المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهو القدر ....؟


منى البزال
25-12-05, 05:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لن أخوض في مسألة القدر كما خاضها كبار العلماء والفقهاء والمتكلمين منذ أمد بعد إنما سأتكلم عن الموضوع من خلال بعض الأسئلة التي أطرحها ومن ثم أود أن أجد فهماًً لهذه الإشكالية التي طالما تكلم جميع الناس بها وأنا لا أدعي أنني سأقدم حلاً وإن كنت لأرجو أن يدعمني برأيه وتحليله من كان عنده خبرة أو علم بهذا الموضوع. فلنبدأ...
• فلان أو فلانة من الناس لم تتزوج بعد فيقال رأساً وعلى الفور لم يأت النصيب بعد وقد لا يأتي أبداً.
• فلان أو فلانة من الناس لم يدرس الفرع الذي تمناه أو حلم به فيقال رأساً لم يكن نصيبه ذلك الفرع.
• وآخرون مثلاً لم يوفقوا في مهنة امتهنوها فيكون الجواب الحتمي لهم إنه القدر.
ولن تتسع صفحاتي إن أردت الإسهاب في ذكر الأمثلة وبالتالي سأكتفي عند هذا الحد .
وكثيرة هي الأسئلة التي تلح على ذهني منذ زمن ولم أحر لها جواباً شافياً بعد, فما هو القدر وهل هو بعينه القسمة والنصيب ومن ثم سؤال آخر هل هو بذاته الحظ ولنأت على ذكر كل واحدة منها على حدا...؟
تعريف القضاء : هو علم الله لما سيحدث فيما سيستقبل من الزمان أما القدر فهو إيجاد ذلك العلم على أرض الواقع كما قد علمه الله وأنا لن أخوض هنا ي مصطلحات شرعية بحتة . أما القسمة والنصيب فهو كل ما قسمه الله لك في هذه الحياة من رزق وعمل و....إلخ وأما الحظ فهو جد الإنسان واجتهاده للحصول على مايبغي حيث تقول الآية القرآنية ( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)
وأقول هل القدر هو أن أقف مكتوف الأيدي وأنتظر حكم الله فيّ حيث جلّ وهو القائل ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى) وقد تنزل بي النوازل والمصائب وأنا أجلس باستكانة وخنوع معتقداً بأنني يجب أن أرضى كيف ذلك وقد ثبت بأن القضاء والقدر تحكمهما سنة وقانون وهو السير على طريق الأخذ بالأسباب دون أن نحيد يمنى أو يسرى فإن أي التفاتة لليمين أو السار أو للوراء سوف تحول دون الوصول للقدر المعلوم حيث أنه بات من المعلوم بالدين بالضرورة بأن علم الله لما سيحدث هو صفة كاشفة وليست صفة مؤثرة ولنأت على مناقشة الحظ حيث أن علماء البرمجة اللغوية العصبية يقولون أنه لا يوجد ما يسمى الحظ وإنما يوجد إنسان فعال وإنسان غير فعال وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ولكن أعتقد أنه يوجد هناك حظوظ في الدنيا فمثلاً أعتقد أننا نحن محظوظون لولادتنا في جو مسلم ولأبوين مسلمين أما من عاصر النبي عليه الصلاة والسلام منهم من آمن ومنهم من كفر وولادتنا كمسلمين هو ليس من سعينا وكسبنا الشخصي والأمثلة كثيرة أما من لا يدرس كما يجب وينجح لا ندري كيف لا يمكننا القول بأنه إنسان محظوظ الحظ لبس هذا...!
يبدو أن القلم اشتط بي ولم أعد امتلك زمامه أرجو مشاركتي في هذا الموضوع لترسيخ الثوابت وتصحيح الغير صحيح بالحجة والبرهان

بلوتوث
25-12-05, 09:17 PM
موضوعك جميل

بالغد لنا لقاء ان شاء الله

عربجي مزيون
25-12-05, 10:47 PM
الموضوع يبي واحد فاهم لا يطلع لنا واحد بزعه اللي عنده سالفه يتفضل واللي ما عنده ينقطنا بسكاته الله لا يقدر علينا بشر يجي واحد يسوي فيها فاهم ثم يطلع عن الخط ولا تنسون ان كل شي بمشيئة الله

الصواعق
26-12-05, 12:45 AM
هذي المواضيع ولا بلاش

عزيزتي أنتي تكلمتي عند عدة أمور

في القدر .. الحظ .. النصيب

وسأبين لك مالدي من كلام ..

• فلان أو فلانة من الناس لم تتزوج بعد فيقال رأساً وعلى الفور لم يأت النصيب بعد وقد لا يأتي أبداً.
• فلان أو فلانة من الناس لم يدرس الفرع الذي تمناه أو حلم به فيقال رأساً لم يكن نصيبه ذلك الفرع.

ماهو النصيب؟
النصيب يكون في المحبوب والمكروه .. يقال وفاه الله نصيبه من النعيم أو العذاب .. ولا يقال حظه من العذاب :)

لذلك نقول .. النصيب مانُصِب له ليناله .. سواء خيرا كان أو شرا

هذا هو النصيب


تعريف القضاء : هو علم الله لما سيحدث فيما سيستقبل من الزمان أما القدر فهو إيجاد ذلك العلم على أرض الواقع كما قد علمه الله وأنا لن أخوض هنا ي مصطلحات شرعية بحتة . أما القسمة والنصيب فهو كل ما قسمه الله لك في هذه الحياة من رزق وعمل و...

طبعا ما راح أتكلم في القدر .. لأنه بصراحة أكبر من علمي .. ولم أتمكن اتقان هذا الباب من المعرفة
ولكن أنصحكم في قرأة كتاب ابن تيمية فهو تكلم عنها كثيرا في هذا الباب وبينه وفصله

ولكن البعض يقول .. (( دام كل شيء مكتوب فإذن .. الخطايا والذنوب الذي أرتكبها هي مكتوبة من الله من قبل ما أولد .. فلا داعي أن أجتهد في العبادة .. لأنه قدري أن أكون عاصب ))
وأصحاب هذه الفكرة يدعون بالقدرية .. وهم مكفرون من سائر الأمة .. ومن أراد الزيادة يقرأ كتاب الملل والنحل للشهرستاني .. والفرق بين الفرق لعبدالقادر البغدادي .. وأظن ابن حزم تكلم عنهم في الملل والنحل والاهواء

ويقال اجتمع اثنان .. فقال الأول : (( أيحب الله أن يعصى ؟ )) . فقال الأخر : (( أويعصى الله قسرا ؟ ))
وتكلم عن هذه المسألة ابن تيمية وفصلها في كتاب نسيت والله اسمه ..

ولن أتفصل في هذه المسألة ..فرحم الله امرىء عرف قدر نفسه


أما القسمة والنصيب فهو كل ما قسمه الله لك في هذه الحياة من رزق وعمل
شوفي .. يامنى
كل قسم حظ .. وليس كل حظ قسما .. وإنما القسمة ماكان من مقاسمخ وما لم يكن عن مقاسمه فليس بقسم ...
والنصيب شيء أخر يختلف عنه .

وأما الحظ فهو جد الإنسان واجتهاده للحصول على مايبغي حيث تقول الآية القرآنية ( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)

الحظ .. تكلمت عنه في أحدى المواضيع
وهو مقدار الحظ المبذول
وأنا أرى أنه العكس

الحظ هو مقدار النتائج المحصولة بدون أي تعب .. قد نجد أناس يتعبون ويشقون .. ولكن في الأخير لا ينالون مايريدونه أو المفروض ياخذونه.. والسبب هو الحظ

مثلا الدكتور نجد راتبه 20 ألف ريال بالكثير ..وهو أفنى علمه في الدراسة والجراحة ... ولاعب كرة قدم قيمة عقده 40 مليون ريال .. والراتب 20 ألف غير البدلات .. فقط لأنه يلعب كره .. والعادة لا يتعب كثيرا . ولا يشقى كما يشقى غيره .. ولأمر تافه


قشة الحظ حيث أن علماء البرمجة اللغوية العصبية يقولون أنه لا يوجد ما يسمى الحظ وإنما يوجد إنسان فعال وإنسان غير فعال وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ولكن أعتقد أنه يوجد هناك حظوظ في الدنيا فمثلاً أعتقد أننا نحن محظوظون لولادتنا في جو مسلم ولأبوين مسلمين أما من عاصر النبي عليه الصلاة والسلام منهم من آمن ومنهم من كفر وولادتنا كمسلمين هو ليس من سعينا وكسبنا الشخصي والأمثلة كثيرة أما من لا يدرس كما يجب وينجح لا ندري كيف لا يمكننا القول بأنه إنسان محظوظ الحظ لبس هذا...!
يبدو أن القلم اشتط بي ولم أعد امتلك زمامه أرجو مشاركتي في هذا الموضوع لترسيخ الثوابت وتصحيح الغير صحيح بالحجة والبرهان

بخصوص البرمجة اللغوية .. أعتبرها علم فاشل .. ولم يقدم المأمول منها
وحسب المعرفة والرأي يامنى

الإنسان الغير فعال هو المحظوظ .. لأنه يأتيه رزقه بدون تعب
والإنسان الفعال دوما هو صاحب الحظ التعيس لأنه يتعب ويشقى ولا ينال المحمود

وبخصوص أنه من حسن حظنا أننا مسلمين
صدقتي والله

وهذا أكبر نعمة أنعمها الله إلينا .. هو أننا ولدنا مسلمين من أباء مسلمين .. وليتنا نعي ونقدر هذه النعمة ..!


خاتمة :


فلو كانـت الدنيـا تنـال بفطنـةٍ = وفضلٍ وعقلٍ نلت أعلى المراتبِ
ولكنمـا الأرزاق حـظ وقسمـةً = بفضلِ مليـكٍ لا بحيلـةِ طالـبِ


الصواعق ..

أم أديم
26-12-05, 01:06 AM
أختي الغالية لايمكننا أن نخوض في موضوع القدر لاننا لسنا علماء ولكن

أضيف هذه الرساله في القضاء والقدر لللشيخ محمد الصالح بن العثيمين

رسالة في القضاء والقدر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلٌغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‏.‏‏.‏ أما بعد

أيها الإخوة الكرام ‏:‏ إننا في هذا اللقاء الذي نرجو أن يفتح الله علينا فيه من خزائن فضله ورحمته وأن يجعلنا من الهداة المهتدين ومن القادة المصلحين ومن المستمعين ، المنتفعين ، نبحث في أمر مهم يهم جميع المسلمين ألا وهو ‏"‏قضاء الله وقدره‏"‏ والأمر ولله الحمد واضح، ولولا أن التساؤلات قد كثرت ولولا أن الأمر اشتبه على كثير من الناس، ولولا كثرة من خاض في الموضوع بالحق تارة وبالباطل تارات ونظرا إلى أن الأهواء انتشرت وكثرت وصار الفاسق يريد أن يبرر لفسقه بالقضاء والقدر ، ولولا هذا وغيره ما كنا نتكلم في هذا الأمر ‏.‏

والقضاء والقدر ما زال النزاع فيه بين الأمة قديما وحديثا فقد روي ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فنهاهم عن ذلك وأخبر أنه ما أهلك الذين من قبلكم ألا هذا الجدال‏)‏ ‏(1)‏‏.‏

ولكن فتح الله على عباده المؤمنين السلف الصالح الذين سلكوا طريق العدل فيما علموا وفيما قالوا وذلك أن قضاء الله تعالى وقدره من ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه فهو داخل في أحد أقسام التوحيد الثلاثة التي قسم أهل العلم إليها توحيد الله عز وجل ‏:‏

القسم الأول ‏:‏ توحيد الألوهية ، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة ‏.‏

القسم الثاني ‏:‏ توحيد الربوبية وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير ‏.‏

القسم الثالث ‏:‏ توحيد الأسماء والصفات ، وهو توحيد الله تعالى بأسمائه وصفاته ‏.‏

فالإيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل ؛ ولهذا قال الأمام أحمد رحمه الله تعالى ‏:‏ القدر قدرة الله لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك وهو أيضا سرٌ الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى مكتوب في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي لا يطٌلع عليه أحد ونحن لا نعلم بما قدٌره الله تعالى في مخلوقاته إلا بعد وقوعه أو الخبر الصادق عنه‏.‏

أيها الإخوة ‏:‏ إن الأمة الإسلامية انقسمت في القدر إلى ثلاثة أقسام ‏:‏

القسم الأول ‏:‏ غلوا في إثبات القدر وسلبوا العبد قدرته واختياره وقالوا ‏:‏ إن العبد ليس له قدرة ولا اختيار وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره ‏.‏ ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن الإنسان يفرق بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري‏.‏

القسم الثاني ‏:‏ غلوا في إثبات قدرة العبد واختياره حتى نفوا أن يكون الله تعالى مشيئة أو اختيار أو خلق فيما يفعله العبد وزعموا أن العبد مستقل بعمله حتى غلا طائفة منهم فقالوا إن الله تعالى لا يعلم بما يفعله العباد إلا بعد أن يقع منهم وهؤلاء أيضا غلوا وتطرفوا تطرفا عظيما في إثبات قدرة العبد واختياره ‏.‏

القسم الثالث ‏:‏ وهم الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة والجماعة سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين ‏:‏

القسم الأول ‏:‏ ما يجريه الله تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وإنبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيها اختيار وليس لأحد فيها مشيئة فالمشيئة فيها لله الواحد القهار ‏.‏

القسم الثاني‏:‏ ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها وإرادتهم لأن الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى ‏:‏‏{‏لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ‏}‏ ‏[‏التكوير ‏:‏28‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 152‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 29‏]‏ والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار وإجبار فالإنسان ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف أنه مختار ولكنه يسقط هاوياً من السطح يعرف أنه ليس مختاراً لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك ‏.‏

وكذلك الإنسان يعرف أنه إذا أصيب بمرض سلس البول فالبول يخرج منه بغير اختياره وإذا كان سليما من هذا المرض فإن البول يخرج منه باختياره ‏.‏ ويعرف الفرق بين هذا وهذا ولا أحد ينكر الفرق بينهما ‏.‏ وهكذا جميع ما يقع من العبد يعرف فيه الفرق بين ما يقع اختياراً وبين ما يقع اضطراراً وإجباراً بل إن من رحمة الله عز وجل أن من الأفعال ما هو باختيار العبد ولكن لا يلحقه كما في فعل الناسي والنائم ويقول الله تعالى في قصة أصحاب الكهف ‏:‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 18‏]‏ وهم الذين يتقلبون ولكن الله تعالى نسب الفعل إليه لأن النائم لا اختيار له ولا يؤاخذ بفعله ، فنسب فعله إلى الله عز وجل ويقول -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ ‏(2)‏‏.‏

فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل لأن الفعل وقع منه بغير ذكر فكأنه صار بغير اختياره وكلنا يعرف الفرق بين ما يجده الإنسان من ألم بغير اختياره وما يجده من خيفة في نفسه أحياناً بغير اختياره ولا يدري ما سببه وبين أن يكون الألم هذا ناشئاً من فعل الذي اكتسبه أو الفرح ناشئاً من شيء هو الذي اكتسبه وهذا الأمر ولله الحمد واضح لا غبار عليه ‏.‏



أيها الإخوة ‏:‏ إننا لو قلنا بقول الفريق الأول الذين غلوا في إثبات القدر لبطلت الشريعة من أصلها لأن القول بأن فعل العبد ليس له فيه اختيار يلزم من أن لا يحمد على فعل محمود ولا يلام على فعل مذموم لأنه في الحقيقة بغير اختيار وإرادة منه وعلى هذا فالنتيجة إذن أن الله تبارك وتعالى يكون - تعالى عن ذلك علواً كبيراً - ظالما لمن عصى إذا عذبه وعاقبه على معصيته ، لأنه عاقبه على أمر لا اختيار له فيه ولا إرادة وهذا بلا شك مخالف للقرآن صراحة، يقول الله تبارك وتعالى ‏:‏ ‏{‏وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ‏}‏ ‏[‏ ق ‏:‏23- 29 ‏]‏ ‏.‏

فبين سبحانه أن هذا العقاب منه ليس ظلما بل هو كمال العدل لأنه قد قدم إليهم بالوعيد وبين لهم الطرق وبين لهم الحق وبين لهم الباطل ولكنهم اختاروا لأنفسهم أن يسلكوا طريق الباطل فلم يبق لهم حجة عند الله تعالى ‏:‏ ‏{‏رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ‏}‏ ‏[‏ النساء ‏:‏ 165 ‏]‏ فإن الله تبارك وتعالى نفى أن يكون للناس حجة بعد إرسال الرسل لأنهم قامت عليهم الحجة بذلك فلو كان القدر حجة لهم لكانت هذه الحجة باقية حتى بعد بعث الرسل لأن قدر الله تعالى لم يزل موجودا قبل إرسال الرسل إذن فهذا القول يبطله الواقع كما فصلنا بالأمثلة السابقة ‏.‏

أما أصحاب القول الثاني فإنهم أيضا ترد عليهم النصوص والواقع ذلك لأن النصوص صريحة في أن مشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله عز وجل ‏{‏لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏ التكوير ‏:‏ 28 ، 29 ‏]‏ ‏{‏وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ‏}‏ ‏[‏ القصص‏:‏68 ‏]‏ ‏{‏وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏ ‏[‏ يونس ‏:‏ 25 ‏]‏ ‏.‏

والذين يقولون بهذا القول هم في الحقيقة مبطلون لجانب من جوانب الربوبية وهم أيضا مدعون بأن في ملك الله تعالى ما لا يشاء ولا يخلقه والله تبارك وتعالى شاء لكل شيء خالق لكل شيء مقدر لكل شيء وهم أيضا مخالفون لما يعلم بالاضطرار من أن الخلق كله ملك لله عز وجل ذواته وصفاته لا فرق بين الصفة والذات ولا بين المعنى وبين الجسد إذن فالكل لله عز وجل ولا يمكن أن يكون في ملكه ما لا يريد تبارك وتعالى لكن يبقى علينا إذا كان الآمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى وأن الأمر كله بيده فما طريق الإنسان إذن وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قدر عليه أن يضل ولا يهتدي ‏؟‏

فنقول الجواب عن ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدي من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة ، ويقول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏}‏ ‏[‏ الصف ‏:‏5‏]‏ ويقول تعالى‏:‏ ‏{‏فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ‏}‏ ‏[‏المائدة ‏:‏13‏]‏ ‏.‏

فبين الله تبارك أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد كما أسلفنا آنفاً لا يدري ما قدر الله تعالى له ، لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور ‏.‏

فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ‏؟‏ فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بأن الله تعالى قد أراد له ذلك أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ‏؟‏ أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة وقدريا عند الطاعة كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية فإذا ضل أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب علي وقدر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله تعالى للطاعة والهداية زعم أن ذلك منه ثم منَّ به على الله وقال أنا أتيت به من عند نفسي فيكون قدريا في جانب الطاعة جبريا في جانب المعصية هذا لا يمكن أبداً فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق وأخفى من أبواب طلب العلم ‏.‏ والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قدر له ما قدر من الرزق ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً لا يجلس في بيته ويقول إن قدر لي رزق فإنه يأتيني ، بل يسعى في أسباب الزرق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ‏(‏إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقه مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد‏)‏ ‏(3)‏‏.‏ فهذا الرزق أيضا مكتوب كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لزرق الدنيا ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم‏.‏

إن البابين واحد ليس بينهما فرق فكما أنك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك ، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوي مرضك ومع ذلك فإن لك ما قدر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا وتقول أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قدر الله لي أن يمتد الأجل امتد ، بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس إن يقدر الله الشفاء على يديه فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ‏؟‏

وقد سبق أن قلنا إن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه فأنت الآن بين طريقين طريق يؤدي بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة وطريق يؤدي بك إلى الهلاك والندامة والمهانة وأنت الآن واقف بينهما ومخير ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ولا من سلوك طريق الشمال إذا شئت ذهبت إلى هذا وإذا شئت ذهبت إلى هذا فما بالك تسلك الطريق الشمال ثم تقول أنا قدر علي أفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين وتقول إنه قُدِّر لي فلو أنك أردت السفر إلى بلد ما كان أمامك طريقان إحداهما معبد قصير آمن والآخر غير معبد وطويل ومخوف لوجدنا أنك تختار المعبد القصير الآمن ولا تذهب إلى الطريق الذي ليس بمعبد وليس بقصير وليس بآمن هذا في الطريق الحسي إذن فالطريق المعنوي مواز له ولا يختلف عنه أبداً ولكن النفوس والأهواء هي التي تتحكم أحياناً في العقل وتغلب على العقل والمؤمن ينبغي أن يكون عقله غالبا على هواه وإذا حكم عقله فالعقل بالمعنى الصحيح يعقل صاحبه عما يضره ويدخله فيما ينفعه ويسره ‏.‏

بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً وهو إن شاء جعل هذه السلعة أو تلك تجارته ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً ، بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا لأن الذي بين طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ فلا بد أن يكون طرق الآخرة أكثر بيانا أجلى وضوحا من طرق الدنيا ‏.‏ ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة لأنها ثابتة بوعد الله والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد ‏.‏

بعد هذا نقول ‏:‏ إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره وأنه يقول كما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه وتعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ويحكمها عملاً صنعاً والله تعالى بحكمته يقدر الهداية لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى أنه يريد الحق وأن قلبه على الاستقامة ويقدر الضلالة لمن لم يكن كذلك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيف صدره كأنما يصعد في السماء فإن حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين إلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب إرادته إلى إرادة أخرى والله تعالى على كل شيء قدير ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها ‏.‏


مراتب القضاء والقدر عند أهل السنة والجماعة

أربع مراتب ‏:‏

المرتبة الأولى ‏:‏ العلم وهي أن يؤمن الإنسان إيمانا جازما بأن الله تعالى بكل شيء عليم وأنه يعلم ما في السماوات والأرض جملة وتفصيلاً سواء كان ذلك من فعله أو من فعل مخلوقاته وأنه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء ‏.‏

المرتبة الثانية ‏:‏ الكتابة وهى أن الله تبارك وتعالى كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء‏.‏ وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ‏}‏ ‏[‏الحج ‏:‏70‏]‏ فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب أي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال رب ماذا اكتب ‏؟‏ قال اكتب ما هو كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة‏)‏ ‏(4)‏‏.‏

ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما نعمله أشيء مستقبل أم شيء قد قضي وفرغ منه ‏؟‏ قال ‏(‏إنه قد قضي وفرغ منه‏)‏ ‏(5)‏ وقال أيضا حين سئل ‏:‏ أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول قال ‏(‏اعملوا فكل ميسر لما خلق له‏)‏ ‏(6)‏‏.‏

فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل فأنت يا أخي اعمل وأنت ميسر لما خلقت له ‏.‏

ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى‏}‏ ‏[‏ الليل‏:‏ 5 - 10‏]‏

المرتبة الثالثة ‏:‏ المشيئة وهي أن الله تبارك وتعالى شاء لكل موجود أو معدوم في السماوات أو في الأرض فما وجد موجود إلا بمشيئة الله تعالى وما عدم معدوم إلا بمشيئة الله تعالى وهذا ظاهر في القرآن الكريم وقد أثبت الله تعالى مشيئته في فعله ومشيئته في فعل العباد فقال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏ التكوير ‏:‏ 28، 29 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏ 112 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‏}‏ ‏[‏ البقرة ‏:‏ 253 ‏]‏ ‏.‏

فبين الله تعالى أن فعل الناس كائن بمشيئته وأما فعله تعالى فكثير قال تعالى ‏{‏وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏13‏]‏ وقوله ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً‏}‏ ‏[‏ هود 118‏]‏ إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامة لكل موجود أو معدوم فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ولا يمكن أن يقع شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى ‏.‏

المرتبة الرابعة ‏:‏ الخلق أي أن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء فما من موجود في السماوات والأرض إلا الله خالقه حتى الموت يخلقه الله تبارك وتعالى وإن كان هو عدم الحياة يقول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً‏}‏ ‏[‏الملك ‏:‏ 2‏]‏ فكل شيء في السماوات أو في الأرض فإن الله تعالى خالقه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى وكلنا يعلم أن ما يقع من فعله سبحانه وتعالى بأنه مخلوق له فالسماوات والأرض والجبال والأنهار والشمس والقمر والنجوم والرياح والإنسان والبهائم كلها مخلوقات الله وكذلك لهذه المخلوقات من صفات وتقلبات أحوال كلها أيضا مخلوقة لله عز وجل ‏.‏ ولكن قد يشكل على الإنسان كيف يصح أن نقول في فعلنا وقولنا الاختياري إنه مخلوق لله عز وجل ‏.‏ فنقول نعم يصح أن نقول ذلك لأن فعلنا وقولنا ناتج عن أمرين ‏.‏

أحدهما ‏:‏ القدرة

والثاني ‏:‏ الإرادة

فإذا كان فعل العبد ناتجا عن إرادته وقدرته فإن الذي خلق هذه الإرادة وجعل قلب الإنسان قابلاً للإرادة هو الله عز وجل وكذلك الذي خلق فيه القدرة هو الله عز وجل وكذلك الذي خلق فيه القدرة هو الله عز وجل ويخلق السبب التام الذي يتولد عنه المسبب نقول إن خالق السبب التام خالق المسبب أي أن خالق المؤثر خالق للأثر فوجه كونه تعالى خالقا لفعل العبد أن نقول فعل العبد وقوله ناتج عن أمرين هما ‏:‏

1- الإرادة

2- القدرة

فلولا الإرادة لم يفعل ولولا القدرة لم يفعل لأنه إذا أراد وهو عاجز لم يفعل وإذا كان قادرا ولم يرد لم يكن الفعل فإذا كان الفعل ناتجا عن إرادة جازمة وقدرة كاملة فالذي خلق الإرادة الجازمة والقدرة الكاملة هو الله وبهذا الطريق عرفنا كيف يمكن أن نقول إن الله تعالى خالق لفعل العبد وإلا فالعبد فهو الفاعل في الحقيقة فهو المتطهر وهو المصلي وهو المزكي وهو الصائم وهو الحاج وهو المعتمر وهو العاصي وهو المطيع لكن هذه الأفعال كلها كانت ووجدت بإرادة وقدرة مخلوقين لله عز وجل والأمر ولله الحمد واضح ‏.‏

وهذه المراتب الأربع المتقدمة يجب أن تثبت لله عز وجل وهذا لا ينافي أن يضاف الفعل إلى فاعله من ذوى الإرادة ‏.‏

كما نقول النار تحرق والذي خلق الإحراق فيها هو الله تعالى بلا شك فليست محرقة بطبيعتها بل هي محرقة بكون الله تعالى جعلها محرقة ولهذا لم تكن النار التي ألقي فيها إبراهيم محرقة لأن الله قال لها ‏{‏كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ‏}‏ ‏[‏ الأنبياء ‏:‏ 69 ‏]‏ فكانت بردا وسلاماً على إبراهيم فالنار بذاتها لا تحرق ولكن الله تعالى خلق فيها قوة الإحراق وقوة الإحراق هي في مقابل فعل العباد كإرادة العبد وقدرته فبالإرادة والقدرة يكون الفعل وبالمادة المحرقة في النار يكون الإحراق فلا فرق بين هذا وهذا ولكن العبد لما كان له إرادة وشعور واختيار وعمل صار الفعل ينسب إليه حقيقة وحكماً وصار مؤاخذا بالمخالفة معاقبا عليها لأنه يفعل باختيار ويدع باختيار ‏.‏

وأخيرا نقول ‏:‏ على المؤمن أن يرضى بالله تعالى رباٌ ومن تمام رضاه بالربوبية أن يؤمن بقضاء الله وقدره ويعلم أنه لا فرق في هذا بين الأعمال التي يعملها وبين الأرزاق التي يسعى لها وبين الآجال التي يدافعها ، الكل بابه سواء والكل مكتوب والكل مقدر وكل إنسان ميسر لما خلق الله ‏.‏

أسال الله عز وجل أن يجعلنا ممن ييسرون لعمل أهل السعادة وأن يكتب لنا الصلاح في الدنيا والآخرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين‏.‏

فالح الهاجري
26-12-05, 03:31 AM
الاخت منى
جزاك الله خير على هالطرح
القضاء والقدر نعمه من الله لمن هو مؤمن بها
والحمدلله ان نحن مسلمين والايمان بالقضاء والقدر خيره وشره من اركان الايمان
ويقول الشاعر الشريف بركات وهذي القصيدة قبل اكثر من 150 سنه يقول

مااخطاك ماصابك ولو كان راميك
واللي يصيبك لو تتقيت مااخطاك


المعنى على مااظن واضح
معناته ان الذي ياتيك راح يجيك حتى ولو كنت متخفي عنه
واللي مخطيك يعني لم يكن ليصيبك حتى لو جاءك فالله هو المقسم لكل شئ
فمسألة الحظ اعتبرها حجه ضعيفة لمن هو يتعذر بالاسباب
فهذه قدرة من الله وكل شئ من عنده
فالله هو المعطي هو المانع وهذه من اسماء الله الحسنى

والاسباب مهمه لابد ان نعمل بها ومن اهم الاسباب
عدم ترك الصلاة ووصل الارحام
والدعاء الدعاء والاستغفار وغيرها

سحاب الخير
26-12-05, 04:41 AM
موضوع جميل

وشكرأ للصواعق وأم أديم على التوضيح

رامز
26-12-05, 06:44 AM
والله الموضوع يبغا له تفكير يا منى وها الحين الساعة سبع ونص الصبح فأبغا أدور الموضوع في ها الدمجة وبعدين أرد عليك







.

المأمون
26-12-05, 08:15 AM
ماشاء الله عليك يا أخت منى..
موضوع يثير الفكر والبحث في المراجع ... وربما يزداد البعض بالتأمل والتفكر والتدبر ليضيفوا جديدا من الفهم إذا وجدوا... سأحجز لي مقعدا للتعلم والمتابعة والاطلاع والاستفادة...

جزاك الله خيرا..

اخوك المأمون..

مستغرب
26-12-05, 09:48 AM
موضوع رائع

وحقيقه لا استطيع أن أخوض في هذا

ولكن سوف أستفيد بالتأكيد من طرح الإخوان

الصقــار
26-12-05, 03:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله هذه مسألة حرجة ولا أستطيع أن أخوض فيها

وعموما مشكووووووور على الموضوع

رامز
26-12-05, 08:41 PM
يا أخت منى


أعتقد أن

القضاء هو أمر الله السائر في الكون وعلى مخلوقاته


وأن القدر


هوعندما يتم قضاء الله ويصبح ماضياً

والله أعلم





.

منى البزال
27-12-05, 09:33 PM
انتظر عودتك إلى الموضوع كي تغني نقاشنا بكلامك

دمت بود

منى البزال
27-12-05, 09:36 PM
أشكر على المرور والتعليق

ونحن مثلك ننتظر باقي الآراء علّنا نصل بها إلى بر الأمان

دمت أخي

منى البزال
27-12-05, 09:43 PM
قرأت تعليقك ويدي على قلبي

أخشى مشاكساتك التي عهدناها مع أعضاء المنتدى والتي كما قال الأستاذ شامل سفر

إنما هذه المشاكسات هي لاستخراج الدرر والمكنون

أشكر لك التعليق ولي خوض آخر في هذا الموضوع


أختك منى

منى البزال
27-12-05, 09:47 PM
أختاه أم أديم

أولاً أشكر لك المرور على الموضوع

ومن ثم أعتقد بأن من أنفقت من وقتها من أجل أن تبحث في الموضوع لهو دليل غيرتها على الدين والمعتقدات

بارك الله بك أختي

منى البزال
27-12-05, 09:51 PM
جزاك الله خيراً على المرور والتعليق


دمت بخير

منى البزال
27-12-05, 09:54 PM
جزاك الله خيراً

أختك منى

منى البزال
27-12-05, 09:58 PM
أبجّل مرورك أستاذنا رامز


والكلام الذي ذكرته هو لبّ الموضوع

دمت بود

منى البزال
27-12-05, 10:02 PM
لكم يسعدني ذلك المقعد المحجوز

ولكنه يؤرقني حيث المقعد المحجوز هو العين الرقيبة

أختك منى

منى البزال
27-12-05, 10:05 PM
أشكرك جميل الشكر على مرورك الكريم

تلميذتك منى

منى البزال
27-12-05, 10:07 PM
جزاك الله خيراً

حسن خليل
30-12-05, 12:40 PM
الأخت الفاضلة منى البزال:

موضوع جميل ينبغي لنا أن نتوقف عنده ونعرفه تمام المعرفة.

القدر في الأصل مصدر ثم تقول قدرت الشيء بفتح الدال وتخفيفها، أقدره بكسرها قدراً وقدراً إذا أحطت بمقداره والمراد به في لسان الشرع أن الله عز وجل علم مقادرير الأشياء وأزمانها أزلاً، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته عى وفق ما علمه منها، وأنه كتبها في اللوح قبل احداثها، كما في الحديث أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال وما أكتب؟ قال اكتب كل ما هو كائن" وقال تعالى " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها".

والإيمان بالقدر على درجتين وأن كلا منهما تتضمن شيئين، فالدرجة الأوى تتضمن أولاً الايمان بعلمه القديم المحيط بجميع الاشياء وأنه تعالى علم بهذا العلم القديم الموصوف به أزلاً وأبداً كل ما سيعمله الخلق فيما لا يزال وعلم به جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال. فكل ما يوجد من أعيان وأوصاف ويقع من أفعال وأحداث فهو مطابق لما علمه الله عز وجل أزلاً.

وسأكمل ثانياً لاحقاً لأن الكي بورد يعلق معي كثير.

دمتِ بحفظ الله ورعايته.

رامز
30-12-05, 03:01 PM
الأستاذ حسن خليل كلام جميل لكن أنا عندي اعتراض أو هو تساؤل أكثر منه اعتراضاً وهو قولك :

أن الله عز وجل علم مقادرير الأشياء وأزمانها أزلاً، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته عى وفق ما علمه منها، وأنه كتبها في اللوح قبل احداثها،

أليس الأصوب أستاذي أن نقول : أن الله قّدر الأشياء وأزمانها ثم أوجد آليتها في جميع المخلوقات وفق تقديره وكتبها في اللوح المحفوظ .

يبدو لي أن قولك ( علم مقادير الأشياء ) يوحي بأنه توصل إلى علمها وهو يعني بالضرورة أنه لم يكن يعلم بها سابقاً ( تعالى الله عن ذلك ) والسلام .




.

حسن خليل
30-12-05, 09:53 PM
الأستاذ حسن خليل كلام جميل لكن أنا عندي اعتراض أو هو تساؤل أكثر منه اعتراضاً وهو قولك :


أليس الأصوب أستاذي أن نقول : أن الله قّدر الأشياء وأزمانها ثم أوجد آليتها في جميع المخلوقات وفق تقديره وكتبها في اللوح المحفوظ .

يبدو لي أن قولك ( علم مقادير الأشياء ) يوحي بأنه توصل إلى علمها وهو يعني بالضرورة أنه لم يكن يعلم بها سابقاً ( تعالى الله عن ذلك ) والسلام .

.

أخي العزيز رامز:

أشكرك على مداخلتك الطيبة وتعليقك على ردي.

ولكن التعريف الذي ذكرته لا أعتقد بأنه يوحي بأن الله عز وجل لم يكن يعلم بها سابقاً. فالله عز وجل علم مقادير الأشياء وأزمانها أزلاً. وهذا التعريف ورد في العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية.

دمت بحفظ الله ورعايته.

حسن خليل
30-12-05, 10:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أكمل ثانياً:

أن الله كتب ذلك كله وسجّله في اللوح المحفوظ، فما علم الله كونه ووقوعه من مقادير الخلائق وأصناف الموجودات وما يتبع ذلك من الأحوال والأوصاف والأفعال ودقيق الأمور وجليلها قد أمر القلم بكتابته كما قال صلى الله عليه وسلم قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء، وأول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.

أخوكم

حسن خليل

المصدر:

العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية.

الحميداوي
31-12-05, 10:16 PM
الله يعطيك العافيه