العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#141
|
|||
|
|||
ســـــــــــــــيؤن 1934 تأليف: فريا ستارك هنا الوادي عريض وقليل العمق. وعلى جانبه الأيمن، عند مدخل وادي جثمة الصغير، وسط النخيل، تربض ســــــــــيؤن.ترجمة: د. مسعود عمشوش اخترقنا بساتين المدينة المليئة بالطيور، والمحاطة بالأسوار المرتفعة. ودلنا بعض الناس على موقع "فيلا عزالدين" التي يسكنها السلطان في أثناء أشهر الصيف الحارة، والتي من المقرر أن أقيم فيها. من البوابة الخارجية للفيلا دخلنا إلى حوش أبيض محاط برواق مقنطر تقودنا من وسطه بضع درجات إلى الطابق الأول. وأمام المبنى هناك بركة ذات حواف بيضاء وماء أخضر يصدر هسيسا رقيقا. ومن المبنى الرئيسي يقودنا رواق إلى ملحق ذي طابق واحد مكون من صالون وغرفة نوم، وقد طلي بالجير الأبيض (النورة). وكان سعف النخيل الأخضر يلامس جدران المبنى ونوافذه من الخارج. أما في الداخل، فقد كانت الغرف جميعها بيضاء وتحتوي على أثاث فاخر: صوفا وكراسي موشاة بالمخمل ومرصوصة بشكل دائرة، وطاولات صغيرة. وتحتوي غرفة النوم على ناموسية وردية اللون ومخدات ناعمة ووردية هي أيضا. لقد كانت "فيلا عزالدين" مرفأ السلامة. رواق عزالدين (2002) وابن السلطان علي بن منصور سيؤن ... إنها ألطف المدن حقاً. لا أملُّ إطلاقا المشي على مهل في أزقتها المغلقة بين بيوتها البيضاء والبنية، التي تتفرج من فتحات نوافذها المرتفعة المعلقة في الجدران المائلة على الشوارع الترابية،الصامتة، غير المعبدة والخالية إلا من بضع نساء يجرجرن أطراف جلابيبهن الزرقاء أمام الأبواب المزخرفة، وعدد قليل من جمال البدو التي تلامس بحمالها أركان البيوت الطينية. في سيؤن تتميّز المنازل بالزخارف الرفيعة والمتنوعة، وبنوافذها ذات المشربيات الصغيرة التي تشبه زوائد الحماية التي تضاف للقصور القديمة بهدف سكب الزيت الحار فوق المهاجمين. لكنها تستخدم هنا لأغراض سلمية تكمن في السماح للنساء بالتفرج على ما يدور في الخارج دون أن يشاهدهن أحد. وعادة يوجد للنساء مدخل خاص ومتواضع يقع بجانب المدخل الرئيسي للبيت. وهناك كثير من الطرقات الهادئة والمشمسة في سيؤن: وفي كل منها مسجد أبيض وسقاية مزخرفة تظللها نخلة أو نخلتان. بالإضافة إلى ذلك، مجاري سيؤن كلها مغطاة، وتصب في بلاليع مغطاة هي الأخرى، وهذا يجعلك تتمشّى في طرقات سيؤن دون أن تقلق على صحتك. وسيؤن فضلاً عن نظافتها مدينة مريحة، وفيها جامع شيّد وفقا للأعراف القديمة، حيث توجد به سبعة صفوف من الدعامات. ومثلما هو الحال في تخطيط أي مدينة إقطاعية، تحتوي سيؤن على سوق وقصر للسلطان ومقبرة في وسط المدينة. وفي يوم التسوّق ينتصب قصر السلطان بأبراجه الأربعة فوق بحر من الجمال وبائعي الغنم والحمير والسلال المصنوعة من خوص النخل، وبائعي الخضار المتقرفصين على قارعة الطريق، وكذلك باعة الملح والمسامير والأحذية، والنساء اللاتي يلبسن قبعات طويلة ويبعن الشالات الصوفية. وفي فترة إقامتي في سيؤن، عندما أصبح بإمكاني المشي، رافقني اثنان من العبيد كان عليهما أن يستخدما عصا من سعف النخيل أو مؤخرة البندقية ليزيحا من طريقي الحشود التي كانت تتجمع حولي والتي لم يسبق لها أن رأت "افرنجيه"، إذ أن انجرامس وزوجته لم يتوقفا في سيؤن. ثم صعدت قصر السلطان بطوابقه الكثيرة، لكي أزور "الحريم". وقد وجدت نساء السلطان ودودات ومرحات، ويلبسن بالطريقة الحضرمية، ولكن مع إضافة شيء من الأناقة الهندية في الملابس الحريرية المطرزة والمزركشة. ومن الواضح أيضاً أن بعض نساء السلطان اللاتي يضعن خلاخيل من الذهب في أسفل الساق، قد تأثرن بالموضة الجاوية، ويلبسن فساتين مستقيمة من الحرير تخلو تماماً من جمال الجلباب الحضرمي الذي يضاف له ذيل من الخلف. الصورة التي التقطتها فريا ستارك لقصر السلطان كان السلطان علي بن منصور قد بلغ سن النضج. ومازال شعره المجعد فوق رأسه المدور تماماُ أسود. والتدوير الواسع يغلب على شخصية السلطان كلها. فهو عادة يتدثر بـ"جبة" شفافة وفضفاضة. وعندما يجلس على طرف الصوفا، يلف حوله كومة ملابسه و يتابع ما يدور حوله بعينين مغمورتين بالفرح والحركة من وراء نظارتين وضعتا فوق وجه دائري لا ينم عن أي كبرياء. وقد استطعت قبل رحيلي أن أقنعه أن يضع أجمل بدلاته: وكانت عبارة عن صنج صوفي أزرق مزين بكثير من الشارات الكتفية الذهبية. ولاشك أن تلك البذلة كانت رائعة ومناسبة للصورة التي أخذناها. لكن من بداخلها كان يعاني من الحر الشديد. وكان السلطان يدرك ذلك، ومثل أي إنسان عاقل يفضل جبته الشفافة. ومع ذلك فهو لم يبد أي امتعاض أو تبرم من العادات الغربية، ويتقبل زيارتي كأحد المظاهر المزعجة لهذا الزمن الحديث، التي لا يمكن التهرب منها. في مساء اليوم الذي وصلت فيه لم يتحدث السلطان إلاّ قليلاً. وكذلك فعل أخوه النحيل والهادئ الذي كان يجلس بجانبه، بينما تحدث آل الكاف كثيراً عن بعض الشؤون العصرية كالطرق والسيارات والطائرات وأشياء أخرى من هذا القبيل. ولم يبتسم السلطان، الذي كان يفضّل نمط الحياة التقليدي، إلاّ بعد أن اطمأن إلى وجود ميول مشتركة بيني وبينه، إذ اعترفت له أنني أفضل أسلوب الحياة القديم والهادئ. ولا شك أن دعاة التقدم من الحضور قد أعجبوا بالثناء على تقاليدهم وعاداتهم وإن كانت متخلفة، وإن كانت ضمائرهم تفرض عليهم عبادة كل ما هو جديد. وأعتقد أن الثناء الذي نكيله للشرق ينبع في كثير من الأحيان من ميول مشكوك فيها، لاسيما عندما لا نمتدح إلا ما نقله الشرق من الغرب. لقد كان السلطان علي بن منصور رجلاً هادئاً واجتماعياً ولطيف المعاشرة. ولاشك أن زوجتيه تشاركانني هذا الرأي. إحداهن تسكن وسط "البلاد" أي المدينة، والأخرى في الفيلا المسماة "عز الدين" والواقعة في أطراف المنطقة الزراعية: "النخل". وفي حديقة هذه الفيلا يستمتع السلطان بالجلوس وشرب الشاي مع أصدقائه تحت أشجار النخيل وهو يتفرج على "الجربات" المربعة المزروعة بالبرسيم والذرة والجزر والبصل والقرع وصنف من البطاطس ينمو هنا وهناك بين النخيل وتشبه زهوره أزهار الدودية الأرجوانية. أما ما يجري في الخارج فلا يمكن رؤيته إذ أن الحديقة محاطة بسور من الطين مرتفع ولا يسمح لنا إلاّ بمشاهدة قمة الجبل المطل على المدينة. وقد شُيّد هذا السور لأن نساء السلطان يقضين الصيف في فيلا "عز الدين" وليس من اللائق مشاهدتهن من الخارج. في أحد أركان الحديقة، بالقرب من سقاية يميل بياضها إلى الاصفرار، توجد بئر شيدت عند حافتها "ثارة" من التراب الرملي والرماد، وبها فتحات لا تسمح للماء بالتدفق إلا حين يرتفع مستواه. وكانت هناك امرأة وبنتها منهمكتان في العمل بين الأشجار والطيور والجراد والسحالي، وقد حاولت أن أمسك بعضاً من تلك المخلوقات لكي أقدم خدمة إلى علم الأحياء، ثم قررت أن أتركها في سلام حين تبيّن لي كم هو مؤلم أن تضع جرادة حية في الكحول لتجعلها تموت. سقاية عزالدين في سور سيؤن بعد أن قضيت بضعة أيام في هدوء حديقة "فيلا عزالدين" بدأت أشعر بتحسن صحتي، ونزلت إلى البرندة لتناول الطعام، وكان حسن يقف بجانبي ليحدثني، ويقوم في الوقت نفسه بطرد الذباب بالمروحة. وقد حدثني عن التربية وعن جار له قام بتأليف كتاب "فريد" في اللغة "فهو يحتوي علي نحو ألف فصل، و لم يستطع أحد قبله أن يكتب أكثر من ستمائة فصل في هذا الموضوع"! وقد أشرت إلى حسن إلى أن "هذا النوع من الأرقام القياسية حديث. فعادة الأرقام القياسية تخص السيارات وليس النحو". وبدا حسن موافقاً على رأيي. وأكد أن الناس في حضرموت صاروا حديثين فعلاً، وأخبرني أن الضوضاء التي حرمتني النوم في الليلة الماضية كان مصدرها سلك التلفون الذي يركبونه بين قصر السلطان و"فيلا عزالدين". فالمهندسون الذين استطاعوا تثبيت طرفيه لم يتمكنوا من شده فظل يتأرجح ويصدر صوتاً - كصوت الأرغن – يملأ الوادي بحداثة القرن العشرين. واستطرد حسن قائلاً: "في تريم الناس كلهم لديهم التلفون، ويكلمون بعضهم بعضاً وهم في بيوتهم. لكن لا يمكن الاتصال بالمدن الأخرى عبر التلفون لأن البدو يقطعون الأسلاك التي تتجاوز الأسوار". لهذا فحسن لا يحب البدو "لأنهم ليسوا عصريين". وعندما يراني أخاطب أحداً من "هؤلاء البدو الذين يعدون أنفسهم مساوين لأي إنسان آخر" يغضب ويكشر إلى أن أقرر التخلص من البدوي والعودة إلى السيارة". في أحد الأيام ذهبنا بالسيارة إلى الساقية الرئيسية في سيؤن: "ساقية البلاد" التي كانت مليئة بالأحجار وشجيرات ذات أوراق خضراء داكنة تسمى "الجعبور"، لها أزهار حمراء في حجم البازيلاء، ويستخدمها الناس في تشييد سقوف المنازل الطينية. وتعد شجرة الجعبور ملكا للسلطان وتدر عليه دخلاً لا بأس به. وليس بعيداً من " ساقية البلاد" يقع البيت الجديد للسيد أبي بكر الكاف الذي زرته حالما سمحت لي صحتي بذلك. وقد كان البيت لا يزال في طور التشييد. وحديقته هي الحديقة الأولى في حضرموت التي تصمم وفقاً للنموذج الأوروبي. ولا يوجد فيها الآن إلاّ سلال حجرية مستديرة تحتوي كل واحدة منها على شجرة. وفي الحواف هناك سياج من شجيرات الحنّاء المقصوصة، وفي الوسط تنتصب نافورة. دار الكاف في سيؤن أيّ عقاب أكثر فظاعة يمكن تخيّله لنقّاشي العصر الفيكتوري من أن يروا اختراعاتهم تنتشر مثل السرطان في العالم الذي لم يمسه الفساد بعد! ما الخطأ الذي أرتكبه الجنس البشري لكي لا يستطيع أن يستخدم المعرفة التي اكتسبها بثمن مرتفع جداً للتمييز بين ما يحب وما يكره؟ إنه ليس الجهل الذي يمنعنا من معرفة ما نحبّ، بل الكسل والجبن. فنحن لو تركنا إنساناً ما دون تعليم يصنع ما يريد بفطرته لا شك أنه سينجز أشياء رائعة. لكن عندما نبدأ نفكر في ما يجب أن نحب أو نحتقر، تتفتق عقول أصحاب المصانع الغربية. ونحن نقبل الأشياء التي يبيعوننا إيًاها بالجملة مثلما يقبل الشرقُ الغربَ. إننا نتقبل أفكار الآخرين، إما بسبب كسلنا إما بسب خوفنا من التعرف على أفكارنا الخاصة. ولا ريب أن السيد العجوز كان يحب أبوابه المنقوشة عندما ينظر إليها، ويشعر بالسعادة في مدينته العريقة والوحيدة التي لم أرى فيها أية شائبة يمكن أن تمس تناسقها وجمالها. ومع ذلك فالسيد أبوبكر الكاف يشعر أنه ملزمٌ بإدخال قبحنا الغربي إلى مدينته ليفسدها إلى الأبد. حاولت أن أقول ذلك: لكن ماذا يمكن أن يفعل صوت امرأة ؟.. مجرد ضوضاء، ربما لطيفة، وربما ليس كذلك؛ وفقاً للمكان والزمان. عندما عبرت عن مشاعري للسّيد أبي بكر الكاف ابتسم؛ كان يعتقد أن حديثي حول جمال بيوت حضرموت مجرد مجاملة. ألا نعيش نحن الأوروبيون في مثل هذه المباني الحديثة ووسط مثل هذه الكماليات؟ ولماذا نصنعها إذا كنّا لا نحبها؟ ثم أخذني إلى البيت العالي الذي ما زالت عائلته تعيش فيه بالطريقة التقليدية. كانت زوجته تقف في أعلى السلم، في ثوبٍ من الحرير الأحمر، وقد صبغت بالحناء أصابعها المحملة بالحلقات الجميلة. وبعد أن اجتزنا عدداً من الردهات دخلنا غرفة يتم فيها تزيين فتاة جميلة بمناسبة مرور أربعين يوماً على ولادة طفلها. وتقوم إحدى النساء بنقش موتيفات جميلة جداً بالحناء علي يديها وقدميها. وكان هذا النقش استعداداً أيضاً لحضور زواج سيقام في تريم بعد بضعة أيام. وقد دُعيت أنا كذلك لهذا الزواج. وبما أن هؤلاء النساء كنا لطيفات حقاً فقد عدت لزيارتهن مرة أخرى وسررت كثيراً برفقتهن. وفي الحقيقة لم يمر وقت طويل على استقرارهن في سيؤن. فالسيد أبو بكر الكاف جاء إلى هذه المدينة على إثر انتفاضة قام بها العبيد في تريم وسببت له كثيراً من المشاكل. لهذا قدم إلى سيؤن مع واحدة من عائلاته بحثاً عن السلام في حدائقها. والنساء ينتظرن الآن بفارغ الصبر إنجاز المنزل الجديد ذي الطابق الواحد والمحاط بأسوار يستطعن التجول بداخلها. فالنسبة للمرأة هذا شيء لا يقدّر بثمن. بينما كنت جالسة مع هؤلاء النساء وصلتني رسالة من أرملة متعلّمة من سيؤن تطلب مني فيها أن أزورها. وقد قادتني إليها خادمة تجرجر خلفها ذيل ثوبها الأخضر وسط النخيل. ثم صعدنا سلماً مطلياً بالنورة (الجير الأبيض) قادنا إلى غرفة واسعة، ذات أعمدة، ومفروشة بسجاد، وتحلقت نحو عشرين امرأة، يلبسن فساتين قطنية مزهرة وأثقلن أيديهن بالأساور العنبرية، حول زعيمتهن الروحية. لقد ذكرنني بـ(متحذلقات موليير). أما الأرملة نفسها فقد كانت شابة، ومستديرة، وكانت عيناها تلمعان، وقد تدلت ضفيرتان صغيرتان على جانبي وجهها. وعندما رأتني أدخل شرعت في القراءة في نسخة من (صحيح البخاري) كان موضوعاً فوق خشبة صغيرة أمامها. وبينما انهمكت هي في القراءة بصوت له رنين غير معبر كانت النساء حولها يتململن بحرارة وقد انقسمن بين الرغبة في الاستماع للقارئة كما هي العادة، والرغبة الجامحة في رؤيتي. ثم تقدمتُ وسط النساء واقتربت من ربة البيت. وبعد أن سلمت عليها رحّبت بي بخطاب مؤثر كانت تلقيه وكأنه ينساب من حنفية، وفي الوقت نفسه ظلّت تراقبني وتمسكني بإحدى يديها، وتشير بالأخرى لجذب انتباه قطيعها. وكانت تنقط جملها بأصابعها القصيرة والجميلة المنقوشة بالحناء. ولم تنسى أن تضمن حديثها بعض الآيات القرآنية وبعض الأحاديث النبوية، واقتبست كذلك من أقوال الشعراء إذ أنها كانت هي نفسها شاعرة، وشاركت في مساجلات شعرية شعبية، وتحصلت في إحدى المرات على طقم أواني للشاي كجائزة. وأخبرتني أنّ النساء يجتمعن عندها يومياً ليستمعن إلى القرآن أو صحيح البخاري أو صحيح مسلم أو أحد كتابين تقليديين نسيت أسميهما. وقد صادف أنني أعرف شيئاً عن صحيح البخاري، وعندما استطعت أن استذكر نصف جملة من أقواله شرعت المرأة، دون أن تتردد ثانية، في الحديث عن الفلسفة والقيمة العليا للدين، وسألتني: "لماذا لا تسكنين هنا؟ سيكون باستطاعتنا أن نجتمع ونتناقش كل يوم؟". في الحقيقة كنت أفكر، ولم يكن لدي شيئاً أقوله. أما النساء اللاتي يشنفن أسماعهن بصوت السيدة كل يوم، ولن يكون لديهن فرصة أخرى لمشاهدة امرأة أوروبية فقد أظهرن علامات التمرد الآن، و طلبن مني - بواسطة الخادمة ذات الثوب الأخضر- أن أخلع قبعتي. فبما أنهن لا يستطعن الاستماع لي يمكنهن أن يتفرجن عليّ. خلعتُ القبعة وابتسمت لهن. بعضهن فتحن أفواههن من الدهشة، لكن لم تتجرأ أيّ منهن أن تتفوه بكلمة تقاطع بها جملة زعيمتهن الموشاة بزهور البلاغة والخيال. وعند اقتراب حلول المساء اضطررت أنْ أنهض وأنصرف. وقد غادرت السيدة وقلبي يفيض بمشاعر المودة نحوها؛ إذ أنّ تحذلقها كان يأتي بشكل عفوي ومرح و طبيعي، مثل جدول بين الصخور، وسط هذه المراعي اللاهوتية القاحلة. وقد أخبرتني أن هناك سيدات متعلّمات أخريات في سيؤن وتريم، مدينتي الدين والعلم، لكنّهن "متزمتات جدا". إما هي فلم تكن كذلك: فذراعاها كانتا مفتوحتين إلى المستمعة المسيحية، وكانت تكنّ لي مودةً مخلصة. وقد جاءت لزيارتي في مسكني عندما عُدتُ من تريم إلى سيؤن. زوجها مات، وهي مستقيمة وتحظى باحترام الجميع. وتعيش في منزلها الخاص بها مع أطفالها الكثيرين. وأتصور أنها إحدى النساء الأكثر سعادة في حضرموت لأنها تستطيع أن تفعل ما يحلو لها. وفي صباح اليوم التالي - السادس من فبراير- غادرت "فيلا عز الدين" برفقة حسن لقضاء ثلاثة أيّام في تريم.
|
#142
|
|||
|
|||
فريا ستارك السائحة الصحفية المؤرخة سجلت حياة عراق الثلاثينات
سجلت الگـفة البغدادية ومشحوف الهور والكلك المصلاوي تركت في رحلاتها في الشرق الاوسط 6 آلاف فوتوغرافية توما شماني السائحة الصحفية المؤرخة الانكليزية فريا ستارك واحدة من بين أشهر الرحّالات الغربيات إللاتي جبن الشرق العربي خلال الربع الأول من القرن العشرين، عراق الثلاثينات في العهد الملكي، عهد الخير والعطاء والتآخي. كانت سائحة صحفية مؤرخة بالصور خاصة، زارت العراق وولعت به، كانت تتعاون مع الإدارة البريطانية، وتمكنت من خلال عملها في جمعية انكليزية التعاون مع اوساط الشرقيين، كانت هواية فريا ستارك التجول في العراق بعد ان زارت عمان ودمشق، وإقامة علاقات طيبة مع العراقيين وإحداث تغيير في الشعور الجماهيري لدى العراقيين. كان من الضروري التقرب إلى طبقات المجتمع ولهذا تقول فريا ستارك (شكلنا جهازاً سياسياً استشارياً بهدف محاربة إعلام العدو وخلق صداقة مع القادة وبصورة عامة لإبقاء النفوذ البريطاني في العراق). استطاع الضباط البريطانيون الموجودون في العراق أن يعملوا إلى جانب موظفي العلاقات العامة وقدموا الدعاية لمصلحة بريطانيا. كانت منظمة (اخوان الحريةBrothers of Freedom ) التي اسستها فريا ستارك قد ساعدت في خلق علاقات مع الناس ليس في بغداد فقط بل في الالوية الأخرى. تمكنت فريا ستارك بشكل سريع من توثيق صلاتها بالمجتمع، لكنها عندما انتهت حاجة بريطانيا إلى خدماتها في المؤسسة التي أنشأتها حلتها. لعل من بين مقومات استحداث هذه المنظمات كان الدعم الكبير الذي حظيت به من الساسة العراقيين الذين تولوا الحكم في العراق كنوري السعيد وغرهم. غادرت فريا ستارك العراق لكنها استمرت على علاقاتها مع بعض القادة العراقيين ومنهم الامير عبدالإله الذي التقاها مرة أو أكثر في أوروبا. الواقع ان (منظمة اخوان الحرية) تحولت الى (منظمة الماسونيين السرية) الانكليزية التي كان الكثير من الوزراء والنواب في البرلمان العراقي اعضاء فيها ثم انتهت بعد زوال الملكية. هنا تكتب فريا ستارك في احد كتبها (يبلغ عرض نهر دجلة في بغداد ما يقرب من 400 ياردة وهو نهر نبيل، رغم أن ماءه عكر غير صافٍ كنهر تايبر أو أرنو. سطح الماء المنساب في الدجلة مصبوغ بنفس لون الأرض التي بنيت منها البيوت والمنارات على ضفتيه لذا فالجميع هو بلون بني منسجم،) تعليق لان نهر الدجلة كان سريع الانسياب فانه كان يحمل الكثير من الطمى والاطيان ثم تقول (مياهه تصبح ضبابية في أول الصباح، لكنه يصبح أصفر عند الغروب حينما تنزل جواميس الماء لتشرب بعد النهار، وهناك سفنه التي عبرت العصور حتى يُخال المرء أنها ذروة تاريخ السفن منذ أيام البشرية الغابرة، وهناك السابلة الحفاة على ضفتيه وتأتي النساء بجرارهن على أكتافهن ويجرن قراباتهم ضد التيار كل ذلك كان متعة دائمة لمناظر أراها من بيتي الجديد). تعليق كانت الكثير من النساء في الاماكن القريبة من جرف الدجلة يغرفن الماء بما كانت تعرف بالمصخنة ذات الفتحة المدورة الصغيرة وقسمها السفلي كبير الحجم وذات يد كبيرة ليحملنها بعد ملئها بالماء الي بيوتهن ثم يصبن الماء في حب فخاري يقطر الماء. كانت المصخنة متواجدة في البصرة ايضا اذ كانت عادة ممتدة من العصر العثماتي الاسود, ثم تقول (كنت معتادة على أن أراقب الزوارق المختلفة من سطح بيتي. وهناك گفف وهي زوارق مدورة من السلال المحاكة المغلفة بالقير ذات طيات زرقاء أو قليل من الأصداف الصفراء التي تلصق على الحافة لجلب الحظ، وتطفو مليئة بالرمان أو البطيخ، ويقوم صاحب الـگفة بمجدافه المربع بحركة دائرية ماهرة بين الفينة والأخرى ليبقى وسط التيار كما فعل آباؤه حين كانت الـگفة تبنى في نينوى. في مشاهدتي على النهر كانت الأكلاك تأتي من الموصل بألواحها الخشبية وجلود الماعز المنفوخة المخفية تحت حمل الأجمة. وهناك مهيلات أسطوانية بمقدمات معلقة مدببة وسارية منحدرة، زوارق مستطيلة طويلة تدعى شختور كالتي نراها في المنحوتات الآشورية، كما ترى اللنش الجديد للمفوض السامي) تعليق اللنش الزورق الذي يدار بمحرك ثم تقول (وبعض الزوارق التجارية التي يقودها عرب يرتدون العقل والكوفيات ممن يحملونك مقابل عانات قليلة) تعليق العانة كانت عملة تعادل 4 افلاس وهي هندية صدر مايعادلها في العهد الملكي وبقيت تسمى عانة ثم تقول (وهي وحدة نقدية قديمة، من صوب لآخر عبر النهر، تقف نجلة على الضفة تنادي "يا أبو الماطور، تعال". وأبو الماطور أو الزورق البخاري قد يمد لوحا خشبيا على الطين الهش ويلتقطنا)، تعليق الزورق ليس بخاريا بل ديزل وكانت على الدجلة بواخر بخارية كبيرة تدار بالبخار ثم بعدئذ بالديزل تديرها (كري مكنزي-بيت اللنج) من البصرة، تمخر عبر الدجلة لتصل القرنة ثم مرقد العزير لليهود ثم قلعة صالح حيث كانت موطن المندائيين الصابئة ثم العمارة ثم على الشرجي حيث مرقد الامام على الشرجي ثم الكوت ثم بغداد حيث تربط الباخرة على جرف بناية بيت الحكمة، الذي كان مخزنا للاحمال بعد ان ان كان في العهد العثماني مربطا لخيول الانكشارية. وكانت البواخر الواسطة الوحيدة لنقل الاحمال اذ لم يكن طريق الدجلة معبدا من البصرة الى بغداد وكانت المهيلات واسطة نقل الاحمال والعمال الذين يأتون الى البصرة في موسم جني التمر وتعليبه في جراديغ التمر ثم يرجعون الي قراهم مع بعض الدنانير جنوها من العمل. من النوادر كانت بعض النساء يعملن في صف او تصفيف التمر في الصندوق او العلب الصغيرة وبجانبهن طاسة ماء يبللن اصابعهن بالماء لتأدية عملية التصفيف ومنهن من يأتين برضيعهن واذا ما غاط فان العاملة تبلل يدها بالماء من نفس الطاسة لتنظثف الغائط قم تغسل اصابعها بنفس الماء خلال العمل ثم تعود الى تصفيف التمر. الجدير بالذكر ان والدي كان يعمل في الباخرة مجيدية التي تمخر من البصرة الى بغداد وكان يأخذني معه ولا تزال في ذاكرتي الكثير من الذكريات الجميلة وفي احد العطل الصيفية شغل والدي ابن عمي جورج معه وبذلك حصل بعض الدنانير لمساعدة بيت عمي يوسف ذو الاربع اولاد وثلاث بنات. ثم تقول (وفي الغالب على أية حال حين يرى أن عددنا صغير وغير مهم فإنه يقلد سائق الحافلة في لندن ويحدق في الفراغ في الاتجاه المعاكس. وتجلب الزوارق التجارية أحيانا بعض السياح الأمريكان لأجل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في بلاد ما بين النهرين، وأحيانا تأتي زوارق الحج للمدن المقدسة في أعلى التيار وهي مزدحمة بحيث ليس هناك مكان للوقوف وهي مليئة بالرايات السود والخضر المنشورة أمام منظر الساحل. وتتكرر هوسات المسافرين "يا حسن، يا حسين" مرة إثر مرة برتابة حادة ونوع من العويل في نهاية كل لطمة وهذه يمكن أن تسمع من خلال ضوضاء المحركات حيث اختلطت عصور الايمان والمكننة بصورة غريبة في هذا الشرق. في صباحات الشتاء يغطي النهر ضباب ابيض كثيف، وكنت معتادة على التجديف وارقب القباب والمنارات وهي تتحشد من خلال حلم. "تنساب برقة كشبح جميل" حيث قواعدها مختلفة من الدخان وحدودها واضحة أمام السماء الشاحبة جدا، حين يضرب بلمي أمواج الماء نحو ساحل غير مرئي، وزورق صغير وقائده بلام. صيد من السمك: كان صالح العجوز وهو صاحب الزورق الذي كان يرتدي قميصاً وكوفية سوداء وبيضاء خاصة عند الشيعة تلتف حول وجهه العجوز ذي العينين الدامعتين، ينظر إليّ بحكمة ورعة بين الفينة والأخرى، بينما كان يجدف بكتفين منحنيين، وفي العادة كان لديه حبل ربط به السمك ليباع في السوق وكان هذا السمك يقفز أحيانا إلى جانب الزورق انه منظر مؤلم يجعل المرء يفكر بالملك الفارسي الذي يربط سجناءه معا بحبل من تحت إبطهم. إن الرحمة بالسمك لم تدخل في بال صالح لكنه كان جيدا في صيامه وهي فضيلة محظوظة يمكن أن نجدها عند الإنسان الفقير. وفي رمضان يتأمل في العقاب الذي ينتظر الناس الذين يفطرون بعد شروق الشمس في بيوتهم. كان يعرف كل أساطير النهر الجن والشياطين والصلوات لخضر الياس الذي يجوب ضفاف النهر عند الغروب. وكان يعرف أسماء النجوم بنات نعش التي تتبع نجمة الشمال إلى مرقدها الأبدي ونجمة الشعرى اليمانية والجوزاء، وهما عشاق يسميهم مجنون وليلى ويلتقيان كما يقول معا في السماء في ليلة واحدة في العام، ويتكور في زاويته على مسطبة خشبية في المقهى بانتظاري حينما اخرج من حفلة غداء أو قد يتمدد بأسماله الرمادية إلى جانب مصباح في قعر زورقه حيث تضرب مويجات النهر عبر الضلال في نهاية طريق ضيق. وإني قليلا ما فكرت بهذا الطريق المظلم المنحدر المؤدي إلى البيت في مياه الليل الباردة إلا أن نظرة مندهشة اعتادت أن تبدو على وجوه الأصدقاء الذين شاهدوني على الحافة وتركوني بأيدي صاحب الزورق العجوز الذي يبدو مرحاً للغاية. نحو بعقوبة اتجهنا شمال شرق نحو جبل حمرين عبر بعقوبة وديلتاوة. أما الجو الذي لم يكن مشجعا مثل التعليقات التي تركناها وراءنا فقد كان بضباب ابيض كثيف وهو أمر استثنائي وفاسد، وأخذنا الصحراء معنا كما يقال وسافرنا في رقعة صفراء يحيط بنا البياض من حولنا، وكان العُليّق رطبا وكان الضباب مخيفا في غابات النخيل في ديلتاوة وما ينقشع إلا ليبدي عن بعض السعف هنا وهناك معلقا في الأعالي كما في فجوات الكاتدرائية، وكانت الطرق الزراعية بين جدران الطين صامتة والأبواب ذات الأقفال الخشبية التي تنزلق أقفالها الهائلة في ثقوب وهي بدائية كأي آلة شرقية جميعها مقفلة. وقرب القرية اصبح الطين سيئاً، إذ بعد أن خرجنا من السيارة وراقبنا لولبها ينزلق ألححنا على وضع السلاسل. بعد ديلتاوة انقشع الضباب وظهرت الصحراء بخطوطها الحادة تحت سماء ماطرة. لكن الضرر وقع وكانت كل حفرة صغيرة عبارة عن مصيدة للسيارات. وقاد سائقنا العربي ببطء على حافة طرق لزجة باحثا عن معبر. وهرع إلى المعبر بسرعة وكانت هناك ضوضاء طاحنة في الوسط وبعد محاولة مرتجفة للامساك باليابسة التي كان لها صلابة معجون الأسنان انزلقت سيارتنا بخفة راجعة بينما استمرت دواليبها بالدوران مثل الألعاب النارية وهي ترش الماء بدلا من شرار النار. ثم خرجنا واندفعنا بينما استخدم السائق العربي طرق الإقناع مع البريك – الكابح - . وما كدنا نخرج من ثاني حفرة لنا من هذا النوع إلا وأصبحنا مدركين لشخصين كرديين من أعضاء البرلمان وقد غرزت سيارتهم في الطين بشكل اعمق منا وقد غمرهم الرعب على حياتهم في الصحراء. خلال ثورة العشرين كان الشيخ حبيب قد آوى ضابطا بريطانيا وحظي بشكل واضح بمعلومات مفيدة وقبل أن يجلب الغداء نهض بإيحاء من السرية وطلب منا أن نصحبه إلى غرفتنا. وهنا يمتد رف يتصل بمنضدة تواليت فرأينا قدحين وأربع قناني براندي، ويسكي، بركندي وكريم دوفت، حسب ما أتذكر، قال مضيفنا "أنا لا أود أن أظهرها أمام رجال عشيرتي لكني اعرف أن هذا ما انتم معتادون عليه". واستعد أن يتنحى جانبا ويرقبنا. فأكدنا له على أية حال أن القياس الوطني هو أدنى بالنسبة للنساء ونتيجة لتأثرنا الشديد بكرمه فقد عدنا إلى القاعة لنأكل اعظم وأطيب غداء يمكن أن أتذكره لوقت طويل. ذهبنا لنزور زوجة الشيخ بعد الغداء وكانت لدينا خبرة إذ رأينا جمالا حقيقيا ليس من ذلك النوع الذي يعتمد في سحره على مصادفة الضوء والتعبير بل جمالا مطلقا ومقنعا. كانت ملتفعة بالسواد بحيث لا يظهر منها سوى وجهها وهو بيضوي مدبب بشكل لطيف حد الحنك وحواجب ذات انحناءة رقيقة ومنتظمة على عينيها، كانت الملامح تامة ولم تكن سوداء البشرة بل شاحبة وهي خجلى جدا، إذ قلّما كانت تتحدث وفي تلك الغرفة المعتمة وفي عباءتها السوداء وبطريقتها الهادئة وجمالها الملكي ربما يمكن أن تكون (بروسبراين) وقد سجنت في غياهب الدجى. لقد كانت سجينة في الغرفة في واقع الحال إلا أنها لم تكن تبدو كذلك وهذه هي طريقة التناقض، وافترشت الأرض وتعلق حولها كل أنواع الجواهر والمسابح، حيث كانت أرمنية اشتراها الشيخ حبيب في زمن المذابح وتبدو سعيدة في دار سيدها حيث جلبت وزوجت وأعطيت كل مباهج الحياة). عصر الهور الذهبي اثار مخيلات الكثير من الرحالة البارزين الذين خلفوا الكثير من الكتب والصور النادرة عن الهور والعراق ما كان لاحد من العراقيين القيام بها في عصر لم تكن في العراق مدرسة تخريج الضباط. من الرحالة البارزين ومنهن (المس بيل Miss Gertrude Bell) كأنت كامرأة مستشاره وحيدة في الحكومة العراقية، كانت صداقتها حميمة مع الملك فيصل الأول، مؤسس المملكة العراقية، اما (فريا ستارك Ferya Stark) فقد كانت رائدة تعمل مع الحكومة الاتليزية وهي أفضل كاتبة وفنانة في الشؤون السياسية والحياة الاجتماعية العراقية، بعد أن أصدرت العديد من المصنفات النفيسة حول العراق، منها كتب لفوتوغرافياتها الفريدة التي توثق ليس حياة العراق والعراقيين عبر الثلاثينات بل عمان وسوريا. شهدت فترة الثلاثينيات وما بعدها أبرز الذين درسوا الحياة الاجتماعية والتنظيمات العشائرية للأقاليم التي حكمها الضباط الانكليز الذين كانوا يديرونها، إلاّ أن الكتابات المهمة لم تنشر بل حفظت في المتحف البريطاني. ومن هؤلاء، الحاكم العسكري للعمارة (هيدكوك S. E. Hedgcock) الذي ألفّ مع زوجته، أفضل دراسة أنثروبولوجية عن سكان الأهوار، بعنوان (حجي ريكان Haji Rikkan Marsh Arab) مفضلا إصدار هذا الكتاب المرجعي المهم الصدور بالاسم المستعار (فلانين Fulanain) مثنى فلان، أي هو وزوجته، لان السلطات البريطانية تمنع نشر المدونات الرسمية التي سجلها مسؤولون رسميون خلال خدماتهم في الدولة. الاهتمام الانكليزي بالأهوار وبسكانها بلور هوى الكثيرين الذين رادوا الاهوار. من الرحالة الذين كرسوا حياتهم وأنشطتهم لاكتشاف ما في الأهوار من اسرار واخيلة لا يعرفها حتى العراقيون رائد الأهوار (ولفرد ثسـگـر Thesiger) الذي كتب (رمال بلاد العرب) و (جون فيلبي Philby) الذي بقي اعواما في البصرة على حافات الأهوار يشرب من مياه شط العرب دون تعقيمها، ويتناول تمور البصرة دون غسلها، وكان زملاؤه الانكليز يشتكون من عدم اهتمامه بشروط الصحة. كان آخر العمالقة المختصين بإقليم الأهوار، (گـيفن يونك Gavin Young) الذي أتحف المكتبة بكتابين مصورين مهمين، هما (عرب الأهوار Marsh Arabs) و (العودة إلى الهور Marshe Return to the) للعودة الى الهور لگـيفن يونك قصة فقد منعه صدام من الذهاب الى الاهوار لان الرواد الاجانب قوم جواسيس لكنه بعد سنوات سمح لگـيفن يونك العودة الى الهور. گـيفن يونك يروي قصة مرض احد شيوخ الهور الذي كان گـيفن يونك يأوى في مضيفه اذ ليس في الهور فندق. في يوم اصيب الشيخ بمرض فارسل رسالة الى گـيفن يونك يلتمسه المجيئ الى لندن للعلاج، فرأى گـيفن يونك ذلك ردا للجميل الذي قام به الشيخ عندما كان يعيش في الهور. وصل الشيخ لندن فرحب به گـيفن يونك ثم شفي الشيخ، لكنه اصيب بالغم فحياة الهور ليست كحياة لندن وحياة لندن ليست كحياة الهور. هنا اخذ گـيفن يونك الى اسطبل في الريف وعندما دخل باب الاسطبل وشم رائحة (روث) الابقار (ردت روحه) ثم استلقى على كومة العلف واخذ يغني (ياليلي ياليلي). مؤلفاتات گـيفن يونك لها سمات أنثروبولوجية اجتماعية طبيعية وصفية، رصد فيها كل ما يتعلق بعالم الأهوار المختبئ خلف أعمدة البردي والقصب الشاهقة. توفي گـيفن يونك في انكلترا بعد أن اقتنص نوعًا نادرًا من أنواع (ثعالب الماء Otter) المعروفة في أهوار العراق، ليكون هذا الثعلب بعدئذ (بطلا) تذكاريًا في فيلم سينمائي وثائقي انتج في إنكلترا. لا بد من ذكر (اگـاثا كرستي) الروائية التي صاحبت زوجها منقب الآثار الآشورية (ماكس مالاوان) فقد رافقتة الى نينوى، فكانت تعيش معه في البناية الخاصة بالتنقيب وكانت تستوحي رواياتها في غرفة خلفية على آلة الطابعة اليدوية التي كانت معروفة منذ الثلاثينات حتى النسعينات حتى حلت الطابعات الالكترونية المعقترة. ثمة طريفة تقولها (اگـاثا كرستي) سؤلت لماذا تزوجت منقبا آثاريا ؟ كانت تجيب لانه يقدر القطع الأثرية القديمة. فريا ستارك (1893-1993)نشرت كتبا عديدة لا تزال تقرأ منها (نخطيطات بغدادية Baghdad sketches) و (فريا ستارك في العراق والكويت Freya Stark in Iraq and Kuwait) و (شتاء في الجزيرة العربية Winter in Arabia) و (على خطى الاسكندر Alexander's Path) و (انهار الزمن Rivers of time) وكتب اخرى لا يمكن احتوائها هنا. فريا ستارك اول امرأة رحالة أوربية وصلت حضرموت عام 1934م, ألفت أكثر من ثلاثين كتابا وصفت فيها الرحلات التي قامت بها إلى عدد من أقطار الشرق الأوسط بين عام 1927 وعام 1983 حيث رصدت أحداث الحياة اليومية خاصة لذاك الزمن. اهم مخلفات فريا ستارك البوما يظم 6 آلاف فوتوغراية نشره (مركز الشرق الاوسط) في كلية سانت انتوني في جامعة اوكسفورد. فتشت عنه هنا في جامعة تورنتو – كندا فلم اجده، آخرها ساحاول ايجادة في متحف تورونتو العريق الذي يظم ثروات هائلة عن حضارات الشرق الاوسط. فريا ستارك حفظت بفوتوغرافياتها صور الحياة التي عاشها العراقيون في عقد الثلاثينات، العهد الملكي الذي ساده السلام والحرية والتأخي عصر نفض الغبار عن عصر عثماني اسود لينطلق الى الامام. الذي يثير استغرابي في كيف استطاعت التقاط هذه الفوتوغرافيات حين كانت الكامرات في بداياتها، اذ كانت صندوقا من خشب كالتي كنا نراها امام البنايات الحكومية في العراق في دوائر الجوازات والجنسية. لي صورة مع والدي ووالدتي عندما كنت في الخامسة او السادسة في بداية الثلاثينات الا انها تهرت مع الزمن ولم يبقي منها غير صورتي وانا جالس ورجلاي تهف لا تصل الارض. اتذكر والدي دعى المصور الى البيت فحمل معه كامرته الصندوق ذو الثلاث ارجل لكي تثبت ولا تتحرك. اعجب كيف كانت تحمل كامرتها آنئذ اذ لابد انها كان تستعين برجل عراقي يحمل معها الكامرة الصندوقية. توما شماني تورونتو عضو اتحاد المؤرخين العرب
|
#143
|
|||
|
|||
السلام عليكم
ايها الاخوه / قد يلومني البعض على التوسع والاطاله في المواضيع ولكن القصد من ذلك خدمة اهل البحوث وشكرا لكل من يطلع على هذه المشاركه
|
#144
|
|||
|
|||
Lady Evelyn
السيدة إفيلن . إفيلن ولدت في ادنبره في عام 1867 ، الابنة الاكبر لتشارلز أدولفس موراي أسلمت وجاءت للحج لعام 1933 انها لم تكن ولدت في عائلة مسلمة لها قصيدة كتبتها في القاهرة في عام 1889 جاءت في شمال أفريقيا في عام 1911 .ولها كتاب عن رحلة بين المسافرون في الصحراء الليبية ، التي نشرت في 1912 ولهاسلسلة من الرسائل باللغة العربية على قيد الحياة من 1914 وعام 1915 إلى أن سيدة إفيلن ارتباط الإسلام أصبح سببا للقطيعة من الأسرة بحلول 1920 ، وعام 1922 ، وأنها وزوجها رسميا فصل سيدة إفيلن أعلنت عزمها على اداء فريضة الحج في المملكة العربية السعودية إلى وزير في لندن ، حافظ وهبة ، الذي كتب الى الملك عبد العزيز في الرياض طلب إذن رسمي. ولكن ، عادة بالنسبة لها ، انها لم تنتظر الرد ، وإنما اعتمدت على الاتصال الاجتماعي في لندن لتوجيه رسالة مقدمة من هاري سانت جون (عبد الله) في جدة Philby. سيدة إفيلن وصل في الحجاز في منعطف تاريخي في تاريخ المملكة العربية السعودية. إلا قبيل وصولها ، في أيلول / سبتمبر 1932 ، في المملكة العربية السعودية كانت قد أعلنت. النفط لم يتم اكتشافها ، والاقتصاد العالمي في مستنقع الكساد الكبير. هذا البلد ليس لديه مصدر للدخل فضلا عن الحج والإيصالات ، وعام 1933 حاج من الخارج ستنخفض إلى أدنى مستوى لها على الاطلاق 20000 - فقط من نحو 100000 في نهاية 1920. لكن خلاص والاقتصادية في هذا الشأن. سيدة إفيلن زيارة جده وتزامن مع وجود الاميركية والبريطانية في شركة نفط المفاوضين ، في مايو 1933 ، والملك عبد العزيز ستوقع اتفاق امتياز رئيسي مع الاميركيين التي تبشر بنهاية صعبة للاقتصاد السعودي . هذه الصورة من زاوية من المسجد الكبير في مكة المكرمة لأول مرة في عام 1925 ونشرت في القاهرة إبراهيم Rif'at ، وسيدة إفيلن طبعه في الحج إلى مكة المكرمة. بقية
|
#145
|
|||
|
|||
سيدة إفيلن إذن لجعل الحج تم الترتيب لها من قبل سفير المملكة العربية السعودية في لندن ، والشيخ حافظ وهبة ، وهنا يظهر في واحدة من زيارات لبريطانيا (ربما 1935) من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد العزيز . هبة تقف على اليسار وقليلا من وراء الامير ؛ الأصلية كتبت هبة مقدمة سيدة إفيلن 'sالحج إلى وزارة التعليم والعلوم
للموضوع بقية
|
#146
|
|||
|
|||
A Princess's Pilgrimage - A Pilgrimage to Mecca (1863-1864)
[Nawab Sikander Begum, PB, 180pp, Edited introduced and Afterward by Siobhan Lambert-Hurley, ألف الاميرة الحج -- الحج الى مكة المكرمة (1863-1864) [نواب سيكندر بيغوم ، -- الحج الى مكة المكرمة (1863-1864) . غلاف عادي 180 صفحات في 1870 ، بيغوم نواب اسكندر بيغوم من بوبال لتصبح أول امرأة مسلمة أن تنشر وصفا للبلدها الحج إلى مكة المكرمة. لها أهمية حاسمة ، وغالبا ما يثير الدهشة وتقدم وصفا لرؤية فريدة حول العوامل التي توجه الى كتابة هذا جوهري المسلمين في رحلة استعمارية البيئة. في الوقت نفسه ، من وثائق العملية .
|
#147
|
|||
|
|||
Nawab Sikander Begum نواب سيكندر بيغوم الهندية (1818 -- 30 أكتوبر 1868) سيكندر بيغوم ، الابنة الوحيدة للQudsia بيغوم ، أصبح من نواب بوبال في 1844. اسم زوجها كان محمد جاهانجير خان الذي تزوجت على 18th أبريل 1835 لاسمها الحقيقي ، وكانت شجاعة حقا. (باللغة العربية ، ويعني اسمها الاسكندر الاكبر) مثل والدتها ، وإنها هي أيضا تطلعية وأبدا لاحظ حجاب. خبير في جميع فنون الدفاع عن النفس ، وانها خاضت العديد من المعارك. عندما الهندية بدأت حرب الاستقلال في 1857 ، الى جانب البريطانيين. كانت مفيدة في سحق عدد من المتمردين. مثل والدتها ، وفعلت الكثير من الرعاية العامة. على الرغم من شجاعة لها ، مراعاة للغاية تجاه شعبها. انها بنيت الطرق وإعادة بناء الحصن. كما انها بنيت لها القصر -- Mahal موتى ، والذي يعني باللغة الانجليزية قصر اللؤلؤ. انها بنيت معلما هاما آخر من بوبال -- موتى مسجد اسم تعني حرفيا اللؤلؤ المسجد. وكان بني في 1860 ، مستوحاة من المسجد الجامع في دلهي. فإن موتي مسجد يمكن أن ينظر إليه في بوبال. على الرغم من العمر ، وانه لا يزال في حالة جيدة فإن شوكت Mahal هامة أخرى مبنى خلال فترة ولايتها. شوكت Mahal في أولدن أيام فهو مزيج غريب من الهند والدول الاسلامية والاوروبية أساليب العمارة. وقد صمم على يد الفرنسي ، وهو من سلالة ملوك البوربون في فرنسا. ما بعد عصر النهضة والقوطية وقد تم الجمع بين الأساليب في نحو ساحر في المبنى
|
#148
|
|||
|
|||
ثانكس + يسلموووو
_( عسل الود )_
|
#149
|
|||
|
|||
العربية السعيدة بيرترام توماس Bertram Thomas مع أن برترام تومـاس لم يكن يهتم كثيرا بالدعاية لنفسه وبالترويج لكتاباته إلا انه يعتبر بحق من بين أهم الرحالة الأجانب الذين طافوا في أرجاء الجزيرة العربية. فلم يكن قد كتب شيئا عن حياته قبل أن تطأ قدماه ارض جزيرة العرب لأول مرة في أواخر العشرينات من القرن الماضي في كتابه جزيرة العرب السعيدة يروي بيـرترام تومـاس كيف أن سلطان مسقط وعمان عرض عليه أن يعمل مستشارا ماليا لديه، ثم يسهب في شرح الصعوبات التي لاقاها أثناء أدائه تلك المهمة. ثم ينتقل للحديث عن حرارة الطقس البالغة الشدة في مسقط التي نادرا ما تنخفض في الليل عن مستواها أثناء ساعات النهار، أما معدلات الرطوبة فترتفع إلى أن تصل إلى أقصاها، سيّان إن كان الوقت نهارا أو ليلا وفي بداية ساعات الليل اعتاد توماس على التجوال في شوارع المدينة النائمة، وفي إحدى الليالي قام بتسلّق أسوار المدينة المبنية من اللبن والتي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى. ومن هناك، من فوق الأسوار، أخذ يرنو بناظريه نحو الأفق البعيد باتجاه الشمال حيث الجبال الممتدة خلف الساحل. وكان يعرف أن القمر الذي ينير ليل مسقط هو نفس القمر الذي يرسل حزمة من ضوئه الحالم على ذلك البحر الخضمّ من الرمال الهائلة المتوارية وراء الأفق. وكان هذا هو السبب الخفي الذي دفعه للمجيء إلى هنا كانت تراود توماس رغبة عارمة في أن يكون أول مواطن غربي يعبر تلك الصحراء الممتدة، هذا مع انه يتذكر قول فيلبي من قبل أن لا أحد قادر على إنجاز مهمة كتلك إلا على متن طائرة وفي إحدى ليالي أكتوبر من عام 1930 م ودون علم صديقه السلطان، انسل توماس في قلب الظلام إلى خارج مسقط وحرص على أن يختفي عن الأنظار بسرعة وقبل بزوغ الشمس، متوقعا أن تنتشر أخبار اختفائه في الصباح وتروج الشائعات والقصص التي يغذيها خيال شرقي خصب واستقل ناقلة نفط عابرة باتجاه مدينة صلالة الجنوبية وهناك وجد دليلا وأعدّ العدة لبدء رحلته الاستكشافية يذكر توماس في كتابه أن رجال القبائل الذين يقطنون الجبال يتحدثون لغة غريبة غير العربية ويعتبرون أنفسهم منحدرين من سلالة قوم عاد الأسطورية. ويسرد في الكتاب مشاهد تقديم الضحايا والنذور وطقوس طرد الأرواح التي تمارسها تلك القبائل وتقام وسط سحب البخور المحترق والنيران المتأججة وخلف الجبال يقع سهل قاحل ومهجور إلا من بعض أسراب الظباء العربية التي يمكن مشاهدتها على البعد وهي تعدو مسرعة من حين لآخر. ومشى توماس ودليله على مدى بضعة أيام إلى أن بلغوا بئر شيزر وهو اسم لحصن تاريخي بدا مهجورا ومهملا يتحدث توماس في الكتاب عن "ظاهرة الرمال التي تغني" والتي ُشغل العلماء بدراستها وكشف غموضها منذ وقت طويل، ويصف كيف انه ورفاقه كانوا يمشون في عمق الصحراء الشاسعة وبين تلال الكثبان الرملية العملاقة عندما كسر الصمت فجأة أزيز نغمات موسيقية صاخبة. ويشير أحد رفاقه "المـرّي" إلى إحدى التلال العالية مؤكدا أنها مصدر تلك الأصوات الغريبة. لكن العرب – يقول توماس – يعزون تلك الأصوات إلى الأرواح المدفونة تحت كثبان الرمال. ويضيف: كانت الأحوال مواتية لدراسة ظاهرة موسيقى الرمال، وكانت الحركة الأولى من ذلك الكونشيرتو الغريب طويلة بما فيه الكفاية. لقد كان الأمر أشبه ما يكون بقرع الطبول وأحيانا يخيل إليك انك تصغي إلى هدير محرك طائرة. أما مرافقيّ فقد كانوا منشغلين بتأدية بعض الحركات الطقوسية التي كانت فيما يبدو موجهة نحو الجن الذين ُيفترض انهم مسئولون عما حدث يقول توماس: "بدأ الصباح بداية بطيئة وكنا نشعر بالإنهاك والضعف بسبب الجوع والبرد القارس عندما لمحنا فجأة جماعة من العرب الذين اخذوا يلوحون لنا بأيديهم وعندما اقتربنا منهم بدءوا يشيرون إلى الناحية الأخرى من الطريق صائحين: انظر يا صاحب! تلك هي الطريق إلى عبــر "عبـر؟! تساءلتُ مندهشا. إذن فهذه هي المدينة العظيمة التي كان آباؤنا يحدثوننا عنها دائما. إنها اتلانتيس الرمال! مدينة موغلة في القدم وغنية بالكنوز وبحدائق النخيل وبحصنها الأسطوري ذي اللون الفضي المائل للحمرة! وهي الآن مدفونة تحت الرمال. وكان الكثير من العرب قد حدثوني عن عبـر، ولكن لا أحد منهم كان يعرف موقعها على وجه اليقين يتحدث القرآن الكريم وليالي ألف ليلة وليلة والكثير من القصص الشعبية عن مدينة تشبه الأسطورة وكثيرا ما يشار إليها باعتبارها أهم الكنوز المفقودة في الجزيرة العربية. وتروي كتب التاريخ والأساطير حكايات كثيرة عن تلك المدينة الرائعة الجمال والتي كانت مليئة بالكنوز والخيرات العظيمة إلى أن ُدمّرت فجأة، كما حدث لسدوم وعمورية، بعد أن حلّ عليها غضب الرب وُدفنت تحت الرمال يقول المستعرب الشهير فيلبي: كان ملك هذه المدينة قد تمادى في فسقه وفجوره وكان يعيش في ما يشبه الفردوس الأرضي مع خيوله وعبيده المخصيين وخليلاته الكثيرات إلى أن انتقم الله منه وأرسل عليه الريح الغربية العاصفة التي أحالت مدينته فجأة إلى ارض يباب واستحال كل شئ في لمح البصر إلى كومة من رماد كان بيـرترام توماس قد عقد العزم على مواصلة رحلته وبلوغ عبـر، لكن نفاد الماء جعله يغير رأيه في المضي قدما باتجاه المدينة الغامضة وُاجهض حلمه في الوصول إلى ابعد نقطة في الصحراء، فانحرفوا عن الطريق المفترض أن يأخذهم إلى عبـر وواصلوا سيرهم في الاتجاه الآخر. وبعد مرور خمسة وتسعين يوما على مغادرته صلالة والبحر العربي لمح توماس على البعد مدينة الدوحة ومياه الخليج العربي فيما بعد كتب لورنس العرب يقول: لقد تمكن بيرترام توماس أخيرا من عبور الربع الخالي الذي يعتبر الصحراء الوحيدة المجهولة في العالم، وما فعله يمثل نهاية لتاريخ الرحلات الاستكشافية لكن بعض المؤرخين يؤكدون بأن توماس، وإن كان قد تمكن من عبور الربع الخالي، إلا انه في حقيقة الأمر لم يستكشفه، إذ انتهى به المطاف على عتبات مدينة مفقودة ولم يتمكن من إنجاز ذلك التحدي على الوجه المطلوب Bertram Thomas - Oman, 1929 Posted by Prometheus
|
#150
|
|||
|
|||
الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم"
فى بداية عام 1990 امتلأت الجرائد العالمية الكبرى بتقارير صحفية تعلن عن: " اكتشاف مدينة عربية خرافية مفقودة " ," اكتشاف مدينة عربية أسطورية " ," أسطورة الرمال (عبار)", والأمر الذي جعل ذلك الاكتشاف مثيراً للاهتمام هو الإشارة إلى تلك المدينة في القرآن الكريم. ومنذ ذلك الحين, فإن العديد من الناس؛ الذين كانوا يعتقدون أن "عاداً" التي روى عنها القرآن الكريم أسطورة وأنه لا يمكن اكتشاف مكانها، لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم أمام ذلك الاكتشاف فاكتشاف تلك المدينة التي لم تُذكر إلا على ألسنة البدو قد أثار اهتماماً وفضولاً كبيرين. نيكولاس كلاب, عالم الاآثار الهاوي, هو الذي اكتشف تلك المدينة الأسطورية التي ذُكرت في القرآن الكريم[1]. و لأنه مغرم بكل ما هو عربي مع كونه منتجاً للأفلام الوثائقية الساحرة, فقد عثر على كتاب مثير جداً بينما هو يبحث حول التاريخ العربي, و عنوان ذلك الكتاب "أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 , و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. أطلق اليونان على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد"[2] و أطلق عليها علماء العرب في العصور الوسطي اسم "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً. و السبب في ذلك يرجع إلى موقعهم الاستراتيجي من ناحية؛ حيث أنهم اعتُبروا وسطاء في تجارة التوابل بين بلاد الهند وبلاد شمال شبه الجزيرة العربية, ومن ناحية أخرى فإن سكان تلك المنطقة اشتهروا بإنتاج "اللبان" وهو مادة صمغية عطرية تُستخرَج من نوع نادر من الأشجار. وكان ذلك النبات لا يقل قيمة عن الذهب حيث كانت المجتمعات القديمة تُقبل عليه كثيراً. و أسهب الباحث الإنجليزي "توماس" في وصف تلك القبائل "السعيدة الحظ"[3], و رغم أنه اكتشف آثاراً لمدينة قديمة أسستها واحدة من تلك القبائل و كانت تلك المدينة هي التي يطلق عليها البدو اسم "عُبار", وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة. و لكن "توماس" الذي أبدى اهتماماً شديداً بالموضوع, توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه. و بعد أن راجع "كلاب" ما كتبه الباحث الإنجليزي, اقتنع بوجود تلك المدينة المفقودة التي وصفها الكتاب و دون أن يضيع المزيد من الوقت بدأ بحثه. استخدم "كلاب" طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار": أولاً: أنه عندما وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل, قدم طلب للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر الصناعي, وبعد عناء طويل, نجح في إقناع السلطات بأن يلتقط صوراً للمنطقة.. ثانياً: قام "كلاب" بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة "هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة, وكانت خريطة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة. و في الوقت نفسه, تلقى أخباراً بالتقاط وكالة ناسا الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة و إنما فقط رؤيتها ككل من السماء. و بمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها, توصل "كلاب" أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهى أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي . وكان المقصد النهائي لتلك القبائل موقعاً شاسعا ً يُفهم أنه كان في وقت من الأوقات مدينة. و أخيراً, تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسن البدو. و بعد فترة وجيزة, بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت المدينة القديمة بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ). ولكن ما الدليل على أن تلك المدينة هي مدينة قوم "عاد" التي ذُكرت في القرآن الكريم؟ منذ اللحظة التي بدأت فيها بقايا المدينة في الظهور, كان من الواضح أن تلك المدينة المحطمة تنتمي لقوم "عاد" ولعماد مدينة "إرَم" التي ذُكرت في القرآن الكريم؛ حيث أن الأعمدة الضخمة التي أشار إليها القرآن بوجه خاص كانت من ضمن الأبنية التي كشفت عنها الرمال. قال د. زارينز وهو أحد أعضاء فريق البحث و قائد عملية الحفر, إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التي ذكرت في القرآن الكريم قال تعالى في سورة الفجر : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادْ (6) إِرَمَ ذَاتِ العِمَادْ (7) الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البِلادْ(8)" المدينة الأسطورية والتي ذكرت في القرآن باسم إرم Iram والتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر " قال تعالى على لسان نبي الله هود: )أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (الشعراء128ـ129). إن الذي يسافر إلى جزيرة العرب يلاحظ انتشار الصحارى بكثرة في معظم المناطق باستثناء المدن والمناطق التي زرعت لاحقاً. لكن القرآن الكريم يذكر أنه هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات وعيون. فقال لهم هود : "أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " الشعراء ولقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه المنطقة تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، والتي كَانتْ قبل ذلك أراضي خصبة مُنْتِجةَ فقد كانت مساحات واسعة مِنْ المنطقةِ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة . ولقد كَشفَت صور الأقمار الصناعية التي ألتقطها أحد الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990 عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ [5]كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقة قالَ" لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ." كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Pliny هذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها. ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات وأنها مصداقاً لقوله تعالى : "واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " الشعراء . أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفة رملية عنيفة أدت إلى غمر المدينة بطبقات من الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر . وهذا تماماً هو مصداق لقوله تعالى : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |