بين الطب النفسي والرقية الشرعية الجزء 4
س 76 : ما المقصود بأحلام اليقظة اللاإرادية ؟.
هي التي تسيطر على الفرد ولا يستطيع التخلص منها.وكثيرا ما تؤدي هذه الأحلام-إذا كانت مزعجة واستمرت المعاناة منها لمدة طويلة-إلى العزلة والانطواء,وذلك لانشغال المرء بها وتفاعله معها مما يبعده عن التعامل والانسجام مع المجتمع من حوله.وتعتبر هذه الحالة مرضية,ويجب علاجها والتخلص منها وذلك بالطرق والوسائل النفسية العديدة ومنها التحليل النفسي.
س 77 : ما علاقة أحلام اليقظة الإرادية بالأرق ؟.
أحلام اليقظة الإرادية هي التي يستدعيها الفرد متى أراد وأينما شاء،أي أن الفرد هو المسيطر على تلك الأحلام وهو السيد لها لا العبد.وفي الغالب تضفي تلك الأحلام على الفرد الراحة والاسترخاء والتمتع بها,كما أنها مفيدة كذلك لعلاج الأرق أو بعضه.ومن أجل ذلك على المصاب بالأرق أن يستدعي حلما معينا يستمتع به ويؤدي به إلى الاسترخاء ثم النوم.والطريقة التي يمكن إتباعها في هذا الموقف هو أن يذهب الفرد إلى النوم وفي رأسه شريط سينمائي لهذا الحلم(لقاء عزيز أو ليلة عرس أو نجاح في امتحان أو إيجاد منصب عمل أو دخول للجنة ولقاء الحور العين أو..يضع الفرد رأسه على الوسادة ويبدأ بالاسترخاء التام ثم يستعرض الحلم الذي أعده لنفسه.في الليلة الأولى ينتهي الحلم وقد يستغرق في النوم بعدها أو يبقى مؤرقا لفترة ثم ينام،أما في الليلة الثانية فإنه يستغرق في النوم بإذن الله بعد الانتهاء من ذلك الحلم مباشرة.وبتكرار العملية يغفو الفرد في منتصف استعراضه لذلك الحلم,وهكذا يقضي الفرد على الأرق الذي عانى منه ما عاني بطريقة سهلة ومريحة.وعلى المعني أن لا يُبدِّل الحلم إلا بعد فترة,لأن كل حلم يحتاج إلى فترة معينة كي يستطيع الجهاز العصبي التكيف معه ليتمكن صاحبه من التغلب على حالة الأرق.
س 78 : أستاذ كره التدريس في ثانويته لأن التلاميذ أقلقوه بسلوكهم السيئ أو لأنه ضيق الصدر فلا يتحمل العوج من التلاميذ مهما كان بسيطا.ونتيجة لذلك أصبح يعاني من القلق والتوتر والخلعة وقلة النوم وأوجاع في الرأس و..وذلك منذ شهور.هل تلزمه رقية خاصة وأنه تعلق بها مؤخرا إلى حد كبير؟.
مادام سبب ما يعاني منه معروفا فالأمر لا يحتاج إذن إلى رقية.أما مسألة تعلقه بالرقية (أو ما أسمعه كثيرا من الناس "ارقني يا فلان,فأنا نويتك أو نويت الرقية") فإنها هنا لا تقدم ولا تؤخر.ولو كانت المشاكل والأمراض يتم التخلص منها ب"النية" لنوى كل واحد منا الذهاب عند طبيب معين وواحد ووحيد فيداويه في الحين ومن جميع الأمراض,ولنوى كذلك كل واحد منا استشارة شخص معين خبير بالطب النفسي واحد ووحيد فيُخلصه بسرعة ومن جميع المشاكل.
إن المطلوب من هذا الشخص:
ا-أن يحاول تقوية إيمانه بالله حتى يتغلب على مصاعب التدريس,لأنه إذا تذكر بأن التعليم مهمة الأنبياء والرسل-ص-,وعلم ما سيكون له من الأجر عند الله عندما يُعلم ويُربي ويَصبر,فإن المتاعب ستنقص بإذن الله.
ب-أن يستعين بأساتذة أكفاء علميا وأقوياء دينيا وأدبيا وأخلاقيا يقتدي بهم ويعمل بنصائحهم.
إذا انتفع هذا الأستاذ بذلك فبها ونعمت,وإلا وجب عليه استشارة طبيب نفساني.
س 79 : امرأة متزوجة لها أولاد,عمرها 35 سنة.أصيبت مؤخرا بسرطان يقول عنه الأطباء بأنه مميت لأنه لم يكتشف إلا مع نهايته.أصبحت في الأسابيع الأخيرة تعاني من القلق والكآبة والتوتر والعصبية الزائدة ومن قلة النوم.رقاها راق فتحسنت حالتها النفسية ليوم أو يومين ثم رجعت حالتها إلى ما كانت من قبل.نرجو أن ترقيها للمرة الثانية لعلها تُشفى.
مرض السرطان مرض عضوي.إذا كان الأمل في الشفاء منه قائما فالأمل في الطبيب بعد الله عزوجل, وإذا كان شفاء المريضة ميئوس منه فيبقى السرطان كذلك مرضا عضويا في كل الأحوال.أما أن نبحث عن علاج السرطان بالرقية الشرعية فغير مقبول البتة.إن المرض العضوي يبقى عضويا ويحتاج إلى طبيب لا إلى رقية سواء كان الأمل في الشفاء كبيرا أم صغيرا,وسواء قدرنا على تكاليف العلاج أم لا,وسواء نصحنا الناس باستشارة الطبيب أو بالاتصال بالراقي,وسواء "نوت" المريضة الرقية أم لم تنوها. أما مسألة تحسنها المؤقت بالرقية لمدة يوم أو يومين فسببه في رأيي:ا-إما"نفسي" لأنها تعلقت بالرقية إلى درجة كبيرة.وهذا التحسن النفسي لا العضوي عابر ويزول عادة بسرعة.ب-وإما النصائح التي يمكن أن تكون قد سمعتها من الراقي.إذا كانت هذه النصائح مهمة ومتعلقة بما من شأنه أن يقوي الإيمان بالله وعملت المريضة بهذه النصائح فإن حالتها المعنوية والنفسية (لا العضوية) قد تتحسن بشكل ملحوظ وقد يستمر التحسن لمدة طويلة.
س 80 : هل يمكن أن يُشفى الشخص ويتخلص من معاناة معينة نفسية عاش معها لأسابيع أو شهور أو سنوات لمجرد أن ترقيه حتى ولو لم يكن مُصابا بسحر أو عين أو جن؟.
أقول بداية بأن هذا مما يُقلقني كثيرا أثناء ممارستي للرقية الشرعية من سنوات وسنوات.إنني أرى بأن الرقية قد تنفع نفسيا ناسا كثيرين (وخاصة النساء) ليس بهم شيء يتطلب رقية.ولكن لأنني مشغول جدا ولأنني أرى بأن المرضى الحقيقيين أولى بالاهتمام من سواهم من المرضى الوهميين فإنني أميل في الكثير من الأحيان إلى أن أقنع المريض الوهمي بأنه ليس به شيء أو يمكن جدا أن لا يكون به شيء وأطلب منه أن يبذل الجهد الكافي مع نفسه من أجل تخليصها من الشك أو الوهم أو الوسواس.إذا وُفِّقت فبها, وإلا فأضطر إلى أن أرقيه أو أرشده إلى راق آخر أثق فيه أو يثق فيه هو. ثم أقول بعد ذلك بأنه يمكن أن تنفعه الرقية وتريحه في حال,كما يمكن أن تضُرَّه في حال أخرى.
ا-يمكن أن تنفعه إذا تعلق بالرقية أو براق معين تعلقا شديدا إما بسبب أن المريض مؤمن يطلب بركة الدعاء والقرآن والذكر المصاحب للرقية,وإما بسبب أنه اقتنع بأنه مصاب بسحر أو عين أو جن فإذا رقاه الراقي شُفي,بل إن علامات الشفاء تظهر عليه في بعض الأحيان حتى والرقية لم تنته بعدُ .
ب-ولكن يمكن أن تضره في بعض الأحيان بطريقة غير مباشرة,إذا عول عليها بعد الله عوض أن يُعول على تقديم الأسباب.
س 81 : كيف يمكن أن تضر الرقية صاحبَها ؟.
طبعا لا يمكن أن يأتي الضرر من الرقية في حد ذاتها,ويكذب كذبا مفضوحا من يقول بأن الرقية الشرعية (وأؤكد على كونها شرعية) بقرآنها وحديثها أساءت أو يمكن أن تسيء في يوم ما.إن الرقية يمكن أن تضر صاحبها في بعض الأحيان بطريقة غير مباشرة,وذلك حينما يعول على الرقية من أجل التخلص من مشكلة معينة عوض أن يقدم الأسباب الكافية والمناسبة للتخلص منها. والمثال على ذلك تلميذ بدا له بأنه مصاب بعين,لذلك هو لم يأخذ معدلا طيبا في الثلاثي الأول من السنة الدراسية.إذا أقنعته بأنه ليس به شيء وبأنه لا دليل له على ظنه أو شكه أو وهمه واقتنع ثم بحث عن أسباب ضعفه الدراسي الحقيقية وجاهدها حتى تخلص منها ثم اجتهد أكثر فإن هناك احتمالا أكبر في أن يكون مستواه في الثلاثي الثاني أحسن من مستواه في الثلاثي الأول.أما إذا عول على الرقية على اعتبار أنه كان"معيونا" وقد شفي الآن بعد الرقية وأن بذل الجهد لا يلزمه وأنه سيتحسن بعد اليوم بإذن الله بشكل تلقائي, إذا تعامل مع الرقية بهذا الشكل ثم تواكل ولم يتوكل على الله فإن الرقية تكون قد أساءت إليه.والعيب طبعا مع ذلك قائم في الشخص لا في الرقية.
س 82 : كيف يمكن أن نتعامل مع المريض الذي علم أن مرضه مميت-كالسرطان مثلا-وبأنه لا أمل في الشفاء منه بإذن الله,وذلك حتى نخفف من وطأة المرض النفسية عليه ؟.
السرطان كلمة تثير الخوف والرهبة والفزع,والسبب هو أنه لا يكتشف غالبا إلا في مراحله الأخيرة حين يكون مميتا.هذا المرض يمثل كارثة نفسية للمريض, وبالرغم من التقدم الطبي والعلمي والتكنولوجي فإن الشفاء منه مع بدايته وبشكل فعال مازال غير ممكن.ومع أعراض المرض التي تختلف من مريض إلى آخر ومن سرطان إلى آخر فإن المريض يحس غالبا بما يشبه الشلل الذهني عند إصابته بهذا المرض,وإن كانت ردة الفعل النفسية تختلف من مريض لآخر.وبغض النظر عن كون إخبار المريض بحقيقة إصابته أفضل أو العكس هو أفضل(المسألة خلافية بين الأطباء وبين الناس وبين علماء الإسلام) فإن المطلوب من أهل المريض من أجل التخفيف من حدة المرض النفسية (لا العضوية والبدنية) على المريض,المطلوب منهم ما يلي:
ا-عدم تجاهله عند ما يتكلم عن المرض وطرق علاجه.إن المطلوب ترك المريض يعبر عن مشاعر الخوف والقلق الذي ينتابه لأن هذا الكلام يريح المريض نفسياً في العادة,وعلى الضد فإن عدم تحدث المريض عن مخاوفه يجعل هذه المخاوف أكبر ويصبح تفكيره مركزا عليها طول الوقت-سواء شعرنا نحن بذلك أم لا-بدلا من طردها بالتحدث مع الآخرين.إن الإستماع للمريض هو مشاركة معنوية مهمة جدا ويساعده على التنفيس عما يجول بخاطره.
ب-التحدث معه عن التقدم الطبي الهائل في هذا العصر وكذا عن حالات مماثلة لمرضه شفي المريض فيها بإذن الله رغم أنه كان ميئوسا من شفائه لأن الشافي أولا وأخيرا هو الله.وإذا قال أهل المريض للمريض هذا الكلام فإنهم يقولون له الحق والصدق (ولا يكذبون عليه) ويخففون عليه في نفس الوقت.ج-مشاركته بأعمال ونقاشات مختلفة للترويح عن النفس والبعد عن جو القلق والهلع الذي يعيش فيه.ويحاول الأهل أن لا يتركوا للمريض الفراغ الكبير الذي يجلب له القلق والكآبة والسوء أكثر مما يجلب له الخير.د-دعوة المريض لقراءة القرآن والذكر والدعاء,وكذا تذكيره الدائم بالإيمان بالله وبالقدر خيره وشره وبأن الله سبحانه وتعالى هو الشافي أولا وأخيرا وأنه هو الذي كتب لنا أن نولد في وقت محدد وأن نموت في وقت محدد وبشكل محدد وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا وأنه"عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" و"عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا",وأن الله يبتلي المؤمن في الأصل لا ليعذبه بل ليغفر له ذنوبه ويزيد له في أجره وليرفع له درجته عنده سبحانه وتعالى,وأن أشد الناس بلاء الأنبياء:"أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلي الرجل على حسب دينه,فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه.فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"صدق رسول الله-ص-. وعلى أهل المريض أن يكثروا من الدعاء للمريض بالشفاء "وما ذلك على الله بعزيز".ولا بأس من الرقية للمريض لا من أجل الشفاء ولكن من أجل دعاء الراقي ومن أجل بركة القرآن إن أصر المريض أو أهله على ذلك.فإن لم يصروا على الرقية فالأصل فيما يلزم المريض هو دواء الطبيب ثم مواساة الأهل والمحبين له.
س 83 : هل صحيح أن الكافر لا يصيب المسلمَ بالعين ؟.
طُرح هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين,فأجاب:"ليس بصحيح،بل الكافر كغيره قد يصيب بالعين ،فان العين حق".والذي يقول بأن هناك فرقا بين المسلم والكافر في هذا الشأن مُطالبٌ بتقديم الدليل على صحة ما يقول. س 84 : ما أسباب الصرع ؟.
إن أسباب الصرع عديدة،منها ما يكون عن أسباب فزيولوجية كتلف بعض أنسجة الجملة العصبية،ومنها ما يكون عن ضغوطات نفسانية لا يحتملها المريض،ومنها ما هو من صرع الجن كما مرّ بنا من قبل,ومنها كما يقول بعضهم ما يكون من العين كما حدث لسهل بن حنيف لمّا عانه عامر بن ربيعة رضي الله عنهما،والحديث موجود في "الموطأ"وغيره.ومنه فمن المؤكد أن الطبيب الذي يعتبر كل صرع علاجه من اختصاصه هو مخطئ حتما,وكذلك فالراقي الذي يعتبر نفسه قادرا-بإذن الله-على علاج كل صرع مخطئ بكل تأكيد.
س 85 : هل السحر باستخدام الجن صحيح,أي هل يُمكن أن يُعمل سحر للإنسان ويُسخَّر جني بداخل الجسم من أجل حراسة السحر حتى لا يبطل مفعوله ؟.
لقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميةأن من استخدامات الجن المحظورة استخدامهم في السحر،فقال رحمه الله:"والقسم الثالث أن يستخدم الجن في أمور محظورة أو بأسباب محظورة،مثل قتل نفس وإمراضها بغير حق،ومثل منع شخص من الوطء،ومثل تبغيض شخص إلى شخص،ومثل جلب من يهواه الشخص إليه،فهذا من السحر".وأعلق هنا بأن أنبه إلى جملة مسائل:
الأولى:أن بن تيمية رحمه الله يذكر قبل ما ذُكر قبل قليل بأن هناك استخدامات جائزة ( ولم يقل واجبة) من الإنس للجن,ويذكر على ذلك أمثلة.وأنا أضع كلام بن تيمية على رأسي وعيني لأن بن تيمية شيخ الإسلام بحق,ولكن عندما أرى جهاد بن تيمية من أجل المحافظة على صفاء العقيدة الإسلامية وأنظر إلى واقع الكثير من رقاة هذا الزمان أكاد أجزم بأن بن تيمية لو كان اليوم حيا لحارب البعض من الرقاة الذين يستعينون اليوم بالجن ويستدلون بكلامه قبل أن يحارب الدجالين والمشعوذين والكهنة والسحرة.إن الذي يتحدث عنه بن تيمية ويقول بأنه يجوز له أن يستعين بالجن في أمور معينة مباحة أو مستحبة هو شخص عالم بالدين مؤمن بالله ويخافه حق الخوف,تقي نقي,يستعين بالجن المسلم ليأتي بنفع محقق,وإلا فإنه على الأقل لن يأتي بضرر لنفسه أو لغيره.أما أكثر رقاة اليوم الذين يستعينون بالجن فإنهم أبعد ما يكونون عن الإيمان والعلم والتقوى,وهم يستعينون بالجن في الحلال وفي الحرام وفي المستحب وفي المكروه.وإذا شُفي على يد أحدهم مريض فإن العشرات يمرضون أو تزيد حدة مرضهم بسببهم.ومن هنا فإنني أقول وأكرر القول للقراء الكرام:"ابتعدوا ما استطعتم عمن يستعين في الرقية بالجن مهما كانوا صالحين,وابتعدوا ما استطعتم كذلك عمن يأخذ الأجرة على الرقية".
الثانية :لقد كنا نتحدث عن جواز أو عدم جواز الاستعانة بالجن أما الإمكان فهو قائم ومشاهد.إن السحرة يستعينون بالجن على فعل السحر وكذا على فكه وإبطاله,وكذلك نلاحظ من التجربة في عالم الرقية أن بعض السحرة يكلِّفون-بعد فعل السحر-بعض الجن لحراسة السحر الذي قد يكون مدفونا تحت التراب مثلا أو معلقا في غصن شجرة وقد يكون مأكولا أو مشروبا,ومنه فإن الجن يُكلَّف بحراسة هذا السحر أو ذاك.هذا مع ضرورة التنبيه إلى أن الصراحة تقتضي مني أن أقول بأن هذا الذي أعتبره قائما ومشاهدا هو في الحقيقة كلام مبني على الظن لا على اليقين.وهذه الصراحة هي مقتضى الدين الذي أقدسه ثم العقل الذي أضعه في المرتبة الثانية بعد العقل من حيث المكانة والمنزلة.
س 86 : هل يُعذر الجن باعتدائه على الإنس بدعوى أنه مسخر أو مأمور؟.
لا يقبل بطبيعة الحال من الجن أن يعتذر بأنه مسخر لحراسة السحر ولا يستطيع أن يتخلى عن الحراسة.إن الجن لا يُعذرُ في ظلمه بأنه مسحور,كما لا يُقبل من الجن الذي يسكن في جسد شخص-إن كان بالفعل يسكنه-أن يعتذر بأنه مأمور بالسكن في جسده.
س 87 : هل الأرق مرض أم لا ؟.
إذا وقع بشكل عرضي مؤقت وعابر,فإنه لا يعتبر مرضا كتلميذ لم ينم جزءا كبيرا من الليل لأنه يفكر في امتحان البكالوريا الذي سيتم بعد أيام,أو كالعروس التي وقع لها أرق لأنها تنتظر بفارغ الصبر ليلة زفافها بعد أيام,أو كالرجل الذي لم ينم الليل كله لأنه خائف من عملية جراحية ستجرى له في الغد, أو كالشاب الذي استمر مستيقظا إلى ساعة متأخرة من الليل بسبب آلام في ضرس مسوس,أو...أما إذا استمر لمدة طويلة وكان المرء يعاني منه في فترات متقاربة فإنه يعتبر عندئذ مرضا يتطلب علاجا,سواء كان السبب عضويا أو نفسيا أو سحرا أو...
س 88 : أنا فتاة عمري 24 سنة،ملتزمة بتعاليم ديني ومتفوقة في الجامعة.منذ شهور مرض أخ لي مرضًا شديدًا ثم مات فجأة,وهو ما أثر علي كثيرا وأصبحت تأتيني وساوس كثيرة منها أن ما يحدث لنا من مصائب في الحياة هو سخط من الله,ومنها أنني أصبحت أخاف جدا من الأمراض ومن الموت.وكلما تقدم إلي شخص للزواج أحسست أنه سيموت، فأحجم.وكلما سافر أحد أفراد عائلتي أو غاب غيابا مهما كان قصيرا أحس أني لن أراه مرة أخرى وأنه لا بد أن يموت.إنني أتعذب,فما العمل ؟.
ما تعانين منه نوع من أنواع اضطراب الوسواس القهري،يسمى"الأفكار الاجترارية" التي اتخذت من الفقد موضوعًا لها,بحيث أصبح مرض الأخ ثم وفاته (كنوع من الفقد للأمان والطمأنينة على المستوى النفسي) بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير،وأصبحت توسوسين بالعديد من المخاوف عن فقد الزوج أو الأولاد أو الإخوة والأخوات.وهذا النوع من الوساوس يمكن علاجه باستخدام أدوية يصفها لك الطبيب النفسي القريب منك والذي تُنصحين باللجوء إليه.وأنتِ في حقيقة الأمر بخوفكِ من الإقدام على الزواج لن تستفيدي شيئا,بل تعطلين مشروعا طيبا مباركا يمكن أن يساعد إلى حد ملحوظ على شفائك من الوساوس التي تعانين منها.ومنه فإنك في نفس الوقت الذي تطلبين الطبيب للعلاج عليك أن تستعيني بخبير نفسي متدين من أقاربك أو من جيرانك أو من معارف أهلك ليجلس معك ويسمع منك وينصحك. وعليك كذلك أن لا تعطلي الزواج إن خطبكِ من ترضين دينه وأمانته.ومع كل ما قلتُ فإنني أنبه نفسي وكذا البنت السائلة إلى أن الأصل في البلاء الذي ينزل بالمؤمن أنمن أجل مغفرة الذنوب وزيادة الأجور ورفع الدرجات لا من أجل معاقبته,والله أعلم.
س 89 :هل يجوز التداوي من الأمراض النفسية بمحرم أم لا ؟.
إذا كان دفع العلل النفسية بحلال من أجل الشفاء والراحة هو مما لا خلاف في جوازه عقلا وشرعا،إلا أن التداوي بما حرم الله كما يفعل أهل الإلحاد وبعض من لا خلاق لهم من المسلمين من أذناب فرويد وأضرابه لا يحل بحال من الأحوال لأن"ما جعل الله شفاءكم فيما حرم عليكم"،كما أخبر رسول الله-ص-. إن البعض من هؤلاء يأمرون من ابتلي ببعض العقد النفسية والوساوس الشيطانية كفرط الخجل وفتور الرغبة الجنسية وغيرها برفع الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب ومواقعة الفحشاء بأمر المريض بممارسة الزنا أو مقدماته ,وتطريب القلب بسماع الغناء الفاحش الخليع الساقط متحججين بأن ذلك ينفِّــس عن المكبوتات المترسخة في أعماق نفس المريض فتنحل عقده! لقد زعموا وكذبوا في زعمهم.ولو كان تحرير الغرائز والمكبوتات يجلب الاعتدال والتوازن النفسي كما زعموا لَمَا كان مجتمعا في أوج الاكتفاء المادي والتطور التكنولوجي كالمجتمع الأمريكي من أكثر مجتمعات الأرض معاناة من الأمراض النفسانية بشتى أشكالها.ومنه فإن النفس إذا عولجت بغير منهج القرآن والسنة فلا سبيل لاعتدالها وراحتها،قال تعالى:"ألا يعلم مَن خَـلَق وهو اللطيف الخبير".ولهذا تجد أكثر من يعالجون النفوس بغير هذا المنهج لا يغيرون شيئا كثيرا،فإذا سكنت النفوس أحيانا لسبب ما إلا أنه إذا بقي مقتضى المرض قائما فإن المرض يهيج ويعود بأدنى سبب.وأذكر بالمناسبة أن بعض أطباء الأمراض النفسية لا يأمرون المريض بمعصية الله فحسب بل يعصون الله في تعاملهم مع المريض فيرتكبون الإثم مرتين:الأولى بممارسة المعصية في حد ذاتها, والثانية بخيانة أمانة الطب التي تعتبر أمانة عظيمة وعظيمة جدا,والمثال على ما أقول (والأمثلة المشابهة كثيرة للأسف الشديد) طبيب جاءته شابة جميلة عمرها 23 سنة تشتكي من أعراض معينة قد تكون لها علاقة بمراهقتها وبتعلقها بالرجال وبالزواج, وعوض أن يعطيها ما يناسب من الدواء وينصحها بتقوى الله وبالصيام و..وبالصبر حتى يرزقها الله الزوج الصالح,طلب منها أن تضطجع على الطاولة أمامه وأن تنزع الجزء الأكبر من ثيابها ثم فعل معها مقدمات الزنا.وعندما سألته بسذاجة مفرطة"لماذا فعلت ما فعلت معي؟!"أجابها بوقاحة منقطعة النظير(وقد يكون اعتمد في قوله وفعله على نظريات فرويد وأشياع فرويد) بأن"هذا من مقتضيات العلاج" !.وأقول هنا بصراحة بأنني بقدر ما أحترم وأجل وأقدر الطبيب إذا احترم مهنته واتقى الله ثم عباده فيها بقدر ما أحتقر مثل هذا الطبيب الساقط الماجن المنحل الذي يصلح لأن يعاقَب أولا ثم يعالَج ثانيا ولا يصلح أبدا أن يعالِج هو غيرَه من الناس.
س 90 : يحدث في كثير من الأحيان أن يصاب فجأة طالب في الجامعة أو شاب يؤدي مهام الخدمة الوطنية بأشياء منها العزلة والانطواء,ادعاء أنه يرى ما لا يراه الغير أو يسمع ما لا يسمعه الغير,الهذيان,السكوت لمدة طويلة,الشرود الذهني,..ما الذي يلزمه من أجل الشفاء ؟.
يمكن في البداية التغلب على المشكلة عن طريق :
ا-تقوية الصلة بالله.
ب-أخذ القسط اللازم من الراحة الإيجابية لا السلبية (عن طريق مطالعات خفيفة وهادفة,أو رياضة بسيطة,أو التجول مع آخرين,أو المشاركة في أعمال بسيطة ثقافية أو فكرية أو خيرية أو .. ).
جـ-الاستعانة بناصح خبير يثق فيه المريض.
إذا نفعت فبها ونعمت,وإلا فيجب عرض المريض على الطبيب.ولا يلجأ المريض للرقية إلا في حالة عجز الطبيب أو تأكد الطبيب من أن المريض ليس به شيء.وأسباب ما ذُكر في السؤال كثيرة,لأن تلك الأعراض قد تكون تراكمات لحالات لاشعورية تتولد عن اضطراب وعدم توازن وضعية المريض النفسية،نتيجة عوامل لا يتسع المقام لبسطها متعلقة بماضي الشخص أو حاضره.وعندما يعجز عن تجاوزها،يحاول جاهدا تبريرها بأسباب خارجية غالبا ما تتمثل في محيطه العائلي أو الاجتماعي أو المهني، وبالتالي يكون الشخص قد حضّر نفسه من غير سابق إنذار إلى مثل هذه التصورات. وقد يكون الهروب من الواقع هو هدفها،فتتخذ الصرع والهذيان والانغماس في النوم والسكوت الدائم وشرود الذهن والانطواء على الذات واللامبالاة،وغير ذلك صورًا وملجأً لهذا الهروب.هذا الهروب الذي هو في واقع الأمر نوع من التنفيس عن آلام عميقة ومكبوتات ملازمة ،يجعلها الراقي الجاهل أحيانا مقياسا له في الحكم والتشخيص على أن المريض مصاب بالعين أو السحر أو الجن.ولا أدلّ على عدم صحة هذه التصورات ،غياب آثارها عند محاولة التأكد من حقيقة وجودها،تطيـيبًا لنفسية المريض،إضافة إلى استمرار معاناته،بل وتأزّمها،وتتجلى في عدم اكتفاء المريض بعيادته الراقي الأول، وإنما يتعداه إلى عدد كبير من الرقاة،يضَلّ يتردد بين الواحد والآخر ربما لسنوات!! ومعظمهم يتعامل معه بما سبق وصفه دون أن يتوصل إلى معالجة ناجعة.وقد حدث وأن عاينت من الناس من زار نحو 30 من الرقاة !!
س 91:هل كل من لم يقض حاجته من زوجته ليلة الدخول عليها مربوط ويحتاج إلى رقية؟.
إن الأسباب متعددة,وقد يحتاج المعني من أجل التخلص من مشكلته إلى طبيب يعطيه مقويات مادية أو إلى أكل وشرب ونوم وراحة أو إلى ناصح ينصحه أو إلى طبيب نفساني يشير عليه بما يناسبه.أما تسرع بعض الرقاة بالحكم مباشرة وقبل السماع من المعني يقول الواحد منهم:"أنت مربوط!"فهو أمر مؤسف.وهذا يذكرني بالذي تأتيه امرأة تشكو له بأنها تحسّ بتـنـمّلات في الأطراف (نتيجة فقر في مادة الكالسيوم أو نتيجة ضغط دموي أو..)،فيقول لها:"إنك مسحورة أو ممسوسة!".
س 92 : هل يمكن أن يكون التفكير في المرض سببا في زيادة المرض؟.
ممكن جدا.أما التفكير في المرض الذي ينفع صاحبَه فهو مطلوب كالتفكير في المرض من أجل مداواته أو الوقاية منه أو من أجل التغذية الصحية التي تقينا الوقوع في هذه الأمراض أو تخلصنا منها.وأما التفكير في المرض لغير ذلك فقد يضر صاحبه.ولقد عاينت بنفسي أشخاصا يزيد مرضهم كلما فكروا فيه وتخف أعراضه كلما تجنبوا التفكير فيه,بل إنني رأيت ناسا ليس بهم شيء وعندما يفكرون في المرض بلا فائدة يمرضون وكأن التفكير في المرض أصبح استدعاء غير مباشر للمرض.
س 93 : أنا شاب عمري 25 عاما,جامعي,متأخر بعض الشيء في دراستي،أعاني منذ فترة طويلة من الوحدة والانطواء والعزلة.ليست لي صداقات كثيرة ومع ذلك فأنا محبوب جدا من قبل الناس والكل يذكرني بالخير.أنا حائر لأنني لا أعرف السبب في عزلتي وانطوائي أعاني كذلك من الخجل الشديد الذي يمنعني غالبا من المطالبة بحقوقي أو من مجرد الحديث العابر مع أية امرأة أجنبية.هل أعاني من مشكلة نفسية أم من ماذا ؟.
إن هذا الذي تشتكي منه نوع من أنواع الاضطراب النفسي الذي يُصنّف في تصنيف خاص هو"اضطراب الشخصية". والكثير من الناس يعانون من هذه المشكلة التي تُسبب لهم معاناة شديدة في التعامل مع الآخرين وكذا في تعامل الآخرين معهم.والسبب الأساسي في هذا الاضطراب خللٌ في العملية التربوية السابقة وفيما تعرض له الشخص من خبرات ومواقف سواء في طفولته أو مراهقته،مما قد يؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب.وهذا الاضطراب يقسم إلى مجموعات حسب التقسيمات المختلفة للطب النفسي،وهو من الاضطرابات التي تحتاج إلى خبرة في تشخيصها وفي علاجها.وهذا الاضطراب يحتاج إلى صبر من المعالج ومن المريض على حد سواء,وذلك لاحتياج المريض إلى وقت طويل للعلاج.وهذا الاضطراب يتم علاجه بالجلسات النفسية(سواء كان العلاج سلوكيًا أم معرفيًا أم تحليليًا حسب ما يرى الطبيب النفسي)أكثر مما يتم بالدواء الذي لا يكاد يكون له دور إلا في بعض أنواع اضطراب الشخصية حيث يكون الدخول في الاكتئاب أو المعاناة من القلق.ومع كل هذا فإن السائل يحتاج إلى مراجعة الطبيب النفسي في كل الأحوال للحصول على مزيد من المعلومات وحتى يحدد له الطبيب نوع الاضطراب:هل هو الشخصية الانطوائية أم هو نوع آخر من الاضطراب؟
س 94 : هل سبب آلام الرأس أو الصداع واحد أم أن الأسباب متعددة ؟.
الأسباب كثيرة ومتعددة كما قلت من قبل,وهذه المسألة معروفة.والأصل أن المرض عضوي,ثم (إن ظهر بأنه ليس عضويا) هو نفسي, ثم (إن بدا بأن السبب ليس نفسيا), يمكن العرض على الراقي.أؤكد على هذا الترتيب إلا إذا اجتمعت ملابسات وقرائن أحوال ودلالات كثيرة جدا تدل من الوهلة الأولى على أن سبب الآلام نفسية أو على أن سبب الآلام مرجعها إلى سحر أو عين أو جن.وتعدد أسباب آلام الرأس مذكور حتى عند القدامى من علمائنا مع تأخر علم الطب عندهم آنذاك.قال ابن القيم رحمه الله مثلا من زمان:"والصداع ألم في بعض أجزاء الرأس أو كله.وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة". وذكر منها أسبابا عضوية ونفسية. فمن بين الأسباب العضوية، قال : "يكون من قروح تكون في المعدة،فيألم الرأس لذلك الورم لاتصال العصب المنحدر من الرأس بالمعدة, ويكون من ورم في عروق المعدة فيألم الرأس بألم المعدة للاتصال الذي بينهما.ويعرض عن شدة الحر وسخونة الهواء ,ويعرض عن شدة البرد,ويحدث من السهر وعدم النوم,ويحدث عن ورم في صفاق الدماغ ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارق على رأسه".ومن بين الأسباب النفسانية،قال:"منه ما يحدث من الأعراض النفسانية،كالهموم ،والغموم،والأحزان،والوساوس،والأفكار الرديئة".
س 95 : هل هناك أعراض متشابهة بين الأمراض النفسية والأمراض الراجعة إلى سحر أوعين أو جن؟.
إن هذه يمكن اعتبارها حقيقة واقعية علمية مهمة جدا وبديهية للغاية,ولكن مع ذلك يجهلها للأسف الكثير ممّن يحترفون الرقية اليوم بسبب جهلهم أو غرورهم.هذه الحقيقة تتمثل في أن تشابه الأعراض المرضية لا يعني بالضرورة اتحاد أسبابها،بل إنني أؤكد انطلاقا من تجربتي المتواضعة في مجال الرقية وكذا انطلاقا من قراءاتي في الطب النفسي وفي علم النفس أن أكثر من 75 % من مجموع الحالات التي تعرض على رقاة اليوم هي من أصل نفساني،أو اجتماعي،أو عضوي في درجة لاحقة.وقد تجتمع البعض من هذه الأسباب أو كلها في نفس الشخص وفي نفس الوقت أحيانا.أما السحر والعين والجن فعدد الإصابات بها أقل بكثير من العدد الذي يدعيه أو يزعمه الكثير من إخواننا الرقاة هدانا الله وإياهم.وعلى سبيل المثال إذا اشتكى شخص من آلام في رأسه وأجابه الراقي مباشرة "بك سحر أو عين أو جن!"فإن الراقي يقدم بذلك الدليل على جهله الفاضح وقد يدفع بهذا الجهل آخرين إلى الاستهزاء به أو حتى بالدين والعياذ بالله,وذلك لأن أسبابها كثيرة ومتعددة كما قلت في مسألة سابقة منها :
ا-قد يكون سببها نفسي,أي أن كثرة التفكير في شيء أو في أشياء قد يؤدي إلى ألم الرأس. ب-وقد يكون سببه عضوي.ج- وقد تكون قلة النوم التي سببها ضيق في السكن مؤدية إلى ألم الرأس.و...د-وقد تكون الآلام في النهاية علامة من علامات الإصابة بالسحر أو الجن خصوصا.
س 96 : ما المقصود ب"التركيز" أثناء الرقية,وما الحكم فيه ؟.
الطريقة ممارسة من طرف بعض الرقاة الجاهلين في الجزائر أو خارجها,حيث اعتاد أولئك الصنف من الرقاة طريقة ما هي من الدّين ولا العلم ولا العقل في شيء,إذا استثنينا قراءة القرآن والأذكار والأدعية التي تقرأ فيها.ويعمد أحدهم في هذه الطريقة إلى المريض فيأمره (بعد استلقائه) بإغماض عينيه أو يضع عليهما منديلا أو شيئا معينا،ثم يضع يده على رأسه ويأمره بالاستماع إلى تلاوته لبعض الآيات مع ملاحظة ما قد يراه أثناء ذلك-أي وهو مغمض العينين-, وكلما تمثلت في مخيلة المريض بعض المشاهد أوقف الراقي تلاوتَه للإنصات إلى تفاصيلها,وحتى إذا لم ير المريضُ شيئا فإن الراقي يمكن أن يطلب منه أن يُري لنفسه شيئا,أي شيء شاء أم أبى!.ولقد أخبرني أكثر من مريض بأن الراقي قال له:"لا بد أن ترى بخيالك شيئا!",قال لي المريض:فقلت للراقي تحت الضغط:"أنا أرى كذا,وأنا في الحقيقة أكذب عليه".وبينما المريض مغمض العينين سارح الذهن،يأمره الراقي بالتركيز على شيء معين أو شبح أو جسم تخيله،فإن كان داخل البيت أمره مثلا بأخذه ووضعه داخل كوب من ماء قُـرئ فيه قرآن،ثم يرى المريض-ولا أحد غيره-أنّ الشيء أو الشخص قد تبخّر وزال داخل الكأس أو احترق!.وقد يطلب الراقي من المريض أن يرمي(أو يرمي هو) ماء مرقيا على المكان الذي بدا للمريض أو له هو بأن الجن موجود به.وأما ما يتعلق بالطعام المأكول،فيأمره الراقي بإخراجه عن طريق القيء داخل إناء,وذلك بعد سقيه كميات معتبرة من الماء المرقي،والتي قد يضاف إليها كميّة من الملح أو الزيت أو العطر مما يستحيل تمالك النفس عند شربها.فإذا خرجت بعض الإفرازات الغددية كالاصفرار أو غيره من جوف المريض، دلّ ذلك عند الراقي على أنه من السحر وعلى أن الذي وضعه له هو فلانة التي رآها المريض بخياله!وبهذه الكيفية يزول مفعول السحر والمسّ الشيطاني في زعم هؤلاء الرقاة الجاهلين!!.وقد شاعت هذه الطريقة شيوعا واسعا حتى تكاد لا تدخل بيتا مرّ به راقٍ إلا أخبرك أهل المريض بأنه تعامل بها.وأذكر أن بعض النسوة عندما يلاحظن علي بأنني أقسم وقت الرقية إلى قسمين:قسم للحديث مع المريض(أو أهله أو من يمثله) وتقديم النصائح المناسبة له,وقسم للرقية التي تبدو لهن قصيرة وخاصة أنني لا أطلب فيها من المريض إغماض العينين,فيسألنني"لماذا لم تطلب منا إغماض العينين كما يفعل غيرك؟!".
س 97 : يوجد كتاب يباع في البعض من مكتباتنا في الجزائر عنوانه "كتاب الرحمة في الطب والحكمة",ويقال: إن هذا الكتاب ألَّفه الإمام السيوطيّ رحمه الله.ومن يطلع على الكتاب يجد أنه يحتوي على أدوية لكثير من الأمراض بالرُّقية حينا وبأشياء أخرى غريبة أحيانا.هل يجوز شراء هذا الكتاب والعمل به أم هو سحر مُحَرَّم؟.
إن في كتب الرقى الشرعية الخالصة من شوائب السحر والطلاسم كفاية وغنى عن مثل هذه الكتب.ومع ذلك لا مانع من الاستفادة مما في مثل هذا الكتاب من رقى مشروعة لا شك فيها،ولكن بشرط أساسي هو أن يأمن المطلع عليه على نفسه أن ينجر وراء ما فيه من السحر والدجل والشعوذة و.. ولو من باب التجربة وحب الاستطلاع.يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل،مفتي مصر:"يجوز للإنسان أن يشتريَ هذا الكتاب ويأخذ منه ما فيه من صالح الأقوال ويَتَّبِعها ويعمل بما جاء فيه صالحًا,ولكي يتعلم منه التداويَ بالقرآن لقوله تعالى:"ونُنَزِّلُ مِن القرآنِ ما هو شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين".أما ما يحتويه الكتاب من أعمال غيرِ صالحة كالسحر مثلاً فيجب عليه ألا يَتَّبِعها وأن يبتعد عنها لأن السحر تعليمه وتَعَلُّمه حرام،وقد عُدَّ من السبع المُوبِقات.وذهب جمهور العلماء إلى حُرْمة تَعَلُّم السحر وتعليمه،وقد حرَّم الإسلام على المسلم أن يلجأ إلى السحر والسحرة لعلاج مرض ابْتُليَ به أو لحَلِّ مشكلة وقع فيها،وقال-ص-:"لا يدخل الجنةَ مدمنُ خمرٍ ولا مؤمنٌ بسحر ولا قاطعُ رَحِم".هذا وإن استغنى المرء عن هذا الكتاب بغيره من الكتب التي تتناول الرقي وحدها دون السحر-وهي كثيرة والحمد لله- فهو خير وأضمن وأسلم.أما إذا كان هذا الكتاب مَقْصورًا كله لأغراض السحر والجنّ فاستعمال الكتاب وكذا بيعه أو شراؤه أو قراءته يصبح كل ذلك حراما عندئذ.
س 98 : كان أخي مصابا بمرض نفسي.طالت مرضه,وتخلل ذلك مراجعة للمستشفى,لكن أشار علينا بعض الأقرباء وخاصة منهن النساء بأن نذهب به إلى امرأة "مرابطة" قالوا بأنها تعرف علاجاً لمثل هذه الأمراض,وقالوا أيضاً"أعطوها الاسم فقط وهي تخبركم بما فيه وتصف له الدواء المناسب".هل يجوز لنا أن نذهب به لهذه المرأة ؟.
قال بن باز رحمه الله :" هذه المرأة وأشباهها لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم،لأنها من جملة العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب ويستعينون بالجن في علاجهم وأخبارهم.وقد صح عن رسول الله –ص-أنه قال:"من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه.والواجب الإنكار على هؤلاء ومن يأتيهم وعدم سؤالهم وتصديقهم والرفع عنهم إلى ولاة الأمور حتى يعاقبوا بما يستحقون لأن تركهم وعدم الرفع عنهم يضر المجتمع ويساعد على اغترار الجهال بهم وسؤالهم وتصديقهم" ا.هـ.
س 99 : هل يعالج (عرق النسا) بالدجل والشعوذة ؟.
لا يجوز علاج ذلك عن طريق الذهاب إلى مشعوذ أو دجال سواء من أجل علاج هذا المرض أو غيره.أما عرق النساء فالأصل في علاجه هو الطبيب,فإذا لم ينفع يمكن الاستعانة بالطب الشعبي لكن عن طريق عارفين لا جاهلين.أما العلاج عن طريق الرقية فإنني أظن-والله أعلم-فأظن أنه غير مناسب للتخلص من هذا المرض بالذات. س 100 : أنا تاجر كبير كنت ناجحا جدا في تجارتي, ولكن بدأت الأمور تتجه مؤخرا في غير الاتجاه الذي أريده,ومنه فأنا أريد رقية من أجل تحسين تجارتي من جديد أو عودتها إلى أحسن مما كانت من قبل.
هذا قضاء الله وقدره.قد يرد القضاء بإذن الله بقضاء مثله عن طريق بذل الأسباب المباحة لتحسين حال التجارة وكذا عن طريق الدعاء.أما رد القضاء عن طري الرقية فغير مطلوب ولا مقبول.وإذا كان سبب الإخفاق في التجارة سببه "عين" (تحتاج إلى رقية) في حالة واحدة فإن السبب هو غير ذلك في 99 حالة أخرى.
|