اذا صفت نفسك لشي لم تلق اي معارضه
اما اذا توزعت نفسك بين اشياء تحبها من وجه وتكرهها من وجه فسوف ينعكس هذا
على نفسك من داخلها فتؤذيك وتشتت عزمك عندما تريد
أن تجبرها على الحق .. والنافع .. والفضيله ..
وهكذا شأن العقلاء ..
ساقوا انفسهم الى الحق والفضيله والنفع والخير وهي تبكي
ثم اخذوا الغنائم والحظوظ فضحكت ..
وتكتشف النفس بكأبتها وضيقها عند فوات المحبوب ..
فمن ادعي أنه يكره شي .. وتبين له بشواهد الامتحان انه يحبه
ومن ادعي حب شي .. ثم تبين له بشواهد الامتحان أنه يحبه
فليعم أن هناك صراع بين نفسه الامارة بالسؤ وعقله الذي يدله على الخير
وما احسن ماقاله الماوردي في اداب الدنيا والدين
يقول أن كمال النفس في ثلاثة امور
الاول أن يكون لها عقل راشد تطيعه في اتباع الهدي وترك الردي
الثاني أن يكون له دين يقوي مناعة عقله ضد نفسه
الثالث أن يكون له اشباع من حاجاته النفسيه بدون افراط ولا تفريط
حتى لا تكون نفسه مستودع للمكبوتات او منطلقه في الشهوات
فهذه الثلاث هي محل صفاء النفس على المراد
ونحن نكتشف في انفسنا اشياء مخالفه لثلاثة اشياء
الاول ما نراه حق
الثاني ما نراه مصلحه ومنفعه
الثالث ما نراه اليق بناواحسن لنا في عواقب امرنا
فاذا عرفتنا عقولنا على هذا
فنجبر النفس على طاعتها .. فيحصل صراع بين مراد النفوس ومراد العقول
فمن رابط على مراد العقول صارت نفسه تبع لعقله
ومن عجز عن المرابطه على مراد العقول صار عقله من جنود نفسه
ولن تصفوا النفس وتسلم قيادتها للعقل الا بمعاسرتها ومعاندتها واطرها
ويدل على هذا المقصد الشريف قول النبي عليه السلام
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمني على الالله الاماني )
وهذا الحديث اورده الشيخ محمد ابن عبدالوهاب في كثير من كتبه ..
فالكيس هو العاقل
ودان نفسه حاسبها حتى يعلم شرها وخيرها
وعمل لما بعد الموت اي يرجح ما ظهر خيره ونفعه ويترك ما ظهر شره وضرره
ولو تأملت نفسه واشتكت ..
وقد ضرب العقلاء لهذا مثلا فقالوا
النفس مثل الطفل الرضيع اذا عودتها رضع الشهوات لن تنفطم ..
واما اذا اجبرتها على الفطام فصاحت واشكت فسوف تتعود عليه
وقد صاغ الشاعر ذالك في أبيات من الشعر تكتب بماء العيون
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
ويشبه النفس الدابة تراعي من العشب لكن بقدر حتى لا تضر نفسها ..
وراعها وهي في الأعمال سائمة ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
ثم يقول أن النفس تجعل السي حسن والحسن سي .. فهي غشاشه ولابد من اطرها على الحق
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أن السم في الدسم
وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية الندم