الطريقة الثانية والخمسون
تقبلي مسؤولياتك بصدر رحب
إن المرأة التي تكثر الشكوى من المسؤولية أمام زوجها، إنما تحمّله عبئاً نفسياً إضافياً فوق ما يحمله من أعباء ومسؤوليات. وتجعله يكره الجلوس في المنزل، بل ويكره القرب منها. ذلك لأنه يحار معها، ولا يستطيع أرضاءها، إذ كيف يوازن بين عمله خارج المنزل، وبين شكوى زوجه المستمرة من كثرة الأعباء عليها داخل المنزل.
إنه يأتي للبيت كي يستريح، وليس لكي يزداد عبئاً وثقلاً فوق ما يحمله. فعليك أيتها الزوجة المسلمة أن تتقبلي مسؤولياتك بصدر رحب، وتستعيني بالله عليها. ولا تكثري الشكوك لزوجك فتحميله عبئاً إضافيّاً، ولا تطاوعي نفسك دائماً بالتنفيس عنها عن طريق الشكوى المتكررة من ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقك.
أحبي مهنتك ووظيفتك ودورك كزوجة وأم للأولاد، أحبي دورك هذا، واعلمي أنه دور عظيم وليس بهين بل وهذا دور مهم جداً وضروري في هذا الحياة. وليس أقل من دور زوجك، فلكل وجهة هو موليها.
وإذا كان لديك عبء زائد في الأعمال المنزلية فاستعيني بالله تعالى وبالذكر والدعاء. والله تعالى معينك إن شاء الله. وتذكري موقف السيدة/ فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهبت إلى أبيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تشتكي له أثر الرحى في يدها وتطلب منه خادماً يعينها في خدمة البيت. وقد كانت شاقة بالفعل، بين طحن وعجن وخبز، وغير ذلك، لكن فاطمة لم تجد أباها ووجدت زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فأخبرتها الخبر، ولما جاء الحبيب صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بما جاءت من أجله فاطمة، فذهب صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة في بيت علي رضي الله عنهما، ونترك الحديث لعلي رضي الله عنه حيث يقول: "فجاءنا (يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذنا مضجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بين وبينها (يعني: بينه وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها) حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: "ألا أراكما على خير مما سألتما" (يعني: خير من الخادم) إذا أخذتما مضاجعكما، أو أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبراً ثلاثاً وثلاثين. فهذا خير لكما من خادم". (متفق عليه).
وهذا ما فعلاه، فأعانهما الله تعالى. ولم تجد فاطمة رضي الله عنها ما كانت تجد من الصعوبة البالغة في خدمة زوجها، وأعانها الله تعالى على جرِّ الرحى والعجن والطحن ونحو ذلك.
أرجو أن تستجيبي لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتداومي أيتها الزوجة المسلمة على هذا الذكر عند النوم وفي كل يوم. وتقولي كما قالت السيدة/ فاطمة رضي الله عنها حين أوصاها الحبيب صلى الله عليه وسلم بهذا الذكر حيث قالت: "رضيت عن الله وعن رسول الله". (رواه أبو داود). يعني رضيت بهذه الوصية ونفذتها، وقد كانت بالفعل خيراً لها من خادم.
عندما تجدي نفسك سوف تشتكين، وتتململين فقولي بدلاً من ذلك: "رضيت عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى جاعلك راضية إن شاء الله، وعندما ترضين بما أنت عليه ستجدينه سهلاً ميسوراً بإذن الله تعالى، فنحن الذين نصنع الصعاب بأنفسنا، وذلك أمر نفسي ليس أكثر. فكم من امرأة وكم من زوجة تقوم بمثل ما تقومين به من الأعباء والمسؤوليات، وقد يكون أكثر ولا تشتكي!! لماذا؟ لأنها رضت عن نفسها وعن مسؤولياتها. وتقبلت كل ذلك بصدر رحب.
وعندما تستعينين بالله تعالى، وترضين عن مسؤولياتك وتداومين على ذكر الله تعالى، وعلى التسبيح والحمد والتكبير الذي أوصى به الحبيب صلى الله عليه وسلم.. عندئذ أبشري والله بالسعادة الزوجية والسعادة الأخروية إن شاء الله.