عنوان السعاده عند ابن القيم والشيخ محمد بن عبدالوهاب

[الزنقب]

عنوان ألسعاده !!


هناك عبارة جمليه ذكرها ابن القيم في اوائل كتابه الوابل الصيب

وثني بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب في رسالته القواعد الاربع

وهي مكونة من ثلاث فقرات ..

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب

أسال الله ان يجعلك مباركا اينما كنت .. وأن يجعلك ممن اذا اعطي شكر

وأذا أبتلى صبر .. وأذا أذنب أستغفر ..

فإن هولاء الثلاث عنوان السعاده ..


بالله عليك لاحظ قوله ..


عنوان السعاده !!!




والعجيب قل من ينتبه لها أو يلتفت اليها ..


وعندما رأيت الشيخين توافقا عليها حاولت ان اجيل فيها

عقلي وأقترح على اخواني من الدعاة والخطباء أن يديموا النظر فيها

وبثها بين العامه ..



دعني احاول أن اقرب معاني هذه الثلاث الى ذهنك

ولك الحق أن تعمل فيها عقلك وقلبك حتى تصل فيها الى معاني اخرى



الاول الشكر عند العطاء


بعض الناس يعتقد أن الشكر أن تقول ( الحمد لله ) بلسانه عندما

يتناول وجبه ( دسمه ) من الطعام ..

ولا يكاد يذكر الشكر الا في المفاطيح وعند الضرب بالخمس :)

ولاشك أن الحمد لله رأس الشكر وكلمه كل شاكر

وأن الله يرضى عن العبد اذا اكل فحمده كما ورد في الحديث


لكن هل هذا الشكر ؟؟


الجواب لا ..


الشكر هو الشعور بالنعمه في قلبك والثناء باللسان على الرب

وصرفها في طاعة المنعم ..


اذن الشكر يستوعب كل ( طاقتك ) البشريه

فهو في قلبك ولسانك وجوارحك



أريت ان الشكر يحتاج منك الى تدبر وتفكر !!


وازيدك بيانا فأقول

ليس الشأن الشكر للنعم المتجدده .. فهذا يعرفه كل الناس

بل أن رأيت بعض النصاري يشكرون الرب عند تجدد النعم ..


الشأن ان تتذكر النعم الموجوده التى توفق بها غيرك ..

هناك نعم لا تراها في نفسك وفي اهلك وفي مالك

بالله عليك حاول أن تتذكرها


وهناك افة في النعم يجب عليك أن تحذرها


وهي افة النسبه !!!


ماهي افة النسبه ؟؟


ان تنسب النعم الى نفسك .. او تنسب النعم الى الناس ..


انتبه ارجوك هذا منزلق خطير .. عده شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب

يخل بالتوحيد كله أو بكماله الواجب .. وبوب عليه بقوله


باب: قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} 1.
قال مجاهد: " هذا بعملي وأنا محقوق به ". وقال ابن عباس: "يريد من عندي".
وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}2. قال قتادة: " على علم مني بوجوه المكاسب ".


يعني بعض الناس يقول درستى بعرقي وجهدي وكنت اسهر الليل

وكسب المال بالتعب والسهر والشطاره

وريبت ابنائي على الخير لانني كنت اتعلم وافرغ وقت لهم


ويذكر بعض المفكرين

أننا اليوم نعيش زمن النسبه ورؤية النفس والذات

تحت شعار ( الثقه بالنفس ) وشعار ( توكيد الذات ) وشعار ( الناجحون في الحياة )


يذكرون انفسهم وينسون ربهم .. وهذه افة خطيره يجب على ( الموحدين )

أن ينتبهوا لها ويخلصوا انفسهم منها ..

وهي من اوضار تأثير المجتمعات الغربيه على ثقافة المسلمين ..


بقى أن نتكلم عن الصبر والتوبه ..

[الزنقب]

2 - اذا اذنب استغفر

هذه العباره تفترض انك معرض للذنب في كل وقت ومكان

خلافا لبعض الناس الذي ينظر الى دقائق الذنوب من الخلق

ويحتقرهم عند ادني هفوه .. وربما وصل به الامر الى تعييرهم بالذنب


يقال لهذا ..

اخي انت تتعامل مع ( بشر ) فيهم خير وشر واثم وبر

لا تتعامل مع ملائكه ( لا يعصون الله ما امرهم )


كن واقعيا


وكنت اقول للناس دائما


ليس العيب أن تخطي ولكن العيب أن تستمر على الخطاء


وفي حديث صححه الالباني ( المؤمن مفتن تواب )

يعني كثير الوقوع في الذنب .. كثير التوبه من الذنب

وهناك احاديث كثيره بهذا المعني لا تخفى على ادني طلبة العلم


لكن عند التطبيق تجدنا نطالب الناس بالملائكيه ... ونعامل انفسنا بالرحمه


فلا نعذر الخلق ولا نرحم المخطي


اتدري ما مشكلتنا اليوم

اننا لم نعد نشعر بذنوبنا .. ولا نشعر بالنعم


لا نشعر بالخطاء ولا بالذنب


في ترجمة ابراهيم ابن ادهم انه عمل في حارس لبستان

فجاء رجل يريد الاخذ منه فرفض ابراهيم فما كان من الرجل الا أن نزل

على ابرهيم ركلا وصفعا

فمد اليه ابراهيم رأسه وقال ( اضرب هذا فطالما عصى الله عزوجل )


بالله عليك أنظر الى هذا العابد وكيف فهم أن تسليط الناس سببه ذنوبه

وكيف شعر بأنه مذنب ..


مشكلتنا اليوم أننا مع اناس لا يعترفون بتقصيرهم ولا اخطائهم

يرمي احدهم ذنوبه على الناس او على الابوين او على المجتمع او على القدر


يقول احدهم الناس يجبرونك على أن تكون فظا غليط القلب

او وقعت بالذنب بسبب تقدير الله لي

او ابي قصر معي والمدرسه قصرت معي

او الزمان صعب

الخ الخ


اظن ما تنتنهي حملة التعذير للنفس وعدم رؤية اخطائها


ومما اعجبني ان هناك حديث عظيم نردده في كل صباح ومساء

وفيه الاعتراف بأنك مخطي .. والاعتراف بأن المنعم وحده هو الله تعالي


وهو حديث سيد الاستغفار المعروف


عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


بالله عليك لاحظ امرين


الاول ابوء لك بنعمتك على

الثاني ابوء لك بذنبي

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: قال شيخ الإسلام : العارف يسير إلى الله بين

مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل فجمع في قوله صلى الله عليه وسلم
أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي مشاهدة المنة
ومطالعة عيب النفس والعمل.


ارأيت كيف ان عليك الاعتراف بالنعمه .. واعتراف بالذنب

حتى ينكسر قلبك لربك


بالله عليك جرب ذالك

شف نفسك مقصر دائما

وربك منعم عليك دائما

انت ترفع له الذنوب والمعاصي

وهو سبحانه ينزل عليك النعم ويدفع عنك النقم


بالله عليك كيف ستكون نفسيتك وقلبك بعد هذا !!

[الزنقب]

3 - اذا ابتلى صبر

هذه الثالثه والخاتمه

وهذه الثلاث تفرض ان حياتك بين ثلاثة امور

ذنب .. نعمه .. ابتلاء

وكل واحد من هذه الامور يحتاج الى قيمه ومبداء

الذنب يحتاج للتوبه

النعمه تحتاج الى الشكر

الاتبلاء يحتاج للصبر


والصبر هو الصبر على ما ينفعك حتى تفعله .. وتصبر عما يضرك فلا تفعله


يقول ابن القيم :

النفس فيها قوتان : قوة الإقدام ، وقوة الإحجام

، فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه ، وقوة الإحجام إمساكا عما يضره


والمشكله أن كثير من الناس ما يستطيع ان الصبر

وسبب ذالك انه يغفل عن امرين


الاول عبادة انتظار الفرج والنصر

لانه لابد أن تعلم اخي ان الصبر مقرون النصر

كما في الحديث ( وأعلم ان الصبر مع النصر والفرج مع الكرب )

فتصبر على الكرب حتى ينفرج .. وتصبر على الاذيه والالم حتى تنتصر


بالله عليك هل فكرت في هذا ..


الثاني الغفله عن الاجر


الصبر فيه اجور عظيمه لا تعد ولا تحصى تأمل قوله تعالي


إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

قال البغوي في التفسير عن على رضى الله عنه

كل مطيع يكال له كيلا ويوزن له وزنا إلا الصابرون ، فإنه يحثى لهم حثيا .

ويروى : " يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ،
ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب ، قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض

مما يذهب به أهل البلاء من الفضل .


أريت كيف أن الصبر لا حد له ولا اجر له ..


ومن الجميل أن الله يعينك على الصبر اذا ( تصبرت )


كما في الحديث ( ومن يتصبر يصبره الله ) رواه مسلم

فأنت اذا حاولت الصبر .. اعانك الله عليه وصار شي سهل وبسيط

وهذا من رحمة الله بعباده


اين هذا من اناس

اذا اصيب احدهم بشي اسودت الحياة في وجهه

اين من يعتقد أن الفرج والنصر مقرون بالصبر .. وأن من صبر ظفر

أين هذا مما ينتظر الاجر من الله


واختم بقول عمر رضى الله عنه

وجدنا خير عيشنا بالصبر ..

[الزنقب]

هذه الثلاث هي عنوان السعاده


يقولون أن السعاده هي نهاية المطالب الانسانيه

او هي غاية الغايات ..

يشرح ذالك الغزالي في الاحياء بكلام معناه

ان بعض الناس يطلب المال وهو عباره عن ذهب ( معدن ) ولكنه ليس مطلوب لذاته

بل لغيره .. فتقول له ماذا تريد من المال .. فيقول اريد الاستغناء عن الناس واحقق حاجاتي

فتقول وماذا تريد من الاستغناء عن الناس فيقول لك العزه

وتقول ماذا تريد من تحقيق حاجاتك فيقول الراحه والانشرح


ولايمكن أن تسأله فتقول ماذا تريد من العزه ولا الراحه والانشراح

لان هذه هي غاية الغايات


وهكذا في كل شي الدارسه الزواج الولد المنصب الصحه السفر .. الخ الخ .

اسأل ثم أسال حتى تصل الى الجواب الاخير الذي لايمكن أن تسال عنه

اذا وصلت اليه فهذه هي السعاده


ومعني عنوان السعاده

يعني أن السعاده مربوطه بهذا الامور

ففيها الراحه والعز والسياده والنصر والانشراح والرفعه .. الخ الخ

[الزنقب]

اخي الغالي

نحن هنا نناقش ماهو كائن لا ما نبغي أن يكون ..

العالم اليوم يتجه نحو الماديه بكل اطيافه ولا يخفي هذا على امثالكم

القيم والمثل جمليه ولكن اذا لم تكن واقعيه فليس لها اي رصيد

ولن تكون واقعيه الا بأمرين

احدهما أن يربي عليها الانسان

الثاني أن تستخدم فيها سياسية الثواب والعقاب

اما اذا لم يرب عليها الانسان منذ نعومة اظفاره

بل أن يعاقب اذا خدم الناس وقام بشأنهم ويستهزي به

ويقال له انت ( امسكين وعلى وجهك ) و ( لا يلعبون عليك )


فلن تجد لها اي مكانة عند الناس

وتبقى تردد في الكتب وعلى المنابر وهي مثل العنقاء

التى لا تعرف الا بالاشعار والخيال


لا يلزم من كل معالجه فكريه أن تلم بكافة الجوانب

حسبي في هذا المقال ان اذكر التعلق بالله وحده والاستغناء عن الناس

وهو امر محمود شرعا .



بارك الله فيك ..

[الخير مقبل]

كلام من ذهب جزاك الله خيير

[كلمااات]

موضوع رائع وكلام من ذهب
الثلاث الامور التي ذكرتها فيها من الخير الكثير
تكفل الله بها
فلنحرص عليها طاعة لله وطماعاً بما عند الله

شكر النعم (لئن شكرتم لأزيدنكم )
الاستغفار ( قلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا
ويمدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا )
الصبر ( انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب )

[نبض عُمان]

سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك

سبحانك ما شكرناك حق شكرك

سبحانك ماقدرناك حق قدرك


جزاك الله خيراً موضوع قيم ورائع

نسأل الله ان يجعلنا من الشاكرين الصابرين