22-05-05, 12:47 AM
|
|
الأدلة على أن تولي المرأة للولايات العامة ودخولها إلى المجالس التشريعية ؟
الباب الأول:
الأدلة على أن تولي المرأة للولايات العامة ودخولها إلى المجالس التشريعية
ليس حقاً لها ولا واجباً عليها.
أولاً: إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا عدم تكليف المرأة بشيء من هذه الولايات:
الدليل الأول على أن تولي المرأة للولايات العامة، والتشريع للأمة من خلال مجالس الشورى، أو أية مسمى آخر ليس واجباً على المرأة، ولا هو حق لها، وأن الشريعة لم تأت به قط: هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يول امرأة قط شأناً من هذه الشئون، ولو كان هذا حقاً من حقوق المرأة، أو واجباً من الواجبات عليها لما أغفل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحق والواجب. كيف وهو رسول الله، الأمين على تطبيق شريعته، وتنفيذ أحكامه، وتبليغ رسالته؟ كيف والرسول صلى الله عليه وسلم قد مكنه الله، وكان الحاكم بأمر الله بين المسلمين قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} (النساء:105).
وقد تولى النبي صلى الله عليه وسلم جميع مهام الحكم: من القضاء بين الناس وتولية الأمراء، وعزلهم ومحاسبتهم، وإرسال الجيوش، وإعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة والسلم، ومخاطبة الملوك ودعوتهم وتهديدهم وإنذارهم، فقد أرسل لكسرى عظيم فارس (أسلم تسلم) ولقيصر عظيم الروم (أسلم تسلم..).. الخ وولى رسول الله أمراء على النواحي والمدن، في مكة وعمان والبحرين، واليمن وعلى الوفود، وولى على الزكاة والصدقات.. ولم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى امرأة واحدة في كل هذه الولايات. ولو كان تولي هذه الولايات أو بعضها واجباً على المرأة، لما أغفل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الواجب ولو كان حقاً كذلك من حقوق المرأة فما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يمنع النساء من هذا الحق. وهذا الدليل كما نرى من أصرح الأدلة وأظهرها، أن ما يقال إن تولى الولايات العامة حق للمرأة قول باطل.. فكيف يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يغفل هذا الحق للنساء، وهو المبعوث بالرسالة، المأمور بتبليغها كاملة، وعدم النقص منها، قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} (المائدة:67).
ولم يثبت كذلك قط ولا نقل بأي صورة من صور النقل أن النبي أمر بأن تولي المرأة هذه الولايات، ولو في مستقبل الزمان. بل إن قول النبي في هذا الشأن كان على غير ذلك فقد جاء بمنع المرأة من هذه الولايات. كما سيأتي في الفقرة التالية.
وكذلك الحال مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الذين تولوا أمر المسلمين بعده: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؛ فإن أحداً منهم لم يول امرأة ولاية عامة: إمارة بلدة أو قضاء ناحية، أو قيادة جيش، أو أمراً عاماً كالزكاة، والقضاء، والوفود، والسفارة. ولا دخلت امرأة واحدة إلى مجلس الحكم أو الشورى لخليفة من هؤلاء الخلفاء الراشدون فكيف يجمع هؤلاء الخلفاء الأربعة في عصر الإسلام الزاهر على حرمان المرأة حقاً هو لها، أو واجباً أوجبه الله عليها؟! كيف وهذه الأمة لا تجتمع على باطل.. أليس حرمان المرأة حقاً من حقوقها أو عدم تمكينها من القيام بواجبها باطل؟! فكيف تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك!!؟
ثم هؤلاء خلفاء الإسلام الذين جاءوا بعد الخلافة الراشدة: بنو أمية، وبنو العباس، وبنو عثمان، وما تخلل ذلك من حكومات الإسلام هل كان منهم من ولى امرأة ولاية من هذه الولايات العامة؟ وهل كان منهم من جعل امرأة عضواً في مجلس التشريع؟ هل يتصور أن تظل أمة الإسلام على هذا الباطل في كل عصورها؟!
ثانياً: ليس هناك في الكتاب والسنة ما يثبت أن للمرأة حقاً في الولايات العامة أو أنه يجب عليها تولي الولايات:
الدليل الثاني أن القرآن -كتاب الله المحكم- وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها ما يثبت هذا الحق، أو يقضي هذا الواجب. فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأداء الأمانات إلى أهلها.. قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (النساء:58).
ولم يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية بقوله ولا فعله أن المرأة من أهل الولاية وأن من أداء الأمانة إلى أهلها توليتها. ولم يقل أحد قط من أهل العلم إن المرأة هي أهل لتحمل أمانة الحكم.
وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره ليس فيه حرف واحد يدل على أن تولية المرأة للولايات العامة واجب عليها أو حق لها. بل في القرآن ما يدل على غير ذلك وهو ما سنبينه في الفقرة التالية إن شاء الله تعالى.
وأما السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم في توليته لأمرائه وولاته وقضاته فقد كانت على غير ذلك، فلم يول الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولاية عامة، على كثرة ما ولى صلوات الله وسلامه عليه!! وقد كان لديه مجموعة كبيرة من النساء الفضليات العظيمات الحافظات العالمات كأمهات المؤمنين. مثل: أم سليم، وأم حرام بنت ملحان، ونسيبة بنت كعب الأنصارية، وأسماء بنت عميس. وغيرهن كثير من أهل الفضل والدين والعلم، ولم يول النبي واحدة من هؤلاء النسوة ولاية ما.
وكذلك هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية كلها: أين تجد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إن للمرأة حقاً في الولاية العامة؟ أن تكون أميرة، أو وزيرة، أو قاضية، أو نائبة، أو سفيرة.. الخ.
ثالثاً: آيات القرآن تمنع المرأة من الولايات العامة والخاصة:
الدليل الثالث أن آيات كثيرة من القرآن الكريم قد جاءت بمنع المرأة من الولايات العامة، بل ومن الولايات الخاصة (ولاية المنزل والأسرة)، فمن ذلك:
(أ) الولاية للرجل في الأسرة والمنزل:
قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء:34). وهذه الآية نص في قوامة المنزل والأسرة خاصة، وهي كذلك نص عام بجعل القوامة مطلقاً للرجال على النساء فإن {الرجال} بالألف واللام للاستغراق، و{النساء} بالألف واللام للاستغراق، فحيثما وجد رجال ونساء فإن الواجب الشرعي أن تكون القوامة للرجال دون النساء، والقوامة هنا هو القيام بأمر الغير، وتولي ولايته، ورجوع الأمر إليه.
وقد جعل الله كل ذلك للرجال، فعقد النكاح: الذي يتولاه هو الرجال دون النساء، والمرأة لا تعقد لنفسها، وجعل على المرأة الطاعة لزوجها، وحرم عليها النشوز عليه وهو العلو والارتفاع ورد أمره، وأعطى الرجل حق التقويم والتأديب، قال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً} (النساء:34).
وهذه الولاية (ولاية أمر الأسرة والأولاد) هي أصغر الولايات، ولم يجعل الله للمرأة حقاً فيها، ولا واجباً عليها، بل الرجل هو الولي على المرأة زوجاً كان أو أباً، أو أخاً، أو ابناً.. فإن لكل هؤلاء الولاية على النساء.
وإذ منع الله المرأة من تولي هذه الولاية، فمن باب أولى منعها من تولي ما هو أكبر منها من الولايات. وقد استدل هذه الآية من العلماء كل من قال بمنع المرأة من تولي الولايات العامة والقضاء .
(ب) جعل شهادة المرأة على العقود عند عدم وجود الرجل على النصف من شهادة الرجل:
قوله تعالى في آية الدين {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (البقرة:282).
وهذه الآية دليل صريح أن عقل الرجل أكمل من عقل المرأة. ومن لوازم ذلك منعها من الولاية عليه. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية وذكر السبب الذي جعلت شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فقال: [أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل]. فقلن: بلى، فقال: [فذلك من نقصان عقلها] (البخاري، باب ترك الحائض الصوم). فكيف يولى المفضول على الفاضل.
وهذه الآية هي كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
(ج) سليمان عليه السلام يزيل عرش بلقيس:
قوله تعالى فيما ذكره عن سليمان عليه السلام وملكة سبأ أن الهدهد جاءه مخبراً مستنكراً أمراً فظيعاً فقال: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين* إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم* وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} (النمل:22-24).
وقد استنكر الهدهد من شأن هؤلاء القوم أمرين عظيمين: كون امرأة تملكهم، وكونهم يعبدون الشمس من دون الله!!
ولذلك عمل سليمان على إزالة هذين المنكرين جميعاً، فلما أرسل كتابه إليهم أمرهم بأمرين: هو أن يسلموا، وأن يأتوا إليه، وهددهم بقوله {ألا تعلوا علي} ولو كان متولي أمرهم رجلاً لأمرهم بالإسلام فقط وأقرهم على ملكهم إن أسلموا، وقد كان هذا في شريعته وشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم فإن النبي كان يدعو الملوك إلى الإسلام، فإن أسلموا أقرهم على بلادهم كما فعل مع ملك عمان، وملك البحرين. ومن لم يقبل من الإسلام حاربه.
وسليمان لم يكن ليقر امرأة لو أسلمت ويقرها ملكة على قومها لأن هذا مخالف لأمر الله وحكمه. ولذلك دعاها وقومها للإسلام وأن تأتي بنفسها إليه هي وقومها خارجة من ملكها قبل أن يرسل إليها من يخرجها وقومها..
ولما تيقن سليمان أن المرأة قد جاءته مسلمة مذعنة لم يكتف بهذا بل نقل عرشها كله إليه ليسل عرشها وينهي وجود هذا المنكر في كون امرأة تتولى هذا الشأن العام وهذه الولاية الكبرى في قومها..
ولو كان تملك امرأة جائزاً في شرع سليمان لأقرها في حكمها بعد أن أعلنت إسلامها . ولما استحل أن يأخذ عرشها من خلف ظهرها..
وفي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أن الكافر إذا أسلم فقد عصم ماله ودمه كما قال صلى الله عليه وسلم: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله] (رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، وهو متواتر كما قال الألباني).
فدم الكافر وماله يعصم بمجرد قول لا إله إلا الله. ولو كان قالها تحت السيف. والشاهد أن سليمان عليه السلام إنما نقل عرش بلقيس إليه لأنه منكر أن تتربع امرأة على عرش ولذلك قال لمن حوله: {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقد كان يعلم أنهم استجابوا لرسالة الإسلام وقبلوا دعوة سليمان، ولم يحاربوا، ومثل هؤلاء إذا قبلوا الإسلام يجب قبوله منهم ولا يجوز غنيمة أموالهم ولا نسائهم..
بل يجب إقرارهم على ملكهم، وعدم التعرض لشيء من أموالهم (وبسط أدلة هذا في غير هذا الموضع) وإنما الشاهد هنا بيان أن سليمان إنما أتي بعرش بلقيس مع مجيئها مسلمة إليه ليزيل هذا المنكر كلية، فيضم بلقيس الملكة إليه. وينقل عرشها كذلك إليه.. ولو لم يكن هذا منكراً لما حل له أن يأخذ عرشها غنيمة وهي مسلمة.. كيف والغنائم كذلك كانت حراماً عليه في شريعة موسى؟ فإن الغنائم لم تحل إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ومقصد سليمان هو إزالة هذا المنكر: بقاء عرش امرأة كانت تحكم قومها..
(د) النساء مأمورات بالقرار في البيوت:
قوله تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا* وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً* واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً} (الأحزاب:32-34).
وهذه الآيات تعليم وتوجيه وأمر لازم لنساء النبي صلى الله عليه وسلم في أدب الكلام ووجوب القرار في البيت والنهي عن تبرج الجاهلية. ولا شك أن الأمر بالقرار في البيوت لنساء النبي اللاتي هن قدوة جميع النساء ينافي تولي المرأة للولايات العامة التي من ضروراتها الخروج اليومي من المنزل، والخلطة بين الرجال، فإن امرأة تكون وزيرة أو أميرة أو قاضية لا بد لها من الخروج كل يوم والاختلاط بأصحاب الحاجات، ومعرفة الناس رجالهم ونسائهم.. وهذا ينافي أمر الله للنساء بوجوب القرار في المنزل.
(هـ) حجب المرأة عن الرجال أصلح لقلوب الجميع:
قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} (الأحزاب:53) وهذا أمر لأصحاب النبي في كيفية طلبهم حاجة من أمهات المؤمنين وهو ألا يسألونهن إلا من وراء حجاب (جدار أو ستارة ونحوها) وعلل الله ذلك بأن هذا أطهر لقلوب الصحابة، وأطهر لقلوب أمهات المؤمنين فكيف وهذه القلوب جميعها قد طهرها الوحي، والصحبة، ونقاها ضوء الإسلام الساطع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.. فكيف بمن بعد عهدهم عن الوحي والصحبة.. ألا يرشد هذا إلى أنه كلما كان هناك حجاب بين المرأة والرجل الأجنبي عنها كان هذا أطهر وأكمل.. فكيف يتوافق هذا مع زج المرأة إلى الولاية العامة التي من شأنها ولوازمها الخلطة اليومية بين المرأة وبين غير محارمها.
والخلاصة أن آيات القرآن في هذا الشأن قاضية بوجوب دفع الأمانة وهي الولاية العامة إلى الرجال الأكفاء الأمناء، وأن تولية المرأة منكر عظيم فهو مع الكفر منكر إلى منكر ومع الإسلام أشد نكراً، وقد هب نبي وهو سليمان عليه السلام في ملكه بمجرد سماعه به حتى أزاله، وهو يبعد عنه آلاف الأميال. وأن الرجل هو الذي يتولى شأن المرأة مطلقاً فهو سيدها في المنزل {وألفيا سيدها لدى الباب} (يوسف:25)، {الرجال قوامون على النساء}. وأن المرأة ليس لها ولاية على ولد ولا أخ بل ولا على نفسها في زواج، فلا نكاح إلا بولي، وشهادتها إنما تجوز فيما هو من شأنها، وأما ما هو خارج شأنها فلا شهادة لها فيها، وإن شهدت فعلى النصف من شهادة الرجل، وأن عليها القرار في المنزل، والطاعة والقنوت للزوج، وأنها كلما كانت بعيدة عن الأجانب، كان هذا أحفظ لقلبها وقلوب الرجال.. فأين من ذلك أن يكون القرآن قد جاء بتولية المرأة شئون المسلمين عامة؟
رابعاً: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المرأة لا تتولى ولاية عامة:
علمنا من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية أنه لم يول امرأة قط في شأن من شئون المسلمين العامة على كثرة ما ولى صلى الله عليه وسلم: أمراء للنواحي، وقواداً للجيوش، ونواباً على المال والزكاة، والصدقات، وبعوثاً للتعليم، وسفراء بينه وبين الملوك والرؤساء، وهذا وحده دليل كاف على أن المرأة لا حق لها في الولاية، ولا يجب عليها تولي شئون المسلمين. لأنه لو كان لها حق فيه لما منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان واجباً لما ترك رسول الله إلزام النساء بهذا الواجب.
(أ) لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة:
وأما السنة القولية للرسول صلى الله عليه وسلم فإنها قاضية كذلك أن تولية المرأة ولاية عامة هو أحد الآثام وهو دليل الخيبة والفشل. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] وسياق هذا الحديث على النحو التالي: روى البخاري بإسناده إلى أبي بكرة رضي الله عنه قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] (رواه البخاري).
ووجه الشاهد في هذا الحديث ما يأتي:
إخبار الرسول بأن أمر مملكة فارس إلى فشل وزوال وأنهم لا فلاح لهم بعد أن ولوا أمرهم امرأة. وقد دل هذا على أن تولية المرأة للولاية العامة من أسباب الفشل وعدم الفلاح.
إخبار الرسول إخباراً عاماً عن الفرس وغيرهم أن القوم الذين يولون المرأة الولاية العامة لا يفلحون لأن (قوماً) لفظ عام، (وامرأة) لفظ عام.. فيدخل فيه كل قوم ولوا امرأة عليهم.. وهل هو عام يراد به خصوص الفرس الذي جاء الحديث بشأنهم أم هو عام في كل الأقوام يحتمل هذا وهذا..وعلى كل حال هو يعم كل قوم وكل امرأة في كل زمان ومكان فإن كان اللفظ عاماً يراد به العموم فهو كذلك، وإن كان عاماً يراد به الخصوص (أهل فارس) فإن القياس يجعل هذا عاماً في كل قوم.
فهم أبو بكرة رضي الله عنه من هذا الحديث أن تولية المرأة دليل فشل سواء كان هذا في قوم كفار أو قوم مسلمين ومن أجل ذلك رجع عن الخروج مع الجيش الذي فيه أم المؤمنين رضي الله عنها.
استدل عامة من رأي من العلماء أنه ليس للمرأة ولاية عامة بهذا الحديث.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن التين "استدل بحديث أبي بكرة من قال: لا يجوز أن تولى المرأة القضاء وهو قول الجمهور، وخالف ابن جرير الطبري رحمه الله فقال: "يجوز أن تقضي المرأة فيما تقبل شهادتها فيه". أ هـ
وقد حاول بعض العلماء المعاصرين رد هذا الحديث فزعم أنه غير ثابت وهذا قول ساقط، فإن الحديث صحيح رواه الإمام البخاري رحمه الله، واتفقت الأمة على قبوله والعمل به منذ عصر الصحابة.
وزعموا أيضاً أنه مخصوص بأهل فارس فقط لما ولوا امرأة عليهم، وهو تخصيص بلا دليل، ولو كان مخصصاً بأهل فارس لكان من عمل مثلهم حكم عليه بمثل ما حكم الرسول عليهم!!
وقالوا إنما كان ذلك لما كانت المرأة لا تتعلم وتعرف أصول الحكم، أما اليوم فالمرأة لا تقل تعليماً عن الرجل.. وهذا من أغلظ الجهل فإن النساء في ذلك الوقت كن يتعلمن كما يتعلم الرجال.. بل كان بعض النساء أوسع تعليماً من كثير من الرجال في ذلك الوقت، فقد كان منهن الشاعرات، والملكات، ومن ادعت النبوة، ومن نافسن الرجال في جميع الشئون.
(ب) الأحاديث النبوية المستفيضة في شأن المرأة لا تجعل للمرأة ولاية على غيرها، بل ولا على نفسها في أخص شأن من شئونها وهو النكاح فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا نكاح إلا بولي..] وقد يكون الولي أباً أو أخاً أو عماً أو خالاً أو ابناً، وقد يكون بعض هؤلاء الأولياء أقل من المرأة سناً وعلماً. ولكنها لا تزوج نفسها بغير إذنه ورضاه.
وكذلك جاءت السنة بمنع المرأة من السفر وحدها دون محرم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم].
وأن لا تخلو بغير محارمها قال صلى الله عليه وسلم: [إياكم والدخول على النساء]، قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: [الحمو الموت].
ومن أصرح ما جاء في السنة مما يعتبر دليلاً على منع المرأة من الولاية العامة كون المرأة تستطيع سلب الرجل لبه، وتبديل رأيه وأن هذا يكون منها مع نقصانها عقلاً وديناً عن الرجل..
وقد جعل النبي هذا من جملة الذنوب التي على المرأة أن تسعى في تكفيرها فقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم النساء في موعظة عامة يوم عيد فقال لهم: [يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار]. فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: [تكثرن اللعن وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء].. ثم انصرف.. (هذا لفظ البخاري من حديث أبي سعيد الخدري).
فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة ذنوب تفشو في النساء ووعظهن بالحذر منهن، وبالتكفير عنهن وهذه الثلاث هي: كثرة اللعن، وكفران العشير، وكون الواحدة تستطيع أن تسلب الرجل الحازم لبه. أي فيقع في حرام أو يمتنع من واجب وأن الرجل مع حزمه وعزمه وكونه في الجملة أكمل عقلاً من المرأة، وأوفى ديناً منها إلا أنها تغلبه على عقله وتميل به عن دينه!!
وقد استدل الرسول صلى الله عليه وسلم في نقصان عقل المرأة عن عقل الرجل ونقصان دينها عن دينه.. بالقرآن الكريم فقال: [أليس المرأة إذا حاضت لم تصل ولم تصم!!] قلن: بلى. قال: [فذلك من نقصان دينها]. وقال: [أليست شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد] قالوا: بلى. قال: [فذلك من نقصان عقلها]..
أليس هذا دليلاً صريحاً على أن الرجل هو الذي يجب أن يتولى الشئون العامة مع الحذر أن يكون للمرأة تسلط عليه أن يقضي بغير الحق كما قال صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما لما رددن عليه في قوله: [مروا أبا بكر فليصل بالناس] فقلن: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مكانك لم يسمع الناس من البكاء شيئاً. فقال: [مروا أبا بكر فليصل بالناس إنكن صواحب يوسف!!]، وأنه لا يجوز للمرأة أن تتولاها.
خامساً: إجماع الأمة على منع المرأة من الولايات العامة:
الدليل الخامس على تحريم تولي المرأة للولايات العامة هو الإجماع على ذلك
من كل علماء الأمة. في جميع عصورها. فلم ينقل عن واحد من العلماء جواز تولي المرأة الولاية العامة الكبرى (خلافة المسلمين) والإمامة العامة في الأمة على المسلمين جميعاً أو مجموعة منهم فتكون هي السيد الأعلى، والرئيس العام والإمام.. ولم يخالف في هذا الأمر أحد من علماء المسلمين قاطبة في كل عصورهم. ويكفيك بالإجماع حجة في هذا الأمر.
وأما الولايات التي هي دون الولاية الكبرى كالوزارة، والقضاء ونحو ذلك.. فقد شذ بعض أهل العلم فرأى جواز تولية المرأة القضاء فيما تصح به شهادتها فقط وليس القضاء العام. وهذا القول كذلك مردود لأنه لا دليل عليه وهو مخالف للقرآن والسنة وعمل المسلمين في كل العصور.
من المكتبة السلفية والله من وراء القصد
|