العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد : سورة القَمَر عندما نتدبر سورة القمر ونتأملها ونتجول بين فصولها ومشاهدها نجد أنها تتميز بجزالة ألفاظها ، وفخامة معانيها ، وقوة مقاطع صوتها ، وشدة نبرتها ، وهذا لا جرم ولا ريب أنه ضرب من ضروب الإعجاز ولون من ألوان التحدي وجهه الله لمن تربع على عرش اللغة العربية ولفرسان البيان وجهابذة الفصاحة ، واستعراض فريد غير مسبوق له في ميدان التحدي لأهل العربية.
وفي الوقت ذاته هي سورة تحمل صبغة التهديد وطابع الوعيد بين طياتها ، وتصور نهاية التجبر وعاقبة الاستهتار، ومصارع المكذبين ، لمن استخف برسل الله تعالى ، مع استعراض صور الدمار والهلاك ، وتعيد المرة تلو المرة وتذكر وتعظ المشركين الذين كذبوا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وتحذرهم عذاب الله : { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر } واللافت في سياق السورة عند قراءتها أنه ربما يجد القارئ عناء ومشقة في قراءتها لأول مرة ، وفي نطق بعض كلماتها كقوله : { وَدُسُر } ، { كُفِر } ، { مُّدَّكِر } ، { وَسُعُر } ، { أَشِر } ، حيث تتسم بطابع الشدة في لفظها – كما أسلفت – وهي تمثل أنموذجا ومثالا للقرآن المكي الذي يمتاز عن القرآن المدني بقوة أساليبه ووقوع خطابه في نفسية قارئه ، ويرجع هذا إلى نوعية المخاطبين من أئمة الكفر والجبروت والاستكبار ، ولا يتناسب معهم إلا هذا النوع من الخطاب وتعتبر السورة بهذا الأسلوب المحكم الرفيع من أقوى السور المكية في كتاب الله تعالى ، بل من أقوى السور على الإطلاق من حيث قوة الخطاب ومع هذا كله فإن ربنا جل في علاه لم يذكر أنه يسر القرآن وسهله من جميع نواحيه وجعل أمره في متناول الناس على اختلافهم ألسنتهم وألوانهم إلا في سورة القمر ، حتى لا يتسلل لذهن قارئ القرآن وينطبع في خلده أن أمر هذا القرآن شاق عسير، وأنه من الصعوبة بمكان أن يقرأ أو أن يفهم ، أو يحفظ شيء منه ، فقد جاء في ثنايا السورة قوله تعالى : { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر } خمس مرات لتكون تذكرة للقارئ في هذه السورة ، على أن هذا القرآن ميسر من قبل ربنا جل جلاله ، وهذا التيسير الذي عناه الله تعالى لا يتوقف عند حد أو يقيده أمر بل أن التيسير يشمل جميع مسائل هذا التنزيل فهو تيسير في القراءة وتيسير في الفهم وتيسير في الحفظ وتيسير في النطق حتى لغير العرب ... ولا شك أن القراءة هي على رأس هذا التيسير كله وإلى هذا ألمح القرآن بقوله عز وجلّ : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ } لم يقل (الكتاب) إشارة إلى سهولة قراءته وجريانه على كل لسان مهما اختلفت لغته ، فنجد أحيانا مسلمين من أصقاع المعمورة يقرؤون كتاب الله تعالى بأحسن صوت وأعذبه وأجمله ، وفي الوقت نفسه قد لا يستطيع الواحد منهم النطق ولو بكلمة أو لفظ من اللغة العربية بشكل سليم ، فسبحان من يسر كتابه وسهل نطقه !!!
|
#2
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة الأعراف قال المولى جل شأنه على لسان نوح عليه السلام :
{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62)} [الأعراف] فقال في سياق قصة نوح عليه السلام { وَأَنصَحُ } بصيغة الفعل الدال على الحدوث والتجدد والانقطاع قال ذلك نوح عليه السلام مخاطبا قومه لأنهم وصفوه قائلين { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60)} [الأعراف]. جاء عند البغوي أي في خطأ وزوال عن الحق وكذا قال غير واحد من المفسرين فقوم نوح يرون أن نوحا في خطأ واضح وبين لما صنع السفينة دون وجود الماء فهم سخروا منه { قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)} [هود] فنفى نوح عليه السلام أدنى ضلالة وقال { وَأَنصَحُ لَكُمْ } والإنسان إذا وقع في الخطأ فمن الممكن تصحيح هذا الخطأ وتغييره حتى لا يستمر عليه ، فلما رموا نوحا بالخطأ القابل لتغيير المنقطع غير الثابت قابلهم نوح عليه السلام { وَأنصَحُ } بالصيغة الفعلية التي تدل على التجدد والانقطاع وعدم الاستمرار ذكر هذا بدر الدين بن جماعة في كتابه كشف المثاني. وجاء عند النيسابوري أن نوحا اعتاد على نصحهم مرة بعد مرة كما قال : { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)} [نوح] فلما كان على هذه الحال أتى بالفعل الدال على التجدد والحدوث فقابل الحالة غير الثابتة بالفعل غير الثابت فيا سبحان الله على هذا التعبير. قال سبحانه على لسان هود عليه السلام : { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)} [الأعراف] قال هود عليه السلام لقومه { نَاصِحٌ } بصيغة الاسم الذي يدل على الثبوت والاستمرار وعدم الانقطاع قال ذلك هود عليه السلام لأنهم قالوا له { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66)} [الأعراف] ، جاء في البحر المحيط عند أبي حيان أي في خفة حلم وسفاهة عقل قال ابن قتيبة السفه هو الجهل، وقال الزجاج السفه خفة الحلم، لما وصفوا هودا بهذا الوصف رد عليهم : { قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (67)} [الأعراف] فنفى السفه عنه وقال { وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } معلوم أن صفة السفه والجهل وخفة الحلم من الصفات الثابتة الدائمة التي لا تتغير إذا كانت عند إنسان لأنها صفة فطرية فلما وصف قوم هود هودا بالصفة الثابتة وهو الجهل والحمق والسفة قابلها هود بالوصف الثابت له الذي لا يتغير وقال: { وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ } فهو ناصح نصحا مستديما لا ينقطع.
|
#3
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـظ°نِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة الرحمن/ الدلالة الببيانية لكلمتي القاصرات ، والمقصورات في التعبير القرآني يقول الله تعالى في سورة الرحمن :
{ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)} وقال جل شأنه أيضا : { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} فما الفرق بين القاصرات والمقصورات في نعيم تلك الجنان ، وفي التعبير القرآني بداية الآية الأولى جاءت في معرض الحديث عن الجنتين الأوليين وهي قوله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ، والثانية جاءت مع وصف الجنتين الأخريين وهي قوله : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (72)} وهذه الجنان من جملة النعيم الذي أعده الله تعالى لعباده المؤمنين في الآخرة ، وبينهن تفاوت { قَاصِرَات } اسم فاعل من الفعل الثلاثي قَصَرَ ، وأما { مَّقْصُورَات } فهو اسم مفعول من الفعل الثلاثي المبني للمجهول قُصِرَ والمستقر عند أهل العربية أن اسم الفاعل أشرف وأجل من اسم المفعول ، حيث إن اسم الفاعل من فعل مبني للمعلوم ، واسم المفعول من فعل مبني للمجهول ، وعلاوة على هذا اسم الفاعل هو من قام بالفعل فقولنا كاتب هو من فعل الكتابة ، واسم المفعول من فُعِل به الفعل ولم يسند له مباشرة وقولنا مكتوب من فعلت به الكتابة وهذا التحليل اللغوي ظاهر على معنى الآيتين وجلي واضح ، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره عند { قَاصِرَات } : قصرن أبصارهن على أزواجهن حور لا ينظرن إلى غير أزواجهن ، وقال ابن كثير رحمه الله : غضيضات عن غير أزواج وصفوة الكلام أن من وصفها الله تعالى بقوله: { قَاصِرَات } قصرن طرفهن على أزواجهن فلا ينظرن لغيرهم ولا تمتد أبصارهن لما سواهم وهذا الفعل صادر منهن لكمالهن وفضلهن ولا ريب أنهن أفضل من غيرهن ، وهذا من نعيم الجنتين الأوليين أما من وصفهن الله تعالى بقوله: { مَّقْصُورَات } فقد قُصرت أبصارهن بفعل فاعل وحُبست لأزواجهن دون غيرهم ، قال مجاهد رحمه الله : مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ ، وهذا من نعيم الجنتين اللتين من دون السابقتين وشتان بين الوصفين كما هو واضح وظاهر نسأل الله تعالى من فضله الكريم
|
#4
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة النمل / ما هذه البلاغة والجمال ! كلمة واحدة ..في خمس آيات..تقريبا متتاليات ..وفي كل مرة بمعنى مختلف !!!!
كلمة { نَنظُرْ } ومشتقاتها . قال تعالى : { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)} { سَنَنظُرُ } هنا أي "سنتيقن" من صدقك أو كذبك . { اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)} { فَانظُرْ } هنا أي" فاسمع "ماذا يرددون بعد أن تُلقي إليهم الكتاب . { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)} { فَانظُرِي } هنا أي "دبري أمرك ". { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)} { فَنَاظِرَةٌٌ } هنا أي "منتظرة ". { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)} { نَنظُرْ } هنا أي " نعلم ".
|
#5
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة الشعراء / أصحاب موسى وقوم موسى لما اشتد الأذى على بني إسرائيل من فرعون أمر الله سبحانه وتعالى كليمه موسى عليه السلام أن يخرج بقومه من مصر قال ابن عباس رضي الله عنه : خرج مع موسى ستمائة ألف ، تبعه فرعون بجنوده حتى اعترض موسى عليه السلام وقومه البحر فرأى كل منهما الآخر فخاف قوم موسى من بطش فرعون ، وصور الله لنا المشهد بقوله تعالى :
{ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)} لكن موسى عليه السلام كان الواثق بنصر ربه وبوعده : { قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} في هذا الموطن بالذات من القرآن قال الله تعالى : { أَصْحَابُ مُوسَىٰ } ولم يقل : { قَوْم مُوسَى } مع أنها جاءت في القرآن ثلاث مرات فحسب في قوله عز وجلّ : { وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ... (148)} [الأعراف] ، وقوله : { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)} [الأعراف] ، وقوله : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ... (76)} [القصص] . فلماذا جاء التعبير بهذا اللفظ : { أَصْحَابُ مُوسَىٰ } في آية الشعراء ؟ الصاحب عند أهل اللغة هو من لازم صاحبه ورافقه والتصق به التصاقا شديدا زمنا طويلا بحيث يظهر بينهما من الود والمحبة والوئام والتقارب ما لا يظهر في غيرهم ولو وقفنا برهة على آية الشعراء لوجدنا أن موقف بني إسرائيل يختلف عن بقية المواقف في الآيات المذكورة ، إذا هم في موقف لا يحسدون عليه ولا ينافسهم عليه أحد ، فقد رأوا أنفسهم في مأزق وموقف لا تحمد عقباه في حالة ظفر عدوهم فرعون بهم ، فقد قاب قوسين أو أدنى منهم ، ولذلك أكدوا لموسى : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } فهم بأمس الحاجة للنجاة ، عندها أظهروا من الصحبة والوفاء والمحبة والطاعة ما لم يكن في موقف آخر لشدة حاجتهم لموسى في هذا الظرف الحالك وهذا الموقف العصيب ، وهكذا حال الصاحب مع صاحبه في مثل هذه المواقف أما بقية الآيات فإنها لا تتساوى ولا تتكافأ قطعا مع موقف آية الشعراء فعندها جاء اللفظ مغايرا عما عليه في الشعراء ، فقال الله فيها : { قَوْم مُوسَى }. وبالجملة أقول أن كل لفظة جاءت منسجمة متلائمة مناسبة لسياقها التي هي فيه فلا يمكن وضع كلمة بدل الأخرى ، وهذا من عظيم تعبير القرآن الكريم .
|
#6
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة المؤمنون / { هَيْهَاتَ } قال الحق تبارك وتعالى : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال أهل اللغة : { هَيْهَات } هي اسم فعل بمعنى بعد ، جاء عند ابن جرير رحمه الله تعالى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، فِي قَوْلِهِ : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } ، يَقُولُ : بَعِيدٌ بَعِيدٌ ، فالأولى مستأنفة على تقدير القول ، والثانية توكيد لفظي والمعنى للآية يقول الكفار : أي بعيد ما توعدون أيه القوم، من أنكم بعد موتكم ومصيركم ترابا وعظاما مخرجون أحياءً من قبوركم، فالكفار يستبعدون كل البعد البعث والنشور من القبور ، فجاءوا بكلمة تحمل البعد في معناها وأكدوا هذا البعد إمعانا وإيغالا في عدم حصوله ووقوعه ، وأن هذا ضرب من الأساطير ليس إلا . وفي الوقت ذاته هنالك ملمح بياني بديع خلاب ألا وهو التناسب الصوتي مع هذا المعنى للكلمة ، وإن شئت فقل الارتباط الصوتي مع المعنى ، فليس ثمة انفكاك بين الكلمة وصوتها في اللغة العربية إطلاقا وهذا ما يميز اللغة العربية عن كثير من اللغات الأخرى . إن هناك تلازما لصيقا بين الكلمة ومعناها يكاد السامع للكلمة العربية يستشف معناها من صوتها ونبرة حرفها وصفته ، وهناك من الأمثلة الشيء الكثير الذي لا يحصى الذي يثبت قاعدة التناسب الصوتي مع المعنى ، وليس هذا مكان طرحها ولكني أحببت أن أقف على هذه الكلمة واكشف شيئا من هذا . فالكلمة تدل على البعد كما أسلفت ، وإذا نظرنا إلى صوت الكلمة وجدناها تبدأ بحرف الهاء ثم الياء الساكنة ثم الهاء مرة أخرى ، ومعلوم أن مخرج الهاء من أبعد مخارج الحروف بل هو الأبعد منها فهي تخرج من أقصا الجوف ، فهذا البعد في المخرج يناسب البعد في معنى الكلمة ، بل ويضفي عليه معنى إضافيا يرسم لك صورة تتركب من البعد المعنوي والبعد الصوتي الذي أكد بالتوكيد اللفظي ، ومثل هذا نقوله في مخرج الياء الساكنة ، فأي بيان وجمال هذا
|
#7
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- سورة لقمان / { كَلِمَاتُ اللَّهِ } يقول المولى جل وعز في سورة لقمان:
{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} جاء عند ابن كثير قال الحسن البصري : لو جعل شجر الأرض أقلاماً، وجعل البحر مداداً وقال الله : "إن من أمري كذا، ومن أمري كذا" لنفد ما في البحور، وتكسرت الأقلام. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى : أي: ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاماً، وجعل البحر مدادًا ومَده سبعة أبحر معه، فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسرت الأقلام، ونَفدَ ماء البحر، ولو جاء أمثالها مَدَداً. وبلمحة سريعة إذا تأملنا الآية وتدبرناها وألقينا عليها نظرة وجدنا أن الله تبارك وتعالى يقول فيها { كَلِمَاتُ اللَّهِ } ولم يقل { كَلَامَ اللَّهِ } مع أنه جل شأنه قال في سورة براءة (التوبة) : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6)} فلماذا هذا التباين في الصياغة ! وما هي الدلالة اللفظية البيانية لكل كلمة من هاتين الكلمتين ؟ وهل تتساوى هذه الكلمات في كتاب الله تبارك وتعالى ؟ بدايةً : { كَلِمَات } جمع قلة حيث إن جمع التأنيث السالم إذا حذفت منه ( أل ) دل على القلة كخطوات وسيئات و سنبلات ... أما { كَلَام } فهو جمع كثرة وهو جمع تكسير، كما عند أهل اللغة. فسياق آية لقمان تبين عظمة وكثرة وبركة كلمات الله تعالى وعدم نفادها مهما كان حتى لو كانت أشجار الأرض أقلاماً وحولت بحار الأرض مداداً لكتابة هذه الكلمات لم ينفد القليل من كلمات الله فكيف بالكثير ، وليس هذا فحسب بل ومن ورائه سبعة أبحر ،كل هذا تعظيماً لكلام الله تعالى ، فهل المناسب أن يأتي بجمع قلة في هذه السياق أو بجمع كثرة ، لا جرم أن هذا السياق يناسبه جمع القلة لإظهار عظمة كلام الله تعالى فالأقل لن ينتهي فكيف بالكثير أما سياق سورة التوبة فهو سياق دعوة للإسلام وعرض كلام الله تعالى للسماع واستمالة قلوب الكافرين به وبذل كل ما من شأنه تقريبهم وتحبيبهم للدخول في دين الله جل وعز : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6)} فعرض الكثير لا ريب أنه أدعى للقبول في مجال الدعوة لله ، فهل من الأنسب في الدعوة للمشركين عرض الأكثر أو عرض الأقل ، لا شك أن هذا واضح جلي فانظر يا رعاك الله تعالى إلى توظيف الكلمة في كتاب الله تعالى ووضع كل كلمة في مكان لصيق لها مناسب فليس من كلمة تقوم مقام كلمة أخرى ، فلابد أن نقف ونتأمل ونتدبر مثل هذه اللطائف فهي من أجل القربات إلى ربنا جل شأنه.
|
#8
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- { الْإِبِل ـ الْجَمَل ـ جِمَالَة ـ النَّاقَة ـ بَعير ـ الْعِير } قال تعالى :
{ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} [الغاشية] { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)} [الأعراف] { كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)} [المُرسلات] { فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)} [الأعراف] { وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)} [يوسف] { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ ... (95)} [يوسف] فجاءت هذه الآيات بألفاظ : { الْإِبِل ـ الْجَمَل ـ جِمَالَة ـ النَّاقَة ـ بَعير ـ الْعِير } ، فما الفرق بين هذه الألفاظ في سياق القرآن الكريم ؟ وهل تتساوى في التعبير القرآني و تتكافأ ؟ بالتأمل لكتاب الله تعالى نجد أن التعبير القرآني يزاوج بين هذه الألفاظ ، ويضع كل لفظة في مكانها المناسب ، فدعونا نتحاكم لبلاغة كتاب الله عز وجل : بداية التعبير القرآني جاء موافقا لقواعد اللغة العربية وسننها ونظامها ، فالقرآن الكريم يحدث العرب ويكلمهم بما يعرفون ويشاهدون في بيئتهم ، وهذه سنة القرآن الكريم في خطابه للعرب ، وثمة أمر آخر وهو لا بد من معرفة سياق الآية المعنية بالتدبر والتأمل والرجوع لأقوال أهل التفسير فيها ، ومن هنا يتجلى شيء من لطائف الآية المعنية بالتدبر . { الْإبِل } : اسم جامع لكل أصناف هذا المخلوق فالجمل والناقة والبعير والعير وغيرها كل هذه من الإبل ، والإبل من حيث اللغة اسم جنس يشمل الجميع لا واحدة له من لفظة ، حيث دعا الله عز وجل للتفكر والنظر في خلق الإبل وعظم هيئتها وطريقة عيشها وتكاثرها وما أعطاها الله من مميزات في تأقلمها مع الصحاري والقفار وغير ذلك فقال : { أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } { الْجَمَل } : بفتح الجيم والميم هو الفحل والذكر من الإبل ولا يطلق عليه جملا إلا إذا كان عظيم الهيئة والخلقة مهيبًا في خلقة وحجمه معدًا للتلقيح ، والله عز وجل علق دخول الكفار الجنة بولوج هذا الجمل المهيب الخلقة في سم الخياط وهذا تيئيس للكفار بدخول الجنة فقال : { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } وجاء تفسير الجمل في الآية بالحيوان المعروف وهو قول أكثر اهل التفسير واختاره ابن جرير رحمه الله ، وهذا التفسير موافقا لحال العرب وفهمهم ومنسجم مع لغتهم ، ذلك أن القرآن يخاطبهم بما يرون في بيئتهم ويشاهدون ، وجاءت قراءة عن ابن عباس (الجُمَّل) وهو الحبل الغليظ الذي تشد به السفن { جِمَالَة } : هي جمع جمل كحجر حجارة كما عند أهل اللغة ، وقرئت (جمالات) جمع جمال ، فقول الله تعالى : { كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)} [المُرسلات] ، جمع جمل قاله مجاهد والحسن وقتادة والضحاك واختاره ابن جرير ، وهذا الوصف والتشبيه يبين الله فيه عظمة وهول نار جهنم { النَّاقَة } : هي أنثى الإبل ، والله عز وجل جعلها آية لثمود وقال : { ... وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ... (59)} [الإسراء] ، { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (155)} [الشعراء] ، وكانت عظمية الخلق والهيئة وهلكت ثمود بالصيحة لما عقروها وذبحوها { بَعِير } : مفرد جمعه أباعر وبعران ، والبعير هو ما يحمل عليه المتاع والحاجة ويكون مذللا للركوب فيسمى عندها بعيرا وذلك إذا استكمل أربع سنين ويكون من الجمل والناقة ، يقول عز وجلّ : { ... وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ... } ، { ... وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ... } [يوسف] فالمعدّ للحمل والركوب تطلق عليه العرب لفظ بعير { الْعِير } : هي القافلة من الأباعر المحملة بالبضائع والأثقال والميرة ، قال تقدست أسماؤه : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ } أي خرجت من مصر باتجاه فلسطين وهي عير أخوة يوسف وقال سبحانه : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) [يوسف] ، وعند القرطبي رحمه الله : { الْعِير } ما أُمتير عليه من الحمير والإبل والبغال وصفوة الكلام أحبتي هو أن كتاب الله تعالى لا يخلط بين هذه الألفاظ ولا غيرها ولا يمكن أن تقوم كلمة مكان أخرى ، فظاهر هذه الألفاظ الترادف وباطنها الاختلاف كما نرى ، وقد شاع عند بعض الناس الخلط بين معاني هذه الألفاظ وصرفت على غير مرادها وغير معناها . أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعلنا هداة مهتدين وصلى الله على نبينا محمد .
|
#9
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
جزاك الله خير نبيل
|
#10
|
||||
|
||||
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبد الله التركي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :- التواري التواري : هو الاختفاء والاستتار ولكن حياء وخجلا من الآخرين ، هذا هو توظيف القرآن الكريم لهذه الكلمة ، وبالنظر والتأمل للسياق القرآني نجد هذا جليا واضحا ، ففي قوله تعالى في سورة النحل :
{ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ... (59)} ، فاختفاؤه حياء و خجلا من قومه و عشيرته مما بشر به وخوفا من العار الذي يرى أنه لاحق به ، فلم يعبر القرآن الكريم بلفظ يستخفون أو غيرها لأن هذا لا يتلاءم مع السياق ولا ينسجم ، وفي قوله سبحانه في سورة الأعراف : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ... (26)} فقال سبحانه { يُوَارِي } في سياق السوءة التي يتفق أصحاب العقول و الفطر السليمة على الاستحياء في شأن هذا الأمر كما قال عز وجلّ في سورة المائدة : ( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَىٰ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)} وفي سورة ص ، لما ألهت الخيل النبي سليمان عليه السلام عن صلاة العصر فاتته الصلاة ضرب سوقها وأعناقها، قال تقدستْ أسماؤه عن حال الشمس : { فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) ، فالشمس توارت حياء وخجلا من نبي فاتته صلاة العصر، ولم يعبر القرآن الكريم بلفظ غابت أو غربت أو اختفت مثلاً أو نحوا من ذلك فهذا اللفظ أو ذاك لا يمكن أن يؤدي التعبير المناسب والغرض المطلوب في السياق فكل كلمة في القرآن الكريم لها دلالتها البيانية التي لا يمكن أن تؤديها أي كلمة أخرى ولا يمكن أن تقوم مقامها
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |