25-05-04, 07:12 PM
|
|
|
آداب العطاس
آداب العطاس
الشيخ محمد صالح المنجد
سنتحدث اليوم عن أدبٍ عظيمٍ من الآداب التي جاءت به هذه الشريعة ألا وهو أدبُ العُطَاسِ وقد ورد عدد من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع العطاس وذكر الأئمة رحمهم الله هذا الموضوع في كتاب الأدب في كتبهم المصّنفة كما ذكره البخاري رحمه الله فقال في كتاب الأدب باب الحمد للعاطس عن أنسِ ابن مالك رضي الله عنه قال : عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمّت أحدهما ولم يشمّت الآخر فقيل له ؟ فقال هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله . وعن البراء رضي الله عنه قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبعٍ ونهانا عن سبع 0 أمرنا بعيادة المريض وإتباع الجِنازة وتشميت العاطس وإجابة الداعي ورد السلام ونصر المظلوم وإضرار المختن ونهانا عن خاتم الذهب أوحلقة الذهب وعن ُلبْسِ الحرير والديباج والسُندس والمياسك ثم قال باب ما يستحب من العطاس ومايكره من التثاؤب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فاذا عطس أحدكم فحمد الله فحقٌ على كل مسلم سمعه أن يشمته وأمّا التثاؤب فانه من الشيطان فليرده ماستطاع فاذا قال ها ضحك منه الشيطان وقال رحمه الله إذا عطس كيف يشمت ؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا عَطَس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله فاذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم وقال رحمه الله باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله وذكر فيه حديث سليمان التيمي قال سمعت أنس رضي الله عنه يقول عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقال رجل يا رسول الله شمّت هذا ولم تشمتني قال انّ هذا حمِد الله ولم تحمدِ الله وذكر مسلم رحمه الله في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، حديث معاوية بن حكم السُلمي الذي يتعلق أيضاً بموضوع العُطاس في الصلاة قال بين أنا أُصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبْصَارِهم فقلت واثكلى أُمِيّه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخادهم فلمّا رأيتهم يصمّتونني لكني سكت (كدت أردّ عليهم لكنّي كظمت غيظي) وسكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً أحسن تعليما منه قبله ولا بعده فوالله ما نهرني ولا ضربني ...... الحديث . وكذلك من الأحاديث التي ساقها الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في كتاب الزهد والرقائق حديث أبي بُردة قال دخلت على أبي موسى وهو في بيتِ بنْتِ الفضل ابن عباس فعطست ُ فلم يشمتني وعطست فشمتها فرجعت الى أمي فأخبرتها فلما جاءها قالت عطس عندك ابني فلم تشمته وعطست فشمّتها فقال ان ابنك عطس فلم يحمد الله فلم أشمته وعطَسَت فحمدت الله فشمتها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عطس أحدُكم فحمدِ الله فشمتوه فانْ لم يحمد الله فلا تشمتوه ، وكذلك ذكر حديث إلياسَ بنَ سلََمة ابن الأكوع أن أباه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس رجلٌ عنده فقال له يرحمك الله ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم ظاهر رواية مسلم أنه قالها في المرة الثانية وسيأتي في السنن أنه قالها بعد ثلاث أما في سنن أبي داود فقد روى في كتاب الصلاة مما يتعلق بالعطاس في الصلاة حديثَ معاذَ بنِ رِفَاعَة بن رافع عن أبيه قال صليتُ خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رِفاعةُ فقلت ( الحمد لله حمدا كثيرا طيباً مباركاً عليه كما يحب ربُنا ويرضى ) فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة ثم ذكر الحديث وفي رواية عن أبي داود أيضا عطس شابٌّ من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال ( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه حتى يرضى ربنا وبعدما يرضى من أمر الدنيا والآخرة ) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من القائل الكلمة قال فسكت الشاب ثم قال من القائل الكلمة فانّه لم يقل بأساً فقال يا رسول الله أنا قلتها لم أُرد بها الاّ خيراً قال ماتناءت دون حول عرش الرحمان تبارك وتعالى وروى أبو داود رحمه الله تعالى كذلك حديث معاوية بن حكم ا لسُلمي الذي رواه مسلم قال: لمّا قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم علِمتُ أمورا من أمور الإسلام فكان فيما علمت ُ أن قال لي إذا عطست فحْمدِ الله واذا عطس العاطسُ فحمِدَ اللهَ فقل يرحمك الله ، هذا معاوية بن حكم السلمي رجلٌ يسكنُ في البادية فجاء الى المدينة وأسلمَ وتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أشياء من الإسلام من هذه الأشياء أن العاطس إذا حمد الله يشمّت ثم أنه لما تعلم هذا الأمر قال فبينما أنا قائم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجلٌ في الصلاة فحمد الله فقلت يرحمك الله رافعاً بها صوتي فرماني الناسُ بأبْصَارِهم حتى احتملني ذلك ( وجد في نفسه من هذا النظر والعُبُوس ) فقلت مالكم تنظرون اليّ بأعين شُزْرٍ، قال فسبحوا ( أي يسكتوه بالتسبيح ) فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من المتكلم قيل هذا الأعرابي ، عنْونَ عليه أبو داود باب تشميت العاطس في الصلاة . وايضاً مما رواه أبو داود في سننه حديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عطس وضع يدهُ أو ثوبه على فيه وغضّ بها صوتَه بأي شىء( أيّ بيده) 0 ومن الصيغ التي تقال في تشميت العاطس بخلاف ما ورد ( الحمدُ لله – يرحمك الله ) مارواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه وهو حديث صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا عطس أحدُكم فليقل الحمدُ لله على كل حال وليقل أخوه أو صاحبه يرحمك الله ويقول هو يهديكم الله ويصلح بالكم ، وروى كذلك أبو داود في سننه في باب كم مرة يُشَمّت العاطس ؟ حديث عبيدة بنت عبيدٍ بن رِفاعة الزُرَفِيّ عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تشمت العاطس ثلاثاً فانْ شئتَ أنْ تشمته فشمته وإنْ شئت فكفّ ولكنّ هذا الحديث ضعيف ، وروى كذلك رحمه الله ماذا يُقال لأهل الكتاب أم الكفار إذا عطسوا ؟ روى حديث أبي بُردة عن أبيه قال كانت اليهود تَعاطسُ عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاءَ أن يقول لها يرحمكم الله ، فكان يقول يهديكم الله ويصلحُ بَاَلكم وهو حديثٌ صحيح فإذا عطس الكافر فلا يُتَرَحّم عليه وإنّما يقال يهديكم اللهُ ويصلحُ بَالكم ، هذا ما يتعلق بالعطاس من سنن أبي داود ، وأما الترمذي رحمه الله فانه قد ذكر في العطاس أحاديث ، ممّا ذكره حديث الرجل الذي عطس في الصلاة فقال الحمد لله حمداً كثيرا ) قال الترمذي رحمه الله حديث رفاعة حديث حسن وكأن هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع لأن غير واحد من التابعين قالوا إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنّما يحمد الله في نفسه ولم يوسعوا في أكثر من ذلك هذ ا رأي الترمذي رحمه الله الذي نقله عن بعض التابعين والرواية رواية معاذ عن أ بيه التي رواها الترمذي قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى ) فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف وقال من المتكلم في الصلاة ؟ فلم يكلمه أحد ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة ؟ فقال رفاعة بن رافع العفراء أنا يا رسول الله فقال كيف ؟ قلت قال قلت ( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً علي كما يحب ربُّنا ويرضى ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكاً أيّهم يصعدُ بها وعنْونَ عليه النّسائي رحمه الله قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، وذكرنا قول الترمذي في هذا الحديث أنّه حديثٌ حسن وأن هذا في صلاة التطوع ، كذلك فان الترمذي رحمه الله ذكر فوائد في سننه في هذا الموضوع قال كرهوا أهل العلم للرجل أن يتكلم والإمام يخطب وقالوا إن تكلم غيره فلا ينكر عليه الاّ بالإشارة كما يفعل عمر يضع اصبعه على شفتيه لا يقول له أنصت حتّى لا يُخطأ مثله ، واختلفوا في ردّ السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب فرخّص بعض أهل العلم في تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب وهو قول أحمد وإسحاق وكره بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم ذلك وهو قول الشافعي رحمه الله هذا الكلام حكاه الترمذي رحمه الله ، وروى أبو داود رحمه الله في كتاب الأدب من حديث هلال ابن يسار قال كنا مع سالم ابن عبيد فعطس رجلٌ من القوم فقال السلام عليكم فقال سالم وعليك وعلى أمك ثم قال بعده لعلك وجدت مما قلت لك ، قال لو وددت ألاّ تذكر أمي بخير ولا شر قال إنّما قلت لك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّا بين نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقال السلام عليكم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وعليك وعلى أمك ثم قال إذا عطس أحدكم فليحمدِ الله قال فذكر بعض المَحَامِد ، وليقل له من عنده يرحمك الله وليرُدّ عليهم يغفر اللهُ لنا ولكم ، وكذلك فانّ الترمذي رحمه الله روى في كتاب الأدب من سننه عن نافع أن رجلاً عطس الى جنب ابن عمرفقال الحمد لله والسلام على رسول الله ، قال ابن عمر وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من حديث زياد ابن الربيع 0 وأما ابن ماجة رحمه الله تعالى فانه ذكر في سننه حديثاً يتعلق بالعطاس لكن في باب آخر في كتاب الفرائض ، ذكر حديث جابر بن عبد الله .......قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يرثُ الصبيُ حتّى يستهلّ صارخاً ، قال واستهلاله أن يبكي ويصيح أو يعطس ) متى الصبي يرث ؟ إذا أصدر صوتاً يعبّر عن حياته بالعطاس أوالصياح أوالبكاء 0 وأيضًا مما يذكر في موضوع العطاس من أحاديث : حديث خلق آدم فانّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح الذي رواه ابن حبّان والحاكم : لمّا نُفخ في آدم الروح مارَتْ وطارَتْ فصارَتْ في رأسه فعطس فقال الحمد لله رب العالمين ، فقال الله 'يرحمك الله' . وقد روى الترمذي هذا الحديث في كتاب تفسير القرآن عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله ، فحمد اللهُ باذنه فقال له ربُّه يرحمك الله يا آدم، اذهب الى أُولائك الملائكة الى ملأٍ منهم جلوس فقل السلام عليكم ، قالوا وعليك السلام ورحمة الله ، ثم رجع الى ربه فقال إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم ، الى آخر الحديث. نشرع الآن في شرح الأحاديث وما يتعلق بأداب العطاس: فقوله صلى الله عليه وسلم فليحمد الله للعاطس فهذا يدل على وجوب ذلك فإذا ما حمد الله يأثم لكن النووي نقل بالإتفاق على الإستحباب ولكن الأحوط للإنسان المسلم أن لا يترك ذلك ابداً. وأما المسألة اللأخرى ماذا يقول العاطس؟ الحمد لله ، وورد في رواية أخرى الحمد لله على كل حال وورد في روايةٍ أخرى الحمدُ لله رب العالمين وكل هذه الأحاديث صحيحة ماهي أفضل هذه الصيغ ؟ قال بعضهم انّ الحمد لله رب العالمين أفضل وقال بعضهم الحمد لله على كل حال أفضل لأنها أعم وقال بعضهم ان الصيغة الواردة في الصلاة ( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى ) قالوا هذه دالة على أفضلية هذه العبارة 0 على كل حال نقول هو مخيّر بين العبارات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنْ قال هذا تارة وهذا تارة وهذا تارة فلعله فقد أصاب السنة إنشاء الله، واذا عطس في الصلاة فقال كما قال الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك فهذا أمر محمود. لكن هناك أشياء غير مقبولة كأن يقول الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله لأن ليس هذا موضعها هذا ذكر من الأذكار، والأذكلر توقيفية فاذا أضاف الإنسان أشياء من عنده وتركيبات لم ترد في الشريعة فيكون مبتدعا ولذلك نلتزم بالسنة ونأتي بما ورد في السنة، وقد جاء أيضا عند البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن مجاهد أن ابن عمر سمع ابنه عطس فقال أب فقال وما أب؟ ان الشيطان جعلها بين العطسة والحمد، وفي رواية ابن شيبة أش أوأُش بدل أب، فليحرص المسلم ألآّ يصدر أصوات بعد العطاس، كذلك بعضهم يقول عبارات أخرى أو أدعية أخرى فان السنة التقيد بالسنة . بالنسبة لتشميت العاطس ورد بلفظ فشمّت أوسمّت أو شمّت .أو سمّتَ بالشين والسين ومعناهما متقارب ، شمّت وسمّت التشميت والتسميت المقصود التنبيه على هذه حتى لا يظن البعض أنها خطأ مطبعي فيضيف نقاط على السين إذا رآها في بعض الكتب فالسمت هو : القصد والطريق القويم والتشميت : التبريك ، العرب عندهم معنى شمته: دعا له بالبركة وشمت عليه إذا برك عليه وجاء في حديث علي وفاطمة شمّت عليهما أي دعا لهما بالبركة وقيل أن التسميت أفصح وعلى أية حال كلاهما بمعنى ، فما وجه قولنا للعاطس يرحمك الله إذا عطس؟ قال أهل العلم إن العاطس إذا عطس ربما ينحل كل عقدِ من رأسه وما اتصل من العنق يعني وضعية العطاس وضعية فيها خطورة حتّى أن بعضهم قال أنه لا تبقى عضلة في الإنسان إذا عطس إلاّ وتحركت فاذا قلنا له يرحمك الله كان هذا معناه أعطاه الله رحمة يرجع به كل عضو من الأعضاء التي تحركت الى موضعها ويبقى على حاله من غير تغير فرحمة الله صونه لهذا العبد العاطس في رجوعه الى حال الإعتدال وكذلك فإنه في اللغة الشوامت معناها القوائم فكأن التشميت أن يعود الى قوامه الذي كان عليه وأمّا بالنسبة لحال الشخص الذي لم يحمد الله فإنه لايشمت وقد جاء في الحديث أن هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت الله فنسيتك والنسيان في اللغة يطلق على الترك ، الحمد للعاطس مناسبته واضحة يحمد الله أن دفع عنه الأذى وأذهب عنه الضرر وأعاده الى حاله وهذه نعمة والنعم تقابل بالحمد ، خروج الضرر نعمة وعودته الى حاله نعمة ولذلك يقول الحمد لله أنه ردني الى صحتي وعافيتي . ومن آداب العاطس أنه يخفض صوته بالعطاس ويرفع صوته بالحمد وأن يغطي وجهه كما ورد في الحديث السابق ذكره حتّى لايخرج من فمه أو أنفه ما يؤذي الناس من جلساءه وقال بعض العلماء إنه لا يلتفت يمينا ولا شمالاًا لأنه لو لوّى العنق وعطس تضرر وهذا مجرب ومن فوائد تشميت العاطس وقول يرحمك الله له حصول المودة والتآلف بين المسلمين وعندما نقول له يرحمك الله ففيها تأديب له بكسر نفسه عن الكبر وحمله على التواضع لأن ذكر الرحمة يقترن بالذنب الذي لايعرى عنه العاطس ولا غيره فعندما نقول يرحمك الله نذكره بأنه مذنب وأنه يتواضع لله سبحانه وتعالى ونكسر كبرياءه بإشعاره بالحاجة الى رحمة ربه وفيه نفعٌ له بالدعاء له بالرحمة وهذا من محاسن دين الإسلام أنه حتى الحركات بالطبعية النفسية الجسدية التي تصدر من الشخص حتى هذه الحركات لها آداب ولها أذكار ولننظر الى محاسن هذه الشريعة وجمالها عندما تأتي بهذا التكامل وبهذا الترابط بين المسلمين إذا عطس رجلٌ بجانبك تقول له يرحمك الله و لو لم تكن تعرفه ولم يكن بينك وبينه معرفة تدعو لشخص ليس بينك وبينه معرفة وبالنسبة لحكم التشميت ماحكم التشميت أن نقول للرجل يرحمك الله الحديث إذا عطس فحمد الله فشمّته هذا في حق المسلم على المسلم وفي رواية خمس تجب للمسلم على المسلم فنستفيد من من لفظة تجب للمسلم على المسلم أن تشميت العاطس واجب وقولنا له يرحمك الله واجب وقال بعض العلماء إنها فرض على الكفاية إذا شمّت واحد أغنى عن الجماعة لكن النص حقٌ على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله يدفع هذا لا يمكن أن يتوافق اذن في هناك فرق بين رد السلام ورد العطاس رد السلام يكفي إذا رد واحد أجزأ عن بقية الجماعة لكن رد العطاس واجب على كل واحد سمعه أن يقول له يرحمك الله لهذا الحديث فإذن الراجح وجوب تشميت العاطس لكن وجوب التشميت مقيد بإذا حمد الله فإذا لم يحمد الله ما وجب التشميت بل لم يشرع أصلاً بل إن المشروع خلافه وهو عدم التشميت إذا لم يحمد الله وهذا الذي فعله صلى الله عليه وسلم ، بالنسبة للكفار إذا عطسوا مانشمتهم ولو قالوا الحمد الله لا أهل الذمة ولا غيرهم وإنما نقول لهم يهديكم الله ويصلح بالكم وهذا يمكن أن يعتبر تشميتا مخصوصا للكفرة نقول يهديكم الله ندعوا لهم بالهداية ويصلح بالكم ماهو البال ؟ الشأن فأنت تدعو الله له أن يصلح شأنه وأي شىء أعظم من اصلاح شأنه بدخوله في الإسلام وهدايته لكن المسلمين أهل للدعاء لهم بالرحمة بخلاف الكفرة . هل هناك استثناءات من التشميت ؟ ( أحوال لا نشمت فيها ) 1- إذا لم يحمد الله لا نشمته 2- إذا كان كافرا لا نشمته 3- المزكوم إذا تكرر منه العطاس فزاد عن الثلاث قال بعض العلماء المزكوم إذا زاد عطاسه عن الثلاث ما نشمته بعد الثالثة كما ورد في الحديث وقد جاء عن أبي هريرة أن يشمته الواحدة واثنتين وثلاثة وما كان بعد ذلك فهو زكام وجاء كذلك في الحديث الصحيح أنه قال شمّت أخاك ثلاثا فما زاد فإنما هي نزلة أو زكام فإذن بعد الثالثة لا نشمت ، بعض العلماء قالوا نشمِّت مادام يحمد الله نشمِّت حتى لو عطس مرات كثيرة والشيخ عبد العزيز رحمة الله عليه قال لم يُنهى عن تشميته بعد الثلاث وعلى أية حال المزكوم بعد العطسة الثالثة أو الذي فيه حساسية إذا عطس أكثر من ثلاث مرات فإنه يُدعى له بالعافية يقال له عُوفيت طبعا ليس في هذا حديث صحيح لكن بما أنه أخبر أنه مزكوم أو به داء فالمناسب أن يُدعى له بالعافية بعد تشميته ثلاث مرات فإذا عطس الرابعة يقال له عوفيت 4- إذا دُعي للعاطس بالعافية فهل يقول العاطس شيئا ؟ يقول عافانا الله وإيّاك وهو مأخوذ من قول ابن عمر وهل يكون مستحبا أو مباحا فإن قلنا أن الدعاء له مستحب فكذلك الإجابة 5- إذا عطس والإمام يخطب أنه لا يشمت وهذا رأي الامام الشافعي كما تقدم، طيب إذا عطس الإمام وقال الحمد لله فإن سكت بعدما قال الحمد لله شمتناه وإن واصل الكلام شمتناه في أنفسنا حتى لا نتكلم وهو يخطب لكن العاطس في المسجد يحمد الله في نفسه ولا يشمته أحد من الحاضرين والإمام يخطب فإن شمته بين الخطبتين لما سكت الامام أو بعد نزوله من الممبر فلا بأس بذلك وكذلك إذا كان المصلي يصلي فعطس فلا نقول له يرحمك الله ولو سمعته بجانبك يحمد الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى معاوية بن الحكم عن ذلك فإنه قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها من كلام الناس وأنت لمّا تقول له يرحمك الله تخاطبه مخاطبة إذن لا تشمِّت وأنت في الصلاة رجلٌ عطس سواء كان في صلاته أم خارج الصلاة وبالنسبة لحمد الله للمصلي إذا عطس ورد أنه يحمد الله كما دل حديث الشاب لكن قال بعض العلماء يشترط أن يكون ذلك في صلاة النافلة وقال بعضهم عام ولكن يشترط أن لا يكون في الفاتحة حتى لا يقطع الفاتحة بالحمد وتسلسل الآيات فيها لفرضيتها ووجوبها 6- إذا عطس وهو في بيت الخلاء قالوا لو قال الحمد لله لا نشمته لأن قولته الحمد لله خطأ لا تتابعه على خطأه ولا تشمته وهو مخطا في حمده لله وذكره لله في بيت الخلاء ( مكان قضاء الحاجة 7- إذا تتابع العطاس عطس الواحدة وأثنتين وثلاث وراء بعض ثم قال الحمد لله مرة واحدة ماذا نقول له ؟ يرحمك الله، طيب إذا عطس ثلاث مرات ثم قال الحمد لله الحمد لله الحمد لله ذكر ابن الحجر رحمه الله قال في فوائد بعض الأحاديث في صحيح البخاري و يستفاد منه مشروعية تشميت العاطس ما لم يزد عن ثلاث إذا حمد الله سواء تتابع عطاسه أم لا فلو تتابع ولم يحمد لغلبة العطاس عليه ثم كرر الحمد بعدد العطاس فهل يشمت بعدد الحمد فيه نظر وظاهر الخبر نعم 8- من المسائل أيضا لو أن العاطس عطس وأنت لا تدري حمد الله أم لا فعندنا ثلاث حالات أن تدري أنه حمد الله فتشمته - أن تدري أنه لم يحمد الله فلا تشمته لكن هل تُذكِّره الجواب قال بعض العلماء يذكر وقال بعضهم لا يذكر ورأي ابن القيم رحمه الله قال في العاطس إذا ترك العاطس الحمد هل يستحب لمن حضره أن يذكره الحمد قال ابن العربي لا يذكره وهذا جهلٌ من فاعله وقال النووي أخطأ من زعم ذلك يذكره لأنه من الأمر بالمعروف والتعاون على التقوى وقال ابن القيم وظاهر السنة تقوي قول ابن العربي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشمت الذي لم يحمد الله ولم يذكره وهذا تعزير له وحرمان له بتركه الحمد فنسي الله تعالى فصرف قلوب المؤمنين والسنتهم عن تشميته والدعاء له ولو كان تذكيره سنة لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بفعلها وتعليمها والإعانة عليها هذا رأي ابن القيم في المسألة الثالث أنك لا تدري حمد الله أم لا في هذه الحالة فإن قال له بعض الحاضرون يرحمك الله وكان هؤلاء الحاضرون من طلبة العلم ليس من الجهلة لأن الجهلة ممكن أن يقولون له يرحمك الله حمد أو لم يحمد إذن الجهلة لا يستدل بحالهم لكن لو كان هناك من طلبة العلم أو ناس يعرفون السنة شمتوه كان ذلك دليل على أنه حمد الله ففي هذه الحالة تشمته وهناك حلٌ آخر وهو مارواه البخاري في الأدب المفرد كنت على جنب ابن عمر فعطس رجل من ناحية المسجد بعيد فقال ابن عمر يرحمك الله ان كنت حمدت الله فالأصل إذا سمعنا نشمت وإن لم نسمع لا نشمت هذا الأصل من الأشياء الرد الذي يقوله العاطس للمشمت يهديكم الله ويصلح بالكم هل وردت ألفاظ أخرى جاء في الأدب المفرد بسند صحيح عن أبي جمرة سمعت ابن عباس إذا شُمّت يقول عافاناالله وإياكم من الناريرحمكم الله وفي الموطأ عن نافع ابن عمر أنه كان إذا عطس فقيل له يرحمك الله يقول يرحمنا الله وإياكم ويغفر الله لنا ولكم فإذن السنة أن تقول يهديكم الله ويصلح بالكم ولو دعوت له بالرحمة فقد ورد ذلك عن الصحابة وقد جاء في حديث وليقل يغفر الله لنا ولكم فإذن الشخص في الرد مخير . فائدة لأبي داود رحمه الله في مسألة اذا عطس شخص وحمد ولم يشمته أحد فسمعه من بعُد عنه (واحد من بعيد عطس وحمد وسمعه من بعد عنه وليس عند ذلك العاطس شخص يشمته) أنّ ابو داود كان في السفينة وسمع عاطس على الشاطى حمد الله ولم يكن عنده أحد يشمته فاستأجر قارب بدرهم حتّى جاء إلى العاطس فشمته فسُئل ما الذي حملك على ما صنعت وتكلّفت واستأجرت قارب وذهبت فقال لعله يكون مجاب الدعوة فيقول لي يغفر الله لنا ولكم أو يهديكم الله ويصلح بالكم فأستفيد فلمّا رقدوا سمعوا قائلا يقول يا أهل السفينة إنّ أبا داود اشترى من الله الجنّة بدرهم جوّد اسناده الحجر رحمة الله علبه بالنسبة لتشميت المرأة الأجنبية قال ابن المفلح رحمه الله في الآداب الشرعية قال ابن تميم لا يشمت الرجل الشابة ولا تشمته وقال في الرعاية الكبرى للرجل أن يشمت إمرأة أجنبية وقيل عجوزاً ولا تشمته هي وقيل لا يشمتها وذكروا قصة عن أحمد أنه كان عند رجل العباس فعطست إمرأة أحمد فقال العابد يرحمك الله فقال أحمد رحمها الله عابد جاهل وقال حرب قلت لأحمد الرجل يشمت المرأة إذا عطست فقال إن اراد أن يستنطقها أي يسمع كلامها فلا لأن الكلام فتنة وان لم يرد ذلك فلا بأس أن يشمتهن فإذن هناك من فرق بين الشابة والعجوز قال العجوزتشمتها لأنها سترد عليك ولا تُشتهى ولا يطمعُ فيها أمّا الشابة فلا وبعضهم قال إذا قصد المشمت سماع كلامها هذه مسألة تتعلق بالنيات فلا يجوز له أن يشمتها وإذا لم يقصد ذلك فلا بأس وهي عليها أن تنتبه كذلك إن شمتها رجل أجنبي ألاّ ترفع صوتها إذا كانت إمرأة شابة أو تخشى أن يُفتن بصوتها 0 ماذا كان يعتقد العرب في العطاس ؟ قال ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة : ومما كان يعتقد الجاهلية في العطاس كانوا يتطيرون ويتشاءموا من العطاس فكانوا إذا عطس من يحبونه قالوا له عمراً وشباباً، وإذا عطس من يكرهونه قالوا وراً وقحاباً ( الورِي داءٌ يُصيب الكبد – والقحاب سعال وزنا ومعنى ) فكأنهم يدعون عليه، وكان الرجل اذا سمع عطاسا تشاءم به يقول بك لابي أي أسأل الله أن يجعل شؤم عطاسك بك أنت لابي أنا ، وكانوا أيضا يتشاءمون بالعطسة الشديدة حيث يُحكى عن بعض الملوك أن مسامراً له عطس عطسة شديدة رعته ( أخافته ) فغضب الملك فقال سميره والله ما تعمدت ذلك ولكن هذا عطاسي فقال : والله إن لم تأتي بما يشهد لك بذلك لأقتلنك فقال : أخرجني إلى الناس لعلي أجد من يشهد لي فأُخرج فوجد رجلاً فقال ناشدتك بالله إن كنت سمعت عطاسي يوماً فلعلك تشهد لي به عند الملك فقال نعم أنا أشهد لك فنهض معه فقال أيها الملك أنا أشهد أنّ هذا الرجل يوماً عطس فطار ضرس من أضراسي فقال له الملك : عد الى حديثك ومجلسك، فلمّا جاء الإسلام يقول ابن القيم وابطل برسوله ما كان عليه الجاهلية الطغاة من الضلال والأثام نهى أمته عن التشاؤم وشرع لهم أن يجعلوا من الدعاء على العاطس بالمكروه دعاءً له بالرحمة وأمر العاطس أن يدعو لسامعه ومشمته بالمغفرة والهداية وإصلاح البَال فيقول يغفر اللهُ لنا ولكم أو يهديكم الله ويصلح بالكم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد
|
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
