محمد الشهيدى
04-06-06, 10:38 PM
حلم مواطن عربى
الحلم هو الشيء الوحيد الذي يمتلكه الإنسان العربي ولا يستطيع أن يصادره منه أحد. فحرية الحلم متاحة لنا جميعاً، إلا أن نوعية الحلم هي التي يجب أن تكون في النطاق المسموح به، فلا يحلم مواطن مثلاً أنه يتولى الحكم، فلا يحق لكائن من كان أن يحلم في نومه بهذا الحلم باعتبار أنه غير قابل للتنفيذ من ناحية، ومن ناحية أخرى هو حلم خطير موجه ضد أمن الدولة العربية الذي هو شخص الحاكم، ومن ينازعه في منصبه حتى وإن كان مناماً، تتحول أحلامه وحياته كلها إلى كوابيس.
وطالما أن هذا الطريق قد تم إغلاقه وحظره على أحلامنا طلباً للسلامة، فإن باقي الأحلام متاحة لنا والحمد لله. فتستطيع أن تحلم بأنك ترتدي ثوباً أخضراً، وتمتطي حصاناً أبيضاً يُحلق بك في عنان السماء، تستطيع أن تحلم بأن قامتك بلغت من الأمتار أطولها، أو أنك قابلت أحد الأنبياء والرسل وتكلمت معه ولا تخشى في ذلك لومة لائم. فطالما أن حلمك لم يتعد المنطقة المُحرمة فلك أن تحلم ما تشاء حتى لو حلمت بأنك تتكلم مع الله فلن ينهرك أحد وسيجدون لك تبريرات دينية مُفيدة لحالتك. لكن إياك أن تحلم أحلاماً تتخطى قدراتك المحصورة أو تقترب بها من المنطقة المحظورة.
حمدت ربي وشكرته على نعمه الكثيرة التي لا تحصى، وأدعوه كل ليلة قبل التوجه إلى نومي أن تكون أحلامي من النوع البريء المرضي عنها بعيدة عن الأفكار السوداء التي تقربني من المهالك.
ومنذ فترة ينتابني حلم لا يتغير وأستيقظ من نومي دون أن أتذكر ما رأيت ولكنني أشعر باختناق رهيب. فقررت في إحدى الليالي قبل أن أذهب إلى نومي أن أركز كثيراً على أمل أن أصمد في نومي حتى أتمكن من معرفة نوع الحلم الذي يؤرقني.
وفعلاً فتح الله عليّ في هذه الليلة ورأيت في منامي أنني تحولت إلى جماد أشعر بما يشعر به البشر لكن قلبي النابض كان يحيط به سياجاً من حديد، وكانت الصورة خافتة جداً فلم أتمكن من تمييز ملامحي وأنا في هذه الحال، ومع ذلك رأيت بوضوح المكان الذي كنت فيه فكان فسيحاً عالي السقف، مملوء بالتحف والورود وكأنه قطعة من الجنة، ثم رأيت شخصاً مُحاطاً بكثير من البشر يقفون أمامه في خشوع لم تظهر غير قمة رؤوسهم لأن وجوههم كانت منحنية بقوة باتجاه الأرض، وفجأة شعرت بشيء ثقيل يضغط على قلبي ويكاد يخنقني، ثم تغيرت الصورة ورأيت شخصاً يشبهني، يجلس بمنتهى العظمة والكبرياء على كرسيٍ ضعيف البنية إلا أنه وثير وفخم، فأقشعر جسدي وتصببت عرقاً فقد أيقنت أن حلمي أخذني إلى منطقة الهلاك.
وبلغ مني الخوف مداه وتوقعت بين لحظة وأخرى أن يأتي من يأخذ روحي، وفي غمرة فزعي ظهر أمامي ضوء خافت آتٍ من بعيد وسمعت صوتاً رخيماً يهدئ من روعي: لا تخف أنت لست هو،إنما هو جالس فوقك، هنا حمدت ربي على رحمته وتيقنت أنني لم أتخطى حدودي، فقد كان دوري في هذا الحلم مُجرد كرسياً.
ما بال الحقيقة في هذا الزمان يهزمها الخداع؟؟ وتلك المشاعر التي كانت رقيقة تحجرت وصارت تُشترى وتباع، وصديق كان عنواناً للوفاء ضل الطريق وتملكه الضياع، حتى أحلام المنام كلما أصبحت قريبة في ظلمات الليل يخفيها الوداع.
م ن ق و ل
الحلم هو الشيء الوحيد الذي يمتلكه الإنسان العربي ولا يستطيع أن يصادره منه أحد. فحرية الحلم متاحة لنا جميعاً، إلا أن نوعية الحلم هي التي يجب أن تكون في النطاق المسموح به، فلا يحلم مواطن مثلاً أنه يتولى الحكم، فلا يحق لكائن من كان أن يحلم في نومه بهذا الحلم باعتبار أنه غير قابل للتنفيذ من ناحية، ومن ناحية أخرى هو حلم خطير موجه ضد أمن الدولة العربية الذي هو شخص الحاكم، ومن ينازعه في منصبه حتى وإن كان مناماً، تتحول أحلامه وحياته كلها إلى كوابيس.
وطالما أن هذا الطريق قد تم إغلاقه وحظره على أحلامنا طلباً للسلامة، فإن باقي الأحلام متاحة لنا والحمد لله. فتستطيع أن تحلم بأنك ترتدي ثوباً أخضراً، وتمتطي حصاناً أبيضاً يُحلق بك في عنان السماء، تستطيع أن تحلم بأن قامتك بلغت من الأمتار أطولها، أو أنك قابلت أحد الأنبياء والرسل وتكلمت معه ولا تخشى في ذلك لومة لائم. فطالما أن حلمك لم يتعد المنطقة المُحرمة فلك أن تحلم ما تشاء حتى لو حلمت بأنك تتكلم مع الله فلن ينهرك أحد وسيجدون لك تبريرات دينية مُفيدة لحالتك. لكن إياك أن تحلم أحلاماً تتخطى قدراتك المحصورة أو تقترب بها من المنطقة المحظورة.
حمدت ربي وشكرته على نعمه الكثيرة التي لا تحصى، وأدعوه كل ليلة قبل التوجه إلى نومي أن تكون أحلامي من النوع البريء المرضي عنها بعيدة عن الأفكار السوداء التي تقربني من المهالك.
ومنذ فترة ينتابني حلم لا يتغير وأستيقظ من نومي دون أن أتذكر ما رأيت ولكنني أشعر باختناق رهيب. فقررت في إحدى الليالي قبل أن أذهب إلى نومي أن أركز كثيراً على أمل أن أصمد في نومي حتى أتمكن من معرفة نوع الحلم الذي يؤرقني.
وفعلاً فتح الله عليّ في هذه الليلة ورأيت في منامي أنني تحولت إلى جماد أشعر بما يشعر به البشر لكن قلبي النابض كان يحيط به سياجاً من حديد، وكانت الصورة خافتة جداً فلم أتمكن من تمييز ملامحي وأنا في هذه الحال، ومع ذلك رأيت بوضوح المكان الذي كنت فيه فكان فسيحاً عالي السقف، مملوء بالتحف والورود وكأنه قطعة من الجنة، ثم رأيت شخصاً مُحاطاً بكثير من البشر يقفون أمامه في خشوع لم تظهر غير قمة رؤوسهم لأن وجوههم كانت منحنية بقوة باتجاه الأرض، وفجأة شعرت بشيء ثقيل يضغط على قلبي ويكاد يخنقني، ثم تغيرت الصورة ورأيت شخصاً يشبهني، يجلس بمنتهى العظمة والكبرياء على كرسيٍ ضعيف البنية إلا أنه وثير وفخم، فأقشعر جسدي وتصببت عرقاً فقد أيقنت أن حلمي أخذني إلى منطقة الهلاك.
وبلغ مني الخوف مداه وتوقعت بين لحظة وأخرى أن يأتي من يأخذ روحي، وفي غمرة فزعي ظهر أمامي ضوء خافت آتٍ من بعيد وسمعت صوتاً رخيماً يهدئ من روعي: لا تخف أنت لست هو،إنما هو جالس فوقك، هنا حمدت ربي على رحمته وتيقنت أنني لم أتخطى حدودي، فقد كان دوري في هذا الحلم مُجرد كرسياً.
ما بال الحقيقة في هذا الزمان يهزمها الخداع؟؟ وتلك المشاعر التي كانت رقيقة تحجرت وصارت تُشترى وتباع، وصديق كان عنواناً للوفاء ضل الطريق وتملكه الضياع، حتى أحلام المنام كلما أصبحت قريبة في ظلمات الليل يخفيها الوداع.
م ن ق و ل