02-11-10, 03:06 PM
|
|
حالة الموسيقى في الشعر (1)
تحقق ذلك المطمح - وهو وصول الشعر إلى حالة الموسيقى- في البدايات الأولى لنشأة الحكايات والأغاني في الرقصة الطقسية. وكان الهدف تكثيف الحياة فيما هو أبعد من ضروراتها في جمال وغضب ونشوة. فهناك دورة كاملة للحياة الإنسانية تبدأ قبل الميلاد وتستمر بعد الوفاة تتمثل في التضحية والبعث في عالم يقوم على الانسجام.
وكانت الموسيقى متحدة مع الرقص والأغاني متخذة شكلا من سرد حكاية تعطي للكلمات طابعا فنيا خاصا. فهي مؤثرات ووحدات تكرارية أو دائرية. فقد تحكي عن عدد من الأخوة مثلا يقومون بنفس المحاولة ولا ينجح إلا الأخير، وتحكي كل محاولة بنفس الكلمات ويحدث التغيير أخيرا باعتباره تقدما مفاجئا واختراقا للسدود.
كما كانت هناك تكرارات الرقص وأنواع العمل مع اللازمة (واللازمة أو القرار هي عبارة تتكرر على نحو موصول في قصيدة أو أغنية) تمثل قائد الرقصة أو العمل في علاقته بالآخرين. وينشأ عن ذلك توتر درامي تبنيه الحركات والكلمات. ونجد أساس المقطع الشعري (والمقطع هو مجموعة من الأبيات موحدة الوزن والقافية في قصيدة) واللازمة وتطورهما الدرامي في الرقصة، وخاصة في الرقصة الإيمائية، كما نجد محاولة لتحقيق تطابق أو تغاير ما بين النطق والتصفيق ودقات الطبول ووقع الأقدام وبين إيقاع ونبرات الأغنية. وقد نجد شكلا آخر للتكرار في الشعر البدائي لتنظيم البنية الإيقاعية في تكديس المترادفات والاستعارات، وفي الإطناب والحشو لتحقيق دوران حول نفس المعنى أو التعبير في مواربة. ويصاحب ذلك كله تقريرات متوازية قد تعكس عند بعض الباحثين الانشطار الثنائي للقبيلة في عشائر متماثلة. ومن الاتجاه إلى التماثل (السيمترية) جاء الدوبيت (الكوبليه) المقفى أو الرباعية المقفاة. فقد كان هناك اتجاه نحو استخدام المترادفات والتكرار لإحداث تأثير بالتوازن الكلي يعبر عن فاعلية متدفقة في وحدة مع الطبيعة والعالم.
وكانت الموسيقى البدائية المصاحبة للعمل والرقص والأغنية الشعرية تتكون من وحدات إيقاعية متشابهة تتكرر باستمرار في تنوعات، وتنتظم على أساس من التوتر بين بداية الوحدة الإيقاعية وبين النغمة الختامية، وكانت تلك الوحدات الإيقاعية المتشابهة وسلسلة تكراراتها تنمو وفقا لنسق دائري حول نغمة مركزية، قد يكون مجرد تنويعات أو توسيع للمدى والنطاق. وأصبح هناك نظام تكراري من التنويع والدوران يشترك بين الحكاية والأغنية والموسيقى. وكان للوحدات الإيقاعية المتكررة أسماء محددة تنطبق على انفعالات وأشياء. ونصل من ذلك إلى أن بنية القصيدة الموسيقية مستمدة من تمثل تاريخها مع الرقصة والموسيقى حينما سادهما جميعا طابع جمعي تميز بغياب تناحرات إشكالية، لذلك اتسمت موسيقى الشعر البدائي التي ما تزال تواصل نوعا من الوجود بالتناغم اللحني والتماثل المنسجم (السيمترية).
ويذهب أصحاب الموسيقى إلى أن الإيقاع النغمي هو العنصر الحي في الموسيقى والتجسيد الخارجي لنبضاتها الباطنة. والإيقاع بوجه عام (حتى إيقاع الكون) هو الانتظام والتناسب في المكان والزمان للخطوط والأشكال والحركات والأصوات. وهم يفرقون بين الإيقاع ووزن الإيقاع Measureوهو صورة الإيقاع وقد رسمت في خطوطها العريضة التي اختزلت إلى مقادير رياضية (في انحطاط الشعر إلى نظم موزون). والإيقاع عند أصحاب الموسيقى خاص بالنغم، أما تعاقب الأنغام المنتظمة بطريقة ترتاح لها الأذن فهو اللحن (أو الميلوديا)، وحينما تتراكب ألحان (ميلوديات) بعضها فوق بعض وتكون لمجموعتها شخصية مؤكدة تنتظم في علاقات يتحقق ما يسمى بالانسجام (الهارمونية) متعدد الأنغام (البوليفونية).
التوقيع
|
تتقدم إدارة المنتدى بالشكر الجزيل
للمراقب والأديب/ حسن خليل ، على
جهوده الكبيرة في الرقي بالأقسام الأدبية
من خلال النقد ووضع المسابقات والحوافز
لجعل أقسامة متميزة كما هو ، سيما في
نجاح مسابقة " المقالة الأدبية " .
8/1/2012م
الأدارة .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
|
|