هل انت حر فعلاً ام مجرد عبد .؟
سؤال مستفز نوعاً ما أليس كذلك .؟
اجزم أن بعض الإخوة الفضلاء القراء لو كنت بجانبه الآن لوجدت راسي يتدحرج قبل أن أتم كلامي .!
هل تستطيع أن تقول لعربي " قح " مثل هذا السؤال .؟
أنها مغامرة ..! , بل لنقل انتحار .! ,
وعار وشنار ..!
لكن مهلاً .؟
هل الحرية هي فقط الحرية الجسدية .؟
أي أن نمتلك أجسادنا ولا نكون عبيداً يسخرنا شخص آخر لخدمته بأجسادنا .؟
هل هذا هو مفهوم الحرية القابع منذ آلاف السنين في عقولنا .؟
اعتقد أن الكثير سوف يوافق على هذا التعريف .
فلسان مقاله يقول : نعم فالعبودية تعني أن نكون في ملك شخص آخر يمتلك أجسادنا فيأمرنا ونطيع .
لكن هل هذه فقط هي العبودية .؟
سؤال يحتاج إلى تفكير .!
فماذا لو كانت هنالك عبودية أسوء بكثير من هذه العبودية .؟
عبودية نختارها نحن , ولم تفرض علينا ..!
نعم نحن من يختارها , بل نكون في قمة السعادة المتوهمة عندما نمارسها .!
عبودية تهبط بالإنسان من عليائه إلى أسفل السافلين .
عبودية تجعل الإنسان الذي كرمه الله جل جلاله برفع درجته عن جميع مخلوقاته .
مخلوقاً أشبه ما يكون بحيوان , ..
أو آلة صماء تعتبر من الزوائد الثقيلة على سطح هذا الكوكب .
كيف لا وهو يجعل مركز حريته وأغلى ما يمتلك " عبداً " مملوكاً .!
ويتنازل بمحض ارادته وهو بكامل قواه العقلية عن أعظم جوهرة وهبها له خالقه وخصه بها .!
بل ان الله جل جلاله حذرنا مراراً وتكراراً من ان ندخل بمحض أرادتنا في هذه المعتقلات المصدرة للعبودية .!
ونكون عبيداً بعدما خلقنا أحرارا .!
هل عرفتم ماهي هذه العبودية المقيتة المتعفنة .؟
لاشك إنكم عرفتم ما اعني .
انها عبودية "الفكر " وتسليم عقولنا بمحض إرادتنا لكل من هب ودب .!
أنها ياسادة ..
عبودية تأجير العقول والسكوت على احتلالها المريع .
انها استعمار ولكن من نوع راقي ...
لقد أصبح الكثير منا أيها السادة كالخرفان ..!
نعم ولا تستغربوا ذلك فلقد بتنا نرى من أصبح كالخراف المدجنة .
التي تسلم زمام أمرها إلى قائد القطيع ..
فالأمر ما يقول . والرأي ما يرى . والحق ما ينطق .
حتى ولو كانت الحقيقة خلاف ذلك .
المهم أن نكون ضمن ثقافة القطيع والشاهد ( الموت مع الناس رحمة ) .!
أيها السادة ...
يقول المولى عز وجل عن فئة من الناس يعيشون على موروث الإباء ويقتاتون عليه ذاماً لهم ومنكراً عليهم هذه الفعلة الشنيعة ,وهذه الجريمة العظيمة :
( انا وجدنا اباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون )
ويقول المثل الشهير :
( العقول مثل مظلات الطيارين لاتعمل حتى تفتح )
فلننهض أيها السادة من غفوتنا .
ولننفض غبار الماضي عن عقولنا ,
ولنفتح نوافذ عقولنا ليدخل اليها الهواء النقي ...
هواء الحرية الفكرية في نطاق ما احل الله لنا .
فالحياة قصيرة , والأيام تجري بسرعة إلى نقطة الصفر .
وصدقوني انه سوف يأتينا ذلك اليوم الذي نعض فيه أصابع الندم على تعطيل عقولنا .
وانسياقنا خلف ثقافة القطيع ...
وختاماً ...
اهدي تحياتي وتقديري لكل من مر منا هنا ...