نعم لتنقية كتب التصوف من المدسوس والمنحول والشطحات المخالفة للشريعة الاسلامية0
بسم الله الرحمن الرحيم00
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين 0 وبعد0
رحم الله من قال :
لا تنه عن خلق وتأتي بمثله عار عليك اذا فعلت عظيم
فان بعض الصوفية الأكارم يشكون من ظلم الاخرين لهم لأنهم يكفرونهم بالشبهات ويحكمون عليهم بالزندقة والالحاد لزعمهم (أن الصوفية يؤمنون بعقيدة الحلول والاتحاد الفاسدة وانهم يعبدون مشايخهم ويشركون بالله فيستغيثون بالرسول وبالاولياء بل ويسجدون للقبور والاضرحة0)0والسادةالصوفية ينفون كل هذه التهم الباطلة، لأنهم يدينون بعقيدة اهل السنة والجماعة الطحاوية الاشعرية الماتريدية بالاجمال ،واستغاثتهم وتوسلهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالاولياء هي على سبيل المجاز، وهذا جائز ولا غبار عليه 00وان عقائد الصوفية هذه مذكورة ومثبتة في مقدمات امهات كتبهم كفتوح الغيب للجيلاني وكتب الشيخ احمد الرفاعي وحقائق عن التصوف للشيخ عبد القادر عيسى وكتب خليفته الشيخ احمد جامي والوصايا للشيخ ابن عربي وسواهم 00رضي الله عنهم اجمعين0000
ولكن العجب العجاب أن بعض أدعياء وجهلة الصوفية الذين ينزعجون من ظلم الاخرين لهم ، يمارسون احيانا نفس الظلم والتهجم على من ينصحهم أو يوجههم الى وجود بعض الشطحات والعبارات والاشعار والاجتهادات المخالفة للشريعة الاسلامية في ثنايا بعض امهات كتبهم ، وربما تكون منحولة او مدسوسة أو قيلت في حالة جذب أو نقص او سكر او جمع - حسب تعبيرهم - ولكنها تبقى غير شرعية ويجب البعد عنها والتبرؤ منها والتحذير من تكرارها 00الا أن بعض علماء السوء والجهلة من بعض من هو محسوب على التصوف وان تزي بزيهم ولبس عمامة وجبة وله لحية طويلة ويدعي أنه عارف او ذو حكم وكشوفات – مع الاسف – فانهم ينكرون النصيحة ويأبونها ويتهمون الناصح لهم بأنه مطموس على بصيرته او انه قاطع للطريق ويجب رجمه أو فاسد الطوية والعقيدة أو ملبس عليه ،لأنه عادى أولياء الله أو أساء الأدب معهم – حسب زعمهم ووهمهم – لأنه تجرأ على نقد بعض الشطحات المخالفة للشريعة وصرح بالحق والحقيقة 00وها أنذا أذكر بعض هذه الشطحات الشنيعة والعبارات الفاسدة الموجودة في ثنايا بعض كتب التصوف بغية التنبيه الى خطرها المحدق والتحذير من شرها وفساد معناها ،ومهما حاول البعض ء من علماء السو ايجاد تأويل لها فان الأولى ان يضرب بها عرض الحائط ،لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والمقياس هو كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وهكذا اوصى كبار شيوخ التصوف رضي الله عنهم ، واليكم نماذج من هذه الأخطاء والاجتهادات الخاطئة:
1 -(ان الملك والملكوت والجبروت محلهم واحد عند أهل التحقيق0)0
والصحيح ان الخالق غير المخلوق ، والجبروت الذي يعني العظمة الالهية القديمة ليس مثل المخلوقات (الملك والملكوت ) الحادثة الفانية0
2 -(ان الصفة لا تنفصل عن الموصوف والمخلوقات هي عين الخالق )00
والصحيح ان الصفة لا تنفصل عن الموصوف وليست هي عين الموصوف00والخالق غير المخلوق ومباين له من كل الجهات00 ولا داعي لللف والدوران00
-3 – (ان اصل الروح هو نور جبروتي ازلي قديم لاهوتي سكن في هيكل ناسوتي0) 00
والصحيح ان الروح اصلها لطيفة نورانية مخلوقة حادثة وهي من أمر الله تعالى وليست هي فرع من الله تعالى وليست متولدة منه بأي صورة من الصور ،لأن الله تعالى لم يلد ولم يولد0ولا داعي للزعم أن هذه االامور ذوقية كشفية لا يفهمها الا اهل الكشف والاذواق , فالعقيدة الاسلامية اوضح من الشمس في رابعة النهار00
3 – -(الوجود ثلاث مراتب هو اصلي وفرعي ووهمي0 وان الروح تحن الى اصلها الذي انبثقت منه وهو الجبروت اللاهوتي) 0
والصحيح ان الوجود اثنان لا ثالث لهما :
الله سبحانه وتعالى وهو الخالق المصور له الاسماء الحسنى المعروفة0
وما سوى الله تعالى من المخلوقات اللطيفة كالارواح والملائكة000 والكثيفة كالاجسام والاجرام00 وكلها حادثة وقائمة بالله تعالى وتحت امره تعالى00
والروح تحن الى خالقها وهو الله تعالى 00
-4 – (ان مثل الاكوان والله تعالى مثل الثلجة والماء0) 0
والصحيح ان هذا التمثيل خاطىء ومتهافت وسخيف، وان الله تعالى ليس كمثله شيء ،ومباين لمخلوقاته، وليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في سواه شيء من ذاته ،كما صرح بذالك الشيخ احمد الرفاعي رضي الله عنه00
-5 (ان الجبروت هو بمثابة الوالد ( الاب)0
وان الملكوت هو بمثابة الأم 0
وان الملك هو بمثابة الولد)00
والصحيح ان الله تعالى (قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد0)وان عقيدة التوحيد الاسلامية تختلف تماما عن عقيدة التثليث النصرانية الفاسدة 00) ولا مجال للتشابه بينهما00
6 -(ا ن الاكوان والموجودات باطنها نور ومعنى وظاهرها حس وظلمة 0باطنها لاهوتي جبروتي وظاهرها ناسوتي حسي00)0
والصحيح ان الاكوان والموجودات مخلوقة حادثة قائمة بامر الله تعالى 0والله تعالى ليس كمثله شيء 000
)-7 – ا ن الاكوان والموجودات معدومة وممحوة وممحوقة باحدية ذات الله تعالى حتى لا يحصل تزاحم بالمحل 00فالمحل لا يتسع الا لواحد هو الله تعالى(
والصحيح ان الله تعالى ليس له محل ولا حدود ولا جهة وهو ازلي ابدي حي قيوم والمخلوقات حادثة قائمة بالله تعالى ،ووجود الحادث يدل على وجود القديم 00وليس من الضرورة ان نعدم العالم حتى نثبت وجدود الله تعالى ،الله خالق كل شيء والله هو رب العالمين 00ولكن العالمين والموجودات ليست هي الله تعالى ولا متولدة منه وليس هو كامن فيها 00بأي صورة من الصور0
)--8 ان الوحي نوعان: وحي الانبياء ووحي الاولياء 0الاول للاحكام والثاني للحقائق ).
والصحيح ان الوحي انقطع بعد خاتم الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وان للاولياء الهام او كشوفات ليست معصومة من تلبيسات الشيطان ، ويجب عرضها على الكتاب والسنة الشريفة ، للتثبت من صحتهما00فالعصمة في الكتاب والسنة فقط لا غير 00
اقول : ان كتب التصوف الاسلامي العظيم مليئة بمئات الآلاف من الافكار الجميلة والعبارات الشيقة والشروحات الشرعية والاشعار الراقية والمقامات والاحوال الموافقة للشريعة 00وان حذف بعض الاخطاء وعثرات اللسان والاجتهادات غير السديدة والعبارات المدسوسة لن يضير التصوف في شيء، بل يجعله اكثر نقاء وصفاء وموافقا للحق والاسلام العظيم 00
وعلى السادة علماء وشيوخ التصوف الكرام قبول النقد الذاتي والبعد عن الشطحات والعبارات المخالفة للشريعة وقبول ان النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين00
وعلى أدعياء التصوف والجهلة منهم الكف عن الاساءة للتصوف بتبني الشطحات المخالفة للشريعة لأنه من تصوف ولم يتشرع فقد تزندق00
وعلى الجميع مسؤولية المساهمة في تنقية كتب التصوف من المدسوس والمنحول والشطحات المخالفة للشريعة وعدم تكرارها بحكم التقليد الأعمى ،وسوف يحاسب الله تعالى من يقصر في تأدية هذا الواجب العظيم00
والله اعلم 0
والحمد لله رب العالمين