كان من عادة النبي ﷺ إذا انتهت المعركة أن يقول لأصحابه: «هل تفقدون أحداً؟».
وبعد انفضاض إحدى المعارك قال كعادته : «هل تفقدون أحداً؟».
فقال الصحابة: لا
فقال لهم: «ولكني أفقد جليبيباً ..!!».
فبحثوا عنه ، فوجدوه في القتلى إلى جانب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه.
فوقف النبي ﷺ عند رأسه وقال: «قتل سبعةً وقتلوه ، هذا مني وأنا منه».
ثم وضعه على ساعده ريثما يُحفر له قبر.
إنه "جليبيب" ، كان دميم الوجه ، مدقع الفقر ، هكذا تقول حسابات الناس ، أما عند الله فهناك حكاية أخرى ، كان ناصع القلب ، ثري الإيمان.
وكان آخر عهده بالدنيا أن يتوسد ساعد النبي ﷺ ريثما يحفرون قبره ، يا لهذه النهاية ، ويا لآخر العهد بالدنيا ،
فاللهم حسن الخاتمة.
يا إخوتي ..
لم تكن القضية يوماً قضية وجوه ، وإنما قضية قلوب ، الوسامة الحقيقية في الروح ، هذا الدفء في المعاملة ،
الحنان في التعاطي ، اللين في الكلام.
ولم تكن القضية يوماً في الجيوب ، وإنما في القلوب أيضاً ،
الثراء الحقيقي في الروح ، هذا الإيمان الراسخ رسوخ الجبال ، فلا تهزه حوادث الليالي ، وهذا اليقين الشامخ الذي لا تُركعه تقلبات الأيام.