العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الأدلة على أن تولي المرأة للولايات العامة ودخولها إلى المجالس التشريعية ؟
الباب الأول:
الأدلة على أن تولي المرأة للولايات العامة ودخولها إلى المجالس التشريعية ليس حقاً لها ولا واجباً عليها. أولاً: إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا عدم تكليف المرأة بشيء من هذه الولايات: الدليل الأول على أن تولي المرأة للولايات العامة، والتشريع للأمة من خلال مجالس الشورى، أو أية مسمى آخر ليس واجباً على المرأة، ولا هو حق لها، وأن الشريعة لم تأت به قط: هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يول امرأة قط شأناً من هذه الشئون، ولو كان هذا حقاً من حقوق المرأة، أو واجباً من الواجبات عليها لما أغفل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحق والواجب. كيف وهو رسول الله، الأمين على تطبيق شريعته، وتنفيذ أحكامه، وتبليغ رسالته؟ كيف والرسول صلى الله عليه وسلم قد مكنه الله، وكان الحاكم بأمر الله بين المسلمين قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} (النساء:105). وقد تولى النبي صلى الله عليه وسلم جميع مهام الحكم: من القضاء بين الناس وتولية الأمراء، وعزلهم ومحاسبتهم، وإرسال الجيوش، وإعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة والسلم، ومخاطبة الملوك ودعوتهم وتهديدهم وإنذارهم، فقد أرسل لكسرى عظيم فارس (أسلم تسلم) ولقيصر عظيم الروم (أسلم تسلم..).. الخ وولى رسول الله أمراء على النواحي والمدن، في مكة وعمان والبحرين، واليمن وعلى الوفود، وولى على الزكاة والصدقات.. ولم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى امرأة واحدة في كل هذه الولايات. ولو كان تولي هذه الولايات أو بعضها واجباً على المرأة، لما أغفل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الواجب ولو كان حقاً كذلك من حقوق المرأة فما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يمنع النساء من هذا الحق. وهذا الدليل كما نرى من أصرح الأدلة وأظهرها، أن ما يقال إن تولى الولايات العامة حق للمرأة قول باطل.. فكيف يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يغفل هذا الحق للنساء، وهو المبعوث بالرسالة، المأمور بتبليغها كاملة، وعدم النقص منها، قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} (المائدة:67). ولم يثبت كذلك قط ولا نقل بأي صورة من صور النقل أن النبي أمر بأن تولي المرأة هذه الولايات، ولو في مستقبل الزمان. بل إن قول النبي في هذا الشأن كان على غير ذلك فقد جاء بمنع المرأة من هذه الولايات. كما سيأتي في الفقرة التالية. وكذلك الحال مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الذين تولوا أمر المسلمين بعده: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؛ فإن أحداً منهم لم يول امرأة ولاية عامة: إمارة بلدة أو قضاء ناحية، أو قيادة جيش، أو أمراً عاماً كالزكاة، والقضاء، والوفود، والسفارة. ولا دخلت امرأة واحدة إلى مجلس الحكم أو الشورى لخليفة من هؤلاء الخلفاء الراشدون فكيف يجمع هؤلاء الخلفاء الأربعة في عصر الإسلام الزاهر على حرمان المرأة حقاً هو لها، أو واجباً أوجبه الله عليها؟! كيف وهذه الأمة لا تجتمع على باطل.. أليس حرمان المرأة حقاً من حقوقها أو عدم تمكينها من القيام بواجبها باطل؟! فكيف تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك!!؟ ثم هؤلاء خلفاء الإسلام الذين جاءوا بعد الخلافة الراشدة: بنو أمية، وبنو العباس، وبنو عثمان، وما تخلل ذلك من حكومات الإسلام هل كان منهم من ولى امرأة ولاية من هذه الولايات العامة؟ وهل كان منهم من جعل امرأة عضواً في مجلس التشريع؟ هل يتصور أن تظل أمة الإسلام على هذا الباطل في كل عصورها؟! ثانياً: ليس هناك في الكتاب والسنة ما يثبت أن للمرأة حقاً في الولايات العامة أو أنه يجب عليها تولي الولايات: الدليل الثاني أن القرآن -كتاب الله المحكم- وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها ما يثبت هذا الحق، أو يقضي هذا الواجب. فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأداء الأمانات إلى أهلها.. قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (النساء:58). ولم يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية بقوله ولا فعله أن المرأة من أهل الولاية وأن من أداء الأمانة إلى أهلها توليتها. ولم يقل أحد قط من أهل العلم إن المرأة هي أهل لتحمل أمانة الحكم. وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره ليس فيه حرف واحد يدل على أن تولية المرأة للولايات العامة واجب عليها أو حق لها. بل في القرآن ما يدل على غير ذلك وهو ما سنبينه في الفقرة التالية إن شاء الله تعالى. وأما السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم في توليته لأمرائه وولاته وقضاته فقد كانت على غير ذلك، فلم يول الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولاية عامة، على كثرة ما ولى صلوات الله وسلامه عليه!! وقد كان لديه مجموعة كبيرة من النساء الفضليات العظيمات الحافظات العالمات كأمهات المؤمنين. مثل: أم سليم، وأم حرام بنت ملحان، ونسيبة بنت كعب الأنصارية، وأسماء بنت عميس. وغيرهن كثير من أهل الفضل والدين والعلم، ولم يول النبي واحدة من هؤلاء النسوة ولاية ما. وكذلك هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية كلها: أين تجد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إن للمرأة حقاً في الولاية العامة؟ أن تكون أميرة، أو وزيرة، أو قاضية، أو نائبة، أو سفيرة.. الخ. ثالثاً: آيات القرآن تمنع المرأة من الولايات العامة والخاصة: الدليل الثالث أن آيات كثيرة من القرآن الكريم قد جاءت بمنع المرأة من الولايات العامة، بل ومن الولايات الخاصة (ولاية المنزل والأسرة)، فمن ذلك: (أ) الولاية للرجل في الأسرة والمنزل: قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء:34). وهذه الآية نص في قوامة المنزل والأسرة خاصة، وهي كذلك نص عام بجعل القوامة مطلقاً للرجال على النساء فإن {الرجال} بالألف واللام للاستغراق، و{النساء} بالألف واللام للاستغراق، فحيثما وجد رجال ونساء فإن الواجب الشرعي أن تكون القوامة للرجال دون النساء، والقوامة هنا هو القيام بأمر الغير، وتولي ولايته، ورجوع الأمر إليه. وقد جعل الله كل ذلك للرجال، فعقد النكاح: الذي يتولاه هو الرجال دون النساء، والمرأة لا تعقد لنفسها، وجعل على المرأة الطاعة لزوجها، وحرم عليها النشوز عليه وهو العلو والارتفاع ورد أمره، وأعطى الرجل حق التقويم والتأديب، قال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً} (النساء:34). وهذه الولاية (ولاية أمر الأسرة والأولاد) هي أصغر الولايات، ولم يجعل الله للمرأة حقاً فيها، ولا واجباً عليها، بل الرجل هو الولي على المرأة زوجاً كان أو أباً، أو أخاً، أو ابناً.. فإن لكل هؤلاء الولاية على النساء. وإذ منع الله المرأة من تولي هذه الولاية، فمن باب أولى منعها من تولي ما هو أكبر منها من الولايات. وقد استدل هذه الآية من العلماء كل من قال بمنع المرأة من تولي الولايات العامة والقضاء . (ب) جعل شهادة المرأة على العقود عند عدم وجود الرجل على النصف من شهادة الرجل: قوله تعالى في آية الدين {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (البقرة:282). وهذه الآية دليل صريح أن عقل الرجل أكمل من عقل المرأة. ومن لوازم ذلك منعها من الولاية عليه. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية وذكر السبب الذي جعلت شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فقال: [أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل]. فقلن: بلى، فقال: [فذلك من نقصان عقلها] (البخاري، باب ترك الحائض الصوم). فكيف يولى المفضول على الفاضل. وهذه الآية هي كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. (ج) سليمان عليه السلام يزيل عرش بلقيس: قوله تعالى فيما ذكره عن سليمان عليه السلام وملكة سبأ أن الهدهد جاءه مخبراً مستنكراً أمراً فظيعاً فقال: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين* إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم* وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} (النمل:22-24). وقد استنكر الهدهد من شأن هؤلاء القوم أمرين عظيمين: كون امرأة تملكهم، وكونهم يعبدون الشمس من دون الله!! ولذلك عمل سليمان على إزالة هذين المنكرين جميعاً، فلما أرسل كتابه إليهم أمرهم بأمرين: هو أن يسلموا، وأن يأتوا إليه، وهددهم بقوله {ألا تعلوا علي} ولو كان متولي أمرهم رجلاً لأمرهم بالإسلام فقط وأقرهم على ملكهم إن أسلموا، وقد كان هذا في شريعته وشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم فإن النبي كان يدعو الملوك إلى الإسلام، فإن أسلموا أقرهم على بلادهم كما فعل مع ملك عمان، وملك البحرين. ومن لم يقبل من الإسلام حاربه. وسليمان لم يكن ليقر امرأة لو أسلمت ويقرها ملكة على قومها لأن هذا مخالف لأمر الله وحكمه. ولذلك دعاها وقومها للإسلام وأن تأتي بنفسها إليه هي وقومها خارجة من ملكها قبل أن يرسل إليها من يخرجها وقومها.. ولما تيقن سليمان أن المرأة قد جاءته مسلمة مذعنة لم يكتف بهذا بل نقل عرشها كله إليه ليسل عرشها وينهي وجود هذا المنكر في كون امرأة تتولى هذا الشأن العام وهذه الولاية الكبرى في قومها.. ولو كان تملك امرأة جائزاً في شرع سليمان لأقرها في حكمها بعد أن أعلنت إسلامها . ولما استحل أن يأخذ عرشها من خلف ظهرها.. وفي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أن الكافر إذا أسلم فقد عصم ماله ودمه كما قال صلى الله عليه وسلم: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله] (رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، وهو متواتر كما قال الألباني). فدم الكافر وماله يعصم بمجرد قول لا إله إلا الله. ولو كان قالها تحت السيف. والشاهد أن سليمان عليه السلام إنما نقل عرش بلقيس إليه لأنه منكر أن تتربع امرأة على عرش ولذلك قال لمن حوله: {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقد كان يعلم أنهم استجابوا لرسالة الإسلام وقبلوا دعوة سليمان، ولم يحاربوا، ومثل هؤلاء إذا قبلوا الإسلام يجب قبوله منهم ولا يجوز غنيمة أموالهم ولا نسائهم.. بل يجب إقرارهم على ملكهم، وعدم التعرض لشيء من أموالهم (وبسط أدلة هذا في غير هذا الموضع) وإنما الشاهد هنا بيان أن سليمان إنما أتي بعرش بلقيس مع مجيئها مسلمة إليه ليزيل هذا المنكر كلية، فيضم بلقيس الملكة إليه. وينقل عرشها كذلك إليه.. ولو لم يكن هذا منكراً لما حل له أن يأخذ عرشها غنيمة وهي مسلمة.. كيف والغنائم كذلك كانت حراماً عليه في شريعة موسى؟ فإن الغنائم لم تحل إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ومقصد سليمان هو إزالة هذا المنكر: بقاء عرش امرأة كانت تحكم قومها.. (د) النساء مأمورات بالقرار في البيوت: قوله تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا* وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً* واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً} (الأحزاب:32-34). وهذه الآيات تعليم وتوجيه وأمر لازم لنساء النبي صلى الله عليه وسلم في أدب الكلام ووجوب القرار في البيت والنهي عن تبرج الجاهلية. ولا شك أن الأمر بالقرار في البيوت لنساء النبي اللاتي هن قدوة جميع النساء ينافي تولي المرأة للولايات العامة التي من ضروراتها الخروج اليومي من المنزل، والخلطة بين الرجال، فإن امرأة تكون وزيرة أو أميرة أو قاضية لا بد لها من الخروج كل يوم والاختلاط بأصحاب الحاجات، ومعرفة الناس رجالهم ونسائهم.. وهذا ينافي أمر الله للنساء بوجوب القرار في المنزل. (هـ) حجب المرأة عن الرجال أصلح لقلوب الجميع: قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} (الأحزاب:53) وهذا أمر لأصحاب النبي في كيفية طلبهم حاجة من أمهات المؤمنين وهو ألا يسألونهن إلا من وراء حجاب (جدار أو ستارة ونحوها) وعلل الله ذلك بأن هذا أطهر لقلوب الصحابة، وأطهر لقلوب أمهات المؤمنين فكيف وهذه القلوب جميعها قد طهرها الوحي، والصحبة، ونقاها ضوء الإسلام الساطع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.. فكيف بمن بعد عهدهم عن الوحي والصحبة.. ألا يرشد هذا إلى أنه كلما كان هناك حجاب بين المرأة والرجل الأجنبي عنها كان هذا أطهر وأكمل.. فكيف يتوافق هذا مع زج المرأة إلى الولاية العامة التي من شأنها ولوازمها الخلطة اليومية بين المرأة وبين غير محارمها. والخلاصة أن آيات القرآن في هذا الشأن قاضية بوجوب دفع الأمانة وهي الولاية العامة إلى الرجال الأكفاء الأمناء، وأن تولية المرأة منكر عظيم فهو مع الكفر منكر إلى منكر ومع الإسلام أشد نكراً، وقد هب نبي وهو سليمان عليه السلام في ملكه بمجرد سماعه به حتى أزاله، وهو يبعد عنه آلاف الأميال. وأن الرجل هو الذي يتولى شأن المرأة مطلقاً فهو سيدها في المنزل {وألفيا سيدها لدى الباب} (يوسف:25)، {الرجال قوامون على النساء}. وأن المرأة ليس لها ولاية على ولد ولا أخ بل ولا على نفسها في زواج، فلا نكاح إلا بولي، وشهادتها إنما تجوز فيما هو من شأنها، وأما ما هو خارج شأنها فلا شهادة لها فيها، وإن شهدت فعلى النصف من شهادة الرجل، وأن عليها القرار في المنزل، والطاعة والقنوت للزوج، وأنها كلما كانت بعيدة عن الأجانب، كان هذا أحفظ لقلبها وقلوب الرجال.. فأين من ذلك أن يكون القرآن قد جاء بتولية المرأة شئون المسلمين عامة؟ رابعاً: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المرأة لا تتولى ولاية عامة: علمنا من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية أنه لم يول امرأة قط في شأن من شئون المسلمين العامة على كثرة ما ولى صلى الله عليه وسلم: أمراء للنواحي، وقواداً للجيوش، ونواباً على المال والزكاة، والصدقات، وبعوثاً للتعليم، وسفراء بينه وبين الملوك والرؤساء، وهذا وحده دليل كاف على أن المرأة لا حق لها في الولاية، ولا يجب عليها تولي شئون المسلمين. لأنه لو كان لها حق فيه لما منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان واجباً لما ترك رسول الله إلزام النساء بهذا الواجب. (أ) لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة: وأما السنة القولية للرسول صلى الله عليه وسلم فإنها قاضية كذلك أن تولية المرأة ولاية عامة هو أحد الآثام وهو دليل الخيبة والفشل. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] وسياق هذا الحديث على النحو التالي: روى البخاري بإسناده إلى أبي بكرة رضي الله عنه قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] (رواه البخاري). ووجه الشاهد في هذا الحديث ما يأتي: إخبار الرسول بأن أمر مملكة فارس إلى فشل وزوال وأنهم لا فلاح لهم بعد أن ولوا أمرهم امرأة. وقد دل هذا على أن تولية المرأة للولاية العامة من أسباب الفشل وعدم الفلاح. إخبار الرسول إخباراً عاماً عن الفرس وغيرهم أن القوم الذين يولون المرأة الولاية العامة لا يفلحون لأن (قوماً) لفظ عام، (وامرأة) لفظ عام.. فيدخل فيه كل قوم ولوا امرأة عليهم.. وهل هو عام يراد به خصوص الفرس الذي جاء الحديث بشأنهم أم هو عام في كل الأقوام يحتمل هذا وهذا..وعلى كل حال هو يعم كل قوم وكل امرأة في كل زمان ومكان فإن كان اللفظ عاماً يراد به العموم فهو كذلك، وإن كان عاماً يراد به الخصوص (أهل فارس) فإن القياس يجعل هذا عاماً في كل قوم. فهم أبو بكرة رضي الله عنه من هذا الحديث أن تولية المرأة دليل فشل سواء كان هذا في قوم كفار أو قوم مسلمين ومن أجل ذلك رجع عن الخروج مع الجيش الذي فيه أم المؤمنين رضي الله عنها. استدل عامة من رأي من العلماء أنه ليس للمرأة ولاية عامة بهذا الحديث. قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن التين "استدل بحديث أبي بكرة من قال: لا يجوز أن تولى المرأة القضاء وهو قول الجمهور، وخالف ابن جرير الطبري رحمه الله فقال: "يجوز أن تقضي المرأة فيما تقبل شهادتها فيه". أ هـ وقد حاول بعض العلماء المعاصرين رد هذا الحديث فزعم أنه غير ثابت وهذا قول ساقط، فإن الحديث صحيح رواه الإمام البخاري رحمه الله، واتفقت الأمة على قبوله والعمل به منذ عصر الصحابة. وزعموا أيضاً أنه مخصوص بأهل فارس فقط لما ولوا امرأة عليهم، وهو تخصيص بلا دليل، ولو كان مخصصاً بأهل فارس لكان من عمل مثلهم حكم عليه بمثل ما حكم الرسول عليهم!! وقالوا إنما كان ذلك لما كانت المرأة لا تتعلم وتعرف أصول الحكم، أما اليوم فالمرأة لا تقل تعليماً عن الرجل.. وهذا من أغلظ الجهل فإن النساء في ذلك الوقت كن يتعلمن كما يتعلم الرجال.. بل كان بعض النساء أوسع تعليماً من كثير من الرجال في ذلك الوقت، فقد كان منهن الشاعرات، والملكات، ومن ادعت النبوة، ومن نافسن الرجال في جميع الشئون. (ب) الأحاديث النبوية المستفيضة في شأن المرأة لا تجعل للمرأة ولاية على غيرها، بل ولا على نفسها في أخص شأن من شئونها وهو النكاح فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا نكاح إلا بولي..] وقد يكون الولي أباً أو أخاً أو عماً أو خالاً أو ابناً، وقد يكون بعض هؤلاء الأولياء أقل من المرأة سناً وعلماً. ولكنها لا تزوج نفسها بغير إذنه ورضاه. وكذلك جاءت السنة بمنع المرأة من السفر وحدها دون محرم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم]. وأن لا تخلو بغير محارمها قال صلى الله عليه وسلم: [إياكم والدخول على النساء]، قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: [الحمو الموت]. ومن أصرح ما جاء في السنة مما يعتبر دليلاً على منع المرأة من الولاية العامة كون المرأة تستطيع سلب الرجل لبه، وتبديل رأيه وأن هذا يكون منها مع نقصانها عقلاً وديناً عن الرجل.. وقد جعل النبي هذا من جملة الذنوب التي على المرأة أن تسعى في تكفيرها فقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم النساء في موعظة عامة يوم عيد فقال لهم: [يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار]. فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: [تكثرن اللعن وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء].. ثم انصرف.. (هذا لفظ البخاري من حديث أبي سعيد الخدري). فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة ذنوب تفشو في النساء ووعظهن بالحذر منهن، وبالتكفير عنهن وهذه الثلاث هي: كثرة اللعن، وكفران العشير، وكون الواحدة تستطيع أن تسلب الرجل الحازم لبه. أي فيقع في حرام أو يمتنع من واجب وأن الرجل مع حزمه وعزمه وكونه في الجملة أكمل عقلاً من المرأة، وأوفى ديناً منها إلا أنها تغلبه على عقله وتميل به عن دينه!! وقد استدل الرسول صلى الله عليه وسلم في نقصان عقل المرأة عن عقل الرجل ونقصان دينها عن دينه.. بالقرآن الكريم فقال: [أليس المرأة إذا حاضت لم تصل ولم تصم!!] قلن: بلى. قال: [فذلك من نقصان دينها]. وقال: [أليست شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد] قالوا: بلى. قال: [فذلك من نقصان عقلها].. أليس هذا دليلاً صريحاً على أن الرجل هو الذي يجب أن يتولى الشئون العامة مع الحذر أن يكون للمرأة تسلط عليه أن يقضي بغير الحق كما قال صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما لما رددن عليه في قوله: [مروا أبا بكر فليصل بالناس] فقلن: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مكانك لم يسمع الناس من البكاء شيئاً. فقال: [مروا أبا بكر فليصل بالناس إنكن صواحب يوسف!!]، وأنه لا يجوز للمرأة أن تتولاها. خامساً: إجماع الأمة على منع المرأة من الولايات العامة: الدليل الخامس على تحريم تولي المرأة للولايات العامة هو الإجماع على ذلك من كل علماء الأمة. في جميع عصورها. فلم ينقل عن واحد من العلماء جواز تولي المرأة الولاية العامة الكبرى (خلافة المسلمين) والإمامة العامة في الأمة على المسلمين جميعاً أو مجموعة منهم فتكون هي السيد الأعلى، والرئيس العام والإمام.. ولم يخالف في هذا الأمر أحد من علماء المسلمين قاطبة في كل عصورهم. ويكفيك بالإجماع حجة في هذا الأمر. وأما الولايات التي هي دون الولاية الكبرى كالوزارة، والقضاء ونحو ذلك.. فقد شذ بعض أهل العلم فرأى جواز تولية المرأة القضاء فيما تصح به شهادتها فقط وليس القضاء العام. وهذا القول كذلك مردود لأنه لا دليل عليه وهو مخالف للقرآن والسنة وعمل المسلمين في كل العصور. من المكتبة السلفية والله من وراء القصد |
#2
|
|||
|
|||
الباب الثاني:
الشبهات التي تذرع بها من قال إن المرأة يجوز لها تولي الولايات العامة. والآن نأتي إلى الشبهات التي تذرع بها من قال إن للمرأة في شريعة الإسلام أن تولى الولايات العامة. أولاً: قولهم ليس في القرآن والسنة ما يمنع ذلك: الشبهة الأولى هو قولهم: إنه ليس في القرآن ولا في السنة ما يمنع تولي المرأة للولايات العامة، وأن الأصل هو الإباحة!! والجواب أن قائلي هذا القول معرضون عما في القرآن والسنة مما يمنع من ذلك. فإن القرآن قد جعل الله فيه المرأة تابعة للرجل منذ خلقها وإلى قيام الساعة فقد أخبر سبحانه وتعالى أنه لما خلق الله المرأة خلقها من الرجل لتكون فرعاً منه، وتابعا له. قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} (النساء:1). وعندما أسكن الله حواء الجنة لم يخاطبها هي ولم يخاطبهما معاً وإنما خاطب آدم عليه السلام فقال: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} (الأعراف:19). ولم يكتف الله بالضمير المستتر في اسكن!! بل ذكر الضمير الظاهر بعده فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنة} ليدل على أن المرأة تابعة في سكنها للرجل، ولا تسكن استقلالاً، ووجه الله الخطاب لآدم، ولم يوجهه لزوجته لأنه هو المسئول عنها والمتولي لشئونها!! ثم جاءت آيات القرآن جاعلة المرأة في كل شئونها تابعاً للرجل فهو المنفق عليها ابنة وزوجة، وأماً، وأختاً، وهو المتولي أمرها في أخص أمورها وهو الزواج، والرجل هو الذي علقت الشريعة السعي بالرزق في عنقه ولم تكلف المرأة به، والقرآن هو الذي أمر بأن تؤدى الأمانات إلى أهلها فقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً} (النساء:58). والأمانات هي الولايات العامة والمرأة ليست من أهل هذه الولايات باتفاق الأمة وإجماعها. وقد قال تعالى في نص يقتضي العموم: {الرجال قوامون على النساء} وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وقال في عقد النكاح: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} وقد فسرت الدرجة بأنها القوامة، وكون عقدة النكاح بيد الرجل. ولما وجدت امرأة كافرة تعبد الشمس وتملكت في قومها سلط الله عليها عبداً صالحاً من عباده.. فأخرجها منه. ولما هداها الله للإسلام تبرأت من ذنبها السابق قائلة {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}. فكيف يقال بعد ذلك إن القرآن ليس فيه دليل على منع المرأة من الولاية العامة؟! سبحانك هذا بهتان عظيم. وتقوّل على القرآن بغير علم. وأما السنة: قولية وفعلية فهي شاهدة أن تولي المرأة للولايات العامة من أعظم الإثم بل هو دليل الفشل.. ويكفيك في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة]. ثانياً: الشبهة الثانية: استدلالهم بملكة سبأ. وأما الشبهة الثانية فاستدلالهم بشأن ملكة سبأ، وأن الله ذكرها بخير، وذكر من حكمتها ومشورتها لقومها، ثم إخراجها قومها من الكفر إلى الإسلام، وتجنيبهم حرباً يكونون فيها خاسرين. والجواب: نعم كانت ملكة سبأ امرأة عاقلة حكيمة تشاور قومها، ولا تقطع أمراً دونهم قال تعالى عنها: {يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون}!! وأنه لما جاءها تهديد سليمان الملك!! تصرفت بحكمة العاقل الخبير بالأمم والملوك. فصانعت سليمان، بأن أرسلت إليه هدية، ولما علمت أنه ليس ملكاً من ملوك الدنيا ممن يشترون بالهدايا، وعلمت عزمه على غزوهم، وأدخل الله الإسلام في قلبها، طاوعت سليمان فخرجت عن ملكها، وجاءته تؤم قومها مسلمة مذعنة، وقد شكرت من أجل ذلك. والسؤال: هل كان في القرآن إقرار لتملكها وترؤسها؟!.. لا بل هدهداً مؤمناً مع سليمان استنكر تملكها على قومها، قبل أن يستنكر كفرها وسجودها وقومها للشمس فقال لسليمان مستنكراً {وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} (النمل:22-24). ثم إن سليمان قد سل عرشها، وأزالها عن ملكها، وهو العبد الصالح الذي يعمل بأمر الله.. والعجب أن يكون هذا الدليل الصريح من القرآن على منع المرأة من الولايات العامة دليلاً عند هؤلاء المعاصرين على جواز أن تكون المرأة ملكة وأن تولى ولاية عامة وهذا من العجب!! ثالثاً: استدلالهم بخروج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: الشبهة الثالثة التي استدل بها من يقول بجواز تولي المرأة الولايات العامة هي استدلالهم بخروج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الجيش الذي حارب علياً رضي الله عنه في موقعة الجمل، ورجوع القوم إليها، وفيهم كبار الصحابة كالزبير بن العوام رضي الله عنه، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وغيرهما. والجواب أن عائشة رضي الله عنها لم تخرج ملكة ولا أميرة ولا متولية شئون هذه الجماعة.. وكان هؤلاء الصحابة قد بايعوا علياً رضي الله عنه بالخلافة، ولم يدعوا إلى خلافة أو ولاية غير ولاية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وإنما خرجوا من أجل أمرين: الأمر الأول هو محاولتهم الصلح بين جيش علي رضي الله عنه، وجيش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وخوفهم من نشوب الحرب بينهما، ثم ليطالبوا بقتل قتلة عثمان رضي الله عنه الذي التحقوا بجيش علي. وقد عمد الزبير وطلحة رضي الله عنهما إلى إخراج أم المؤمنين معهما لعله أن يسمع لها الجميع وذلك لعلمها ومكانتها وكونها أم المؤمنين والتي توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو راض عنها بل وهي أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم فقد توفي ورأسه صلى الله عليه وسلم بين صدرها ونحرها!! وقد ظنوا أن الجميع سيسمع لكلامها وتجتمع الأمة ولا تتفرق فقد كانت كما وصفها علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أطوع الناس في الناس)، ولكن كان ما لم يكن في الحسبان وهو إشعال قتلة عثمان الحرب بين الفريقين حتى لا يصطلحا على قتلهم..!! ومع أن أم المؤمنين رضي الله عنها قد خرجت في مهمة إصلاح ولم تكن ملكة ولا أميرة، ولا متولية شأن هذه الجماعة.. أقول ومع ذلك فإنها ندمت على هذا الخروج ندماً كثيراً، وتمنت ألا تكون خرجت. ولامها على خروجها كثير من الصحابة، وأنه كان يمكنها الإصلاح بين الناس من مكانها ومنزلها في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. والشاهد أن أم المؤمنين رضي الله عنها لم تخرج قط متولية شئون المسلمين وإنما كان خروجها خروجاً معنوياً لمنزلتها ومكانتها، ورغبة في الإصلاح بين المسلمين.. والله -إن شاء الله- يأجرها لاجتهادها في شأن الخروج، ولكنه كان اجتهاداً مرجوحاً تبين لها خطؤه فيما بعد.. فكيف يكون في هذا حجة لجواز تولي المرأة الولايات العامة وأن تكون رئيساً أو أميراً أو خليفة!! ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر لزوجاته محذراً أن سيخرج منهن واحدة مسيراً تنبحها فيه كلاب الحوأب!! كما جاء في المستدرك على الصحيحين عن قيس بن أبي حازم قال: "لما بلغت عائشة رضي الله عنها بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: الحوأب!! قالت: ما أظنني إلا راجعة!! فقال الزبير: لا بعد!! تقدمين فيراك الناس، ويصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [كيف بإحداكن إذا نبحت عليها كلاب الحوأب؟!]". ورواه الإمام أحمد رحمه الله بسنده عن قيس قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب. قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا راجعة فقال بعض من كان معها، بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: [كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟!]. وفي صحيح ابن حبان عن قيس قال: "لما أقبلت مرت ببعض مياه بني عامر طرقتهم ليلاً، فسمعت نباح الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب!! قالت: ما أظنني إلا راجعة. قالوا: مهلاً يرحمك الله!! تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله بك. قالت: ما أظنني إلا راجعة إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟!]. قال ابن حجر رحمه الله: أخرج هذا الحديث أحمد وأبو يعلى والبزار وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح (فتح الباري:6690). وهذا الحديث من أعلام نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه الإنكار على أم المؤمنين رضي الله عنها قبل مسيرها. فكيف يستدل بفعل عائشة رضي الله عنها، ولم يكن لها ولاية. بل مجرد خروج مع جيش للإصلاح بين المسلمين وقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خروجها قبل أن تخرج، ولامت هي نفسها على هذا الخروج؟! ثم إن أبا بكرة رضي الله عنه أنكر الذهاب مع هذا الجيش الذي فيه أم المؤمنين عائشة قائلاً: "لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة]. رابعاً: أم سلمة رضي الله عنها ومشاورة النبي لها: ومما استدلوا به على جواز دخول المرأة إلى المجالس التشريعية قولهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أم سلمة رضي الله عنها عندما لم ينفذ الصحابة أمر الرسول بالحلق والذبح والتحلل من العمرة في الحديبية، وأن النبي عمل بمشورتها.. وليس في استدلالهم بهذه الحادثة حجة أو دليل من قريب ولا بعيد. ولنأت إلى أصل القصة كما جاءت في صحيح الإمام البخاري رحمه الله من رواية الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه في قصة الحديبية وفيها: "قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه [قوموا فانحروا ثم احلقوا]، قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟!! اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً". وهذه القصة ليس فيها دليل على ترشيح المرأة لمجلس نيابي أو اختيار من ترشحه لمجلس تشريعي، وكل ما فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على أم سلمة رضي الله عنها شاكياً ما لقيه من الناس الذين أصابهم الغم لما وقع رسول الله صلح الحديبية، وكانت فيه شروط رأى المسلمون فيها ذلاً ومهانة، فإنها تقتضي بأن يرجعوا إلى المدينة دون إتمام عمرتهم في مكة وليس بينهم وبين مكة شيء!! وأن يعودوا لقضاء هذه العمرة نفسها العام القادم!! وأن من فر من المسلمين إلى قريش فلا يردوه، ومن فر من قريش مسلماً إلى الرسول رده إليهم!! وشروط أخرى لم يرتضها المسلمون إلا موافقة للنبي صلى الله عليه وسلم وطاعة لله سبحانه وتعالى. ولذلك لما أمرهم الرسول بالتحلل من العمرة في مكانهم بالحديبية لم ينشط أحد منهم لتنفيذ أمر الرسول.. فلما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مهموماً وأخبر أم سلمة بما لقي من الناس أشارت إليه أن يخرج بنفسه فيحلق شعره، ويذبح هديه وأنهم سيفعلون.. وقد كان.. وليس في هذه القصة إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخذ برأي أم سلمة عندما أشارت بهذا الرأي الصائب. وأن أم سلمة رضي الله عنها كانت راجحة العقل نافذة البصر ويستفاد من هذا: جواز استشارة المرأة وجواز أخذ رأيها، وفضل أم سلمة رضي الله عنها، وصبر الرسول صلى الله عليه وسلم وحلمه، وما اعترى الصحابة رضي الله عنهم من الذهول والغم من جراء صلح الحديبية ثم ما من الله عليهم بعد ذلك من التسليم والطمأنينة كما قال تعالى في الآيات التي نزلت في هذه الحادثة: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً} (الفتح:4). وقال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً} (الفتح:26). فما وجه الدلالة أن يكون سماع الرسول لمشورة أم سلمة دليلاً على جواز انتخابها وترشيحها.. وهل جعل الرسول أم سلمة عضوا يستشار، وهل كان لها ولأمهات المؤمنين مشورة في سياسة الأمة وهل كان لهما مع الصديق والفاروق ونظرائهم من الرجال رأي في اختيار الأمراء والوزراء، وإعداد الجيوش ونظام بيت المال!! ولم يقل أحد: إنه يحرم لذي سلطان أن يستشير زوجته في شأن ما، أو يأخذ رأي النساء في قضية من القضايا كما للمرأة الحق في أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدل على الخير،.. ولكن أن يكون لها الحق أو عليها الواجب أن تتولى ولاية عامة إمارة أو وزارة، أو قضاءاً، أو تكون عضوا في مجلس تشريعي.. فليس في هذه القصة دليل على هذا الأمر. خامساً: استدلالهم بتولي شجرة الدر شئون المسلمين في مصر: ومن أقبح ما استدل به القائلون بتولية المرأة استدلالهم بتولي شجرة الدر التركية محظية الملك الصالح نجم الدين أيوب شئون الحكم في مصر وأنها قاتلت الفرنج وهزمتهم.. الخ. وهذا من أقبح أنواع الاستدلال. فإن الحجة الشرعية إنما هي في كلام الله وكلام رسوله، وإجماع الأمة، ثم يستدل بعد ذلك بفعل الصحابة والراشدين، وقد يستدل بعد ذلك بأقوال أهل العلم واجتهاداتهم.. أما أن تجعل الأعمال الخاطئة في القرون المتأخرة دليلاً شرعياً فهذا من العجب.. وليتهم إذ استدلوا على ولاية امرأة في الإسلام ذكروا امرأة صالحة نافعة بل ذكروا مثالاً سيئاً لولاية المرأة، فإن شجرة الدر أم خليل التركية كانت مملوكة محظية للملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله. وبعد مقتل ابنه توران شاه رحمه الله على أيدي المماليك ولوا عليهم مملوكاً كان من مماليك الملك الصالح وهو عز الدين أيبك التركماني ثم إن عز الدين هذا تزوج بشجرة الدر وهي زوجة سيده.. ولما كانت شجرة الدر ترى نفسها أفضل من زوجها فقد كانت هي زوجة للملك الصالح أم ولده (خليل)، وأما زوجها فكان عبداً مملوكاً عند الملك الصالح. ومن أجل ذلك اشتركت معه في الملك، وأمرت أن يدعى لها على المنابر مع زوجها المملوك عز الدين التركماني، ثم لما علمت بعد أن زوجها التركماني سيتزوج عليها ابنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ أمرت جواريها أن يمسكنه لها فما زالت تضربه بقبقابها (القبقاب: نعال من خشب) والجواري يعركن في معاربه حتى مات وهو كذلك (البداية والنهاية 13/196). ثم إن مماليك عز الدين أيبك لما علموا ما فعلته شجرة الدر بسيدهم أقبلوا بصحبة مملوكه سيف الدين قطز فقتلوها وألقوها على مزبلة غير مستورة العورة!! قال ابن كثير رحمه الله: وهذا بعد الحجاب المنيع، والمقام الرفيع، وقد عَلَّمت على المناشير، والتواقيع وخطب الخطباء باسمها، وضربت السكة (النقود) برسمها، فذهبت فلا تعرف بعد ذلك بعينها ولا رسمها {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} (البداية والنهاية 13/196). وقال ابن كثير رحمه الله في ترجمتها: شجرة الدر بنت عبدالله أم خليل التركية، كانت من حظايا الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان ولدها منه خليل من أحسن الصور، فمات صغيراً، وكانت تكون في خدمته (الملك الصالح) لا تفارقه حضراً ولا سفراً من شدة محبته لها وقد ملكت الديار المصرية بعد مقتل ابن زوجها المعظم توران شاه، فكان يخطب لها وتضرب السكة باسمها وعَلَّمت على المناشير مدة ثلاثة أشهر، ثم تملك المعز كما ذكرنا، ثم تزوجها بعد تملكه الديار المصرية بسنوات، ثم غارت عليه لما بلغها أنه يريد أن يتزوج عليها بنت صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ فعملت عليه حتى قتلته كما تقدم ذكره، فتمالأ عليها مماليكه المعزيّة فقتلوها وألقوها على مزبلة ثلاثة أيام، ثم نقلت إلى تربة لها بالقرب من قبر السيدة نفيسة رحمها الله تعالى، وكانت قوية النفس، لما علمت أنه قد أحيط بها أتلفت شيئاً كثيراً من الجواهر النفيسة واللآلئ المثمنة، كسرته في الهاون لا لها ولا لغيرها، وكان وزيرها في دولتها الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليمان المعروف بابن حنا وهو أول مناصبه اهـ. (المصدر السابق). وأقول كيف يكون تولي مثل هذه المرأة تشريعاً عندنا ودليلاً على صحة ولاية المرأة!! هل هناك أقبح من هذا الاستدلال. سادساً: قولهم إن النيابة ليست ولاية عامة: ومن الشبهات قولهم إن النيابة ليست ولاية عامة وأنها لا تعدو أن تكون أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وإن الشريعة قد أجازت قيام المرأة بهذا بل أوجبته عليها كما قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة:71). والجواب أن النيابة من الولايات العامة بل هي من أكبر الولايات العامة، لأن النائب بمقتضى الدساتير الوضعية، هو الذي يزكي الوزراء ويحاسبهم، ويعزلهم، ويسقط حكومة ويأتي بغيرها، فالنائب هو القيم والقائم بشأن غيره، بل هو المتولي حقيقة للولاية العامة، والوزراء هم وكلاء عن النواب في تنفيذ ما يشرعونه، ويأمرونه به، ولذلك فسلطة النائب أكبر من سلطة الوزير.. لأن من له حق التعيين والعزل والمحاسبة هو الذي له اليد العليا، فيكون هو الولي على غيره.. فكيف يقال إن النيابة ليست من الولايات العامة ولذلك فيجوز أن تتولاها المرأة؟. سابعاً: قولهم إن ترشيح المرأة لغيرها وكالة: ومن الشبهات قول بعضهم إن اختيار المرأة من تراه أهلاً للنيابة عنها في المجالس التشريعية ليس من الولايات العامة وبذلك يجوز لها أن تنتخب من تشاء لذلك، وأن هذا لا يعدو أن يكون توكيلاً. وللمرأة الحق في أن توكل من تشاء من الرجال في مصالحها الخاصة وهذا من المجمع عليه. والجواب أن ترشيح المرأة من تراه أهلاً ليس وكالة من كل وجه، وإنما هو بمثابة شهادة، ووكالة، وتزكية، واختيار للأصلح وللأكفأ. فأما الشهادة فإنه لا تصح شهادة المرأة إلا في الشئون الخاصة بالنساء، وشهادتها على الدين إنما هو للضرورة عند عدم وجود الرجال كما قال تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما للأخرى} (البقرة:282). ولا شهادة للمرأة على عقود الزواج ولا في الحدود، ولا في الأمور التي ليست من شأنها.. وأما تزكية المرأة للرجال فإنها ممنوعة لأن التزكية تحتاج إلى خلطة والمرأة لا خلطة لها بالأجانب غير المحارم فكيف تزكيهم؟! وتشهد بعدالتهم.. وأما اختيار الأصلح والأكفأ فإن هذا يحتاج إلى علم أوسع بالرجال والناس، وتفضيل الكفء على غيره، وهذا لا دخل للنساء فيه. ومن أجل ذلك لم يكن للنساء في هذا الأمر شأن قط لا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين ولا في جميع عصور الإسلام. وأما الوكالة فإنه يصح للمرأة أن توكل من تشاء في شئونها، ولكن النيابة ليست وكالة فقط، وإنما هي عقد تجتمع فيه كل هذه الأمور: الوكالة، والشهادة، والتزكية، وترشيح من يتولى الأمور العامة.. فقياس جواز الوكالة للمرأة على الترشيح للنيابة قياس باطل، وهو من قياس الشبه، وهو أبطل أنواع القياس، وهو مثل قول من قال "إنما البيع مثل الربا" نعم البيع يشبه الربا من حيث أن البائع والمرابي كل منهما يربح أكثر من رأس ماله، ولكنهما يفترقان في أمور كثيرة..!! إذ البائع مخاطر والمرابي ضامن، وهذا يؤجر النقود، وهذا يبيع السلع..!! وأحل الله البيع وحرم الربا. والوكالة للمرأة جائزة، وليست النيابة وكالة، وإن كانت تشبه الوكالة من بعض الوجوه.. والقياس عليها إنما هو قياس شبه وهو باطل، لأنه ليس وكالة من كل الوجوه، ولكنه مع الوكالة شهادة، وتزكية، وترجيح بين المرشحين واختيار للأولى.. فهو عقد مركب من كل هذه الأمور. ثامناً: قولهم إن الأحكام تتغير بتغير الزمان: ومما استدلوا به في جواز تولية المرأة الولايات العامة قولهم إن الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، وإن منع الرسول النساء من الولايات العامة وقوله عن أهل فارس لما ولوا بنت ملكهم [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] أن ذلك كان لأن النساء لم يكن يتعلمن في ذلك الوقت، وكن بعيدات عن أمور السياسة والحكم، وأما الآن فإن التعليم شمل الرجال والنساء، وقد تكون المرأة أعظم تعليماً من الرجل، فيجب قصر هذا الحكم على زمان الرسول.. هكذا قالوا.. وهذا القول من أعظم الوسائل والأساليب لتبديل شريعة الله، وجعل أحكامها لفترة زمنية محددة، والانتقال إلى التشريع بالهوى والجهل، والقول على الله بلا علم.. ولا شك أن كلام الله وكلام رسوله إنما هو للزمان كله والمكان كله ولا يختص شيء بالأحكام بزمان معين إلا ما جاء مقيداً بهذا الزمان فالحلال ما أحله الله إلى يوم القيامة، والحرام ما حرمه الله إلى يوم القيامة والدين ما شرعه الله.. ثم إن القول بأن النساء كن لا يتمكن من التعليم قديما قول جاهل، فقد كانت الفرصة متاحة للجميع والعرب في الجاهلية التي كانت أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب كان فيها الشاعرات والأديبات والكاتبات كما الرجال، وكذلك سائر شعوب الأرض، فقد كانت سبأ تملكهم امرأة، والزبّاء كانت ملكة تدمر، ولما خرج متنبأ العرب من الرجال وهو مسيلمة ادعت امرأة النبوة مثله وهي سجاح.. والفرس ملكتهم امرأة، والرومان كانت المرأة تنافس الرجال في كل شيء.. وهند بنت عتبة كانت أسود من زوجها، وأم جميل امرأة أبي لهب كانت أشد من زوجها على رسول الله.. والشاهد أن النساء في الجاهلية الأولى: العرب وغيرهم كن منافسات ومشاركات للرجال في كل شيء الشعر، والأدب، والسياسة، وفي كل شيء من الشئون العامة!! وفي هذه المرحلة الزمنية التي كانت المرأة في كل الشعوب مشاركة للرجل ومساوية له جاء الإسلام بمنع المرأة من الولايات العامة. بل من ولاية الأسرة وبأن عليها اتخاذ ولي في النكاح وألا تزوج نفسها، وأن شهادتها عن النصف من شهادة الرجل ولا تشهد إلا على الأموال وعند عدم وجود الرجال، ويأمرها بالقرار في المنزل، ويأمرها بالحجاب، وأن تسأل من وراء حجاب وأن هذا أطهر من قلوب الجميع، وألا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.. الخ وجعل كل هذه الأحكام مخصوص بوقت التنزيل وأنه في هذا الزمان يجب تغيير ذلك تبديل للشريعة ورفض لأحكام الله. تاسعاً: قولهم إن ترشيح المرأة للنيابة العامة نوع من الشورى. وأن الشورى ليست ممنوعة على المرأة. ومن الشبهات أيضاً قولهم إن ترشيح المرأة للنيابة العامة إنما هو نوع من الشورى، وأن الشورى ليست ممنوعة على المرأة لأن الله قال في كتابه سبحانه وتعالى: {وأمرهم شورى بينهم} وهذا يشمل الرجال والنساء. والجواب: لا شك أن هذه الآية نازلة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل بها أصحابه من بعده فهل كان تطبيق الرسول لهذه الآية أن عقد مجلساً يشاور فيه النساء، أو جعل لهن مع الرجال مجلساً خاصاً بذلك. وهل شاور رسول الله النساء في قيادة الجيوش، وخطط للحرب، وتولية أمرائه وعزلهم، وفي شأن الوفود، وخطاباته إلى الملوك، وهل قام خلفاؤه من بعده بشيء من ذلك فجعلوا للمرأة نصيباً واجباً في هذه الشورى، أم أن مشاورة الرسول في هذه الشئون كانت للرجال فقط، فقد كان يشاور الشيخين أبا بكر وعمر، ويقول لهما: لو اجتمعتما على رأي ما خالفتكما، وشاورهما في شأن تولية الأمراء وفي فداء الأسرى. وكان عمر بن الخطاب وزيراً لأبي بكر ومستشاره، وكان القراء (حفظة القرآن) هم أهل الشورى عند الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ولم يكن لواحد من الخلفاء امرأة أو مجموعة من النساء يستشيرهن في أمور المسلمين. فأخذ هذه الآية قوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} وقوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} وجعل ذلك للرجال والنساء دون النظر في قول رسول الله وأصحابه من بعده يؤدي إلى خطأ جسيم في فهم القرآن والعمل به. وأما كون الرسول صلى الله عليه وسلم شكا إلى أم سلمة رضي الله عنها ما لقيه من عدم تنفيذ أصحابه لأمره بالتحلل من العمرة في الحديبية وإشارتها عليه أن يخرج هو ولا يكلم أحداً فيذبح هديه، ويحلق رأسه وأخذ الرسول بقولها ومشورتها، فمثل هذا لا يحرم ولا يمنع أن يسمع الرسول لرأي صائب من زوجته أو امرأة مسلمة أخرى في شأن من الشئون كما روى الإمام البخاري بإسناده إلى أبي سعيد الخدري أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك. فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن: [ما منكن امرأة تقدم ثلاثا من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار]. فقالت امرأة: واثنين!! قال: [واثنين]. فإن هذا من الخير والحق، أعني السماع والعمل برأي المرأة ومشورتها غير ممنوع بل هو مشروع بأي صورة من هذه الصور شفاهاً أو كتابة أو لقاءا، ولكن الممنوع هو تنصيب المرأة في هذه الولاية العامة، والقول بأن هذا مقتضى قوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}. المكتبة السلفية والله من وراء القصد |
#3
|
|||
|
|||
الباب الثالث:
واقع العملية الانتخابية. مما يجب أن يحمل على المنع من ترشيح المرأة وانتخابها ما يحتف ويقارن العملية الانتخابية في ظل الوضع الراهن وفي ظل الأنظمة والقوانين التي تنظم عملية الانتخاب والترشيح. فإنه من ضرورات التقدم والنجاح في النيابة العامة، المعرفة الواسعة بالناخبين ووجود ما يسمى بالقاعدة العريضة من المؤيدين ولا يحصل هذا إلا بالشهرة الواسعة والعلاقات العامة، والخلطة بالناس، والسعي في مصالحهم، والتعرف على مشكلاتهم، ولا شك أن خوض المرأة لغمار ذلك كله لا بد وأن يجعلها مبتذلة، مخالطة، ليس بينها وبين ناخبيها حجاب، ولا بينها وبين ناخبيها وسائط إلا للتعريف بها، وتقديمها للآخرين. وهذا يؤدي بالضرورة إلى إلغاء كثير من التكاليف الشرعية الخاصة بالمرأة كالحجاب، والخلوة، وتجاوز العلاقة الزوجية إن كانت زوجة، والعلاقة الأبوية إن كانت بنتاً، وقوامة الأخ إن كانت أختاً.. وسقوط الحشمة. وانتهاك الحرمة. هذا عدا القصور والتقصير حتماً في واجبات الزوجة إن كان للنائبة زوج، والأم إن كان لها أبناء، وإلا فكيف توفق نائبة في البرلمان بين كونها نائبة تؤدي خدمة حقيقية في النيابة، وزوجة يشغلها عقد الزواج بحقوق كثيرة للزوج. وللأبناء الذي لا غنى لهم عنها. هذا عدا على أن عامة قوانين الانتخاب لا تشترط في المرشح إلا معرفة القراءة والكتابة ولا تشترط خلقاً ولا ديناً، ولا صلاة.. فكيف إذا تقدمت لهذا الكاسيات العاريات المائلات المميلات ووجدن من يؤيدهن في إبراز الانحراف والشذوذ والميل عن جادة الحق والصواب. فهل يقال إن الشريعة الإسلامية لا تمنع من ترشيح المرأة وانتخابها.. وهل يملك الذين يقولون هذه المقالة أن يفرضوا على المتقدمة للنيابة أن تلتزم بالحجاب الشرعي؟! وألا تخلو بغير محرم؟ وألا تسافر إلا مع ذي محرم؟ وألا تكون ناشزاً في البيت؟ وأن تكون من أهل الدين والعلم والعفاف والصلاة؟ حتى تكون أهلاً -كما زعموا- للنيابة الشرعية.. أم أنهم لا يملكون ذلك؟! وإذا كانوا لا يملكون فما قيمة الفتوى إذن بأن الشريعة الإسلامية لا تمنع المرأة من أن تكون نائباً في البرلمان؟ وإذا قيل إن (الفتوى تتغير بتغير الزمان) كان تطبيق هذه القاعدة على حالنا هذه أهم من كل الحالات.. فلو فرضنا جدلاً أن المرأة كانت تشارك في الشورى في صدر الإسلام، وتجلس مع الرجال في مجلس واحد.. وهذا لم يحدث قط ولكن نقول هذا من باب الفرض جدلاً.. فإن الواقع الحالي يحتم منع هذا الأمر في هذا الزمان الذي فسد فيه الرجال والنساء إلا قليلاً، وليس هناك قانون رادع يعمل به في منع المرأة من التبرج والسفور، والسفر بغير محرم، بل وإظهار الفجور وانتقاد الشريعة والاعتراض على القرآن والسنة!! فليتق الله من يفتي بغير علم قائلاً بملء فمه إن الشريعة لا تمنع المرأة من أن تكون نائباً في البرلمان والمجالس التشريعية!! إن واقع العملية الانتخابية. وما يلزم لها من تعريف المرأة بنفسها، ولقاءاتها مع مرشحيها، وبيان قدراتها، ومنافسة الرجال، ومحاولات الغلبة وما يصاحب ذلك من نشر المطاعن، ومواضع الضعف عند الآخرين. يدخل المرأة مع الرجال في تنافس غير نظيف، بل يجر المرأة إلى حروب قذرة، ونشر للفضائح.. ولا تمكين لأي تشريع معاصر في ظل القوانين المعمول بها في الانتخاب أن يمنع من ذلك. والذين يدعون أن يمكن وضع ضوابط شرعية لانتخاب المرأة. لا يدركون الواقع على حقيقته. الباب الرابع: أقوال سلف الأمة وعلمائها في شأن إسناد الولايات العامة إلى المرأة. هذه طائفة من أقوال سلف الأمة وعلماء الإسلام في شأن إسناد الولايات العامة إلى المرأة: 1) قال ابن حزم رحمه الله في معرض حديثه عن الخلافة: "ولا خلاف بين أحد في أنها لا تجوز لامرأة" (الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/129). 2) قال الماوردي في الأحكام السلطانية في معرض كلامه عن الوزارة: "ولا يجوز أن تقوم بذلك امرأة وإن كان خيرها مقبولاً لما تضمنه معنى الولايات المصروفة عن النساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة. ولأن فيها من طلب الرأي وثبات العزم ما تضعف عنه النساء ومن الظهور في مباشرة الأمور ما هو عليهن محظور" (الأحكام السلطانية ص46). 3) قال ابن قدامة في المغني: (مسألة) قال أبو القاسم رحمه الله: (ولا يولى قاض حتى يكون بالغاً عاقلاً مسلماً حراً عدلاً فقيهاً ورعاً). وجملته: أنه يشترط في القاضي ثلاثة شروط أحدها الكمال: وهو نوعان: كمال الأحكام وكمال الخلقة، أما كمال الأحكام فيعتبر في أربعة أشياء: أن يكون بالغاً عاقلاً حراً ذكراً، وحكي عن ابن جرير أنه لا يشترط الذكورية لأن المرأة يجوز أن تكون مفتية فيجوز أن تكون قاضية، وقال أبو حنيفة يجوز أن تكون قاضية في غير الحدود لأنه يجوز أن تكون شاهدة فيه. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم [ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] ولأن القاضي يحضره محافل الخصوم والرجال ويحتاج فيه إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي ليست أهلاً للحضور في محافل الرجال ولا تقبل شهادتها ولو كان معها ألف امرأة مثلها ما لم يكن معهن رجل وقد نبه الله تعالى على ضلالهن ونسيانهن بقوله تعالى: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان ولهذا لم يول النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً. أهـ (المغني 9/39-40). 4) قال الإمام القرطبي رحمه الله: {.. وقرن في بيوتكن..} معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة . وروي أن عماراً قال لعائشة رضي الله عنها: إن الله قد أمرك أن تقري في منزلك. فقالت: يا أبا اليقظان، ما زلت قوالاً للحق. فقال: الحمد لله الذي جعلني كذلك على لسانك. وذكر الثعلبي وغيره أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها. وخروج عائشة إلى حرب الجمل ما كان لحرب ولكن تعلق الناس بها وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس ورجوا بركتها وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق. وظنت هي ذلك فخرجت مقتدية بالله في قوله تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} وقوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر أو أنثى. فهي مصيبة فيما تأولت مأجورة فيما فعلت إذ كل مجتهد في الأحكام مصيب.{.. وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب..} في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصورتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها. (الجامع لأحكام القرآن 14/179 وما بعدها). 5) قال الشيخ الإمام العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله: وقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى من مجلة المجتمع حول ترشيح (بنازير بوتو) في الانتخابات الباكستانية التي أجريت في باكستان في ربيع الآخر 1409هـ. فأجاب رحمه الله: الحمد لله وحده، وبعد: فقد ورد إلي السؤال التالي من سعادة مدير تحرير مجلة المجتمع، ونصه: ما موقف الشرع الإسلامي الحنيف من ترشيح امرأة نفسها لرئاسة الدولة، أو رئاسة الحكومة، أو الوزارة. الجواب: تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين لا يجوز، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ذلك. فمن الكتاب قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} والحكم في الآية عام شامل لولاية الرجل وقوامته في أسرته، وكذا في الرئاسة العامة من باب أولى. ويؤكد هذا الحكم ورود التعليل في الآية وهو أفضلية العقل والرأي وغيرهما من مؤهلات الحكم والرئاسة. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لما ولى الفرس ابنة كسرى: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] (رواه البخاري). ولا شك أن هذا الحديث يدل على تحريم تولية المرأة لإمرة عامة، وكذا توليتها إمرة إقليم أو بلد، لأن ذلك كله له صفة العموم، وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الفلاح عمن ولاها، والفلاح هو الظفر والفوز بالخير. وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عملياً على عدم اسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة. وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين، اللاتي يرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة، وما يتصل بها من المناصب، والزعامات العامة، ثم إن الأحكام الشرعية العامة تتعارض مع تولية النساء الإمارة؛ فإن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها؛ فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة، وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحياناً في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمة، وجماعتها، ورجالاً ونساء في السلم والحرب ونحو ذلك، مما لا يتناسب مع أحوال المرأة وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت. وأيضاً فإن المصلحة المدركة بالعقل تقتضي عدم إسناد الولايات العامة لهن، فإن المطلوب في من يختار للرئاسة أن يكون على جانب كبير من كمال العقل، والحزم، والدهاء، وقوة الإرادة، وحسن التدبير، وهذه الصفات تتناقض مع ما جبلت عليه المرأة من نقص العقل، وضعف الفكر، مع قوة العاطفة، فاختيارها لهذا المنصب لا يتفق مع النصح للمسلمين، وطلب العز والتمكين لهم، والله الموفق.. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه (مجلة المجتمع العدد 890). 6) فتوى وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصبحه ومن والاه، وبعد.. فقد عرض على الهيئة العامة للفتوى والاستفسار المرسل. 1962 (قانون الانتخاب) حول مساهمة المرأة في انتخاب أعضاء مجلس الأمة، وأحاطت الهيئة علماً بأن هناك تلازماً بين حق الانتخاب وحق الترشيح لعضوية مجلس الأمة، فكل من يملك حق الانتخاب يملك حق الترشيح، وذلك طبقاً للمادة (82) من الدستور، فيكون الاقتراح شاملاً للأمرين معاً. وقد أجابت الهيئة بما يلي: (1) إن طبيعة عملية الانتخاب تناسب ما عليه الرجال من قدرة وخبرة واستعداد فطري، ذلك أنها إسهام في عملية التولية للأمور العامة، واختيار من تناط بهم، ومزاولة ذلك تتطلب خبرة ومخالطة ومعرفة تامة بمن يعهد إليهم بهذه الأعباء الثقيلة، والمسئوليات الجسام. والرجال أقدر على ذلك وأولى بالنهوض بهذه المسئولية، ومن ثم فهم المنوط بهم تحمل المسئولية، وتحميلها أهلها، وبيان ذلك أن عملية الانتخاب يغلب عليها -من بين العناصر المختلفة المتداولة لتكييفها- أنها مشورة تتعلق بذات الشخص من حيث عدالته وكفايته (وليست كالمشورة التي تتعلق بالقيام بتصرف أو تركه). وهذا النوع من المشورة يسميه الفقهاء (التزكية) وهي من مستلزمات أهلية الشهادة، ونحوها من الولايات العامة، والصفات فيمن يقوم بالتزكية أقوى من الصفات المشترطة لأهلية الشهادة، وكلاهما من باب الولاية، وفضلاً عما هو مقرر في شأن شهادة النساء تبعاً لمجالها، وعلاقة موضوعها بميدان النشاط الطبيعي للمرأة أو عدمها، فإنه ليس كل من تجوز شهادته تجوز تزكيته –كما يقول العتبي وابن رشد من كبار المالكية، ولا ينبغي لأحد أن يزكي رجلاً إلا رجلاً قد خالطه في الأخذ والعطاء، وسافر معه، ورافقه. (البيان والتحصيل لابن رشد (9/461) و (10/68)). أما صدور التزكية من النساء فيقول فيها الإمام مالك في المدونة (5/161) "لا تجوز تزكية النساء في وجه من الوجوه لا فيما تجوز فيه شهادتهن، ولا في غير ذلك، ولا يجوز للنساء أن يزكين النساء، ولا الرجال، وليس للنساء من التزكية قليل ولا كثير". ويقول إمام الحرمين: "إن مما نعلمه قطعاً أن النساء لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة، والنساء لازمات خدورهن، مفوضات أمورهن إلى الرجال القوامين عليهن". (غياث الأمم 62). (2) إن عدم مشاركة النساء في الانتخاب هو أمر استقرت عليه السوابق طيلة العصور الإسلامية، ولا سيما القرون الثلاثة الأولى التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية، وذلك بمرأى ومسمع السلف الصالح من الأئمة والفقهاء، ولا يتصور تواطؤ تلك الأجيال المعروفة بالفضل والخير على تغيير حكم الشريعة، بحرمان المرأة حقاً من حقوقها.. (3) وجود البدائل المشروعة التي يستغنى بها عما يراد تحصيله من مشاركة المرأة في الانتخاب، ذلك أن المرأة من خلال أمومتها ومشاركتها للرجل في الحياة الزوجية ونحو ذلك من الصلات الأسرية والعلاقات الاجتماعية والوظيفية تستطيع أن تؤدي دورها بطريق غير مباشر، لكنه سالم من المحاذير التي تلزم من مساهمتها (مباشرة) في الانتخاب، وهي تؤدي هذا الدور منذ وجدت، ولا تحتاج إلى أي مسوغ يمنحها هذا الحق، بل ليس في مقدور أحد أن يمنعها منه، لأنه حق طبيعي وشرعي تستطيع مزاولته دون أي إخلال بما نيط بها من مسئوليات أخرى، أو إهمال لما خصها به الشرع من صيانة ورعاية من خلال التشريعات التي شرعها للنساء، فدورها في المشورة الحسنة، والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم هو واجب إسلامي يشملها كما يشمل الرجل تماماً، وهي تؤدي هذه المهنة الجليلة من خلال أسرتها ومجتمعها، ولا سيما من خلال ممارسة التعليم والتطبيب ونحوهما مما يتفق مع طبيعتها، فضلاً عن وسائل الإعلام المتاحة دون أي محذور شرعي. (4) لو عهد بهذه المهمة إلى النساء (أيضاً) لأدى ذلك غالباً إلى التفريط في الواجبات والتكاليف الشرعية الأخرى ومن هنا اقتضت الحكمة صيانة النساء عما يؤدي بهن إلى الوقوع في المشكلات التي يغلب وجودها في المعارك الانتخابية، وليس هذا انتقاما للمرأة، أو إغفالاً لدورها المتميز. (5) التجربة المشهودة في البيئات المختلفة أكدت أن فتح مثل هذه الأبواب التي تخالف ما جاءت به القواعد العامة من الشريعة يستتبع تجاوزات أخرى أكثر خطورة، ويستلزم تغييراً صريحاً لأحكام الشريعة المنصوص عليها كالميراث، والشهادة، والقوامة، وفي هذا ما فيه من الاضطراب والإخلال بالتأهيل الفطري لكل من الجنسين لما أعدهما الله له في حياتهما الاجتماعية المشتركة. (6) إن إعطاء المرأة (بتعديل القانون) حق الانتخاب يستلزم حصولها تلقائيا -بمقتضى الدستور- على حق الترشيح لعضوية مجلس الأمة، وهذا الترشيح بالنسبة للمرأة في حيز المنع شرعاً، للأدلة التالية (وهي كلها في ظل هذا التلازم بين الانتخاب والترشيح تعتبر أدلة إضافية على منع مساهمة المرأة في الانتخاب). (7) إن الشريعة الإسلامية في تطبيقها قد قصرت الولاية العامة على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة، وهو ما عليه الفقه العملي للمسلمين منذ عهد النبوة إلى الآن مع توافر الدواعي على اشتراك النساء في تلك الولايات لولا ما استقر في منع ذلك، ولا يخفى أن عضوية مجلس الأمة ولاية عامة لما فيها من سن القوانين، ومحاسبة السلطة التنفيذية، وما إلى ذلك من المهام المعروفة بالسلطة التشريعية. (8) عدم مطالبة المرأة بالاشتراك في شيء من الولايات العامة طيلة العهود الإسلامية الفاضلة، ولو كان ذلك حقاً لطالبت به النساء، بل لبادر المسلمون (ولا سيما أئمتهم في العلم أو الحكم) إلى إعطاء هذا الحق لهن، أو تمكينهن منه بتقرير ضمن الأحكام العامة. (9) الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وأحمد والنسائي والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن الفرس ملكوا ابن كسرى قال: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] والمقصود من الحديث -كما قال الشراح- النهي عن مجاراة غير المسلمين في تولية المرأة شيئاً من الولايات العامة. الحديث وإن ورد في سبب خاص فإن العبرة في عموم اللفظ لا بخصوص السبب كما قال علماء أصول الفقه. (10) مع أن الأصل في الشريعة الإسلامية التسوية بين الرجال والنساء في التكاليف والأهلية والتصرفات، فإنها خصت كلا من الرجال والنساء بأحكام معروفة، عرف منها ومن قواعد الشريعة العامة بحسب الاستقراء في التطبيقات، أن كل ما كان قائماً على الاجتماع والظهور والمخالطة ولم تدع إليه ضرورة أو حاجة عامة غالبة فإنه يختص به الرجال، كأصل فريضة الجهاد، وإيجاب حضور الجمع والجماعات.. الخ، فلم توجب الشريعة على النساء شيئاً من ذلك بل خصتهن بواجبات شرعية وأمور أخرى أولى بطبيعتهن، ومن كل ما ميادينه الأسرة أو النطاق الخاص بالنساء. أما بيعة النساء التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالى: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم} (الممتحنة:12). فإن مضمون هذه البيعة يدور حول التزام النسوة بالطاعة، والمعروف، واجتناب المنكرات والمعاصي، وليس في بنود البيعة شيء من مقتضى الولاية العامة، بدليل ما تميزت به بيعة الرجال من المعاقدة على الجهاد، وعدم منازعة الأمر أهله ففيها: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله. وكذلك ما حصل من مشاركة بعض النساء في بيعة العقبة (دون قصد لتلك المشاركة) لأن تلك البيعة في حقيقتها معاقدة على حماية الرسول صلى الله عليه وسلم لإبلاغ الدعوة فهو عبارة عن عهد جوار وأمان، والمرأة من أهل إعطاء الأمان، وإجارة المستجير من خلال الروابط المختلفة؛ وطبقا لهذا جاءت القاعدة المقررة بشأن وحدة المسلمين وأمانهم. وما وقع كذلك من أمثلة نادرة في التاريخ الإسلامي مع استنكار العلماء لها لا تخفى ظروفها من التغلب ومضاعفاتها الخاصة والعامة، على أن هذه الوقائع لا تصلح للاحتجاج ولا للاستئناس؛ لأنها لم يستأمر فيها حكم الشرع، وهو الحال في بعض ما هو قائم الآن في البيئات الأخرى من تطبيقات سواء كانت في الترشيح، أو الانتخاب في المجالات العامة لم يؤخذ الرأي الشرعي كذلك في التطبيقات الخاصة ببعض المجالات الاقتصادية كالجمعيات التعاونية، أو المجالات الطلابية (مما هو في أصل طبيعته خاص بشئون تجارية أو دراسية مباشرة) على أن تلك التطبيقات الخاصة لا تخرج في طبيعتها عن التوكيل (بشيء من القيود الملائمة لظروف النشاط الاقتصادي الجماعي، أو الأحوال الغالبة من شئون الطلبة) وشتان بين ممارسة الولاية العامة، أو القيام بمهمة الانتخاب التي هي اختيار لمن يتولاها، وبين التوكيل في هذه المصالح الخاصة مما يسهل بعيداً عن المحاذير القائمة في سواء. ولما كان من المقرر أنه في غيبة النصوص الخاصة من الكتاب والسنة يشار إلى النصوص العامة أو الخاصة بموضوعات مشابهة في المعنى، وهو ما سبق بيانه من الأدلة فضلاً عن القواعد العامة للشريعة ومراعاة مقتضيات الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء مما رده إلى النصوص القطعية. فلهذه الأدلة سواء ما كان منها مباشراً على منع المساهمة في الانتخاب ذاته، أو كان دليلاً على منع الترشيح المتلازم معه، ترى الهيئة العامة للفتوى عدم مساهمة المرأة في الانتخاب، وبقاء الأمر على ما هو عليه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. انتهى. (7) فتوى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: قالت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: أما الولايات العامة -ومن أهمها مهمة عضو البرلمان وهي سن القوانين والهيمنة على تنفيذها- فقد قصرتها الشريعة الإسلامية على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة. وقد جرى التطبيق العملي على هذا من فجر الإسلام إلى الآن. فإنه لم يثبت أن شيئاً من هذه الولايات العامة قد أسند إلى المرأة، لا مستقلة ولا مع غيرها من الرجال، وقد كان في نساء الصدر الأول مثقفات فضليات، وفيهن من تفضل كثيراً من الرجال كأمهات المؤمنين. ومع أن الدواعي لاشتراك النساء مع الرجال في الشئون العامة كانت متوافرة لم تطلب المرأة أن تشترك في شيء من تلك الولايات ولم يطلب منها الاشتراك ولو كان لذلك مسوغ من كتاب أو سنة لما أهملت مراعاته من جانب الرجال والنساء باطراد. هذه قصة سقيفة بني ساعدة في اختيار الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ فيه الخلاف أشده، ثم استقر الأمر لأبي بكر، وبويع بعد ذلك البيعة العامة في المسجد، ولم تشترك امرأة مع الرجال في مداولة الرأي في السقيفة، ولم تدع لذلك، كما أنها لم تدع ولم تشترك في تلك البيعة العامة. وكم من اجتماعات شورية من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومن الخلفاء وإخوانهم في شئون عامة لم تدع إليها المرأة، ولم تشترك فيها. ثم قالوا بعد ذكر أدلة الحكم السابق: ومن هنا تقرر لجنة الفتوى، أن الشريعة الإسلامية تمنع المرأة -كما جاء في الحديث الشريف- أن تلي شيئاً من هذه الولايات، وفي مقدمتها ولاية سن القوانين التي هي مهمة أعضاء البرلمان. هذا - وليس من الولايات العامة التي تمنع منها المرأة ما يعهد به إلى النساء من الوظائف والأعمال كالتدريس للبنات، وعمل الطبيبة، والممرضة في علاج المرضى من النساء وتمريضهن، فإن هذه الأعمال وما شابهها ليس فيها معنى الولاية، الذي هو سلطان الحكم، وقوة الإلزام. ثم قالت لجنة الفتوى بالأزهر: أما الأمر الثاني وهو اشتراكها في انتخاب من يكون عضوا يه فاللجنة ترى أنه باب تريد المرأة أن تنفذ منه إلى تلك الولاية العامة التي حظرتها عليها الشريعة. ذلك ان من يثبت له حق الاشتراك في الانتخابات فإنه يثبت له حق ترشيح نفسه لعضوية البرلمان متى توافرت فيه الشروط القانونية لهذه العضوية. وبعيد أن ينشأ للمرأة قانون يبيح لها الاشتراك في التصويت ثم يمنعها -لأنوثتها- من ترشيح نفسها للعضوية وهي التي لا تقتنع بأن الأنوثة تمنعها من شيء ولا ترضى إلا بأن تكون مساوية للرجل في كل شيء. وإذا لا يصح أن يفتح لها باب التصويت عملا بالمبدأ المقرر في الشريعة والقانون: أن وسيلة الشيء تأخذ حكمه. فالشيء الممنوع بسبب ما يلازمه أو يترتب عليه من ضرر أو مفسدة تكون الوسيلة إليه ممنوعة لهذا السبب نفسه، فإنه لا يسوغ في عقل ولا شرع أن يمنع شيء لما يترتب عليه أو يلازمه من مضار ويسمح في الوقت نفسه بالوسائل التي يعلم أنها تتخذ طريقا إليه. وبهذا يتبين أن حكم الشريعة المرأة في انتخاب عضو البرلمان كحكمها في اختيارها لتكون عضوا فيه. كلاهما ممنوع. هذا - ويتبين للقارئ مما قدمنا أن الحكم في المسألة بشقيها على هذا الوجه لم ينظر فيه إلى شيء آخر وراء طبيعة هذين الأمرين. أما إذا نظرنا إلى ما يلازم عملية الانتخاب المعروفة والترشيح لعضوية البرلمان من مبدأ التفكير فيه إلى نهايته. فإننا نجد سلسلة من الاجتماعات والاختلاطات والأسفار للدعاية والمقابلات وما إلى ذلك مما تتعرض المرأة فيه لأنواع الشر والأذى، ويتعرض لها فيه أرباب القلوب المريضة الذين ترتاح أهواؤهم وتطمئن أنفسهم لمثل هذا الاختلاط بين الرجال والنساء. فهذه مواقف لا ينبغي للمرأة أن تزج بنفسها في معتركها غير المأمون، ويجب عليها أن تنأى بنفسها عنها حفظاً لكرامتها وصونا لسمعتها. وهذا واقع لا ينبغي إغفاله أو التغافل عنه، ويجب تقدير الأمور وتقرير الأحكام على أساسه، وقد تكفي هذه الإشارة في التنبيه إلى مضار الاختلاط في اجتماعات الرجال بالنساء. وآيات من الكتاب العزيز ترسم لنا الطرق الصالحة في التربية الاجتماعية والتهذيب الخلقي والأدب الديني الصحيح فعلينا أن نعتبر بها ونقيس بتعاليمها ما هو واقع في اجتماعاتنا لنعرف مدى قربنا أو بعدنا من هذه التعاليم: قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيماً} (الأحزاب:59). وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (النور:30-31). رمضان سنة 1371 يوليو سنة 1952 رئيس لجنة الفتوى: محمد عبدالفتاح العناني 8) قال الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد -حفظه الله-: فالقوامة والرياسة تكون للرجال عن النساء والمعروف أن البرلمان له ولاية على الوزراء ويمكنه إسقاط الحكومات فهل تتولاه النساء وهن للرجال مرؤوسات؟ وقد شبههن الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسيرات في قوله: [أنهن عوان بينكم]، ولقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في كثير من الأمور ولم يثبت أن أشرك في هذه المشاورات مع كثرتها امرأة واحدة قط لإبداء رأيها. ولقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم إمارة المدينة حينا توجه للحرب وكان ابن أم مكتوم رجلاً أمياً، ومع ذلك لم يول الرسول وقتذاك واحدة من النساء مع وجود أمهات المؤمنين ونساء الصحابة الفضليات. فلو كان لهن حق الولاية أو النيابة لكانت عائشة أولى من ابن أم مكتوم. (حقوق المرأة في الإسلام ص42). 10) قال الشيخ أبو الأعلى المودودي: في قوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} فالدرجة هي القوامة وهي ليست مقصورة على الحياة العائلية لأن قوامة الدولة أخطر شأنا من قوامة البيت ولأن النص القرآني لم يقيد هذه القوامة بالبيوت. (نظرية الإسلام وهديه ص319). وقال المودودي أيضاً: إن قوامة الرجال على النساء لا تقتصر على البيوت بدليل أنه لم يذكر البيوت في الآية، فهي إذن قوامة عامة على سائر البيوت كذلك، ثم إذا جعل الله قوامة على المرأة المفردة في بيتها فهل يظن بالله أن يجعل للمرأة قوامة على ملايين في حين أنه لم يجعلها لها على بيت هو بيتها. (تدوين الدستور الإسلامي 87-88). ويقول المودودي أيضاً: هل يعود الضمير في الآية {وأمرهم شورى بينهم} إلى الرجال وحدهم دون النساء؟ ألا يمكن أن يكون هذا الحكم شاملاً للنساء مع الرجال؟ الجواب: إن القرآن لا يعارض بعضه بعضاً، ولا تخالف آية منه آية أخرى بل هي تشرحها. فالقرآن الذي قيل فيه {وأمرهم شورى بينهم} جاء فيه نفسه {الرجال قوامون على النساء} وهكذا أوصد القرآن على النساء باب مجلس الشورى، وهو قوام على الأمة كلها. ومع ذلك لا يزال ما جرى عليه العمل في عهدي النبوة والخلافة الراشدة مائلاً لدينا وهو أوثق وسيلة لمعرفة لكيف نفهم وجهة القرآن، فلا نجد في كتب التاريخ ولا الحديث مثالا يشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الخلفاء الراشدين أشرك النساء في مجلس الشورى. (تدوين الدستور الإسلامي). وقال المودودي أيضاً في مقال طويل: قوله تعالى {الرجال قوامون على النساء}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] (رواه البخاري). هذان النصان يقطعان بأن المناصب الرئيسية في الدولة -رئاسة كانت أو وزارة أو عضوية في مجلس شورى أو إدارة مختلف مصالح الحكومة- لا تفوض إلى النساء. وبناء على ذلك مما يخالف النصوص الصريحة أن تنزل النساء تلك المنزلة في دستور الدولة الإسلامية، أو أن يترك فيه مجال لذلك، وارتكاب تلك المخالفة لا يجوز البتة لدولة قد رضيت لنفسها التقيد بإطاعة الله ورسوله. وهنا يسأل المعترضون: ما هي المبادئ الإسلامية التي تمنع عضوية النساء لمجلس الشورى؟ وما هي أحكام القرآن والسنة التي تخص الرجال وحدهم بعضوية هذه المجالس؟ وقبل أن نجيبهم على هذا السؤال، يلزمنا أن نبين حقيقة تلك المجالس التي قد جرى الكلام في استحقاق المرأة لعضويتها. إن تسمية هذه المجالس للتشريعية مما يوهم الناس أن وظيفتها سن القوانين فحسب. والمرء إذا توهم هذا الوهم الخاطئ ورأى أنه كانت النساء أيضاً في عهد الصحابة رضوان الله عليهم يتكلمن في مسائل القانون ويبحثن ويبدين آرائهن فيها؛ وكثيراً ما كان الخلفاء أنفسهم يستشيرونهن ويعتدون بهن، استغرب أن تحرم النساء اليوم من عضوية مثل تلك المجالس بحجة المبادئ الإسلامية. والحقيقة أن المجالس التي تدعى بمثل هذا الاسم في عصرنا هذا، ليست وظيفتها مجرد التشريع وسن القوانين، بل هي بالفعل تسير دفة السياسة في الدولة، فهي التي تؤلف الوزارات وتحلها؛ وتضع خطة الإدارة، وهي التي تقضي في أمور المال والاقتصاد، وبيدها تكون أزمة أمور الحرب والسلم. وبذلك كله لا تقوم هذه المجالس مقام الفقيه والمفتي، بل تقوم مقال (القوام) لجميع الدولة. هنا يجمل بنا أن نرجع إلى القرآن وننظر من ينزله هذه المنزلة في حياة الجماعة ومن لا ينزله، وهذا قول الله تعالى في سورة النساء: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (النساء:34). فأنت ترى أن الله تعالى يؤتي فيه الرجال مقام (القوام) بكلمات صريحة ويبين للنساء الصالحات مزيتين اثنتين: أولهما: أن يكن مطيعات، والأخرى: أن يكن حافظات لما يريد الله تعالى أن يحفظه في غيبة أزاوجهن. وقد يقول المعترض في هذا المقام: إن هذا الحكم إنما يتعلق بالحياة العائلية، لا بسياسة الدولة. فنقول: إن القرآن لم يقيد قوامية الرجال على النساء بالبيوت، ولم يأت بكلمة (في البيوت) في الآية، مما لا يمكن بدونه أن يحصر الحكم في دائرة الحياة العائلية. ثم هبنا نقبل منكم هذا القول، فنسألكم: آلتي لم يجعلها الله تعالى قواما في البيت بل قد وضعها في موضع القنوت إلى منزلة القوامة على جميع البيوت، أي على جميع الدولة؟ أمن شك في أن قوامة الدولة أخطر شأنا وأكثر مسئولية من قوامية البيت؟ فهل أنتم تظنون بالله أنه يجعل قواما داخل بيتها. ثم ارجع البصر في القرآن، إنه يحدد دائرة أعمال المرأة بهذه الكلمات الصريحة {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وعسى أن يعود المعترض فيقول: هذا الأمر إنما أمرت به نساء النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نسأله: هل كان بنساء النبي صلى الله عليه وسلم عجز دون سائر النساء لا يدعهن يقمن بالأمور خارج البيت. وهل تفوقهن سائر النساء بفضل في هذه الناحية؟ وإذا كانت جميع آيات القرآن بهذا الصدد مختصة بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فهل أذن الله لسائر المسلمات أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وأن يكلمن الرجال ويخضعن لهم بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض؟ وهل يرضى الله تعالى أن يكون في بيت كل مسلم غير بيت النبي صلى الله عليه وسلم مدنسا بالرجس؟ ثم هيا بنا إلى الحديث. وهنا نجد هذه الأقوال الواضحة للنبي صلى الله عليه وسلم: [إذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاؤكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير من ظهرها] (رواه الترمذي). وعن أبي بكرة لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] (رواه البخاري وأحمد والنسائي والترمذي). هذان الحديثان جاء كلاهما يفسر قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء} تفسيراً سديدا يصيب المحز ويطبق المفصل، ويتجلى منهما أن السياسة والحكم خارجان عن دائرة أعمال المرأة. وأما السؤال: ما هي إذن دائرة أعمال المرأة؟ فتجيب عنه هذه الأقوال الكريمة للنبي صلى الله عليه وسلم بالصراحة والوضوح: [والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم] (رواه أبو داود). وهذا هو التفسير الصحيح للآية {وقرن في بيوتكن} وتفسرها بعد ذلك هذه الأحاديث التي جاءت تعفي المرأة من معالجة ما هو دون السياسة والحكم والأمور والواجبات خارج البيت: [الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض] (رواه أبو داود). وعن أم عطية قالت: نهينا عن اتباع الجنائز (رواه البخاري). المكتبة السلفية والله من وراء القصد |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيك أخي ... ذو النون ... وجزاك عن نقلك هذا بالجنان ... اجدت في النقل والتوضيح ... أسأل الله أن ينفع به الجمــــيع ... حفظك الله أختك بنت نجد
|
#5
|
|||
|
|||
جزاك الله خير امين
|
#6
|
||||
|
||||
بارك الله فيك ،، ونفع بك
وجزاك الله خيرا |
#7
|
||||
|
||||
بارك الله فيك .. ونفع بك
وجزاك الله خيرا
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |