جمال المصري
01-06-06, 08:10 AM
بعد اجتماع القمّة العربي الّذي عُقد بتاريخ 18-19 يناير (ك2)1957م . ثم بتاريخ 25-27 فبراير (شباط) 1957م ؛ واتَّفـقَ فيه القادةُ العرب ( سورية ومصر والسعوديّة والأردن ) على رفضِ نظريَّة الفراغ ، - التي بدأت أميركا تروّج لها في منطقة الشرق الأوسط ، والبلاد العربية بشكل خاص - ، وعلى التّضامن مع الشّعب اليَمني ضدّ الاستعمارِ البريطاني ، وتأييدِ نضالِ الشَّعب الجزائري ، و الحلولِ محلّ بريطانيا في تمويلِ الجّيش الأردني ، لإنهاء التدخّل البريطاني في شؤون الأردن ، وضمانِ حقوقِ الشعب الفلسطيني . . . وبعد سيطرة العناصر اليساريّة في سورية على زمامِ الأُمور . بدأت أميركا بالتحرك فعلياً لضمان عزل القوى النضالية في الوطن العربي ، بتحريك القوى المؤيدة لها لضرب مراكز الرفض . أضفْ إلى ذلك : مواقفَ التّحدّي الّتي بدأتْ تقفها سورية ومصر ، وتَوجّههما إلى ناحية الاتّحاد السوفييتي بطلب السّلاح ؛ كلّ ذلك ، أثار حفيظة الدّول الغربيّة ودعاها للتحرّك ضدّ سورية ( منتهزةً وجود خلاف بينها وبين الأردن ، ومعتقدة بأن الوضع غير الودي بين الدولتين ، في ذلك الوقت ، سيكون لصالح التحرك التركي في شمـال سورية ) ، وذلك بوضعِ خطّة عسكريّة من قِبَلِ هيئة الأركان التّركيّة ، مع مستشارين عسكريّين أمريكيّين ، لشنّ الهجوم البري والجوي على شمال سورية . فحشدت تركيا على حدودها مع سورية : قوّات قُدِّرت بنحو خمسين ألف جندي .
- اكتُشف أمر الحشود التركية على الحدود السورية في شهر يونيو(حزيران) من عام 1957 من قبل أحد عاملي اللاسلكي في الجيش السوري ، الذي يشرح قصة اكتشافه لتلك المؤامرة قائلا ( وهو ما ثبت أصولاً في ملف التحقيـق) :
- أنّه في تلك الليلة ، حيث كانت قطعته منتشرة في مكان ما حول دمشق ، و كانت في أقصى حالات التأهب ، تحسباً للحشود الإسرائيلية بعد انسحاب القوات السورية من الأردن ؛ كان يقوم بتأمين الاتصال كما هو موكول إليه ، مع قطعات مشفّرة الأرقام ، ومع القيادة العامة ، في أوقات محددة بمنتهى الدقة . وكان يتعين عليه حسبما تنصّ الأوامر ؛ أن يغيّر موجة الاستقبال والإرسال بعد كل اتصال ، بدافع تأمين السرية وعدم التنصت عليه من قبل العدو . ويقول : أنه بعد إجراء أحد الاتصالات ؛ عمد إلى تحريك المؤشر باتجاه الموجة الجديدة التي سيبث ويستقبل عليها الاتصال اللاسلكي التالي . لكنه سمع أثناء تحريكه للإبرة نغمة إرسالٍ ، يقول أنها نغمةٌ عسكريّة وليست نغمةَ إرسال صحافي لوكالات الأنباء ، وهو يعرف الفرق بحكم تمرسه وخدمته الطويلة في سلاح الإشارة . فاسترعت انتبــاهه للوهلة الأولى ، وزاد شكُّه ، عندما لاحظ أنّها تُبَثُّ بمجموعاتِ أحرفٍ خماسيّه ؛ وبلغةٍ غريبةٍ (لاتينية) . فعمد إلى نقلها ، وسجّل كلّ ما استطاع نقله منها . ثم عمل على تسليمها(مكتوبةً بالأحرف اللاتينية الّتي كان يجهل معناها) إلى رئيسه المباشر الّذي نقلها على الفور إلى قائد كتيبة الإشارة . وحاول هذا أن يفسر ما جاء فيها لئلا يتورط بتحويلها إلى القيـادة العامة قبل أن يتأكد من فحـواها ، ومساسها بالأمن القومي . وساعده في ذلك أحد ضباط سلاح الإشارة الذين يلمون باللغة التركية ، وبعد أن تأكد قائد الكتيبة من فحوى الرسالة اللاسلكية ؛ أحالها فورا إلى القيادة العامة بصفة(سري للغاية وفوري) . وبعد عدّة ساعات ، في ذلك اليوم ، بدأت إذاعة دمشق تذيع مع الموسيقى العسكرية : بيانات تندد بالحشود العسكرية التركية على حدودها الشمالية ، وتذخر النفوس بالعداء ضد تركيا والإمبريالية الأميركية وحلف شمال الأطلسي ، وتهيئ المقاومة في الشمال . كانت الرسالة اللاسلكية الملتقطة تتضمن أوامر بحشد 200 طائرة أميركية في مطـار أضنـة التركي ، وتحــرّك 20 آلية عسكرية باتجاه ( عينتاب) التركية ، وأوامـر أخرى . وقد منح عامل اللاسلكي ، واسمه ( شاكر ج ) : ثناء القيادة العامـة بعد انتهاء التحقيق معه ببضعة أيام .
وقد أبلغتْ سورية الحكومة الأردنيـة بأنّ تركيّا تخطط لمهاجمتها في المستقبل القريب بتنسيق مع الولايات المتّحدة الأميركيّة . فاستدعى الملك حسين سفراء الدول الغربية وروسيا في عمان وصرح بأنّه سيعتبِرُ أيَّ اعتداءٍ على سورية اعتداءً على بلاده . وقد وقفت جميع الدّول العربيّة إلى جانب سورية ، كما أعلنت روسيا بأنّها مستعدة للاشتراك بقوّاتها المسلّحة في قمعِ العدوان ؛ إذا عَزمتْ أميركا على التدخّل مباشرةً بقوّاتها إلى جانب تركيّا في أعمالٍ عدوانيّة ضدّ سورية . كما لفت الوفد السّوفييتي نظر رئيسِ الجّمعية العامّة للأمم المتحدة إلى التهديدات الّتي تتعرّض لها سورية بحشد تركيّا 50 ألف رجل على حدودها مع سورية ، وبوضعِ خطّة عسكريّة من قبلِ هيئة الأركان التركيّة ، مع مستشارين عسكريّين أمريكيّين ، لشنِّ الهجومٍ على سورية .
وقد اعتبرت سورية أنّ تدخّل الدّولِ الأخرى ( قاصدةً أميركا ) في الوضعِ ؛ قد أدى إلى هذا التوتّـر . حيث كانت العلاقة بين البلدين ستعود إلى حالتها الطّبيعيّـة فـوراً لو تُركَت هاتان الدولتان وشأنهما . إلاّ أنّ رفع حدّة الحشود العسكريّة على حدود سورية ؛ دفع الحكومةَ السوريّة إلى الاحتجاجِ رسميّاً وتقديمِ شكوى إلى الأمم المتّحدة في 15 ت1 957 ضدّ ما أسمتْهُ " التّهديدات لأمن سوريةَ والسّلامِ الدّولي " . مشيرةً إلى حملة الدِّعاية الغربيّة الّتي تُشَنّ عليها ؛ تمهيداً للقيامِ بعمل عسكري مغامر ضدّها .. كما أن تركيّا بالتعاون مع بريطانيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة : كانت قد صعّدت الحملةَ الدّعائيّةَ ضدّ سورية ، وكثّفت حشود الجيش التركي على حدودها . واعتبرت أن الوضع في سورية قد اكتسبَ طبيعةً تهدّد سلام الشرق الأوسط واستقرارَه . وأنّ الوضع الحاليّ في سورية ؛ يستحيل اعتباره نشاطاً معقولاً لتسليح نفسها . وهو ليس إلاّ سعياً لتحويل سورية إلى ترسانة أسلحةٍ ، تُستَخْدَمُ عند الحاجة من قِبَل أجانب . وقد نصحَ السَّفير البريطانيّ في بغداد : لندن ، بعدمِ اتّباعِ أيِّ نهج في الأمم المتّحدة ، من شأنه أن يثير عداء الرّأي العام العربيّ ضدّ الغرب ؛ الّذي يعتبر أنّ سورية لم ترتكب أيَّ خطأ بحصولها على أسلحةٍ سوفييتية . بل إنّه يكبر فيها ذلك ؛ مادامت الأنظار موجّهة ، جميعها، نحو إسرائيل . بينما عمـل وزير الخارجيّـة الأميركي (جون فوستر دالاس) على تجنّـب قيام الأممِ المتّحدة ؛ تلبيــة لطلب سورية : بإرسالِ لجنة تحقيق إلى الحدود السّورية التّركيّة ، وذلك بمطالبتـه أنْ تقـوم اللجنة أيضاً ( إذا طرح مثل هذا المشـروع ) : بالتحقيـق في كميات الأسلحـة الموجودة في سورية ، والحشود السوفييتيّة والبلغاريّة على حدود تركيّا ، ووجود قوّاتٍ مصريّة في سورية .
لقد باتت الدول الغربيّة تَحسبُ لهذا المدّ اليساريّ الّذي بدأ يغزو المنطقة : الحسابات المعقَدة والمعادلات الصّعبة ، الّتي تنتهي جميعها في رقمٍ واحدٍ ، هو حماية إسرائيل المقامة في الأصل لرعايـة مصلحةُ الغرب الاقتصاديّة عموماً ؛ والأميركيّة بشكل خاص ، بعد أن أصبَح مرفدُها الرّئيسي يصبُّ في خانةِ البترول الّتي بدت مهدّدةً بشكلِ ملحوظ هذه المرة . لقد كانت أميركا تمتلك ، في تلك الفترة ، 50% من ثروات العالم ، ويملكها فقط 6% من سكانها " كما جاء في بلاغ (جون كينيان) عام 1948 : الذي وجد أنّ من واجب الأميركيّين في المرحلة المقبلة بعد عام 1948 ، إيجاد نمط للعلاقات تسمح بالحفاظ على هذا الوضع " .
- اكتُشف أمر الحشود التركية على الحدود السورية في شهر يونيو(حزيران) من عام 1957 من قبل أحد عاملي اللاسلكي في الجيش السوري ، الذي يشرح قصة اكتشافه لتلك المؤامرة قائلا ( وهو ما ثبت أصولاً في ملف التحقيـق) :
- أنّه في تلك الليلة ، حيث كانت قطعته منتشرة في مكان ما حول دمشق ، و كانت في أقصى حالات التأهب ، تحسباً للحشود الإسرائيلية بعد انسحاب القوات السورية من الأردن ؛ كان يقوم بتأمين الاتصال كما هو موكول إليه ، مع قطعات مشفّرة الأرقام ، ومع القيادة العامة ، في أوقات محددة بمنتهى الدقة . وكان يتعين عليه حسبما تنصّ الأوامر ؛ أن يغيّر موجة الاستقبال والإرسال بعد كل اتصال ، بدافع تأمين السرية وعدم التنصت عليه من قبل العدو . ويقول : أنه بعد إجراء أحد الاتصالات ؛ عمد إلى تحريك المؤشر باتجاه الموجة الجديدة التي سيبث ويستقبل عليها الاتصال اللاسلكي التالي . لكنه سمع أثناء تحريكه للإبرة نغمة إرسالٍ ، يقول أنها نغمةٌ عسكريّة وليست نغمةَ إرسال صحافي لوكالات الأنباء ، وهو يعرف الفرق بحكم تمرسه وخدمته الطويلة في سلاح الإشارة . فاسترعت انتبــاهه للوهلة الأولى ، وزاد شكُّه ، عندما لاحظ أنّها تُبَثُّ بمجموعاتِ أحرفٍ خماسيّه ؛ وبلغةٍ غريبةٍ (لاتينية) . فعمد إلى نقلها ، وسجّل كلّ ما استطاع نقله منها . ثم عمل على تسليمها(مكتوبةً بالأحرف اللاتينية الّتي كان يجهل معناها) إلى رئيسه المباشر الّذي نقلها على الفور إلى قائد كتيبة الإشارة . وحاول هذا أن يفسر ما جاء فيها لئلا يتورط بتحويلها إلى القيـادة العامة قبل أن يتأكد من فحـواها ، ومساسها بالأمن القومي . وساعده في ذلك أحد ضباط سلاح الإشارة الذين يلمون باللغة التركية ، وبعد أن تأكد قائد الكتيبة من فحوى الرسالة اللاسلكية ؛ أحالها فورا إلى القيادة العامة بصفة(سري للغاية وفوري) . وبعد عدّة ساعات ، في ذلك اليوم ، بدأت إذاعة دمشق تذيع مع الموسيقى العسكرية : بيانات تندد بالحشود العسكرية التركية على حدودها الشمالية ، وتذخر النفوس بالعداء ضد تركيا والإمبريالية الأميركية وحلف شمال الأطلسي ، وتهيئ المقاومة في الشمال . كانت الرسالة اللاسلكية الملتقطة تتضمن أوامر بحشد 200 طائرة أميركية في مطـار أضنـة التركي ، وتحــرّك 20 آلية عسكرية باتجاه ( عينتاب) التركية ، وأوامـر أخرى . وقد منح عامل اللاسلكي ، واسمه ( شاكر ج ) : ثناء القيادة العامـة بعد انتهاء التحقيق معه ببضعة أيام .
وقد أبلغتْ سورية الحكومة الأردنيـة بأنّ تركيّا تخطط لمهاجمتها في المستقبل القريب بتنسيق مع الولايات المتّحدة الأميركيّة . فاستدعى الملك حسين سفراء الدول الغربية وروسيا في عمان وصرح بأنّه سيعتبِرُ أيَّ اعتداءٍ على سورية اعتداءً على بلاده . وقد وقفت جميع الدّول العربيّة إلى جانب سورية ، كما أعلنت روسيا بأنّها مستعدة للاشتراك بقوّاتها المسلّحة في قمعِ العدوان ؛ إذا عَزمتْ أميركا على التدخّل مباشرةً بقوّاتها إلى جانب تركيّا في أعمالٍ عدوانيّة ضدّ سورية . كما لفت الوفد السّوفييتي نظر رئيسِ الجّمعية العامّة للأمم المتحدة إلى التهديدات الّتي تتعرّض لها سورية بحشد تركيّا 50 ألف رجل على حدودها مع سورية ، وبوضعِ خطّة عسكريّة من قبلِ هيئة الأركان التركيّة ، مع مستشارين عسكريّين أمريكيّين ، لشنِّ الهجومٍ على سورية .
وقد اعتبرت سورية أنّ تدخّل الدّولِ الأخرى ( قاصدةً أميركا ) في الوضعِ ؛ قد أدى إلى هذا التوتّـر . حيث كانت العلاقة بين البلدين ستعود إلى حالتها الطّبيعيّـة فـوراً لو تُركَت هاتان الدولتان وشأنهما . إلاّ أنّ رفع حدّة الحشود العسكريّة على حدود سورية ؛ دفع الحكومةَ السوريّة إلى الاحتجاجِ رسميّاً وتقديمِ شكوى إلى الأمم المتّحدة في 15 ت1 957 ضدّ ما أسمتْهُ " التّهديدات لأمن سوريةَ والسّلامِ الدّولي " . مشيرةً إلى حملة الدِّعاية الغربيّة الّتي تُشَنّ عليها ؛ تمهيداً للقيامِ بعمل عسكري مغامر ضدّها .. كما أن تركيّا بالتعاون مع بريطانيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة : كانت قد صعّدت الحملةَ الدّعائيّةَ ضدّ سورية ، وكثّفت حشود الجيش التركي على حدودها . واعتبرت أن الوضع في سورية قد اكتسبَ طبيعةً تهدّد سلام الشرق الأوسط واستقرارَه . وأنّ الوضع الحاليّ في سورية ؛ يستحيل اعتباره نشاطاً معقولاً لتسليح نفسها . وهو ليس إلاّ سعياً لتحويل سورية إلى ترسانة أسلحةٍ ، تُستَخْدَمُ عند الحاجة من قِبَل أجانب . وقد نصحَ السَّفير البريطانيّ في بغداد : لندن ، بعدمِ اتّباعِ أيِّ نهج في الأمم المتّحدة ، من شأنه أن يثير عداء الرّأي العام العربيّ ضدّ الغرب ؛ الّذي يعتبر أنّ سورية لم ترتكب أيَّ خطأ بحصولها على أسلحةٍ سوفييتية . بل إنّه يكبر فيها ذلك ؛ مادامت الأنظار موجّهة ، جميعها، نحو إسرائيل . بينما عمـل وزير الخارجيّـة الأميركي (جون فوستر دالاس) على تجنّـب قيام الأممِ المتّحدة ؛ تلبيــة لطلب سورية : بإرسالِ لجنة تحقيق إلى الحدود السّورية التّركيّة ، وذلك بمطالبتـه أنْ تقـوم اللجنة أيضاً ( إذا طرح مثل هذا المشـروع ) : بالتحقيـق في كميات الأسلحـة الموجودة في سورية ، والحشود السوفييتيّة والبلغاريّة على حدود تركيّا ، ووجود قوّاتٍ مصريّة في سورية .
لقد باتت الدول الغربيّة تَحسبُ لهذا المدّ اليساريّ الّذي بدأ يغزو المنطقة : الحسابات المعقَدة والمعادلات الصّعبة ، الّتي تنتهي جميعها في رقمٍ واحدٍ ، هو حماية إسرائيل المقامة في الأصل لرعايـة مصلحةُ الغرب الاقتصاديّة عموماً ؛ والأميركيّة بشكل خاص ، بعد أن أصبَح مرفدُها الرّئيسي يصبُّ في خانةِ البترول الّتي بدت مهدّدةً بشكلِ ملحوظ هذه المرة . لقد كانت أميركا تمتلك ، في تلك الفترة ، 50% من ثروات العالم ، ويملكها فقط 6% من سكانها " كما جاء في بلاغ (جون كينيان) عام 1948 : الذي وجد أنّ من واجب الأميركيّين في المرحلة المقبلة بعد عام 1948 ، إيجاد نمط للعلاقات تسمح بالحفاظ على هذا الوضع " .