين وافد، فضلا عن ملايين الحجاج والمعتمرين وبجانبهم زخم من وفود المستثمرين ورجال المال والأعمال والوجهاء والزعماء والقادة .. هل يعقل أن نسمح للعالم أن يرانا من خلال هذه الظاهرة البشعة التي اسمها الليموزينات بمظاهرها ومخابرها المعيبة المخجلة؟ وهل تجهد وزارة النقل نفسها في تنفيذ مشاريع الطرق والجسور والأنفاق على مساحة الوطن بأفضل المواصفات وتغفل ولا تبالي لضبط هذه الفوضى الليموزينية؟ أليست بذلك تظلم منجزاتها وتظلم قبلها المواطنين والمقيمين وتضر بسمعة الوطن.؟!
إن وزارة النقل ـــ بعدم معالجتها هذا الوضع ــــ تقدم صورة شائهة مخجلة لا تليق ببلادنا ولا تستحقها تنميتنا التي تصر سياساتها وأهدافها التنموية على تحقيق الجودة والنوعية في سائر الخدمات والإنتاج .. فأين هي الجودة والنوعية في خدمات هذه الليموزينات المزرية المنفرة؟ بل كيف لا تحرك وزارة النقل ساكنا حيال هذا التشوه المشين؟ خصوصا وقد سبق أن كتبنا عنه هنا كلمة بعنوان ''الليموزين الرث'' لكن أحدا لم يرد الصوت .. وها نحن اليوم نهيب بوزارة النقل بأن تبادر إلى دراسة وضع سيارات الليموزين من جميع النواحي وأن تشن حملة جمالية نظامية .. فقد حان منذ زمن طويل لهذه الوزارة أن تتدخل لإنقاذنا من هذا ''اللي .. مو .. زين'' وتشريف هذا الوطن بما يليق به وأهله من سيارات أجرة من نوع ''زين''!
|