أن يخسر المنتخب السعودي على أرضه فهو أمرٍ وارد ، وأن يخسر من استراليا فهذا ليس بالبعيد عن المنطقية الكروية ، وأن تكون الخسارة 1-3 فهي كرة القدم .. لكن أن لا يقدم ما يؤكد رغبة لاعبيه الحقيقية في مقارعة الكانجارو الأسترالي، فهذا ما نتوقف عنده ويجعلنا نراجع سوياً فلسفة لعب كرة القدم، لعلنا نذكر بها هذا المنتخب الذي يشهد دعماً جماهيرياً ومادياً قد يكون الأكبر في القارة الصفراء، وتعلق عليه الكرة العربية الأسيوية أمالاً كبيرة ليكون ممثلاً لها في المونديال المقبل بالبرازيل 2014 :
يتعلق جوهر اللعبة وغايتها بإحراز الأهداف، فاللاعبون يبذلون قصارى جهدهم هجومياً لخلق فرص التهديف، ومثله دفاعياً لإجهاض فرص المنافس .. حتى المشجعون يطلقون العنان لحناجرهم لحقن اللاعبين بجرعات الحماس ورفع معدل الدافع لإحراز الأهداف، وفي النهاية يكون مستقبل المدربين واللاعبين مرتبط تماماً بعدد وفاعلية هذه الأهداف .
اللقاء الذي دارت أحداثة بإستاد الأمير محمد بن فهد بالدمام مساء أمس الثلاثاء، وقابل جمهور الأخضر أحداثه الدرامية ببعض الشغب غير المسبوق في الملاعب السعودية .. كشف الغطاء عن السلبيات التي تنخر كالسوس في جسد الكرة السعودية منذ سنوات دون أن يعترف البعض المؤثر بها.
البداية والغرض
مع اللحظات الأولى للقاء، تحصل المنتخب السعودي على فرصة المبادرة والاستحواذ على الكرة ، لكنه لم يستغل ذلك ليعلن عن منهجيته ويوجه رسالة الردع الكروي لإرهاب المنتخب الاسترالي من خلال تنفيذ الضغط المبكر عنوانه " ألعب اليوم للفوز " .. لكن ما حدث في هذه الدقائق كان مغايراً تماماً للهدف من خطف المبادرة ، فكشف عن عدم الجاهزية الاستراتيجية والنفسية والتكتيكية وأيضاً السمات الشخصية، للاعبين المنوط بهم الاقتراب من مناطق خلق فرص التهديف والتي هي غاية لعب مباراة في كرة القدم .
في المقابل ، وعندما التقط المنتخب الاسترالي المبادرة .. على الفور وجه رسالته شديدة اللهجة لأفراد الأخضر، عنوانها " الثقة " من خلال تطبيق منهج الاستحواذ على الكرة في المربعات المختلفة من الملعب دون عصبية " تشتيت" وتناقلها من قدم لأخر ، فجعلوا لاعبي الأخضر هم من يبحث عن الكرة ويركض خلف ظلها ، فانقلبت موازين القوى حتى ظن البعض أن المباراة تقام في العاصمة الاسترالية كانبيرا .