منتديات قصيمي نت - مصايف كردستان العراق

تعتبر منطقة كردستان العراق من أجمل بقاع المنطقة وأكثرها سحرا وجمالا لطبيعتها الغناء، حيث الهواء العليل يداعب الجبال الشامخة وغابات الأشجار في ضواحي كل مدينة أو قرية. وفي سفوح الجبال والوديان تتدفق عيون المياه النقية الصافية وشلال كلي علي يهدر ويتساقط علىالأرض باعثا رذاذا ونسمات عذبة تتطاير فوق المنطقة القريبة ترافقها الحان الموج الهادر . كل شبر في كردستان العراق ثمين وغني بالمياه المعدنية ومياه الشرب الخالصة.

لقد منح الله سبحانه وتعالى منطقة كردستان بالجبال والمروج والوديان الخصبة على مر الزمان . وإخواننا الأكراد يعيشون في منطقتهم الخلابة منذ أكثر من ألفي سنة إشتهروا بالزراعة ورعي الماشية والأغنام بالإضافة إلى صناعة الجلود المتنوعة وصناعات أخرى.

ومن منتصف القرن الماضي شيدت بعض المشاريع السياحية والمصحات للراحة وتأهيل المرضى والسواح، كما تم بناء دور مؤثثة في معظم المناطق السياحية على سبيل المثال شقلاوة وصلاح الدين وسرجنار ومنطقة كلي علي وأزمر وضواحي كركوك والسليمانية وأربيل وغيرها من مدن كردستان العراق، لغرض تأجيرها على المصطافين والعوائل التي تقضي شهر العسل في ربوع كردستان .

ومن خلال زياراتي لمعظم المدن الأوروبية وأيضا أميركا يمكنني أن أجزم أن شمال العراق أقصد كردستان العراق، أجمل من مصايف سويسرا والنمسا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، لو تم إنشاء المشاريع السياحية والصحية أي المصحات والتجارية فإن كردستان العراق سيجلب الملايين من السواح العرب والأوروبيين في كافة فصول السنة مما يؤدي إلى انتعاش الحركة الإقتصادية والتجارية التي ستعود بالفائدة على العراقيين جميعا . تتمتع منطقة كردستان العراق بكل فصول السنة الصيف والخريف والشتاء والربيع .

كانت رحلتي الأولى إلى كركوك والسليمانية في مساء الثالث عشر من تموز عام 1958 أي قبل الثورة المجيدة بليلة واحدة . والرحلة الثانية في تموز 1959 مع إبن عمي المرحوم وشقيقتي وطفليها مع عائلة أخرى إستأجرنا بيتين في صلاح الدين لمدة شهر .ومن صلاح الدين انطلقنا إلى المصايف الأخرى والقرى والمدن الجميلة يوميا، حيث لمسنا من الشعب الكردي العزيز كل الإحترام والكرم والوفاء . وفي الرحلة الثالثة سافرت عام 1961 مع صديقين عزيزين الأخ الحاج عبد الكريم النجفي وابن أخته الأخ الدكتور محمد النجفي بسيارة الأخ عبد الكريم متجهين إلى شقلاوة ومن ثم إلى شلال كلي علي والمناطق المجاورة، ثم توجهنا إلى مدينة أربيل الساحرة بقلعتها التاريخية . ثم عدنا إلى بغداد بعد ثمانية أو عشرة أيام قضيناها في مصايف كردستان العراق الحبيب . أما الرحلة الرابعة فكانت في صيف عام 1962، حيث سافرت للمرة الثانية مع شقيقتي وابن عمي المرحوم السيد كاظم عبد الوهاب الطعمة مع الأطفال الثلاثة إلى مدينة شقلاوة واستأجرنا بستانا جميلا مع بيت مؤثث (كبرة أو جبرة). والشيئ الذي لفت إنتباهي في حينه، هو طيبة الإخوة الأكراد وكرمهم وحرصهم على راحتنا وراحة الأطفال، حيث كانوا يجلبون إلينا كل يوم الخبز والحليب والعسل والجبن والبيض لتناول الفطور . كنا نترك الدار مفتوحا وحقائبنا كلها في الدار ونسافر إلى القرى والمدن القريبة وعند عودتنا نجد كل شيئ على ما يرام . وكانت أختي تغسل بعض قمصاننا وملابسنا وملابس الأطفال وتنشرها في البستان فلم نفقد أي شيئ . لأن عيون الإخوة الأكراد كانت ساهرة علينا والله شاهد على ما أقول .

عدنا إلى بغداد وفي ذاكرتنا إنطباع طيب عن الإخوة الأكراد وحسن معاملتهم للزائرين بكل وداعة وطيبة . لا زلت أتذكر تلك الرحلات بشغف .

و الرحلة الخامسة كانت في العام الدراسي 1970/ 1971 حيث دعيت من قبل إحدى الأخوات الكرديات التي كانت تدرس اللغة الإنجليزية واللغة الألمانية كفرع ثان بعكسي، حيث كانت دراستي اللغة الألمانية كفرع أساسي واللغة الإنجليزية كفرع ثان، إلى زيارة عائلتها في مدينة السليمانية للمشاركة بعيد نوروز للتعرف على طقوس واحتفال الأكراد به . للأسف الشديد نسيت إسمها، لكني أتذكر إسماء إخوانها نوروز وبهروز أبناء الحاج إبراهيم آغا في السليمانية، أتمنى من كل قلبي أن تكون عائلتها على قيد الحياة ولعل الزمان يجمع شملنا ثانية .

بقيت عندهم ضيفا لمدة أسبوع واطلعت على الجرائم التي حلت بالأكراد وكيف كان الإنضباط العسكري أو الشرطة العراقية تقتحم مدينة السليمانية وتقتل من كان جالسا من الشباب والرجال في المقاهي وهم يلعبون لعبة النرد " الطاولي " أو الدومينو . وكان أحد أقرباء الأخت الكردية عمره لا يتجاوز الخامسة عشر، يلعب مع أصدقائة الدومنة، وفجأة أطلقت القوات العسكرية النار على كل الناس الجالسين في المقهى وقتلتهم جميعا ثم أغلقت المقهى . وبعد ثلاثة أيام تمكن أهالي السليمانية من فتح المقهى وكان الشباب موتى بأياديهم قطع الدومينو .

هكذا حدثتني عائلة السيد إبراهيم آغا عن الجريمة النكراء .

حزنت كثيرا على هذه الجريمة وغيرها .

كما حزنت وبكيت في داخلي على ضحايا حلبجة والأنفال والتهجير الجماعي الذي شمل الإخوة الأكراد في كركوك بغية إستئصال جذورهم وتعريب مدينة كركوك بقدر ما بكيت على الملايين من ضحايانا نحن الشيعة في كل المدن العراقية والأهوار وضحايا الحروب .

معذرة لقد خرجت عن الموضوع الذي قصدته .

إن إعادة إعمار كل مدن وقرى كردستان العراق وإنشاء مصايف سياحية وبناء فنادق ودور مؤثثة وملاعب للأطفال ومسابح وتوفير وسائل الراحة والإستجمام للزائرين وشق الطرق وإنشاء شبكة شوارع حديثة تربط كافة المدن والقرى ببعضها البعض وفتح المطارين الدوليين في أربيل والسليمانية لتنشيط حركة التجارة والسياحة سيعمق العلاقات الأخوية بين العرب والأكراد من جهة وينعش الإقتصاد العراقي عامة .

لابد من ترسيخ وشائج الإخوة بين العراقيين العرب والأكراد وتطوير هذه العلاقات الإنسانية وذلك عن طريق مساهمة واشتراك الإخوة الأكراد بزخم هائل في حكومتنا المركزية، بحيث يشعر الأكراد أنهم متساوون مع إخوانهم العراقيين العرب، في الحقوق والواجبات والدرجات، إذ لا يوجد عراقي عربي درجة أولى وعراقي كردي درجة ثانية كما كانت الأنظمة السابقة تفعله .

وفي الختام نحث حكومتنا العراقية الوطنية إلى تحقيق مختلف المشاريع السياحية والصحية والصناعية والزراعية في كردستان العراق الحبيب والقضاء نهائيا وإلى الأبد هذه التفرقة العنصرية بين العرب والأكراد.