25-10-20, 01:39 PM
|
|
رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي
سلسلة من لطائف القرآن الكريم
الشيخ صالح بن عبد الله التركي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـظ°نِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :-
سورة الرحمن/ الدلالة الببيانية لكلمتي القاصرات ، والمقصورات في التعبير القرآني
يقول الله تعالى في سورة الرحمن :
{ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)}
وقال جل شأنه أيضا :
{ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)}
فما الفرق بين القاصرات والمقصورات في نعيم تلك الجنان ، وفي التعبير القرآني
بداية الآية الأولى جاءت في معرض الحديث عن الجنتين الأوليين وهي قوله :
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ، والثانية جاءت مع وصف الجنتين الأخريين وهي قوله :
{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (72)} وهذه الجنان من جملة النعيم الذي أعده الله تعالى لعباده المؤمنين في الآخرة ، وبينهن تفاوت
{ قَاصِرَات } اسم فاعل من الفعل الثلاثي قَصَرَ ، وأما { مَّقْصُورَات } فهو اسم مفعول من الفعل الثلاثي المبني للمجهول قُصِرَ
والمستقر عند أهل العربية أن اسم الفاعل أشرف وأجل من اسم المفعول ، حيث إن اسم الفاعل من فعل مبني للمعلوم ، واسم المفعول من فعل مبني للمجهول ، وعلاوة على هذا اسم الفاعل هو من قام بالفعل فقولنا كاتب هو من فعل الكتابة ، واسم المفعول من فُعِل به الفعل ولم يسند له مباشرة وقولنا مكتوب من فعلت به الكتابة
وهذا التحليل اللغوي ظاهر على معنى الآيتين وجلي واضح ،
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره عند { قَاصِرَات } : قصرن أبصارهن على أزواجهن حور لا ينظرن إلى غير أزواجهن ،
وقال ابن كثير رحمه الله : غضيضات عن غير أزواج
وصفوة الكلام أن من وصفها الله تعالى بقوله: { قَاصِرَات } قصرن طرفهن على أزواجهن فلا ينظرن لغيرهم ولا تمتد أبصارهن لما سواهم وهذا الفعل صادر منهن لكمالهن وفضلهن ولا ريب أنهن أفضل من غيرهن ، وهذا من نعيم الجنتين الأوليين
أما من وصفهن الله تعالى بقوله: { مَّقْصُورَات } فقد قُصرت أبصارهن بفعل فاعل وحُبست لأزواجهن دون غيرهم ،
قال مجاهد رحمه الله : مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ ، وهذا من نعيم الجنتين اللتين من دون السابقتين وشتان بين الوصفين كما هو واضح وظاهر
نسأل الله تعالى من فضله الكريم
|