سنام الاسلام
24-05-10, 03:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث بالسيف بين يدي الساعة حتى لا يعبد إلا الله وحده , القائل : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) , ورضي الله عن الآل المطهرين الغر الميامين , الذين تمموا مكارم الأخلاق فعلا ونهجا وسلوكا اقتداءا بسيد المرسلين والمبعوث بالسيف ليتمم مكارم الأخلاق , ورضي الله عن الصحب جميعا من ابن أبي قحافة أبو بكر رضي الله عنه إلى آخر صحابي توفاه الله تعالى وهو عنه راض , ورضي الله عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
إن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله تعالى , وفي رضاهما رضى الرب جل في علاه , وفي سخطهما سخط الرب تعالى الله علوا كبيرا وتمجدت أسمائه في عليائه .
قال تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) البقرة 83 . والإحسان نهاية البر , فيدخل فيه جميع ما يحب من الرعاية والعناية , وقد أكد الله الأمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته التي هي توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما له وقال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) النساء 36 فأوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق وأعظمها تنبيها على جلالة شأن الوالدين بنظمهما في سلكها بقوله ( وبالوالدين إحسانا ) وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل العزيز كقوله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )الإسراء 23- 24
قال ذو النون : ثلاثة من أعلام البر : بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير ، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة ، وطلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء فقام فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت فقام على رجليه بيده الكوز إلى أن أصبحت فسقاها وعن محمد ابن المنكدر قال : بت أغمز ( المراد بالغمز ما يسمى الآن بالتكبيس ) رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي ، ورأى أبو هريرة رجلا يمشي خلف رجل فقال من هذا ؟ قال أبي قال : لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: ( الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: ( بر الوالدين ) قال ثم أي؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ) ومن البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما؛ فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف، وبذلك وردت السنة الثابتة؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من الكبائر شتم الرجل والديه ) قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال ( نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه )
وعن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما ) أي غضبهما الذي لا يخالف القوانين الشرعية كما تقرر فإن قيل : ما وجه تعلق رضى اللّه عنه برضى الوالد قلنا : الجزاء من جنس العمل , فلما أرضى من أمر اللّه بإرضائه رضي اللّه عنه , فهو من قبيل لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس قال الغزالي : وآداب الولد مع والده : أن يسمع كلامه , ويقوم بقيامه , ويمتثل أمره , ولا يمشي أمامه , ولا يرفع صوته , ويلبي دعوته , ويحرص على طلب مرضاته , ويخفض له جناحه بالصبر , ولا يمن بالبر له , ولا بالقيام بأمره , ولا ينظر إليه شزراً , ولا يقطب وجهه في وجهه .
لننظر إلى القصة التالية ونبحر في حيثياتها ونرى البر بالوالدين :
لم يتحمل الجيران الرائحة الكريهة التي انبعثت من احدى الشقق المجاورة .
انزعجوا في بداية الأمر , ثم مارسوا طقوس معيشتهم كما هي , كأن الأمر لا يعني أحدا .
الصدفة هي التي قادت أحد أقرباء هذه الرائحة عندما أراد الاطمئنان على رجل سبعيني لم يره منذ فترة طويلة .
طرق الباب عدة مرات , لم يستجب احد ,ولما سأل أكدوا أنه لم يخرج من شقته منذ 10 أيام , اتصل بأبنائه الذين تلقوا الأمر كأن الرجل الذي سئلوا عنه لا تربطهم به علاقة قريبة , بل بعيدة بعض الشيء .. أجابوا بكل هدوء : لم يشاهدوه منذ عدة أيام .
لم ينتظر الغريب , وكسر الباب ليقف مذهولا مع الجيران أمام جثة متحللة منذ أكثر من 10 أيام , لقيت مصرعها نتيجة أمراض عديدة أصيب بها بعد هجران أبنائه .
لم تمض ساعة , عندما عثر على جثة أخرى , سبعينية أو ستينية لا أقل , في العمارة نفسها , بعد أن اشتموا رائحة كريحة تنبعث من شقة جارهم الذي يقيم فيها منذ 7 سنوات , ولم يقم أحد من أبنائه بالسؤال عليه رغم إصابته بفشل في الكبد وقصور في القلب .
وجاء في التقرير الشرعي أن الوفاة ناتجة عن هبوط حاد في الدورة الدموية ولم يكن معه أحد لينقذه .
خبران هامشيان في احدى الصحف المصرية , يضاف إليهما كثير من الأخبار التي نقرؤها بين حين وحين عن جثث متعفنة , وروائح تزكم الأنوف , وأجساد وراء الجدران لم يسمع أحد نداءها , ولم يشعر أحد برحيلها , ولا نكلف أنفسنا بالسؤال عن جار لنا , اعتدنا أن نراه صباحا أو مساءا , أو عند باب العمارة أو عند السوبر ماركت بجانب العمارة , أو ربما عند محطة الحافلة في بعض الأحايين .
سؤال هامشي الجانب : هل كان على تلك الجثتين أن تتحللا حتى يتنبه الأبناء برحيلهما ؟!
هل كان على تلك الجثتين أن تموتا وحدهما من دون يد تلامسهما وتحنو عليهما وتسبل عيونهما أو تغطيهما خوفا من البرد أو الوحشة , وتدعو لهما بالرحمة والمحبة والأبوة ؟!
هل كان على الجثتين أن تغادرا عالمهما بعد أن زكمت الأنوف برائحة بشعة ملأت الشقتين بها ؟!
ترى مالذي جنته تلك الجثة أو الأخرى لتقابل بذاك العقوق ؟!
هل قست قليلا على أبنائها ؟!
هل حرمتهم من شيء في يوم ما ؟!
هل مدت يدها فصفعت الكبير وغضبت للصغير ؟!
ليكن
ترى هل بكى ذاك العجوز كثيرا وحيدا قبل عشرة أيام , عندما أمسك بألبوم الصوروتذكر أولاده عندما سجلهم في المدرسة ؟!
وهل أغمض عينيه عندما مر في خاطره ابنته لما أصبحت عروسا في غفلة من زمنه ؟!
هل توجع عندما تذكر رفيقة دربه التي غادرته منذ أكثر من سنة أو سنتين وبكاها حين أحس أن لا أحد سيدعو له ؟!
هل ماتت روحه قبل أن يموت جسدا عندما أخبره أولاده أنهم لا يستطيعون إبقاءه معهم لصعوبة المعيشة والأوضاع الاقتصادية ؟!
ولا يقدرون على رعايته بسبب غلاء المعيشة ؟!
وغيرة الزوجات العصبيات اللواتي يتحملن مسؤولية البيت ولن يتمكن من رعايته أو سماع طلباته, وكأنه القشة التي ستقصم ظهر البعير؟!
كم مؤلمة تلك اللحظة التي يقف بها الأب أو الأم لتكون نهاية أعمارهما عقوقا من أحب الناس إلى قلوبهما .
مؤلمة تلك السنوات الأخيرة في حياتهما بعد ان يكونا قدما كل ما يستطيعان ليحققا لأبنائهما ما يقدران عليه .
مؤلمة تلك القسوة عندما تصدمهما في أواخر أعمارهما .
وحزينة تلك القلوب التي تبكي ليلا ونهارا متسائلة عن السبب .
ما الذي يضيرنا لو أننا فكرنا قليلا بهذه القلوب التي اعتصرت تعبا وشقاءا وهما , وكدا لتوفر لنا ما نقتات منه لحياتنا .؟!
ما الذي يضيرنا لو أننا نظرنا إليهما قليلا ؟ّ!
سؤال هامشي : هل يستحقان هذا العقوق؟!
أخي في الله : ألم تعلم حكم بر الوالدين وهو أنه فرض واجب،
وأنه قد أجمعت الأمة على وجوب بر الوالدين وأن عقوقهما حرام
ومن أكبر الكبائر؟؟
أما سمعت هذا الحديث:
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟
فقالوا : حارثة بن النعمان ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كذلكم البر كذلكم البر [ وكان أبر الناس بأمه ] ) رواه ابن وهب
في الجامع وأحمد في المسند.
أخي في الله أختي في الله :
الوالدان..وما أدراك ما الوالدان
الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية
الإحسان..
الوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق..
فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد..
ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد..
أخي في الله أختي في الله :
أمرنا الله تعالى ان نبر بالوالدين وإن كانا مشركين , فما بالك
بوالدين مسلمين ؟!
فعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، قالت: قَدِمَتْ
عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قَدِمَتْ عليّ أمي
وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: ((نعم، صلي أمك)) متفق عليه.
أخي في الله أختي في الله أنظروا لهذه القصة :
ذكر أحد بائعي الجواهر قصة غريبة وصورة من صور العقوق:
يقول: دخل علي رجل ومعه زوجته، ومعهم عجوز تحمل ابنهما
الصغير، أخذ الزوج يضاحك زوجته ويعرض عليها أفخر أنواع
المجوهرات يشتري ما تشتهي، فلما راق لها نوع من المجوهرات،
دفع الزوج المبلغ، فقال له البائع: بقي ثمانون ريالاً، وكانت الأم
الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتماً فأعجبها لكي تلبسه في
هذا العيد، فقال: ولماذا الثمانون ريالا؟ قال: لهذه المرأة؛ قد أخذت
خاتماً، فصرخ بأعلى صوته وقال: العجوز لا تحتاج إلى الذهب،
فألقت الأم الخاتم وانطلقت إلى السيارة تبكي من عقوق ولدها،
فعاتبته الزوجة قائلة: لماذا أغضبت أمك، فمن يحمل ولدنا بعد
اليوم؟ ذهب الابن إلى أمه، وعرض عليها الخاتم فقالت: والله ما
ألبس الذهب حتى أموت، ولك يا بني مثله، ولك يا بني مثله.
أما عرف هذا الرجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ثلاث دعوات مستجابات لهن، لا شك فيهن، دعوة المظلوم،
ودعوة المسافر، ودعوة الوالدين على ولديهما".
ألهذه الدرجة..
من هؤلاء أهم من البشر؟؟..
نعم للأسف ...
المصيبة الأكبر أنهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم..
ولكن..
ما عرفوا وصاياه..
هل آن لنا أن نبر والدينا ؟!
هل آن لنا ذلك ؟!
ملاحظة :
المقال فيه نقل
الله أكبر..........الله أكبر...........والعزة لله ولرسوله وللذين آمنوا
( أبو الهمام الأردني)
والصلاة والسلام على المبعوث بالسيف بين يدي الساعة حتى لا يعبد إلا الله وحده , القائل : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) , ورضي الله عن الآل المطهرين الغر الميامين , الذين تمموا مكارم الأخلاق فعلا ونهجا وسلوكا اقتداءا بسيد المرسلين والمبعوث بالسيف ليتمم مكارم الأخلاق , ورضي الله عن الصحب جميعا من ابن أبي قحافة أبو بكر رضي الله عنه إلى آخر صحابي توفاه الله تعالى وهو عنه راض , ورضي الله عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
إن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله تعالى , وفي رضاهما رضى الرب جل في علاه , وفي سخطهما سخط الرب تعالى الله علوا كبيرا وتمجدت أسمائه في عليائه .
قال تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) البقرة 83 . والإحسان نهاية البر , فيدخل فيه جميع ما يحب من الرعاية والعناية , وقد أكد الله الأمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته التي هي توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما له وقال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) النساء 36 فأوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق وأعظمها تنبيها على جلالة شأن الوالدين بنظمهما في سلكها بقوله ( وبالوالدين إحسانا ) وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل العزيز كقوله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )الإسراء 23- 24
قال ذو النون : ثلاثة من أعلام البر : بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير ، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة ، وطلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء فقام فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت فقام على رجليه بيده الكوز إلى أن أصبحت فسقاها وعن محمد ابن المنكدر قال : بت أغمز ( المراد بالغمز ما يسمى الآن بالتكبيس ) رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي ، ورأى أبو هريرة رجلا يمشي خلف رجل فقال من هذا ؟ قال أبي قال : لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: ( الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: ( بر الوالدين ) قال ثم أي؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ) ومن البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما؛ فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف، وبذلك وردت السنة الثابتة؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من الكبائر شتم الرجل والديه ) قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال ( نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه )
وعن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما ) أي غضبهما الذي لا يخالف القوانين الشرعية كما تقرر فإن قيل : ما وجه تعلق رضى اللّه عنه برضى الوالد قلنا : الجزاء من جنس العمل , فلما أرضى من أمر اللّه بإرضائه رضي اللّه عنه , فهو من قبيل لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس قال الغزالي : وآداب الولد مع والده : أن يسمع كلامه , ويقوم بقيامه , ويمتثل أمره , ولا يمشي أمامه , ولا يرفع صوته , ويلبي دعوته , ويحرص على طلب مرضاته , ويخفض له جناحه بالصبر , ولا يمن بالبر له , ولا بالقيام بأمره , ولا ينظر إليه شزراً , ولا يقطب وجهه في وجهه .
لننظر إلى القصة التالية ونبحر في حيثياتها ونرى البر بالوالدين :
لم يتحمل الجيران الرائحة الكريهة التي انبعثت من احدى الشقق المجاورة .
انزعجوا في بداية الأمر , ثم مارسوا طقوس معيشتهم كما هي , كأن الأمر لا يعني أحدا .
الصدفة هي التي قادت أحد أقرباء هذه الرائحة عندما أراد الاطمئنان على رجل سبعيني لم يره منذ فترة طويلة .
طرق الباب عدة مرات , لم يستجب احد ,ولما سأل أكدوا أنه لم يخرج من شقته منذ 10 أيام , اتصل بأبنائه الذين تلقوا الأمر كأن الرجل الذي سئلوا عنه لا تربطهم به علاقة قريبة , بل بعيدة بعض الشيء .. أجابوا بكل هدوء : لم يشاهدوه منذ عدة أيام .
لم ينتظر الغريب , وكسر الباب ليقف مذهولا مع الجيران أمام جثة متحللة منذ أكثر من 10 أيام , لقيت مصرعها نتيجة أمراض عديدة أصيب بها بعد هجران أبنائه .
لم تمض ساعة , عندما عثر على جثة أخرى , سبعينية أو ستينية لا أقل , في العمارة نفسها , بعد أن اشتموا رائحة كريحة تنبعث من شقة جارهم الذي يقيم فيها منذ 7 سنوات , ولم يقم أحد من أبنائه بالسؤال عليه رغم إصابته بفشل في الكبد وقصور في القلب .
وجاء في التقرير الشرعي أن الوفاة ناتجة عن هبوط حاد في الدورة الدموية ولم يكن معه أحد لينقذه .
خبران هامشيان في احدى الصحف المصرية , يضاف إليهما كثير من الأخبار التي نقرؤها بين حين وحين عن جثث متعفنة , وروائح تزكم الأنوف , وأجساد وراء الجدران لم يسمع أحد نداءها , ولم يشعر أحد برحيلها , ولا نكلف أنفسنا بالسؤال عن جار لنا , اعتدنا أن نراه صباحا أو مساءا , أو عند باب العمارة أو عند السوبر ماركت بجانب العمارة , أو ربما عند محطة الحافلة في بعض الأحايين .
سؤال هامشي الجانب : هل كان على تلك الجثتين أن تتحللا حتى يتنبه الأبناء برحيلهما ؟!
هل كان على تلك الجثتين أن تموتا وحدهما من دون يد تلامسهما وتحنو عليهما وتسبل عيونهما أو تغطيهما خوفا من البرد أو الوحشة , وتدعو لهما بالرحمة والمحبة والأبوة ؟!
هل كان على الجثتين أن تغادرا عالمهما بعد أن زكمت الأنوف برائحة بشعة ملأت الشقتين بها ؟!
ترى مالذي جنته تلك الجثة أو الأخرى لتقابل بذاك العقوق ؟!
هل قست قليلا على أبنائها ؟!
هل حرمتهم من شيء في يوم ما ؟!
هل مدت يدها فصفعت الكبير وغضبت للصغير ؟!
ليكن
ترى هل بكى ذاك العجوز كثيرا وحيدا قبل عشرة أيام , عندما أمسك بألبوم الصوروتذكر أولاده عندما سجلهم في المدرسة ؟!
وهل أغمض عينيه عندما مر في خاطره ابنته لما أصبحت عروسا في غفلة من زمنه ؟!
هل توجع عندما تذكر رفيقة دربه التي غادرته منذ أكثر من سنة أو سنتين وبكاها حين أحس أن لا أحد سيدعو له ؟!
هل ماتت روحه قبل أن يموت جسدا عندما أخبره أولاده أنهم لا يستطيعون إبقاءه معهم لصعوبة المعيشة والأوضاع الاقتصادية ؟!
ولا يقدرون على رعايته بسبب غلاء المعيشة ؟!
وغيرة الزوجات العصبيات اللواتي يتحملن مسؤولية البيت ولن يتمكن من رعايته أو سماع طلباته, وكأنه القشة التي ستقصم ظهر البعير؟!
كم مؤلمة تلك اللحظة التي يقف بها الأب أو الأم لتكون نهاية أعمارهما عقوقا من أحب الناس إلى قلوبهما .
مؤلمة تلك السنوات الأخيرة في حياتهما بعد ان يكونا قدما كل ما يستطيعان ليحققا لأبنائهما ما يقدران عليه .
مؤلمة تلك القسوة عندما تصدمهما في أواخر أعمارهما .
وحزينة تلك القلوب التي تبكي ليلا ونهارا متسائلة عن السبب .
ما الذي يضيرنا لو أننا فكرنا قليلا بهذه القلوب التي اعتصرت تعبا وشقاءا وهما , وكدا لتوفر لنا ما نقتات منه لحياتنا .؟!
ما الذي يضيرنا لو أننا نظرنا إليهما قليلا ؟ّ!
سؤال هامشي : هل يستحقان هذا العقوق؟!
أخي في الله : ألم تعلم حكم بر الوالدين وهو أنه فرض واجب،
وأنه قد أجمعت الأمة على وجوب بر الوالدين وأن عقوقهما حرام
ومن أكبر الكبائر؟؟
أما سمعت هذا الحديث:
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟
فقالوا : حارثة بن النعمان ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كذلكم البر كذلكم البر [ وكان أبر الناس بأمه ] ) رواه ابن وهب
في الجامع وأحمد في المسند.
أخي في الله أختي في الله :
الوالدان..وما أدراك ما الوالدان
الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية
الإحسان..
الوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق..
فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد..
ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد..
أخي في الله أختي في الله :
أمرنا الله تعالى ان نبر بالوالدين وإن كانا مشركين , فما بالك
بوالدين مسلمين ؟!
فعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، قالت: قَدِمَتْ
عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قَدِمَتْ عليّ أمي
وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: ((نعم، صلي أمك)) متفق عليه.
أخي في الله أختي في الله أنظروا لهذه القصة :
ذكر أحد بائعي الجواهر قصة غريبة وصورة من صور العقوق:
يقول: دخل علي رجل ومعه زوجته، ومعهم عجوز تحمل ابنهما
الصغير، أخذ الزوج يضاحك زوجته ويعرض عليها أفخر أنواع
المجوهرات يشتري ما تشتهي، فلما راق لها نوع من المجوهرات،
دفع الزوج المبلغ، فقال له البائع: بقي ثمانون ريالاً، وكانت الأم
الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتماً فأعجبها لكي تلبسه في
هذا العيد، فقال: ولماذا الثمانون ريالا؟ قال: لهذه المرأة؛ قد أخذت
خاتماً، فصرخ بأعلى صوته وقال: العجوز لا تحتاج إلى الذهب،
فألقت الأم الخاتم وانطلقت إلى السيارة تبكي من عقوق ولدها،
فعاتبته الزوجة قائلة: لماذا أغضبت أمك، فمن يحمل ولدنا بعد
اليوم؟ ذهب الابن إلى أمه، وعرض عليها الخاتم فقالت: والله ما
ألبس الذهب حتى أموت، ولك يا بني مثله، ولك يا بني مثله.
أما عرف هذا الرجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ثلاث دعوات مستجابات لهن، لا شك فيهن، دعوة المظلوم،
ودعوة المسافر، ودعوة الوالدين على ولديهما".
ألهذه الدرجة..
من هؤلاء أهم من البشر؟؟..
نعم للأسف ...
المصيبة الأكبر أنهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم..
ولكن..
ما عرفوا وصاياه..
هل آن لنا أن نبر والدينا ؟!
هل آن لنا ذلك ؟!
ملاحظة :
المقال فيه نقل
الله أكبر..........الله أكبر...........والعزة لله ولرسوله وللذين آمنوا
( أبو الهمام الأردني)