منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   قسم القصص والروايات (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=71)
-   -   رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=745126)

Cinderella Lola 01-05-18 12:27 AM

رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
السلاام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
أخبار المنتدى و الأعضاء الجميلين اللي عشت معاهم أجمل ذكرياتي ..
جئتكم اليوم بروايتي الثانية : انتقام العشاق ..
أتمنى أن تنال رضاكم و إعجابكم ..
في البداية لدي بعض الملاحظات ..
أولاً : الرواية الآن يتم تنزيلها في منتدى آخر ، طبعاً الرواية لي و لكني مسجلة باسم : رَحيق .
ثانياً : مبدئياً راح أنزل لكم جزئين من الرواية ، و كل ما أكمل جزء راح أنزله لكن أبيكم تعذروني إذا تأخرت لحد 10 - الشهر القادم لأن هالفترة عندي ضغط امتحانات و يمكن أضطر أتأخر عليكم لكن بعد 10 الشهر راح أتفرغلكم و إن شا الله بنحدد أيام معينة للأجزاء ..

و الآن سأترككم مع روايتي الجديدة .. و لا تحرموني من تفاعلكم الجميل اللي اشتقت له ..


Cinderella Lola 01-05-18 12:30 AM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 


رواية : انتقام العشاق .








نبدأ بسم الله ، بالجزء الأول ..



(1)


المحاولات الكثيرة لنسيان الماضي ، هي محاولات فاشلة حتماً .. فالكثير من مآسينا و خيباتنا لا يمكننا تجاوزها .. الماضي أمره موغل حقاً .. لا يغادرنا مهما حاولنا هجره ؛ يسكننا مهما حاولنا الرحيل عنه .. حتى إن اغتربنا و هجرنا أرضاً نعشقها لننسى ، فستكون تلك هي المحاولة الأفشل للنسيان ..


في يوم كهذا ، كان لا بد لها أن تكون الأسعد .. إنه اليوم الذي تنتظره أي فتاة .. تنتظر أن تتألق بفستانها الأبيض .. أن تمسك بيدِ رجلها و تمشي أمام الجميع شامخة رافعة رأسها ..
لكن تلك الفرحة حلفت أنها لن تكتمل ، بل حلفت أنها ستتحول إلى مصيبة تُنغّص عليها عيشها ..
ارتجف قلبها من صوت سمعته ، تبعته أصوات متعالية من الصراخ و الكلمات المتداخلة التي لم تفهم منها شيئاً !
خرجت و هي ترفع فستانها الأبيض لتتمكن من الحركة ، الحركة لم تكن مريحة في المنزل .. ثمة أمر مريب حصل ، لكنها لم تعرف ما هو ..
ركضت إلى النافذة حيث اجتمع حشد من المدعوين ، مطلين برؤوسهم و كلمات الحوقلة لا تنزل عن ألسنتهم .. صرخت بصوت مرتجف : ابعدووا !
ابتعدوا جميعاً مما أفسح لها المجال لتقترب ، مشت ببطئ و هي تراقب نظراتهم الحزينة ، نظرات الشفقة ... أول ما رأته هو تجمع الرجال في الأسفل حول شيء ما ..
دققت النظر قليلاً ، إنه هو !
سقطت على ركبتيها أرضاً و هي تصرخ صرخة هزت أرجاء الكون : عدنـــــــــــاااااااااااااااااااان !



...
...
...

بعد نوم طويل .. استيقظت و بدأت تفتح عيناها ببطئ منزعجة من عدم اتضاح الرؤية لها في بادئ الأمر .. صداع رأسها قوي جداً .. ظنت أنها قد مرت بكابوس فظيع .. تنفست قليلاً و حاولت النهوض .. تجولت بنظراتها قليلاً ، لتجد فستانها الأبيض ملقىً على الكرسي .. بدأت تدرك أن ما رأته لم يكن كابوساً ! كان حقيقة ، كان فاجعة !
إنه هو ؛ عدنان ! وجهه ، و جسده .. هو ذلك الذي غطى الدم جسده في الأمس !
بدأت تتمتم بكلمات غير واضحة : ع عدنان ! عدنان وينك
في تلك الأثناء ، دخلت والدتها لتطمئن عليها ، كانت تلبس عباءة سوداء ، و حجاباً أبيضاً .. كان الحزن يغطي وجهها ..
اقتربت منها و قالت بصوت مختنق : شلونك الحين يا بنيتي ؟؟
أجابت بصوت مبحوح : يممه ! يمه وينه عدنان ايش صارله ؟؟؟
شهقت والدتها و هي تضع يدها على فمها لتقول : يممه زوجكك .. توفى أمس ..
صرخت بعدم استيعاب : شلووووووون ؟؟؟ يمممه قووولي اييش صااار ؟؟؟
مسحت وجهها و هي تحاول أن تهدئ نفسها : مادري ، للحين ما ندري ايش صار .. بس ، كل شي أعرفه إن ، في شخص ما يخاف الله ، أطلق رصاص على عدنان ، و تسبب بقتله !
ظلت عيناها مستعتان من الصدمة ، اجتمعت الدموع في عينيها و قالت بعدم تصديق : قتله ؟؟؟؟ عدناان انقتل يممه ؟؟؟؟ يووم زواااجناا ؟؟؟

...
...

في ذلك المكان الذي يسهر فيه رجال الأمن للمحافظة على أرواح البشر ، و لمعاقبة المجرمين و إيقافهم عن أفعالهم .. جلس " رائد " منهكاً على كرسيه و أخذ يفرك وجهه بكف يديه .. جاءه صوت " ريان " من الخارج الذي قال و هو يجلس أمامه : صار شي جديد معاكم ؟
تنفّس رائد بعمق ، و قال : للحين ما قدرنا نعرف منو اللي قتله و ليش ! واضح إن اللي رمى الرصاص قنّاص ، الرصاصة جاءت من الأعلى يعني اللي قتله كان يترصدله من سطح البيت !
قال ريان : و الحين ايش راح نسوي ؟
أخرج جواله دون أن ينظر إليه و بدأ يفتش عن رقم أمه و قال : الحين ما راح نساوي شي .. لين يخلص العزاء نقدر نتصرف ..

...
...
...


في مكان يبعد مسافات قليلة .. جلست " رشا " خلف ماكينة الخياطة لتصلح زي أخيها المدرسي الذي أصبح بالياً من كثرة استخدامه ..
كانت تراقب أخويها " عُمر و روان " و هما يتابعان أفلام الكرتون بتركيز .. جاءت أمها تحمل صينية أكواب الشاي بحركات مثقلة و بطيئة ، جلست على الأرض و قالت لابنتها : يمه تعالي ارتاحي شوي و اشربي شاي ..
ابتسمت رشا : يلا يمه قربت أخلص ..
تأففت والدتها و قالت : يمهه اتركي هالزي ما عااد ينفع .. صارله من يوم ما دخل المدرسة و اهوة يلبسه اهتررى !!
قالت رشا و هي تقطع الخيط الزائد بأسنانها : يمه لا تقولي هالكلام قدامهم .. بعدين جاييني شغل و ان شاء الله راح أشتريله زي جديد ..
التفتت روان بسرعة و قالت بلهجة طفولية : و أناا ؟؟
ضحكت رشا بحب و قالت : و انتِ بعد يا قلبي ..
تركت رشا عملها و توجهت لتجلس إلى جانب أمها الحزينة .. تناولت كوب الشاي و قالت : يمه شفيكِ مهمومة ؟؟
ردت بانكسار : ما تبيني أكون مهمومة ؟؟ أخوكِ ضااع عمره في السجن ظلم بظلم .. و إنتِ كبرتي قبل أوانك و مو عارفة شلون بتصرفي علينا .. و ما تبيني أكون مهمومة ؟
ابتسمت رشا محاولة أن تواسي أمها ، احتضنت يديها و قالت : يمه هذا نصيبنا .. الحمدلله على كل حال أنا راضية و إنتِ بعد لازم ترضي .. و أخوي ما بقاله إلا القليل و راح يطلع و يكمل حياته ..
ابتسمت بسخرية : هه ! يكمل حياته ؟ بعد شنو ؟؟ بعد ما ضاع من عمره 10 سنين في السجون بين المجرمين ؟؟
: يمهه و اللي يخليكِ لا تقولين هالكلام قدام اخواني .. ما نبيهم ينظلموا مثل ما انظلمنا أنا و خليل .. هذا قدرنا و لازم نرضى فيه .. أرجوكِ يمه كنتِ طول السنين اللي فاتت قوية و صابرة ، ما نبي نضيع كلشي في آخر لحظة .. و هذا احنا نشتغل و عايشين و مستورين بفضل ربنا و مو محتاجين أحد ..
هزت أمها رأسها بقلة حيلة .. ابتسمت لها رشا ، تناولت كوب الشاي و عادت خلف ماكينة الخياطة لتكمل عملها ..



...
...
...


وقفت أمام مرآتها ، تنظر إلى الأسود الذي ارتدته .. بعد أن كانت في الأمس تتألق و تنير بالأبيض الفاتن .. الحزن يغطي معالم وجهها .. من هول الصدمة لم تعد تعرف ماذا يجب أن تفعل .. حتى الآن لم تستيقظ من ذلك الكابوس المزعج .. الموت يخطف زوجها في أجمل ليلة في حياتها .. في الليلة التي انتظرتها طويلاً ..
دخلت أختها " عبير " إلى غرفتها و قالت بهدوء : رفيف ..
التفتت لها ببرود و نظرت إليها دون أن ترد ..
أخذت نفساً طويلاً و قالت : ما تبي تنزلي ؟ المعزين وصلوا ...
لم ترد رفيف ، اكتفت بالشرود في الأفق .. كم هي الدنيا غريبة .. كم هي غدارة و خائنة .. في يوم و ليلة تنقلب ضدنا .. لا تعطينا شيئاً إلا و قد سلبت منا الآخر .. الأمس كانت تضحك لي ، الأمس كانت الدنيا لا تتسع لفرحتي و فرحة عدنان .. الأمس تزاحم في بيوتنا المباركين و المهنئين ، و اليوم تزاحم المعزين ..
أما عبير ، فأخفضت رأسها أرضاً و هي لا تملك لأختها من المواساة شيئاً .. خرجت من غرفتها دون كلام .. و تركتها غارقة في شرودها و أفكارها ..


...
...
...

في مكانٍ مظلم ، قد يكون ظالماً أيضاً .. يستلقي " خليل " فوق سريره ، و هو يدخن بشراهة و نهم .. اقترب منه أحد رفاقه و قال بابتسامة : أكييد قااعد تفكر بالحرمة و العيال ..
ابتسم خليل بسخرية و قال : أي حرمة و أي عيال يا رجال .. أنا ما تزوجت ..
ربت " خالد " على ركبته و قال باستغراب من غموضه : ان شاء الله بتخرج من هنا و بتتزوج و بتكمل حياتك ..
بنظرات حادة مخيفة قال : أنا مابي أخرج عشان أتزوج و أكمل حياتي .. أنا لازم أخرج من هنا على شان أقعد اللي ظلمني بدالي .. على شان أقعده 10 سنين مثل ماا قعدني هناا ..
تنهد خالد و قال : ما تبي تقولي ايش قصتك و ليش مظلوم ؟؟
اكتفى بالصمت ، فأردف خالد : 7 سنين قاعد معاك في هالسجن و للحين م عرفت قصتك .. و كل اللي كانوا هنا من قبلي ما يعرفون ..
قال بحقد : ما لازم أحد يعرف .. اهوة شخص واحد اللي قلتله .. و ما لازم أحد غيره يعرف .. الانتقام يا خالد يبيله شخص كتووم .. قادر إنه يحتفظ بأسراره و مشاكله لنفسه ..
خالد : مو خايف انتقامك يرجعك هنا للسجن ؟؟
ضحِك خليل ضحكة صاخبة و قال : ههههههههههه ! أرجع السجن ؟ أجل أنا وش قاعد أسوي طول هالسنين هناا ؟؟؟ طبخت خطة انتقاامي على ناااار هاااااادية .. ولا تخااف .. ما راح تشوفوني هنا مرة ثاانية إلاا زاائر ..
وقف خالد : أتمنى إنك ما تورط نفسك .. انسى الماضي و ابدا من جديد ..
تجاهل خليل كلامه .. فلا يعرف حرقة المظلوم إلا المظلوم مثله .. و لن يثنيه عن انتقامه إلا الموت !



...
...
...


طُرِق باب غرفتها مجدداً .. لا أحد يستوعب أنها تعيش صدمة لا يمكن أن تتجاوزها .. لا زالت مؤمنة أنها ستستيقظ حتماً من هذا الحلم المزعج ، ستستيقظ لترى عدنان ينام إلى جانبها .. عدنان لم يمت .. هذا ما كانت تحدث نفسها به قبل دخول جدّها إلى غرفتها بعكازته .. دخل بشموخ و قال و هو يحاول أن يخفف عن حفيدته : يبه يا رفيف .. لا تسوي بروحك كذا .. ما يصير تظلي حاشرة روحك هنا .. لازم تنزلي و تستقبلي التعازي في زوجك ... ما تبي تشوفي أم عدنان ؟ لازم تكوني معاها في هالمحنة !
بهدوء و صوت بالكاد يُسمَع : تعازي في زوجي ؟؟ جدي عدنان مات صدق ؟؟؟
اقترب منها و جلس إلى جانبها ، احتضن رأسها و قال : يبه هذي الدنيا و كلنا بنمووت و كل واحد فيناا بيترك هالدنيا لماا ينقضي أجله !
انفجرت باكية أخيراً ، و هي تقول بصوت مختنق : لييييش يا جديي ليييش ؟؟؟؟ ليييش ماات يوم زوااجناا ليييش ؟؟؟؟
استمرت في البكاء في حضنه و هو يمسح على شعرها بحنية : قدر الله و ما شاء فعل .. هذا عمره و انتهى يا بنيتي و انتِ مؤمنة ولازم ترضي بقضاء ربنا !
ارتفعت شهقاتها و أخذت تمزق قلب جدها عليها .. حاول كثيراً أن يهدّئها بلا فائدة .. ربما يجب أن تبكي .. ربما يجب أن تنفجر بالبكاء علّها تنفس عما في داخلها قليلاً ...



-

في المستشفى .. وقف أمام غرفة العناية المركزة بتعب و هو ينتظر أن تتحسن زوجته ... قلبه غير قادر على فراق آخر !
اقتربت منه ابنته " غادة " و قالت : يبه ، روح انت البيت و ارتاح شوي .. أنا و مصطفى هنا بنظل عند أمي .. انت روح البيت اخواني سبقوك علشان بيت العزاء ..
خرجت منه شهقة حاول أن يكتمها طوال الوقت .. و قال ببكاءٍ : يبهه شلوون أرتااح بعد مااا راااح الغااالي شلووون يبهه أخوكِ كسر ظهريي
بدأت تخونه قدامه ، كان سيسقط أرضاً لولا اقتراب ابنه مصطفى منه بسرعة و حمله إلى أقرب كرسي و هو يقول : استهدِ بالله يبه و اللي يخليك .. خسرنا أخونا و أمي في العناية المركزة .. يبه ما نبي نخسرك إنت بعد
جلست أمامه ابنته على ركبتيها و قالت محاولة أن تخفي بكاؤها : يبه .. موت عدنان كسرناا كلنااا .. بس هذاا قدرناا و لازم نرضى فيه .. الحين أهم شي أمي تقوم بالسلامة .. ما راح نقدر نرجع عدناان بس أمي لاازم تققووم بالسلاامة ☹

وضعت رأسها باكية فوق ركبتي أبيها : يبه ما أبي أخسر أمي أو أخسركك ..
تحسس أبيها رأسها بحنية .. لا يعرف من أين أتت تلك الصاعقة فوق رؤوسهم ..
أما الحقد و الغِل فهم من سيطروا على مشاعر مصطفى في تلك اللحظة .. مصطفى الذي حلف أن يجد قاتل أخيه و يدفعه ثمن ما مروا به غالياً !




...
...
...


نهاية الجزء الأول ..

Cinderella Lola 01-05-18 12:32 AM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم

سأتيح لكم الآن الجزء الثاني من روايتي : انتقام العشاق .. أتمنى أن ينال إعجابكم و رضاكم ..



(2)


تمر الأيام مسرعة ، خاصة تلك التي لا نستطيع فيها أن نحدد مشاعرنا .. أيام العزاء الثلاثة لم تكن الأصعب على عروسٍ خلعت أبيضها في أجمل ليلة لها ، لم تكن الأصعب على قلب أم فقد ضناه قبل أن يفرح به .. ما كان الأصعب ، هو ذلك الهدوء القاتل الذي عم بيوتهم و حياتهم بعد انتهاء العزاء .. بعد أن بقيت وحدها .. لا زالت ذكرى ذلك اليوم تسطع في عقلها كأنها تحدث الآن .. لا زالت تذكر الكلمة الأخيرة التي سمعتها من عدنان في الليلة ما قبل زفافهما : " بكرا راح يكون أحلى يوم في حياتنا "
جاء الغد و ما بعده ، مر الكثير يا عدنان لكنها أيام سود لا أرى فيها خيطاً أبيضاً واحد .. إلى أين ذهبت و لِم أنت وحيد يا قلبي ؟ ألم نتعاهد على العيش سوية و الموت سوية ؟ لِم تركتني أعاني مرارة الحياة وحدي ؟ لِمن تركتني ؟ من منا خان العهد يا قلبي ؟ من ؟
حدّثته كثيراً و هي تتحسس صورته التي بللتها دموعها ..

أما أمه ، فبعد أن تحسنت صحتها قليلاً ، خرجت لتجلس في بيتها ذات الجدران الباردة .. البيت الذي كان يجب أن يكون الآن فرِحاً بعدنان و عروسه .. لكن البيت تحول إلى مقبرة حزينة .. في وسط الهدوء .. نظرت أم عدنان إلى " جلال " الجالس إلى جانبها و يحدّث خطيبته " عبير " .. و قالت بصوت مبحوح : شقاعد تسوي يا جلال ؟
رفع نظره إليها و قال : لا ما في شي هذي عبير قاعدة تتطمن ..
لم تترك له المجال ليكمل كلامه ، فقالت : طلّقها ..
رفع الجميع أنظارهم إليها بصدمة .. فقال أبو عدنان : ايش قاعدة تقولي يا حرمة ؟؟
باصرار كررت : طللقهاا يا جلااال ..
اقتربت غادة باكية من أمها و قالت و هي تتحسس وجهها : يمهه شفيكِ ؟ تعبانة ؟ قومي آخذك غرفتك تنامي و ترتاحي ..
صرخت في وجهها بقسوة و قالت : مااا فيني شي ..
جلال : يمهه ! عبير ساوت شي معاكِ ؟ ليش تبيني أطلقها ؟
تحولت نبرة صوتها إلى البكاء و قالت بنفس متقطع : تبي أكثر من اللي صار فيناا ؟؟؟ فقدناا أخووك بليلة زوااجه و تبي أكثثرر من كذاا ؟؟
جلال : و عبير شعلاقتها باللي صار لأخوي الله يرحمه ؟
أطبقت عينيها بألم و بدأت الدموع تتناثر بصمتٍ على ابنها عدنان ، و خلال ثوانٍ من الصمت قالت : هذوولا الجمااعة كانوا نحسس علينااا انتوا موو ملاحظيين ؟؟
أبو عدنان : يا بنت الحلال استهدي بالله وش هالكلاام هذاا ! الجماعة ماالهم علاقة هذاا قضاءء ربناا و قدره !
نظرت إلى زوجها بحقد و أعين محمرة : يعني شنوو ؟ بتتركون دم ولدي يروح كذا ؟؟ ما راح تاخذون ثااره ؟؟؟؟
أبو عدنان : أكييد ما بنتركه ، الشرطة قاعدة تحقق و إن شاء الله بنوصل للقاتل و بينال عقابه !
كان مصطفى يجلس بينهم يستمع إلى أحاديثهم بإنصات ، قال في داخله : والله إن ما قتلته بيدي ما أكون أنا مصطفى .. والله ثم والله مقابل عدنان ما أرضى إلا بعشرة من أهله و عشيرته !


...
...

قسوة الحياة تجبرنا أحياناً على مواجهة أناس لا يجب أن نواجههم .. تجبرنا على الضغط على أنفسنا لكي نُحصّل لقمة العيش .. كانت تحدث نفسها : ماذا لو تذكرنا أحد أعمامي و ساعدونا في غياب أخينا بدلاً من تركنا لرحمة من ليس في قلوبهم رحمة ؟
النظرات التي تزعجها دائماً من رجل كهذا .. لكن ليس بوسعها سوى التجاهل و التحمل .. مدّ لها مبلغاً من المال و هو يبتسم بخبث : تفضلي يا رشاا .. هذا راتبك .. و في شغل جديد بعد مابيك تقصري !
هزت رأسها و هي تنظر إلى الأرض بتوتر : انشالله عمي ما أقصر أبداً ..
تناولت ما أعطاها من مال و وضعته في محفظتها ، تحركت لتترك المكان لكنه اقترب منها بحركة سريعة و قال : ويين ويين ما تبي تشربي شي ؟؟
ارتجفت شفتيها و قالت بخوف : مـ مـعلش عمي أناا تأخرتت !
حاول أن يقترب منها أكثر و قال بهمس : شرآيك تصيري تشتغلي عندي هنا في المعمل ؟ ما راح أخلي زوجتي تشرف عليكِ مثل باقي البناات ، رآح أعطيكِ غرفة بروحك هناا قرييبة من مكتبيي و اذا ماا تبي تشتغلي لا تشتغلي بس أشوفك كل يوم هذاا كاافي !
ابتعدت بسرعة و خوف و قالت : الله يسلمك أنا أشتغل في بيتي أريحلي ، عن اذنك !
بعد ثوانٍ ، دخلت زوجته بشكل مفاجئ فلاحظت شروده و قالت : ويين شارد يا رجال ؟
ارتبك من دخولها المفاجئ فقال : بسم الله ، لا مو شارد ولا شي ... شلون شغل البنات ؟؟
قالت بعد ما جلست : كويس الحمدلله .. مين كان عندك ؟؟
مشى بخطوات واثقة ليجلس خلف مكتبه و يقول : لا ما في شي هذي رشاا جابت الشغل و أعطيتها فلوسها !
التوت شفتيها معبرة عن عدم رضاها : أنا هذي البنت مو عاجبتني أبداً ! يعني شغلنا مو ناقصه عمال ليش تشغلها و تعطيها فلوس ؟ لا و في بيتها بعد ما تيجي المعمل !
قال بكذب : ياا بنت الناس هذي بنية مسكينة مالها أحد و محتاجة فلوس .. على شان كذا أنا متساهل معاها ..
هزت رأسها و هي تنظر إليه بعين الريبة و الشك .. أما رشا ، فخرجت راكضة و هي تضع يدها على قلبها المرتجف و تلهث بخوف ، نظرت إلى باب المعمل بحقد و هي تتمنى أن تتخلص من هذا المكان بسرعة .. التفتت فلاحظت وجود شاب يقف و ينظر إليها من بعيد متكئاً على سيارة مرسيدس سوداء ، واضعاً في فمه سيجارة و يتفحصها بدقة .. تلك المرة الأولى التي تراه يقف هنا .. تجاهلته و تحركت مسرعة نحو بيتها ..

...
...

في إحدى أعرق الشركات و أضخمها ، اجتمع رئيس مجلس الإدارة مع رؤساء الأقسام ليبحثوا أمور الشركة و نواقصها .. و في نهاية الاجتماع .. اقترب منه ابنه الأكبر " أشرف " و قال : يبه !
رد و هو يتصفح الملف الذي بين يديه دون أن ينظر إليه : نعم ؟
حكّ رأسه بخجل و قال : يبه أناا بكلمك في موضوع ..
رفع نظره إليه باهتمام و قال : قول يبه ؟؟ شفيك ؟
أخذ نفساً عميقاً ثم قال بابتسامة : يبهه أبي أتزوج ..
ابتسم والده على خجله و قال : قولها يبه ليش خجلان ؟ انت كبرت و صرت 26 سنة و لازم تتزوج و نفرح فيك بعد ..
اتسعت ابتسامة أشرف أكثر : يعني موافق ؟؟
: طبعاً مووافق ، راح أكلم أمك و من بكرا أخليها تشوفلك بنت كويسة و بنت عالم و ناس ..
ارتبك قليلاً و قال : بس يبه ، البنت موجودة !
عقد حاجبيه مستغرباً : موجودة ؟؟؟ و منو اهية ؟!
رد أشرف : رشا ، بنت عمي ..
شعر أشرف أن والده سيرفض فقاطعه قبل أن يتكلم : يبهه أنا أحبها و أبيها من زمان .. بغض النظر عن كل المشاكل اللي صارت من قبل !
بهدوء قال : ايه يبه بس انت عارف ان أهلها مستحيل يوافقوا ! و حتى اهية احتمال كبير ترفض !
أشرف : أنا متأكد إنها ما راح ترفض .. أنا أبيها يبه ، وش قلت ؟
تنهد والده بعمق ، ثم ابتسم و قال : طيب ، خلاص اليوم بكلم أمك ..
قبّل أشرف يد والده بفرحة عارمة ، ثم خرج من المكتب فرحاً و هو يتخيل رشا ، جميلته التي أحبها منذ صغره ، عروساً له ، تتألق بالأبيض إلى جانبه ، و يدها المتزينة بخاتم زواج حُفِر عليه اسميهما ، متعلقة بيده بين حشد من الناس و الأغاني و الأهازيج تزين ليلتهما و تشعلها فرحاً ..


..
..

من النادر جداً أن يزوره أحد في قبره هذا ، حتى أنه حلف يميناً معظماً على أمه و أخوته أن لا يزوره أي منهم ..
جلس أمام ذلك الرجل المهيب و هو يبتسم و يقول : والله يا عم ، خرجت من هنا و ما شفناك بعدها !!
ضحِك " صابر " بوقار و قال : الله يسامحك يا خليل ، كل سنة كنت أزورك شفيكك !
ضحِك خليل حتى بان صف أسنانه : هلا والله بعمي .. شخبارك طمني ؟
: أنا بخير يا ولدي بألف خير ولله الحمد ، أمس زوجت آخر ولد من أولادي و ارتحت من همومهم ..
ابتسم خليل و قال : ألف مبارك و ربي يخليك لهم و يخليهم لك ..
: الله يبارك فيك يا ولدي .. بس ترى لسا ظل عندي ولد ما زوجته ولا فرحت فيه ..
اختفت ابتسامة خليل تدريجياً عندما شعر أنه يلّمح له بالكلام : عمي أرجوك لا تفتح هالسيرة ، إنت عارف إن طموحي مو هو الزواج بعد ما أطلع من هنا !
تجاهل كلامه و قال : انت متى راح تنتهي محكوميتك و تخرج ؟
خليل : الشهر الجاي ان شاء الله ..
طبطب صابر على يد خليل و قال : على خير و بالسلامة .. شوف يا خليل أنا وعدتك إني أكون معاك لما تقرر تأخذ حقك من اللي ظلموك ، و أنا للحين عند وعدي و ما راح أتركك .. و أبيك ترتاح ، شغلك من أول يوم تخرج فيه من السجن راح يكون مؤمن عندي ..و مو بس شغلك ، زواجك بعد !
تنهد خليل و قال : والله ما تقصر يا عم بس أنا قلتلك لا تحرجني بموضوع الزواج ..
ابتسم و قال : انت كبرت يا ولدي ولازم تتزوج و يصيرلك عائلة .. اسمع ، أنا مو عارف شلون أبدا الحديث .. أنا عندي بنية ، عمرها 32 سنة و للحين ما جاء نصيبها .. مع إنها جميلة و محترمة و أخلاقها عالية و ما فيها عيب لكن سبحان الله للحين ما جاء نصيبها ، و أنا ماقول كذا لأنها بنتي .. والله شاهد إني ما أريدلك إلا البنت اللي تسعدك .. و أنا ما أأمن على بنتي إلا مع رجال مثلك .. و اذا وافقت لا تهتم لمصاريف ولا لأي شي .. كل شي بيكون علي ..
خجل خليل من تلك السيرة و قال : والله يا عم ، أنا أتشرف بك و ببنتك و هذا شرف لي إني أتزوجها .. خليني أخرج من هنا و بعدين نتكلم بهالسالفة ..
ابتسم له صابر ، و وقف مستعداً للرحيل : انتبه لنفسك .. و راح أكون هنا الشهر الجاي علشان أستقبلك يوم خروجك بالسلامة ..
احتضنه خليل بامتنان و قال : تسلم يا عمي ..
ذهب صابر مبتسماً سعيداً بخروج خليل من السجن .. أما خليل فكانت الفرحة تغمره ، كأن الدنيا تعوضه عن أبيه الذي خسره منذ سنوات .. كأن الدنيا كلها تقِف معه بعد أن ظلمه أقرب الناس له ..


...
...

الموت بحادث ، أو بمرضٍ ، أهون من الموت بحادثة سيظل ملفها مفتوحاً عشرات السنين ، سيظل المحققون خلالها يتجولون داخل بيوتنا و حياتنا لمحاولة التوصل إلى القاتل ، ذلك سيجعل أمر نسيان من فقدنا مستحيلاً .. سنظل نذكر تلك الحادثة كل يوم ، كل ساعة ، في غفوتنا و في صحوتنا .. و متى ستنتهي تلك الآلام ؟ لا أحد يعرف ..
المحققون يتجولون داخل بيت " جد رفيف " منهم من يمحص في الأدوات و يحاول أن يمشط منطقة السطح .. و منهم من يجلس مع رفيف و عائلتها و يسألهم أسئلة لا تنتهي ..
ليتهم يعلمون يا عدنان أنني لا أريد القاتل .. لا أريد أن أراه ، أنا أريدك أنت ، أريدك وحدك .. أريد أن تعود لي فقط .. أن نستمر من ذات النقطة التي توقفت حياتك و حياتي بعدها .. ماذا سأفعل بالقاتل إن وجدته ؟ ما الذي يمكنني فعله حتى أستردك ؟؟ ليتني أستطيع أن أطلب منهم أن ينسوا ، و أن يسمحوا لي أيضاً بالنسيان ، إلا أنني لا أخفيك يا عدنان ، ليست لدي الرغبة أبداً بالنسيان ..

...
...

ارتدوا ملابس المدرسة الجديدة بفرحة و دخلوا إلى الصالة عند رشا بابتسامة بريئة تعلو وجوههم الطفولية ..
ابتسمت لهما رشا بحب كبير : فدييتكم و فدييت الزي لااايق عليكم مررة يا قلبي إنت و هي ..
اقترب " عُمر و روان " منها و قالا بامتنان بصوت واحد : شكراً رشاا احناا نحببكك !
قبلوها بخديها الأيمن و الأيسر ثم ذهب يتراكضان خلف بعضيهما لتبديل الملابس ، ضحكت رشا على طفولتهم بحب ، ثم عادت لتعمل خلف ماكينتها و الهم يرتسم على معالم وجهها و هي تتذكر ذلك الرجل الوقح الذي يتعرض لها دوماً بالازعاج .. دخلت أمها بابتسامة و قالت : يعطيكِ العافية حبيبتي ..
رفعت رأسها و ردت بنصف ابتسامة : ربي يعافيكِ يمه ..
اقتربت منها أمها و نظرت إلى وجهها بقلق : حبيبتي رشا ، من أول ما جيتي من السوق و إنتِ مو طبيعية .. قولي صاير معاكِ شي ؟
ابتسمت رشا محاولة أن تخفي قلقها و همها : لا يمه مو صاير شي بس تعباانة مررة ..
تحسست وجهها بحنية : يا بعدي .. قومي ارتاحي شوي و بعدين تكملي .. ايييه يالزمن اللي خلاكِ تشتغلي عند الناس و تبيعي عمرك عشان نقدر نحصل لقمة أكل .. ما أقول غير حسبي الله و نعم الوكيل فاللي كاان السبب ..
تنهدت رشا و قالت : مالنا غير الصبر و الاحتساب يمه .. هذا قدرنا .. كلها شهر و يطلع أخووي و كل شي ينحل بإذن الله ..
التزمت أمها الصمت ، أما هي فوقفت و قالت : بروح أنام ساعة زمان في غرفتكِ من بعد اذنك يمه ، اخواني قاعدين يدرسون في غرفتنا مابي أعطلهم ..
ابتسمت لها والدتها بحب : طيب حبيبتي ارتاحي و انا راح أساويلك شوربة تشربيها بعد ما تصحي و تروقي عليها إن شاء الله ، فوتي نامي ربي يرضى عنك و يرضيكِ ..

دخلت رشا بخطوات ثقيلة و بطيئة إلى غرفة أمها ، و لا زال طيف ذلك الشاب الوسيم يحوم حولها و هي تفكر في سبب وقوفه و مراقبته للمعمل عن بُعد ..


...

يُتبَع ...

Cinderella Lola 01-05-18 12:33 AM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
...

في ذلك القصر الضخم ، الذي لا ينقصه شيء من الخدم و العمال و الأثاث الفاخر الأنيق .. جلست و زوجها يشربون الشاي و يتابعون برامج التلفاز بصمت .. ارتشف " أبو أشرف " الرشفة الأولى من كوبه ، و قال لزوجته " رانيا " التي تقلب في التلفاز : رانيا .. حبيبتي قصري صوت التلفزيون بكلمك في موضوع ..
كتمت رانيا صوت التلفاز ، و التفتت إليه باهتمام و قالت : خير حبيبي قول ؟
أبو أشرف : اليوم ولدك أشرف كلمني ، و قال يبي يتزوج ..
ابتسمت رانيا ابتسامة واسعة و هزت رأسها بعدم ممانعة : اييه و ليش لا ، حقه ، اهوة كبر و صار قادر يتزوج و يفتح بيت ما شاء الله عنه ..
رد لها زوجها الابتسامة : علشان كذا جيت أكلمك ، أشرف حاطط في باله بنت عمه رشا ..
اتسعت عيناها بدهشة : نعــممم ؟؟؟ رشاا ؟؟؟
هز رأسه بـ " نعم " ، متوقعاً ردة فعلها هذه !
أردفت : والله ما لاقى غيرها ؟؟ والله لو ما ظل غيرها في الدنيا ماا أزوجهاا ولدي !! ولا أدخلها بيتي ؟؟
اقترب " أبو أشرف " من الطاولة و وضع فوقها كوب الشاي و قال بهدوء : لييش يا بنت الناسس ؟؟ ابنك يبيها ! و بعدين احنا قصرنا معاهم مرة و غلطنا في حقهم ، و لازم نعوضهم ..
سألته باستنكار : و الحين ما في شي تعوضهم فيه غير ولدي ؟؟؟ أشرف ما بيتزوج غير بنت أختي فردوس و هذا اللي عندي ..
ضم شفتيه بعدم رضى : فردوس ؟؟ يعني تبي تزوجي الولد غصبن عنه ؟ اهوة يبي بنت عمه مو بنت خالته !
: ما رح أجبرهه اهووة رااح ياخذها عن قنااعة تاامة انت بس أعطيني وقت و خل هالموضوع علي ..
هزّ رأسه بيأس منها و من تفكيرها .. لكنه هو الآخر لا يمتلك الجرأة لفتح هذا الموضوع مع ابنة أخيه بعد ما سببه لهم من ظلم و مشاكل ..

...
...


قد يقسو قلب الأم على أبنائها قسوة غير مبررة ، تجعله يظلمهم و يقهرهم دون أي ذنب منهم .. دخل " جلال " على غرفة أمه التي استلقت على سريرها و عيناها الدامعتين تنسجان الخيالات في الأفق .. أدارت وجهها العابس و هي تمسح دموعها بطرف سبابتها .. مشى نحو السرير ببطء و قال : شلونك يمه ؟؟
لم ترد ، فقط اكتفت بعبوس وجهها و عقدة حاجبيها ..
: يمهه شفيك ؟ ما تبي تكلميني ؟
بقسوة قالت : أنا ما راح يكون لي كلام معاك إلا لما تطلق هذي اللي اسمها عبير .. مابي أي علاقة تربطك في البيت هذاك ..
: يمه عبير و رفيف ماالهم ذنب باللي صار لأخوي .. أرجوك يمه لا تظلمينا .. عبير بنت يتيمة مالها أحد غيري ليش أظلمها معاي ؟؟ ليش أطلقها هي وش ذنبها باللي صار لأخوي الله يرحمه ؟ ليش أعاقبها على ذنب ما ارتكبته !!
نزلت عن السرير متجاهلة كل كلماته و رجاءه ، و قالت و هي تتجه نحو الحمام " مكرمين " للوضوء : أنا اللي عندي قلته عاد إنت حر ، تختار ما بين رضا والدتك أو زوجتك ..
تركته جالساً على السرير يراقبها متنهداً متألماً من قسوتها التي لم يعهدها بها يوماً .. أيقظه من شروده اتصال جاءه من فتاة أحبها لا يقوى على كسر قلبها .. بعد العديد من الرنات ، رد و هو خارج من الغرفة : هلا حبيبي ..
: شلونك حبيبي ؟
: بخير الحمدلله بخير .. انتِ شلونك ؟
باستغراب و هي تشعر بقلق في نبرة صوته : الحمدلله ، شلونها عمتي ؟
أطلق تنهيدة طويلة و قال : أمي ! مادري ايش أقول لك يا عبير ..
: قول حبيبي فضفضلي ايش صاير ؟؟؟
جلس على سريره في غرفته و قال : أمي ماهي طبيعية يا عبير ، من يوم موت عدنان تغيرت ، صارت وحدة قاسية ما أعرفها ..
: لازم نتحملها شوي حبيبي ، اللي مرت فيه ماهو قليل .. حتى أختي رفيف ما تطلع من غرفتها و ما تاكل إلا بالغصب .. زوجها مات قدام عيونها يوم زواجهم .. والله الموت أهون عندي من إنه يصير فيني كذا بزواجي لا سمح الله ..
: معاكِ حق ، بس أمي قاعدة تطلب مني شغلات مستحيل أسويها ..
عقدت حاجبيها : شغلات مثل شنو ؟
صمت و دخل في جولة تفكير ، لا يجد كلاماً مناسباً يقوله لها ! وجدها تسأله مرة أخرى : جلال ؟؟ ليش ساكت ؟
: أمي تبيني أطلقك !
شهقت بصدمة و دهشة مما سمعت ! قالت بصوت مرتجف : تطلقني ؟؟؟ ليييش أناا وش سويت ؟؟
هزّ رأسه بقلة حيلة : مادري ايش اللي تفكر فيه .. حبيبتي إنتِ لا تخافي ، هذا الشي مستحيل يصير .. مستحيييل ..
بصوت باكٍ : أمك أكيد قاعدة تقول إن إحنا كنا نحس عليكم ، بدليل وفاة أخوك ليلة زواجه .. صح ؟
صمت ، كتأييد لكلامها ، و خجل في ذات الوقت من موقف والدته ..
: انا و اختي ايش ذنبنا باللي صار ؟؟ اختي قاعدة تموّت نفسها كل يوم على عدنان وش ذنبها باللي صارر ؟؟ و أناا ايش ذنبي ؟؟
: حبيبتي لا تاخذي بكلامها أمي للحين تحت تأثير الصدمة .. اصبري معاي شهر زمان و راح تشوفي ، كل شي راح يرجع مثل ما كان ..

استأذنت عبير لتغلق الهاتف ، استأذنت لتبكي وحدها ، كما اعتادت منذ صغرها .. شعورها يقول لها أن جلال لن يستطيع التصدي لأمه ، لن تتراجع أمه عن قرارها أصلاً .. تدفع ثمناً لذنب لم ترتكبه .. تدفع ثمناً لكلمات جاهلة التصقت بنا و أصبحت جزءاً من عاداتنا و تقاليدنا التي أبينا التخلي عنها ..


..
..




القضية لا زالت تشق طريقها نحو التعقيد .. لا خيوط يمسكونها بيديهم ولا أي دليل على القاتل الذي اقتحم حياة و ليلة و بيتاً هدمه قبل أن يُبنى ..
وضع رائد رأسه بين يديه الذي تصدع من العمل الشاق صباحاً و مساء : ما في أي خيط للحين بين أيدينا ..
جلس أمامه ريان ، واضعاً قدماً فوق الأخرى و يحكّ ذقنه بيده و يقول : مشطتوا المنطقة كلها ؟؟ متأكدين إنكم تفحصتوا كل شي ؟؟
نظر إليه " سعد " بنصف عين و قال و هو يرمقه بنظرات حادة : خير إن شاء الله كأنه حضرتك عامل علينا مشرف ؟؟ ليش ما جيت معانا يا أستاذ ريان ؟
بسخرية : تبينا نروح جيش ؟؟ انت ورائد و عماد رحتوا أنا ليش آجي ؟ ظليت هنا بعدين أنا شغلي أفتح الجوال حق عدنان و أشوف البيانات اللي فيه ..
التفت سعد إلى السبورة التي وضع عليها معطيات القضية و قال : طيب قوم شوف شغلك بلا هذرة ..
دقق النظر في السبورة ، المعطيات قليلة جداً و غامضة ..
: يعني الشي الوحيد اللي متأكدين منه هو إن اللي قتل عدنان قنااص ، لأن الرصاصات داخلة بزاوية أكثر من 90 ، و كلها متمركزة في جهة القلب من الخلف و أعلى الكتف ..
اقترب منه رائد و ربت على كتفه : ما راح نقدر نستخلص شي من هالمخطط اللي قدامك ، إلا لما الأخ ريان يتحنن علينا و يقوم يفتح الجوال يمكن نقدر نلاقي شي عن طريقه ..
ارتخى ريان في جلسته : أنا ما أقدر أشتغل بدون ما آكل .. جيبولي عشاء والله جعت !!!
ضحكوا جميعاً على ذلك الذي لا يفكر إلا في معدته على حد قولهم .. إلا أن دماغ كل منهم مشغول بالتفكير في تلك القضية الغامضة المعقدة ..


...
...

دخلت أمه إلى غرفته و هي تحمل بين يديها كوباً من عصير الأناناس الذي يحبه ابنها .. كان يجلس إلى جانبه أخيه الأصغر " رامز " ..
بابتسامة واسعة : شلوونكم حباايبي ؟؟
اعتدل " أشرف " في جلسته و هو يعرف سبب دخولها عليه : هلا يمهه تفضلي ..
دخلت و وضعت كوب العصير على الطاولة ، قال رامز بغيرة : ايشش يمهه العصير بس لولدك أشرف ؟؟؟ احنا مالنا عصير ؟؟
ضحكت أمه : انت متى بتبطل غيرة ، قوم خذلك كاس عصير من المطبخ و اشربه ..
أخذ يلعب بحاجبيه أمامها و قال : تبيني أخرج من الغرفة ؟؟ في ايش راح تتكلموا قولوا قدامي تراني مو بزر !
ضربه أشرف بخفة على رقبته : خلااص عاد عن اللقافة .. يلاا قم !!
تأفف و نهض عن السرير متجهاً للباب ، رمى الوسادة التي كانت في يده على وجه أخيه و خرج ضاحكاً من الغرفة ..
ضحك أشرف و أمه على طفولية ذلك الشاب الطائش ، ثم قالت أمه بجدية : ايه حبيبي .. أبوك كلمني و قال تبيني أخطب لك ..
ابتسم أشرف : ايه يمه اذا ما عندك مانع ..
رفعت حاجبيها باستنكار : و لييش يكون عندي ماانع ؟؟ انت صرت رجال ولازم تتزوج ... بسس في شي قاله أبووك ما عجبني ، و أتمنى ما يكون صحيح ..
اختفت ابتسامته و تحولت فجأة إلى عبوس : خير يمه ؟؟
: سمعت إنك تبي بنت عبدالله ، صحيح هالكلام ؟
: ايه يمه ، أبي رشا بنت عمي ، فيه مشكلة ؟؟
: طببعاً في مشكلة !!! يمه هذي البنت مستحيل أدخلها بيتنا ، و مستحيل أزوجها لك .. هذي بنت جاهلة و ماهي من مستوانا .. أنا أبزوجك وحدة دارسة من عائلة غنية و بنفس مستوانا ! مو بنت تشتغل خييااطة وش بيقولوا علينا العالم ؟؟
وقف أشرف غاضباً من طريقة كلام أمه : يممه هذي بنت عمي يعني اهية من عائلة محترمة بعد ، و لا تتكلمي عليها بهالطريقة ولا تنسي إن أبوي اهوة السبب في وصولها لهالحالة ..
وقفت أمه بمحاذاته : بغض النظر عن السبب ، هالبنت ما بزوجها لك ، بنت خالتك فردوس بنت تجنن و اهية اللي تستاهلها ..
وقف أمام المرآة و قال برفض قطعي : يمهه ، أنا ما رآح آخذ إلا رشاا .. أرجوكِ لا تصعبين الموضوع علي و عليكِ ..

تناول مفاتيح سيارته ، و خرج غاضباً من المنزل .. لم يكن يتوقع رفض أمه بهذا الشكل .. تنهدت أمه بيأس منه ..
دخل والده إلى غرفته و قال : واضح إن كلامك ما جاب نتيجة !
هزت رأسها بالنفي .. و قالت : واضح إنه يبيها من جده !


...
...

بعد مرور " شهر " على الأحداث ..


...

دخلت المدرسة لأول مرة بعد تلك الحادثة التي أصابتها .. محاولة أن تنسى كل ما مرت به .. سلّم عليها المعلمات ، متجاهلات تعزيتها علها تنسى ما مرت به ..
حاولت رفيف أن تتحسن خلال ذلك الشهر ، حاولت أن تنسى ذاك الذي عاشت معه أجمل ذكرياتها .. لكنه يظهر أمامها في كل مكان و في كل زاوية .. عدنان يسكنها بشكل مخيف .. مخيف إلى درجة أنها باتت تشك في قدرتها على تجاوزه و نسيانه ..


...
...
...

منذ 10 سنوات ، لم يرى نور الشمس إلا مكبلاً بقضبان ظالمة من حديد .. اليوم هو ينعم بالحرية التي حلم بها طويلاً .. لكنه لا زال مسجوناً داخل حقد طال عمره .. لن يخرج منه إلا بالانتقام ..
اليوم الشمس مختلفة ، منيرة أكثر ، حارقة نعم لكنها دافئة على قلب جمدته جدران السجن و قضبانها .. احتضنه صابر احتضاناً قوياً بحب و فرح : الحمدلله على سلاامتك .. و أخييراً خلصت ..
تحسس كتفه و قال : ما في شي خلص يا عم ، أنا توني بديت ..
ابتسم له : و أنا معاك مثل ما وعدتك ..
أشر بإصبعه لأحد الرجال و قال له : احمل شنطة خليل و وصله للبيت .. و ظلك معاه و نفذ أوامره
التفت إلى خليل مكملاً حديثه : هذا الرجال " فهد " بيظل معاك و لما تبي تشوفني قول له .. الحين روح بيتك سلم على أمك و اخوانك أكيد مشتاقين لك ..
و ارتاح شوي ، علشان أشوفك و نتكلم ..
ابتسم له خليل بامتنان ، ثم ركب في السيارة و عيناه تحلقان في الطرق و المشاة ، في المولات و الدكاكين ، في الأشجار الخضراء و حتى الذابلة .. استنشق هواء لطيفاً نقياً ، كأنه كان محروماً من التنفس طيلة تلك السنوات الماضية ..


...
...


نهاية الجزء الثاني ..

لا تحرموني من التفاعل و التعليقات ..
أحبكم ..


Cinderella Lola 02-05-18 01:15 PM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
للآن ولا رد !

إذا ما أعجبتكم راح أراسل المشرفين لإغلاقها و لمن أحب تكملتها الرواية تنزل في منتدى آخر لن أذكر اسمه حتى لا يعتبر اعلان ..
فقط اكتبوا في جوجل رواية انتقام العشاق بقلم رحيق و سوف تظهر لكم ..

كل المحبة

غريب الماضي 02-05-18 01:33 PM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
كملي

موجه هادئه 02-05-18 07:46 PM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة cinderella lola (المشاركة 12018945)
السلاام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
أخبار المنتدى و الأعضاء الجميلين اللي عشت معاهم أجمل ذكرياتي ..
جئتكم اليوم بروايتي الثانية : انتقام العشاق ..
أتمنى أن تنال رضاكم و إعجابكم ..
في البداية لدي بعض الملاحظات ..
أولاً : الرواية الآن يتم تنزيلها في منتدى آخر ، طبعاً الرواية لي و لكني مسجلة باسم : رَحيق .
ثانياً : مبدئياً راح أنزل لكم جزئين من الرواية ، و كل ما أكمل جزء راح أنزله لكن أبيكم تعذروني إذا تأخرت لحد 10 - الشهر القادم لأن هالفترة عندي ضغط امتحانات و يمكن أضطر أتأخر عليكم لكن بعد 10 الشهر راح أتفرغلكم و إن شا الله بنحدد أيام معينة للأجزاء ..

و الآن سأترككم مع روايتي الجديدة .. و لا تحرموني من تفاعلكم الجميل اللي اشتقت له ..


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا وسهلاً بسندريلا
نورتي قسمك
سررت جداً لرؤيتك هنا من جديد

وان شاءالله نقرأ روايتك ونستمتع بها
كسابقتها

موجه هادئه 02-05-18 07:49 PM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة cinderella lola (المشاركة 12020526)
للآن ولا رد !

إذا ما أعجبتكم راح أراسل المشرفين لإغلاقها و لمن أحب تكملتها الرواية تنزل في منتدى آخر لن أذكر اسمه حتى لا يعتبر اعلان ..
فقط اكتبوا في جوجل رواية انتقام العشاق بقلم رحيق و سوف تظهر لكم ..

كل المحبة


هلا سندريلا
سامحيني على التقصير

ان شاءالله اني رح أبدأ اليوم بالقراء :)
كنت ناوية أرد فعلاً
لكن فترة امتحانات وانشغلت بالأطفال عندي

وانتِ أيضاً الله يوفقك بامتحانك

سما صافيه ~ 03-05-18 07:22 AM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
السلام عليكم


قرأت الروايه وتفاعلت معاها كثير
ما شاء الله عليك رائعه في السرد
ولديك قوة قلم

يعطيك الله العافيه عزيزتي
تقبلي مروري هنا

موجه هادئه 03-05-18 10:17 AM

رد: رواية : انتقام العشاق ؛ بقلمي
 
قرأت الجزء الأول
بداية مثيرة وممتلئة بالأحداث الصاخبة
تجعل المُتلقي في شوق لمعرفة ماسيحدث لاحقاً ،،

أحببت كثيراً طريقة سردك :)
والجمع مابين الفُصحى والعامية
أعطى الرواية طابع لافت وجمالية ..

ان شاءالله سأعود وأكمل الجزء الثاني

شكراً سندريلا🌹


الساعة الآن 05:11 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir