المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في بيان الشيخ القرضاوي عن هجوم وكالة أنباء (مهر) الإيرانية ضد شخصه الكريم


ابن الرمادي
27-09-08, 01:04 PM
قراءة في بيان الشيخ القرضاوي
عن هجوم وكالة أنباء (مهر) الإيرانية ضد شخصه الكريم

الدكتور: طه حامد الدليمي


http://www.alqadisiyya3.com/arajm13/images/stories/qaradawe.jpg


على موقع فضيلة الشيخ القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وبتأريخ 17/9/2008 قرأت بياناً للشيخ يرد فيه على وكالة أنباء (مهر) الإيرانية شبه الرسمية التي شنت هجوماً عنيفاً على شخصه، في 13 من رمضان 1429هـ الموافق 13 سبتمبر 2008م، تجاوزت فيه كلَّ حدٍّ، وأسفَّت إسفافا بالغا لا يليق بها – على حد تعبير الشيخ - بسبب ما نشرته صحيفة (المصري اليوم) من حوار معه تطرَّق فيه إلى الشيعة ومذهبهم. فكان هذا البيان رداً على الوكالة المذكورة وعلى بعض علماء الشيعة الذين كان الشيخ – كما ورد في البيان – يحسبهم على المعتدلين. منهم محمد حسين فضل الله، ومحمد علي التسخيري نائب الشيخ القرضاوي في رئاسة (الاتحاد). وفي قراءتي للبيان وددت التوقف عند بعض الأمور المهمة منها:


استنكار التهجم على مشايخنا
·إن الشيخ القرضاوي من كبار علماء المسلمين، الذين لهم وزنهم وسبقهم وجهودهم الكبيرة والمتنوعة في نصرة الدين والانتصار للمسلمين. ولو تعرض أي عالم من علماء الشيعة إلى بعض ما تعرض له القرضاوي في الهجوم المذكور لأقام الشيعة الدنيا ولم يقعدوها، فضلاً عن تعرض عالم لهم بوزن القرضاوي، ولا أرى أن فيهم مثله ولا يبلغ حقويه. ودعوكم من الدعاوى والألقاب والعمائم الخاوية. فأنا أدعو علماء الأمة والهيئات والأشخاص المعنيين إلى استنكار ما حصل لفضيلة الشيخ العلامة من طعن وتجريح وتشهير، ورفع دعاوى – إن أمكن ذلك قانوناً – ضد الجهات المهاجمة، ومطالبتها بالاعتذار والكف عن مثله مستقبلاً. أقول هذا وإن كان هناك اختلاف معه في قضايا مهمة يأتي على رأسها موقفه من الشيعة، الذي أثبتت الأيام له – وستثبت أكثر – ما هو الموقف الأصح الذي ينبغي أن يقفه منهم؛ فإن الصدمات تولد المراجعات خصوصاً من قبل شيخ جليل كالشيخ العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله.

الصف السني غير محصن وتقصير العلماء في واجبهم تجاهه
·أشكر الشيخ القرضاوي على تصريحه بالحقيقة الخطيرة، والعلة المريرة: (ليس لدى السنة أيَّ حصانة ثقافية ضدَّ الغزو الشيعي). وعلى اعترافه بالحقيقة الخطيرة المريرة الأخرى، وهي أن الأطباء مقصرون في العلاج قائلاً: (فنحن علماء السنة لم نسلِّحهم بأيِّ ثقافة واقية). وذكره السبب وراء هذا التقصير: (لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا، مع وعينا بها، خوفاً من إثارة الفتنة، وسعياً إلى وحدة الأمة). وهذا دليل على أنه من الخطأ الجلل التقصير في تحصين الأمة ضد خطر الشيعة، وأن هذا التبرير الذي كانوا يلوذون به غير صحيح، وأن وحدة الأمة لا تكون بإخفاء العلل عنها، والسماح لدعاة الفتنة بالدخول إليها لزيادة تمزيقها؛ فأن هذه هي الفتنة، التي قال الله عنها: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا). وقد قلنا هذا من زمن بعيد، كنا نعجب فيه من أمثال الشيخ الفاضل كيف يغضون الطرف عن هذا الخطر؟! بمثل هذه الحجج؟! التي لا تزيد الفتنة إلا اشتعالاً، والأمة إلا تمزقاً وافتتاناً.

فشل ستراتيجية المداراة مع الشيعة
·إن هذا يثبت – بما لا يدع مجالاً للشك – أن الشيعة مهما جاملتهم، وداريتهم، فلن ينفع ذلك معهم، وأن هذا ليس هو الطريق. وأنه سيأتي يوم لا بد أن ينفجروا بقيحهم وقيئهم ضد كل صادق تتعبه طول المداراة وهو لا يرى إلا التراجع فيقول الحقيقة. وفيهم يصدق قوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). ولنعتبر بالخليفة المأمون، والخليفة المستعصم، والسلطان عبد الحميد، والرئيس صدام حسين. وأما العلماء فاعتبروا بسبط ابن الجوزي، كيف كان يداري الشيعة؟ ثم لما قدروا عليه وضعوه في جوالق ورفسوه حتى مات في حفلة القتل الجماعي التي أقاموها للخليفة المستعصم يوم أدخلوا عليه المغول.

ليس في الشيعة علماء معتدلون
·يقسم الشيخ يوسف القرضاوي علماء الشيعة إلى صنفين، أحدهما يسميه بـ(المعتدلين)، وذكر منهم محمد فضل الله ومحمد التسخيري. وهذا التقسيم لو ذكره عن عوام الشيعة لكان له وجه حق؛ ففي عوامهم قلة يمكن وصفها بهذا الوصف. أما العلماء فليس فيهم معتدل على الإطلاق. وما يظهرونه من (الاعتدال) ودعوى (التقريب) إنما هو على طريقة (تعدد أدوار ووحدة هدف)، يخدعون عوام الأمة ونخبها غير المطلعة على عقلية الشيعة وطرقهم وحيلهم، ونحن نربأ بالعلامة القرضاوي أن لا يكون على علم بهذه الحقيقة. سوى أنه ربما يؤمن بالمبدأ السياسي الذي يدّعيه بعض المتسايسين يقولون: نريد بذلك أن نشق صف الشيعة. والحقيقة أن علماء الشيعة ليسوا عن هذا غافلين. وليسوا حمقى إلى هذه الدرجة. وهم أذكياء إلى حد أنهم يعملون على المبدأ السياسي نفسه بحيث يصدرون أنفسهم وأفكارهم إلى داخل الصف السني غير المحصن عن طريق الفريقين من علمائنا: المتسايسين من الذين يعلمون، والمسيسين من الذين يهرفون بما لا يعرفون. الذين عجزوا عن تحقيق غايتهم تلك؛ بسبب قوة تحصين الصف الشيعي ضدهم. أو ربما يكون دافع الشيخ لذلك هو (الخوف من إثارة الفتنة، والسعي إلى وحدة الأمة). وقد أشار مشكوراً إلى فشل هذا الدافع.
وأذكر الشيخ الفاضل بما لا يجهله فأقول: لا يوجد عالم من علماء الشيعة لا يؤمن بمبدأ (الإمامة). وهذا المبدأ يلزم صاحبه حتماً بتكفير من لا يؤمن به. وأولهم الصحابة. وإذا رأيت مثل هذا العالم فإنه يستعمل (التقية) ولا بد. فأين الاعتدال مع هذه العقيدة؟! إن حسين فضل الله يقول بعدم قبول أعمال المتعبد بغير مذهبه. والتسخيري مسؤول كبير في دولة تتعمد دائماً وأبداً مخالفة الأمة في صيامها وأعيادها وجميع توقيتاتها. فإن كان صادقاً فيما يدعيه فليقنع حكومته بالكف عن هذه المخازي. وإلا فهو وصاحبه وأمثالهم كاذبون فليذهبوا ينفقون بضاعتهم في غير سوقنا. وها قد تبين أن هذين (المعتدلين) غير معتدلين، ولا منصفين، وقد هاجما الشيخ هجوماً مقذعاً استعملا فيه الكذب، واستعملا فيه جحود الحق والفضل! فأين الاعتدال؟ هؤلاء – أيها الشيخ الفاضل – هم (معتدلو) الشيعة، ولا معتدلين غيرهم. نرجو أن تقف عند هذه الحقيقة فإذا اقتنعت بها وتبين لك بطلان فكرة الاعتدال هذه، كما تبين لك بطلان السكوت عن خطر الشيعة بحجة عدم إثارة الفتنة، وطلب وحدة الأمة، فأملنا بشجاعتك وإيثارك الحق أن تبينها للناس كما بينت الأولى. وهذا هو خلق علمائنا الربانيين، ومشائخنا العارفين. وأنت منهم إن شاء الله.

ليس كل تكفير من شأن الغلاة
·يصف الشيخ القرضاوي الذين يكفرون الشيعة بأنهم (غلاة) و(غير معتدلين). ونرى أن هذا الوصف ليس بصحيح. ولو خفف قليلاً وقال بأنه رأي معتبر يخالفه كان أقرب إلى الحق، وأكثر جمعاً لصف المسلمين؛ فإن القائلين بهذا القول ليسوا قليلين في أهل السنة، ولا يقولونه دون مستند؛ فلا يصح وصفهم بأنهم غلاة: لا نظراً إلى الخطاب الشرعي، ولا نظراً إلى المصلحة التي ينبغي أن تراعى، وقد راعى الشيخ ما هو دونها من عدم السعي في تحصين السنة ابتغاء لمصلحة تبين أنها موهومة. علماً أنني لست هنا في مقام إثبات تكفير أحد من عدمه. هذه مسألة أخرى. إنما موضوعي هو: هل من قال بتكفير الشيعة يصح وصفهم بـ(الغلاة) و (غير المعتدلين)؟ فأرجو عدم التشويش وخلط الأوراق من قبل بعض القراء الذين يفهمون كما يشتهون أو كما يتوهمون، لا كما هو مكتوب مما يقرأون. وإذا كان تكفير الرافضة قال به الأئمة الكبار من المذاهب الأربعة، بل هم متفقون على كفر من شتم جمهور الصحابة أو كفرهم معتقداً ذلك.
-حتى قال العلامة محمود شكري الآلوسي رحمه الله تعالى: (وقد أجمع أهل المذاهب الأربعة من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على القول بكفر المتصف بذلك – أي المتصف بسب الصحابة ولعنهم – وما روي عن بعضهم من أن الساب يضرب أو ينكل نكالاً شديداً، محمول على ما كان خالياً من دعوى بغض وارتداد واستحلال وإيذاء، وليس مراده أن حكم الساب مطلقاً ذلك، كما لا يخفى على المتتبع) (صب العذاب على من سب الأصحاب / ص 107).
-وقال القاضي عياض: ( وكذلك نقطع بتكفير كل قائل، قال قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير جميع الصحابة) (الشفا، فصل؛ في بيان ما هو من المقالات كفر(.
-وقال ابن تيمية: (وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم – مثل وصف أحدهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك – فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء. وأما من لعن وقبح مطلقاً، فهذا محل الخلاف فيهم؛ لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد. وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول لله إلا نفرا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم. بل من يشك في كفر مثل هذا فكفره متعين؛ فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فسّاق، وأن هذه الأمة والتي هي (خير أمة أخرجت للناس) (آل عمران:110)، وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً ، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها. وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام. ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق،وعامة الزنادقة إنما يتسترون بمذهبهم.. وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره، ومنهم من لا يحكم بكفره، ومنهم من يتردد فيه) (الصارم المسلول ، فصل ، في تفاصيل القول فيهم).
-وقال ابن كثير بعد أن ساق الأحاديث الثابتة في السنة، والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي ثم عقب عليها بقوله: (ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا. ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطؤ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضادته في حكمه ونصه. ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام) (البداية والنهاية (5/252).
فهل هؤلاء الأئمة الأعلام – وغيرهم من الأئمة الكبار كمالك وأحمد والشافعي، وأمثالهم بالعشرات على هذا القول، بل لم نجد لهم مخالفاً من المعتبرين ممن هو في درجتهم، أو ما يقاربها – هل كل هؤلاء غلاة؟ فمن أخذ برأيهم كيف يصح وصفه بهذا الوصف الشنيع؟ أليس الأولى أن يوصم الشيعة بهذا الوصمة لتكفيرهم الأمة جمعاء. ولا يخالف في ذلك أحد منهم، إلا جاهلاً أو متجاهلاً.
نعم ثمة كلام في شروط التكفير وموانعه، ومدى انطباقه على موارده. وهي مسائل مختلف فيها، وليس لأحد أن ينكر على أحد في مسائل الخلاف حتى يخرج الأمر إلى الوصف بـ(الغلو وعدم الاعتدال).
·أرى أن الشيخ حفظه الله قد جانبه الصواب في هذا الوصف كما جانبه في الدفاع عن علماء الشيعة في كونهم لا يقولون بتحريف القرآن. واستدلاله على حكمه هذا بأقوال لعلماء الشيعة قالوها (تقية). والأمر مبحوث ومفروغ منه. ولي رسالة في ذلك منشورة على الموقع.

نظرة في موضوع الاختلاف في الفروع بين الطائفتين
·قول الشيخ رعاه الله تعالى: (إن الاختلاف في فروع الدين، ومسائل العمل، وأحكام العبادات والمعاملات، لا حرج فيه، وأصول الدين هنا تسع الجميع، وما بيننا وبين الشيعة من الخلاف هنا ليس أكبر مما بين المذاهب السنية بعضها وبعض. ولهذا نقلوا عن شيخنا الشيخ شلتوت شيخ الأزهر رحمه الله: أنه أفتى بجواز التعبُّد بالمذهب الجعفري؛ لأن التعبُّد يتعلَّق بالفروع والأحكام العملية، وما يخالفوننا فيه في الصلاة والصيام وغيرهما يمكن تحمُّله والتسامح فيه). فيه مجازفات عديدة. منها:
-إن اختلاف الشيعة فيما بينهم أكبر من اختلافات المذاهب السنية فيما بينها. وهذا ما صرح به الطوسي شيخ الطائفة بقوله: (وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام في الأحاديث المختلفة التي تخص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث. وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها. وذلك أشهر من أن يخفى، حتى إنك لو تأملت اختلافاتهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك) (العدة في أصول الفقه 1/138). هذا فيما بينهم. فكيف هو الاختلاف فيما بينهم وبيننا؟
-ومنها: القول بجواز التعبد بـ(المذهب الجعفري)، فإنه من المقطوع به أنه لا يوجد مذهب لدى الشيعة محرر للإمام جعفر قط. وقد كتبت في ذلك كتابي (أسطورة المذهب الجعفري) المنشور على الموقع.
-ومنها: إن قياس الفقه الشيعي على الفقه السني قياس مع الفارق الكبير؛ فلو أخذ المسلم طبقاً لفتوى الشيخ شلتوت بفقه الشيعة فإنه سيقع في إحراجات كثيرة، يقطع بأنها باطلة. خذ مثلاً نكاح المتعة فإنه بناءً على الفتوى بجواز التعبد طبقاً للمذهب المذكور يحل للسني أن يمارس نكاح المتعة. وهو من الباطل قطعاً. ولولا بطلان أساسه لما كان كذلك. وهكذا بقية المسائل الباطلة كدعاء الموتى من دون الله، والطواف بالقبور، واللطم في عاشوراء وغيره، والتطبير، ووجوب قتل أهل السنة، وسلب أموالهم، وأكل ربا البنوك بشرط النية المضمرة بعدم المطالبة به لو امتنع البنك عن إعطائه إياه، أو دفع خمسه مرتين (خمس الفائدة)، وجمع الصلوات، والأذان بـ(علي ولي الله)، ومسح الأرجل، ولعن الصحابة، ومئات المسائل. وهذا من أبطل الباطل. والسبب الذي يدفع أمثال هؤلاء المشائخ إلى ثل هذه المجازفات هو عدم تصورهم لوازمها؛ لأنهم يعيشون في واقع يغلب عليه التسنن، وحرصهم على ما يسمونه (وحدة المسلمين).

لا تفرحوا بإيران
·موقف الشيخ من إيران ودفاعه عنها لامتلاكها السلاح النووي، ووجوب الوقوف معها إذا تعرضت إلى اعتداء، موقف خطير جداً، لا يمكن تفسيره بأحسن من أنه غفلة لا يسلم من مثلها أحد من علماء المسلمين. إيران إذا امتلكت هذا السلاح الخطير فإنها ستخنق به أعناق العرب أولاً وبقية المسلمين ثانياً. ألا تعتبرون بما فعلته إيران بالعراق؟ ومن قبله بالأحواز؟ ما الذي ستفعله أمريكا لو حاربت إيران: هل أكثر مما فعلته إيران بنا نحن أهل العراق؟! فلماذا لا يدعو الشيخ بقية المسلمين للوقوف معنا ضد إيران؟ أليس هذا (ما يجب أن يقوله المسلم في نصرة أخيه المسلم)؟ ما الذي ينتظره أكثر؟ لقد ذبحنا من الوريد إلى الوريد بسكينة (الأخت) إيران، وهجرنا من ديارنا، وسيطر على بلدنا أراذل القوم، ونهبت ثرواتنا، وفي معتقلات الرافضة والصليبيين يرزح خيرة شبابنا ورجالنا، وقد رملت نساؤنا ويتمت أولادنا...! كل ذلك وغيره بفعل إيران مباشرة أو بالدفع والواسطة. كل هذا وعلماؤنا يدعون الأمة للوقوف معها! ويتمنون امتلاكها السلاح النووي! أحتى تصل سكينة الذبح إلى مصر؟! لا يا شيخ! حنانيك شيئاً من التفكر والرحمة بأنفسكم لا بنا؛ فإننا لن نصل إلى أسوأ مما أوصلتنا إليه إيران.

الوقوع في فخ الدفاع بدلاً من الهجوم
·أخيراً أرى أن الشيخ الكريم - وهذا أحد الأخطاء الاستراتيجية التي يقع فيها عامة أهل السنة في نقاشهم مع الشيعة - استجاب للفخ الفارسي الذي يجيدون نصبه على الدوام، ألا وهو الهجوم على الخصم وإشغاله بالدفاع عن نفسه. إنهم يجيدون فن قلب الدفاع إلى هجوم. وهذه خطة كل قائد في كسب المعركة عسكرية كانت أم فكرية. لقد راح الشيخ في جولة طويلة من الدفاع عن قائمة من تهم لا تنتهي. تأمل كيف انتقد الشيخ إيران في نقطتين اثنتين فقط: (سب الصحابة، وغزو المجتمع السني بنشر المذهب الشيعي فيه). لكن انظر كم تهمة وجهها الشيعة إليه؟!!! وكيف أنهم لم يشغلوا أنفسهم بالدفاع عنها إزاء تلكما التهمتين؟!!! وكيف استجاب الشيخ لمكرهم حين جرجروه إلى ساحة الدفاع، وقلما كسب مدافع معركة. بينما كان الأولى به – وهو الذكي اللماح – أن لا يلتفت إلى تهمهم، بل يقف في مكانه ثابتاً يهاجمهم من الثغرتين المذكورتين حتى يهزمهم. إن هذه القائمة الطويلة العريضة من محاضر الدفاع إما موجهة للشيعة فهم لن يصدقوه ولو جاء بجبرائيل شاهداً لما يقول ومعه ميكائيل وإسرافيل! لأن العلة نفسية وليست فكرية؛ فلا داعي لهذا الجهد أن يصرف في غير محله. وإما موجهة لأهل السنة فأهل السنة في غير ما حاجة لكل هذا؛ فإنهم يعرفونه ويصدقونه من أول الطريق.
نتمنى للشيخ الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي المزيد من التوفيق، وندعو الله تعالى أن يستعمله في الذب عن أهل السنة أمام خطر إيران واختراقها الصف السني غير المحصن بنشر المذهب الشيعي الرافضي فيه.

السبت
20/9/1429
20/9/2008