المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضيحة محاكمة الصحفي المغربي رشيد نيني


ام أيمن
11-06-11, 12:29 PM
(http://www.almassae.press.ma/node/24830)

http://www.almassae.press.ma/sites/default/files/imagecache/image_article_large/article_image/iftetahiaalmassae_9.jpg



المساء


ما الذي يعنيه الحكم على رشيد نيني بسنة حبسا نافذا فقط لأنه كتب مقالات ينتقد فيها، نعم ينتقد لا غير، مؤسسات أمنية؟ معناه أن حرية الصحافة في هذا البلد تم ذبحها بسكين
قضاء التعليمات. لقد أصبح مؤكدا اليوم بعد الحكم القاسي الصادر في حق مدير أكبر جريدة في المغرب، أن أعداء الديمقراطية وظفوا القضاء لارتكاب خطأ لا يُصلح. الحكم على رشيد نيني بالحبس النافذ... قرار خطير، لأنه لم ينبع من «قضاء مستقل».
الحكم على رشيد نيني بالحبس النافذ رسالة سياسية من قِبل أعداء الديمقراطية الذين لا يريدون، بأي حال من الأحوال، رؤية المغرب يسير بخطى ثابتة ليكون، حقيقة، بلدا حديثا يكون فيه القانون هو التعبير الأسمى عن سيادة الدولة. يبدو أن متخذي هذا القرار قد خلطوا بين مصالحهم الخاصة والمصالح العليا للبلد.
يسعى أعداء الديمقراطية، من خلال المس بأحد الأقلام الأكثر حرية وجرأة في المشهد الإعلامي المغربي، إلى إسكات الصوت الوحيد الذي لا يهادن ولا يخاف من عواقب تقديم تشريح لمساوئ المجتمع وتشخيصها بدقة بالغة مع مطالبة السلطات العمومية بمعالجة العيوب. يسمى هذا الأمر ممارسة الصحافة. رشيد نيني تجسيد حي لهذه السلطة الرابعة، وهي الصحافة، ولا ديمقراطية من دونها.
اختار المغرب منذ عقد من الزمن طرق الإصلاحات العميقة، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو المؤسساتية. وقد كان رشيد نيني، بكل بساطة، من الداعمين وبحس وطني عال لهذا المسلسل الطويل والشاق.
رشيد نيني مارس حريته في الكتابة. إنه رجل ولد حرا، وقرر العيش حرا وسيبقى حرا حتى وهو خلف القضبان، فيما لصوص المال العام أحرار طلقاء.
ولن تفلح الأوساط المحافظة، التي تقف وراء هذه التكلفة الثقيلة وتحارب بكل ما أوتيت من قوة روحَ ورسالة الإصلاحات التي باشرها المغرب، في ثني رشيد نيني عن مواصلة نضاله إلى آخر رمق في حياته مهما كلفه ذلك من ثمن. الرجل مصر، ولن تفتر عزيمته مهما بلغت التهديدات وطال القمع.
رشيد نيني ضحية محاكمة سياسية دبرها وأخرجها أولئك الذين يرون مصالحهم مهددة بالمقالات التي يكتبها مدير نشر «المساء» والتي تفضحهم وتسقط عنهم ورقة التوت. وإلا، كيف تفسرون محاكمة صحافي عاشق للحرية والعدالة بمقتضى القانون الجنائي في حين تتوفر المهنة التي يزاولها على قانونها الخاص؟
كنا نتمنى في البداية أن تكون المحاكمة مجرد كابوس أو مغامرة غير محسوبة المخاطر نجمت عن سوء فهم وتقدير، وأن تتم إعادة الأمور إلى نصابها بسرعة عبر إطلاق سراح رشيد نيني، فورا وبدون شروط، خدمة لمصلحة البلاد والتقدم الحاصل في مجال الإصلاحات، لأن المغرب لم يكن في حاجة، في هذه الظرفية الحساسة من تاريخه المعاصر، إلى تعقيد الأمور وهو الذي يتوفر على جميع الوسائل لفتح آفاق جديدة لدولة قانون حقيقية.
تفرض علينا الظرفية الحالية، وطنية ودولية، التماسك، وبالأخص توخي الحذر، من أجل الدفاع عن المشروع المجتمعي الذي تبناه المغرب ووضع المصالح العليا للبلاد فوق كل اعتبار. غير عادل وغير مقبول أن يبقى سيف ديموقليس مسلطا على رقاب أولئك الذين يعبرون عن آراء مستقلة لا تروق لأقلية تحن إلى عهد بائد. احتفلت أوساط عديدة، غداة الخطاب الملكي التاريخي لـ9 مارس، بحيوية، بـ«الاستثناء المغربي» وقدرته على تشييد صرحه الديمقراطي في إطار سيرورة سلمية دون إراقة قطرة دم واحدة مثلما حدث ويحدث، للأسف، في العديد من الدول العربية. غير أن هذا الحكم القاسي والجائر يأتي للقضاء على جميع الآمال في إقرار إصلاح حقيقي. لقد أهدر المغرب فرصة من ذهب لتفادي مسار خاطئ لا يمكن التكهن بنتائجه.