العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#201
|
|||
|
|||
مرزق محطة رئيسية على طريق القوافل))
د. عماد الدين غانم د. محمد علي الأعور إن مشروع توثيق طرق القوافل ودراستها بصدد الإعداد لأطلس شامل لطرق القوافل في الأراضي الليبية ستيضمن مدخلاً مسهباً عن تجارة القوافل ومراكزها في الساحل والداخل يضمن ما يزيد عن 100 خريطة ومخطط إضافة إلى صور تاريخية ويستخدم فبها أحدث التقنيات وسيعمد إلى تقديم نبذة عن كل من المراكز الرئيسية تعرف بالاسم والموقع والأهمية وتقدم وصفاً لها . ويعتمد في ذلك على روايات ووثائق وكتب الرحالين العرب والأوربيين . وان ما ننشره حالياً في الموقع يمثل بصورة أساسية ما عثرنا عليه في كتب الرحلات، حول كل من محطات طرق القوافل ومراكز الأسواق التي ترتادها في طريقها والمدن أو القرى التي تمر بها تفرعات هذه الطرق ونتبع في النشر توفر المادة الكافية . والغرض من هذا النشر الأولي هو إتاحة الفرصة أمام زوار الموقع لابداء آرائهم حول ماهو متوفر لدينا وننتظر مزيدا من المعلومات والوثائق والصور ممن يمتلكها . "ونؤكد أن هذه المادة أولية وسيتم تنقيحها على ضوء ما يتسنى لنا الوصول إليه من معلومات جديد . ونأمل من زوار الموقع وبالنقاش العلمي أن نتوصل إلى تقديم نبذة مفيدة ومتوازنة عن مدن الشريط الساحلي والجبال والواحات . ونعيد تأكيدنا أنها مادة أولية قابلة للزيادة والنقصان والتعديل . مرزق : ـ إن اسم مرزق مأخوذ ولاشك من مصدر رزق، وهي تسمية لها علاقة بطبيعة نشأة المدينة كمحطة للتجارة، وبجلب الرزق، فلولا التجارة لما كانت مرزق، ويذكر عبد القادر جامي أن الاسم مأخوذ من مرزوق المرتبطة بالاسترزاق، فالموقع هو سبب نشأتها . إذ أن الموضع الذي تقوم فيه المدينة رغم وفرة الماء فيه والواحة ذات النخيل والزراعة، إلا انه موبوء بحكم برك المياه المالحة والسباخ التي تشغل جانب المدينة الشمالي بكاملة تقريبا والجانب الجنوبي الغربي. ويعرب ناختيغال ( ج 1 / 196 ) عن استغرابه لاختيار هذا الموضع الذي يغدو موبوءاً نتيجة للسباخ. ورغم المناخ الموبوء المناقض للمناخ الصحراوي الصحي، إلا أن موقعها على أهم طريق للتجارة ما بين البحر المتوسط وبحيرة تشاد الواقعة في وسط أفريقيا جعلها تستمر مركزاً تجارياً ومركزاً سياسياً وادارياً لفزان منذ تأسيسها حتى الاحتلال الإيطالي ، الذي نقل قاعدة الولاية إلى سبها ومنحها المركز الإداري والاقتصادي، وتراجعت مرزق إلى مركز ثانوي وتدهور وضعها خاصة لفقدانها الأساس الذي قامت عليه كمحطة رئيسية على طريق برنو وكمدينة سوق رئيسي . ولكن متى نشأت مرزق ؟ أن الرأي الراجح يقرن بين حكم أولاد محمد في القرن السادس عشر وبين تأسيس مرزق ويحدد د. حبيب الحسناوي أن تأسيسها يعود إلى زمن محمد الفاسي واخذ أفراد أسرته بالانتقال إليها من سبها حيث حلوا في بداية الأمر، وان اتخاذها عاصمة لدولة أولاد محمد في فزان فقد جرى في عهد المنتصر بن محمد الفاسي في العام 1577 حيث شرع ببناء القصبة . أما رواية الرحالة الفرنسي دوفيريه بأن احد الأشراف قد أسس المدينة في 1310 ، حيث شيد بعض الأكواخ ومدرسة لحفظ القران الكريم، ثم بدأت تتطور مع توافد الناس إليها، والإقامة فيها ، إلا أننا لا نعلم مصدر روايته . على أن الرحالة الألماني رولفس الذي وصل مرزق في 1865 بعد دوفيريه بخمس سنوات، واطلع على مخطوط تاريخ فزان لدى محمد باسيركي في مرزق ولخصه في كتاب عبر أفريقيا ، يشير إلى أن أولاد محمد هم الذين أسسوها، ومما تجدر الإشارة إليه أنها منذ تأسيسها أخذت مرزق عدة وظائف دفعة واحدة، فهي في الأساس وليدة حركة التجارة على جانبي الصحراء، أي أنها مدينة سوق ومحطة رئيسية للقوافل، ثم أضيفت إليها الوظيفة السياسية والإدارية باعتبارها عاصمة للدولة الجديدة ومن بعدها عاصمة لمتصرفية فزان العثمانية ويظهر انعكاس ذلك في بنيتها الاجتماعية، فالمجتمع لا يعرف البنية القبلية بل الأسرية . إن مرزق بالوظائف التي كانت تقوم بها، وبموقعها كمحطة وسوق رئيسيين على طريق برنو الشهير، جعلها من مدن الدواخل التي قصدها الرحالون الأوربيون الذين سلكوا طريق طرابلس أو بنغازي نحو بحيرة تشاد. وبحكم الاستعداد لمرحلة جديدة من مشروع رحلتهم، فانهم كانوا يمكثون فيها مدة طويلة نسبياً، انتظاراً لانطلاق قافلة نحو برنو ينضمون إليها أو يشكلون قافلة مع حماية الأمر الذي يتطلب المكوت فيها شهوراً وييسًّر لهم جمع معلومات تفصيلية عنها، وهي تبرز في شمولية محتواها قياساً لما كرس للواحات الأخرى . حسب تقديرنا أن عدد الرحالين الذي قصدوا مرزق حتى مطلع القرن العشرين، وخلفوا تقارير حولها لا يقل عن خمسة وعشرين. من الرحالين الأوروبيين وإذا اعتبرنا أن متوسط ما كتبه كل واحد منهم عنها حوالي 10 صفحات فإننا نجد نفسنا فيما لو جمعت هذه الكتابات المنشورة مع بعضها ، كانت ستشكل كتاباً يضم قرابة250 وحسب تقديري أنها لاتقل عن 350 ص بعض النظر عما نشر في المجلات صفحة . كرس قسم كبير منها لوصف المدينة وللتعريف بتاريخها والوقوف عند سكانها والوافدين إليها وعند نظام الإدارة فيها وحركة السوق والقوافل والتعامل والازدهار والكساد ،كما تذكر التجار المقيمين فيها ، وتعرف بوجهائها، وبالطبع فان أقوال الرحالة فقد استفادت من روايات أبناء مرزق، وسواهم وتكتسب أهميتها باعتبارها تمثل رؤية أبناء بيئة حضارة مغايرة ورغم ما تتضمنه من معلومات تتناول مواضيع متنوعة قلما نجد حولها ما يشفى الغليل في المصادر الأخرى ، فإن قسما لا يستهان به ومازال لم ينشر مترجما إلى العربية . حسب اعتقادنا إذا جمعنا ما كتبه الرحالة عن مرزق، ورتبناها في تسلسل حسب تاريخ الرحلة، فانه سيكون بوسعنا أن نتتبع تطور المدينة العمراني والاداري والاقتصادي على وجه معقول. ومن المؤكد انه يجدر بنا أن لا ننسى أن مستوى الرحالين متباين، ولكن يجب التأكيد، أن مرزق قد حظيت بمجموعة من التقارير البالغة الأهمية ونشير خاصة إلى تقارير بارت وبويرمان ورولفس وناخيتغال وفيشر ونعمد إلى نشر مقتطفات منها كي يكون القارئ على بينة منها . مما خصت به مرزق أكثر من غيرها هي مجموعة من المخططات والرسوم التي وضعت حولها، تظهر خاصة الشارع الرئيسي أو ما يدعى الدندل أو شارع حميدة . مركز الشرطة والحوانيت في شارع حميدة ونذكر في مقدمتها مخطط بارت في 1850 ومخطط بويرمان في العام 1862 يضاف إلى ذلك مخطط ناختيغال وفي العام 1869 ومخطط عثماني يعود إلى 1883 لا يختلف عن الأخير . وفي كتاب الدبلوم مخططان من 1930 ـ 1958 وهذه المخططات إذا ما قورنت تقدم لمحة عن تطور المدينة خلال ما يزيد عن قرن ومما يزيد تصوراتنا عن معالم مرزق بعض الرسوم والصور القديمة ومن أبرزها لوحة تمثل مرزق وضعت على أساس رسم تخطيطي وضعه بارت للشارع الرئيسي الذي يمتد من الباب الشرقي الرئيسي حتى الباب الغربي وعلى ضوء هذا الرسم والمخططات المذكورة ووصف المدينة بوسعنا أن نضع مخططاً على الأقل للشارع الرئيسي الذي كان يضم أهم الأبنية العامة والسوق إلى جانب القلعة وتوابعها من المسجد والمخبز. والثكنة، كما توجد صور لأبنية بعينها مثل مقر وكالة القنصلية الإنجليزية والقلعة والأسوار وسواها وكل هذه تعتبر مادة مساعدة لدراسة مرزق وإعادة تصميم الأقسام الرئيسية من المدينة حتى نهاية القرن التاسع عشر بل حتى منتصف القرن العشرين. خريطة لمدينة مرزق ونقدم فيما يلي جزءاً مما كتبه الرحالة الألماني هينريش بارت ( 1821 ـ 1865 ) الذي يعتبر واضع منهج أدب الرحالات، وقام برحلته على حساب الحكومة الإنجليزية مع ريشاردسون الإنجليزي واوفرفيغ الألماني ثم بتعهم ألماني اخر هو ادوار فوغل واستغرقت رحلته خمس سنوات ونصف وووصل مرزق في 6 مايو 1850وغادرها إلى غات في 13 يونيو اى انه مكث فيها خمسة أسابيع كما عاد إليها بعد خمس سنوات في طريق عودته لكنه لم يمكث فيها إلا للاستراحة . وفي مرزق ضم إلى أفراد رحلته خادمه ومرشده ورفيقة الأمين محمد القطروني من قرية دجال غرب مرزق الذي كان له دور كبير في نجاح مساعيه لرحلة آمنه نافعة وفي إنقاذه وبث الطمأنينة في نفسه وهو الذي زكاه بحيث يستعين به بقية الرحاله ولذلك فانه رافق من بعده دوفيريه وبريرمان ورولفس وناختيغال ومنحت الدولة الألمانية محمد القطروني نوعا من التقاعد لقاء خدماته ونشرت أحدى الجرائد الألمانية نبأ وفاته . لقد جاء وصف مرزق في الجزء الأول من الكتاب الذي وصف فيه رحلته بعنوان " رحلات واكتشافات في شمال ووسط أفريقيا خلال السنوات 1849 ـ 1855 . بعد أن يتناول بارت وصوله إلى مرزق في 6 مايو 1850وتوقفه عند الباب الشرقي، في موضع لا يبعد كثيراً عن ساحة تجمع الحجاج في طريق عودتهم من مصر إلى مراكش وتوات ويشير إلى انه نزل عند قاقليوفي ( قليوفي ). وكيل القنصل الإنجليزي في مبنى القنصلية. ويذكر التقاءه مع محمد بورو الذي يحمل لقب سركي ن توراوا أي سيد البيض في أغادس وتم الاتصال به بناء على توصية حسن باشا البلعزي متصرف فزان السابق، وذلك كي يسافروا بصحبته إلى بلاد الايير وأغادس. ويقدم بارت وصفا ايجابيا لهذه الشخصية ولموقف القنصل السلبي تجاهه . ثم يبدأ بارت بوصف مرزق ( ج 1 ، ص 171 ) بقوله : " أقدم وصفاً للمدينة التي سبق لريشاردسون أن وصفها ، إلا اننى قمت برسمها من شرفة وكالة القنصلية الإنجليزية أن المظهر الخارجي للمدينة ليس ردئيا لابل فيه شئ من الجاذبية، ولو أن النظرة الأولى تبدو فيها سقيمة جدا وتبدو الحياة فيها غير مريحة، وخاصة أن الرحالة ليون قدم للأوربيين وصفا لجوها المتوهج. وأما ما يتعلق بالسور فان بارت (ج1ص172) يذكر بأنه ذو ثلاثة أبواب ، الباب الشرقي وهو الأكبر والغربي والباب الشمالي وهو صغير جداً وأما الباب الجنوبي فقد دمر تماما مع السور الجنوبي في زمن عبد الجليل حسبما تبين بقايا السور من عهد المكني ويقدر محيطها بحوالى ميلين والمدينة اكبر بكثير من عدد سكانها ومن سمة مرزق الشارع العريض الذي يمتد من الباب الشرقي باتجاه غربي ، وهو موضع السوق ويتردد عليه الناس كثيراً ويسمح بحركة الهواء ولكن أيضاً بالحرارة وان الأروقة المرفوعة على جذوع النخيل على جانبي السوق والمسقوفة توفر إن المخفر الرئيسي الواقع بجانب الباب الشرقي ذا رواق مرفوع على ستة أعمدة ويقع مقابل القنصلية يمنح المدينة شيئا من الذوق وقد حافظ على شكله منذ زيارة ليون، والقصبة بنفس الشكل كما شاهدها ليون وهي ذات أسوار بالغة السماكة ألا أن الحجرات صغيرة، وأما الفناء فقد دخل عليه تغير بسبب تشييد ثكنة ضخمة جدا بمقاييس البلاد أو قشلة وهي تتخذ الجانب الشمالي من الفناء وهذه القشلة مربعة مع مساحة كبيرة في الداخل للأسلحة، وتحف بها القاعات وهي مصممة بحيث تكفي لايواء 2000رجل ويوجد فيها حاليا 400 تتوفر لهم إقامة معيشه مريحة وان الفرق كبير بين حالتهم المعيشية وتلك لأبناء فزان إلا أنهم يفضلون الموت جوعاً على أن يتطوعوا في الخدمة العسكرية . قصر الحكومة التاريخي بمرزق أما ما يخص التجارة فان مرزق تختلف عن غدامس التي تضم دور التجار الأغنياء الذين يستثمرون أموالهم في التجارة، ويجلبون بضائعهم الخاصة إلى ديارهم و مرزق سمة محطة رئيسية إنها سوق متوسط وموضع هام للتجارة، ولذلك فان المدينة تعاني دوما من نقص بالنقود . فالتجار الغرباء يحملون معهم قيمة ما يبيعونه فالمجابرة يأخذون ريع تجارتهم إلى جالو والتبو أو التيدا يحملونه إلى بلما، وكذلك شأن أبناء برنو وتوات. وهناك قلة من تجار مرزق الأساسيين الذين يقيمون فيها مثل محمد الخويلد ، محمد باشا بوخلوم الحاج محمد بن علوه وهم من مواليد أوجلة ومحمد أفندي المكيرزي ومحمد العامري والحاج محمد بشاء الله والحاج السنوسي الغزايلى وهم من سوكنة. ومن أبناء مرزق الشريف بركان وصلاح بوفوناس ( وهو الذي قتل إثر ثورة برنو ) وزين بن علي، جميع هؤلاء يقطنون مرزق وفيما عداهم فان البعض يتخذ المدينة للإقامة المؤقتة والأبرز بينهم ثلاثة من المجابرة إبراهيم المغائزرى( الذي تعرفت عليه طرابلس إلا انه توفى بالطاعون في موطنه، وهو بصدد التجهيز لقافلة للانطلاق عائداً نحو برنو ) وبطران وإبراهيم بشاره . ومما تجدر الإشارة إليه فيما يخص التجارة أن الطريق الغربي أو طريق السودان فإنه أكثر ملاءمة من طريق برنو ، إذا انه الذي يتحكم بالأول هم الطوارق، وهم دائما مستعدون أن يقدموا العدد المطلوب من الجمال لنقل البضائع، ويضمنون الأمان. وأما الطريق إلى برنو وهو الأقرب إلى مرزق فانه غير آمن، لابل محفوف بالمخاطر وينبغي على التاجر أن يؤمن جماله أن ينقل على حسابه بمخاطرة خاصة. وأما الطريق عبر فزان، فأنني أقول أن الحطمان والزوية والمقارحه هم الذين يتولون الاهتمام بالبضائع، بينما يقع النقل بأجمعه في أيدي تنيلكوم، وهؤلاء الناس سندخل مباشرة بالتفاهم معهم لأنهم سيكونون المرشدين على طول الطريق من مرزق إلى بلاد الايير، لا بل ظل البعض منهم معنا حتى كانو . وان إجمالي المبلغ الذي يتم تداوله في مرزق يبلغ حوالي 100.000 ريال نمساوي ( لما كان ⅞ هذا المبلغ يوظف في تجارة الرقيق فان آثار إلغاء هذه التجارة التي بدا تطبيقها الآن لايمكن أن يتغاضى عنها ) . الرحالة غيرها رد رولفس 1831 ـ 1896 : يعتبر رولفس من أكثر الرحالة اهتماماً بليبيا إذ انه قدم إليها أربع مرات خلال الفترة من 1864 حتى 1879 وكرس لها ثلاث رحلات ( كانت رحلته الأولى التي قدم بها من المغرب عبر الجزائر إلى غدامس وطرابلس لم يكتب فيها عن ليبيا سوى القليل ) وقد حملته رحلته الأولي من طرابلس إلى غدامس ثم مزده و القريات و وادي الشاطئ ثم الجديد (سبها ) ومرزق و القطرون و تجرهي و بلما و انقيقمي و كوكه ، ومنها غرباً حتى لاغوس واستغرقت من 1865 ـ 1867 وأما رحلته الثانية فقد جاء إلى طرابلس حاملاً هدايا الملك فيلهلم الأول إلى الشيخ عمر سلطان برنو، ثم كلف الرحالة ناختيغال بتولي هذه المهمة . وقام رولفس برحلة قادته إلى بنغازي ومنها إلى الجبل الأخضر ثم إلى اوجلة وجالو وواحة سيوة ومنها إلى الاسكندرية وكان ذلك في العام 1869. وأما رحلته الثالثة فقد كرست للكفرة ووداي واقترنت أيضا بمهمة حمل هدايا من الحكومة الألمانية إلى ملك وداي. فانطلق من طرابلس إلى بني وليد وبونجيم وسوكنه وزلة واوجلة وجالو والكفرة، حيث انتهت رحلته نتيجة نزاع وقع مع احد مرافقيه واستغرقت الرحلة 1878 ـ 1879 ونجم عن هذه الرحلات ثلاثة كتب: أولها رحلة عبر أفريقيا، وثانيها رحلة من طرابلس إلى الاسكندرية، وثالثها رحلة إلى الكفرة وصدرت هذه الكتب الثلاثة مترجمة عن الألمانية من جانب د . عماد الدين غانم ونشرها مركز جهاد الليبيين والاهم من بينها فيما يخص مرزق هو الأول" رحلة عبر أفريقيا" إذ أن رولفس مكث في مرزق خمسة اشهر من 26ـ 10ـ1865 حتى 25 مارس 1866 و ارتبط خلالها بعلاقات مع مجموعة من الشخصيات، ورصد الأوضاع رصداً دقيقاً وحصل من احد أحفاد أولاد محمد على نسخة مخطوطة من تاريخها ووضع ملخصاً له في الفصل الذي كرسه لمدينة مرزق . وقد اخترنا هذه المقتطفات من كتاب رحلة عبر أفريقيا لنعبر عن رؤية رولفس حول المدينة
|
#202
|
|||
|
|||
.
الرحالة رولفس بعد إشارته إن دوفيرية يقرن بين تأسيس مرزق وأولاد محمد يذكر أنها تقع في حفرة غير عميقة وأرضها ذات طبيعة مستنقعيه، الأمر الذي جعل مناخها غير صحي، وخطيراً على الغرباء. ويعتبر بارت المدينة ذات شكل يبلغ محيطه حوالي ميلين ويحيط بها سور بني في بعض نواحية من الطين المجفف تحت الشمس يتراوح ارتفاعه بين 20ـ 30 قدما وسمكه في القاعدة 10اقدام وفي الأعلى قدمان كما تتخله أبراج مربعة طوال ضلعها 30قدما. وتقوم في زوايا الناحية الشرقية مرابض تعلوها بعض المدافع. ويمتد شارع الدندل من الغرب إلى الشرق يعبر المدينة بخط مستقيم. وفي بدايتة يقوم مركز الجمارك عند الباب حيث وضع محرسان لحراسته . وأثناء وجودي في مرزق لم تكن الحكومة تتقاضى رسوماً على البضاعة الواردة أو الصادرة باستثناء الرقيق . ولهذا السبب لم يكن مركز الجمارك مستغلا. وإذا تتبعنا الشارع فإننا نجد إلى اليمين المخفر الرئيسي، والى جانبه منزل القائمقام، وأمامه مقر القنصلية الإنجليزية سابقا ويسكن فيه حاليا كاتب المال. وبعد هذين البنائين تحف بالشارع حوانيت صغيرة بنيت من الخشب أو الطين وهي تشكل سوق مرزق ويستمر الشارع إلى أن يصل ميداناً مكشوفاً تقع في ركنه الشمالي الغربي القصبة مع القشلة . إن قصبة مرزق كانت مقر سلاطين فزان السابقين ثم أصبحت المقر الرسمي للقائمقام العثماني، إلا أن حليم بك قد هجرها، ويشاع إن السبب في ذلك يعود إلى أنها مسكونة بالجن، وفي الواقع لان الرياح تسرح فيها، وفي الفتحات الموجودة في نوافذها وأبوابها . رغم تداعي هذه القصبة في ظل العثمانيين، إلا أن القصر يثير العجب لارتفاع جدرانه التي لاتقل عن 80 قدما وسمكها و يبلغ حوالي 20قدما وهي من الداخل كتلة من الطين بسبب الأروقة الهائلة التي يتوه فيها المرء و الحجرات صغيرة، وقاعة العرش هي وحدها التي تحظى بمقياسات معقولة وكانت تجرى فيها الاستقبالات أما بقية الغرف، وحتى المخصصة منها للحريم، فهي صغيرة وواطئه تلتصق بالقصر من ناحية القشلة التي بناها العثمانيون، وهي متسعة بمقاييس مرزق. ومن الناحية الأخرى للقصر يقوم الجامع حيث كان السلاطين يؤدون الصلاة في الجامع الكبير في شرق الميدان وفيما عدا ذلك توجد بيوت مبنية من الطين ذات طابق واحد والبيوت ذات الطابقين قليلة، وهى في اغلبها منازل تجار من جالو أو سوكنه أو غات أو كوار أو غدامس . والدندل هو أغرض شارع في المدينة، والشوارع الأخرى ليست ضيقه كثيراً كما هو الحال في المدن الأفريقية عادة . أن تجارة فزان غير مهمة إذ ما حذفنا منها تجارة الرقيق، ولم تكن ذات أهمية في أي وقت من الأوقات. أن المنطقة ليست سوى محطة عبور البضائع من الشمال من طرابلس ومصر إلى الجنوب إلى برنو وبلاد السودان المتاخمة لها . كما أنها نقطة عبور للمنتجات القادمة من وسط أفريقيا وعلى العكس من ذلك فقد زادت تجارة الرقيق، ولم تتراجع. ومن هنا يباع الرقيق نحو تونس وطرابلس ذاتها، ويؤخذ اغلب الرقيق إلى السوق في مصر. وكما ذكرت في اغلب الأحيان فان الدوائر العثمانية تشجع تجارة الرقيق عوضاً عن منعها وذلك في المناطق البعيدة عن رقابة القناصل الأوروبيين . من المؤسف أن قوى نصرانية مثل فرنسا وانجلترا التي سعت في البداية إلى إلغاء الرق تتخذ على ما يبدو موقفا غير حازم في هذا المجال تجاة الدولة العثمانية لقد سمعت شخصيا من القائمقام أن رجلاً وحيدا في مرزق هو الحاج محمد العامري قد صدر في العام 1864 ـ 1865 ما يزيد عن 1100 من الرقيق، ولديه حالياً في بيته مالا يقل عن خمسين منهم. وفي البداية قدم لي الحاج العامري على انه وكيل انجلترا، وعدما وجدت في التقويم الملكيRoyal Almanac انه لم يعد لانجلترا ممثل في فزان، قال انه وكيل القنصل الإنجليزي السابق قاقليوفي. وإذ ما صح ذلك فان السيد قاقليوفي لم يكن سوى وكيل في تحقيق أعمال مجدية بالاتجار بالإنسان. إن الفزانيين شعب طيب ومستقيم ويشعر المرء داخل فزان بالأمان من قطاع الطرق واللصوص وبوسعه أن يدع أغراضه في وسط منطقة آهله دون حراسة ودون أن يخاف أن يسرق رغم أن كثيراً من التبو يقيمون في فزان، وينسب إليهم ميل إلى السرقة . وفي يناير 1870 يكتب ناختيغال ( آخر من زار فزان ) إلى باستيان في مجلة الجمعية الجغرافية .في السابق كانت البيوت تترك دون أقفال لكن امراً قد تغير في فزان وتوجب على الآن أن أحضر الجمال إلى المدينة لتوفير قسط أكثر من الأمان. نظر المسؤولون والناس إلى رولفس في فزان بأنه عسكري، باعتباره يذكر في الفرمان بصفة بك وزار القول أغاسي (النقيب ) واستعرض قواته. ويرى أنها سرية منظمة ويحظى الجنود بإعاشة جيدة و المهاجع نظيفة، والمستشفى العسكري فيه 12 سريراً ونظيف. وطلب الطبيب العثماني من رولفس أن يزوره في منزله، وتحدث له بسرية عن عدد الرقيق الذي يدخل المدينة بحماية القائمقام، وبلغ خلال فترة وجوده 4084 رأسا، وهو يعرف العدد لانه يحصر من جانب الحرس لابلاغه إلى القول أغاسي، ويأخذ عن كل رأس يدخل 2 محبوب و½ قرش عن كل من يخرج . إن وكيل القنصل الانجليزي كان يشارك في تجارة الرقيق و يقترح رولفس على الإرساليات شراء الأطفال الأرقاء وتوليهم، وعن طريقهم تنشا مجموعة مسيحية في فزان . يقدر رولفس عدد السكان داخل وخارج المدينة 8000 منهم 3000 داخلها وقدرهم فوغل بحوالى 9800 وفي زمن زيارة رولفس كان السكان في تزايد ولقد ساد الأمن في زمن العثمانيين. ويؤيد رولفس قول ريشاردسون انه ما من بيت له قفل أو درباس فان أهل، فزان لا يسرقون مطلقاً . يقوم على راس الإدارة القائمقام وكان بداية ذا صلاحيات واسعة في أمور السكان والسلم والحرب مع الشعوب المجاورة، إلا أن هذه الصلاحيات حددت منذ مطلع الستينات، وأصبح يعين من الاستانه، وهنا يقال " السماء عالية والاستانة بعيدة " وهو مضطر للتفاهم مع طرابلس . الشخص الثاني القول اغاسى أعلى موظف عسكري تحت امرته 500جندي من المشاة وعدد من الخياله وأربعة مدافع ميدان ويؤخذ معظم العساكر من اهالي فزان في حين أن الضباط وضباط الصف من العثمانيين . الموظف الثالث كاتب المال وهو المسئول عن الضرائب والشوؤن المالية . الموظف الرابع قواص باشا رئيس الشرطة الذي يقوم بتنفيذ أوامر القائمقام ، أما أبناء البلد فإنهم يشغلون وظيفة القاضي وهي وراثية منذ أيام أولاد محمد، ووظيفة شيخ البلد المحصورة في أسرة بن علوه وهي ذات علاقة طيبة بالرحالين ويذكرهم رولفس وناختيغال وسواهما أثناء الجولة التي قام بها رولفس إلى تراغن في مطلع 1866 تعرف على مزايا محمد القطروني خادمه الجديد ومرافق العديد من الرحالين إذ يقول عنه " لم يشارك مزاح وهرج الآخرين وكان يسير بجديه وتؤده، ولم يشبهه احد في معاملة الجمال، ولا في مهارته وسرعته عند تحميل الأغراض و تنزيلها، وفي تنظيم العمل والسير، وفي اختيار مضارب جيدة. وان أمانته واخلاصه واستقامته كانت تسمو فوق كل شي وقال عند عمله لدى، انتم في دينكم ونحن في ديننا، ولكن عندما تريد أن اذهب معك على اسم الله، ومثلما خاطرت بحياتي في سبيل ابن عمك فأنني مستعد للموت في سبيلك . الرحالة غوستاف ناختيغال ( 1834 ـ 1885 ) : ـ أن الطبيب غوستاف ناختيغال الذي وصل الجزائر في 1862 لاسباب صحية واستقر في عنابة لمدة ستة اشهر لم يلبث أن غادرها إلى تونس، حيث كانت له عيادة واشتغل طبياً عسكرياً ثم طبيباً لباي تونس. واستمر فيها حتى أواخر 1868، عندما وقع الاختيار عليه من جانب رولفس بناء على نصيحة المستشرق والرحالة الألماني البارون هينريش فون مالتسان كي يتولى نقل هدايا الملك البروسى من طرابلس حتى كوكه عاصمة برنو وتقديمها هناك إلى الشيخ عمر سلطان برنو. وهذه المهمة التي قبلها ناختيغال ببالغ الاهتمام أدت به إلى القيام برحلة حملته من طرابلس إلى ترهونة بنى وليد ، بونجيم ، سوكنة ، أم العبيد ، الزيغن ، سمنو ، تمنهنت ، الجديد ( سبها ) غدوه ، مرزق . ثم قام برحلة إلى تبستي وبعد ذلك اشترك مع محمد ابوعائشه في قافلة واحدة إلى برنو ماراً بالقطرون وتجرهي وبلما وكوكة ومن هناك زار كانم مع أولاد سليمان. ثم قام برحلة إلى حوض تشاد ووداي ودارفور واستغرقت رحلته حوالي ست سنوات. لقد مكث ناختيغال في مرزق التي وصلها في 17 مارس 1869 حتى مايو 1870 لم يغادرها إلا لمدة ثلاثة اشهر زار خلالها تبستي. وفي مرزق قام باتصالات واسعة، وأجرى دراسات وتعلم الكنورية وأخذ يرتب لرحلة مشتركة مع الرحالة الهولندية الكسندرينا تينه التي كانت قد حلت في مرزق قبله بأسبوعين، كما كان يعالج المرضى. وان معرفته العربية ومهنته الطبية وكياسته سمحت له بجمع معلومات واسعة عن مرزق وفزان عموماً صب معظمها في فصلين حول المدينة وفصل عن الأمراض لم يسبقه إليها الرحالون الآخرون. ومن يدرس المدينة وفزان عموما لامناص له من الرجوع إلى كتابه الصحراء وبلاد السودان في المجلد الأول منه . وقد اخترنا بعض المقطتفات لنشرها هنا من باب الإشارة إلى المواضع الهامة التي يتناولها والمنهج الذي يتبعه في ذلك وقد ترجم عبد القادر مصطفي المحيشي الأجزاء الأول والثاني والرابع عن الإنجليزية وترجم د. عماد الدين غانم الجزء الثالث عن الأصل الألماني كما قام بمطابقة جميع الأجزاء على الأصل الألماني، وصدرت ترجمة الجزء الأول منه في 2007 عن مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية . يقدم ناختيغال وصفاً دقيقاً لمرزق كما فعل في حالة طرابلس، ويصعب أن نقدم ما كتبه ونكتفي بإيراد مقاطع مما كتبه . " لم نعبر البوابة [ الشرقية > التي يقع بجانبها مكتب الجمرك، ثم دخلنا الشارع الرئيسي الذي يمتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي وينتهي عند طرفه بالبناء الرائع للقصبة حيث مقر الحامية العسكرية . لقد بنيت جميع البيوت على جانبي هذا الشارع الذي يختلف اتساعه من مكان إلى آخر والذي يعطي المكان بأجمعه صفة تختلف تماما عنها في أية مدينة إلى الشمال منها . لقد شيدت البيوت بالطين وحيث أن التربة في الاماكن المجاورة ملحية جداً، فيبدو انه من الممكن جرفها بمياه المطر أكثر من بيوت سمنو والقرى الأخرى . على انه اثر بنائها الأكثر روعة والمساحة التي تشغلها فإنها خلفت في النفس انطباعاً مهيباً، ويوجد في الكثير منها دور علوي بنوافذ معتادة يمكن أن تغلق بمصاريع إن لم تكن بألواح زجاجية. وكما هو الحال في بوابات المدينة فان بعض المصابيح صنعها نجارون من أخشاب أوربية بيد أن معظمها صنعت من خشب النخيل" [ أقول أن ناختيغال يريد أن يبين الطابع المدني الملموس في مرزق > لقد ذكر ناختيغال أن القافلة توجهت منذ بضعة شهور إلى برنو إذ أن الأوضاع التجارية لم تكن مغرية للتجار الشماليين بحيث تنطلق قافلة في الفترة القريبة. الرحالة ناختيغال وهذا ما جعله يقضى أكثر من عام في مرزق حتى استطاع التوجه إلى برنو بعد الانضمام إلى قافلة محمد أبو عائشة موفد والى طرابلس الغرب إلى الشيخ عمر الكانمى سلطان برنو. يذكر ناختيغال أبناء محمد بن علوه الذين جاؤوا لزيارة الحاج عبد الله اكبر أبنائه الذي نظم عدة رحلات تجارية في بلاد السودان وكانت دائما ذات ريع غير مجز. ووصف إبراهيم بن علوه بأنه القوة المحركة للإدارة المحلية نظرا لعدم كفاءة المتصرف، وهو القائم بما يمكن أن يوصف بالحكومة. وكان مكتبه في الطابق العلوي في منزل فخم نسبياً عند النهاية الشمالية الغربية للشارع الرئيسي المناسب لاقامته على نحو مريح، كما كانت تحت تصرفه أيضا حجرة أرضية لها نوافذ ذات ألواح زجاجية والإنجاز الوحيد الذي يذكره هو شئ من النظافة وقد ادخلها على محيطه مباشرة، ولديه وصيفان أسودان بلباس خدم يشبه الخدم الأوربي. بالإضافة إلى هذه الشخصيات يذكر ناختيغال الآنسة تينه التي كانت تقطن بيتاً كبيراً في منتصف الشارع الرئيسي كان سابقاً للمكني وهو مطابق للقنصلية الإنجليزية. إذا تتبعنا الشارع الرئيسي انطلاقاً من الباب الشرقي أو البوابة الرئيسية الباب الكبير فان النظر يقع قبل كل شي على مخفر الحرس الرئيسي بردهته المدعمة بالأعمدة الخشبية وعلى صف من الدكاكين من كل جانب تمتد أمامها أروقة محمولة على دعائم، هي ملتجأ ظليل للباعة والمشترين . في ذلك المكان يعقد السوق اليومي يبلغ ذروته بعد الظهر وعلى الجهة الأخرى لهذا السوق يأتي الشارع إلى نهايته عند منزل الباشا على الجانب الايسر ومنزل كاتب العسكر على الجانب الأيمن وينفتح على ميدان فسيح أقيمت عليه القلعة وهى مبنى ضخم شبه مربع تواجه جوانبها الاتجاهات الأربعة للبوصلة. وإذا ما مررنا بالقلعة باتجاة الشمال نصل إلى الباب البحري في الجزء الغربي من الجهة الشمالية للمدينة. وإذا أمررنا بجانبها الجنوبي نصل إلى الباب الغربي. وأما القصبة( القلعة ) ذاتها فإنها تضم داخل أسوارها الضخمة ذات الشرفات الثكنة التي تلي يمين المدخل مباشره وهي بناء مربع في وسط فناء واسع بنى على مساحة تعتبر بمقاييس فزان هائلة، ويظهر عليه الإهمال ومقابل الثكنة المسجد وبنى بنمط متواضع. والى الغرب من المسجد مخبز الحامية، وعلى الجانب الغربي من الثكنة البستان. وتملا القلعة وسط الخلفية ما بين المخبز والبستان وشيدت من الطين وتمنح بأسوارها الضخمة انطباعاً مهيباً في وسط تلك المنطقة باجمعها. وفي داخلها حجرات فسيحة للباشا وموظفية وقاعة للمجلس الكبير ومن السطح المنبسط حيث سارية العلم يمكن الإطلاع على سطوح بيوت المدينة المنخفضة وكذلك المنطقة المحيطة التي لاتخرج عن كونها لوحة فنية . لايمكني أن اتصور السب الذي جعل الحكام لا يرغبون الإقامة على هذا المرتفع الرحب من المدينة الموحشة، حيث لم يقم أي منهم منذ حسن باشا [ حسب رولفس هجرت منذ حليم بك الذي كان قائمقام مرزق في 1866 أثناء زيارة رولفس تولى المنصب 3 سنوات ثم عاد إليه في فبراير 1870 عندما كان ناختيغال فيها ينتظر قافلة إلى برنو > وتتولى حمايتها 6 مدافع عاطلة جزئيا، وقدرت الحامية بحوالى 500جندي أما الان فقد تناقص العدد إلى 300 واستبدل الأتراك بفزانيين متزوجين يعيشون من الصناعات اليدوية أو من زراعة بساتينهم. ويقسم الشارع الرئيسي المدينة إلى قسمين متساويين تقريباً وكلاهما مقطع بممرات ضيقة متعرجة جدا في أكثر الأشكال شذوذاً وبنيت البيوت بالتربة الملحية والصلصال ويوجد بالقسم الجنوبي من المدينة أكثر من 300منزل وأكثر من 280 في القسم الشمالي وعلى هذا تضم المدينة حوالي 600عائلة وإذا ما قدرنا متوسط أفراد الأسرة بستة أشخاص فان عدد سكان المدينة حوالي 3500نسمة وكانت المدينة باتجاة الجنوب أكثر اتساعا بحوالى الربع ولا تزال تشاهد بقايا السور الدائري الذي يطوق الرأس كما كان يسمى الجزء المجهور من المدينة. كما كانت هناك بوابة رابعة في منتصف جانب المدينة الجنوبي الحالي إلا أنها مسدودة الآن . حسب روايات جميع الأشخاص من ذوي المعرفة فان عدد سكان بساتين المدينة كان يبلغ تقريباً عدد سكان المدينة ذاتها وهو تقدير يصعب التأكيد من صحته بسبب تبعثر المساكن خارج المدينة. وقمت بزيارة بستان الحاج إبراهيم [ بن علوة > الذي يقع على مسافة نصف ساعة إلى الشمال من المدينة وقد عقدت العزم على التاكيد من ذلك الموضوع على جانب المدينة الشمالي بكامله تقريباً برك من المياه المالحة والسباخ ومما يدعو إلى الدهشة انه تقوم في وسطها بعض العيون العذبة وكذلك هو شان الأراضي الواقعة في الناحية الجنوبية من المدينة وستبقى الحماقة التي ارتكبها مؤسسو المدينة غير معقولة إلى الابد عندما اختارواً هذه الأرض ذات السبخات الواسعة لاستقرار السكان وتتمتع الصحراء عموماً بدرجة عالية من المزايا الصحية . لقد فقدت مرزق منذ وقت طويل مكانتها كمركز تجاري وان كبار التجار الذين مازالوا في المدينة منذ سنوات أكثرهم من الغرباء، من أبناء أوجلة وسوكنة وهون وطرابلس وقد عانى هؤلاء من المناخ المستنقعي وكانوا يدبون حول أعمالهم بوهن وضعف وكسل بوجوه كالحة وصفراء وشفاه شاحبة وعيون متثاقلة وحتى ملابسهم فهي عباءات رمادية أو رمادية بنية وقمصان زرقاء باهتة تتناغم في مظهر يوقع الكآبة في النفس مع وجوههم المرهقة والشكل العام للمدينة يبقى الناس في بيوتهم طالما أن عملهم يسمح بذلك و لا يقابل المرء في معظم النهار إلا التجار المساكين في محلاتهم بالسوق. ولا تجذب المقهى المعزولة عند مدخل السوق بمشروباتها المريبة التي تقدم مقابل 5 بارات للفنجان إلا جنود الحامية أو ما شابههم من الزبائن كما لا توجد أية زاوية شارع ظليلة لتغري بالجلوس والانهماك في القيل والقال فقد كان الأفضل للجميع أن يبقوا في منازلهم دون الخروج . وكان من الممكن أن تكون عاصمة فزان أكثر رتابة ومللاً لو لم يكن هناك حركة السوق التجاري حيث يأتيه الاهالى من أصحاب البساتين والعناصر الغريبة الكثيرة في المدينة ومعظمهم من مناطق أبعد جنوباً. قبل الظهر يفد إلى المدينة تدريجياً أصحاب البساتين ويغطون بمنتجاتهم السوق الذي يزداد ازدحامه في ساعات بعد الظهر. وتذبح الإبل والأغنام والماعز في الصباح والضأن هو المفضل. وتحضر نساء المدينة الخبز الطازج ويظهر أصحاب المتاجر تدريجيا ليعرضوا للبيع كميات متواضعة من السلع. ولكنها متنوعة مما يلزم الحياة المتحضرة في أوروبا والساحل الجنوبي للبحر المتوسط من كبريت، وورق لف السجائر والتبغ التركي، والحلويات من طرابلس واسطنبول وفناجين القهوة الصغيرة ومعدات الطبخ وصحون النحاس والقصدير والجبنة الهولندية والبراميل وأمواس الحلاقة والإبر والمرايا اليدوية الصغيرة والمقصات والأمواس وزينات النساء والأساور والخلاخيل النحاسية والفضية والعاجية من القرون وقلادات العقيق والكهرمان وخرز الزجاج والمرجان . كما يعرض الباعة العامون الأقمشة من القطن والحرير والمناديل والملابس العربية والقبعات التونسية وبرانيس من الصوف الإفريقي أو من النسيج الأوربي والحيوك التونسية أو الطرابلسية الرائعة وأغطية الأسرة الصوفية الناعمة الملونة من جزيرة جربة أو بلاد الجريد أو سجاد قليل من الجودة من مصراته أو أنواع أفضل من اسطنبول وأوربا. واللحافات النسائية من مصر ،والسروج العربية والركابات وغطاءات السروج من القطيفة أو الجلود المغربية المطرّزة بالذهب أو الفضة ولباد السروج السميك ، والأثواب الفاخرة السودانية ، والأحذية الجلدية الصفراء المطرزة بالحرير ، وأكياس الجمال الصوفية المصنوعة محلياً ،وقرب الماء من بلاد الهوسة ،وغيرها كثير من الأشياء القيمة الأخرى. وينادى هؤلاء السماسرة بآخر سعر يعرضون البيع به ، ويمسكون بالسلع في أيديهم عالياً ، ويقفون أحياناً حتى يعطوا فرصة لمن يريد معاينة السلعة ، أو يطرون جودة سلعهم بإفراط، فهم لا يستقرون أبداً في مكان ، حيث يهرولون من نهاية السوق إلى نهايته الأخرى من اجل الحصول على زيادة في السعر قد لا تزيد عن نصف أو ربع قرش، ولا يقتنعون بهؤلاء الذين يقومون بزيارة السوق ، بل يبحثون عن الناس الذين هم على دراية باحتياجاتهم أو ما يميلون إلى شرائه بالذهاب إلى بيوتهم وتكافأ مثابرتهم العسيرة بعمولة قد لا تزيد على بارة في القرش الواحد . وتستخدم النقود المتداولة في طرابلس كقاعدة للقيمة في مرزق ، بيد أن معاملات السوق ، التي هي معقدة في فزان ، قد صارت أكثر تعقيداً باستخدامها الريال الفزاني ، ويعادل 15 قرشاً عثمانياً ، والذي هو مثل المحبوب لا يوجد في الواقع كعملة. عندما يتوقع مرور قافلة تحضر الجمال إلى السوق من فزان وبلاد الطوارق والتبو، وعند الغروب يفد الطوارق من الوادي الغربي من البوابة الغربية بالفحم، وهم يختصون بهذه الصناعة. ونظراً لقلة الأشجار في فزان فان الفحم يعتبر سلعة ثمينة ونادرة، وغالباً ما ينتظرها الناس عند البوابة أو على الطريق . وتأتي القرويات تدريجياً إلى المدينة ومعهن الذرة في شكل حبوب أو دقيق أو محمصة والخضروات مثل الفاصوليا، والملوخية والبصل والباميا، واللفت والفجل وبذور الحنظل والفلفل الأحمر من السودان أو الفلفل الأسود من أوروبا. ويعتبر التمر أكثر الفواكه انتشاراً، والبطيخ متوفر وتأتي بعض الكميات من التين وبعض الرمان الردئ. واما التفاح والمشمش والكمثرى والعنب والسفرجل لاترى إلا أحيانا، لان الأغنياء ينفردون بزراعتها . الحليب والزبدة غالى الثمن بسبب ندرة الماشية وإذا تحمل المسافر تعب احضار زيت الزيتون الممتاز معه من الشمال من بنى وليد أو جبل غريان إلى سوق مرزق فإنه يحصل على ربح مجز ويباع تبغ المضغ ويعتبر ممتازاً إذا ما جاء من قرية زيزاو المجاورة. في سوق الخضار والفواكه كانت النساء تمثل الأغلبية يجثمن خلف سلالهن المصنوعة من سعف النخيل. ويذكر ناختيغال أن جميع الألوان ممثلة في برنو وبعض هذا الخليط يتكلم العربية واخرون لغة التبو والهوسة ولغة برنو الكنورية كثيرة الاستخدام وأكثر اهالي الصحراء أصالة الطوارق العابرون والتيدا الرشيقون. كان البعض من التجار المرموقين في طريقهم إلى السودان الغربي ويعتزمون السفر عن طريق غات إلى بلاد الهوسة الصناعية وآخرون قد وصلوا من هناك، وكانوا في طريقهم إلى طرابلس وبنغازي أو القاهرة ومازال آخرون يعيشون في فزان. وهناك حجاج ممن يرسلهم السودان الغربي كل سنة باتجاة الشرق يسلكون طريقهم عبر فزان والشمال الغربي . تجارة فزان في رأي ناختيغال : ـ رغم ما تقدمه الزراعة لاهالى فزان فإنها لا تكفي بأكثر من حياة مجردة وبدون النخيل لايمكن حتى توفر الحد الادني، ويضاف لذلك تربية الماشية إلا أن كل ذلك لا يؤمن لأبناء فزان فرصة لتوفير اية مدخرات للطوارئ والشيخوخة ، ولهذا تبرز التجارة. ويعزى ازدهار فزان إليها على مر الزمن . لقد جعلت سلسلة الواحات المتواصلة التي يربطها بساحل المتوسط، ومواضع التزود بالمياه المنتشرة على طول الطريق حتى بلاد السودان وقرب فزان من بلاد الطوارق والتبو، والنظم والإدارة الحكومية جعلت من فزان من قديم الزمان مركزاً هاما، وكل فزاني ثري كان تاجراً ويبدو أن الرومان لم يتوغلوا في أقاليم السودان بيد أن منتجاتها وصلت إليهم عن طريق فزان إلى الساحل الشمالي. وعندما جاء الإسلام لم يدفع بسكان أكثر حضارة إلى الصحراء فحسب بل أقام دولا إسلامية على ضفاف بحيرة تشاد والنيجر ونمت هناك تجارة نشطة من جميع الجهات . كانت بضائع الشمال تتدفق إلى فزان من تونس وطرابلس ومصر، ومن ثم تنتقل إلى الأقاليم الصحراوية وبلاد السودان والعكس كانت منتجات هذه البلاد تنتقل وتتجمع في فزان. وقد احضر كثير من الذهب في شكل تراب أساسا، ولكن أيضا وعلى شكل خواتم وسبائك صغيرة الخ من تمبكتو على مر العصور من إقليم اعالى النيجر إلى فزان وكان المثقال واجزاؤه حتى بداية القرن التاسع عشر القيمة المعيارية السائدة . ولم يجر إحضار الريال النمساوي والليرة الأسبانية إلا عندما نضبت إمدادات الذهب من هذه المناطق. وكان يحصل على القطع الصغيرة في البداية عن طريق التقسيم اليدوي لليرة ثم بعد توقف استيراد الذهب تماما لفترة جيل ، وإتمام إقامة الحكم العثماني المباشر أصبح الحصول على تصريف العملة إلى وحدات صغيرة يتم بقطع معدنية طرابلسية على نحو كامل . ويأتي من بلاد الهوسة القرب وجلود الماعز المدبوغة والأقمشة القطنية والنيلة والببغاوات ومن برنو علاوة على ذلك النيلة والتمر هندي وجلود النمور والأسود ومن باقرمي ووداى البخور وقرن الحرتيت، وكان ريش النعام وعاج الفيل والرقيق وهي أكثر سلعة مربحة وواسعة الانتشار من بين جميع السلع التجارية يستورد من معظم هذه البلدان. ان الطلب الزائد على جميع هذه السلع فيما عدا السلع المصنعة في بلاد الهوسة وتونس ومصر وعبر المتوسط حتى اسطنبول. إن كبار السن في فزان[ أثناء زيارة المؤلف> كانوا يتذكرون أيام شبابهم عندما كانت تأتي قوافل الحجاج الكبيرة كل سنة من تمبكتو محملة بالذهب وتحمل معها البضائع في طريق العودة كما كانت القوافل التجارية إلى السودان الأوسط وبلاد الهوسة وبرنو وكانت تنظم عدة مرات في كل السنة ومن ثم تعود بعدة الاف أكثر مما ذهبت . كان من نتائج حالة الانحطاط التي بلغتها بلدان الساحل الشمالي والأوضاع التجارية غير الملائمة في بلاد السودان ونشوء منافذ بحرية أخرى لم يكن اقلها اضحلال تجارة الرقيق قد أدت جميعاً إلى تقهقر كئيب وكان الوقت متأخراً عندما حافظت تونس على علاقة نشطه مع برنو. كما أن قوة طرابلس العسكرية قد ضعفت، وهكذا كانت نشاطاتها التجارية ورأسمالها. واختفت فيها روح المغامرة سواء في طرابلس أو فزان عندما عانى تكراراً طريق وداي من توقفات عديدة. ومع بداية القرن 19 ثم فتح طريق مباشر مروراً بواحة جالو إلى بنغازي أو القاهرة . ومنذ ذلك الوقت أصبحت تجارة وداي مع الساحل الشمالي في أيدي المجابـرة سكان جالـو. وانحطت برنو وقدرتها الإنتاجية وعلاوة على ذلك استولى الغدامسيون شيئا فشيئا على التجارة في غرب الصحراء مع سكانها الذين تربطهم بهم علاقات قبلية وبهذا حصلوا على اقصر الطرق إلى بلاد الهوسة وتمبكتو، وأقاموا هنا وهناك مؤسساتهم التجارية الخاصة. وان العقبات التي وضعت في طريق تجارة الرقيق كانت آخر ضربة تتعرض لها تجارة فزان، ولم يعد هناك في تونس ولا اسطنبول طلب على هذه السلعة المربحة كما لم يعد الطلب كبيراً من طرابلس نفسها وعندما توقفت المبيعات في اسطنبول كان من الممكن مواجهة احتياجات مصر من البلدان الوثنية المجاورة . ما من شئ يعوض الخسائر التي عانتها فزان في علاقاتها التجارية مع دول السودان. وبصرف النظر عن إنتاج بحيرات النطرون التي ذكرت آنفاً ـ يمد بحر الطرونة طرابلس بحوالي 500,000 رطل من الصودا ـ ليس هناك إنتاج يستحق أن ينقل إلى ساحل البحر المتوسط. وكانت تنقل كميات هامة من أوراق السنا إلى الشمال من جبال تيبستي عن طريق فزان ، ولكن نتيجة لانخفاض ثمنها فان نقلها آنئذ ومع زيادة تكاليف الابل قد أصبح مكلفاً جداً.لا توجد في فزان صناعة من أي نوع ،وعلى هذا فقد اختفى ازدهارها النسبي السابق، وأصبحت عائلات مرزق المشهورة بثرائها فيما مضى فقيرة تدريجياً أو تنسحب إلى بيوتها في أوجلة وسوكنة ...الخ . وصمدت عائلة بن علوة من خلال مركزها في إدارة الإقليم وصمد الحاج العامري شريك السيد قاقليوفي ، في الأساس من خلال الإيجارات التي تدرها عليه بحيرة النطرون، ولا يحصل التجار الثلاثة أو الأربعة الباقون الذين كانوا يسافرون إلى بلدان السودان أو يقدمون خدماتهم للمسافرين إلى هناك إلا على دخل متواضع جداً. وكانت هناك عائلات يسافر ثلاثة أخوة منها باستمرار إلى طرابلس والقاهرة والى غات وبلاد الهوسه وبرنو، ولم يكن بمقدورهم مع أقصى نشاط لهم إلا تحقيق نتائج متواضعة تماماً . وعلاوة على ذلك ليس في فزان من الحرفيين إلا من هم الأكثر ضرورة . وبذلك فان كثيراً من الأشياء التي كان يمكن أن يصنعوها بذاتهم، كانت تحضر من طرابلس، فقد كان باستطاعتهم تحويل الجلد الأحمر والأصفر إلى أحذية، وأحزمة، ومعدات سروج، وأحزمة عريضة للكتف يوضع فيها الرصاص، ويزينونها بتطريز دال على حسن ذوق، وكانت الحياكة العادية قائمة في كل بيت. ولقد ضعفت حرف دبغ الجلود والنسيج والصباغة، ولم يكن هناك أثناء زيارتي فعلياً سوى نجار أو مصلح للأدوات الخشبية ( ان هاتين الحرفتين يقوم بهما شخص واحد في هذه الأقاليم ) الحاج محمد الستار الذي كان من الأعيان وعضواً في المجلس الكبير، والذي كان في الغالب يعمل لنفسه أو لأصدقائه، ويكرس معظم وقته للزراعة والتجارة. ولم يكن هناك خراط في مدينة مرزق ولم يكن بإمكان الحداد إلا توفير بعض اللوازم البسيطة جداً، وكان في نفس الوقت سمكرياً وصانع أقفال ومصلحها وصائغاً، بيد انه لا يجد في الغالب فحماً، وتستأثر الزراعة بمعظم وقته مثل أي مواطن آخر في مرزق فهو بالطبع لابد ان يركز اهتماماته عليها حيث لا يكفيه دخله من الحرف الأخرى التي يزاولها ونتيجة لذلك فان على حرفته وزبائنه الانتظار. ولم يكن يصنع هناك بكميات كافية إلا الفخار الضروري والسلال المضفورة من سعف النخيل ونسيج وبر الابل لسد حاجة الإقليم، ويحصل على أي شئ آخر، في الغالب من طرابلس مثل البضائع القطنية الرخيصة والأقمشة والحرير والأواني النحاسية ويحصل من السودان إلى حد اقل من ذلك على البدل القطنية الجاهزة وقرب الماء والأواني الخشبية وعلى ذلك بالطبع تكلف زيادة في السعر لما يزيد على خمسين في المائة. هانس فيشر : ـ أن هانس فيشر ليس رحالة في الأساس بل عين قنصلاً لبريطانيا في برنو وانطلق من طرابلس بحيث يسلك طريق القوافل ليلتحق بعمله جنوب غربي بحيرة تشاد وبهذه المناسبة يصف طريقه إلى عمله وترافق في الأراضي الليبية مع شخصية مرموقة وهو عبد القادر جامي ويبدو أنهما لا يبتعدان في اهتماماتهما عن بعض وكل منهما متأثر بالأخر وكان مفعما بهذه الفرصة التي جمعتهما على مدى عدة اشهر من العام 1906 ويشيد كل منها بالأخر في التقارير التي وضعاها عن هذه الرحلة لابل استعمل فيشر العديد من الصور التي التقطها جامي توثيقاً للمعالم التي شاهدها في مختلف مراحل سفرهما في الجبل والحمادة ووادي الشاطئ والوادي الغربي ومرزق والقطرون وسواها . وإذا أخذنا مرزق بعين الاعتبار فإننا نلاحظ ان فيشر قد خصها بما يتجاوز الخمسين صفحة وباعتقادنا ان تحليل هذا النص يقدم للمؤرخ الاقتصادي والاجتماعي مادة عن التغيرات التي شهدتها مرزق التي ظلت قاعدة فزان على مدى أربعة قرون على الأقل اثر الأحداث التي عطلت بدءاً من تسعينات القرن التاسع عشر الجزء الجنوبي من طريق برنو الشهير وانعكاس ذلك على المدينة ومكانتها التي اكتسبتها في الأساس من كونها محطة رئيسية لهذا الشريان الهام لتبادل السلع والمصالح مابين الشمال والجنوب . والموضوع الجديد كلياً الذي مسه هانس فيشر في اطار مهمته السياسية هو الوقوف طويلاً أمام السجناء السياسيين وكانوا في معظمهم من الحركيين في حزب تركيا الفتاة وحرص كل الحرص على قضاء معظم أوقاته معهم وعرض بعضاً منهم وشيئاً من أفكارهم وعلاقتهم مع المواطنين والمكانة التي تمتع بعضهم حتى لدى المسؤولين عن المتصرفية كما أشار إلى المدرسة التي أسسها في الغالب أبناء بلاد الشام بين هؤلاء المساجين. ولما كان من الصعب وضع جميع المادة المتعلقة بمرزق والكثير منها يستحق ان يدرج، آثرنا ان نقتصر على مجموعة من المعلومات الجديدة حول وصف المدينة وسكانها وسوقها والتجارة عبر الصحراء والإدارة العثمانية وسواها من المعلومات حول التغيرات الطارئة وتحديد وضع مرزق في مطلع القرن العشرين وبالأحرى بعد فقدانها مكانتها في التجارة مابين الشمال والجنوب على جانبي الصحراء. بعد ان يلقي فيشر نظرة على مكانة مرزق في تاريخ الرحلات الأوربية إلى افريقيا أو ما يدعوه اكتشاف افريقيا ويستعرض مشاهير الرحالين الذين اتخذوها محطة رئيسية في طريقهم إلى الدواخل الافريقية بعد انطلاق رحلتهم من طرابلس ويلقي نظرة على دولة الجرمنت وتاريخ فزان يتناول الوضع الذي كان سائداً أثناء وصوله مرزق قاعدة متصرفية فزان التابعة لولاية طرابلس الغرب منذ القضاء على عبد الجليل في 1842 ويعدد الأقضية والمديريات التي تنقسم إليها المتصرفية ويذكر من الاقضية سوكنه والشاطئ وغات ويتولاها قائمقامون وأما المديريات فهي سبها وسمنو والحفرة الشرقية والوادي الشرقي والوادي الغربي والقطرون وأما وادي عتبه فيشكل مديرية صغيرة منفصلة يقوم عليها مدير. وفي الفترة الأخيرة عين قائمقام في برداي مركز قضاء تبستي. ان فيشر يقف أمام استمرار وجود مرزق في حين ان سواها قد اندثر مشيراً إلى الأبراج أو بقايا القلاع في الجنوب، والتي يعتبرها بمثابة معالم كانت ضمن مدن اندثرت وهذا رأي يتطلب إلى تقييم علماء الآثار لن نقف أمامه هنا. ويبين ان موقع مرزق على الطريق الواصل بين طرابلس وبرنو وغات واستمرار حركة القوافل بين البحر المتوسط وكوكه هو الذي جعل مرزق تحافظ على مكانتها إلا انه يقول ان هذا الوجود هو اصطناعي مبيناً ان غالبية الثروة ليست في يد أبناء مرزق بل بيد تجار من واحات مختلفة مثل سوكنة أو المجابرة. ويعدد بين الأضرار التي لحقت بتجارة القوافل تراجع تجارة الرقيق وتزايد النفوذ الأوربي وتدخله في طرق التجارة والعمل على تحويلها، ويركز خاصة على ظهور رابح الزبير في برنو حوالي 1890 والذي تغلب على قوات باقرمي ووداي وبرنو ووحد هذه البلدان في دولة كبيرة واستمر في الحكم حتى 1900 عندما هزم في معركة كسيري على يد القوات الفرنسية. لقد توقف طريق برنو في عهده وقتل التجار العرب الذين كانوا في برنو أو وقعوا في فقر مدقع وتقطعت بهم السبل ولم يعد طريق برنو بعدئذ الى الانتظام وفقد الأمان. ان وصفه للمدينة لا يختلف كثيراً عن سابقيه فيذكر الشارع الرئيسي والسوق والقلعة والجامع والسور المنهار في معظم أجزائه والأبواب الثلاثة ثم يقول : " لقد أحصى ناختيغال 600 بيت مسكون في مرزق وقد وجدت مائتي حوش ضمن الخرائب العامة وان العدد الذي يقدره ناختيغال 6500 نسمة وبارت 2800 نسمه. وحسب الإحصاء العثماني فانه يوجد في مرزق والبساتين المحيطة بها 870 من الرجال فوق العشرين من العمر وقد يبلغ عدد السكان الحالي حوالي 3000 نسمة. " ان قلعة مرزق ذات بنية هائلة ليس لأنها كومة عملاقة مغايرة من الطين الصلب تخترها ممرات مظلمة تؤدي الى القاعات الواسعة التي يدخلها النور من نوافذ صغيرة قليلة. في الممر الأول توجد عدد من الغرف كان يسكنها حكام فزان السابقون، وهي تستعمل حالياً كما كانت. في الأسفل وحول السجن يوجد العديد من الأتراك الأوربيين المسجونين مؤقتا إنهم سجناء سياسيون منفيون من تركيا الفتاة وخمسة وأربعين من البلغار إنها ثكنات الحامية والشرطة ودار السلاح وهي تقوم حول المبنى الرئيسي للقلعة القديمة وهي تتلو المخفر عند مدخل الجامع. إن أبواب الثكنات مفتوحة على ميدان واسع حيث تتم الاحتفالات واستعراض القوات في الصباح. ويحافظ عليها نظيفة ومرتبة وذات جو عسكري، وتتجمع فيها ليلا جميع جمال المدينة، كما كان الأمر في زمن زيارة ناختيغال. وفي مقابلها مستشفى القلعة العسكري ومكتب التلغراف حيث يحصل المرء على أخبار العالم الخارجي. ان الجانب الجنوبي من الميدان مغلق ببيت سامي بك وهو منفي سياسي وسأعود للحديث عنه . في منتصف الشارع الرئيسي يقوم بيت السيد قاقليوفي الوكيل البريطاني وهو حالياً خراب وقد عاش سنوات عديدة في مرزق بغرض وقف نقل الرقيق. وتقع مقابل المخفر الرئيسي القنصلية البريطانية والجنود العثمانيون من الحامية الخياله كما كان الأمر عندما وقف رولفس عند بيت قاقليوفي. أثناء النهار يمكن ان تشاهد كل مرزق في الشارع الرئيسي يمشون أو ممتطين الخيل حتى الرمل العميق باتجاه السوق في الطرف الشرقي حيث يحضر الفلاحون منتجاتهم من البساتين كي يبيعوها للموظفين العثمانيين ولعساكر الحامية وان تاجراً عرضياً من برنو أو السودان قد يبيع بعض بضائعه قبل أن يتابع سيره نحو الساحل. وفي بعض الأحيان يحضر الطوارق والتبو تمورهم إلى مرزق، أو يعرضون جملاً للبيع وتوضع إلى جانب بعضها مع السكر والخشب المعطر والشاي. إن الزجاج والخرز والعطور والحرير الملون والمنتجات الرخيصة من أسواق القارة موجودة هناك وهي تضفي على مجمل المشهد بهجة متنوعة وتعجب أهالي مرزق وتذكرهم قليلاً بالزمن الماضي، عندما كانت تنزل القوافل الكبيرة من برنو حول المدينة ومن بنغازي وطرابلس كانت ترسل ألاف الجمال عبر المدينة في كل عام . كل واحد من مرزق يذهب إلى السوق إذا أمكن ويمارس قليلاً من التجارة. الجميع في صخب وضحك ولايمكن إلا أن يعجب المرء السير الوقور لهؤلاء الناس الذين يجابهون فناءهم بمثل هذه الظرافة . إن مرزق الحالية في وضع من التحول. لقد توقعت أن تكون محطة متوسطة كبيرة في منتصف المسافة كما كانت في أيام التجارة العابرة للصحراء ولم تتمكن حتى الان من تحقيق وضعها الجديد باعتبارها مركز منطقة خصيبة تابعة للشاطئ الشمالي. وكلما اكتسب أبناء فزان ثقة بموطنهم، كلما كان هذا أفضل للجميع، ولهذا فان مرزق قد تستعيد شيئا من ازدهارها السابق . لقد شاهدت بين التجار الذين يجلسون في السوق في صراخ طويل تحت كوخ صغير من الحصائر القشيه مثلما هو الحال في شمال نيجيريا، تركيا أو ربيا يبيع كمية قليلة من الشاي والسكر لنساء مرزق الصاخبات. وعندما لا يأتيه زبون كان يأخذ بكل هدوء كتاباً لا يقل عن مجلد بودلير ولم تكن المفاجأة قليلة أن التقي طالبا في الآداب الأوربية بين الباعة من الهوسه والعرب يبيعون المنتجات الجلدية من كانو والروائح الرخيصة من الشاطئ فاجتذبت نظر التاجر. لقد كان سامي بك وهو من تركيا الفتاة من فيليبو بوليس وكان ضابطاً سابقاً في البحرية العثمانية وقد حكم عليه بالنفي مدة مائة وسنه وأرسل إلى مرزق. وقد علمت منه أن الكثير من هؤلاء التجار هم من أرجاء الدولة العثمانية، وهم جميعاً رجال كانوا من ذوي الوظائف المسؤولة، وهو يتكلم الفرنسية والألمانية بينما يقومون بالتفاوض على صفقة بمبلغ غرش مع فاطمة وزينب. كان يستفهم خاصة عن وضع الشؤون الأوربية وتحديداً عن بلادهم . إنهم رجال طيبون هؤلاء الذين قبلوا ماهو محتم ولأنهم يعملون بكل ابتهاج كي يعيشوا بين السود والعرب وهم على ولائهم لموطنهم وللأهالى بحياة جديدة. يكتسب هذا السوق أهميته باعتباره صورة عن طبيعة أبناء فزان. حول عدد قليل من المظلات القشية. حيث تعرض في ظلها سلع رديئه كانت تدب حركة وحيوية كما هو الأمر في الأسواق الافريقية الكبيرة. وكما هو الشأن في كانو وبرنو. كل واحد يتكلم دفعة واحدة لأنه يبدو مامن احد ينصت وكل واحد منهم بدا راضياً. إن أرقاء من الهوسه وكانوري وباقرمي وفلاته يدفعون التبو المتجهمين. وتجار مرزق القدماء الذين شهدوا أياماً أفضل يمرون جيئة وذهاباً معتدين بمكانتهم كما لو أن جميع تجارة افريقيا خاضعة لهم. أن عربا من الشواطئ ينكزون ببنادقهم الطويلة في كل اتجاه، بحيث يفسح لهم الطريق الجمهور النزق. أتراك وطوارق وألبان ويونان وسوريون يمثلون الجنود العثمانيين في زي رسمي ممزق وانهم جميعاً يقومون بدورهم بأكبر قدر من المشاركة. إن الأشخاص القليلين الذي يجلسون حاليا حول الأكواخ ذات بضائع مانشستر أو الروائح الفرنسية الرخيصة من الشواطئ والسود مع التشكيلة الغربية من المشغولات الجلدية. والبخور والكحل والقرنفل وباعة الشاي والسكر إنهم ينطلقون جميعاً بالصراخ. في بعض الأحيان تقتل شاة فإنها تقطع وتباع أو يحضر طارقي جملاً إلى السوق فيتعالى الصراخ والحديث ويغدو أكثر هيجانا، أو أن يحضر احدهم خبراً من طرابلس أو من الجنوب أو من غات وإذا ما أضيف إليه قليل من التباينات فانه تعلن به آلاف من القصص الغريبة أو تنمو عنه بعض التفاصيل. يهتم فيشر بموظفي متصرفية فزان وموظفيها ويذكر من بينهم رئيس البريد والتلغراف الذي يتولى إرسال واستلام جميع البرقيات، وكان مرغوباً جداً نظراً لان الأخبار ترد إليه ويورد ملاحظه عابرة انه كان دوماً على استعداد لإفشاء الأخبار . ويكرس مزيداً من الاهتمام بالسجناء السياسيين وعمق علاقته معهم وبعد فترة غدا بيت فيشر ملتقى لهم، والواضح انه جمع معلومات كافية عنهم، والأرجح انه كان مكلفاً بذلك ويقيم علاقتهم الايجابية مع أهالي مرزق بقوله .: لم اسمع في يوم من الأيام شكوى من جانب هؤلاء الشبان العثمانيين، إنهم يعيشون بوئام مع أهالي المدينة، يحاولون تحسين وضعهم بقدر ما يسمح لهم فقرهم. وقد أسسوا مدرسة حيث يتلقى أطفال أفقر الأسر تعليماً مجانيا. إنهم يشتركون فيها بما يملكون من وفر من المال الذي يحصلون عليه بصعوبة. ثم يعود لطرح مسالة التجار والتجارة في مرزق وفزان فيقول : " أن التجار العرب الوقورين عمر طرومبا وعلي العامري وشريف السنوسي يمثلون الأزمنة القديمة عندما لعبت مرزق دورها في التجارة الافريقية. إن مكانة مرزق تبرز في موقعها ليس فقط في نشاط سكانها. إن غالبية التجار كانوا رجالاً من سوكنة مدينة البربر في حدود فزان الشمالية الشرقية أو العرب المجابرة من جالو في برقة، هؤلاء الآخرون غادروا مرزق منذ وقت طويل إنهم مستمرون في التجارة على الطريق العابر للصحراء من وداي ودارفور عبر شرق برقو وتبستى نحو الكفرة والصحراء الليبية حتى بنغازي لم يكن هذا الطريق مطروقاً كثيراً في السابق وذلك لندرة الآبار والكثبان الرملية العالية وهي مهوله أكثر من أي مكان أخر . بشكل عرضي، ومع إغلاق طريق الرقيق نحو المغرب وتونس وطرابلس وتقدم الأوربيين فإن الأرقاء التعساء نقلوا على الطريق الأكثر صعوبة وقسوة . وعندما قضى رابح على معظم تجار طرابلس الذين كانوا يتعاملون مع برنو، وان تجار سوكنة الذين قابلتهم في مرزق وقد افلتوا عن طريق الصدفة من الخراب العام. ولم تكن أموالهم قد وظفت بالكامل في القوافل المفقودة ومثل التجار المفلسين فإنهم اشتروا تدريجياً الشركات المدمرة و انتقلت البيوت في مرزق إلى أيديهم ولم يكونوا تابعين تبعية تامة في التجارة قليلة الأهمية التي يقومون بها على طريق طرابلس مرزق غات كانو وبرنو إن البيوت الحسنة في مرزق قرب الباب الشرقي هي ملكهم ولديهم أيضاً بيوت كبيرة خارجها في بساتين الواحة. واعتقد أن هؤلاء الرجال سيمسكون بسرعة بالنظام الجديد للأمور عندما تقدم كانو على تزويد جنوب الصحراء وحوض تشاد وعندما ترغب فزان أن تزرع الحبوب والتمر من أجل سوق طرابلس. إن أبناء فزان ذاتهم يتوارون في الغالب كلية وسط الرسميين العثمانيين والمنفيين والتجار الأثرياء وحشد الرقيق الذين لا يوصف أو الحجاج من الجنوب، فهم إما مزارعون صغار، أو أشخاص متواضعون غارقون حتى أذانهم بالدين للتجار أو الحكومة أو منهم طبقة ممن يذهبون إلى الشواطئ للخدمة . إن الشباب من أبناء فزان يعودون في الغالب من اجل الزواج . وان يستقر في واحته أو يصطحب زوجته إلى تونس أو طرابلس عندما يجد أن الرمل قد اجتاح [ أرضه > أو أن الضرائب أصبحت باهظة تفوق طاقته . إن عبد الله بن علوة العجوز هو الممثل الوحيد لتجار مرزق ويوجد السنوسي الشتيوي من الأسر الشهيرة جداً الذي قابله معظم رحالينا إلا أنه كان رجلاً طاعناً في السن تعيساً ويبدو انه فقد الاعتبار في مرزق، لقد كان مفتياً أو امام الحامية العثمانية. لقد جرى تسجيل بعض أبناء فزان في قائمة الزابطية العثمانية. والأكثر وجاهة بين هؤلاء حاجي سنوسي وهو ضابط شاب وسيم في الدوك ( الزابطية ) وهو جرئ ومفيد في الصحراء كما انه لطيف المعشر في المدينة عندما كان فيشر بصدد اتخاذ الترتيبات لمغادرة مرزق وصل تبوى راكباً على جمل يحمل أخباراً تفيد أن الفرنسيين احتلوا بلما وواحة كوار وخاضوا معركة دامية مع الطوارق في جادو ويعلق على ردة الفعل في مرزق على الخبر بقوله : " لقد أثارت الأبناء هياجاً عاماً في البلدة الصغيرة إذ أن بلما تتبع اسمياً لفزان والدولة العثمانية . للحظة أشاع بعض الأشرار خبراً مفاده بأني كنت مبتهجاً بهذا الخبر ، وعلى الأرجح انني لست سوى جاسوس وقد تحتل مرزق أيضاً. ولحسن الحظ انني كنت في ذلك الوقت أحظى بعدد كبير من الأصدقاء في مرزق ممن كانوا قادرين على رحض هذا الافتراء . وخلال ساعات قليلة كانت الأخبار في عالم النسيان من جانب الشعب الطيب " لاشك أن الاطلاع على مجمل الفصل الخاص بمرزق يسمح بتقيم أعمق لرؤية فيشر لواقع مرزق في 1906 وهو مفيد جداً للمؤرخ الاقتصادي والاجتماعي .
|
#203
|
|||
|
|||
مسلّة تيماء» تثير صراعاً فرنسياً ألمانياً منذ 135 عاماً
رحالة ألماني يكشف جوانب سياسية واجتماعية واقتصادية لشمال الجزيرة العربية قبل قرن ونصف ساحة المسحب في حائل كما رسمها الرحالة الألماني بريشته وقلمه («الشرق الأوسط»)نقش إسلامي عثر عليه في منطقة الجوفقصر كاف («الشرق الأوسط»)قلعة ماردتشارلز هوبر رفيق الرحالة الألماني الذي اغتيل بالقرب من جدةنقش لاتيني اكتشف في منطقة الجوفالرياض: بدر الخريف
قبل 135 عاما من اليوم حمل المستشرق الالماني يوليوس أويتنج عدته وعتاده متوجها الى الجزيرة العربية قاطعا آلاف الاميال في رحلة لم تخل من المصاعب والاخطار بهدف الرغبة في جمع النقوش ودراسة الكتابات العربية القديمة في شمال الجزيرة العربية واستنساخها ونقلها معه الى المراكز العلمية في بلده. وخلال تنقله في انحاء متفرقة من شمال الجزيرة العربية حرص أويتنج على نقل واستنساخ كل نقش وقعت عيناه عليه، كما قدم وصفا دقيقا لكل موقع أثري مر به في رحلته التي استغرقت ثمانية اشهر متتالية تمكن خلالها من زيارة مناطق كاف، والجوف، وحائل، وتيماء، وتبوك، والحجر «مدائن صالح»، والعلا، والوجه، كما قدم صورة اتسمت بدقة الملاحظة وعمق الرؤية عن الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في المناطق التي زارها، إضافة الى معلومات نادرة عن تاريخ وجغرافية تلك المناطق واحوالها السياسية. وسجل الرحالة كل ما شاهده في يوميات اتسمت بالاعتماد على أسلوب الوصف العلمي السليم الذي يقوم على أساس المشاهدة الواقعية ويبتعد عن أسلوب الخيال القصصي وزاد على ذلك في نقل مشاهدته عن طريق الرسم الذي اجاده بدقة. وقدمت دارة الملك عبد العزيز اول ترجمة عربية ليوميات هذا الرحالة ضمن إصداراتها لمؤلفات الرحالة عن السعودية والجزيرة العربية ومنها هذه الرحلة التي بدأها المستشرق الألماني في العاشر من سبتمبر (ايلول) عام 1883م بوصوله الى كاف، وانتهت في الرابع عشر من ابريل (نيسان) من عام 1884، وترجم وعلق على الأصل المحرر بالالمانية الى العربية الدكتور سعيد بن فايز السعيد الذي شدد في مقدمة الترجمة على ان من يقرأ وقائع رحلة المستشرق الالماني، يوليوس أويتنج، التي قام بها الى شمال الجزيرة العربية عام 1883 ـ 1884 لن يجد صعوبة في التعرف على ان الهدف الحقيقي من وراء قيامه بهذه الرحلة هو هدف علمي بحت، فقد ادت رغبته في جمع النقوش ودراسة الكتابات العربية القديمة الى قيامه بهذه الرحلة الشاقة الى جزيرة العرب، كما حرص المؤلف على تقديم وصف دقيق للمدن والقرى التي زارها والطرق والمسالك التي سار عبرها، ومناهل الآبار وموارد المياه، والجبال والصحراء والآثار والمباني، والقلاع والحصون وأحوال الطقس، كما حرص المؤلف ايضا على تقديم وصف مفصل للعادات والتقاليد وأحوال المعيشة للمجتمعات التي زارها، وهو لا يكتفي في كثير من الاحيان بمجرد الوصف ونقل مشاهداته اليومية، بل انه يسخر موهبته الفذة في فن الرسم، لينقل الينا صورة واقعية لمعلم او شخص او خلافه. واعتبر المترجم أن الكتاب يتضمن معلومات نادرة وقيمة قد لا نجدها في أي مصدر آخر يفيد المؤرخ والجغرافي وعالم الاجتماع وعالم الاقتصاد. وتضمن الكتاب اشارات الى الرحالة الفرنسي تشارلز هوبر الذي قرر أويتنج الرحيل الى الجزيرة العربية برفقته، وقد اغتيل هوبر في يوم 29 يوليو (تموز) عام 1884 بالقرب من جدة بعد ان اطلق عليه جناة بضع رصاصات اودت بحياته واحتجزوا خادمه محمود مدة يومين وتمكن من الافلات منهم. وادى اغتيال هوبر الى تحرك الدبلوماسية الفرنسية حيث اصدرت الاوامر الى قنصلها في جدة، منسوردي لوستات، بأن يحافظ على مقتنيات هوبر التي من بينها حجر تيماء الشهير «مسلة تيماء» الذي اكتشفه هوبر خلال رحلته الاولى الى جزيرة العرب في عام 1879، ولكن الرحالة الالماني أويتنج طالب باستعادة الحجر بناء على اتفاق مسبق بينه وبين هوبر، ما جعل القنصل الفرنسي بجدة يقوم بارسال مقتنيات هوبر كافة الى فرنسا على وجه السرعة. كاف.. قرية الملح * بدأ الرحالة يومياته التي كتبها عن رحلته الشهيرة إلى شمال الجزيرة العربية بالحديث عن كاف، التي تقع في الطرف الشمالي الغربي من السعودية، واستمرت حاضرة للمنطقة حتى قبل 72 عاما حين وافق الملك عبد العزيز على انتقال الدوائر الحكومية منها الى النبك «القريات» نظرا لعدم إمكان التوسع العمراني فيها، ووصف الرحالة الالماني قرية كاف ومنازلها وعدد سكانها ومأمور البلد ابان زيارته لها وهو عبد الله الخميس حيث قال: «تقع قرية كاف في منطقة سبخة تسمى النبك والعقيلة، وهي تمتد مسيرة يوم نحو الغرب والجنوب الغربي. وتحدها من الجهات الاخرى سلاسل جبلية ذات اسماء متعددة. ويقال ان وادي الراجل الذي يبدأ من جنوب شرقي جبل الدروز ويطلق عليه بدءا من قصر الازرق اسم وادي السرحان يصل الى هذه المنطقة. ولكن تجدر الاشار الى ان من هم برفقتي من البدو يقولون ان وادي السرحان يمتد على مسيرة ثماني ساعات الى الجنوب الشرقي من قرية اثره، التي تبعد 14 كيلومتراً إلى الشرق من كاف. ويبلغ عدد بيوت قرية كاف حوالي ثلاثين بيتا. وهي مقسمة على جزءين لا يرتبطان ببعضهما سوى عن طريق بساتين النخيل. أما تعداد سكانها من الرجال فيبلغ على الاجمال تسعين شخصا. وبالنسبة الى الجزء الشرقي الاقل اهمية فهو ذو مدخل عريض بدون بوابة. كما ان بساتينه وآباره اقل عددا. اما الجزء الغربي الذي يسكنه الشيخ عبد الله الخميس فإن مجموعة منازله تتسم بالضخامة وتشتمل على عدة اقنية. وعلى الرغم من ان الشيخ عبد الله يحصل على قدر لا بأس به من النقود عن طريق استخراج الملح وبيعه ومن ثم يمكن اعتباره من الاثرياء فإنه يتسم بالبخل الشديد ويدعي الفقر دائما. ولكنه في الحقيقة مضطر الى دفع الكثير من الضرائب ليس الى امير حائل فقط. ولكن ايضا للدروز وغيرهم من القبائل البدوية. فلو اراد اليوم ان يوقف ما يدفعه الى هؤلاء الكبار والحلفاء فإن ذلك يعني انتهاء سطوته في القريب العاجل، كما ان تجارته في الملح ستلحق بها خسائر جمة. أما بالنسبة الى بساتين القرية فهي عبارة عن ملكية خاصة ولهذا السبب فإن كلا منها محاط بأسوار خاصة بها، وحيث ان كل بستان كبير يحتوي على بئر او اكثر مزود ببرك وقنوات فإنه يمكن ري اشجار النخيل كافة بدون صعوبة على الاقل بالتبادل فيما بينها، بل ان هناك ايضا قنوات اخرى لتصريف المياه الفائضة يمكن ان يستفيد منها صغار الملاك. وعندما يكون الوقت مناسبا فإنه يمكن ايضا زراعة الاراضي الخارجية بالقمح والخضراوات، ونظرا لان كاف مقارنة بقاطنيها من البدو تحتوي على 450 الى 500 نخلة فيمكن اعتبارها قرية غنية. لقد قام الشيخ بتقديم واجب الضيافة لافراد القافلة في شكل مجموعات. وكان بعضهم يجلس في المكان الفسيح الذي يلي البوابة مباشرة. وبعضهم الآخر يجلس في الغرفة الامامية الملحقة بمنزل الشيخ. اما نحن ـ باعتبارنا من كبار الضيوف ـ فقد تناولنا القهوة والتمر والخيار في الديوان او ما يسمى بالقهوة. وهو عبارة عن مجلس طوله اثنتا عشرة خطوة وعرضه اربع خطوات يدخل اليه الضوء من فتحات في اعلى الجدار ومن الباب. وقد كان الاثاث مكونا من مدفأة «وجار» ومنفاخ وهاون «نجر» وبعض الاوتاد المعلقة على الجدران وحصائر من القش على الارض. شغلت صناديقنا وغيرها من متاع السفر معظم أركان الحجرة». وواصل المؤلف كتابة مذكراته الطويلة لرحلته من كاف الى الجوف عبر وادي السرحان مع حمود المجراد الذي بعثه خصيصاً لكي يحضر الرحالة من دمشق امير شمر محمد بن رشيد الذي تولى الامارة في حائل عام 1289هـ وتوفي عام 1315هـ، وهو ابن عبدالله بن رشيد الذي عين من قبل الامام فيصل بن تركي أميرا على حائل وقال الرحالة : «في يوم الاربعاء 3/10/1883م تم إحضار الجمال بعد طلوع الشمس مباشرة ، وبدأ إعداد الأمتعة للرحيل عبر وادي السرحان إلى الجوف. لم يكن هوبر (رحالة فرنسي رافقه في الرحلة) أخبرني قبل ذلك أن الرحيل سيكون اليوم، لذلك أصابتني الدهشة قليلا ليس لأن رحيلي عن كاف كان أمرا شاقا، بل على الرغم من أنني تركت له كل ما يتعلق بتنظيم الرحلة كنت أتوقع منه أن يخبرني عن اتفاقه على الرحيل مع حمود المجراد. وبمناسبة الوداع أعطيت النساء بعض الهدايا البسيطة، وسألت الشيخ عبد الله عن أي رغبة يريد مني أن ألبيها له، فطلب اقتراض بعض المال على أن يرده لي أثناء رحلة العودة، فأعطيته 5 مجيديات (18 ماركا تقريبا)، ولمّحت له أن يحتفظ بها حتى نلتقي في الجنة. تجمعت القرية كلها خارج البوابة كي يتمنوا لنا رحلة سعيدة، ثم أخذت القافلة في التحرك نحو إثره في الساعة الثامنة والنصف، وهي تتكون من 24 رجلا راكبين 22 جملا، بالإضافة إلى زنجية معها طفلان، وعلى الرغم من أنني وهوبر كنا أهم شخصيتين في القافلة، إلا أن حمود المجراد كان هو القائد الحقيقي لها، والذي لا يمكن لأحد أن يعارض توجيهاته. وفي الحقيقة فقد تمكنت في ما بعد أن أعرف الرجل حق المعرفة، وأدرك أنه باستثناء أمير حائل يُعد أفضل مَن قابلتهم من البدو، على الرغم من أنني كنت أستنكر أحيانا بعض خصاله البدوية وطبائعه الشخصية. كان عمره على ما يبدو 47 عاما، طويل ونحيف، ذو عينين ثاقبتين وأنف مدبب. ولم تكن هنالك حدود لرغبته في التملك، فهو يريد الحصول على كل ما يراه ولا يستنكف أن يحاول امتلاكه حتى لو لم يستطع. وإذا لم تكن كل جملة يقولها تحتوي على كذبة فإنه على الأقل يفضل إخفاء الحقيقة من قبيل الحرص ويضلل بإجاباته من يسأله، لذلك فإنه قام بعدد من المهام الصعبة والدبلوماسية «فقد تم إرساله مثلا إلى إسماعيل باشا نائب ملك مصر السابق»، وأدى مهمته بشكل رضي عنه أميره». الجوف قلاع وقصور ونقوش * وواصل الحديث عبر الرحلة إلى الجوف وحتى وصوله إليها بقوله: «بدأ طريقنا ينحدر بشدة في اتجاه واحة الجوف المنخفضة، حيث أخذنا طريقنا عبر ممر يقع بين صخور رملية إلى منطقة واسعة متموجة تكثر بها الصخور والرمال التي تتخللها أحجار فضية اللون على شكل فقاعات ضخمة. في منطقة تحيط بها سلاسل جبال يتراوح ارتفاعها ما بين 500 ـ 400 م تقع في العمق واحة النخيل مع بعض البيوت التي تشرف عليها قلعة مارد والقصر، وإلى الخلف من الناحية الشرقية تظهر صحراء النفود الخالية من المياه وذات الرمال المتطايرة ممتدة جنوبا إلى جبل شمل. عملا بعادة البدو المتبعة قمنا قبل دخولنا المدينة بغسل أنفسنا ولبسنا أفضل الملابس، فالكل منا يرفل في ثياب فاخرة رغبة في إظهار دخولنا إلى المدينة بالمظهر اللائق. تضم منطقة الجوف بمفهومها الواسع العديد من الأماكن والقرى المتباعدة عن بعضها البعض، والتي تمتد على مسيرة يوم واحد باتجاه الشمال الشرقي وجميعها تشترك في الشرب من حوض مائي واحد، وهذه القرى هي سكاكا (8000 نسمة)، قارة (1000 نسمة)، والطوير (300 نسمة)، أما الأماكن الأخرى التي أشار إليها الرحالة الآخرون مثل سارة، الجوف، حاسيا، جوا، ومويسن، فيبدو أن سكانها قد هجروها. أما المكان الرئيس هنا فهو الجوف، ويسكنه 12 ألف نسمة، وهذا المنخفض الذي يبلغ طوله مسيرة ساعتين تقريبا وعرضه مسيرة ثلاثة أرباع الساعة، لا تشغل المنازل والحدائق التي تصل إلى حافة الهضبة الجنوبية سوى ثلثه. وقد كانت الجوف قبل أن تسيطر عليها شمر يتكون من اثني عشر حيا، تسمى أسواقا، كل منها يشكل حصنا قائما بذاته، ولما كان سكان هذه الأحياء لا يجمعهم أي إحساس بالمشاركة، فقد كانت تسود بينهم الخلافات مما يجعلهم يحاصرون بعضهم بعضا إلى أن امتدت إليهم يد عُبيد «عبيد بن رشيد» الحديدية وسياسة طلال «طلال بن رشيد» اللا مبالية لتغير من ذلك الوضع، لكنه على الرغم من أن الأمن والنظام يسودان حاليا، إلا أننا لا يمكن أن نتحدث عن وجود تجارة أو صناعة، كما لا يوجد هناك أي أماكن للبيع أو أسواق، ليس في إمكان المرء تقديم وصف دقيق لعامة المساكن في البلدة، فالأزقة الضيقة تمتد بين جدران الحدائق، والبيوت العالية تشكل عائقا لمجال الرؤية داخلها. أما المساكن الأحسن حالا فيعلو كل واحد منها برج يصل ارتفاعه ما بين 20 ـ 40 قدما ومزين بالشرف والفتحات. وقد كان ذلك البرج في السابق يخدم أغراضا دفاعية، أما اليوم فهو للزينة ودليل على الثراء. أما ما يخص المباني القديمة فلم يبق سوى القليل منها، فإلى الغرب من الوادي أسفل رجم البرج يمتد سور حجري يسمى «عمارة الأكيدر»، ومن الأشياء المهمة التي لا تزال باقية هناك قلعة مارد المشيدة من الحجار المهذبة على شكل ثلاثة طوابق يصل بينها سلم حلزوني، ويحيط به سد مائي وأسوار دائرية، وقد أدى قصفه بواسطة عبيد في عام 1855 إلى فقدان نصف ارتفاعه، وأصبح خرابا لا يسكنه اليوم سوى أسرة بائسة، وقد ذكر يوسف المالكي أشخصية فلسطينية قدم إلى الجوف بتكليف من الرحالة الألماني أورش ستزن ليجمع له المعلومات عن المنطقة) عام 1808، أن ارتفاعه يفوق مرتين وربما ثلاث مرات منارة المسجد الأقصى، أما اليوم فيصل ارتفاعه إلى 50 قدما. وفي أحد أقسام المدينة المميزة والمسمى خزاما تم في العصر الحديث بناء قصر جديد يشعر القادم إليه بالفزع والخوف حينما يرى أسواره وأفنيته وأبراجه ذات الكوات البارزة، وفي الجانب الجنوبي الشرقي من القصر يوجد برج المدخل الذي بني على شكل مربع يضيق كلما ارتفع إلى أعلى وتتوسطه الكوات البارزة «كاتوله» ذات الأغراض الدفاعية. في أسفل هذا البرج يوجد باب خشبي كبير في وسطه فتحة صغيرة مغطاة من الداخل بصفيحة معدنية تتيح للحارس الواقف في الداخل رؤية ذلك القادم إلى القصر ومعرفته، وهذا الباب الكبير لا يفتح للزوار العاديين، بل يدخلون إلى القصر عبر خوخة صغيرة في الباب ترتفع عن مستوى الأرض بحوالي القدم والنصف ولا يتعدى طولها وعرضها القدمين. وعندما وصلنا يوم الثلاثاء 9/10/1883، تم بالطبع فتح البوابة كلها وأنزلت أمتعتنا وسط تدفق جموع الفضوليين، وأودعت في غرفة مغلقة في حين وضعت الأبسطة والحقائب اليدوية في ممر أحد المنازل، ثم دخلنا إلى قاعة المدخل المظلمة. وبعد أن بدأت أعيننا التي لم تر الظلال طوال سبعة أيام مضت تتعود على تلك الظلمة، رأيت هناك مدفعا قديما نصب على عربة ذات عجلات خشبية، وفي هذه الأثناء بدأت رهبة اللقاء تتضح على ملامح مرافقينا من البدو، رغم أنهم كانوا يحاولون بقواهم الخفية تجاهل تأثيرها فيهم، من هنا توجهنا بصحبة مجموعة من جنود الشيوخ إلى حيث القهوة «قاعة الاستقبال»، فدخلنا والسيوف بأيدينا إلى غرفة مظلمة قائلين: السلام عليكم، فرد علينا صوت من داخل تلك الظلمة وعليكم السلام، بعد بضع خطوات داخل تلك الغرفة قابلنا عامل الشيوخ في الجوف، وهو عبد زنجي يدعى جوهر، فحيانا بترحاب شديد وقبل خدودنا وهو يردد لكل واحد منا «كيف أنت»، وقد كنا نرد عليه بعبارة «طيب الحمد لله» في محاولة منا لكبح حماسه في الترحيب. جلسنا هناك على أبسطة فارسية جميلة متكئين على أشدة الجمال واضعين السيوف أمامنا على الأرض، كما قمنا بتحية كل الحاضرين بإيماءة من الرأس وعبارة «أسعد الله صباحكم»، وبينما البخور والقهوة الحلوة تقدم لنا، أخذ الحاضرون يسألوننا بكل تفصيل عن رحلتنا، ثم قدمت بعد ذلك القهوة العادية مع تمر حباته كبيرة وفي غاية الحلاوة يرافقه السمن والخبز. وفي أثناء ذلك طلب جوهر من أحد الجنود أن يحضر له غليونه ويشعله، كما قمنا نحن بإشعال النارجيلة الخاصة بنا، وقد أكد لنا جوهر مرارا سعادته البالغة بتلك الزيارة التي تعد تشريفا له، ولربما كانت تلك السيوف المصنوعة في زولنجن «مدينة ألمانية شمال بون وتشتهر بصناعة السكاكين»، والتي قدمناها له مع ثلاثة جنيهات تركية (حوالي 50 ماركا)، سببا في ظهور ملامح الرضا على محياه، لكن يجب القول: إن شعوره ذلك كان حقيقيا وليس مصطنعا، فقد كان عزيز النفس ولطيفا، كل همه منصب على تلبية طلباتنا وجعل إقامتنا مريحة، بل إنني لم أجد فيه شيئا قط من ذلك الوصف الذي ذكرته السيدة آن بلنت، والذي مؤداه «إن بشرة جوهر السوداء تنطوي حقا على قلب أسود، وأن سلطاته اللا محدودة جعلت منه طاغية يخشى جانبه»، فلو كان جوهر كما ذكرت السيدة بلنت لما نال رضا سيده في حائل الذي يسعى إلى تحقيق العدل. علاوة على ذلك فمنذ أن تولى جوهر إدارة الأمور في الجوف أصبح يقوم بنفسه على تقدير محصول التمور، ما جعل الضرائب التي تدفع من هناك إلى قصر حائل تزداد إلى الضعف، والمعروف أن تولي أحد العبيد تلك المسؤولية غير المحدودة في هذه البلاد أمر لا يثير الدهشة، خاصة أنه بسبب تبعيته لسيده يعتبرا مثالا للولاء وإنكار الذات، وفي ما بعد سيأتي الحديث على ذكر عبد آخر هو عنيبر الذي أوكل إليه الأمير عدة مرات شؤون العاصمة خلال تغيبه عنها، لكن ثمة فرقا بين الاثنين، فبينما يتسم جوهر باللطف في تعامله، يستغل عنيبر مركزه لإبراز السلطة وغروره كما فعل ذات مرة مع داوتي». حائل وابن رشيد * وواصل الرحالة حديثه عن رحلته من الجوف إلى حائل عبر صحراء النفود الغنية برمالها الذهبية وفي أجواء باردة وماطرة حين وصل إلى جبة التي تبعد مسافة 90 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من مدينة حائل بعد رحلة سير متواصلة استمرت 54 ساعة وخلال أربعة أيام وساعتين وقال عند وصوله أسوار جبة: «بعد أن تم إنزال حمولة الجمال كان لزاما عليها أن تستريح في هدوء لمدة نصف ساعة قبل أن تبدأ في إرواء عطشها، بعد ذلك سيقت إلى حفرة مملوءة بالماء فشربت تلك الكميات الهائلة من الماء في سرعة مدهشة، ثم أحضر لها العلف الوفير، وفي المساء قبل بدء المسيرة شربت مرة ثانية. تقع جبة التي أطلق عليها بطليموس اسما آراميا هو أينا ومعناه النبع، في منخفض يصل عمقه 150 ـ 300 متر تقريبا، عن حواف النفود المحيطة. ويمتد آخذا شكلا بيضاويا بمسافة 8 ـ 9 أكيال تقريبا، وعدد سكانها حوالي 500 شخص، ومنازلها حوالي التسعين منزلا، وقد لاحظت هنا شيئا لم أسمع مثله في جزيرة العرب كلها، فالمرء حين يريد استخدام البئر التي يتراوح عمقها ما بين 12 ـ 15م، لا بد له من دفع مبلغ من المال إلى الشيخ، أما نحن ـ على اعتبارنا من ضيوف الأمير ـ فلم نضطر إلى دفع ذلك المبلغ. وعلى الجانب الغربي من المنخفض وعلى بعد كيلين من الأمتار من أسوار القرية، كانت تقع الحافة الحادة لجبل أم سلمان على ارتفاع يصل إلى حوالي 400 م، وهي عبارة عن صخرة طويلة من الحجر الرملي الملون ينتهي في أعلاها بقمة مدببة. أما أجزاؤها السفلى فقد كتبت عليها الكثير من النقوش القديمة والرسوم الصخرية التي أشار إليها الرحالة الفنلندي فالن من قبل. أخذ طريقنا يتجه مستقيما نحو الجنوب تاركين جبل أجأ على الجهة اليمنى، وقد كانت صفحاته الجرانيتية تلمع كالفضة بفعل سقوط المطر عليها. أما على الجهة اليسرى ناحية المرتفعات الرملية الحمر فقد بدأت تظهر صفوف أشجار الآثل تتوسطها أسوار الآبار المتداعية والمنازل المهجورة، ثم بدأت تظهر لنا ظلال جبل فتق القاتم والواقع بين جبلي أجأ وسلمى، وقبل نصف ساعة من المدينة وبينما كان المطر ينهمر بغزارة ترجلنا عن الجمال وقمنا بتغيير ملابسنا، وبعد ذلك مباشرة توقف المطر، وبعد مسيرة يسيرة ظهرت أمامنا مدينة حائل ـ مقر إقامة ابن رشيد ـ تحت ظلال شمس الصباح الرائعة. انطلقنا مسرعين نحو المدينة مارين بخيام البدو السود، سالكين طريقنا بمحاذاة أسوار الطين الممتدة، جاعلين المدينة القديمة الواقفة خلف أشجار النخيل على يسارنا، وأمامنا كان يبدو الحي الجديد بقصره الشامخ ذي الأبراج العالية، وعندما وصلنا إلى الأسوار جفلت ركائبنا غلا أننا أكرهناها على الدخول عبر الأزقة الضيقة إلى أن وصلنا إلى ميدان المدينة الواسع، حيث حططنا الرحال ونحن محاطون بأعداد كثيرة من الناس، ثم سرنا عبر العديد من الأفنية إلى حيث مقر الاستقبال في القصر. كان من الطبيعي أن نكون مفعمين بالترقب لرؤية حاكم الجزء الشمالي من شبه الجزيرة العربية الذي كانت مصائرنا معلقة في يده خلال الفترة القادمة. وبينما نقلت أمتعتنا إلى المنزل المخصص لنا ذهبنا إلى القصر حيث دخلنا عبر فناء به عدد من المدافع القديمة إلى أن وصلنا إلى قاعة الاستقبال، وهناك قدم لنا الشاي والقهوة، كما قام ذلك الشيخ الوقور مفرج ذو الشوارب البيضاء الطويلة ومسؤول التشريفات في القصر بإيقاف جموع الناس الذي كانوا داخلين وخارجين لرؤيتنا والسلام علينا، بقينا في تلك القاعة مدة نصف ساعة، حيث كان حمود المجراد قائد حملتنا يقدم للأمير تقريرا مفصلا عما رآه وسمعه، بعد ذلك دخل علينا مفرج ليخبرنا بأن الأمير يرغب في استقبالنا، فسرنا عبر ممر طويل ومظلم مارين بغرفة الجنود ثم دخلنا عبر ممر مسقوف تقبع في جهته اليمنى مجموعة من الكراسي الأوروبية المتهالكة وأشياء أخرى عديمة الفائدة جلبت من بلاد الغرب إلى أن وصلنا إلى القهوة «قاعة استقبالات الأمير»، وبعد أن خلعنا أحذيتنا أمام المدخل دخلنا دون انحناء أو أي طقوس أخرى قائلين بكل بساطة «السلام عليكم»، فسلم علينا بيده، وبينما كنا نقبله يمنة ويسرة كان يردد كيف أنت، كيف أنت، وقد تكرر الشيء نفسه مع ابن عمه حمود العبيد. بعد ذلك طلب منا الأمير الجلوس قائلاً تفضلوا، فجلست أنا وهوبر الى يساره والى جانبنا جلس أيضا قائد جيشه صالح بن رخيص وعدد آخر من الأمراء، بينما جلس إلى يمينه حمود العبيد وبعض أفراد العائلة من كبار السن. أما من الجهة المقابلة الى يسار المدخل مباشرة فقد جلس عدد من الوزراء ـ إن صح التعبير. ورجال القصر والجنود أيضاً، ولأن الاسئلة والأجوبة كانت موجهة أساسا الى هوبر بصفته صديقا وضيفا قديما فقد أتيحت لي الفرصة لكي أتفقد المكان في هدوء. كانت قاعة الاستقبال «المجلس» واسعة ومطلية بلون أبيض، طولها 16 متراً وعرضها عشرة أمتار وارتفاعها أربعة أمتار، أما السقف فهو مسقوف بأخشاب شجر الأثل، وتحمله ثلاثة أعمدة من الطوب النيء «اللبن»، ومعلقة عليها أربعة قناديل زيتية، أما الأرض فكانت مفروشة بحصير من سعف النخيل، بينما بسطت الزلالي الفارسية الى جانب جدران القاعة وفوقها مجموعة من الوسائد للاتكاء عليها. وأمام مجلس الأمير يوجد الوجار الذي يصل طوله المترين وتوقد فيه النار بصفة مستمرة، حيث يتم اعداد القهوة، كذلك كانت هناك قناديل للاضاءة فالقاعة لا ينفذ اليها سوى القليل من الضوء، فبخلاف الأبواب لا توجد سوى فتحات قليلة ضيقة في الجدران المواجهة. يبلغ الأمير محمد بن عبد الله الرشيد من العمر الثامنة والأربعين تقريباً، وهو مثل كل أمراء عائلته ذو بشرة بيضاء نسبيا، وذقن سوداء تماما «ربما تكون مصبوغة»، وتعبيرات وجه تنم عن عزيمة واصرار، وعيناه في حركة دائمة، أما مظهره الخارجي فيتسم بالبساطة، حيث كان يرتدي ثوبا أبيض وفوقه مشلح أسود مطرز، وعلى رأسه شماغ وعقال مطرز بلون الذهب، وتحتها تتدلى ضفيرتان سوداوان جدلتا بشكل رائع، ويلبس في قدميه صندلا جلديا بدون جوارب. أما الشيء الوحيد الذي يزهو به فهو سلاحه، السيف المعلق جانبه على الجدار الذي ربما تبلغ قيمة الذهب الموشّى به نصله ومقبضه حوالي ألفين الى ثلاثة آلاف مارك. وقد كانت عقلانيته تفوق ليس فقط أتباعه ولكن أيضا أقاربه الى حد بعيد، وعلى الرغم من ايمانه الا انه يبدي تسامحا نحو من يخالفونه في العقيدة ممن التقى بهم كثيرا في بغداد، وهو يتحدث العربية والفارسية والتركية في درجة واحدة من الاتقان، كما انه على علم دقيق بقدامى الشعراء العرب، بالاضافة الى معرفته بجميع أشعار الفكاهة البدوية، قديمها وحديثها». وأسهب المؤلف في وصف رحلته الى بقعاء وعقدة، وجلدية ورسم صوراً لسد عقدة وقمة الفرع وهو أعلى قمة في جبل أجا كما رسم النقوش والرسوم الصخرية على جبال الجلدية، كما رسم بلدة بقعاء التي تبعد 95 كيلومترا الى الشمال الشرقي من مدينة حائل، كما سجل رحلته من حائل الى تيماء ووصف الأخيرة بأنها واحة تقع على حوض مائي منخفض يتجه من الجنوب الى الشمال، كما عدد الاطلال الاثرية القديمة فيها، وقدر عدد سكانها خلال رحلته اليها في الخامس عشر من شهر فبراير (شباط) عام 1884 بنحو ألف نسمة، ولفت الى ان المدينة شهدت حتى وقت قريب صراعاً بين سكانها بين أحيائها الثلاثة، لكن تلك الصراعات أمكن القضاء عليها بعد ان التزم سكانها في تلك الفترة بدفع الضرائب لابن رشيد عن طريق عامله عبد العزيز العنقري الذي حمل الرحالة اليه رسالة من الامير يأمره فيها بأن يمدهم بالمواد الغذائية وغير ذلك مما قد يكونوا في حاجة اليه. قصر الدائر * وزار المؤلف المدينة القديمة في تيماء كما ذهب الى منزل يسمى طليحان وهناك وجد أغلى غنيمة حصل عليها من رحلته تلك وحول ذلك يقول الرحال الألماني: ذهبنا الى منزل فهد الطلق الذي ضيفنا بالتمر والخبز واللبن، وقد كان من بين المدعوين صانع أسلحة ماهر يدعى زيدان، وقد ضممته الي لمعرفته التامة بالأماكن وموافقته على تلبية طلباتي ليرافقني خلال زياراتي في المدينة، وحينما فرغنا من الأكل ذهبنا معا الى غرب المدينة، حيث التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي المترين عن مستوى سطح البحر، وتقع تحته حسب معلوماته تيماء القديمة، وفي الحقيقة بعد قيامي بعملية بحث سطحية في الأرض الرملية وجدت بعض قطع من الزجاج، وشظايا من البرونز مغطاة بطبقة خضراء سميكة، بالاضافة الى قطع من أرض اسمنتية وعدد من أحجار العقيق، كما رأيت قناة تتجه نحو الشمال مغطاة بالجير، ويبدو انها كانت مخصصة لنقل الماء الى المستنقع الملحي «السبخة»، والى الجنوب وصلنا الى قصر الدائر، وهو بناء كبير مربع الشكل فيه أبراج على الزوايا وبقايا بشر مردومة، ومن هناك ذهبنا الى منزل يقع على مسيرة خمس دقائق الى الجنوب يسمى طليحان، وجدت فيه أغلى غنيمة حصلت عليها من رحلتي في الجزيرة العربية، فالى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي الثاني كان هناك حجر مقلوب نحتت عليه أشكال آدمية، تمثل معبوداً أو ملكاً، وكاهناً، وهذا الحجر هو ما يعرف اليوم في أوساط الدارسين باسم «حجر تيما»، وحينما رأيت نقشاً مكتوباً عليه لم استطع اخفاء مشاعر الدهشة لدي إلا بصعوبة بالغة، وفي هدوء مفعم بالسعادة قمت بنسخه على الورق، ثم اعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود. وبعد أن قلت لزيدان بأن يحضره الي في صباح الغد الباكر، ذهبت مسرعاً وأنا متعب ومضطرب الى البيت لكي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد. وأهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في انه يعود بالتأكيد الى القرن السادس قبل الميلاد، أما الحجر نفسه فسيقتلع من مكانه يحضر الى منزلنا في يوم الغد، وفي المساء تمت دعوتنا لدى ثويني، وبعد ذلك شربنا القهوة عند عبد العزيز بن رمان، وقد كنت أفضل مائة مرة لو أنني بقيت في المنزل لدراسة الورقة التي نسخت عليها النقش. ويشار إلى أن حجر تيماء المعروف بين أوساط الدارسين باسم «مسلة تيماء» عثر عليه في قصر طليحان وقد كتبت المسلة، المحفوظة الآن في متحف اللوفر بباريس تحت رقم «Ao 1505» والتي يعود تاريخها إلى القرن السادس قبل الميلاد، بالقلم الآرامي. ويتكون النص المكتوب عليها من ثلاثة وعشرين سطراً تتحدث عن أمرين رئيسين : الأول هو تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني صلم في تيماء. والثاني ينص على التزام المعابد الأخرى بتقديم محصول إحدى وعشرين نخلة ضريبة لمعبد الإله صلم في تيماء. وقد أدى تفكيري في ذلك الحجر الى اصابتي بالقلق وعدم القدرة على النوم الى القدر الذي جعلني أنهض عند الفجر لأنظر من جديد على ضوء الشموع الى الورقة التي نسخت عليها النقش، وعند طلوع الفجر بدأت باخراج القمل من ملابسي، ثم ذهبت مع صانع السلاح زيدان في جولة خلال المدينة زرنا فيها أولا منزل الخطيب محمد العتيق الذي كان على أحد جدران مسكنه الداخلية حجر عليه نقش كتب بالخط الآرامي. ثم سرنا عبر مقبرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة الحالية. وترتفع فيها بعض الأعمدة الدائرية المتداعية «فهل هي بقايا أعمدة المعابر؟» وعلى مقربة من هذه المقبرة شاهدة بعض الخبث الناتج عن فرن لصهر المعادن، وبعض الأواني الفخارية المزججة، وفضلات ضبعة، وجثة حيوان ميت، حينما وصلنا منزل زيدان منحني هدية كانت عبارة عن بلطة حجرية سوداء يستخدمونها في قياس نسب الذهب والفضة، وقد رأيت عنده جرة قديمة من الفخار، لم يكن عليها أي ملامح فنية. وجدت حين عودتي من الجولة سبعة رجال يقفون في فناء منزلنا، وقد أحضروا الحجر «مسلة تيماء» من قصر طليحان، فقمت باعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطيت المالك 1.5 مجيدي (حوالي 5 ماركات)، وبعد وضع الحجر وذهاب الرجال أصبح في وسعي فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه هوبر تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى (عام 1880) ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية. نظراً لكوني قد اتفقت مع هوبر حينما كنا في ستراسبورغ (مدينة فرنسية على الحدود مع ألمانيا)، قبل بدأ رحلتنا المشتركة الى الجزيرة العربية أن يكون من نصيبي كل ما نعثر عليه من آثار قديمة يمكن حملها. بحيث تختار دولتي ـ التي كانت في تلك الفترة تفتقد الى تملك مثل هذه الآثار خاصة من النقوش المكتوبة على الحجر ـ ما تشاء، بينما يكون له كل ما نحصل عليه من غنائم أخرى، لذلك فقد كان من المنطقي حسب الاتفاق ان تعود ملكية حجر طليحان «مسلة تيماء» اليّ. لا شك ان عملية نقل هذا الحجر الذي لن يقل وزنه عن 150 كجم ستكون بالغة الصعوبة كما ستحتاج الى احتياطات خاصة لتوزيع الثقل وتدعيمه فوق شداد الجمل، وخلال هذا اليوم تم احضار عدد آخر من الأحجار عليها نقوش كتبت بالخط الآرامي الى مسكننا، ولعل من الأفضل بالنسبة لنا نقل مجموعة من هذه الأحجار المنقوشة عبر منطقة آمنة الى حائل، بدلاً من نقلها معنا خلال رحلتنا في منطقة الحجاز. دعيت خلال فترة بعد الظهر لزيارة مجموعة من المنازل التي قيل لي: ان فيها مجموعة أخرى من النقوش المكتوبة على الأحجار، وحيث انني لم أجد هناك أي اثر لذلك فقد تحملت النتيجة السلبية بارادة قوية، بل انني حاولت اخفاء ملامح الاحباط والاستياء على محياي أو الدخول في منازعات مع أولئك الناس. فليس لهم علم بمعاني حروف تلك النقوش، وفي مثل هذه الأحوال يجب على المرء تحمل التعب والأخطار حتى يتمكن من رؤية ما لديهم». نظافة وقهوة وبخور * وفي صباح يوم 19 فبراير 1884 دعانا محمود العلاوي الى الطعام، وهو أحد رفاق هوبر في رحلته الأولى الى جزيرة العرب. أما بيته فقد كان نظيفا ومفروشا بالزلالي «جمع زلية»، وأطفاله الواقفون للخدمة حولنا اعتادوا على النظافة والدقة. فعلى سبيل المثال قام أحد الاطفال بتغطية النجر «الهاون» بعد طحن حبوب القهوة فيه بقطعة من القماش، كما تم غسل أقداح القهوة أمام أعيننا رغم انها كانت نظيفة، ثم جففت ووضعت فوق صحن نحاسي دائري الشكل، وفي الوسط وضعت مجمرة «مبخرة» ألقي فيها البخور، حيث يتم تبخير فنجان القهوة «لم تجر العادة على تبخير فناجين القهوة وإنما يبخر الحاضرون»، ثم يقدم لنا بعد ملئه، ولا غرو في ذلك، فجزيرة العرب تعد منذ القدم الموطن الأصلي للنباتات ذات الروائح الزكية. نظرا لكوننا لم نتلق دعوات أخرى هذا اليوم كان لدي الوقت للعناية بجسمي، حيث استحممت وحلقت شعر رأسي تماما، كما طلب مني هوبر اليوم أن أرسم له في مذكراته مختلف النقوش التي وجدناها هنا. لقد حاولت كثيرا سواء عن طريق الوعود أو التهديد الحصول على عمود حجري أخرج قبل بضع سنوات من بئر هداج. أو على الأقل نسخ النقش المكتوب عليه، ولكن مالكه المدعو سلامة ابن عائد خرج فجأة الى الصحراء لجلب العلف، فحال ذلك دون حصولي على ذلك النقش. دعانا في المساء مضيفنا عبد العزيز العنقري للعشاء عنده، وقبل أن نذهب لتلبية دعوته نبهنا الخادم محمود الى ان الطعام سيكون حارا جدا، حتى لا نأكل منه كثيرا، وبالفعل كان به الكثير من الفلفل، ولكن لحسن الحظ كان هناك لحم بجانب الأرز، وذلك ما لم أكن أتوقعه، وبعد العشاء مباشرة أخرجت من جيبي عن طريق الصدفة حلقة مطاطية، وعلى الفور سألوني عما اذا كانت مصنوعة من جلد الخنزير». طائر النورس يجلب الأمان * ومن تيماء الى تبوك وبالعكس يسرد الرحالة يومياته ومشاهداته والقلاع والشجيرات والنباتات التي تنمو في صحراء المنطقة، واعطى وصفاً لمدن الحجر والعلا وما تضمهما من آثار وقلاع، ورسم مخططاً لكل مدينة، كما زار مدائن صالح ونسخ نقوشاً مختلفة ثم توجه الى ميناء الوجه الذي كان تابعاً للسيادة المصرية، ليضم الملك عبد العزيز المدينة الى حكمه عام 1344هـ. وعن وصوله الى الوجه يقول يوليوس أويتنج في يوم السبت الخامس من ابريل 1884: «تم قبل ساعة من شروق الشمس إعداد القافلة للتحرك، وبينما كنا نشرب الشاي على وجه من السرعة شاهدت هناك طيور النورس، ما جعل سعادتي تفوق الوصف، فهذه الطيور الحبيبة تحمل معها بشائر السعد، فلها مني الشكر الجزيل على جلبها تحية البحر لي، لم نحط الرحال لتناول طعام الإفطار إلا بعد ان قطعنا مسافة طويلة، والآن انتهى الاكتفاء فقط بالوجبة المعهودة «خبز، تمر، شاي»، إذ يجب علي وبكل ثقة إخراج ما لذ وطاب مما ادخرته ليوم الضيق، الآن الى التمتع بشرب الشوكولادة وأكل البسكويت. وصلنا حوالي الظهر الى شعيب ضيق يسمى الذريب تزودنا من منابعه بالماء وأسقينا منه الجمال، ثم انصرفنا على عجل، وحينما خرجنا من ذلك الشعيب لاحت أمامنا قلعة الوجه الواقعة على درب الحج المصري، وما هو إلا وقت قصير حتى وصلنا اليها، وبعد ساعتين كانتا تمران ثقيلتين كدهر كامل وصلنا الى ميناء الوجه التابع للسيادة المصرية، يا له من شعور، لقد رأيت البحر مرة أخرى، حقاً ان نعمة الماء التي وهبها الله لنا لا يقدرها سوى من عايش القحط والعطش في الصحراء ومن لم ير طوال أشهر عديدة نهرا أو واديا أو عينا جارية. حقاً ان المشاعر لتغمرها السعادة والبهجة. لقد أدى اقترابنا من ميناء الوجه الى انتفاخ صدري المتصحر، فهنا أشاهد أمامي البحر، وبعض الأعمدة وشخصاً راكباً حصانه، ورأيت أيضاً الطربوش والمعطف المصري والثياب النظيفة: يا الهي ما هذه المفارقات؟! وفي هذه اللحظة أصبحت النقوش في مأمن، ولم يعد هناك من الناس من أخشاه، حقاً إن سعادتي لا توصف
|
#204
|
|||
|
|||
جريدة الجريدةالعدد 495 - 26/12/2008
تاريخ الطباعة: 23/07/2009 اطبع أوراق منسية من تاريخ الجزيرة العربية غيرترود بيل (تقارير الاستخبارات البريطانية عن أوضاع الجزيرة العربية في الفترة 1916- 1917) - شيخ الكويت رأى في الأمير الشاب ابن سعود سلاحاً واعداً ضد عدو مشترك... هو ابن رشيد الحلقة السادسة ترجمة: عطية بن كريم الظفيري [email protected] ملخص الحلقة السابقة • حركة التمرد في سلطنة عمان في بدايات القرن العشرين تطالب التاج البريطاني بالاعتراف الكامل بالشريعة كما يمارسها الإمام الإباضي بدلا من النظام الظالم الحالي. • حميد الفليتي توسط بين البريطانيين وقيادات التمرد الثلاث لإنهاء أزمة العصيان التي قادها الإمام الإباضي. • قادة التمرد يطالبون بإبعاد القوات البريطانية وفك الحصار على الوارادات. • مطالبة البريطانيين بحظر استيراد النبيذ والتبغ والخمور. • كانـــــت هنـــــاك رغبـــــة في الإبــــقـــــاء عــــلى السلــــطان ليتولى الحكم صوريا، في حين يتولى الإمام إدارة البلاد بالشريعة. • شعب عمان عانى في مطلع القرن الماضي انخفاض الدولار وارتفاع أسعار الغذاء والكساء! • سلطان عمان ينظم حملة تأديبية ضد بني بطاش أرغمتهم على الاستسلام بعد هجوم شنوه بالقرب من الحامية البريطانية في بيت الفلاج. • البريطانيون يحظرون التجارة المباشرة بين بلدات الساحل وعدن وبومباي وكراتشي لإجبار السفن على التوقف في مسقط ودفع الرسوم الجمركية هناك. • السيد أحمد بن ابراهيم ابن عم سلطان عمان وصديقه يستسلم للإمام ويسلمه حصون الرستاق وحزم. إنني إذ أقدم على تعريب هذه التقارير إلى اللغة العربية، فإن ذلك لا يعني أنني متفق مع ما جاءت به الكاتبة من آراء واستنتاجات، ولكنني أقدمت على تعريب هذه التقارير لأن الكاتبة قدمت معلومات توثيقية عن أحداث مهمة مر عليها ما يقرب من تسعة عقود وقد اطلعت فئة قليلة على هذه المعلومات... لذا وددت تعميم الفائدة لكسر حاجز اللغة آملا بهذا العمل أن أكون قد أضفت جديداً إلى المكتبة العربية. المترجم ابن سعود تعد زيارة ابن سعود إلى البصرة في 27 نوفمبر 1916 حلقة مهمة في حملة بلاد ما بين النهرين -العراق- لا تكمن أهميتها للمراقب العادي فحسب، بل تتجه إليها أنظار كل مهتم ودارس لشؤون الجزيرة العربية السياسية. وخلال القرن (التاسع عشر)، فإن الجزء الداخلي لشبه الجزيرة العربية تركزت أحداثه التاريخية حول المنافسة بين أميري شمال نجد وجنوبه، وهما ابن رشيد وابن سعود. عندما كان عبدالعزيز الممثل الحالي لبيت آل سعود صبياً عمره خمسة عشر عاما كانت سلطة وقوة آل رشيد قد بلغت ذروتها، ولقد قام الأمير الكبير محمد بن رشيد بطرد آل سعود إلى المنفى واحتل عاصمتهم الرياض. وفي تلك الفترة كان الأمير ابن رشيد هو المضيف المُكره لريتشارد داوتي Doughty (تشارلز داوتي 1843- 1926، هو رحالة ومستكشف إنكليزي قام برحلة إلى الجزيرة العربية عام 1876 وسمى نفسه خليل، وزار حائل عامي 1877 و1878 إبان حكم الأمير محمد بن رشيد، ولم يكن ضيفا على الحاكم لأنه جاء إليه بغير دعوة... وكان متعاليا فظا يتباهى بمسيحيته أمام أناس متعصبين دينيا، ومع ذلك قام الأمير محمد بحمايته--- المترجم). مرارة القهر وذاكرة البدو وبقي عبد العزيز قرابة أحد عشر عاماً منفيا يتجرع مرارة القهر، وفي عام 1902 وجد شيخ الكويت، التي تقع بلاده على الخليج (العربي)، في الأمير الشاب سلاحاً واعدا ضد عدو مشترك هو ابن رشيد فمنحه الفرصة، وبواسطة قوة مؤلفة من نحو ثمانين رجلاً يمتطون جِمالا زودهم بها شيخ الكويت قادها عبدالعزيز باتجاه الرياض، وانقض على حامية ابن رشيد في الرياض على نحو مفاجئ، وأثار الذعر فيها وقتل ممثل ابن رشيد، ونصَّب نفسه أميراً على المدينة التي تمت استعادتها. وقصة هذه المغامرة الجريئة لاتزال عالقة في مخزون ذاكرة البدو، وهي وصول تلك الفرقة الصغيرة الى بساتين النخيل جنوب المدينة، وانتظار رجالها حتى حلول المساء، ومن ثم تسلق عبدالعزيز وثمانية من رفاقه المنتقين أسوار القصر، وقد أفزع وميض سيوفهم الخصوم النائمين، وعند انبلاج الفجر تم فتح أبواب المدينة ليدخلها رفاق النصر. ولم ينتهِ الصراع بالاستيلاء على الرياض، وعلى العكس فلقد تجدد عاماً بعد آخر واسترد عبدالعزيز أراضى آبائه وسطر لنفسه اسما رددت صداه الصحارى. صداقة حميمة مع شكسبير وبالتفصيل... ففي عام 1913 دفعته طاقته المتفجرة إلى الدخول في ميادين أوسع ذات أهمية سياسية، واستولى على منطقة الإحساء الواقعة تحت سيطرة الأتراك، وقد كانت في الماضي تابعة للرياض، وطرد منها الحاميات التركية واحتل مكانة مرموقة على ساحل الخليج (العربي). ويرتبط عبد العزيز بعلاقة صداقة شخصية مع الكابتن شكسبير، وكيلنا السياسي في الكويت، ولم يكن هناك شيء أكثر تأكيداً على أن ظهوره على ساحل الخليج سوف يجعله على اتصال مباشر ببريطانيا العظمى، ولكن قبل تحديد المسألة الصعبة بشأن علاقته الدقيقة مع القسطنطينية، فإن اندلاع الحرب مع تركيا أعفانا من كل الالتزامات بالحفاظ على موقف محايد. في شتاء عام 1914/1915 اتخذ الكابتن شكسبير طريقه للمرة الثانية إلى داخل نجد واشترك مع ابن سعود الذي كان يزحف نحو الشمال لصد هجوم ابن رشيد المجهز والمدعم من قبل الأتراك، والتقت القوتان في (جراب بين الزلفي وبريدة) (وكان النص الأصلي قد جاء به «في سدير»... وهذا خطأ، بل هي في جراب بين الزلفي وبريدة--- المترجم). هزيمة نكراء متوقعة وفي التحام غير حاسم، شارك فيه الكابتن شكسبير ليس بصفته مقاتلاً لكنه جرح وقتل، ولقد فقدنا فيه ضابطاً شجاعاً ذا معرفة بوسط شبه الجزيرة العربية (نجد)، يتمتع بمهارة نادرة في التعامل مع رجال القبائل وهذه الخصلة ساعدته بالقيام بمهنة مفيدة ومتميزة، ولقد عاشت أعماله بعده. (وكان الكابتن ويليام شكسبير 1878- 1915، كتب قبل مقتله رسالة إلى غيرترود بيل قال فيها: «إن ابن سعود يستعد الآن للقيام بحملة عسكرية ضد ابن رشيد وسوف يهزم جيش ابن رشيد هزيمة نكراء... وإنه ليس من المستغرب أن نكون في حائل في الشهر القادم، وأصبح أنا مستشارا سياسيا لابن سعود...». وفي 22 يناير 1915 شارك شكسبير مع جيش ابن سعود المؤلف من 6 آلاف رجل، وقبيل بدء المعركة طلب ابن سعود من صديقه شكسبير ابتعاده عن ساحة المعركة لكونه إنكليزيا إلا أنه أصر أن يبقى مع الجيش، واتخذ مكانا على تل مرتفع يطل على ساحة المعركة، ونصب آلة التصوير ليلتقط صورا للمعركة إلا أن قوات ابن رشيد هاجمت موقعه وقتل بنيران بنادقها)--- (المترجم). وقفة الشيوخ الأقوياء ولقد لقيت علاقة ابن سعود ببريطانيا تأييداً شعبياً خلال اجتماع للشيوخ العرب تم عقده في الكويت في 20 نوفمبر، حيث استضافه شيخ الكويت، وفي تلك المناسبة البارزة اجتمع ثلاثة من الشيوخ العرب الأقوياء هم: شيخ المحمرة، وهو على الرغم من أنه من رعايا بلاد فارس فإنه ذو جذور عربية، وشيخ الكويت، وابن سعود حاكم نجد. وقف هؤلاء الشيوخ إلى جوار بعضهم في محبة ووفاق، وأعلنوا التزامهم بالقضية البريطانية، وفي حديث تلقائي غير متوقع أشار ابن سعود إلى أن الحكومة العثمانية قد سعت إلى تفكيك وإضعاف الأمة العربية، بينما السياسة البريطانية قد استهدفت توحيد وتقوية قادة الأمة. وكلما استمع المندوب السياسي السامي إلى هذا الكلام الذي سوف يتردد وتتم مناقشته بين الرجال الذين يتحلقون حول كل نار تشعل في المخيمات، فبالتأكيد سيقطف ثمار سنوات خلت من العمل الصبور في الخليج. سحر شخصية ابن سعود لقد اقترب ابن سعود الآن (عام 1916) من سن الأربعين إلا أنه يبدو أكبر من ذلك ببضع سنوات. وهو ذو بنية جسمانية رائعة: طوله يزيد على ستة أقدام (يقترب من المترين)، وله حضور شخصي، وقد تعود على القيادة. وعلى الرغم من أن بنيته ضخمة أكبر من أجسام شيوخ البدو التقليديين المعتادة؛ فإن لديه خصائص العرب الأصيلة: فهو ذو أنف معقوف، ووجه واضح الملامح ممتلئ، وشفاة بارزة، وذقن طويلة ورقيقة تحددها لحية مدببة، ويداه رقيقتان أصابعهما ممشوقة، وتلك هي ملامح القبائل العربية القحة. وعلى الرغم من طوله الفارع وعرض منكبيه فإنه يمثل السمة الغالبة في الصحراء ذات الاتساع اللامتناه، ويحمل انطباعاً متعارفا عليه في الصحراء هو حياة المشقة التي يكتنفها شيء من الغموض ليس على مستوى الفرد، ولكنه متعلق بالجنس البدوي بأكمله، وإذا كان القلق الدنيوي يتحكم في حياة ناس الصحراء البسطاء، فإن ابن سعود حقق سيطرته وبسط نفوذه إلى ما وراء حدوده الموحشة. وعلى الرغم من أن حركاته المتأنية وابتسامته البطيئة العذبة، واللمحة التأملية لعينيه ذات الرموش الثقيلة تضيف إلى مهابته وسحر شخصيته؛ فإنها لا تتفق مع المفهوم الغربي للشخصية القوية. رجل دولة استثنائي ومع ذلك فإن ما ذُكر بشأنه يضفي عليه خصال التحمل البدني النادر في شبه الجزيرة العربية الممتلئة بالصعاب، ويقال إن منافسيه قلائل بين الرجال الذين تربوا على امتطاء ظهور الإبل والذين لا يكلون من امتطائها، وكقائد لقوات غير نظامية أثبت أنه شجاع، وأنه يجمع بين خصائصه كجندي وقبضته على مقاليد الحكم التي يجلها رجال القبائل كثيراً، وربما أقصى إطراء له قولهم بأنه «رجل دولة». إن ابن سعود كسياسي وحاكم ومغير يمثل شخصيةً تاريخية استثنائية. فهو وأمثاله من هؤلاء الرجال يشكلون استثناء في أي مجتمع، ويدفع بهم جنسهم العربي بإصرار في محيطه. وفي ذلك المحيط يحققون احتياجاته، فلقد قدم العرب القادة الفاتحين والإداريين العسكريين للغزوات المحمدية (الإسلامية) والذين نجحوا في مهامهم مثل ابن سعود، ولو أنه عاش في عصر أكثر بدائية فربما كان النجاح أو الفشل حليفه، «وربما قد يفشل في نطاق ضيق». إن مهمته في تحويل مجتمع قبلي أساسا إلى دولة موحدة ومتجانسة ذات طبيعة قوية ليست باليسيرة، ولقد كان محمد الرشيد المثال الكلاسيكي في الجيل السابق لجيلنا، وقد توفي قبل عشرين عاماً ولكن شهرته لاتزال باقية، ومثله قام عبدالعزيز بجمع خيوط الشبكة المتفككة للتنظيم القبلي فى إدارة مركزية وفرض سلطته على تحالفات القبائل الجوالة، وعلى الرغم من تقلبها، فإنها من العوامل السياسية التي وطدت حكمه. مؤتمر الاعتراف على أرض الكويت وبسط ابن سعود نفوذه على الرياض ببساتين نخيلها وواحاتها، واتسعت سلطته لتشمل إقليم القصيم شمالا وإقليم الاحساء شرقا. وتمكن من الحصول على موارد اقتصادية أوسع وثروة أكبر وسكان مستقرين أكثر مما لدى ابن رشيد؛ ولذلك فإن سلطة ابن سعود ترتكز على أساس أكثر متانة، إلا أن مصدر القوة الحقيقي هنا كما عبر التاريخ العربي بأكمله يكمن في شخصية القائد، فمن خلال شخصيته سواء كان خليفة عباسيا أو أميرا نجديا يتماسك الكيان السياسي بوجوده وينفرط عقده في حال غيابه. إذا كانت السمة البارزة لمؤتمر الكويت هي اعتراف الرؤساء العرب المجتمعين بحسن نوايا بريطانيا العظمى تجاه العرب، فإن وجود النوعية غير المتغيرة للسيادة الصحراوية بين ظروف حديثة جداً لدرجة أنها لم تصبح مألوفة لمن أوجدها، وذلك ما أعطى زيارة ابن سعود إلى البصرة طابعها المتميز. أشعة «رونتجن» والصديق الطيب وفي غضون بضع ساعات استعرض (ابن سعود) أحدث آلات للهجوم أمامه، وراقب إطلاق متفجرات شديدة القوة على خندق مرتجل، وانفجار القذائف المضادة للطائرات في السماء الصافية التي فوقه. وسافر بالسكة الحديد التي لم يكن عمرها يزيد على ستة أشهر، ثم انطلق عبر الصحراء في سيارة إلى ميدان المعركة في الشعيبة إذ شاهد قوات المشاة البريطانية وقوات الفرسان الهندية، وبطارية مدفعية أثناء عملها. وفي أحد مستشفيات القاعدة المتمركزة في قصر صديقنا الطيب (الشيخ خزعل) شيخ المحمرة، رأى عظام أصابع يده تحت أشعة «رونتجن»، ومشى على امتداد أرصفة الميناء الكبيرة الكائنة في شط العرب وعبر المخازن المكدسة التي يتم من خلالها كسوة الجيش وتزويده بالتموين، وشاهد طائرة تنطلق إلى السماء الصافية. شيخ المحمرة ولقد نظر (ابن سعود) إلى هذه الأشياء كلها وهو مندهش، ولكن الاهتمام الذي أظهره بشأن العتاد الحربي كان اهتمام رجل يسعى إلى التعلم، وليس اهتمام شخص وقف مرتبكاً، وتحدث بشكل تلقائي للضباط الذين استضافوه مبرراً شهرته التي اكتسبها في شبه الجزيرة العربية بأنها ترجع إلى الحس السليم والقدرة المتميزة على الاحتمال والصبر. وبينما كان الشيخان يغادران المكان قال شيخ المحمرة: «لقد كان أمرا طيباً لنا أن نرى مدى قوتكم»، ومن استمعوا إليهما ربما وجدوا أفكارهما توحي بقوة أعظم وأكثر استقرارا من قوة آلة الحرب وتطلعا إلى اليوم الذي نقوم فيه ببسط علوم السلام بدلاً من علوم الدمار. (يتبع) الشيخ مبارك الكبير حاكم الكويت وإلى يمينه الأمير الشاب آنذاك عبدالعزيز آل سعود أثناء وجوده في الكويت في مطلع القرن الماضيالسلطان عبدالعزيز آل سعود وعلى صدره ارفع وسام بريطانيالسلطان عبدالعزيز آل سعود يشاهد قطار السكك الحديدية الجديد في البصرة وحوله مرافقون بريطانيونالسلطان عبدالعزيز آل سعود والشيخ خزعل يستعرضان إحدى فرق المشاة البريطانية في البصرة عام 1916السلطان عبدالعزيز آل سعود وبجانبه السير بيرسي كوكس والخاتون وقائد القوات البريطانية في البصرة عام 1916من اليمين قائد القوات البريطانية في البصرة والسير بيرسي كوكس والشيخ خزعل والسلطان عبدالعزيز وعبداللطيف باشا المنديل واحمد باشا الصانع أثناء تفقدهم القوات والعتاد في البصرة
|
#205
|
|||
|
|||
بعد غزو الوهابيين بقيادة مناع أبورجلين للكويت أيام الشيخ عبدالله الأول بن صباح قرر الكويتيون بناء سو
اعداد: الفلكي عادل حسن السعدون في السبعينات وقع تحت يدي كتاب 'من هنا بدأت الكويت'، للمرحوم الباحث عبدالله الحاتم، وقد كانت مكانة هذا الكتاب مثل الكنز لدي، فهو وضع اوائل احداث الكويت بمجهوده حسب الامكانات المتوافرة آنذاك، ويعد عملا عظيما لن ينساه التاريخ الكويتي له، ومنذ ذلك الوقت فكرت ان اضيف الى هذا العمل العظيم ما استجد من معلومات سواء منذ صدوره حتى اليوم، او ما توافر من معلومات جديدة نشرها الباحثون عن تاريخ الكويت القديم، واخص بالذات ما قام به مركز البحوث والدراسات الكويتية من مجهودات عظيمة ونشره للكتب المتعلقة بتاريخ الكويت. 1783/6/2 أول المعارك الكويتية: معركة الرقة هي أولى المعارك الكويتية، حدثت معركة الرقة بين الكويتين وبين بني كعب حكام عربستان بسبب رفض الشيخ عبدالله الصباح تزويج ابنته من ابن الشيخ بركات بن عثمان بن سلطان أمير بني كعب، وجند بركات حملة لمحاربة الكويتيين لكنهم انهزموا في منطقة مغمورة بالمياه أثناء الجزر تسمى الرقة بين جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين.واستشهد محمد الشمالي ونجم الوزان في هذه المعركة ويعتبران أول شهيدين كويتيين، وغنم الكويتون أول مدفع قتال بالكويت . 1783/6/2 أول شهيدين كويتيين هما محمد الشمالي ونجم الوزان اللذان سقطا بمعركة الرقة بين الكويتيين وبني كعب من عربستان. 1783/6/2 أول مدفع قتال بالكويت: غنم اثناء معركة الرقة وانتصار الكويتيين على بني كعب (راجع معركة الرقة 1783/6/2). 1789/4/17 أول لجوء سياسي للكويت: حدثت حادثة تدل على أن الكويت مستقلة عن السلطة العثمانية والعراق وكانت ملجأ للثائرين على السلطات العثمانية في بغداد ومنها لجوء كل من الشيخ ثويني السعدون شيخ المنتفق وصديقة الحميم مصطفى آغا الكردي متسلم (والي) البصرة إلى الشيخ عبدالله الصباح حاكم الكويت (1762-1815)، وكان ذلك إثر دخول ثويني شيخ السعدون البصرة بقوة كبيرة واستولى عليها ونصب نفسه حاكما عليها واستولى على الأسطول التركي وشاركه ذلك مصطفى آغا ضد سليمان باشا والي بغداد المملوكي، وجهز والي بغداد قوة كبيرة سيرها إلى البصرة للقضاء على تلك الحركة، وفي الطريق من بغداد الى البصرة اشتبكت قوات الباشا مع قبائل المنتفق التي كان يقودها الشيخ ثويني وهزمتها، وحينذاك أيقن مصطفى آغا أنه لا قدرة له على مواجهة القوة العثمانية، فترك البصرة هاربا الى الكويت مع الشيخ ثويني مستجيرين بحاكمها. 1789 أول لجوء سياسي سعودي للكويت: تولى زيد بن عريعر بن دجين آل حميد الخالدي إمارة بني خالد لمدة أربع سنوات حيث أسقط حكمه وفر إلى الكويت عام 1793 وكان آخر حاكم من بني خالد من آل عريعر ولجأ الى الكويت. 1790 أول تداول لعملة الريال النمساوي بالكويت: تم التداول في الكويت بعملة الريال النمساوي (مارياتريزا) وكانت تسمى بالريال الفرنسي. 1793/3/19 أول دفعة من البريد الهندي: وصلت الى الكويت الدفعة الاولى من بريد الشركة الهندية الشرقية المتوجهه من الهند إلى أوروبا عن طريق حلب أي قبل انتقال رجال الوكالة إلى الكويت بعد خلافات نشبت بين الشركة والدولة العثمانية. 1793/7/18 أول سفينة تصل الكويت بعد انتقال المقيمية البريطانية الى الكويت: وصول أول سفينة إلى الكويت تدعى لوريل يقودها الكابتن الكسندر فوجو بعد انتقال المقيمية البريطانية من البصرة إلى الكويت. 1793/8/8 أول غزو وهابي للكويت وأول دفاع إنكليزي عن الكويت: قضى ابراهيم بن سليمان العفيصان قائد جيوش الوهابيين على نفوذ آل عريعر في شرق الجزيرة العربية وزحف بجيشه لغزو الكويت حيث يلتجئ زيد بن عريعر في الكويت، وهي أول غارة وهابيه نجدية على الكويت بقيادة ابن عفيصان ومعه 500 رجل واستعد الكويتيون لملاقاته ولاذوا بالفرار بعد طلقة واحدة من أحد المدافع التي أمر الشيخ عبدالله الأول بن صباح بإحضارها من السفن ورجع ابن عفيصان ونهب القبائل خارج سور الكويت.. وهناك رواية أخرى بأن عددهم 4000 رجل. 1795/6 أول قسيس يزور الكويت: أول ذكر لحضور أول قسيس للكويت مسجل في دفتر اليوميات للمعبد المسيحي في البصرة خلال فترة انتقال الوكالة التجارية لشركة الهند الشرقية للكويت حيث يقول: في ذلك الوقت كان هناك قسيس كاثوليكي أرمني أرسل كاس ابراهام الى الكويت (القرين) وقابل القنصل الانكليزي السيد مك كنتي وقام بتعميد ابنته لوسي. 1798/12 أول سور حول مدينة الكويت:بعد غزو الوهابيين بقيادة مناع أبورجلين للكويت في 1798/12/13 أيام الشيخ عبدالله الأول بن صباح قرر الكويتيون بناء سور يحمي مدينتهم وتم بناء سور الكويت الأول، وكان مبنيا من الطين وكان طوله ميلا واحدا ويحيط المدينة من جميع الجوانب وأوله من جهة الشرق من نقعة النصف وينتهي عند نقعة سعود في القبلة وأقاموا به 5 دروازات (بوابات): دروازة العبدالرزاق ودروازة الفداغ عند بيت عثمان الراشد ودروازة إمديرس عند بيت بن بحر ودروازة ابن بطي عند بيت النصف ودروازة البدر في القبلة. 1805 أول محاولة للإنكليز لوضع الكويت تحت حمايتهم: حاول الإنكليز وضع الكويت تحت حمايتهم لكي يجنبوها هجمات الوهابين ولكن الأمير عبدالله الاول حاكم الكويت لم يقبل. 1814/5/10 أول مؤامرة داخلية لاستلام الإمارة: بتاريخ 5 مايو 1814 توفي حاكم الكويت الشيخ عبدالله الصباح، وفي ذلك الوقت كان ولده الشيخ جابرالأول (جابر العيش) مغاضبا ابيه ويعيش في البحرين وسلم اهل الكويت الحكم مؤقتا الى الشيخ محمد بن سليمان، وعند استلام الشيخ سلمان الحكم أحس الكويتيون بانه يريد أن يستأثر بالحكم وبالسلطة وحده فكتبوا رسالة الى الشيخ جابر يستعجلونه بالحضور ورجع بعد عدة ايام وفرحوا بعودته وبايعوه، واستلم الحكم واصبح الحاكم الثالث من اسرة الصباح. (سمي جابر العيش لكرمه وسخائه على الفقراء والمحتاجين) وتعتبر هذه الحادثة أول مؤامرة داخلية للاستيلاء على السلطة. 1816 زار الرحالة بكنغهام James Silk Bukingham الكويت وذكر في رحلته أن لمدينة الكويت ميناء عظيما وان غالبية سكانها من التجار الذين يعملون في التجارة المحلية والخارجية في الخليج من خلال سفنهم التي يصنعونها، ويذكر انهم كانوا يتاجرون في جميع ضروب التجارة. ولفت نظره احتفاظ الكويت دوما باستقلالها في الوقت الذي خضعت فيه كثير من مناطق الخليج الأخرى للحكم الأجنبي مثل البرتغاليين والعثمانيين. 1818 أول مساعدة عسكرية كويتية لمصر: عرض الشيخ عبدالله الصباح حاكم الكويت على القوات المصرية أن يقدم لها وسائل النقل البحرية لنقل قوة كانوا يقترحون إرسالها الى رأس الخيمة وغيرها من قواعد القراصنة. 1820 أول إصدار رسمي لخريطة للخليج العربي تلك التي نشرها مكتب دراسة المياه Hydrographic Office في لندن وهي تجميع لمعلومات بحسب ما هو معروف في ذلك الوقت وفيها تفصيلات عن منطقة الكويت معظمها ملاحية، وهناك عدد اكثر من الجزر الكويتية على هذه الخريطة كما تسمى الكويت فيها بالقرين. 1823 أول خريطة يظهر عليها اسم العتوب: عام 1823 ظهرت خريطة فرنسية في اطلس يصاحب كتابا عن محمد علي والي مصر ألفه فيلكس منجن وفي هذه الخريطة لأول مرة تظهر عليها اسم عرب بني عتبة 'العتوب' ويقصد بهم آل صباح. 1823 أول خريطة تظهر عليها الوفرة منطقة اللياح وجريشان: عام 1823 ظهرت خريطة فرنسية في اطلس يصاحب كتابا عن محمد علي والي مصر الفه فيلكس منجن وبهذه الخريطة لأول مرة تظهر منطقة الوفرة الكويتية بخريطة، وكذلك يظهر اسم مدينة الكويت مرة اخرى بعد انقطاع منذ خريطة كارستن نيبور عام 1765 حيث ان كل الخرائط التي ظهرت بعد ذلك تشير الى القرين وليس الكويت. 1825 أول خريطة تظهر عليها الاسماء باللغة العربية: زار المستكشف البريطاني كايز ان Guys In منطقة الكويت ورسم خريطة لها من أدق الخرائط الحديثة وذلك بفضل استخدام الة السدس وحساب المثلثات وألة قياس الزمن مع وجود بعض الاخطاء الثانوية التي قام بتعديلها ضابطا البحرية كونستابل وستيف في الفترة من 1857-1860، وهي أول خريطة تظهر عليها الاسماء باللغة العربية.ولأول مرة تظهر اسماء مناطق كويتية مثل: الشعيبة، راس الجليعة، راس الزور، خور البنية، الفحيحيل، الفنطاس، أبوفطيرة، راس الارض، قطعة عريفجان (بالبحر)، جزيرة قاروه، جزيرة أم المرادم، جزيرة كبر، ورسم جزيرة وربة من دون ذكر الاسم. 1826 انتحر أول قرصان كويتي رحمة بن جابر الجلاهمة لما شعر بقرب هزيمتة اثناء المعركة: دأب رحمة على الاستيلاء والسطو والقرصنة البحرية على السفن العابرة في مياه الخليج سواء العياو الإيرانية وكان يأخذ الأتاوة (الخاوة) من أهالي مسقط ودبي وقطر والبحرين والقطيف وبندر عباس وأبوشهر وغيرها عدا الكويتيين فلم يكن يتعرض لهم وضاق صدر الناس منه حتى اجتمع عليه آل خليفة شيوخ البحرين وآل حميد رؤساء الإحساء والقطيف وجهزوا له حملة مشتركة فكان ماجد بن عريعرمن حكام الإحساء ويعاونه الشيخ عبدالله بن خليفة على رأس حملة برية، وكان الشيخ أحمد بن سلمان الخليفة على رأس حملة بحرية والتقى الجمعان في مياه القطيف وبعد معركة شرسة بالسيوف والخناجر ولما شعر بقرب هزيمته قرر الانتحار عن الاستسلام وأشعل النار في البارود الذي في مستودع سفينته ودوى انفجار قوي اهتزت له مدينة القطيف واشتعلت النيران في سفينته والسفن المجاورة وغرق من غرق ونجا من نجا.ومع موته تبدد حلمه في إقامة كيان سياسي له ولجماعته آل الجلاهمة وهم أبناء عموم آل صباح وآل خليفة. 1829 أول علم: قرر الشيخ جابر بن عبدالله الصباح حاكم الكويت رفع العلم العثماني على السفن الكويتية وهو قرار لم يتم من خلال ترتيب خاص بين الكويت والدولة العثمانية أو بعض من ممثليها في المنطقة، في بغداد أو في البصرة أو في غيرها، وإنما تم من خلال مبادرة كويتية تستهدف تحقيق مصلحة كويتية وهي ضمان أمن السفن الكويتية في عرض البحر احتماء بزعامة الدولة العثمانية الاسلامية حاملة الراية العثمانية.بحكم أن القوى الكبيرة التي دخلت الخليج، وعلى رأسها بريطانيا لم تعد تعترف بالرايات المحلية للقوى العربية التي لم تنضم إلى معاهدة الصلح البحري، الموقعه عام 1820 . 1831/2أول زيارة لأمير سعودي: زار الكويت الإمام تركي العبد الله السعود ووصل الصبيحية وهناك أرسل له أمير الكويت الشيخ جابر العبد الله الصباح هدايا كثيرة. وأقام أربعين يوما وارتحل بعدها إلى الرياض، وسبب مجيئة إلى حدود الكويت أنه كان يطارد فهيد الصبيقي أحد زعماء قبيلة سبيع ووجدهم في مكان ما بين الحضر والوقبا وهاجمهم واستولى عليهم ووفد إليه بعض رؤسائهم وقدموا له الطاعة وطالبوه برد أموالهم. 1831 أول فرض للضرائب بالكويت: شيخ الكويت الشيخ جابر العبدالله الصباح ضريبة مقدارها 2% عن كل الواردات والبضائع الواردة. 1839/5/3 هروب حامية تركية للكويت: لجأت كتيبة من جنود الحامية التركية للبصرة إلى الكويت وكانت قد تمردت على قيادتها، وأعلنت رغبتها في الانضمام إلى جيش خورشيد باشا المصري، هي واقعة تؤكد في حد ذاتها من ضعف نفوذ الامبراطورية العثمانية في جنوب العراق وعلى الكويت، وبعد بضعة أيام من دخول هذه الكتيبة إلى الأراضي الكويتية، وصل إلى الكويت مبعوث شخصي من متسلم البصرة برسالة إلى الشيخ جابر الصباح يرجوه فيها القبض على الجنود الهاربين وإرسالهم إليه، وكان الطلب الموجه إلى حاكم الكويت يصر على المساعدة، وعلى رجاء القيام بها لدرجة تعظيم شأن الشيخ جابر وتلقيبه 'بالأمير' في هذه الرسالة. إزاء ذلك واجه الشيخ جابر موقفا حرجا لعدة أسباب منها: - عدم رغبته في الاصطدام بالأتراك، لا سيما أنه كان على علاقة طيبة معهم في فترة الثلاثينيات. - شراء ضيعة الصوفية الكبيرة، ليضيف بذلك رقعة إلى أملاك الكويتيين في مزارع النخيل الشهيرة بالبصرة. ولكنه وجد مخرجا مناسبا من ذلك كله حين اتفق مع 'محمد أفندي' وكيل خورشيد باشا على ترحيل 'سري' لهذه الكتيبة، ونقلها على سفن مؤجرة من القطيف التي كانت تحت سيطرة المصريين آنذاك. 1839 أول مصري يقيم في الكويت: عين محمد علي باشا وكيلا مقيما له في الكويت لشراء معدات وذخيرة وتجهيز الامدادات المطلوبة للجيش المصري حين وصلت القوات المصرية الى ساحل الإحساء، وقدمت الكويت جميع الإمكانات وكان شيخ الكويت الشيخ جابر الصباح يعامله معاملة خاصة ويجلسه في مكان الصدارة في كل مجالسه. ويبدو أن الوكيل كان يخفي مهمته الحقيقية وهي جمع الأخبار تمهيدا لخطة خورشيد باشا قائد القوات المصرية لانتزاع العراق من تركيا. 1843 أول وساطة سياسية يقوم بها شيخ من الكويت للبحرين: نجح الشيخ محمد آل خليفة في إنزال قواته بالمنامة والمحرق مما اضطر حاكم البحرين الشيخ عبدالله بن أحمد الى أن يغادر البحرين إلى الدمام وتدخل الشيخ جابر الصباح حاكم الكويت، وعمد إلى إصلاح الأمر بينهما ولكن هذه الوساطة فشلت بسبب رفض الشيخ عبدالله بشروطها واتجه إلى بوشهر للحصول على مساعدة حاكمها وهي أول وساطة سياسية يقوم بها شيخ من الكويت لبلد خليجي وان لم تنجح. 1845 أول طبعة لسفينة كويتية: كانت السفينة الكويتية 'الوفرة' وهي من نوع البغلة عائدة من خليج البقال وفي طريقها مرت بميناء كوجين في ساحل الملبار لشحن بعض الأخشاب وكانت السفينة ذات حمولة أكثر من 750 طنا وغادرت الميناء إلى الكويت وكان الوقت بداية هيجان المحيط الهندي فواجهت عاصفة شديدة وغرقت السفينة بحمولتها وبحارتها وكانت السفينة ملك يوسف الصقر الذي كان على متنها وتوفي مع بحارته، وكانت الخسائر فادحة في الأرواح والمال. وسميت بطبعة الوفرة. 1845 أول كويتي مارس مهنة التطعيم: ولد مساعد بن عبدالله العازمي كطبيب شعبي وفقيه، طلب العلم عام 1885 في الأزهر ونال الشهادة العلمية من الأزهر الشريف وتعلم هناك التطعيم ضد الجدري، وسافر الى الهند للحصول على لقاح التطعيم ضد الجدري، واتجه بعد ذلك الى اليمن حيث كان الجدري منتشرا هناك، وبدأ يعالج الناس، واتجه الى مسقط ورأس الخيمة ودبي، وعاد الى الكويت وفتح منزله كمقر لتطعيم الأطفال ومارس مهنة التطعيم ضد الجدري وتوفي في البحرين عام 1943 . 1851 أول وكيل بالكويت: نصب الأمير فيصل آل سعود وكيلا له في الكويت وهو أول وكيل سعودي بالكويت. 1857 أول كويتي يمارس مهنة التطبيب لايحمل شهادة: ولد أحمد بن محمد الغانم نوخذه وتاجرا واشتهر بالتطبيب وأصبح علما من أعلام الطب العربي بالكويت واشتهر بعلاج الكسور والجروح والأمراض الباطنية وكان يعالج المرضى بالمجان بمنزله في شرق، حتى انه عالج الدكتور ستانلي ميلري من مرض بوصفار، توفي في 1962/12/4. 1859 تولى الشيخ صباح (الثاني) بن جابر(الاول) بن عبدالله (الاول) بن صباح (الاول)، الحاكم الرابع، واستمر حكمة حتى عام 1866، كان له من الابناء عبدالله، جابر، جراح، محمد، احمد، مبارك (الكبير) عذبي، حمود.توفي في نوفمبر من عام 1866 . 1860 أول صورة رسم باليد لساحل الكويت: رسم الضابطان س.ج. كونستابلConstable وأ.و. ستيف Stiffe عام 1860 خريطة لاعالي الخليج وقد كانت هذه الخريطة من أفضل الخرائط التي رسمت عن الكويت ورأس الخليج وكانت اساس الخرائط الملاحية الحديثة للخليج، ورسم باليد مخططا لمنطقة جبل البنية الذي يقع بعد راس الزور ويبدو به الجبل المكون من قمتين لأول مرة في تاريخ الخرائط. المرجع 888 صفحة 194 . 1860 أول خريطة يظهر فيها اسم جبل البنية وجزيرة وربة وقصر السرة والفنيطيس وخور الصبية، راجع اعلاه. 1863 أول طالب علم كويتي: يعتبر الشيخ عيسى بن علوي أول طالب علم كويتي يدرس على نفقته رحل إلى مصر لطلب العلم ودرس الدين والطب وسكن في مصر ومات فيها عام 1863 . 1866/4 أول السفن المنتظمة للكويت: بدأت بواخر شركة الهند البريطانية للملاحة التجارية خدمة منتظمة كل اسبوعين بين الهند والخليج وبدأت تتردد على ميناء الكويت.(ذكر في المرجع رقم 671 بان التاريخ 1862). 1866/11 تولى الشيخ عبدالله (الثاني) بن صباح الثاني الحكم في الكويت. (الحاكم الخامس) حتى مايو 1892 . 1866 أول وساطة كويتية لاحد امراء آل سعود: بعد أن تولى سعود الفيصل الإمارة استنجد اخوه عبدالله بمدحت باشا والي بغداد عارضا عليه التبعية ودفع الإتاوه إذا حصل على مساندته وإقصاء أخيه عن الإمارة، وقد مر رسول الأمير عبدالله بالكويت للحصول على مساعدة الشيخ عبدالله الصباح ووساطته لدى والي البصرة سليمان بك، الذي كانت تربطه بالشيخ عبدالله روابط صداقة متينه وزود الشيخ عبدالله الرسول برسالة إلى الوالي لتقديم المساعدة وهذه أول وساطة سياسية من الكويت الى حكام نجد. 1868/3 أول سفينة تجارية بخارية تصل الى الكويت: وصلت إلى الكويت أول سفينة بخارية تجارية الباخرة بينانك Penang وكانت سفينة تجارية وتحمل معها بريد. وتعتبر كذلك أول سفينة تحمل بريدا للكويت. 1868/3 أول سفينة تحمل بريد تصل الى الكويت: راجع اعلاه. 1868/3 أول مرة يصعد شيخ الكويت الشيخ عبدالله الثاني على ظهر باخرة بخارية:راجع اعلاه. 1868 أول رحالة أميركي يزور الكويت: زار الكويت الرحالة الأميركي لوشر Locher ووصف ميناء الكويت بأنه أهم ميناء بحري في شمال الخليج وأكد مهارة الكويتيين في قيادة السفن الشراعية التي يبحرون بها لمسافات بعيدة إلى موانئ الهند وشرق أفريقيا والشرق الأقصى. 1871/5/5 أول رفع للعلم العثماني: رفع العلم العثماني ذو النجمة والهلال الأحمر اللون في سنة 1871 على السفن الكويتية بدلا من العلم السليمي في عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح بعد مضايقة الحكومة العثمانية للسفن الكويتية ولأمور رآها الشيخ في مصلحته وتعود عليه وعلى أهل بلدته بالخير من الإعفاء الجمركي والضرائب وعدم مصادرة ممتلكاتهم في البصرة والسيبه والفاو والزبير تعبيرا عن التبعية الدينية للخلافة العثمانية، فكان أول علم للدولة العثمانية يرفع على السفن الكويتية حتى تاريخ13-12-1914 المرجع الديوان الاميري. 1871/11/9 أول أمير للكويت يحصل على وسام: زار مدحت باشا والي بغداد الكويت ليشكر شيخها باسم الدولة العثمانية بسبب المساعدات الكبيرة التي قدمها الجيش الكويتي للجيش التركي عند اخضاعه اقليم الإحساء تحت سيطرته وقدم النياشين ووسام وعلم الدولة العثمانية لحاكم الكويت تذكارا لتلك المساعدة. 1871/11/9 أول زيارة لشخصية عثمانية للكويت: زار مدحت باشا (راجع اعلاه). 1871 أول من طبع كتابا على نفقته: طبع في مصر كتاب 'نيل المآرب بشرح دليل الطالب على مذهب الامام أحمد بن حنبل الشيباني' وهو في الفقه الحنبلي وقد قام علي محمد آل إبراهيم بطبعه في المطبعة الخيرية على نفقته وهو أول من قام بطباعة كتاب على نفقته الخاصة. 1872 زار مدحت باشا والي العراق الكويت سنة 1872 م وأثنى على سكانها وأعجب بنشاطهم الدائب وبخاصة في المجال التجاري والبحري، وذكر أن هؤلاء السكان قد أتوا إلى هذه البقعة قبل خمسمائة سنة. وبهذا يكون قوله هذا أقدم تاريخ ذكر لتأسيس الكويت إذا أننا إذا خصمنا هذه السنين من سنة وصوله إلى الكويت بدا لنا أن نشأة الكويت في رأيه كانت في سنة 1372 ميلادية ولا شك في أن هذا المدى مبالغ فيه بالنسبة للبلاد، وإن لم تخل الأرض من السكان طوال القرون. 1878 أول مساعدة مالية نقدية لتركيا: أثناء الحرب بين روسيا وتركيا بعث رئيس وزراء تركيا برسالة إلى الشيخ عبدالله بن صباح يطلب فيها معونة من أمير الكويت مقدارها 4000 ليرة ذهبية عثمانية، لتجهيز الجيوش المقاتلة في سبيل الله وبعث الأمير يستشير اهل الكويت إذ لم يكن في خزينة البلاد هذا المبلغ ولا حتى أقل من نصفه. كما ان الأهالي في ذلك العام ابتلوا بنقص في الأموال نتيجة عواصف أغرقت الكثير من سفنهم المحملة بالبضائع، وتعهد يوسف الإبراهيم وكان من كبار تجار الكويت بجمع هذا المبلغ وتكملته إن نقص وافتتح قائمة الاكتتاب بألف ليرة ذهبية عثمانية من ماله الخاص وتوجه إلى يوسف البدر طالبا منه المساهمة ولكن البدر لم يستحسن فكرة الاكتتاب حيث أن الكويتيين أضرتهم العواصف ورأى أن يقوم هو والبدر بدفع المبلغ فدفع مبلغ 2000 ليرة ذهب وأصبح المجموع 3000 ليرة دفعت للشيخ الذي زاد عليها ودفع المبلغ للحكومة التركية. 1879/4/1 أول بداية الخدمات البريدية: تولى البريد الهندي الإشراف على البريد في الكويت حتى عام1904 عندما طلب الشيخ مبارك الصباح من الحكومة البريطانية العمل على تأسيس مكتب للبريد فى الكويت. 1882 أول سبيل ماء في الكويت: أسس المحسن عبد العزيز الدعيج أول سبيل ماء في الكويت وذلك لسقاية الناس في وقت كان الماء نادرا وللحصول عليه يحتاج إلى مشقة كبيرة وجعله موردا لسد حاجة الفقراء والمحتاجين من مياه الشرب، ولتزويده بالمياه اشترى لهذا الغرض آبار ماء في منطقة الشاميه واشترى كذلك عددا كبيرا من الجمال (الإبل) يقارب عددها أربعين جملا لنقل هذه المياه يوميا من الشاميه إلى مقر السبيل في حي الدعيج داخل سوق الكويت، بهدف التخفيف عن النساء وخصص لهن وقتا للتزود بالمياه وقد أقام ورثته بتوسعة هذا السبيل وأنشئت له عدة فروع.. 1885 أول مصنع حلويات في الكويت: أسس الحاج إبراهيم جمال 'الكاركة' وهي مطحنة السمسم ومنها ينتج زيت السمسم الذي يستخدم كزيت لاضاءة القناديل وينتج منها الهردة والرهش والحلويات ويعتبر هذا المصنع أول معمل للحلويات وكان ينتج ايضا الحلوى المسقطية وكان موقع المعمل داخل السوق في منطقة المناخ. 1886 أول عملة وطنية: هي أول محاولة لاصدار نقد وطني مستقل عندما امرالشيخ عبدالله بن صباح (عبدالله الثاني) بصك عملة نقود نحاسية هي البيزة الكويتية نقش على احد وجهيها كلمة 'ضربت في الكويت 1304 هج' وعلى الوجهه الاخر إمضاء الشيخ عبدالله ولم تكن القطع متساوية بالحجم والشكل والسماكة وحتى الكتابة واستمر تداولها لمدة شهر وبعدها سحبت من الاسواق. 1887 أول طلب حماية للكويت: طلب الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) من بريطانيا حماية الكويت وكان هذا أول طلب له لحمايته ولم تستجب له بريطانيا. 1887 أول معلم لتعليم رسم الخط: أتى إلى الكويت الملا قاسم إيراني الجنسية واخوه الملا عابدين لتعليم رسم الخط بالطريقة الصحيحة وفتح محلا بشارع الأمير في قيصرية التجار. 1888 أول دخول الكاز (الكيروسين) الى الكويت: دخل الكويت لأول مرة زيت الكاز ولكن كان على نطاق ضيق فقد كان يحضره بعض المسافرين من الهند وبكميات قليلة، وأن أول من استورد زيت الكاز هو كري مكنزي عام 1902 من الهند في صفائح وهو كاز روسي التقطير والتعبئة وعلى صنفين صنف يحمل علامة الأسد والآخر يحمل علامة الشمس.. 1890 أول طوبجي بالكويت:حضر الى الكويت من شمال العراق علي بن عقاب بن علي الخزرجي أول من قام بإطلاق مدفع رمضان، وقد تعلم رماية المدفع من الإتراك (العثمانيين) وفي عهد الشيخ مبارك الصباح عهد اليه اطلاق المدفع وقت الفطور والسحور. 1892/5 تولى الشيخ محمد (الاول) بن صباح الثاني الحكم في الكويت وكان الحاكم السادس، وقد شاركه اخوه جراح بالحكم. 1892 أول بدايات دخول الشاي إلى الكويت. 1892 أول معلم للحساب في الكويت:انتدب الشيخ جراح الصباح علي بن عمار وكان موظفا ماليا لدى الأتراك في الإحساء انتدبه ليعمل محاسبا في الكويت وقد تبرع بتعليم كثير من المتعلمين الأعمال الحسابية، وبعدها كثر عدد معلمي الحساب والخط. 1893 أول ظهوراللؤلؤ الزراعي: قام مبتكر اللؤلؤ الزراعي الياباني كوكيشي ميكيموتو Kokichi Mikimoto بانتاج أول لؤلؤة مزروعة. 1894أول سوق للحم: تم بناء أول سوق للحم في عهد الشيخ محمد الصباح الحاكم السادس للكويت. 1896/5/8 تولى الشيخ مبارك (الاول) بن صباح (الثاني) بن جابر(الاول) بن عبدالله (الاول) بن صباح (الاول) الحكم في الكويت واصبح الحاكم السابع.. 1896/5/8 أول من دفن في مقبرة الصالحية الشيخ محمد الصباح حاكم الكويت السادس وأخوه جراح الصباح، وقد توقف الدفن بهذه المقبرة عام 1961 . 1896 أول قس يزور الكويت: زارالكويت القس الدكتور صامويل زويمر Samuel Zwemer أحد أعضاء الإرسالية العربية الأميركية لمحاولة فتح إرسالية أميركية للتبشير، إلا أن الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) رفض المكوث لأعضاء الإرسالية في الكويت وتكرر الحدث عندما حضر للكويت الدكتور جيمس مورديك James Moerdyk عام 1904 . 1897/2أول طبيب يصل الكويت من العراق: قدم أسعد التركي أول طبيب من البصرة وباشر العلاج في الكويت. 1897/2 أول حجر صحي في الكويت: أرسل الأتراك موظفا للحجر الصحي في الكويت استمر وجوده حتى سبتمبر عام 1901 . 1899/1/23 أول معاهدة حماية للكويت: تم توقيع معاهدة الحماية الإنكليزية مع الكويت في عهد الحاكم السابع الشيخ مبارك الجابر الصباح وأصبحت الكويت تحت الحماية البريطانية. وقد حافظت هذه الاتفاقية على استقلال الكويت من اطماع الدول المجاورة والدول الاستعمارية ووقع عن الجانب البريطاني الكولونيل ميد وبشهادة الكابتن ويكهام هور وكالكوت كاسكن ومحمد رحيم بن عبدالنبي صفر وصادق اللورد كيرزون (كرزون) أوف كلدستون نائب الملك البريطاني في الهند على هذه الاتفاقية في 19 فبراير 1899 . 1899/3/16 أول سفينة روسية تصل الى الكويت: وصلت الى الكويت السفينة الروسية غيلياكGilyak . وفي ذلك الوقت، ان زيارة مثل هذا النوع من السفن البخارية يعد شيئا غير مألوف لاهالى المنطقة. وفي محاولة من الإنكليز بعدم أن يتركوا الروس وحدهم مع الشيخ أرسلوا السفينة الحربية سفينكس لتكون في مرفأ المدينة قبل وصول الروس. 1899/3/16 أول قنصل روسي يصل الى الكويت: وصلت السفينة الروسية غيلياك (جلياك) وعلى ظهرها القنصل الروسي في بغداد وعقد مع شيخ الكويت الشيخ مبارك لقاء عاديا. 1899/5 أول دائرة حكومية: تم تأسيس دائرة الجمارك وهي أول دائرة حكومية وأعيد تنظيم الاجراءات السابقة وفرضت إجراءات جمركية جديدة في الكويت وزيدت الضريبة بالميناء من 3% إلى 5% على كل السلع الواردة البرية والبحرية بما فيها تلك القادمة من الموانئ التركية ومعظم هذه السلع كانت من البصرة (العراق) والموانئ التركية (ازمير - طرطوس -انطاكيا - استانبول)التي كان لا يؤخذ عليها ضريبة في السابق. 1899/5 أول مدير للجمارك: تم تعيين أمان بن ربيعه الحبشي كأول مدير للجمرك الكويتي عند تأسيسه واعادة تنظيمه. 1900/1/19 أول بعثة المانية الى الكويت: وصلت الى الكويت اللجنة الالمانية المكلفة باجراء مسح اولي لمد خط سكة حديد يربط مابين برلين الى بغداد الى البصرة وينتهى في كاظمة بالكويت، ولكن الشيخ مبارك رفض هذا العرض واعتبر أن هذا الخط يعتبر امتدادا للسلطة العثمانية على الكويت واعتبر نفسه مستقلا عن الحكومة التركية. 1900/5/24 أول اتفاقية لمنع استيراد وتهريب الأسلحة: وقع الشيخ مبارك الصباح اتفاقية مع الإنكليز المرقمة ب 37 بموجبها وافق على منع استيراد الأسلحة داخل الكويت أو تصديرها منها منعا باتا.وأصدر الشيخ مبارك قرارين يقضي أحدهما بمنع دخول وخروج الأسلحة للكويت، والثاني بمصادرة أي سلاح يدخل ويخرج من الكويت إلى الهند وإيران. وذلك بعد تعهد مبارك للانكليز بحظر تهريب الاسلحة مابين الخليج والهند. 1900/10/14 أول تصوير ضوئي فوتوغرافي للكويت: شهدت السنوات الأولى لعهد الشيخ مبارك وصول أولى كاميرات التصوير الفوتوغرافي الى الكويت حيث زارت السفينة الفرنسية دروم Drome الكويت في هذا التاريخ ونزل ربانها الى البر واستقبله الشيخ جابر بن مبارك. وتقول التقارير ان احد ضباط السفينة التقط بعض الصور الفوتوغرافية ولكن هذه الصور لم تر النور حتى اليوم وربما فقدت الى الابد. 1900/10/14 أول سفينة فرنسية تزور الكويت: راجع اعلاه. 1900 أول تأسيس لقصر مشرف: بنى الشيخ مبارك الصباح قصر مشرف. 1900 أول دخول الشاي الى الكويت: أدخل الشاي الى الكويت من الهند أول مرة على يد الرزاقة (أل عبدالرزاق). وكان في بداية الامر مشروبا للنساء وكانت القهوة للرجال. 1900 أول فرد من العوضية بالكويت: دخول أول فرد من عائلة العوضي للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح. 1901/12/21أول صورة للكويت مازالت موجودة: زار الطراد الروسي (سفينة حربية) 'فارياغ' Varyag الكويت وهو في طريقه الى الصين وكان على متن الطراد جهازا تصوير 'كاميرا' وتم التقاط عدة صور للكويت ومازالت هذه الصور موجودة في ارشيف القيادة المركزية للقوات البحرية في مدينة بطرسبيرغ.وأول صورة للكويت هي صورة شاطئ الكويت ويظهر بها جزء من مدينة الكويت عندما قام أحد أفراد طاقم السفينة الروسية فارياج بتصويرها للكويت. وبنفس اليوم تم تصوير طاقم السفينة مع الشيخ مبارك الصباح. 1901 أول مباراة كرة قدم في الكويت: بعد معركة الصريف حضرت بارجة بريطانية 'فوكس' لحماية الكويت من أي هجوم من الجنوب وقد نزل جنود البارجة على أرض الكويت ولعبوا كرة القدم بملابسهم العسكرية الكاملة مع ارتداء قبعاتهم. 1901 أول من سكن الفحيحيل: بناء على طلب من الشيخ مبارك نزحت أسرة الدبوس من داخل المدينة الى قرية الفحيحيل وهي من الأسر الكبيرة ولهم حي معروف باسمهم باسم فريج الدبوس يقع بغرب فريج الجناعات داخل مدينة الكويت. وكان أول من سكن الفحيحيل اسرة العجيل وبزيع الخالدي، وبعد ان جاءت اسرة الدبوس الى الفحيحيل قدمت اليها عائلات اخرى، وقد أدى ذلك الى اتساع المدينة وازدهارها..(المرجع مقابلة مع العم سلمان الدبوس). 1902/4/18 أول عالم يصل الكويت: استقبل الشيخ مبارك العالم الروسي بوغويا فلنسكي Bogoyavlensky المهتم بدراسة الحيوانات وقد قام بتصوير عدة صور للكويت بكامرته الفوتوغرافية. 1902 أول اشتراك بمجلة: اشترك زيد وعبدالرزاق الخالد ابنا خالد الخضير في مجلتي المنار والمؤيد وكان الناس يتوافدون على محلهم للاستماع وقراءة هذه المجلات ويعتبر هذا أول اشتراك بمجلة من خارج الكويت. 1902 أول محاولة لاغتيال أمير الكويت: حاول أبناء حميدي (عبدالله وعذبي وعبدالرضا وصالح ومويلح) من قراصنة المحمرة المرتزقة الذين قام باستئجارهم يوسف بن ابراهيم سنة 1902 اغتيال الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت.وقد جاءوا إلى الكويت لاجئين فقربهم الشيخ مبارك منه إلا أنه اكتشف محاولتهم اغتياله فسجنهم وسلمهم إلى حاكم المحمرة الشيخ خزعل ولم يقتلهم لصداقته الحميمة مع الشيخ خزعل. 1902 أول مكتب تمثيل سعودي بالكويت: فتح مكتب تجاري وقنصلي سعودي في الكويت تحت رئاسة عبدالله العبدالعزيز النفيسي ويعتبر أول ممثل للحكومة السعودية في الكويت كسفير للامام عبدالعزيز آل سعود وبقي في هذا المنصب الى ان توفي في عام 1942 ثم تولى من بعده ابنه عبدالعزيز حتى عام 1955ثم من بعده ابنه فهد العبدالعزيز. جدير بالذكران المكتب منذ1942/4/20 اصبح يعمل باطار رسمى بعد توقيع اتفاقية بين الكويت والسعودية. واستمر هذا المكتب حتى عام 1953 . 1903/7/8 أول رحلة لسفينة نظامية: وصلت أول رحلة بحرية تابعة لشركة الهند البريطانية للملاحة البحرية إلى الكويت وتم تنظيم رحلة نظامية كل أسبوعين إلى بومباي. 1903/11/28 أول زيارة رسمية لاعلى شخصية في الهند: أدرك اللورد كيرزون (كرزون) curzon نائب الملك وحاكم عام الهند بأن الوقت حان لاستعراض القوة وخاصة ان المنافسة حامية بين البريطانيين والأتراك والألمان والروس والفرنسين تجاه عمان والخليج ولتوجيه ضربة لطموحاتهم فقد زار الخليج والكويت واستقبله الشيخ مبارك الصباح بحفاوة بالغة. 1903/11/28 أول عربة تجرها الخيول في الكويت: زار الكويت اللورد كيرزون نائب الملك وحاكم عام الهند لمدة يومين واستقبله الشيخ مبارك الصباح أحسن استقبال وقد جهز له عربة من نوع فيكتوريا تجرها الخيول احضرها من الهند خصيصا له وقد استخدمها الشيخ مبارك بعد ذلك لتجولات كيرزون في الخليج. 1903/11/28 أول مرة يصعد الشيخ مبارك الى سفينة: صعد الشيخ مبارك إلى ظهر السفينة الحربية 'هاردنج' عندما استقبله عليها اللورد كيرزون نائب الملك وحاكم عام الهند وكان سعيدا بما رآه. فقد كانت المرة الأولى التي يصعد فيها إلى ظهر سفينة حربية كبيرة. وقد تمت مقابلة خاصة بين كيرزون والشيخ مبارك على ظهرالسفينة. 1903/12/11 أول عالم ألماني يصل الكويت: وصل الى الكويت هيرمان بورخاردت Hermann Burchardt الرحالة والعالم الألماني المتخصص بالدراسات الاثنوغرافية. 1903 أول بداية التبشير المسيحي في الكويت: الكنيسة الوطنية الايفانجليكانية أول كنيسة تمارس نشاطها بالكويت حيث كانت ترافق الارسالية الأميركية. حيث وصل عام 1903 الدكتور صامويل زويمر الى الكويت ومعه سالومي وعائلته وأجروا دكانا لتوزيع الانجيل وقد أغلق بعد 6 أشهر. 1903 أول مسح بحري في ميناء الكويت: تم أول مسح بحري قام به الكوماندور كمب kemp بالسفينة انفستجيتور investigator ولكن بسبب مرض بحارتها توقفت عن المسح وعادوا إلى بومباي في ديسمبر 1904، وقد عادت في فبراير 1905 لتستأنف مهمتها والتي انتهت في 1905 . 1904/8/5 أول معتمد سياسي بريطاني في الكويت: وصل الكويت من بوشهرالكابتن ستيوارت جورج نوكس Stewart George Knox وهو أول وكيل سياسي بريطاني واعتمده الشيخ مبارك الصباح فورا وأحسن استقباله. 1904/10/30 أول طبيب وأول عيادة طبية بالكويت: تم افتتاح أول عيادة طبية تابعة لدار الاعتماد البريطاني وهو أول مستوصف في تاريخ الكويت ويقع في دار المعتمد البريطاني (بيت ديكسون حاليا مقابل البحر). 1904 أول تأسيس لقصر السيف العامر: بنى الشيخ مبارك الصباح قصر السيف واختار له مكانا كان يستخدم اسطبلا للخيول العائدة لمنزله واستعان مبارك بصديقه الشيخ خزعل حاكم المحمرة وطلب منه ان يرسل احد المعماريين وارسل له البغدادي 'اسطى محمد الكظماوي' مع شحنة من الطابوق الاصفر المحروق الذي اشتهرت به بلدة العمارة العراقية شمال البصرة، وشحن هذا الطابوق على متن احدى السفن الشراعية الى الكويت كما قام قلاليف الكويت (النجارين) بتجهيز الابواب والشبابيك اللازمة كما قامت مجموعة من الفنيين بصنع الاقواس الخشبية المزينة بالزجاج الملون على الطريقة الفارسية، وقام بتجديده الشيخ سالم المبارك الصباح عام 1917 وكتب على واجهته العبارة التالية 'لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك'، وجدد مرة أخرى عام 1961 في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، وهدمت أجزاء كثيرة منه وحرقت أثناء الغزو العراقي الغاشم، وجدد بعدها في عهد الأمير جابر الأحمد الصباح. 1904 أول محاولة لتخطيط الحدود: اجرت الحكومة البريطانية أول محاولة لتخطيط الحدود ولم يقبل الشيخ مبارك بهذا الاقتراح. 1904 أول مشاحنة بين ال صباح وال سعدون: أصاب نجد قحط ومجاعة شديدين أديا إلى هجرة بعض العشائر إلى السواحل وإلى مدن العراق ومنهم قبيلة شمربرئاسه ابن سعيد ونزلوا وافدين على سعدون باشا عام 1905 وبرغم العداوة فيما بينهم فإن سعدون عفا عنهم وأرسل معهم رجلين من قومه لحمايتهم عند الذهاب للاكتيال من مدينة الخميسية وبعد أن اكتالوا خرجوا من الخميسية ووصلوا إلى موضع يسمى 'دافنه' اعترضتهم سرية من أعراب الكويت بأمر آل الصباح يقودها نافع بن ضويحي مع جملة من عشيرته وأعرابه وسلبوهم.وهنا استنفر سعدون باشا قومه وخرج بهم في أثر السريه حتى أدركها عند الردايف (الركى والردايف) وأطلق عليهم النيران وأرغمهم على التخلي عن المنهوبات وتمكن من سلب الكثير من دوابهم وبنادقهم وأعاد المنهوبات لأهلها. ومنذ ذلك اليوم نشأت العداوة بين آل صباح وآل سعدون في العراق. الا أنه اعتذر بعد ذلك الشيخ مبارك للسعدون معلالا ذلك بعدم معرفته أن القبيلة تحت حماية سعدون باشا. 1904 أول من بنى قصرا في منطقة رأس العجوزة هو الشيخ جابر المبارك الصباح وهذا القصر هو أساس قصر دسمان. 1904 أول منارة بالكويت: وضعت بريطانيا منارة لهداية السفن ليلا في رأس الأرض. 1904 أول تبرع للشيخ مبارك للدولة العثمانية: تبرع الشيخ مبارك بمبلغ 5000 ليرة لمساعدة اللاجئين أثناء حريق الاستانة في تركيا. 1905 أول تاجر لؤلؤ بالكويت: توفي محمد بن علي بن موسى بن عصفور، من كبار التجار وكان يملك نحو 400 ألف روبية في ذلك الوقت في زمن الشيخ عبدالله الصباح الحاكم الخامس للكويت ويعتقد أنه أول تاجر للؤلؤ بالكويت وكان يسافر لبومبي لبيع اللؤلؤ وفي عام 1948 أفلس ابن عصفور لكساد تجارة اللؤلؤ وذهبت ثروته. 1905 أول حسينية بالكويت: بنى آل معرفي أول حسينية وسميت حسينية معرفي وفي عام 1916 تبرع الشيخ خزعل أمير المحمرة بمبلغ 10 آلاف روبية لبناء حسينية سميت 'بالحسينية الخزعلية'. 1905 أول رفض لدخول أميركي: وصل الكويت الدكتور ولز توماس وهو مبعوث من قبل الإرسالية العربية الأميركية ولكن لم يسمح له بالنزول فيها. ذكر الرحالة بكنغهام في رحلته أن لمدينة الكويت ميناء عظيما وان غالبية سكانها من التجار الذين يعملون
|
#206
|
|||
|
|||
الكويت في الخرائط التاريخية
الوجود الحضري قديم في منطقة الكويت، فهي حلقة وصل برية وبحرية بين أجزاء العالم القديم. فقد كانت كاظمة محطة للقوافل القادمة من بلاد فارس وما بين النهرين إلى شرقي الجزيرة العربية وداخلها، كما كانت جزيرة فيلكا محطة للسفن التجارية التي تصل ما بين رأس الخليج وبقية الأجزاء الجنوبية منه في طريقها إلى عمان والهند وشرقي إفريقيا. وقد كان لهاتين المنطقتين شهرتهما الكبيرة قبل ظهور الكويت دولة محددة السيادة في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، وإذا ما تركنا جانباً ذكر جزيرة فيلكا التي عرفت بآثارها اليونانية والإسلامية على حد سواء، وانتقلنا إلى الظهير البري الذي تنتمي إليه تلك الجزيرة لوجدنا أن ذلك الظهير قد تعاقبت عليه ثلاث تسميات أساسية هي كاظمة والقرين والكويت على التوالي. فقد عرفت هذه المنطقة أولاً باسم كاظمة إلى أواخر القرن السابع عشر، ثم أطلق عليها اسم الكويت أو القرين منذ أوائل القرن الثامن عشر، غير أن اسم القرين ظل هو الأكثر وروداً في الخرائط إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث استقرت تسمية (الكويت) على النحو الذي هي عليه الآن. اكتسبت كاظمة في العصر الجاهلي شهرة خاصة في أشعار العرب وأخبارها. وفي القرن الثالث الهجري ذكر الحسن الأصفهاني كاظمة في كتابه «بلاد العرب» فقال: «وكاظمة على ساحل البحر، وبها حصنٌ فيه سلاح قد أعد للعدو، وبها تُجارٌ ودور مبنية، وعامتهم تميم». وقد أشارت المصادر العربية القديمة إلى أن كاظمة كانت قصبة أو عاصمة للإقليم المسمى بهذا الاسم، وتتسع مساحتها لتتضمن منطقة تمتد من الأجزاء الشمالية الغربية لجون الكويت إلى مدينة الجهراء الحالية، كما أن من الثابت أن كاظمة تطلق على معظم المنطقة التي تمثلها الكويت الحالية، ويؤكد، ذلك قول ياقوت الحموي الذي اعتبر الساحل الممتد من منطقة البدع إلى الحدود الجنوبية لدولة الكويت الآن، والذي يسميه أهل البحر «بر العدان» اعتبر ذلك كله من أسياف كاظمة، وذلك هو قوله في «معجم البلدان»: «وعَدان بالفتح وآخره نون موضع في ديار بني تميم بسيف كاظمة»، فالاسم إذن كان يُطلق على أجزاء واسعة من منطقة الكويت، وفي نفس الوقت تسمى به القصبة أو العاصمة الواقعة عند الطرف الشمالي الغربي لجون الكويت. وقد ظهرت كاظمة على الخرائط الملاحيةالعالمية وفي الأطالس المختلفة قبل اسم «القرين» أو الكويت. ويرى سلوت في كتابه «أصول الكويت» أن خارطة نيكولاس سانسون (N. Sanson) المنشورة عام 1652م هي أول خريطة يظهر فيها اسم كاظمة، ولم يكن موقعها محدداً تماماً إذ رسمت بعيداً عن الشاطئ وهناك حد سياسي واضح في هذه الخارطة يفصل بينها وبين البصرة، ثم ظهرت طبعة أخرى من خارطة سانسون في عام 1654م صحح فيها موقع كاظمة إذ اقترب من الساحل. وأول خارطة هولندية وضعت فيها كاظمة ميناء رئيسياً على الساحل رسمها الكارتوغرافي إسحاق تيريون (Isaak Tirion) عام 1732م، وظهرت بعد ذلك في عدد من الخرائط منها خريطة الأخوين أوتنز (R. and J. Ottens) وخرائط الناشر الألماني هومان (J. B. Homann) وكلها صدرت عام 1737م. وفي خرائط الكارتوغرافي الفرنسي بون (Bonne) الذي نشر مجموعة من الخرائط عن الخليج بين عامي 1760م و1780م ظهرت فيها كاظمة ويقابلها جزيرة فيلكا. ومع أواخر القرن السابع عشر بدأ اسم كاظمة يفقد أهميته كميناء عرفت به هذه المنطقة في القرون السابقة. وبدأ يحل محله موقع آخر قريب منه هو القرين، وهو الاسم الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنشأة دولة الكويت الحديثة ولم يحدد المؤرخون على وجه الدقة تاريخ ظهور هذه المدينة، إلا أنه من المؤكد أن لنشأتها صلة بهجرة العتوب الذين توافدوا عليها في أواخر القرن السابع عشر، ومع بداية القرن الثامن عشر تحولت تلك القبائل إلى مجتمع حضري له كيان سياسي واضح. ويؤيد ذلك ما جاء في رحلة السيد مرتضى بن علوان الذي زار الكويت عام 1710م فقد قال: «دخلنا بلداً يقال لها الكويت بالتصغير، بلد لا بأس بها تشابه الحسا إلا أنها دونها ولكن بعمارتها وأبراجها تشابهها» ثم قال بعد ذلك: وهذه الكويت المذكورة اسمها القرين ومشينا قبل وصولنا إليها على كنار البحر ثلاثة أيام والمراكب مسايرتنا، والمبينة على حدود البلدة من غير فاصلة. وهذه البلدة يأتيها سائر الحبوب من البحر حنطة وغيرها، لأن أرضها لا تقبل الزراعة، حتى ما فيها شيء من النخيل ولا غير شجر أصلاً وأسعارها أرخص من الحسا. ويرى السيد واردن (Warden) في مقال له عن العتوب أن أول رئيس لآل صباح كان يتولى الحكم عام 1716م وإذا صح ما ذكره يوسف القناعي وعبدالعزيز الرشيد عن تاريخ وفاة الشيخ محمد بن فيروز (1135هـ/ 1722م) الذي تولى القضاء في عهد صباح فان القرائن جميعاً تؤكد أن بداية ظهور شخصية الكويت السياسية تحت حكم آل صباح، لا بد أن تكون في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر. وهذا الحكم يستدعي مراجعة البحث في هذا الموضوع وعدم التسليم بما ذكره أبو حاكمة من أن أول حاكم للكويت هو صباح بن جابر الذي تولى الحكم فيها عام 1752م . وإذا ما انتقلنا إلى بحثنا الأساسي وهو ظهور اسم القرين على الخرائط، فإن أول خريطة ورد فيها اسم القرين هي خريطة كيلن (Van Keulen) عام 1753م وظل هذا الاسم يتردد في الخرائط – مقروناً أحياناً باسم الكويت – إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث بدأ هذا الاسم يختفي تدريجياً ليحل محله اسم الكويت في نهاية هذا القرن. إلا أن ذلك لا يعني أن القرين هي الاسم الأقدم للكويت، فقد سبق أن أشرنا إلى نص مرتضى بن علوان الذي يوضح أن الكويت اسمها القرين وكان ذلك في عام 1710م كما أن اسم الكويت ورد في خريطة كارستن نيبور (C. Niebuhr) الذي بدأ رحلاته في الجزيرة العربية عام 1761م وفي خريطته الواردة في كتابه عن تلك الرحلات ذكر اسم الكويت مقروناً بالقرين، وأشار إلى أن مدينة القرين يطلق عليها أهلها اسم الكويت. وفي هذا العمل الذي بين أيدينا محاولة للنظر في وضع الكويت في الخرائط التاريخية من خلال المصادر التاريخية المعتمدة، وكُتب الأدب والتاريخ والتراث بعامة التي وجدنا بها نصوصاً وإشارات تتصل بالموضوع لتكون النظرة الشاملة – ما استطعنا – المدخل الذي نتبناه في قراءة وتفسير ما عرضناه من خرائط أو ما توصلنا إليه من معلومات وتوجهات والسبيل المتوازن في التدقيق والترجيح بين وجهات النظر المختلفة حول هذه الفترة المبكرة من حياة الكويت. وقد توجهنا في هذا الكتاب إلى السير وفقاً للتسلسل الزمني الذي وردت فيه تلك الخرائط، حريصين على أن يرافق كل خارطة قراءة مفسرة لما جاء فيها من بيانات ومعلومات تيسيراً على الباحثين والقارئين ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة. وفي ختام هذا العرض نود أن نشير إلى أن هذا العمل قد أفدنا فيه من الجهود السابقة التي تناولت هذا الموضوع بالبحث والدراسة وقد سعينا – قدر ما وفقنا الله – إلى استقصاء الحقيقة باذلين كل جهد ممكن ليكون هذا العمل إضافة لما كُِتب ونُشر عن هذه الفترة من حياة الكويت وتاريخها. وأخذاً بهذا النهج رجعنا إلى دراسة سلوت عن أصول الكويت (B. J. Slot: The Origins of Kuwait)، وهو جهد علمي يستحق كل تقدير لما تميز به مناستقصاء وافٍ، ودقة علمية، وموضوعية متزنة، كما أفدنا من مجموعة الخرائط التي توصلنا إليها ولم ترد في كتاب سلوت. ونشير هنا بمزيد من الامتنان والشكر إلى الأستاذ عادل العبد المغني الذي تكرم فأهدى المركز صوراً لمجموعة من الخرائط المتعلقة بالموضوع والتي استعنا ببعضها. ونذكر بالتقدير والعرفان الأستاذ سليمان الصالح الذي زودنا بنسخة من الدليل العراقي لعام 1936م الذي استفدنا كثيراً من المعلومات والخرائط الواردة فيه. داعين الله أن يكون هذا الجهد بداية لجهود متواصلة متتالية تقوم بحق الكويت علينا، وتؤكد للأجيال والتاريخ الكيان المتميز لهذه الرقعة من الوطن العربي، التي كانت ولا زالت عوناً لجيرانها وللعالم العربي والإسلامي، لا تنقطع دعوتها إلى السلام والتعاون مع الجميع. من الخرائط الرائعة التي أبدعها الأخوان أوتنز وتبدو الحدود بين منطقة الكويت والدولة العثمانية واضحة تماماً. أما كاظمة فتظهر على الساحل، وفي مقابلها جزيرة كُتب عليها ميناء كاظمة. وتضمنت الخريطة أسماء عدد من المواضع القريبة من كاظمة والتي لم نستطع التعرف عليها. كما تضمنت النهر الذي تكرر رسمه في خرائط القرنين السابع عشر والثامن عشر، والذي يشير إلى وجود نهر ممتد من البصرة إلى الأحساء. وهذا النهر التخيلي نشأ عن تقرير أسيء فهمه لرحالة شهير هو جاسبارو بالبي (V. G. Balbi) في عام 1580م فقد ذكر بالبي أن الطريق التجاري من البصرة يأخذ طريقين (الأول تسلكه السفن الكبيرة إلى الهند ويسمى نهر هرمز – كذا – أما الثاني فهو الذي تسلكه السفن الصغيرة المبحرة إلى البحرين والأحساء). ومن الواضح أن صواب العبارة هو أن هناك طريقين تجاريين من البصرة، أولهما تستخدمه السفن الصغيرة التي تمر في شط العرب ولا تتجاوز منطقة الأحساء والبحرين. وثانيهما تستخدمه السفن الكبيرة التي تصل إلى الهند عبر مضيق هرمز. وقد أحسن سلوت في بحث ودراسة هذا الموضوع (Slot 36) يُلاحظ على خريطة بالجريف أن الكويت قد مُيزت بلون مستقل تماماً عن الوحدات السياسية الأخرى في المنطقة، والمتمثلة بالدولة العثمانية التي تمتد شمالاً ونجد جنوباً. وتبدو حدود الكويت الشمالية مشتملة على وربة وبوبيان والجانب الغربي الجنوبي من شط العرب، ويضم ذلك أم قصر ومعظم الفاو، ولا توجد في هذه الخريطة أي إطلالة للعراق على البحر. والجدير بالذكر أن بساتين النخيل التي كان يملكها أبناء الكويت في الفاو وما جاورها في تلك الفترة تمثل مورداً اقتصادياً هاماً للكويت، وقد ساعد اهتمام الكويتيين بالزراعة في تلك المنطقة على ازدهار محاصيل التمور ووفرتها بصورة تفوق ما كانت عليه بساتين العراقيين، فضلاً عن قدرة الكويتيين على التسويق الجيد إلى الهند وشرقي إفريقيا، وذلك لخبرتهم في البحر وفنونه وحبهم للمغامرة التي تتطلبها روح التجارة. وتعكس تلك الأملاك وامتداد أراضيها صورة من صور السيادة القديمة لأبناء الكويت على منطقة الفاو وما حولها. وهو ما تُعبِر عنه هذه الخريطة ومجموعة أخرى من الخرائط السابقة واللاحقةخريطة الجزيرة العربية رسمها كارل ريتر (D. Ritter)، وهو عالم ألماني يعتبر أحد مؤسسي علم الجغرافية الحديث. والخريطة مأخوذة من كتابه علم الأرض (End Kunde) الذي نشر في بضعة عشر مجلداً اعتباراً من عام 1818م وقد أعاد نشرها كيبرت (R. Kiepert) عام 1867م نُشرت هذه الخريطة ضمن كتاب علم الأرض لريتر، وتعتبر بذلك من أوليات الخرائط في القرن التاسع عشر التي حددت الكويت تحديداً واضحاً يؤكد شخصيتها وكيانها السياسي، بل إنها تشكل وجوداً متميزاً في الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية. ومن الواضح في هذه الخريطة دخول الفاو والسواحل الشماليةالغربية للخليج العربي ضمن دائرة الحدود الكويتية. وذكرت في هذه الخريطة كاظمة في موقع مدينة الجهراء، وموقع مكان المدينة بالقرب من راس الزور وسمّاه «الكويت أو القرين» وقد تابع ريتر عدد من رسامي الخرائط في هذا الاتجاه خريطة نادرة تظهر الكويت بحدود واضحة تمتد شمالاً لتشتمل على الفاو والأجزاء الجنوبية من شط العرب وكل الساحل الجنوبي للعراق بامتداد يزيد على عشرين ميلاً في بعض المناطق وقد رُسمت الجزر المواجهة للساحل الكويتي بنفس لون الكويت. ويأتي جانب الندرة في هذهالخريطة أنها من أوائل الخرائط التي ظهرت في القرن التاسع عشر والتي تحمل اسم مدينة الكويت بدلاً من «القرين». كما أن الدولة تحمل اسم «جمهورية الكويت» وهذا يرجح عِلم واضع الخريطة بأسلوب الحكم في الكويت، وربما توصل إلى ذلك بأن سأل الناس في هذه المنطقة عن كيفية تعيين الحاكم، فقالوا بأننا الذين اتفقنا عليه، ثم سأل عن أسلوب الحكم فعرف أنه شورى بينهم، فسماها «جمهورية الكويت. ومن الملفت للنظر والذي يؤكد تميز شخصية الكويت واستقلاليتها، أنها الكيان السياسي الوحيد المحدد بحدود واضحة في الجزيرة العربية كلها، كما إنها مُيزت بلون خاص يختلف عن ألوان الكيانات السياسية المجاورة وخصوصاً (تركيا). خريطة (R. and J. Ottens) الأخوان أوتنز خريطة وضعها الأخوان أوتنز (R. and J. Ottens) للدولة العثمانية وفارس، ولم يثبت عليها تاريخ إلا أنها عُرضت للبيع عام 1737 (53 Slot). من الخرائط الرائعةالتي أبدعها الأخوان أوتنز، وتبدو الحدود بين منطقة الكويت والدولة العثمانية واضحة تماماً. أما كاظمة فتظهر على الساحل، وفي مقابلها جزيرة كُتب عليها ميناء كاظمة. خريطة كارستن نيبور خريطة الخليج العربي،التي وضعها كارستن نيبور في الكتاب الذي وصف فيه رحلته إلى الجزيرة العربية والذي نشرت الطبعة الأولى منه في الدانمرك عام 1772م علماً بأنه قد قام برحلته عام 1761م تعتبر خريطة نيبور أول خريطة ورد فيها اسم الكويت مقروناً بالقرين. وذكر من المواقع الكويتية خور عبدالله وجزيرتي بوبيان وفيلكا. والخريطة الملاحية، ولهذا لم تتعرض للمواقع الداخلية. خريطة كارل ريتر العالم الجغرافي الألماني خريطة الجزيرة العربية رسمها كارل ريتر (C. Ritter)، وهو عالم ألماني يعتبر أحد مؤسسي علم الجغرافية الحديث. والخريطة مأخوذة من كتابه علم الأرض (End Kunde) الذي نشر في بضعة عشر مجلداً اعتباراً من عام1818م وقد أعاد نشرها كيبرت (R.Kiepert) عام1867م نُشرت هذه الخريطة ضمن كتابعلم الأرض لريتر، وتعتبر الخريطة بذلك من أوائل الخرائط في القرن التاسع عشر التي حددالكويت تحديداً واضحاً يؤكد شخصيتها وكيانها السياسي، بل إنها تشكل وجوداً متميزاًفي الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية. خريطة وليم بالجريف الرحالة الإنجليزي خريطة الجزيرة العربية رسمها الرحالة الإنجليزي وليم بالجريف (W.G. Palgrave)، ونشرت ضمن كتابه " وسط وشرق الجزيرة العربية (Central and Eastern Arabia) الذي يحكى رحلته إلى تلك المناطق بين عامي 1862-1863م. وقد نشر الكتاب في لندن عام 1868م. يُلاحظ على خريطة بالجريف أن الكويت قد مُيزت بلون مستقل تماماً عن الوحدات السياسية الأخرى في المنطقة، والمتمثلة بالدولة العثمانية التي تمتد شمالاً ونجد جنوباً. وتبدو حدود الكويت الشمالية مشتملة على وربة وبوبيان والجانب الغربي الجنوبي من شط العرب، ويضم ذلك أم قصر ومعظم الفاو، ولا توجد في هذه الخريطة أي إطلالة للعراق على البحر. مصدر الموضوع
|
#207
|
||||
|
||||
متابعين معك
جزاك الله خيرااا
|
#208
|
|||
|
|||
وانا سعيد ان فيه قراء يتابعون مشاركاتي المتواضعه
|
#209
|
|||
|
|||
الجمعة, 04 ابريل, 2008
كتاب عن حاتم الطائي مترجم للإنجليزية عام 1828 م. The Adventures of HATIM TAI a romance Translated From The Persian : DUNCAN FORBES Printed For The Oriental Translation Funded - LONDON ”.. حاتم بن عُبيد بن سعد الطائي، رئيس قبيلة طيء، عاش في النصف الأخير من القرن السادس الميلادي، ولا يُعرف على وجه التحديد إن كان قد ولد في اليمن أو في الصحراء العربية (جبلي طي : حائل)، غير أنه بالتأكيد، أصبح رئيس قومه المكونين من عدة آلاف من الطائيين العرب الذين اختاروه زعيماً لهم في الجبال التي أصبحت تحمل اسمهم، لأنه كان في جميع الأحوال على أعلى درجة من الفضائل ما جعله يحوز الإعجاب. ويقول المؤلف العربي (الميداني) من القرن الثاني عشر الميلادي، عنه: [ كان متفتحاً محافظاً على الحرية، شجاعاً، حكيماً، يحرز المجد والإنتصارات دوماً ].ولا عجب أن يصبح حاتم بعد ذلك، موضوعاً مفضلاً في الشعر وقصص المجد لدى العرب. وفي الشرق، أصبح الوصف المرادف لإسم حاتم هو الرجل الكريم المتسامح، وإن أفضل وأعظم كلمة يمكن أن تمدح تثني بها على رجل شرقي سخيّ هي : أنت حاتم اليوم ! ولو أردنا أن نقتبس ما جاء عن حاتم الطائي في الكتب العربية والفارسية لما انتهينا من ذلك، ولكن لنقرأ هذه القصة التي رواها المؤرخ الأغريقي هيربيلوت : [ كان الإمبراطور اليوناني يبحث عن حصان أصيل حدد له مواصفات معينة، فقيل له: إن هذا الحصان موجود عند حاتم الطائي زعيم العرب. فأرسل الإمبراطور سفيراً إلى جزيرة العرب لمقابلة حاتم، وشراء الحصان منه. وعندما وصل السفير إلى بلاد حاتم، كان حاتم في وضع ماديّ سيء، ولم تكن لديه موارد لإكرام ضيوفه، ولكن وصول الضيف كان عيداً بالنسبة له، فقام بقتل حصانه، وطبخه وقدمه للضيوف. وبعد أن أكل السفير ومرافقوه وارتاحوا، قالوا لحاتم : إننا نريد شراء حصانك لملكنا، ونحن مستعدون للثمن الذي تريده.. فقال حاتم على الفور : لقد فات الأوان يا أصدقائي.. إن الحصان قد أكلناه للتو، لإنه لم يكن لديّ سواه لأذبح لكم ! ].وأودّ أن اشير إلى أن هذا الكتاب لم يُترجم إلى العربية بعد، ونتمنى من أحد أبناء حائل المترجمين أن يروا إن كان بإمكانهم ترجمته، خاصة وأن عدد صفحاته قليل نسبياً، وهو يحتاج لمترجم من أبناء حائل يعرف أسماء الأعلام والأماكن ويحفظ لنا هذه السيرة، ولا أظن ذلك كثير على هذه المدينة التي كانت وطناً لنا منذ عشرات القرون، ورعتنا كما رعت الملايين من أجدادنا وأهلنا الذين عاشوا على أرضها الطيبة.ولا ننسى أن نشكر ونثمن ما فعله أهلنا في مدينة توارن حيث يرقد حاتم الطائي، من حماية لأثر هذا الرمز، وإن كانت الإمكانيات المتوفرة لديهم ليست كافية، لكنهم قاموا ويقومون بكل ما استطاعوا فعله في سبيل حماية ورعاية أرض حاتم، واستقبال ضيوفه حتى هذه اللحظة. ويمكننا أن نقول عن توارن أنها المكان الوحيد الذي كان وما زال يستقبل الضيوف بنفس الحفاوة والود الذي كانوا يُستقبلون به قبل 1470 سنة. . HATIM TAI a romance
|
#210
|
|||
|
|||
الرحاله الالماني أدولف فون
Emil Adolf von Behring Germany Marburg University Marburg, Germany b. 1854 d. 1917 ويذكر الرحاله الالماني أدولف فون فريده الذي سار عام 1843 من ميناء مكلا متجهاَ شمالا غربياَ حيث حضرموت واستطاع بعد مسيرة ستة أو سبعة أيام من الشاطى أن يعثر على جنة غناء وواد غاية في الخصوبه يعرف بوادي دوعن كما توغل في بقاع أخرى غنية بالزراعة والفواكه ووصف داخل بلاد حضرموت . *حصول الضابط من العرب على مجموعة قيمة من الألواح البرنزية السبأية والمتحف البريطاني حصل في نفس الوقت على بعض الأحجار من مارب وبعض قطع من كتابات تبلغ حوالي أربعين قطعة. *كما وجدوا لوح من مدينة شبوة بحضرموت وهذا النقش كنقشى أوبنه ونقب الهجر من النقوش الحضرمية. *استغل ملتزن فرصة وجوده في بلاد اليمن التركية وعكف على دراسة اللهجة العربية وكانت النتيجة إن ظهرت إلى الوجود لهجة عربية جنوبية ألا وهي لهجة (مهرى) وهى لغة إقليم ( مهرة ) شرق حضرموت وهذه اللهجة الحديثة تذكرنا ببعض الخصائص الصوتية التي نجدها في النقوش القديمة في اللغة الحضرمية كما أيضا ببعض الصيغ السبأية الحميرية. * وذكر ان الخبر الجدير بالذكر أن الموظفين الأتراك كثيراَ ماكانوا يشترون بعض النقوش التي كان العرب يجلبونها إلى صنعاء . ونتيجة لرحلة هيلفى ومشتريات الاتراك أن زاد الاهتمام باثار البلاد العربية الجنوبه لذلك قام كثيرون وأخذوا يقلدونها ويبيعونها للمتاحف الاروبية . * ثبت أنها لهجة سامية وهي قريبة جداَ إلى الحبشية واللغة العربية الشمالية(شمال الجزيرة) لغة القران الكريم ولا تنقصها العناصر المكانية التي تكيف اللهجة وهي في مفرداتها وفي تعبيراتها الدينيه وما إليها تذكر بالعبرية * ( فصل خاص عن الحبشة) وذكر أن ليس الساميون الذين خلفوا لنا في بلاد الحبشة آثارا وآدابا والذين مازالو حتى اليوم يقيمون في البلاد هم العنصر الأصلي الذي يتكون منه السكان الأصليون بل هم فيما يعتقد كغيرهم من الساميين الشماليين قد هاجروا إليها من بلاد العرب وذلك لأن لغتهم عبارة عن لهجة عربية جنوبية ومازالت إليوم قريبة إلى العربية بالرغم من دخول بعض العناصر الحامية فيها أما اللغة .أما الخط. أما الثقافة فسبائية منذ البداية وذلك لان بعض المهاجرين من بلاد العرب الجنوبية نزحوا إلى البلاد فيما يظهر في قرون بعيدة قبل الميلاد وأسسوا هناك مستعمرات ووضعوا الأساس لدولة الحبشة التي اخضعت فيما بعد في القرن السادس الميلادي بلاد العرب الجنوبية لسلطانها . كما وجد في الحبشة وجود موضع مقدس سبائي وعلى مذبح صغير مقدم للآله (سين ) كما وجد جزء من نقش سبائي لتقديس الآله العربي الجنوبي (عثتر ) . * وقد نجح هؤلاء الساميون الجنوبيون الافريقيون في أوئل العهد المسيحي في إقامة مملكة اكسوم التي تأثرت بالنفوذ اليونانى وفي حوالى القرن الرابع وجدت طريقها إلى البلاد . * أما الوثائق الملكية الأكسومية التي تأتي بعد هذه والتي يرجح أنها ترجع إلى القرن الرابع الميلادي فتثبت أن ملوك ذلك العصر كانوا ملمين بالغة اليونانية كما وجدوا مجمعة كبير من الاثار اليونانية إلا إننا نلحظ أن الأثر اليوناني أخذ في الضعف والزوال بينما نلمح نمو الكتابة السامية القومية واللغة والدين من جديد * أدركنا اان في شمال بلاد العرب اما مجموعة متنوعة من الآثار فلو وقفنا عند تلك التي ترجع إلى عصر ماقبل الاسلام سواء تلك التي وجدت في بلاد العرب ذاتها أو تتصل بالعرب أنفسهم ضهر لنا لأول وهلة أنها تختلف فيما بينها من حيث اللغة والكتابة كما أن أثر الثقافة السامية الشمالية فيها ظاهر واضح والسبب في قيام هذه العلاقات الثقافية الصلات الجغرافية التي تكيف الثقافات وتخضعها لسلطانها. كانت الثقافة العربية الجنوبية قاصرة على إقليم ضيق غاص بالسكان قامت فيه دول تعتبر أكبر ما رأتها بلاد العرب قاطبة قبل الإسلام وذلك لان قبائل العربية الجنوبية أجمعت أمرها على أن تتحد وتكون دولا لها لغاتها الخاصة وكتابتها الخاصة وديانتها الرسمية الخاصة وهذه الثقافة هي ثقافة سامية جنوبية سامية خالصة بعيدة عن المؤثرات الأجنبية. كذلك في بلاد الحبشة النائية وعلى قمم جبالها العلية نجد دولة كبيرة موحدة وثقافة سامية واحدة ظلت أختها في بلاد بلاد العرب الجنوبية طاهرة نقية من المؤثرات الأجنبية. * ذكر سهول شمال بلاد العرب بما فيها الشام منتجعاَ غنيا للبدو وماشيتهم وذلك بفضل التقاء تلك السهول وهذه البوادي باطراف بلاد وأن تكون سامية إلا أنها كانت تحيا حياة نصف بدوية فهناك نجد الفلاحين والتجار والجنود المرتزقة الذين كانوا في خدمة الدول الاجنبية وكانوا يقومون بحماية حدود املاكها فبفضل هؤلاه الجنود وأولئك التجار الذين كانوا على اتصال مستمر بعرب قلب الجزيرة تزاوجت الحضارة السامية الشمالية بأختها في قلب الجزيرة وقوى هذا التزاوج عند ما انتقات التجارة السامية الشمالية قبل الميلاد إلى داخلية البلاد العربية أما هذه الثقافة السامية الشمالية فهى الثقافة الآرمية كما أن الساميين الشماليين كان جلهم من الآرميين. وهذه الأثر الآرمى سواء في الآثار العربية الشمالية أو الآداب العربة الشمالية معروف وأهدى إليه العلماء منذ عهد بعيد ففي الوثائق اللآرمية القديمة التي عثر عليها في تيماء في شمال غرب بلاد العرب ( بين المدينة وبطوة ) نقرأ مثلا كيف إنه قامت هناك حوالى القرن الخامس قبل الميلاد مستعمرة آرمية تجارية كما أن أكثر من الآثار والنقوش النبطية التي يرجع تاريخها قبل الميلاد وبعده والتي عثر عليها في شمال غرب بلاد العرب
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |