30-10-04, 12:52 PM
|
|
الاندلـــــــــــــــــــــــس
امتطى ابو عبدالله الصغير صهوة فرسه مولياً ظهره لقصر الحمراء الشهير
في يوم بارد من ايام ينايـر 1492م.
علت وجه أبي عبدالله سحابة كثيرة من الحزن وخيم على الركب الصغير صمت طويل
ينبئ عما يكتنف قلوب هذا الركب من غم شديد.
سار ابو عبدالله تتبعه امه وبعض من اهله وصحبه في ذلك الطريق الملتوي الطويل
الذي يمر بين شعاب غرناطه وجبالها متجهاً إلى منفاه ليفارق غرناطة إلى الابد.
كانت الشمس قد آذنت بالغروب واخذت تعكس باشعتها الذهبية على جدران قصر الحمراء
لتكسي حجارته بصبغة حمراء باهتة فتضفي عليه سحراً وجاذبية.
قــــصـــــر الحـــــــمــــــراء
توقف أبو عبدالله قليلاً عند تلة صغيرة تُشرف على وادي غرناطة المكتظ ببيوته البيضاء
ليلقي نظرة وداع اخيرة على مدينته الحزينة التي يتوسطها قصره الشهير..
تسارعت في ذهن أبي عبدالله ذكريات الصبا وأيامه الجميلة التي قضاها في صالات
وأروقة هذا القصر وفي حدائقه الفناء الواسعة
كان ابو عبدالله يعرف ان تلك الوقفة سوف تكون الاخيرة وان تلك النظرة ستكون النهائية
اذ ليس يأمل ابداً بأن يرى مدينته المحبوبة ثانية،
تمنى ابو عبدالله لو تطول تلك الوقفة لعله يستطيع ان يملأ عينيه بتلك المناظر الساحرة
التي تثير في نفسه ذكريات الصبا، إلاّ ان الحزن الذي يعتصر قلبه سرعان ما استحوذ على
عينيه وإذا بهما تنهمران دمعاً ساخناً حاول جاهداً ان يخفيه عن نظرات امه الحادة
التي عاجلته بلسانها الذرب.
إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً........لم تحافظ عليه مثل الرجال
نسيت عائشة الام انها كانت سبباً هاماً لسقوط غرناطة اخر معقل للاسلام
في الديار الاندلسية بسبب غيرتها وتسلطها على ولدها أبي عبدالله
واحابيل مكرها التي كانت تنسج شباكه في غرف القصر وصالاته.
وهكذا غادر ابو عبدالله آخر سلاطين بني الاحمر غرناطة تاركاً اهلها المسلمين لرحمة
الاسبان الذين لم تعرف الرحمة يوماً إلى قلوبهم سبيلاً،
ولتبدأ مرحلة بائسة طويلة مليئة بالاحزان والدموع، متسربلة بالدماء..
وليسدل الستار اخيراً على الاسلام في الاندلس بعد بضعة قرون من السنين.
كان رحيل أبي عبدالله آخر ملوك بني الاحمر بداية النهاية للحكم الاسلامي في تلك البقاع
كما سنرى.
التوقيع
|
الشيئان اللذان ليس لهما حدود الكون وغباء الإنسان .... مع أني لست متأكدا بخصوص الكون شبكة الفيصل نت
|
|