منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   من ذاكرة التاريخ (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=73)
-   -   ***موسوعة الاعلام والعلماء*** (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=283070)

فضه والماس 04-12-09 05:23 AM

جزاكم الله خيرا ونفع بما اوردتم
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

AbduLraHmN 05-12-09 01:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فضه والماس (المشاركة 6068454)
جزاكم الله خيرا ونفع بما اوردتم
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

جزاك الله خير على المرور

AbduLraHmN 11-03-10 11:12 PM

"أغنى رجل في العالم"، "العبقري"، "الاسطورة"، "سوبرمان" هذا العصر.. هذا هو بيل جيتس أحد مؤسسي مايكروسوفت الذي توصل إلى ثروة شخصية تصل إلى مئة بليون دولار انطلاقاً من مهمته البسيطة الأولى، صانعة منه ظاهرة الأعمال والتكنولوجيا في زمانه.

بيل غيتس كان يردد لمعلميه أنه سيصبح مليونيرا عند بلوغه الثلاثين عاما، وكانت هذه أحد المرات القليلة التي قلل فيها من شأنه، اذ ان بيل أصبح بليونيرا عند بلوغه الواحد والثلاثين عاما!!!

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ورحلة المليارات تبدأ بفكرة.. واليكم رحلة بيل غيتس الذي استطاع أن يغتنم الفرص ويوظف أكفأ العقول، يركز على أهدافه، يتفوق على المعارضة، يتحكم بالسوق، يصدر قرارات ثابتة، يتعرف على أخطائه ليبقى في الواجهة الأمامية للعبة.

بيل جيتس الطفل: "استطيع أن أفعل أي شئ أضع كل تفكيري فيه"


ولد بيل غيتس في 28-10-1955 في سياتل
في الولايات المتحدة، من عائلة غنية مع
صندوق ائتمان يساوي مليون دولار تركه
لهم جدّه (نائب رئيس المصرف الوطني
في أمريكا)، ولكنه رفض أن يستخدم
دولاراً واحداً في بناء نفسه وامبراطوريته.

أبوه وليام كان محامي بارز وأمه ماري، كانت تعمل مدرسة وكانت سبباً رئيسياً في تنظيم حياته. ابوه، ويدعى بيل جونيور، كان محامياً نافذاً، ولكنه محافظاً مع بيل واختيه كرستين وليبي.

منذ صغره وحتى وهو ناضج، لم يكن بيل يحب تضييع الوقت ولا أوقات الفراغ، ويصف بيل غيتس جلسات العشاء مع أهله بأنها كانت في محيط غني يتعلم منه المرء الكثير. كان بيل شخصاً عادياً ولكنه في بعض النواحي كان مميزاً ومختلفاً، وكان ذو ذاكرة ممتازة، كان يردد دائما : "استطيع أن أفعل أي شئ أضع كل تفكيري فيه".

ويقول عنه احد اصدقائه في تلك الأيام :"كان بيل أذكى منا جميعاً. ومع ذلك فقد كان متواضعاً وعلى الرغم من أن عمره 9 أو 10 سنوات ولكنه كان يتكلم كالكبار وكان كل ما يقوله أعلى من مستوى تفكيرنا". وكان بيل يحب الانخراط في المخيمات الصيفية وممارسة الرياضة على أنواعها وخاصة السباحة.

بيل جيتس وعمره 14 يؤسس شركة للبرمجة...


كان بيل غيتس بارعا بالرياضيات والعلوم، وقد أدرك أهله قدراته المميزة ولذلك بعد انهاءه المرحلة الابتدائية أرسلاه إلى مدرسة ليك سايد الإعدادية رفيعة المستوى. وفي عام 1968 قررت المدرسة شراء جهاز كمبيوتر، هذا القرار غير مجرى حياة بيل غيتس البالغ من العمر حينها 13 عاماً.

أكثر الطلاب أهتماماً بالكمبيوتر كانوا ثلاثة :بيل غيتس، كانت ايفانس وبول ألن الذي كان اكبر من غيتس بسنتين وأسس معه بعد ذلك مايكروسوفت. كان الثلاثة يجلسون مسمرين أمام الكمبيوتر في أوقات فراغهم، حتى أنهم اصبحوا يفهمون بالكمبيوتر أكثر من اساتذتهم مما سبب لهم مشكلات عدة مع الاساتذة. وكانوا يهملون دراستهم بسبب هذه الآلة الجديدة.

بدأ بيل غيتس في سن الرابعة عشرة من عمره بكتابة برامج قصيرة، أول برامجه كانت ألعاباً محدودة، وكان يكتبها بلغة "البيسك" وكانت قدرته على كتابة البرامج نابعة من حبه للرياضيات وعلم المنطق. إذا أحب بيل غيتس ان يكون جيداً في مجال معين، فلا يرضى عن الأفضل بديلاً: وبدأ بقراءة المجالات التي تتعاطى مع شؤون التجارة.

في عام 1969، انشأ بيل غيتس وبول ألن شركة باسم" مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر"، وكان ذلك نقطة تحول تعرف الطالبان خلالها على الكثير من الأمور. وفي المرحله الثانوية استمر بيل في عمل البرمجيات حيث أسس مع صديقه بول Traf-O-Data شركة تبيع نظام حاسوب صغير يحوي برنامجهم للاطلاع على بيانات سير المرور للولايات في أمريكا. هذه الشركة لم تحقق نجاحا كبيرا ولكنهم حققوا من خلالها ربحا معقولا وخبرة مفيدة.

ولادة عملاقة البرمجة Microsoft

http://media.farfesh.com/b0638162529.jpg
طاقم عاملي شركة MICROSOFT عام 1978 ويظهر بيل غيتس محاط بالدائرة الزرقاء

بعد تخرجه من المدرسة كان متوقعاً من بــيـل غـيـتس ان يدخل إلى أفضل جامعة في الولايات المتحدة هارفرد، وهذا ما حصل فعلاً. ولكن بـيـل غـيـتس وجد أنه ليس الأفضل في هارفرد في مادة الرياضيات، وكانت قناعته: "إذا لم أكن الأفضل في الرياضيات فلماذا أتابع في هذا المجال؟".

نقطة تحول ثانية حدثت لبيل وكانت في شهر كانون الأول عام 1974 عندما كان بول ألن في طريقه لزيارة بـيـل غيـتس، رأى خلالها نسخة من مجلة Popular Electronics. وكانت على الغلاف صورة لكمبيوتر شخصي اسمه ALTAIR 8800 وأحضرها إلى غيتس، وأدرك ان عصر الكمبيوتر الشخصي سيبدأ وسيكون متوفراً للناس فبدأ بالتفكير في كتابة برامج لكل كمبيوتر.

اتصل الاثنان بالشركة التي صممت الكمبيوتر وكان اسمها MITS وصاحبها ED ROBERTS فطلب منهما برنامجاً سهلاً" للكمبيوتر، فأنكب الأثنان لمدة 8 أسابيع ومنحاه برنامجاً بلغة BASIC ويقول ROBERTS: "كان ذلك رائعاً وفعلاً كان هذا الأمر نقطة تحول بالنسبة إلى عالم الكمبيوتر الشخصي", وكان هذا السبب الرئيسي لولادة شركة MICROSOFT والتي انبثقت من MICROCOMPUTER SOFTWARE.

كان شعار مايكروسوفت: "أعمل بكد وجهد، طور في منتجاتك، واربح". ومن المفارقات المضحكة أن الجميع كان يعمل بجد ليلاً ونهاراً. الجميع يلبسون الجينز و"التي شيرت".

المدير الشاب.. جدي وصعب!

http://media.farfesh.com/b0638163306.jpg
المدير الشاب.. جدي وصعب!

عندما كان غيتس في رحلة عمل تم تعيين أول سكرتيرة لميكروسوفت ميريام لوبر. وعندما رجع اتصلت بأحد المدربين تشتكي ان ولداً صغيراً جاء إلى مكتب غيتس وعبث بالكمبيوتر. وفتحت فمها مندهشة من أن هذا الولد كان بــيــل غيتس نفسه (كان بيل يظهر أصغر بكثير من عمره). وعندما علم زوج ميريام أن مديرها عمره 21 عاماً . اقترح عليها ان تتأكد إذا كانت ستقبض راتباً أم لا آخر الشهر .

قرر بـــيــل غــيــتس وآلن أن ينقلا مكاتب الشركة إلى مكان أكبر لاستيعاب العمل المتزايد. وكان بيل غيتس قدوة لكل الموظفين في العمل الجاد والمتواصل. وكان يعتقد "أي صفقة أفضل من لا صفقة أبداً". وكان يأكل البيتزا الباردة ويبقى طوال الليل في المكتب. كان عدد موظفي شركة مايكروسوفت 13 عندما جمعت أول مليون دولار، بعدها انتقلوا إلى سيشل واختار جميع الموظفين أن ينتقلوا مع بيل وآلن .

على الرغم من أن بـــيــل غــيــتس كان مجتهداً ويعمل بكد، إلا انه واجه صعوبات جمة في تعامله مع الموظفين، فقد كان غيتس غير صبور ويواجه الاشخاص بسرعة، ووجد الموظفون صعوبة في التعامل معه وارضائه. ومهما كان العمل رائعاً كان بيل يقول يجب أن يطوروه، وكان يصرخ في وجههم إذا أحس بأنهم لا يعطون كل ما لديهم لمايكروسوفت.

رحلة بيل غيتس و Microsoft نحو النجوم

http://media.farfesh.com/b0638163538.jpg
بــيـل غــيـتس وألن

عرضت IBM على بـــيــل غــيــتس وألن العمل على إنتاج برنامج تشغيل وبرامج لها. وكان لدى IBM الاستعداد التام لدفع الملايين ليكون انتاجها أفضل. ولكن بيل غيتس لم يوافق على كافة شروطهم وذهب إلى شركة كان لديها برامج تشغيل اسمها منتجات ستيل للكمبيوتر واسمه QDOS – 86.

أشترت مايكروسوفت حقوق هذا البرنامج بمبلغ 25 الف دولار. طورته الشركة وصار اسمه MS-DOS وباعته لشركة IBM وكان هذا جواز سفر مايكروسوفت إلى النجوم.

وأحد المواقف الطريفة الذي يذكرها بيل غيتس أنه اكتشف وهو ذاهب إلى أهم اجتماع في حياته مع IBM لعقد صفقة البيع أنه من دون ربطة عنق، فذهب إلى السوق وتأخر عن الاجتماع، ويقول: "الأفضل ان أتأخر من أن أذهب من دون ربطة عنق".

عندما بدأت العلاقة بين IBM ومايكروسوفت كان لدى IBM ألف موظف و306 مليارات دولار كدخل سنوي، وفي المقابل كانت مايكروسوفت شركة صغيرة تحتوي على 32 موظفاً وربح خفيف، لكن IBM لم يكن لديها بـيل غيتس. توالت التطبيقات، وبدأ بــيــل غــيــتس بوضع برنامج معالج الكلمات WORD 1.0 وطوره وكلف الشركة 3.5 ملايين دولار للدعاية والتجربة المجانية.

كمبيوتر في كل بيت.. وWindows في كل كمبيوتر!

http://media.farfesh.com/b0638163750.jpg
الطريق إلى الأمام

جمع بــيــل غــيــتس 30 من أفضل المبرمجين وقضوا عامين، مع عمل ساعات اضافية، في محاولة لاختراع ويندوز - Windows. النتائج كانت مخيبة للآمال، ولكن اختراع "الماوس"كان أمراً فعالاً وعملياً في ذلك الوقت. وفقد غيتس صبره وصار يهدد كل من في الشركة بإنهاء خدماته إذا لم يتم الانتهاء من ويندوز، وكان شخصاً لايرحم في ذلك الوقت".

في 13 آذار 1986 دخلت مايكروسوفت سوق الأسهم، وأصبح بول ألن و بــيــل غيتس من أصحاب الملايين، وأصبح بــيــل غيتس من أغنى أغنياء أميركا، ولكنه ظل يعيش حياته بالطريقة نفسها. وفي آذار 1986 انتقلت مايكروسوفت مرة جديدة إلى مواقع جديدة لتستوعب ال 1200 موظف في بارك لاند.

نجاح بيل غيتس ولد لديه أعداء كثر حاولوا محاربته، وحصلت مشكلات عدة مع شركة Apple وصلت إلى المحاكم. ولكنه واصل إنتاج أفضل البرامج والتطبيقات التي تنتجها شركة مايكروسوفت.

في عام 1999 وضع غيتس كتابه "الأعمال وسرعة الفكر" وهو كتاب يوضح كيف يمكن لتقنية الحاسبات الآلية تذليل المشكلات المرتبطة بالأعمال بطرق جديدة مبتكرة. تم نشر الكتاب بـ 25 لغة مختلفة وهو متوفر في ما يزيد عن 60 بلداً.

وحظي كتاب "الأعمال وسرعة الفكر" بتقدير واسع، وحصل على مكان له بين قائمة أفضل الكتب مبيعاً لـ "نيويورك تايمز"، "يو.اس.ايه. توداي"، "وول ستريت جورنال" وشركة "أمازون".

وكان كتاب غيتس السابق "الطريق إلى الأمام" الذي نشر في عام 1995 قد احتل صدارة أفضل الكتب مبيعا في قائمة "نيويورك تايمز" لسبعة أسابيع. وقد قام غيتس بالتبرع بعائد كتابيه الاثنين لمنظمات غير ربحية تعمل على تشجيع استخدام التقنية في التعليم وتطوير المهارات .

الأغنى في العالم ويتبرع بثلث ثروته للأعمال الخيرية

http://media.farfesh.com/b0638163927.jpg
بيل جيتس ومليندا والأعمال الخيرية

تزوج بيل جيتس من مليندا فرنسيو دالاس في 1/1/1994 وانجبا ثلاثة أطفال جينيفر كاثرين جايتس (1996)، روري جون جايتس (1999) وفويب أيدل جايتس (2002).

ويمتلك جيتس احد أغلى البيوت في العالم حيث يشرف البيت على بحيرة واشنطن في العاصمة الأمريكية وفي عام 2002 قيم سعر البيت والأرض 113 مليون دولار ويدفع جيتس ضريبة سنوية للبيت والارض مليون دولار. وبين مقتنيات جيتس مجموعة من الكتابات الخاصة بليوناردو ديفنشي اشتراها جيتس بقيمة 30.8 مليون دولار في مزاد عام 1994.

بيل غيتس: "هل عالم الاثرياء واع كيف يعيش 4 أو 6 مليادرات من البشر؟ ان كان واعيا، فعلى الاغنياء التدخل وتقديم المساعدة لهم" وقد ترجم بيل غيتس قوله عام 1994 عندما أسس جيتس"مؤسسة بيل ومليندا الخيرية" وقدمت المؤسسة المساعدات للأقليات في العالم وشعوب العالم الثالث في مكافحة الأمراض مثل الايدز.

في عام 2000 منحت المؤسسة جامعة كامبردج مبلغ 210 مليون دولار لمنحة جيتس السنوية للطلاب، وأنفقت المؤسسة ما يزيد عن 7 بليون دولار أي 7000 مليون دولار في مساعدات أخرى.

وحسب تقرير نشرته مجلة فوربز عام 2005 صرف جيتس أكثر من 28.4 بليون دولار على المشاريع والمؤسسات الخيرية، ليكون بذلك قد انفق ثلث الثروة على الأعمال الخيرية.

مع هذا لم يصرف جيتس مبالغا على مظهره ورفاهيته ماعدا منزله الفخم بالمقارنه مع صديقه جيتس بول الين الذي انفق الملايين على شراء أندية رياضية وطائرات وبيوت متعددة.

مراتب ومراكز عالمية

http://media.farfesh.com/b0638164248.jpg
على غلاف مجلة التايمز عام 1999

يعتبر جيتس من أشهر مشاهير العالم وأوسعهم تأثيراً:

• أدرج في قائمة القوّة لصّنداي تايمز في 1999

• سمي مدير تنفيذي السنة بمجلة (chief executive officers magazine) عام 1994.

• صنّف الأوّل في "أفضل 50 نخبة الإنترنت" من (times) في 1998.

• صنّف الثاني في نخبة الأعلى 100 في 1999 وتضمّن في الغارديان كأحد "أفضل 100 شخص مؤثرين في أجهزة الإعلام" في 2001.

• جايتس كان الأوّل على قائمة "فوربز 400" 1993 -2005 والأوّل على القائمة فوربز "الناس الأغنى في العالم" في 1996-2005 ماعدا 1997 عندما أضيف سلطان بروناي في الائحة على الرغم من سياسة فوربز العادية في استبعاد رؤساء الدول.

• استلم جايتس دكتوراه فخرية، من معهد التكنولوجيا الملكي، إستوكهولم، السويد في 2002 وجامعة waseda في 2005.

• أعطي أيضا لقب قائد الفرسان لمملكة البريطانية من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في عام2005 .

ويقول ستيف بالمير احد مؤسسي ميكروسوفت يحتمل أن يكون بيل أكثر شخص يستقبل ايميلات في العالم حيت أنه يستلم أكثر من 4 مليون بريد الكتروني في اليوم الواحد واغلبه رسائل غير مرغوبة (junk) وقام جيتس بتوظيف قسم كامل من اجل فرز الايميلات.

أفكار بيل غيتس وأسرار نجاحه

http://media.farfesh.com/b0638164514.jpg
اذا كنت ذكيا وتعلم كيف تستخدم ذكائك بامكانك أن تحقق المستحيل

أغلب معتقدات بيل غيتس الشخصية تدور حول العمل الجاد والشاق ومحاولة النجاح قدر المستطاع. بيل يؤمن أنك اذا كنت ذكيا وتعلم كيف تستخدم ذكائك بامكانك أن تحقق المستحيل. وهو يفكر انك اذا لم تبذل قصار جهدك في العمل فلن تنجح.

رؤية Microsoft كانت: "جهاز كومبيوتر على كل طاولة، وبرنامج Microsoft softwore في كل كومبيوتر". بلا شك، بيل غيتس حالم وطموح ولكنه أيضا يعمل بجهد ليحقق رؤيته وطموحه وهو يقول: "زبائنك الغير راضين هم أعظم مصدر لتعلمك".

ايمانه بأن ذكاءه العالي وروحه التنافسية العالية هما اللذان أوصلاه الى مكانته اليوم بالاضافة الى أنه كان في المكان المناسب وفي الوقت المناسب. هو لا يؤمن بالحظ ولكن يؤمن بالعمل الشاق، المثابرة وروح المنافسة.

بعض شركات البرمجة الصغيرة تدعي أنها حتى لو أصدرت منتوجا وبرنامجا أفضل من Microsoft، لن يكون بامكانهم تسويقه لأن مايكروسفت ستكون دائما بالمرصاد لتسوق منتوجها وتضاهي سعرها. رد بيل غيتس على هذه الادعاءات أن هذه هي منافسة ايجابية وسيظل ينافسهم حتى آخر يوم في حياته.

هذه بعض آراء بيل غيتس ولكن كان لها أثرا كبيرا في صناعة البرمجة في العالم. وبفضل هذه المعتقدات ستستمر زيادة ثروة بيل غيتس.

ومن الجدير بالذكر أن بيل غيتس اختار بلدا عربيا وهو مصر في أول زيارة له للشرق الأوسط عام 2004 على الرغم من غضب الإسرائيليين. وفي نهاية العام الماضي، قام بيل غيتس بزيارة أخرى للشرق الأوسط وحينها زار اسرائيل من ثم الاردن والتقي فيها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا.

بيل غيتس لا يوافق من يرى أن العالم العربي غير قادر على تحقيق النجاحات في مجال الأجهزة وتقديم الحلول وصرح في أحد مقابلاته الاعلامية: "العالم العربي مليء بأصحاب المواهب الرائعة". ويضيف: "عالم البرمجة مليء بالمفاجآت، ونحن لا ندري من أي جهة ستأتي الفكرة العظيمة المقبلة. وأنا أرى ان أي فكرة عامة تشير إلى مجموعة من الناس بأنها جيدة، ومجموعة أخرى بأنها غير ذلك هي غير صحيحة على الاطلاق".

الحرب بين Microsoft وGoogle

http://media.farfesh.com/b0638165818.jpg
الحرب بين Microsoft و Google

إذا كان ثمة شيء يعكر صفو بيل غيتس اغني رجل في العالم فهما بالطبع برين وبيغ اللذان يسعيان بجد اجتهاد لكسر شوكة مايكروسوفت واحتكارها للأسواق لأعوام عدة.

وتبدأ قصة الخلاف بين غوغل ومايكروسوفت بالتحديد عندما اختارت غوغل الرئيس التنفيذي السابق لمايكروسوفت كاي فو لي لقيادة فرع عملياتها في الصين ورئاسة مركز للبحوث والتنمية في بكين مما دفع مايكروسوفت إلى مقاضاة غوغل لانتهاكها لاتفاق عدم منافسة.

ولكن مع ذلك، يقلل بيل غيتس من الخطر الذي يمكن أن تشكله غوغل وقد صرّح في نهاية العام الماضي: غوغل الآن في مرحلة شهر العسل وأي شيء يعلنون عنه، سيحظى باهتمام وتغطية وسائل الإعلام.. من الواضح أنهم سيتجهون لطرح منتجات جديدة غير خدمات البحث في الإنترنت.. لكنني أظن أن توقعاتهم لن تصبح حقيقة قائمة".

ويُذكر أن غيتس كان قد أقر في مذكرة وجهها لكبار مساعديه التنفيذيين بأن على مايكروسوفت أن تتحرك بسرعة لطرح خدمات قائمة على الإنترنت تتيح لها أن تصمد في وجه منافسيها الأقوياء في إشارة إلى ما يمكن أن تطرحه غوغل من منتجات وخدمات جديدة.

وقد صرح مؤخرا: "سترون رد مايكروسوفت عل محرك بحث Google هذا العام، فشهر عسل جوجل قد شارف على النهاية!!!". الايام ستكشف لنا من الصعب قراءة مُستقبل الأحداث، وعلى أي حال فإن الحرب بين جوجل ومايكروسوفت ستصب في مصلحتنا...

ثروة بيل غيتس بالأرقام وطرائفها!

http://media.farfesh.com/b0638165927.jpg
بيت بيل غيتس.. عقبال العايزين

- بيل جيتس يربح كل ثانية 250 دولار، يعني 20 مليون دولار في اليوم، يعني حوالي ثمانية مليار دولار في السنة. لو خسر أو صرف ألف دولار فلن يؤثر فيه، لأنه سيعوضه خلال أربع ثواني. لو بيل جيتس سدد ديون الأمم المتحدة بنفسه، سيسددها في أقل من عشر سنوات، مع العلم بأن ديونها تبلغ خمسة ونص تريليون دولار.

- لو أعطى كل واحد على الكرة الأرضية 15 دولار .. سيتبقى معه 5 مليون دولار.

- لو بيل جيتس دولة، كان ترتيبه الـ 36 بين الدول في الثراء .

- مايكل جوردان (لاعب السلة وأحد أغنياء أمريكا) لو لم يشرب ولم يأكل، واحتفظ براتبه السنوي الذي يبلغ 30 مليون دولار فسيكون عنده ثروة بيل جيتس بعد 277 سنة.

- لو حولت ثروة بيل جيتس لفئة الدولار .. فيمكنك أن تفرشها من الأرض للقمر 14 مرة، وستستخدم لذلك 713 طائرة بوينج لنقل النقود.

- لو مستخدمي ويندوز في العالم كله أخذوا دولار واحد من مايكروسوفت في كل مرة الكمبيوتر يعلّق. فإن بيل جيتس سيكون مفلساً بعد 3 سنوات!!!

- في أواخر 1975، بنيت مايكروسفت من حلم هو مجرد وجود جهاز كومبيتر على كل مكتب وفي كل منزل. ومؤخرا في أواخر 2005 أحتفلت مايكروسفت بعيدها الثلاثين.. واليكم عدد موظفيّ مايكروسوفت وأرباحها عبر السنين بالدولار الأميركي:

1975: 3 موظفين،16.550$
1976: 7 موظفين، 22.496$
1977: 9 موظفين، 381.715$
1978: 13 موظفا، 1.355.655$
1979: 28 موظفا، 3.390.145$
1980: 40 موظفا، 7.520.720$
1981: 128 موظّفا، 16.000.000$
1982: 220 موظفا، 24.486.000$
1983: 476 موظفا، 50.065.000$
1984: 608 موظفين، 97.479.000$
1985: 910 موظفين، 140.417.000$
1986: 1.442 موظفا، 197.514.000$
1987: 1.816 موظفا، 345.890.000$
1988: 2.793 موظفا، 590.827.000$
1989: 4.037 موظفا، 804.530.000$
1990: 5.653 موظفا، 1.183.446.000$
1991: 8.226 موظفا، 1.843.432.000$
1992: 11.542 موظفا، 2.758.725.000$
1993: 14.430 موظفا، 3.752.701.000$
1994: 15.257 موظفا، 4.648.981.000$
1995: 17.801 موظفا، 5.940.000.000 $
1996: 20.561 موظفا، 8.671.000.000 $
1997: 22.232 موظفا، 11.360.000.000$
1998: 27.055 موظفا، 14.480.000.000$
1999: 31.575 موظفا، 19.750.000.000$
2000: 39.170 موظفا، 22.960.000.000$
2001: 48.030 موظفا، 25.300.000.000$
2002: 50.621 موظفا، 28.370.000.000$
2003: 54.468 موظفا، 32.190.000.000$
2004: 57.086 موظفا، 36.840.000.000$

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.. ورحلة المليارات قد تبدأ بدولار وبفكرة صغيرة منك أنت.. لذا لا تترد وابدأ الرحلة...


AbduLraHmN 12-03-10 02:29 PM


ابن جبير.. الجغرافي الفاضل

الدكتور راغب السرجاني


عالم جغرافي شهير، تنقَّل بين الكثير من الأقطار الإسلامية، واصفًا لها وصفًا دقيقًا، وكانت لرحلاته عظيم الأثر في كل من جاء بعده، وأراد أن يسلك نفس هذا الدرب.

نسبه ومولده ودراسته

هو محمد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي، وُلد في العاشر من شهر ربيع الأول 540هـ/ 1145م في بلنسية، وينحدر من أسرة عربية عريقة، سكنت الأندلس عام 123هـ/ 740م قادمة من المشرق مع القائد المشهور بلج بن بشر بن عياض القشيري، وكان اسم جبير من الأسماء المحببة إلى أسرته، فقد حمله الكثيرون مِنْ قبله.
وقد أتم ابن جبير دراسته في شاطبة حيث كان يعمل والده موظَّفًا فيها، وقد شغف أول ما شغف بعلوم الدين فسمعها من أبيه، وأخذ القرآن عن أبي الحسن بن أبي العيش، ولكن ميوله برزت في العلوم الدنيوية أيضًا؛ إذ يَسَّرَتْ له مواهبُه الشعرية -من ناحية أخرى- نجاحًا في الأوساط الرسمية؛ مما جعله يحتلُّ منصب كاتبٍ لدى حاكم غرناطة أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن من الموحِّدين، ولم يلبث أن كسب الشهرة كاتبًا وشاعرًا، تُروى له عدة قصائد متفرقة، فضلاً عن ديوان شعر، كما ترك رسائل نثرية لها شهرتها في الأدب[1].
ومن شعره:
تَأَنَّ فِي الأَمْرِ لا تَكُنْ عَجِلاً *** فَمَنْ تَأَنَّى أَصَابَهُ أَوْ كَادَ أَن[2]
ومن نظمه:
فَكَمْ رَجَاهُ فَنَـالَ بُغْيَتَـهُ *** عَبْدٌ مُسِيءٌ لِنَفْسِـهِ كَادَا
وَمَنْ تَطُلْ صُحْبَةُ الزَّمَانِ لَهُ *** يَلْقَ خُطُوبًا بِـهِ وَأَنْكَادَا[3]

أخلاقه وثناء العلماء عليه

لقد كان ابن جبير كريم الخلق، ويتمتع بعاطفة دينية قوية، فكان يختم كل كلامه بالدعاء إلى الله تعالى والتوكُّل عليه جلَّ جلاله، كما دفعه تديُّنه إلى الدعاء للمدن التي مرَّ بها؛ فكان يدعو الله أن يحرس تلك المدن، وأن يُحَرِّرَ المحتلَّ منها؛ فقال: يحرسها الله، وعمرها الله، وحماها الله، وأعادها الله[4].

لقد نال ابن جبير الكثير من الثناء من علماء المسلمين؛ فها هو ذا المقري يقول عنه: "وسمع من أبيه بشاطبة، ومن أبي عبد الله الأصيلي، وأبي الحسن بن أبي العيش، وأخذ عنه القراءات، وعني بالأدب فبلغ الغاية فيه، وتقدَّم في صناعة القريض والكتابة"[5].
وقال عنه لسان الدين بن الخطيب: "كان أديبًا بارعًا، شاعرًا مجيدًا، سنيًّا فاضلاً، نزيه الهمة، سري النفس، كريم الأخلاق، أنيق الطريقة في الخط، كتب بسبتة عن أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن، وبغرناطة عن غيره من ذوي قرابته، وله فيهم أمداح كثيرة. ثم نزع عن ذلك، وتوجه إلى المشرق، وجرت بينه وبين طائفة من أدباء عصره مخاطبات ظهرت فيها براعته وإجادته. ونظمه فائق، ونثره بديع، وكلامه المرسل سهل حسن، وأغراضه جليلة، ومحاسنه ضخمة، وذكره شهير، ورحلته نسيجة وحدها[6]، طارت كل مطار، رحمه الله"[7].
رحلات ابن جبير
تبدأ قصته مع الرحلات عندما استدعاه أمير غرناطة يومًا؛ ليؤلف كتابًا وهو في مجلس شرابه، وحَدَثَ أن دفع إليه الأمير كأسًا، فأظهر ابن جبير الانقباض، وقال: يا سيدي، ما شربتها قَطُّ. فقال: والله لتشربنَّ منها سبعًا. فلمَّا رأى العزيمة شرب سبع كئوس، فملأ له السيد الكأس من دنانير سبع مرات، وصبَّ ذلك في حجره، فحمله إلى منزله وأضمر أن يجعل كفَّارة شربه الحجَّ[8]، فباع بعض عقاراته، وأضاف ثمنه إلى عطية الأمير، وما هي إلا أيام حتى استأذن من الأمير في الحجِّ، ولكي لا يحول دون سفره، أبلغه أنه أقسم قسمًا لا رجعة فيه أن يحجَّ في تلك السنة، فأذن له[9].

رحلته الأولى

ترك ابن جبير غرناطة عام 578هـ، وقصد مكة حاجًّا، فذهب إلى سبتة، ومنها إلى سردينيا، حيث رأى أسرى المسلمين يباعون في سوق العبيد؛ فأحس بالألم، وأدرك أن ما أصاب هؤلاء البؤساء إنما هو نتيجة تفكك العالم الإسلامي يومئذ؛ ولذلك اتجه إلى تسجيل كل مشاهداته ليقف عليها المسلمون، وليعلموا إلى أي مدى يجب أن تَتَّحِدَ كلمتهم، وأن يُصلحوا أحوالهم؛ حتى يستطيعوا مواجهة الأخطار التي تواجههم[10].
ثم وصلت سفينته إلى الإسكندرية، ودخل المدينة ولما رأى منارة الإسكندرية الشاهقة الارتفاع جذبت انتباهه، كما وقف طويلاً عند بعض آثارها، وبعد ثمانية أيام غادر الإسكندرية إلى القاهرة، ثم غادرها إلى صعيد مصر، فوصل بلدة قوص، التي مرَّ فيها بالصحراء الشرقية إلى البحر الأحمر؛ ليستقل سفينة من ميناء عيذاب، وهو المرفأ المعهود للحجاج على البحر الأحمر، ليصل إلى جدَّة، وأخذ قافلة إلى مكة، حيث أقام هناك حوالي نصف عام، ثم زار المدينة.
ويصف ابن جبير المشاهد التي شاهدها أثناء رحلته، مثل منارة الإسكندرية قائلاً: "ومن أعظم ما شاهدناه من عجائبها المنار الذي قد وضعه الله u -على يَدَيْ من سُخِّر لذلك- آية للمتوسمين، وهداية للمسافرين، لولاه ما اهتدوا في البحر إلى برِّ الإسكندرية، يظهر على أَزْيَد من سبعين ميلاً، ومبناه في غاية العتاقة والوثاقة طولاً وعرضًا، يزاحم الجوَّ سموًّا وارتفاعًا، يقصر عنه الوصف، وينحسر دونه الطرف، الخبر عنه يضيق، والمشاهدة له تتسع"[11].
وكان مما شاهده ابن جبير أثناء رحلته مستشفى المجانين بمدينة القاهرة، فيتحدث عنه قائلاً: "ومما شاهدناه أيضًا من مفاخر هذا السلطان[12] المارستان الذي بمدينة القاهرة، وهو قصر من القصور الرائقة حسنًا واتساعًا، أبرزه لهذه الفضيلة تأجُّرًا واحتسابًا (أي طلبًا للأجر والثواب)، وعيَّن قيِّمًا من أهل المعرفة وضع لديه خزائن العقاقير، ومكَّنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووُضِعَتْ في مقاصير[13] ذلك القصر أسِرَّة يتخذها المرضى بكرة وعشية، فيقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم.
وبإزاء هذا الموضع موضع مقتطع للنساء المرضى، ولهن أيضًا من يكفلهن، ويتصل بالموضعين المذكورين موضع آخر متسع الفناء، فيه مقاصير عليها شبابيك الحديد، اتخذت محابس للمجانين، ولهم أيضًا من يتفقد في كل يوم أحوالهم، ويقابلها بما يصلح لها"[14].
وتوجَّه ابن جبير إلى الكوفة، وتوقف في بغداد وسامراء، فالموصل فحلب، ومنها انحدر إلى دمشق، التي أمضى بها بضعة أشهر قبل أن يغادر الأراضي الإسلامية؛ لأن سواحل الشام كانت آنذاك في أيدي الصليبيين.
وقد تعرَّف ابن جبير على المشرق وهو لا يزال ينعم بالازدهار في عهد صلاح الدين، فدوَّن مشاهداته بأسلوب بارع، ومن ميناء عكا ركب ابن جبير سفينة إلى صقلية، وبعد رحلة شاقة استطاع أن يتعرَّف على الجزيرة، فصوَّر الحضارة الزاهرة التي وجدها في صقلية في عهد غليوم الصالح النورماندي، مؤكِّدًا أنها لا تزال إسلامية في المحلِّ الأول، ثم عاد إلى غرناطة بطريق قرطاجنة عام 581هـ/ 1185م بعد غياب دام أكثر من عامين[15].

ويتحدث ابن جبير عن صقلية قائلاً: "وطول هذه الجزيرة... سبعة أيام، وعرضها مسيرة خمسة أيام، وبها جبل البركان المذكور، وهو يأتزر[16] بالسُّحب لإفراط سموِّه، ويُعَمُّ بالثلج شتاءً وصيفًا دائمًا، وخصب هذه الجزيرة أكثر من أن يُوصف، وكفى بأنها ابنة الأندلس في سعة العمارة، وكثرة الخصب والرفاهة، مشحونة بالأرزاق على اختلافها، مملوءة بأنواع الفواكه وأصنافها"[17].

رحلته الثانية

لقد قام ابن جبير برحلته الثانية في عام 585هـ/ 1189م عندما بلغه نبأ فتح بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي 583هـ/ 1187م، الذي تعلَّقت به آنذاك أنظار المسلمين كبطل يعرف كيف يحقق الانتصارات، واستمرَّت هذه الرحلة سنتين[18].

رحلته الثالثة

بدأت هذه الرحلة من سبتة عام 601هـ/ 1204م، وكان قد بلغ الثالثة والسبعين من عمره، وقد أحزنه وفاة زوجته، ونظم فيها ديوانه: (نتيجة وَجْدِ الجوانح في تأبين القرين الصالح)، ولم يرجع ابن جبير بعد رحلته الثالثة إلى مسقط رأسه، بل أمضى أكثر من عشرة أعوام متنقلاً بين مكة وبيت المقدس والإسكندرية، مشتغلاً بالتدريس والأدب، إلى أن لقي ربه عام 614هـ/ 1217م بالإسكندرية[19].

مميزات رحلاته واهتمام المستشرقين

وأهم ما يُمَيِّز رحلاته تلك أنها مكتوبة بشكل مذكرات يومية، مع كل مشهد وكل بلدة مرَّ بها ابن جبير باليوم والشهر، ولم يكتب ابن جبير رحلته في شكل كتاب بل كانت أوراقًا منفصلة، جمعها أحد تلاميذه، ونشرها في كتاب باسم: (تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار)، ثم أُطلق عليه في العصر الحديث (رحلة ابن جبير)[20].
ولذا صار كتاب (رحلة ابن جبير) من أهم المصادر الرئيسية للباحثين في كلٍّ من التاريخ والجغرافية والأدب، ويذكر آنخل جنثالث بالنثيا في كتابه (تاريخ الأندلس) أن رحلة ابن جبير أشبه ما تكون بمذكرات شخصية ويوميات سفر صيغت بأسلوب بارع وبكلام سهل بسيط الأحاسيس، فكانت رحلته ذات صفة أدبية، مع العناية بالرسم والوصف، والاهتمام بالمعاهد الثقافية وبالمدارس الدينية، ودراسة الأوضاع والعلاقات الاجتماعية، وهذا كله ينمُّ عن موهبة أدبية أصيلة، وكل هذا يُضفي على الرحلة صفة التنوُّع والشمول[21].

كما استفاد من رحلة ابن جبير كبار المفكرين في الحضارة العربية والإسلامية؛ أمثال: العبدري، والبلوي، والمقريزي، والمقري، وابن بطوطة، وغيرهم؛ فابن بطوطة الذي يُعتبر أستاذ الرحلات الجغرافية نقل جميع المعلومات الخاصة في كل من حلب ودمشق وبغداد من كتاب (رحلة ابن جبير)، ووضعها في مؤلفاته الخاصة في هذا المجال. والجدير ذكره أن أي باحث يرغب أن يكتب عن الجزيرة العربية، أو جزيرة صقلية، أو الأندلس لا بُدَّ له أن يرجع لكتاب (رحلة ابن جبير)[22].

ولقد اهتمَّ المستشرقون بكتاب ابن جبير، فترجموا القسم المختص منه بصقلية إلى الفرنسية وطبع عام 1846م، ثم حققه ونشره وليم رايت في ليدن عام 1852م، ثم راجع المحقق نفسه ما طبعه واشترك في تصحيحه جماعة من كبار المستشرقين؛ هم: دوزي، وروبرتسون سميث، ودي غويه، وأعادوا نشرها عام 1907م. وحقق أماري القسم الخاص بصقلية من الرحلة، ونشره مع ترجمة فرنسية في المجلة الآسيوية، واعتمد على الرحلة كرولا في بحثه عن صقلية في العهد النورماندي. ثم تَوَّج الإيطاليون عنايتهم البالغة برحلة ابن جبير بأن عمد كلستينو شيابرلي إلى ترجمة النص كله، ونشره في روما سنة 1906م[23].

شهادة علماء الغرب

لقد نال ابن جبير إعجاب وتقدير علماء الغرب، فها هو ذا المستشرق الروسي كراتشكوفسكي يتحدث عن رحلته قائلاً: "تُعتبر رحلة ابن جبير من الناحية الفنية ذروة ما بلغه نمط الرحلة في الأدب العربي... فإن أسلوبه يمتاز بالكثير من الحيوية وسهولة التعبير؛ مثال ذلك ما وصفه لجمارك الإسكندرية، أو لكارثة السفينة على سواحل صقلية، أمَّا عرضه العام فيستهدف الصنعة والأناقة، وهو كثيرًا ما يلجأ إلى السجع، الذي يعالجه بالكثير من المهارة دون أن يبالغ فيه، أو يضطر القارئ إلى تكلف الجهد في تفهمه. كما يشحن كتابته بالاقتباسات الأدبية والإشارات اللطيفة؛ مما يتطلَّب درجة معينة من المعرفة والاطّلاع، حتى يضحى مفهومًا للقارئ. وبعدُ، فهذا مصنف رفيع الأسلوب يختم بجدارة حلقة الجغرافيين الأندلسيين لهذا العصر"[24].

وفاة ابن جبير

توفِّي ابن جبير بالإسكندرية عام 614هـ/ 1217م بعد أن طاف الكثير من بلدان العالم الإسلامي.

لقد كان ابن جبير من أشهر جغرافيي المسلمين، ومن أعظم مَنْ قام برحلات في بلاد المسلمين؛ لذا اعتمد الكثير على كتبه، سواء كان من المسلمين أو من غير المسلمين.


AbduLraHmN 12-03-10 02:38 PM

أبو القاسم الزهراوي.. رائد علم الجراحة




الدكتور راغب السرجاني

برز في تاريخ الحضارة الإسلامية علماء أعلام، غدوا نجومًا في سماء العلم والحضارة والتقنية، وذلك من خلال ما قدموه من إبداعات واكتشافات، وما تركوه من بصمات في صرح الحضارة الإنسانية.
وفي هذا الصدد فإننا أمام عملاق يعدُّ من أعظم الجراحين الذين أنجبتهم البشرية عبر العصور والأزمان إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق، وهو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأندلسي، المعروف في أوربا باسم (Abulcasis)،الطبيب الجراح، الذي تمكن من اختراع أولى أدوات الجراحة، كالمشرط والمقص الجراحي، كما وضع الأسس والقوانين للجراحة، والتي من أهمها ربط الأوعية لمنع نزفها، واخترع خيوط الجراحة.. فكان أحد العلماء الأعلام التي سعدت بهم الإنسانية.
وقد ولد أبو القاسم الزهراوي في مدينة الزهراء الأندلسية[1]، ونُسب إليها، ويفترض بعض الباحثين أنه ولد سنة (325 هـ/ 936م)، أما وفاته فقيل إنها سنة (404هـ/ 1013م)، وقيل سنة (427هـ/ 1036م)[2].
وبهذا يكون الزهراوي قد عايش أوج الحضارة الإسلامية في الأندلس، ونشأ في بيئة توفرت فيها جميع وسائل الإنتاج العلمي والفكري والعقلي؛ ليأتي هو مثالاً فريدًا على عظمة ومدى ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في هذا الوقت من التاريخ.

قلة المعلومات

من المدهش حقًّا أن ما نعرفه عن الزهراوي شحيح للغاية، ولا يُعرف كثير من أخباره، وليس أدل على ذلك من أن ابن أبي أصيبعة الذي خصَّ مؤلَّفًا بتراجم الأطباء قد اختزل ترجمته في فقرة واحدة، كل ما فيها قوله عنه: "خلف بن عباس الزهرواي: كان طبيبًا فاضلاً خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج، وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب، وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي، ولخلف بن عباس الزهراوي من الكتب كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وهو أكبر تصانيفه وأشهرها، وهو كتاب تام في معناه"[3].
ومن خلال النزر اليسير المتناثر هنا وهناك في المراجع القديمة، يتبين لنا أن أبا القاسم الزهراوي قد التحق بالعمل في مستشفى قرطبة الذي أنشأه الخليفة عبد الرحمن الناصر، حيث كان يُعمِل النظر في الطرق والوسائل المستخدمة في علاج المرضى، ومع المطالعة وتلك المتابعة الجادة تكونت شخصيته العلمية، وترسخت قناعاته في المضمار الطبي حتى أصبح ذا خبرة عظيمة بالأدوية المفردة والمركبة، وجمع بين الطب والصيدلة، ثم إنه قد اقتنع بأهمية مزاولة الطبيب لفن الجراحة بدلاً من أن يوكل ذلك -كما كانت العادة- للحجّامين أو الحلاقين، فمارس الجراحة وحذق فيها وأبدع، حتى صار عَلَمًا من أعلام طب الجراحة، لدرجة أنه لا يكاد يذكر اسمه إلا مقترنًا مع الطب الجراحي[4].

الزهراوي.. أعظم جراح

حلَّ مبحث الزهراوي في الجراحة بالذات محلَّ كتابات القدماء، وظل العمدة في فن الجراحة حتى القرن السادس عشر، وباتت أفكاره حدثًا تحوُّليًّا في طرق العلاجات الطبية؛ حيث هيأ للجراحة قدرة جديدة في شفاء المرضى أذهلت الناس في عصره وبعد عصره. وقد اشتمل هذا البحث على صورة توضيحية لآلات الجراحة (أكثر من مائتي آلة جراحية)، كان لها أكبر الأثر فيمن أتى من بعده من الجراحين الغربيين، وكانت بالغة الأهمية على الأخص بالنسبة لأولئك الذين أصلحوا فن الجراحة في أوربا في القرن السادس عشر؛ فقد ساعدت آلاته هذه على وضع حجر الأساس للجراحة في أوربا[5].
وقد وصف الزهراوي هذه الآلات والأدوات الجراحية التي اخترعها بنفسه للعمل بها في عملياته، ووصف كيفية استعمالها وطرق تصنيعها، ومنها: جفت الولادة، والمنظار المهبلي المستخدم حاليًا في الفحص النسائي، والمحقن أو الحقنة العادية، والحقنة الشرجية، وملاعق خاصة لخفض اللسان وفحص الفم، ومقصلة اللوزتين، والجفت وكلاليب خلع الأسنان، ومناشير العظام، والمكاوي والمشارط على اختلاف أنواعها، وغيرها الكثير من الآلات والأدوات التي أصبحت النواة التي طُوِّرَتْ بعد ذلك بقرون لتصبح الأدوات الجراحية الحديثة[6].
ونظرة واحدة على آلة مثل التي ابتكرها واستخدمها في الحقن (الحقنة)، والتي سماها (الزراقة)، تعبر إلى أي حدٍّ كانت الإضافات التي قدمها الزهراوي، تلك الآلة البسيطة في تركيبها.. العبقرية في فكرتها.. بالغة النفع في علاج المرضى!
وعن طريق هذه الآلات أجرى الزهراوي عمليات جراحية أحجم غيره عن إجرائها، وأبدع منهجًا علميًّا صارمًا لممارسة العمل الجراحي، يقوم على دراسة تشريح الجسم البشري ومعرفة كل دقائقه، والاطلاع على منجزات من سبقه من الأطباء والاستفادة من خبراتهم، والاعتماد على التجربة والمشاهدة الحسية، والممارسة العملية التي تكسب الجراح مهارة وبراعة في العمل باليد -أي الجراحة- وبيَّن ذلك لطلابه في كتابه (التصريف لمن عجز عن التأليف)[7].
يقول كامبل في كتابه (الطب العربي): "كانت الجراحة في الأندلس تتمتع بسمعة أعظم من سمعتها في باريس أو لندن أو أدنبره؛ ذلك أن ممارسي مهنة الجراحة في سرقسطة كانوا يُمنحون لقب طبيب جرّاح, أما في أوربا فكان لقبهم حلاّق جرّاح، وظلَّ هذا التقليد ساريًا حتى القرن العاشر الهجري"[8].
ولم تطمس السنون ولا الأيام آثار هذا العالم الفذّ؛ حيث ترك موسوعته الطبية الضخمة، التي كان من بينها مبحثه السابق في الجراحة، بما فيه من أدوات وآلات الجراحة العجيبة بمقياس عصره، والتي سماها (التصريف لمن عجز عن التأليف)، وهي موسوعة كثيرة الفائدة، تامة في معناها، لم يؤلَّف في الطب أجمع منها، ولا أحسن للقول والعمل، وتعتبر من أعظم مؤلفات المسلمين الطبية، وقد وصفها البعض بأنها دائرة معارف، ووصفها آخرون بأنها ملحمة كاملة.
وليس من الغريب أن تصبح هذه الموسوعة المصدر الأساسي لجراحي الغرب حتى القرن السابع عشر، وتظل المرجع الكبير لدارسي الطب في جامعات أوربا، مثل جامعة سالرنو ومونبليه، في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. والحقيقة التي ينبغي ألاّ تغفل أيضًا أن الجراحين الذين عرفوا في إيطاليا في عصر النهضة وما تلاه من قرون قد اعتمدوا اعتمادًا كبيرًا على كتاب (التصريف لمن عجز عن التأليف) للزهراوي[9].
وللزهراوي غير هذه الموسوعة العظيمة مؤلفات أخرى، وهي مثل: (المقالة في عمل اليد)، و(مختصر المفردات وخواصها)، قال الزركلي: "واقتنيت مخطوطة مغربية بخط أندلسي مرتبة على الحروف، من الألف إلى الياء، في جزء لطيف، أوَّلها بعد البسملة: (كتاب فيه أسماء العقاقير باليونانية والسريانية والفارسية والعجمية، وتفسير الأكيال والأوزان، وبدل العقاقير وأعمارها، وتفسير الأسماء الجارية في كتب الطب. تأليف الزهراوي)[10].
يقول عالم وظائف الأعضاء الكبير هالّر: "كانت كتب أبي القاسم المصدر العام الذي استقى منه جميع من ظهر من الجراحين بعد القرن الرابع عشر"[11].

أبو القاسم الزهراوي.. إنجازات وإبداعات

مع تمرس الزهراوي في مجال الجراحة بالذات وخبرته الواسعة بها، فقد عُدَّ أول من فرق بين الجراحة وغيرها من المواضيع الطبية الأخرى، وأول من جعل أساس هذا العلم قائمًا على التشريح، وأول من جعل الجراحة علمًا مستقلاًّ، وقد استطاع أن يبتكر فنونًا جديدة في علم الجراحة، وأن يقننها[12].
يحكي جوستاف لوبون عن الزهراوي فيقول عنه: "أشهر جراحي العرب، ووصف عملية سحق الحصاة في المثانة على الخصوص، فعُدَّت من اختراعات العصر الحاضر على غيرِ حقٍّ"[13].
وجاء في دائرة المعارف البريطانية أنه أشهر من ألف في الجراحة عند العرب (المسلمين)، وأول من استعمل ربط الشريان لمنع النزيف[14].
ومن أهم إبداعات الزهراوي المشهورة، والتي تناقلها مؤرخو العلوم الطبية في مؤلفاتهم، أنه يعدّ أول من وصف عملية القسطرة، وصاحب فكرتها والمبتكر لأدواتها. وهو الذي أجرى عمليات صعبة في شق القصبة الهوائية، وكان الأطباء قبله مثل ابن سينا والرازي، قد أحجموا عن إجرائها لخطورتها. وابتكر الزهراوي أيضًا آلة دقيقة جدًّا لمعالجة انسداد فتحة البول الخارجية عند الأطفال حديثي الولادة؛ لتسهيل مرور البول، كما نجح في إزالة الدم من تجويف الصدر، ومن الجروح الغائرة كلها بشكل عام. والزهراوي كذلك هو أول من نجح في إيقاف نزيف الدم أثناء العمليات الجراحية، وذلك بربط الشرايين الكبيرة، وسبق بهذا الربط سواه من الأطباء الغربيين بستمائة عام! والعجيب أن يأتي من بعده من يدعي هذا الابتكار لنفسه، وهو الجراح إمبراطور باري عام 1552م. والزهراوي هو أول من صنع خيطانًا لخياطة الجراح، واستخدمها في جراحة الأمعاء خاصة، وصنعها من أمعاء القطط، وأول من مارس التخييط الداخلي بإبرتين وبخيط واحد مُثبَّت فيهما؛ كي لا تترك أثرًا مرئيًّا للجِرَاح، وقد أطلق علي هذا العمل اسم "إلمام الجروح تحت الأدمة". وهو أول من طبَّق في كل العمليات التي كان يُجريها في النصف السفلي للمريض، رفع حوضه ورجليه قبل كل شيء؛ مما جعله سباقًا على الجراح الألماني (فريدريك تردلينوبورغ) بنحو ثمانمائة سنة، الذي نُسب الفضل إليه في هذا الوضع من الجراحة، مما يعد -كما يقول شوقي أبو خليل- اغتصابًا لحق حضاري من حقوق الزهراوي المبتكر الأول لها[15].
كما يعد الزهراوي أول رائد لفكرة الطباعة في العالم؛ فلقد خطا الخطوة الأولى في صناعة الطباعة، وسبق بها الألماني يوحنا جوتنبرج بعدة قرون، وقد سجل الزهراوي فكرته عن الطباعة ونفذها في المقالة الثامنة والعشرين من كتابه الفذّ (التصريف)؛ ففي الباب الثالث من هذه المقالة، ولأول مرة في تاريخ الطب والصيدلة يصف الزهراوي كيفية صنع الحبوب (أقراص الدواء)، وطريقة صنع القالب الذي تُصَبُّ فيه هذه الأقراص أو تُحَضَّر، مع طبع أسمائها عليها في الوقت نفسه باستخدام لوح من الأبنوس أو العاج مشقوق نصفين طولاً، ويحفر في كل وجه قدر غلظ نصف القرص، وينقش على قعر أحد الوجهين اسم القرص المراد صنعه، مطبوعًا بشكل معكوس، فيكون النقش صحيحًا عند خروج الأقراص من قالبها؛ وذلك منعًا للغش في الأدوية، وإخضاعها للرقابة الطبية, وفي ذلك يقول شوقي أبو خليل: "ولا ريب أن ذلك يعطي الزهراوي حقًّا حضاريًّا لكي يكون المؤسِّس والرائد الأول لصناعة الطباعة، وصناعة أقراص الدواء؛ حيث اسم الدواء على كل قرص منها، هاتان الصناعتان اللتان لا غنى عنهما في كل المؤسسات الدوائية العالمية، ومع هذا فقد اغتُصِب هذا الحق وغفل عنه كثيرون"[16].
وكذلك يعد الزهراوي أول من وصف عملية سَلِّ العروق من الساق لعلاج دوالي الساق، والعرق المدني واستخدمها بنجاح، وهي شبيهة جدًّا بالعملية التي نمارسها في الوقت الحاضر، والتي لم تستخدم إلا منذ حوالي ثلاثين عامًا فقط، بعد إدخال بعض التعديل عليها[17].
وللزهراوي إضافات مهمة جدًّا في علم طب الأسنان وجراحة الفكَّيْنِ، وقد أفرد لهذا الاختصاص فصلاً خاصًّا به، شرح فيه كيفية قلع الأسنان بلطف، وأسباب كسور الفك أثناء القلع، وطرق استخراج جذور الأضراس، وطرق تنظيف الأسنان، وعلاج كسور الفكين، والأضراس النابتة في غير مكانها، وبرع في تقويم الأسنان!
فيقول عن قلع الأسنان: "ينبغي أن تعالج الضرس من وجعه بكل حيلة، ويتوانى عن قلعه إذ ليس منه خيف إذا قلع". ثم يشير في حذق إلى أنه "كثيرًا ما يخدع العليلَ المرضُ، ويظن أنه في الضرس الصحيح فيقلعها ثم لا يذهب الوجع حتى يقلع الضرس المريض". وهكذا يصف الزهراوي -ربما لأول مرة في التاريخ الطبي- الألم المنتقل وخطره؛ مما يضعه على مستوى عصري حتى اليوم[18].
هذا وقد كان مرض السرطان وعلاجه من الأمراض التي شغلت الزهراوي، فأعطى لهذا المرض الخبيث وصفًا وعلاجًا بقي يُستعمل خلال العصور حتى الساعة، ولم يزد أطباء القرن العشرين كثيرًا على ما قدمه علاّمة الجراحة الزهراوي[19].
وإن ما كتبه الزهراوي في التوليد والجراحة النسائية ليعتبر كنزًا ثمينًا في علم الطب، حيث يصف وضعيتي (TRENDELEMBURE - WALCHER) المهمَّتَيْن من الناحية الطبية، إضافةً إلى وصف طرق التوليد واختلاطاته، وطرق تدبير الولادات العسيرة، وكيفية إخراج المشيمة الملتصقة، والحمل خارج الرحم، وطرق علاج الإجهاض، وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت، وسبق (د. فالشر) بنحو 900 سنة في وصف ومعالجة الولادة الحوضية، وهو أول من استعمل آلات خاصة لتوسيع عنق الرحم، وأول من ابتكر آلة خاصة للفحص النسائي لا تزال إلى يومنا هذا[20].
وهذه بعض من أهمِّ ابتكارات ومظاهر الريادة الطبية التي يذكرها التاريخ لأبي القاسم الزهراوي، وفي ختامها نتوقف أمام نصائحه لتلامذته في التريث قبل إجراء الجراحة، وألاّ يقوموا بها ما لم يكونوا ملمِّين بصغائر الأمور وكبائرها في التشريح واستعمال الأدوات الجراحية، فيقول الزهراوي في كتابه (التصريف لمن عجز عن التأليف): "ينبغي لكم أن تعلموا أن العمل باليد (الجراحة) ينقسم قسمين: عمل تصحبه السلامة، وعمل يكون معه العطب في أكثر الحالات، وقد نبهت في كل مكان يأتي من هذا الكتاب على العمل الذي فيه ضرر وخوف، فينبغي أن ترفضوه وتحذروه؛ لئلاّ يجد الجاهل إلى القول والطعن، فخذوا لأنفسكم بالحزم والحيطة، ولمرضاكم بالرفق والتنبيه، واستعملوا الطريق الأفضل المؤدي إلى السلامة والعاقبة المحمودة، وتنكبوا الأمراض الخطرة العسرة البراء، ونزِّهُوا أنفسكم عما تخافون أن يدخل عليكم الشبهة في دينكم ودنياكم؛ فهو أبقى لجاهكم وأرفع في الدنيا والآخرة لأقداركم"[21].


AbduLraHmN 12-03-10 02:42 PM

http://upload.wikimedia.org/wikipedi...rroesColor.jpg
لوحة تظهر ابن رشد من أعمال الفنان الإيطالي أندريا دا فيرنزي



في بيئة عريقة ومن أسرة عُرفت بالعلم والثقافة والفقه وُلِدَ ابن رشد الفيلسوف (القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد) سنة 520 هـ ـ 1126م في قرطبة، فتربى في أحضان والده الذي كان من كبار القضاة في الأندلس، وفي رحاب سيرة جده الذي كان قاضي القضاة بالأندلس أيضا، ما أدى إلى نبوغه وتفوقه حتى بزَّ أقرانه في شتى العلوم. فجدُّه الذي عُرف مثله بـ"ابن رشد" كان عالما وفقيها على مذهب الإمام مالك، وقد تقلد القضاء في قرطبة، وتوفي في العام الذي ولد فيه حفيده ابن رشد، وكذلك كان أبوه أحمد قاضيا بارعا في الفقه والعلم.
في مثل هذه البيئة نشأ ابن رشد الفقيه الفيلسوف، فاتجه منذ صغره إلى طلب العلم، فدرس الفقه وحفظ موطأ الإمام مالك، وروى عنه الحديث، وحصل على إجازة في ذلك من والده.
كما درس علم الكلام من خلال مذهب الأشاعرة، ودرس الطب والرياضيات، والمنطق والفلسفة التي برع فيها وتفوق ودافع عنها ضد الخصوم، ودعا إلى دراستها إلى أن توفي في مراكش في شهر ديسمبر من سنة 595 هـ ـ 1198م، ليدفن في قرطبة.

الشارح الأكبر

درس ابن رشد على أبرز علماء عصره من أمثال: أبي القاسم بن بشكوال، أبي مروان بن مسرة، وأبي بكر بن سحنون، وأبي جعفر هارون.
كما تولى منصب "قاضي القضاة" بقرطبة، فلقب بـ"قاضي قرطبة"، كما كان من شُرَّاح المذهب المالكي، ولقب بـ"الشارح الأكبر" نظرا لقيامه بشرح كتب أرسطو، ولخص بعض مؤلفات أفلاطون مثل الجمهورية وغيرها.
تفوق ابن رشد في شتى المجالات والعلوم التي ولج بابها، فكانت له شهرته، ومكانته العالية التي نال بسببها إعجاب الكثيرين، ويبدو أن العلاقة بين العلماء والأمراء أمر حتمي، خاصة مع مشاهير العلماء، مثل ابن رشد الفقيه الفيلسوف الشهير.
لقد بدأت شهرة ابن رشد في ظل دولة الموحدين، وبالتحديد عندما استدعاه أول ملوك هذه الدولة "عبد المؤمن بن علي" إلى مراكش سنة (548 هـ)؛ وذلك ليسترشد برأيه في إنشاء عدد من المدارس هناك على غرار مدارس الأندلس، وعندما قابله ابن رشد أعجب به الأمير أيما إعجاب، وعظمت مكانة ابن رشد عنده، وكذلك عظمت مكانته في عصر الخليفة أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن.
وكان لعلاقة الصداقة التي كانت بين ابن رشد وابن طفيل أثر في تعريف ابن رشد بالخليفة الذي كان يحترم العلم والعلماء.
وكان الخليفة قد سأل ابن رشد عن رأي الفلاسفة في السماء أقديمة هي أم حادثة؟ فامتنع ابن رشد عن الجواب في البداية، ثم أجابه بعد ذلك فأعجب به الخليفة أشد الإعجاب، وأثنى عليه وأمر له بهدايا وحُلَّة سنية، ثم كلفه الخليفة بعد ذلك بشرح كتب أرسطو فاستجاب ابن رشد، وقام بهذه المهمة على خير وجه؛ وذلك لجودة ذهنه وبراعته وحبه للفلسفة.
ثم مات الخليفة "أبو يعقوب" سنة 580 هـ وخلفه ابنه "أبو يوسف يعقوب" الملقب بالمنصور، وتوطدت العلاقة بين هذا الأخير وابن رشد، وعظمت مكانته عنده، وقربه إليه بطريقة أقلقت ابن رشد نفسه، ثم بعد ذلك انقلب الخليفة عليه وأمر بنفيه وإحراق كتبه.

ابن رشد في محنته

لقد نال ابن رشد مكانة عالية عند الخليفة "أبي يوسف" الذي لقب بالمنصور، ورفع هذا الخليفة منزلته إلى درجة عالية بالقدر الذي جعله يقلق لعلمه أن كل ذي نعمة محسود، وأن أعداءه الحاقدين عليه لن يتركوه هكذا، فوقع ما توقعه ابن رشد بحدوث الفتنة عندما قام بعض الفقهاء والحاقدين عليه فأوقعوا بينهما، وهو ما أزرى به وجعل الخليفة يسومه سوء العذاب، ويعريه من كل نعمة كان قد أعطاه إياها، فنفاه إلى بلدة معظم سكانها من اليهود إمعانًا في العقاب والتعذيب.
ولقد اختلف الباحثون والمؤرخون في أسباب هذه المحنة التي حلت بابن رشد، وأرجعوها لأسباب ثلاثة: سياسية مردها إلى الخليفة ذاته الذي أراد أن يجمع قلوب الرعية حوله، وأسباب شخصية تتعلق بالخليفة ذاته، وهي أن ابن رشد عندما شرح كتاب "الحيوان" لأرسطو "ذكر الزرافة، وقال إنه رآها عند ملك البربر، ومثل ذلك لم يَرُقْ للخليفة الذي كان يسمي نفسه ويسميه من حوله أمير المؤمنين"، وإن كان ابن رشد قد رد على هذا، وقال إنه أملاها ملك البربن، فصُحِّفت إلى البربر. وهناك أسباب ثقافية مردها إلى خصومة الفقهاء والمتكلمين، والتي أفرزت حقدا وكيدا من الفقهاء، والذين كانوا ينقمون عليه بسبب مكانته من الخليفة الذي كرمه وغمره بعطفه ورفع منزلته؛ وهو ما دفعهم إلى الوقيعة به عند الخليفة بتحريف بعض آرائه، ودس آراء أخرى عليه، واتهامه بالكفر والزندقة؛ وذلك لأنهم "رغبوا في الاستيلاء على الجو الفكري والنظر إلى علوم الأوائل على أنها علوم مهجورة لا يصح الاشتغال بها".
وهكذا وقعت المحنة لابن رشد التي ظل يعاني من آثارها إلى أن عفا عنه الخليفة وأحسن إليه، ولكن بعد ذلك بقليل توفي ابن رشد عليه رحمة الله (سنة 595 هـ).

التوفيق بين الشريعة والفلسفة

قضايا مهمة عمل عليها "ابن رشد" كان من ضمنها مسألة التوفيق بين الشريعة والفلسفة، وهي المسألة التي احتلت حيزًا كبيرًا في اهتماماته ودفعته للتوفيق بينهما (أي الشريعة والفلسفة) وذلك لأسباب كثيرة من ضمنها أنه فيلسوف متدين، وذلك ما دفعه إلى أن يحرص على إظهار التوافق بين الدين والفلسفة، كما أنه تميز عمن سبقوه؛ لأنه كان فقيها وقاضيا، وكان عليه أن يبين للناس أن انشغاله بالفلسفة لا يتعارض مع هذه الوظيفة الدينية التي يتقلدها، والتي يجب عليه بمقتضاها أن يكون حارسا للشريعة عاملا على تطبيق أحكامها، إضافة إلى مجيء ابن رشد بعد حملة الغزالي وهجومه الضاري على الفلسفة والفلاسفة في كتابه "تهافت الفلاسفة"، وذكر الغزالي أن الفلسفة أدت بكثير من الناس إلى الكفر والإلحاد؛ فكان لزاما على الفقيه الفيلسوف أن يرد على هذا الزعم مبينا خطأه من صوابه.
تضاعف ذلك في ظل الظروف التي عاشها ابن رشد، وهي ظروف اقتضت أن يتصدى لهذه القضية بالذات نظرا لأن المذهب المالكي كان سائدا في الأندلس، وأن فقهاء المالكية لا يتحمسون للفلسفة، بل كثير منهم كانوا يعادونها، ويحرمون الاشتغال بها.
أما المبادئ التي اعتمد عليها ابن رشد في التوفيق بين الدين والفلسفة فكانت: أولا أن الدين يوجب التفلسف، وثانيا أن الشرع فيه ظاهر وباطن، وثالثا أن التأويل ضروري للتوفيق بين الشريعة والفلسفة أو بين الدين والفلسفة.
أولا: الدين يوجب التفلسف
توصل ابن رشد إلى "أن الدين أو الشرع يوجب النظر العقلي أو الفلسفي، كما يوجب استعمال البرهان المنطقي لمعرفة الله تعالى وموجوداته".
ولقد ذكر ابن رشد آيات كثيرة من القرآن الكريم تدعو إلى التفكر والتدبر، منها على سبيل المثال: "فاعتبروا يا أولي الأبصار"، "أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء"، وصرح ابن رشد بأن الاعتبار ليس إلا استنباط المجهول من المعلوم، وهو القياس العقلي أو الشرعي والعقلي معا.
ثم دعا ابن رشد إلى مبدأ القياس، وصرح بأنه لا استغناء عنه، وعده ضروريًّا، وقال بأنه لا مانع من الاستعانة بما قاله الفلاسفة السابقون حتى ولو كانوا على غير ملتنا، ورد على من قالوا بأن الفلسفة تؤدي إلى الكفر بأن السبب ليس هو الفلسفة، ولكن من يتناول الفلسفة، وضرب مثلا على ذلك بمن يموت بسبب شرقة الماء، فليس الماء هو الذي سبب الوفاة، ولكن حدوث أمر عارض عند شربه هو الذي أدى إلى الوفاة.
ثانيا: الدين أو الشرع له ظاهر وباطن
يذهب ابن رشد إلى أن نصوص الشرع لها معنى جلي قريب وواضح، وأيضا لها معنى خفي، أو بعبارة أخرى لها معنى ظاهر ومعنى باطن.
ويصرح ابن رشد بأن الله تعالى راعى اختلاف نظر الناس وتباين قرائحهم فجعل للشرع ظاهرا وباطنا، فعلى العامة أن يقبلوا ظاهر النصوص دون جدل أو تأويل؛ لأنهم ليسوا أهلا لذلك، وإنما التأويل هو من شأن البرهانيين وحدهم لأنهم أهل لذلك، ولا ينبغي أن تذاع التأويلات على العامة، بل يجب أن تكون في وسط الخاصة فقط لمناسبتها عقولهم.
ثالثا: ضرورة التأويل
ذهب ابن رشد إلى أن التأويل ضروري لصالح الدين والفلسفة، فإذا كان الدين يوجب النظر العقلي أو الفلسفي، فإنه من الواجب أن نلتمس تأويل ما لا يتفق معه من النصوص.
ولقد صرح ابن رشد بأن كل ما أدى إليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع فإن هذا الظاهر يقبل التأويل حتى لا يصطدم الشرع والعقل.
ولقد قسم "ابن رشد" المعاني من حيث التأويل وعدمه لأقسام أربعة هي: ما لا يجوز تأويله لموافقة ظاهره باطنه، وما لا يجوز أن يؤوله إلا الراسخون في العلم، وذلك عندما يكون المعنى الظاهر ليس مرادا من النص، وما لا بد من تأويله وإظهار هذا التأويل للجميع، وذلك إذا كان المعنى الظاهر رمزا لمعنى خفي، وما يؤوله العلماء لأنفسهم، وذلك إذا كان ظاهر المعنى رمزًا ولا يُعرف مدلوله إلا بعلم بعيد، مثل الحديث الشريف "الحجر يمين الله في الأرض" يؤوله العلماء لأنفسهم، ويقال للعامة إنه من المتشابه.

ابن رشد والغزالي

القضية الثانية التي كتب فيها ابن رشد كانت دفاعه عن الفلسفة والتنظير لها بعد أن هاجم أبو حامد الغزالي الفلسفة والفلاسفة هجوما ضاريا في بعض كتبه، وبخاصة كتابه المشهور "تهافت الفلاسفة"، ولقد ذكر الغزالي "أن بعض معاصريه قد أعرضوا عن العبادات الدينية، واستهانوا بحدود الشرع، وأهملوا شعائره، بل خرجوا بالكلية عن العقائد الدينية دون أن يكون لديهم برهان يقيني أو بحث نظري، وإنما كان مدار كفرهم سماعهم أسماء هائلة، كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس، وأمثالهم".
ومن ثم ألَّف الغزالي كتابه "تهافت الفلاسفة"، وهاجم فيه الفلاسفة اليونانيين وكذلك من تبعهم من فلاسفة المسلمين، خاصة الفارابي وابن سينا، وفي كتابه خالف الغزالي الفلاسفة في عشرين مسألة، وحكم عليهم بالبدعة في سبع عشرة مسألة، وحكم عليهم بالكفر في ثلاث مسائل، وهي: قولهم بقدم العالم، وقولهم بأن الله لا يعلم الأشياء الجزئية، وإنكارهم بعث الأجساد وحشرها في الآخرة اكتفاء بالبعث الروحاني وحده.
ويرى الإمام أبو حامد الغزالي أن هذه المسائل الثلاث لا تلائم الإسلام مطلقا، ومن يعتقد في هذه الآراء فإنه يعد مكذبا لأنبياء الله تعالى، ويكون بذلك خارجا عن العقيدة الإسلامية.
والمؤكد أن الإمام الغزالي بآرائه هذه -برغم أنه كان يهاجم الفلسفة والفلاسفة- قد أذكى الفكر الفلسفي وذلك لصدى الآراء الهائل؛ ولتبوئه مكانا عاليا بين العلماء والفقهاء، وهو ما أدى إلى دراسة آرائه باهتمام، وواجه الفلاسفة بعد ذلك -خاصة ابن رشد- آراءه بالنقد والتمحيص.
وهناك من الباحثين من قال بأن هجوم الغزالي على الفلسفة كان ضربة قاضية لها، ولكن هذا الكلام ليس صحيحا على إطلاقه، فلقد تطور الفكر الفلسفي بعد الغزالي، ولمع الكثير من فلاسفة الإسلام، بل إن فكر الغزالي نفسه يعد فلسفة وكان سببا في تطور الفكر الفلسفي سواء في الشرق أو في الغرب.
ففي الغرب اطلع ديكارت -أحد فلاسفة الغرب المشهورين- على كتب الغزالي وتأثر بها وأثر ذلك بالطبع على فكره ومؤلفاته.
وفي الشرق درس كثير من الفلاسفة فكر الإمام الغزالي، وتأثروا به وأيدوه في بعض آرائه وانتقدوه في البعض الآخر، وأشهر هؤلاء فيلسوفنا "ابن رشد" الذي استطاع أن يدافع عن الفلسفة، وصحح كثيرا من المفاهيم الخاطئة، وأزال اللبس عن كثير من المسائل التي كانت تفهم خطأ، وصرح بأنه لا خوف على الدين من الفلسفة، وأورد كثيرا من آيات القرآن التي دعت إلى التفكر والتدبر في الكون وما فيه من مخلوقات.
ومن ثمرة حملة الإمام الغزالي على الفلسفة وجدنا مؤلف ابن رشد الشهير "تهافت التهافت" الذي ألفه ردا على "تهافت الفلاسفة" للغزالي.
لم يشأ ابن رشد أن يسمي مؤلفه "تهافت الغزالي"؛ لأن ذلك يعني أن فكر الغزالي متهافت، فسماه "تهافت التهافت" ليثبت بذلك ما ورد في كتاب الإمام الغزالي "تهافت الفلاسفة" من تناقض وتعارض، فابن رشد إذن هاجم ما في الكتاب من آراء - ووافق الغزالي في بعض الآراء - ولم يهاجم فكر المؤلف على عمومه.
ولقد كان الدافع الرئيسي الذي دفع ابن رشد إلى تأليف هذا الكتاب هو ما أحدثه كتاب الغزالي من ضجة وتعارض في أذهان الناس، فقد جعلهم ينقسمون قسمين: فريق يهاجم الفلسفة، وفريق آخر يناصر الفلسفة ويعمل على تأويل الشرع لكي يتفق مع العقل.
كما أن طابع الحياة الفكرية في الأندلس الذي كان يتسم بالحذر من الفلسفة وهو ما قاد إلى تعرض الفلاسفة للاضطهاد، واتهامهم بالزندقة من قبل أئمة الشريعة، كما كانت هناك مراسيم تحذر الناس من الفلاسفة لأنهم أشبه بالسموم السارية في الأبدان، فاضطر الفلاسفة في بعض الأحيان إلى عدم إظهار علومهم خشية الاضطهاد والانتقاد والتعذيب.
لهذا كله كان يتوجب على أبي الوليد ابن رشد أن يهتم بقضية العلاقة بين الدين والفلسفة، ولقد نهض ابن رشد بهذه المهمة فقام بها خير قيام، وهو ما جعل مؤرخي الفلسفة ينظرون إلى ما قدمه حولها بأنه واحد من أكثر جهوده أصالة.

أهم مؤلفاته

ألف "ابن رشد" مجموعة كبيرة من المؤلفات كان من ضمنها: كتاب "التحصيل" وفيه جمع اختلاف أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. وكتاب "المقدمات"، وكتاب "نهاية المجتهد وبداية المقتصد"، وهما كتابان في الفقه. وكتاب "الكليات" وهو كتاب في الطب، وكتاب "الحيوان"، وكتاب "الضروري في المنطق"، وكتاب "تهافت التهافت" ردًّا على كتاب "تهافت الفلاسفة" للغزالي، وكتاب "منهاج الأدلة في عقائد الملة" في علم الأصول، وكتاب "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال".


AbduLraHmN 23-03-10 11:50 PM

علي الطنطاوي -رحمه الله -
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:8...2/tantawi3.gif
أسرة الشيخ علي الطنطاوي أصلها من من طندتاالمعروفة حالياً بطنطا عاصمة إقليم الغربية في مصر ،نزح منها عام 1255هـ جده وعمه .
أبوه مصطفى الطنطاوي كان واحداً من العلماء المعدودين آنذاك في الشام ووصفه عليالطنطاوي بأنه : ( من صدور الفقهاء ومن الطبقة الأولى من المعلمين والمربين(
وقال عنه أيضاً : ( كنت منذ وعيت أجد - إذا اصبحت - مشايخ بعمائم ولحى يقرؤون علىأبي(
وقد توفي والد الشيخ في عام 1925 وقد كان عمر الشيخ آنذاك ست عشرة سنة وثلاثة اشهر .
فإذا علمنا أن والده كان كما رأينا فلا ريب بأن يصبح الولد عالماً من العلماء ،ونزداد يقيناً بذلك إذا علمنا أن أسرة أمه من الأسر العلمية الكبيرة في الشامفمثلاً : خاله ، أخو أمه ، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتيالفتح و الزهراء ، وكان له اثر كبير في الدعوة هنالك .

نشأة الشيخ وتعليمه :
يعتبر علي الطنطاوي من الآوائل الذين درسوابطريقتين، هما :
1- التلقي على المشايخ.
2- الدراسة في المدارس النظامية.

حصل على شهادة البكالوريا المعروفة بشهادة الثانوية العامة سنة 1928م.
بعد ذلك ذهب إلى مصر وكان هو الطالب الأول من الشام الذي يؤم مصر للدراسة العالية ،ولكنه لم يكمل السنة الأولى فعاد إلى دمشق في السنة التالية فدرس الحقوق في جامعتهاحتى نال الليسانس أو ما يعرف بالبكالوريوس .
وقد علمنا أن أباه توفي وعمره ست عشرة سنه ، فكان عليه أن يقوم بمسؤوليات أسرتهالتي تضم أمه وخمسة من الإخوة والأخوات كان هو كبيرهم .
لذلك فكر شيخنا علي الطنطاوي بترك الدراسة والإشتغال بالتجارة ، ولكن الله أبعده عنطريق العمل بالتجارة وعاد إلى الدراسة وكان مّما قال : ( لقد فقدت أبي وأنا في مطلعالشباب، واضطررت إلى أن أكتسب قبل سن الاكتساب ، وتعلمت ودرست على ضيق الحال وقلّةالأسباب، وأكرمني الله فعلمني وكفاني، فما أحوجني أن أمدّ يدي يوماً إلى أحد ممّنخلق الله(.
ثم ماتت أمه وهو في الرابعة والعشرين، فكانت تلك واحدة من أكبر الصدمات التي تلقاهافي حياته ، وقد قال حفيده مجاهد : ( ولقد شهدته مراراً يذكرها ويذكر موتها -وقد مضىعلى موتها ستين سنة - وأشهد ما كان ذلك إلا وفاضت عيناه(
إشتغاله بالصحافه:
بدأ الشيخ الطنطاوي العمل في الصحافة عام 1926 حيثنشرت له أول مقالة ، ولهذه المقالة قصة طريفة نذكرهالأخذالعبرة بعدم التقليل من النفس ، وقد رواها الشيخ بنفسه : ( كتبت مقالاً و قرأته علىرفيقي أنور العطار ، فأشار علي أن أنشره. فاستكبرت(1) ذلك، فما فتئ يزينه لي حتى لنت له، وغدوت على إدارة المقتبس(2) فسلمت على الأستاذ أحمد كرد علي -رحمه الله ورحم جريدته- ودفعت إليه المقال.
فنظر فيه فرأى كلاماً مكتهلاً(3)،ونظر في وجهي فرأى فتى فطيراً، فعجب أن يكون هذا من هذا، وكأنه لم يصدقه فاحتالعليّ حتى امتحنني بشيء أكتبه له زعم أن المطبعة تحتاج إليه فليس يصح تأخيره،فأنشأته له إنشاء من يسابق قلمه فكره، فازداد عجبه مني و وعدني بنشر المقال غداةالغد. فخرجت من حضرته وأنا أتلمس جانبيّ أنظر هل نبت لي أجنحه أطير بها لفرط مااستخفني السرور(
ثم أكمل قائلاً : (حتى إذا انبثق الصبح وأضحى النهار أخذت الجريدة، فإذا فيهاالمقال وبين يديه كلمة ثناء لو قيلت للجاحظ لرآها كبيره عليه (
وقد كتب الشيخ في الكثير من الصحف منها على سبيل المثال لا الحصر( الفتح و الزهراءو ألف باء و الأيام و الرسالة(
أما من الصحف الحالية فقد كتب في ( الشرق الأوسط والمدينة بالإضافة إلى مجلة الحج(
والصحافة هي العمل الأفضل لديه على حسب كلامه .
حياته و التعليم :
التعليم فهو العمل الذي ملأ حياته بأكملها،فقد بدأ بالتعليم وهو ما يزال طالباً في الثانوية في إحدى مدارس الشام.
ثم انتقل بعد ذلك ليعلم في مناطق أخرى في داخل سوريا وخارجها حيث عمل مدرساً فيالعراق، وللعراق قصص مشوقة في مذكراته ، كما معلماً في الرياض ومكة وبيروت .
الشيخ والقضاء :
ربع قرن قضاها الشيخ في القضاء كانت من أخصب سنيّحياته .
وقد قال الشيخ عن تلك الفترة : ( لقد تنقلت في البلاد ورأيت اصنافاً من العباد،ولكني لم أخالطهم ولم أداخلهم. كنت ألقاهم من فوق أعواد المنابر أو من خلال أوراقالصحف والمجلات أو من على منبر التدريس، والذين لقيتهم إنما كان لقائي بهم عارضاً؛ألامسهم ولا أداخلهم، فلما وليت القضاء رأيت ما لم أكن أعرف من قبل (
وعند توليه القضاء ظهر نبوغ علي الطنطاوي وبان تميزه مجدداً ، فلقد أراد أن يكونمتقناً لعمله ، مجيداً ومخلصاً له، فلما نجح في امتحان القضاء وعين ، طلب منالوزارة أن تمهله شهراً ، هل تعرفون لمّ ؟؟
إليكم ماقاله الشيخ : ( لا لألعب فيه وأستمتع، ولا لأسافر وألهو، بل لأواظب فيالمحكمة الشرعية في دمشق حتى أعرف المعاملات كلها: من عقد النكاح، وحصر الأرث،وتنظيم الوصية، إلى الحكم في قضايا الإرث والوقف والزواج...(
وقد عمل الشيء الكثير حين توليه القضاء وغير كثيراً من الأخطاء الواقعة في تلكالأيام .
وفي عام 1960 كُلف بوضع مناهج الدروس فوضعها وحده بعد سفره لمصر والتقاءه بعلماءالأزهر وإدارة التعليم واعتمدت كلها كما وضعها .
ولا تفوتكم قراءة مذكراته لمعرفة المزيد والمزيد عن تلك الفترة وغيرها.

إنتقال الشيخ إلى المملكة العربية السعودية :
1963 إنتقل الشيخ للرياض مدرساً في (الكلياتوالمعاهد ) المعروفة حالياً ( بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميه(
وعاد نهاية العام إلى دمشق لإجراء عملية جراحية مبيتاً النية على عدم العودة مجدداًللمملكة إلا أن عرضاً بالتدريس في مكة قد جعله يغير قراره .
إنتقل بعدها الشيخ ليقيم في مكة وجدة خمسة وثلاثين سنة أي إلىأن توفاه الله .
بدأ علي الطنطاوي بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كُلف بتنفيذ برنامجللتوعية الإسلامية، فترك الكلية و ذهب ليجوب مدراس وجامعات السعودية لإلقاءالمحاضرات والندوات، ثم تفرغ للإجابة عن الفتاوى في مجلس خصّص له في الحرم أو فيبيته، ثم بدأ بإذاعة برنامجيه: ( مسائل ومشكلات) في الإذاعة ، وبرنامج (نور وهداية(في الرائي(4)والشيخ يعد من أقدم مذيعي العالم بأسره حيث بدأ يذيعلأولمرة في أوائل الثلاثينات من القرن الفائت
ذكرياته:
كان الشيخ ينشر كل يوم خميس حلقة من ذكرياته فيالصحف إلى أن تعب من العمل فودع القراء( وكانت حلقات الذكريات قد قارب مئتين وخمسينحلقة) أقول : فودع القراء قائلاً : ( لقد عزمت على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي،وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي،ولا أكاد ألقى أحداً من رفاقي وصحبي(

آخر آيامه ووفاته :
ذكرت فيما سبق إعتزال الشيخ للرائي والإذاعة والصحف، فقد أغلق بيته واعتزل الناس إلا قليلاً من المقربين .
وقد قال حفيدة مجاهد عن آخر أيام شيخنا الحبيب علي الطنطاوي: (وبات الشيخ في - فيآخر أيامه- ينسىبعضاً من شؤون حياته ؛ فيصلي الصلاة مرتين خشية أن يكون نسيها،ولكن الله منّ عليه وأكرمه بأن حفظ له توقد ذهنه ووعاء ذاكرته حتى آخر يوم منحياته. وصار يتورع من الفتوى خشية الزلل والنسيان، وكان حتى الشهر الذي توفي فيهتفتح بين يديه القصيدة لم يرها منذ عشرات السنين فيُتم أبياتها ويبين غامضها،وربمااختلُلف في ضبط مفردة من مفردات اللغة أو في معناها فيقول هي كذلك، فنفتح القاموسالمحيط ( وهو إلى جواره، بقي كذلك حتى آخر يوم )فإذا هي كما قال.
فلما كانت آخر السنوات تعب قلبه الكبير فأدخل المستشفى مراراً، فصار يتنقل بينالبيت والمستشفى، حتى فاضت روحه لبارئها بعد عشاء يوم الجمعة، الثامن عشر منحزيران، عام 1999 في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة، ودفن في مكة فياليوم التالي بعدما صُلي عليه في الحرم المكيّ الشريف.
اللهم ارحمه برحمتك رحمة واسعة ، اللهم اغفر له وأحسن إليه حيث هو، اللهم أبدلهداراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبرومن عذاب النار ، آمين يارب العالمين.
مؤلفاته:
1-ذكريات عليالطنطاوي(8أجزاء)
2- فِكَر ومباحث
3-صور وخواطر
4-مع الناس
5-هتاف المجد
6- مقالات في كلمات
7-فصص من الحياة
8-صيد الخاطر(تحقيق وتعليق)
9-من حديث النفس
10-من نفحات الحرم
11-بغداد:مشاهد وذكريات
12-في أندونيسيا
13-أبو بكر الصديق
14-أخبار عمر
15-رجال من التاريخ
16-أعلام من التاريخ(7أجزاء(
17-قصص من التاريخ
18-حكايات من التاريخ
19-دمشق
20-الجامع الأموي
21-فصول إسلاميه
22-في سبيل الإصلاح
23-تعريف عام بدين الإسلام(مترجم للكثير من اللغات(
24-فتاوى علي الطنطاوي
ولم يكن ما سبق إلا جزءاً يسيراً للغاية من سيرة علي الطنطاوي الذييحق لنا وصفه بـ ( أديب الفقهاء، وفقيه الأدباء(

مثلي قليل 05-10-10 11:15 PM

يعطييك الف عافيه على الموضووع




ودي



:tha584:

AbduLraHmN 19-11-10 04:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مثلي قليل (المشاركة 7739847)
يعطييك الف عافيه على الموضووع




ودي


:tha584:

الله يعافيك

AbduLraHmN 08-12-10 10:32 PM

توماس اديسون من موضوع الاخ RSS


الساعة الآن 08:34 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir