18-03-09, 02:53 AM
|
|
كيف نحمي أطفالنا من التحرشات الجنسية؟
ما عرضناه آنفاً قصص من الماضي، كُتبت بأقلام أصحابها بعد أن مضى ما مضى، ذكريات تهدد حاضرهم، فهل سنسمع غداً قصص أطفالنا وما مروا به من أذى وتحرش ونحن لا ندري الآن ما يحصل لهم، ونحن لا نعرف عنهم شيئاً.. لو كان ذلك ما سيحدث فأي مصيبة نحن بها.. لئلا يغدو ماضيهم حاضر أبنائنا
يعرض المستشار خالد بن عبد العزيز بن إبراهيم "ماجستير في العلوم الشرعية" بعض النصائح لنحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي.
يقول: تبقى التربية الناضجة لأطفالنا ـ بعد توفيق الله وحفظه ـ هي صمام الأمان من الوقوع في مثل هذه المشاكل.. ومن أهم أولويات التربية الناضجة لأبنائناً أن نحطم كل السدود والحواجز التي تحول بيننا وبين أولادنا.. فتكون الأم هي مستودع سر أولادها.. هي الصديق الأمين التي تفضي لها البنت بكل همومها وآلامها وآمالها.. نعم.. يجب أن نتخلص من كل ما يحول بيننا وبين قلوب أبنائنا.. لنتبسط في الحديث إليهم.. لنودعهم بعض همومنا حتى يشعروا بالثقة.. لنكن مستمعين أذكياء لكل همومهم ومشاكلهم ولنتحمل كل شيء في سبيل ذلك.. فالتربية تستحق منا أكثر من هذا...
إنني دائماً أتساءل في نفسي: تلك البنت التي تتصل على المستشارين والمشايخ لتقول لهم كل ما في قلبها من هموم ولا تتحفظ في ذلك.. وتنتظر منهم كلمة توجيه وإرشاد.. هذه البنت لو وجدت من أبيها أو أمها قلباً مفتوحاً وصدراً رحباً وحباً صادقاً هل كانت تحتاج معهما إلى غيرهم؟!
إحداهن تتعرض منذ سنوات لابتزاز شرس من أحد لصوص الأعراض وتظل رهن هذا الابتزاز سنوات طويلة وتبقى تقاوم حتى تتصل علي لتعرض مشكلتها رجاء حلها...
أسألها: لِمَ لَمْ تفض بهذا إلى أمك أو أبيك أو أخيك؟! تجيب ـ بتلقائية: أخاف منهم...
نعم إنهم لم يعرفوها في وقت الرخاء لتعرفهم في وقت الشدة...
نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد للأسرة دورها المسلوب.. إن هذه التقنيات الحديثة رغم إيجابياتها إلا أنها سرقت منا أجمل لحظات حياتنا.. سرقت منا لحظات الصفاء.. لحظات الأنس.. لحظات السرور.. لحظات البهجة..
نعم.. إنهم يجلسون ويستمعون لكن إلى التلفاز.. يتحدثون بسرور لكن عبر الهاتف!!.! نعم تجلس أجسادهم متقاربة لكن تظل أرواحهم متنافرة..
نحن بحاجة لأن يجلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض.. يتحدثون من قلوبهم... يتجاذبون أطراف الهموم والآمال.. يتعرف كل واحد منهم على عالم أخيه أو أخته..
إن مثل هذه الجلسات هي أشبه ما تكون بالإبر الوقائية عن الكثير من الأمراض..
ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو؟! يقوم من مكانه ليستقبل ابنته فاطمة كلما أقبلت عليه.. يصافحها ويحادثها.. يسارها في الكلام فتضحك.. ويسارها مرة أخرى فتبكي...
لكن واقع الكثير منا مؤسف جداً.. فالأب مشغول بتجارته وعمله.. والأم بهمومها الخاصة.. ويبقى الأولاد هم من يدفع الثمن حتى ولو كان غالياً!!
إذن من المهم جداً أن تبني الأم بينها وبين أولادها جسوراً من الحب والتواصل..
وفي الثقافة الجنسية لا بأس ـ بل ضرورة ـ إذا بلغ الولد (والولد يطلق على الذكر والأنثى) سن التمييز أن يعطى جرعات تقيه من الوقوع ضحية للتحرش الجنسي.. ويمكن ذلك أن يكون بأن يعرف بمناطق العورات ويقال له: إن هذه المناطق مناطق محرمة لا يجوز كشفها للناس.. ولا تسمح لأحد أن يقترب منها.. أو يعبث بها وإذا وقع مثل هذا فلابد أن تخبرني..
وفي اعتقادي أن الطفل إذا تربى على هذا المبدأ فإنه سيقيه بإذن الله تعالى من الوقوع في مثل هذه المشاكل...
ورغم هذا فأنا واثق أن الأب أو الأم إذا كان قريبين من أولادهما فإن الولد سيقول لهما كل ما يهمه ويعترض طريقه..
وقناعتي التي أؤمن بها وأراهن على نجاحها بإذن الله تعالى: اعرف ولدك وقت الرخاء يعرفك في وقت الشدة..
وفي الأخير والأول لابد من التذكير ـ بلا ملل ـ أن أفضل معين لصلاح الأبناء هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الحفظ والتوفيق والسداد.. ومن كان الله معه فلن يخيب..
تعاريف ومفاهيم
لتكون الصورة أوضح نورد لكم مجموعة من التعاريف حول الطفولة، المتحرش والاعتداء الجنسي..
مفهوم الطفولة :الطفل هو المولود أو الصغير من كل شيء، وقد حدد القرآن الكريم مدة الطفولة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} (الحج: 5).
ومن الناحية القانونية فقد أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل وصادقت عليها دولها عام 1990، وحددت هذه الوثيقة الطفل بأنه: "كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد" (الأمم المتحدة، اتفاقية حقوق الطفل ص2).
المتحرش أو المعتدي:
المعتدي حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة ثقة وقرب للضحية، وقد دلت الدراسات أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية.
ما هو الاعتداء الجنسي على الطفل؟
الاعتداء الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق.
وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا.
ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.
وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمّرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة، وهو ينطوي أيضاً على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
ويقول الشيخ خالد أبا الخيل المستشار الشرعي والاجتماعي لموقع لها أون لاين:
هذه القضية بالتأكيد هي قضية مهمة.. وليس صحيحا أن نتجاهل قضايانا (الحساسة والهامة ) بدعوى أنها لم تصل بعد إلى درجة الظاهرة! إذ من الواجب ـ تجاه مشاكلنا التربوية أن ندق ناقوس الخطر لأدنى خطر يمكن أن يقع.
ذلك أن الخطأ التربوي تكمن خطورته بكونه يتحول تلقائيا إلى خطأ تراكمي.. وهذا هو سر الخطورة فيه..
والتحرش يمكن أن يقع فعله من المحارم .. أو من الأقارب وهذا هو الكثير.. ويمكن أن يقع من الغرباء الأجانب.. وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع المفضية إلى هذا المزلق.. وخاصة من الأقارب.. ولذا أمر الإسلام بالتفريق بين الأولاد في المضاجع .
وهذا بالتأكيد له دلالة مهمة وهو أن التحرش يمكن أن يقع حتى بين الإخوة مع أخواتهم أو بين كل جنس مع جنسه..
ولذا كان من أهم الوسائل في صيانة الطفل من التعرض لهذا الخطر هو سد الذرائع المفضية للوقوع في هذا المنزلق.. ومن أهم الوسائل التي نُص عليها هي التفريق بين الأطفال في مراقدهم.. ويلتحق بها الحذر من تمكين ضعيف الديانة ـ حتى ولو كان من المحارم ـ من الخلوة بالولد سواء كان ذكرا أم أنثى.. وليس معنى هذا الدعوة إلى نزع الثقة من الجميع.. إنما المراد الكياسة والحذر مع التعقل.
ومن الوسائل أيضا: تشييد الجسور العالية من الثقة بين الولد ووالديه.. وغياب هذه الرؤية عند كثير من الآباء، هي في اعتقادي السبب الرئيس في كثير أزماتنا التربوية..
إن بناء الثقة بين الولد ـ ذكرا أو أنثى ـ وبين والديه هي صمام أمان ـ بإذن الله ـ للولد من الاستجابة لكل وسائل الهدم والإغراء.. لأن الولد إذا أدرك أن صدر والديه أو أحدهما هو الصدر الرحب الرحيم الذي سيمتص كل أخطائه مهما كانت فلن يرضخ للابتزاز والضغط من أي شخص كان.. والولد بطبعه ـ كإنسان ـ يبحث عن الأمان دائما.. فمتى ما وجد هذا الأمان عند أبويه أو أحدهما لم يحتج معه إلى غيره .
م
لقلوبكم التحية
عناد الجروح
|