خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وجعله مركباً من ثلاثة أشياء:
جسداً مادياً.. ونفساً حيوانياً.. وروحاً ملكياً.
فجسد الإنسان يخلقه الله في بطن الأم، وفي نفس الإنسان بحار الشهوات، وفي روح الإنسان بحار الطاعات، والجسد مطية للغالب منهما.
والله سبحانه خلق الدنيا لقضاء حاجات الإنسان، لا لإكمال شهواته؛ لأن محل تكميل الشهوات كلها في الجنة.
والله يريد تكميل محبوباته في الدنيا، والنفس تريد تكميل محبوباتها في الدنيا.
والشهوات والطاعات ليس لها حد.
وأوامر الدين كلها في مقابل شهوات النفس.
فالإنسان إما أن يترك الشهوات بسبب الطاعات، أو يترك الطاعات بسبب الشهوات، ولا يمكن الجمع بينهما، كما لا يمكن الجمع بين الماء والنار.
فالطاعات من الرب.. والشهوات من النفس.. والإنسان إما أن يكون عبداً للرب.. أو عبداً للنفس، والله سبحانه يريد من الإنسان في الدنيا تكميل الإيمان والطاعات، وقضاء حاجته الضرورية من الأكل والشرب.
والشيطان ثَقَّل على الناس الطاعات، وزين لهم الشهوات، فجعل الشهوات ضرورات، وأقعدهم عن الطاعات.
أما حقيقة الإنسان فهي :
الجسد علبة الإنسان وظرفه، والروح حقيقة الإنسان، فالجسد إذا كان فارغاً من الروح فلا قيمة له، ولا عمل له، ولذلك يدفن في التراب الذي خلقه الله منه.
وإذا كانت الروح فيه، فهذا الجسد له قيمة، ولذلك يكون زوجاً وأباً، وعالماً وعابداً، وملكاً ووزيراً، وتاجراً وصانعاً، فإذا خرج صاحب الجسد صار الجسد لا قيمة له، ولذلك يتعفن في الحال.
والدنيا إناء للدين، فلا قيمة للدنيا إلا بالدين، ولا قيمة للإنسان إلا بالدين، فإذا ترك الإنسان الدين صار لا قيمة له في الدنيا ولا في الآخرة.