باسم ابو محمد
27-02-07, 10:41 PM
أجرى الكاتب الألماني توماس هولتبيرند دراسة بعنوان قيادة تتمتع بروح الدعابة توصل الى ان الالمان لا يحبون المزاح في العمل بل ويعتبرونه من المحرمات وذلك لأنه يكشف عن قلة انضباط، حسبما افادت رويترز وقد صرح ان هذا يرجع الى الانضباط الذي زرع في الالمان منذ زمن بعيد.
وفي اليابان قتل رجل أمه لكثرة اتصالها به في العمل هاتفياً، وتعطيله عن مواكبة تقدم زملائه في الانتاج.
في الوطن العربي تعتبر الوظيفة وبالذات الحكومية تكية تمنح الأمان، وتحمي من غدر الزمن وكوارث الايام.
وتقول بعض الامهات البسيطات ان من كان في ظهر الحكومة لا يضيع ابداً.
هذا الاتكال الكامل الذي لا نهاية له عزل الموظف عن عمله احياناً وجعله لا يعتني به معتقداً ان لا احد قادر على حسابه او فصله طالما انه لم يرتكب مخالفة قانونية، او جنائية تدفع الى ذلك.
وما يراه الالمان انه عادة سيئة وهو المزاح، يعتبر بالنسبة لبعض الموظفين حاجة يومية للتسلية، وتغيير الجو والتقاط الانفاس، ومن المضحك اعتباره قلة انضباط، فهؤلاء الالمان شعوب لا تعي معنى ان تضحك، وتنكت، وتسخر، ممن حولك، حتى تصل الى نفسك احياناً.. انه احساس يقي من الاحباطات والهزائم والنكسات.
نضحك ونصرخ وننطلق اثناء العمل، وفترات الاستراحة التي تخلق ان لم تكن موجودة يعني اننا شعوب تحب الفرفشة والنعنشة ولا تشعر بالحرج لأنها تمارس ذلك واذا لم يضحك البعض فسوف ينفجر له شريان ذات يوم ولذلك لا علينا بالالمان ولا بتطبيق سياساتهم ويكفينا ان نركب سياراتهم المنضبطة لتعتق من زمن التقليد وتبسيط الاشياء، وحتى فريقهم لكرة القدم ينحسر محبوه كثيراً والسبب هذه الانضباطية المقيتة التي تحرك الكرة بين اقدامهم وتجعلها تقنية اكثر منها جمالا ومتعة ومهارة.
اما بالنسبة للياباني الذي قتل والدته فهو بلا شك مريض نفسياً، او مجنون، خاف من شراسة واقع عملي متسارع في بلاده فاضطر لتفريغ شحنة هذا الخوف في والدته، وحملها سبب تأخره، وهو لا يعلم اننا اكثر الشعوب استخداماً للهاتف، وعشقاً له، في المنزل، وفي غرف النوم، واثناء تناول الطعام، وفي السيارة، واثناء العمل، وفي المناسبات، وفي الحفلات، بل هو شرف لنا هذا التهافت على استخدام الهواتف وبالذات الجوالة. ومن غير الممكن الابداع في العمل دون ان نكسر جموده بالهاتف بكلمتين اما ان تطولا وتمتدا الى ساعة، او تعبرا بسرعة، ولا نتوقف امامهما، المهم لا بد من الهاتف لأنه هو المؤشر الذي يرفع سقف الانتاج.
هذه المؤشرات التي يتداخل فيها الهاتف، مع المزاح، مع التأخير، مع التسرب للموظفين، مع قلة الانتاج زادت بعد هرولة الموظفين لاقتحام سوق الأسهم والتي ساهمت بشكل كبير في تدهور اداء الموظفين.
ففي دراسة لمركز اسبار شملت عينة عشوائية من الموظفين بلغ عددهم 1500شخص منهم 13% سيدات اشار ما يزيد على 88% ممن شملتهم الدراسة الى ان تداول الاسهم اثر على ادائهم للمهمة الوظيفية ووصف 47.1% منهم التأثير بأنه كان كبيراً فيما قال 41% ان التأثير كان محدوداً.
هذه الحقيقة السلبية التي تكرس مفهوم الوظيفة لدى الموظف، وترتيبها احياناً في اهتماماته رغم انها المصدر الرئيسي لدخل الاكثرية جعلتني اتذكر ما قاله الدكتور احمد درويش وزير التنمية الادارية في مصر حول قانون الوظيفة ومفهومها وكيف ان 99.7% من موظفي الحكومة في مصر يحصلون على تقرير "امتياز" آخر العام مما يعكس بأننا احسن حكومة في العالم على الورق. وان العلاقة بين الحكومة والموظف ليست زواجاً كاثوليكياً. وشرح مفهوم كلمة موظف وانه ليس ملفاً يضم مجموعة من البيانات كتاريخ ميلاده، وسن التقاعد على المعاش، ولكن يفترض ان يكون قوة ضاربة، تملك امكانات عطاء كبيرة قابلة للتطور تعطي مؤشرات صحيحة عن مساره الوظيفي. وان ينمي نفسه دائماً تنمية حقيقية بما يجعله فاعلاً حقيقياً، وليس رقماً وظيفياً.
وابرز ما قاله عن نظام التعيين والتعاقد، الذي يطبق لدينا ويسمى ببند 105، بأنه لماذا تتزم الحكومية نفسها بموظف متراخ كسول، لا يملك الكفاءة اللائقة، ويكون هناك من هو احق منه؟.
والبديل هنا نظام التعاقد، وهي مسألة ذات بعد ثقافي، لأن المنطق يقول ان الشخص الذي لديه عقد خمس سنوات قلق، وسوف يجيد ويبدع، واذا ثبتت كفاءته يجدد له. ولكن الغريب ان الوزير اجاب عن سؤال (عن الموظفين الذين لم يتم تثبيتهم هل يخرجون الى الشارع؟) كان رد الوزير حاسماً (هل سمعت من قبل عن خروج اي موظف من الحكومة). ونحن مع الوزير نقول ان الوظيفة في الحكومة هي طريق النجاة للكسالى والمتراخين والهاربين من العمل ومن لا يعرفون روح المثابرة، وهي المسار الآمن في الحياة، وهي الاطمئنان الحقيقي نحو الغد، برغم كل سلبيات الموظف وضآلة انتاجه.
وفي اليابان قتل رجل أمه لكثرة اتصالها به في العمل هاتفياً، وتعطيله عن مواكبة تقدم زملائه في الانتاج.
في الوطن العربي تعتبر الوظيفة وبالذات الحكومية تكية تمنح الأمان، وتحمي من غدر الزمن وكوارث الايام.
وتقول بعض الامهات البسيطات ان من كان في ظهر الحكومة لا يضيع ابداً.
هذا الاتكال الكامل الذي لا نهاية له عزل الموظف عن عمله احياناً وجعله لا يعتني به معتقداً ان لا احد قادر على حسابه او فصله طالما انه لم يرتكب مخالفة قانونية، او جنائية تدفع الى ذلك.
وما يراه الالمان انه عادة سيئة وهو المزاح، يعتبر بالنسبة لبعض الموظفين حاجة يومية للتسلية، وتغيير الجو والتقاط الانفاس، ومن المضحك اعتباره قلة انضباط، فهؤلاء الالمان شعوب لا تعي معنى ان تضحك، وتنكت، وتسخر، ممن حولك، حتى تصل الى نفسك احياناً.. انه احساس يقي من الاحباطات والهزائم والنكسات.
نضحك ونصرخ وننطلق اثناء العمل، وفترات الاستراحة التي تخلق ان لم تكن موجودة يعني اننا شعوب تحب الفرفشة والنعنشة ولا تشعر بالحرج لأنها تمارس ذلك واذا لم يضحك البعض فسوف ينفجر له شريان ذات يوم ولذلك لا علينا بالالمان ولا بتطبيق سياساتهم ويكفينا ان نركب سياراتهم المنضبطة لتعتق من زمن التقليد وتبسيط الاشياء، وحتى فريقهم لكرة القدم ينحسر محبوه كثيراً والسبب هذه الانضباطية المقيتة التي تحرك الكرة بين اقدامهم وتجعلها تقنية اكثر منها جمالا ومتعة ومهارة.
اما بالنسبة للياباني الذي قتل والدته فهو بلا شك مريض نفسياً، او مجنون، خاف من شراسة واقع عملي متسارع في بلاده فاضطر لتفريغ شحنة هذا الخوف في والدته، وحملها سبب تأخره، وهو لا يعلم اننا اكثر الشعوب استخداماً للهاتف، وعشقاً له، في المنزل، وفي غرف النوم، واثناء تناول الطعام، وفي السيارة، واثناء العمل، وفي المناسبات، وفي الحفلات، بل هو شرف لنا هذا التهافت على استخدام الهواتف وبالذات الجوالة. ومن غير الممكن الابداع في العمل دون ان نكسر جموده بالهاتف بكلمتين اما ان تطولا وتمتدا الى ساعة، او تعبرا بسرعة، ولا نتوقف امامهما، المهم لا بد من الهاتف لأنه هو المؤشر الذي يرفع سقف الانتاج.
هذه المؤشرات التي يتداخل فيها الهاتف، مع المزاح، مع التأخير، مع التسرب للموظفين، مع قلة الانتاج زادت بعد هرولة الموظفين لاقتحام سوق الأسهم والتي ساهمت بشكل كبير في تدهور اداء الموظفين.
ففي دراسة لمركز اسبار شملت عينة عشوائية من الموظفين بلغ عددهم 1500شخص منهم 13% سيدات اشار ما يزيد على 88% ممن شملتهم الدراسة الى ان تداول الاسهم اثر على ادائهم للمهمة الوظيفية ووصف 47.1% منهم التأثير بأنه كان كبيراً فيما قال 41% ان التأثير كان محدوداً.
هذه الحقيقة السلبية التي تكرس مفهوم الوظيفة لدى الموظف، وترتيبها احياناً في اهتماماته رغم انها المصدر الرئيسي لدخل الاكثرية جعلتني اتذكر ما قاله الدكتور احمد درويش وزير التنمية الادارية في مصر حول قانون الوظيفة ومفهومها وكيف ان 99.7% من موظفي الحكومة في مصر يحصلون على تقرير "امتياز" آخر العام مما يعكس بأننا احسن حكومة في العالم على الورق. وان العلاقة بين الحكومة والموظف ليست زواجاً كاثوليكياً. وشرح مفهوم كلمة موظف وانه ليس ملفاً يضم مجموعة من البيانات كتاريخ ميلاده، وسن التقاعد على المعاش، ولكن يفترض ان يكون قوة ضاربة، تملك امكانات عطاء كبيرة قابلة للتطور تعطي مؤشرات صحيحة عن مساره الوظيفي. وان ينمي نفسه دائماً تنمية حقيقية بما يجعله فاعلاً حقيقياً، وليس رقماً وظيفياً.
وابرز ما قاله عن نظام التعيين والتعاقد، الذي يطبق لدينا ويسمى ببند 105، بأنه لماذا تتزم الحكومية نفسها بموظف متراخ كسول، لا يملك الكفاءة اللائقة، ويكون هناك من هو احق منه؟.
والبديل هنا نظام التعاقد، وهي مسألة ذات بعد ثقافي، لأن المنطق يقول ان الشخص الذي لديه عقد خمس سنوات قلق، وسوف يجيد ويبدع، واذا ثبتت كفاءته يجدد له. ولكن الغريب ان الوزير اجاب عن سؤال (عن الموظفين الذين لم يتم تثبيتهم هل يخرجون الى الشارع؟) كان رد الوزير حاسماً (هل سمعت من قبل عن خروج اي موظف من الحكومة). ونحن مع الوزير نقول ان الوظيفة في الحكومة هي طريق النجاة للكسالى والمتراخين والهاربين من العمل ومن لا يعرفون روح المثابرة، وهي المسار الآمن في الحياة، وهي الاطمئنان الحقيقي نحو الغد، برغم كل سلبيات الموظف وضآلة انتاجه.