المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : - تلك العتمة البــــــــــــــــــــاهرة -


وحي القلم
20-03-06, 01:16 AM
قبل سنوات مضت كنتُ مولعاً بقرأة كتب ( ادب الاعترافات او الذكريات ) ...
وخصوصاً ما يسمى بأدب السجون ...
فلقد كنت اجد نفسي عندما اشرع في تقليب صفحات كتاب من هذا الفن مليئاً بالمشاعر والاحاسيس ...
فهذه الكتب مترعة حتى الثمالة بنبرات الصدق والالم والحب العاصف والبكاء المرير والصبر الذي لاتهزه عوادي الايام والسنون والرضاء والضجر .. و .. و .. ومزيج من المشاعر التي يعجز القلم عن وصفها ..
كان اول كتاب وقع في يدي يتحدث في هذا المجال هو كتاب ( عندما غابت الشمس ) لمؤلفه عبدالحليم خفاجي - مصري الجنسية - تحدث فيه باسهاب عن ازمة الاخوان المسلمون في مصر مع النظام الناصري الذي كان يعتلي كرسي الحكم في تلك الفترة ...
تحدث المؤلف عن حقبة تاريخية لازالت عالقة في ذاكرة كل مواطن مصري ..
الوف مؤلفة من البشر يساقون على يد جلاوزة الحكم الناصري الى معتقلات يشيب لها رؤس الولدان ....
معتقلات فيها اصناف من التعذيب تقشر منها الاسماع ...
ويكفي ان تعلم ايها القاريء الكريم ان الحكم الناصري استعان بخبراء في ( فن التعذيب ) من مخلفات الحكم النازي الالماني ...
كان هذا الكتاب هو تقريباً اول نافذة لي على عالم المعتقلات والسجون السياسية ...

بعدها بفترة من الزمن وجدت كتاباً اخر ( وللاسف فلقد فقدته من مكتبتي ونسيت عنوانه ) وان كان لازال عالق غي ذاكرتي اسم مؤلفه وهو ( ج .. ضاغجي ) وترجمه الدكتور طلعت حرب
وهذا الكتاب يؤرخ لحقبة الحرب العالمية الثانية ....
وخصوصاً احتلال القوات الالمانية لاجزاء من الاتحاد السوفيتي الغابر ...
كان المؤلف مسلماً في ريعان شبابه ويعمل ضابطاً في الجيش الاحمر ...
وقام مع القوات الروسية بمحاربة مد القوات الالمانية وسقط اخيراً في الاسر ...
ومضت السنوات تلو السنوات عليه وهو يقبع في معتقل لو ان قطيعاً من الخنازير البرية اعتقلت فيه لنفقت فوراً فكيف بمئات الاولوف من البشر ..
في ذلك الكتاب فجعت وصدمت من قسوة البشر ...
لم اكن اظن ان هنالك بشراً يمكن ان يعاملوا غيرهم من بني البشر بهذه الطريقة ...
اهوال فوقها اهوال ....
ووحشية لاتضاهيها وحشية ...
فهل تصدقون انه وصل الامر ببعض الاسرى ( ان يشرب بوله اجلكم الله ليطفي ظمأه ) ...

بعد هذا الكتاب خرجت بتصور مظلم عن المعتقلون السياسيون وعالم السياسية ....
ولكن كتاب ( رحلتي الطويلة من اجل الحرية ) لنسلون مانديلا ذلك المناضل العظيم غير لدي نوعاً ما هذا التصور ..
وكتاب مانديلا وسيرته شيء فريد من نوعه يعجز القلم عن ان يوفيه حقه ...
فيكفي ان تعلم انه ظل سجيناً لمدة سبعة وعشرين عاماً لترى مدى تضحيته من اجل مبادئه ومكافحته للعنصرية ...
ولكنه كان معتقلاً في بلد يعتبر متحضراً فكانت المعاملة والسجن تعتبر بالنسبة لسجين عربي فندق خمس نجوم ...
وفي هذا السجن استطاع مانديلا ان يكمل تعليمه الجامعي ويحصل على البكالوريوس والماجستير بالمراسلة ...
واخيراً خرج رئيساً لدولة جنوب افريقيا ..

بعد هذا الكتاب ...
قرأت بعض الكتب التي تتحدث حول هذه القضايا ...
ولكنني اصدقكم القول انني لم اجد شيئاً مما سبق يضاهي كتاب قرأته هذه الايام ...
هذا الكتاب بنظري هو عبارة عن اقسى وحشية يمكن ان يصل اليها بشر في عالمنا الحاضر ..
وحشية لاتصدق ....
وحشية لايمكن وصفها ...
وحشية اجزم ان الوحوش لاتستطيع ان تصل اليها ...

وهذا ما سوف احدثكم عنه .....







للحديث صلة ....

وحي القلم
20-03-06, 01:23 AM
اخي الكبير ...
ناصر الفهيد ..
تحية طيبة ..
واسعد الله جميع اوقاتك ..
يسعدني ويشرفني ان البي طلبك وان احقق رغبتك ...
فأنت الاخ الكبير الذي لانستطيع ان نرد له طلب مهما كان ...

خماش
20-03-06, 01:52 AM
اهلاً بعودتك استأذنا الكبير، فرحنا بعودتك

انني من المتابعين لك ومن اشد المعجبين بإسلوبك
عدت والعودُ احمدُ(qq140)

النــــــــــــــــاصر
20-03-06, 02:18 AM
أخي الفاضل

مقال جميل وشيق وسوف ننتظر النهايه

وفقك الله ورعاك

النـــــــــــاصر

فجر
20-03-06, 02:33 AM
ما تتصور وقع المفاجأه يا وحي حين تصفحت قصيمي

ورايت اسمك يتلألأ في اعلى الصفحه كما كان وسيضل دائما


احنا بدورنا نشكر الأخ ناصر الفهيد على الهديه الجميله

&*غروب*&
20-03-06, 02:40 AM
وحي القلم

أولا اسعدتني عودتك للمنتدى

لا تحرمنا هالطله مره ثانيه

ثانيا اسم الكتاب اللي فقدته "السنوات الرهيبة "

وترجمة محمد حرب

هذا الكتاب من كثر ماسبب لي حزن واسى

حطيته مع مجموعة كتب يمكن في يوم من الايام ارجع اقراه

وبانتظار وبكل شوق بقية الموضوع

عمودا حميدا

فجر
20-03-06, 02:42 AM
الان اسمح لي ان اعلق على المقال

اه.... عندما غابت الشمس

ذكرتني بطفولتي يا وحي

اتذكر والدي حفظه الله يجلس على الاريكه ويرتدي النظاره الطبيه ويقرأ كتاب

عندما غابت الشمس

اداعبه كعادتي واخذ الكتاب منه وارى دموعا محبوسه وابتسامه يائسه

هل هذه حكايه يا ا ابي فيجيب نعم حبيبتي انها حكايه جبار اشبع المسلمين ظلما

انه العبد الخاسر (( هكذا كان يلقبه والدي )

اكمل يا وحي القلم نحن معك

وحي القلم
20-03-06, 03:17 AM
من يصدق ...؟؟؟

اربعة وعشرون رجلاً معتقلاً يعيشون في سجن سياسي لمدة ثمانية عشر عاماً ... ؟

وخلال هذه السنوات العجاف لم يروا النور الا مرة واحدة فقط ...

هل تصدقون ...؟؟؟
مرة واحدة فقط ....

ماهو شعورك لو انك محروم من النور ومن ضياء الشمس ثمانية عشر عاماً متتالية ...


يا الله ...

هل هنالك بشاعة تفوق هذه البشاعة ...

ثمانية عشر عاماً وانت تعيش في زنزانة طولها متران وعرضها متر ونصف وارتفاعها ( 150 سم ) فقط ..
وارضيتها اسمنتية ... ولن تعرف ماذا يعني لك الاسمنت الا اذا دخل عليك فصل الشتاء ببرده القارص وانت لاتلبس سواء اسمال باليه تغطي جزاءً بسيطاً من جسدك المحطم ...
وفوق هذا كان يبلغ طولك ( 170 سم ) مثل طول مؤلف هذا الكتاب الذي يتحدث لنا عن هذه المعاناة ( 170 سم ) ..
أي انه لايستطيع خلال ثمانية عشر عاماً ان يقف منتصب القامة كما خلقه الله في هذه الزنزانة ....
وقد حكم عليك ان لاتخرج من هذه الزنزانة ابداً ..

هل تتخيلون معي المشهد ايها الكرام ...

زنزانة بهذا الحجم او كما يسميها مؤلف الكتاب ( دغل ) تمارس حياتك ( واملء فمك عند نطقك عبارة حياتك ) داخل هذا الدغل ...

فأنت تاكل داخلها وتنام داخلها وتريض عن نفسك داخلها وتقضي حاجتك في حفرة محفورة في زاوية من زوايا هذه الزنزانة ..؟؟

تلقص هذا الكون الشاسع وهذه الارض الرحيبة عليك فلم يبقى لك حق فيها سوى في ثلاثة امتار ونصف ..

والادهى من ذلك ان هذه الامتار بدون انارة سواء طبيعية من الله او صناعية من البشر ..

فأنت تعيش في ظلام سرمدي في حفرة تحت الارض بدون أي انارة ترى من خلالها ...

وعلى هذا المنوال تجري حياتك لمدة ثمانية عشر عاماً ...

هل تتصورن عذاب يضاهي هذا العذاب يمكن ان يخترعه بني البشر ...





ربما تسأل ما هو السبب في كل هذا العذاب ...؟؟؟

ماذا تتوقع ...؟؟؟


قبل ان اخبرك اتمنى ان تجيل في راسك كل الاسباب التي تراها منطقية لهذا الجزاء ...






























ما زلت منتظراً هل انتهيت ..؟؟























هاه هل فعلت ..؟؟؟

كم سبباً عددت حتى الآن ... ؟

عشرة ... عشرون .. مئة .. الف .. مئة الف ...؟؟


اذاً ....




ماذا لو قلت لك انك بريء وقد خدعت بهذا الامر ولم تكن تعرف انه على هذه الصفة ...؟
ماذا لو قلت لك انك كنت تلميذاً في كلية عسكرية تقضي فترة التدريب لكي تتخرج من هذه الكلية ضابطاً وتتشرف بخدمة بلدك ومواطنيك وملكك ..

ثم في يوم من الايام اطلقت صفارة الانذار وقيل لك هيا بسرعة البس لباسك العسكري وخذ بندقيتك واصعد الى الشاحنة فأننا علمنا الآن ان هنالك قتلة مجرمون سوف يهاجمون ملك البلاد في قصره ليغتالوه وليقوموا بعملية انقلاب ...
فخرجت مهرولاً تسقط تارة وتقوم اخرى لكي تلحق ملكك المفدى وتحميه بنفسك من هذا الاعتداء الغشيم الذي يراد به ..

وخلال الطريق تتقاذفك المشاعر والافكار ..
وعندما تصل الى قصر الملك تكتشف انه من كان سوف يقوم بالانقلاب العسكري هو رئيسك رئيس الكلية وزمرة الضابط والمعاوينين اللذين معه وما انت واصحابك التلاميذ سواء الاداءة لهذا الانقلاب ...

ثم فجأة يفشل الانقلاب .. وتحبط المجزرة التي كانت مدبرة للمك ومن معه ....
ويعتريك الفرح لذلك ...
ولكنك ومن معك تحملون العقوبة كاملة ...

ويصدر بحقكم حكم يدينكم ....
سجن مدى الحياة ....
ثم ترمى في هذه الحفرة ثمانية عشر عاماً ...

*****



ايها الاحبة ...

سوف انقل لكم في الصفحة التالية مقاطع مقتطفة من الاحداث كما سردها صاحبها ...

وسوف ترون مدى ... ( حقيقة لا استطيع ان اجد تعبير مناسب لما سوف انقله فالالفاظ تخونني هنا ) ولكنني سوف اترككم معها كما هي لترواها على حقيقتها ....



للحديث صلة ....

وحي القلم
20-03-06, 03:35 AM
اهلاً بعودتك استأذنا الكبير، فرحنا بعودتك

انني من المتابعين لك ومن اشد المعجبين بإسلوبك
عدت والعودُ احمدُ(qq140)

اشكرك اخي الفاضل ...
على ما تفضلت به ..
وانا من يسعد انا يصافح قلمه اقلامكم الرائعة ..

تقبل تحياتي

وحي القلم
20-03-06, 03:37 AM
أخي الفاضل

مقال جميل وشيق وسوف ننتظر النهايه

وفقك الله ورعاك

النـــــــــــاصر

اشكر لك اطلالتك اخي الفاضل ...
واتشرف بمتابعتك لهذا الموضوع ..
تقبل تحياتي

وحي القلم
20-03-06, 03:40 AM
ما تتصور وقع المفاجأه يا وحي حين تصفحت قصيمي

ورايت اسمك يتلألأ في اعلى الصفحه كما كان وسيضل دائما


احنا بدورنا نشكر الأخ ناصر الفهيد على الهديه الجميله



اشكرك اختي الفاضلة فجر ..
اشكرك من اعماق قلبي على هذه المشاعر النبيلة التي تدل على سمو اخلاقك وطيب معدنك ...

حفظك الله

وحي القلم
20-03-06, 03:44 AM
وحي القلم


أولا اسعدتني عودتك للمنتدى

لا تحرمنا هالطله مره ثانيه

ثانيا اسم الكتاب اللي فقدته "السنوات الرهيبة "

وترجمة محمد حرب

هذا الكتاب من كثر ماسبب لي حزن واسى

حطيته مع مجموعة كتب يمكن في يوم من الايام ارجع اقراه

وبانتظار وبكل شوق بقية الموضوع

عمودا حميدا





اختي الفاضلة غروب ..
تشرفت باطلالتك ..
واشكرك من اعماق قلبي على مشاعرك النبيلة ...
التي تدل على طيب معدنك وسمو اخلاقك ..

واشكرك مرة اخرى على اسم الكتاب فلقد عصرت ذهني محاولاً ان اتذكره ولكن بدون فائدة ..
نعم السنوات الرهيبة وهي رهيبة بحق ....

حفظك المولى

شامل سفر
20-03-06, 04:50 AM
عوداً حميداً أخي وحي القلم . فعلاً .. الله يجزيه الخير الأستاذ ناصر. اعذرني إنْ لم أشارك بالحوار ، إذ لم أتم القراءة بعد . لكنني أسجل حضوري هنا و محبتي لك، سيدي .

أم أديم
20-03-06, 07:24 AM
الحمدلله على السلامه اخوي وحي

تسجيل حضور ومتابعه

المأمون
20-03-06, 09:01 AM
اخي وحي القلم...
أولا شكرا لله ثم للاخ ناصر الفهيد...
وتقدم يافارس القلم (وحي القلم)..
لتتحفنا بروائعك...
حقيقة فقد كنت أحس خلال الفترة السابقة..
بأن المنتدى يفقد نكهة فيها يكمن سر من اسراره..
نكهة لها جاذبية...
لا أدري كنهها...
لكن ربما تكون هي روح الفكر...
الفكر الذي استبدله معظمنا بترديد ما يحفظه..
أصبحت الكلمات كلها مكررة...
حتى المراجع مكررة......
مما جعلنا لا نخرج من هذه الدائرة...
واغلقنا عقولنا...
فكان لا بد لها من طارق وبقوة...
ليتنفض عنها الغبار وتنتفض...
إنه قلمك اخي ..
وحي القلم...



فقد كنت وماوزلت في شوق لهذا القلم المبدع.....
باختصار ....متابع حتى لما بين السطور... وبشغف

اخوك: المأمون...

الصواعق
20-03-06, 01:53 PM
كان موضوع السجون في بالي وأردت أتكلم فيه ، ولكن سبقتني .. :)
وحقيقة موضوع رائع ... وهي من المواضيع التي تستهويني >>>>> سجن ، عذاب ، حزن ، قهر ، ظلم
أحب هذه المواضيع
والسجون ... هو المكان الذي يجمع كل الأحزان والمآسي ..


أبوعبدالله .. فيه كتاب للروائي العظيم الخالد الروسي دستويفسكي .. وأسم الرواية (( ذكريات في بيت الموتى ))

وهذه يصوّر فيها حاله في السجن والتنكيل الذي أصابه وصوّر السجون في سيربيا ودراسة شخصيات الموجودين وتحليل رائع
فهي ذكريات وتصورات أكثر ماهي رواية .. ولا تخلو من الفلسفة التي تحبها
ولا سيما أنه ناقش فلسفة (( العدمية )) في هذه الرواية

أنا صراحةً لست أملك هذه الرواية إنما استعرتها من الجامعة وقمت بتصويرها وأخذت نسخة لها .. لروعة الكتاب والترجمة .. والواضح أن الكتاب نسخة قديمة (( 30 )) سنة تقريبااا
وإن لم أجزم .. فهي من أفضل الروايات التي تتكلم عن السجن والتنكيل .. وقسوة الحياة فيها .. التهمت الرواية المكونة من ((250 )) صفحة تقريبا .. في يوم واحد .لأني لم أستطيع مقاومتها

ربما دور المترجم كان رائع .. والذي لمسته في الكتاب

إن كان لديك صندوق بريد أرسله على الخاص وأرسل لك نسخة :)
لعله سيكون لديك تصوّر آخر في هذا الموضوع ... :)


وأهلا بعودتك <<< وهذا ماكنت أتوقعه :)

رامز
20-03-06, 02:22 PM
الحمد لله على العودة الميمونة ان شاء الله ، يا لفرحي هذا اليوم ، متابع

منى البزال
20-03-06, 05:08 PM
لقد عدت والعود أحمد أخي وحي القلم



تسجيل حضور

هنا طامي
20-03-06, 05:52 PM
بارك الله فيك أخوي وحي القلم

وهذا الذي حاصل للأسف الشديد
فكثير من بنو البشر ..... لسو بشر
بل هم كالأنعام بل هم أضل ........
والسياسة قالوا بأنها كياسة
ولكنها برأيي في هذا الزمان تعاسة

وهذا الذي حاصل للأسف الشديد
فبعد أن شبعوا إجراما ببعضهم البعض
هاهم يقذفون الإسلام والمسلمين بأوصافهم السابقة

عموما الموضوع ذو شجون
ولك الشكر أخي الكريم على هذه اللفته التوعوية

وتقبل تحياتي

بلوتوث
20-03-06, 09:08 PM
اهلا بعودتك استاذي

ojo
20-03-06, 09:37 PM
إن الله حرم الظلم على نفسه.وجعله بين عباده محرما.فما أقساه وما أشد مرارته.خصوصا عندما يتسمى الظالم بأسمائنا.ويأكل من أرضنا.ويشرب من مياهنا.ثم يكون أشد قسوة من أعدى الأعداء.
وهكذا هي أيام الإنسان تطبع بالبياض المشرق تارة.وتصبغها بقتامة الظلام تارة أخرى..فحياتنا حلقة ألوان متفاوتة.

قرات حرفا حرفا تجربة تسع سنوات لهبة الدباغ في سجون الظلم في سوريا.مأساة وأي مأساة.

<*>"سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل.وأن يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان.وقنعت يكون نصيبي في الدنيا.كنصيب الطير.لكن سبحانك حتى الطير لها أوطان.وتعود إليها.وأنا ما زلت أطير.فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر.سجون متلاصقة.سجان يمسك سجان"


مرحبا وحي
شكرا وحي


اختك ام البراء
**********************************************
<*>مظفّر النواب

وحي القلم
21-03-06, 01:30 AM
مقتطفات من رواية ( تلك العتمة الباهرة ) لمؤلفها الطاهر بن جلون ...
الرواية عبارة عن مذكرات سجين اعتقل ظلماً لمدة ثمانية عشر عاماً في سجن ( تزمامارت ) في المغرب عام 1971م

- 1 -

( منذ ليلة العاشر من تموز 1971 م توقفت سنوات عمري . لم اتقدم في السن . ولم اجدد صباي . من يومها فقدتُ سني . فلم يعد بادياً على محياي , والواقع اني ما عدتُ هناك لكي امنح عمري وجهاً . اذ وقفتُ ناحية العدم . هناك حيث لا وجود للزمن . متروكاً للريح . مستسلماً لذاك الشاطيء الواسع من الملاءات البيض التي يرجحها نسمٌ خفيف . موهوباً للسماء المفرغة من نجومها , من صورها , ) ....

- 2 -

( في الجناح " ب " كنا ثلاثة وعشرون نفراً . وكل نفر منا في زنزانة . الى الثقب المحفور في الارضية لقضاء الحاجة . كان هناك ثقب اخر , فوق باب الحديد لادخال الهواء , ما عادت لنا اسماء . ما عاد لنا ماض او مستقبل . فقد جردنا من كل شيء . ولم يبق لنا سوى الجلد والراس . ليس جميعنا . فالرقم " 12 " كان اول من فقد عقله . وسرعان ما اصبح لا مبالياً . احرق المراحل . دخل سرداق الالم الكبير تاركاً راسه . او ما تبقى منه عند باب المعسكر . وزعم البعض انه رآه يوميء وكأنه يخلع راسه ثم ينحني ليطمره بين صخرتين . دخل طليقاً لاشيء يمسه يحادث نفسه بلا انقطاع . حتى عند نومه كانت شفتاه لا تكفان عن التمتمة بكلمات غامضة ) ....

- 3 -

( طوال ساعة او اقل ابقيت عيني مفتوحتين وفمي فاغراً لكي اتجرع ما امكن من الضوء لكي اتنشق الضياء واختزنه في داخلي واحفظه ملاذاً لي فأستذكره كلما اطبقت العتمة ثقيلة فوق جفني . ابقيت جذعي عارياً لكي يتشبع جلدي بالضوء ويختزنه كاثمن ما يُقتنى . لكن احد الحراس امرني بأن ارتدي قميصي .
عندما المساء خجلتُ من تلك الغبطت التي جلبها لي دفن احد رفاقي . الهذا الحد فقدت الاحساس بالرحمة وبلغت بي القسوة حداً جعلني اطلب النفع من وفاة احدنا .؟ الحقيقة المرة العارية . كانت ماثلة امامي . فاذا كان موت قريبي يتيح لي رؤية الشمس . ولو هنيهات . فهل يجعلني ذلك تائقاً لرحيله . ) ...

هذه العبارات قالها في المرة الوحيدة التي خرج بها لرؤية الشمس اثانء دفن احد رفاقهم ...


- 4 -

( لعربي المسكين اعلن اضراباً عن الطعام وترك نفسه يموت . خلال شهر باكمله ظل انينه الخافتُ مسموعاً :
اريد ان اموت . لم يبطيء الموت في قدومه .؟ من يؤخر مجيئه . ويمنع نزوله الي . وانسلاله من تحت باب زنزانتي .؟ انه ذو الشاربين الحارس الجلف ز يقطع طريقه . كم هو صعب ان نموت حين نريد الموت .! فالموت لايبالي بي . لكن دعوه يمر . احسنوا وفادته ز فهذه المرة سوف يأخذني انا . سوف يحررني . انتبهوا جيداً . لاتعيقوا حركته . اني اراه . لقد استجاب لدعائي اخيراً . وداعاً ايها التلاميذ الضباط . ) ...


- 5 -


( لاتعودوا الى النوم . لاتعودوا الى النوم يا اخوتي . انتبهوا . نحن في فصل الصيف , في يوم الثالث من تموز 1978م انها الخامسة وست وثلاثون دقيقة . انه ميقات العقارب . انتبهوا جيداً . لقد وصلت العقارب . اني اشعر بوجودها . اني اسمعها . بعد البرد القارس والرطوبة جاء الصيف . صيف العقارب . يجب ان نرص صفوفنا ز لقد كادت آلتي تتعطل لاني شعرت بوجود غريب في زنزانتي ز لا ليسوا الجن . لا . انهم قتلة انها حشرات صغيرة تلدغ وتنفث سمومها ) ...

- 6 -

( الموت من الامساك امر ما كان يخطر ببال احد . فقد جرت العادة ان يقال " الموت من الحب " او " الموت من الجوع والعطش " ,, مات بوراس لانه لم يستطع اخراج برازه ز كان يحتبسه . او الاحرى قوة ما في داخله كانت تمنعه من التبرز . قيتراكم البراز يوماً بعد يوم حتى صار صلباً كالاسمنت . وبوراس المسكين لم يكن يتجرأ على البوح بما يعاني .امتنع عن تناول الطعام . ظنا منه انه بذلك يتخلص من كل ما راكمته معدته . الى ان فاق الامر قدرته على الاحتمال . فراح يئن ويضرب الجدار بقدميه . ثم ذات يوم اطلق صرخة متمادية . مدوية . بحيث اضطر الحراس الى التدخل . لم يحركوا ساكناً عاينوا حالته وراحوا يتصهصلون ز وكلما علت ضحاتهم . اشتد صراخ بوراس :
اني اموت اختناقاً بخرائي . ما عدت قادراً على التحمل . اعطوني عقاراً . اتوسل اليكم . اعطوني اي شيء لحلحة كتلة الاسمنت هذه .....
لا جواب . غادروا وصفقوا الباب وراءهم . بقيت ضحاتهم مسموعة وتعليقاتهم المتندرة ايضاً :
- يزعجنا لانه عاجز عن الخراءة .!
- وفوق ذلك يطالبنا بمساعدته . تخيل نفسك منهمكاً في اخراج خرائه من دبره بالملعقة .؟ تفوه .!
- كف عن ذلك كلامك يسبب لي الغثيان ...
- ان مات جراء ذلك . فهل تتخيل القمندار وهو يحرر تقريراً موجهاً الى قيادة الاركان شارحاً فيه ان النفر " 13 " مات لانه لم يتمكن من التبرز ...
- انه لوضع خرائي حقاً .!
- ارايت احسنت التعبير . وضع خرائي .

تمكن لحسين من تفصيل ملعقة من عصا المكنسة التي كان يحتفظ بها :
- لحسين : خذ سأرمي لك بقطعة الخشب هذه وحاول برفق . وعلى مهل . من دون ان تجرح نفسك . والاهم من ذلك كله ان تهدأ .

كنا جميعاً في حال من الترقب , نفكر . في كنف ذلك الصمت الفاحش . في ذلك الرجل الذي سدت امعاؤه . مع ان علاجه لا يتطلب اكثر من تحميلة او قليل من زيت الخروع . لكننا لم نكن في صلب الحياة . كنا نقيم في حفرة لكي نهلك . ولكل منا طالعه السيىء . فمن كان ليقول ان ذاك الرجل القوي , الجبلي المتين البنية . سيقضي ذات يوم وبطنه منتفخ مثل طابة .؟
كنت اسمعه واتخيل حاله فينتابني الفزع . مثل هذا قد يصيب اي واحد منا ..
كان بوراس قد شق شرجه لانه حرك قطعة الخشب بشدة , وراح ينزف لكنه لم يتخلص من برازه .
وفي لحظة ما عاودته نوية الحنق فاطلق صرخة مدوية ثم هوى على الارض . لابد انه فقد وعيه من شدة الاعياء ومات في اليوم التالي . )


اعتذر لنقل هذا المقطع المقزز ولكن كان لابد من ذلك حتى تروا الى اين وصلت الوحشية ...

وللجميع خالص التحايا ..

وحي القلم
21-03-06, 02:05 AM
الان اسمح لي ان اعلق على المقال

اه.... عندما غابت الشمس

ذكرتني بطفولتي يا وحي

اتذكر والدي حفظه الله يجلس على الاريكه ويرتدي النظاره الطبيه ويقرأ كتاب

عندما غابت الشمس

اداعبه كعادتي واخذ الكتاب منه وارى دموعا محبوسه وابتسامه يائسه

هل هذه حكايه يا ا ابي فيجيب نعم حبيبتي انها حكايه جبار اشبع المسلمين ظلما

انه العبد الخاسر (( هكذا كان يلقبه والدي )

اكمل يا وحي القلم نحن معك



حفظ الله والدك اختي فجر وبارك فيه ..
ولقد صدق حينما سماه العبد الخاسر ..
فتعساً لمن جاء يوم القيامة وقد ظلم هذا وذاك ...

تحياتي

وحي القلم
21-03-06, 02:10 AM
عوداً حميداً أخي وحي القلم . فعلاً .. الله يجزيه الخير الأستاذ ناصر. اعذرني إنْ لم أشارك بالحوار ، إذ لم أتم القراءة بعد . لكنني أسجل حضوري هنا و محبتي لك، سيدي .

اهلاً ومرحبا باخي الكبير عبدالله ..
تشرف متصفحي باطلالتك استاذي الكريم ..
فلك مني اخيك صادق المحبة ...
وجزيل الشكر والعرفان ....

وحي القلم
21-03-06, 02:14 AM
الحمدلله على السلامه اخوي وحي


تسجيل حضور ومتابعه





سلمك الله من كل مكروه اختي الكريمة ام اديم ..
واهلاً ومرحبا بك ..
ومما يسرني ويشرفني متابعتك للموضوع ..

حفظك المولى ..

الشعبــي
21-03-06, 03:03 AM
اخي الحبيب وحي القلم

حمدا لله على عودتك

أختط علينا فرح عودتك والحزن بقراءة هذة المذكرات.. ليتك أخرتها لحين .. فمثل هكذا مقال يحرم فيه الفرح..
.
متابع

وحي القلم
30-03-06, 01:21 PM
اخي وحي القلم...
أولا شكرا لله ثم للاخ ناصر الفهيد...
وتقدم يافارس القلم (وحي القلم)..
لتتحفنا بروائعك...
حقيقة فقد كنت أحس خلال الفترة السابقة..
بأن المنتدى يفقد نكهة فيها يكمن سر من اسراره..
نكهة لها جاذبية...
لا أدري كنهها...
لكن ربما تكون هي روح الفكر...
الفكر الذي استبدله معظمنا بترديد ما يحفظه..
أصبحت الكلمات كلها مكررة...
حتى المراجع مكررة......
مما جعلنا لا نخرج من هذه الدائرة...
واغلقنا عقولنا...
فكان لا بد لها من طارق وبقوة...
ليتنفض عنها الغبار وتنتفض...
إنه قلمك اخي ..
وحي القلم...



فقد كنت وماوزلت في شوق لهذا القلم المبدع.....
باختصار ....متابع حتى لما بين السطور... وبشغف

اخوك: المأمون...

اساتذي المامون ..
تحياتي واحترامي ..
وشكر الله لكم كل كلمة كتبتها بحق تلميذك الصغير ..
وما انا استاذي الا تلميذ متعلم في مدرستكم العامرة ..
ادامك الله سراجاً مضيئاً نقتدي به ..

خالص الود والتقدير ..

وحي القلم
30-03-06, 01:32 PM
كان موضوع السجون في بالي وأردت أتكلم فيه ، ولكن سبقتني .. :)
وحقيقة موضوع رائع ... وهي من المواضيع التي تستهويني >>>>> سجن ، عذاب ، حزن ، قهر ، ظلم
أحب هذه المواضيع
والسجون ... هو المكان الذي يجمع كل الأحزان والمآسي ..


أبوعبدالله .. فيه كتاب للروائي العظيم الخالد الروسي دستويفسكي .. وأسم الرواية (( ذكريات في بيت الموتى ))

وهذه يصوّر فيها حاله في السجن والتنكيل الذي أصابه وصوّر السجون في سيربيا ودراسة شخصيات الموجودين وتحليل رائع
فهي ذكريات وتصورات أكثر ماهي رواية .. ولا تخلو من الفلسفة التي تحبها
ولا سيما أنه ناقش فلسفة (( العدمية )) في هذه الرواية

أنا صراحةً لست أملك هذه الرواية إنما استعرتها من الجامعة وقمت بتصويرها وأخذت نسخة لها .. لروعة الكتاب والترجمة .. والواضح أن الكتاب نسخة قديمة (( 30 )) سنة تقريبااا
وإن لم أجزم .. فهي من أفضل الروايات التي تتكلم عن السجن والتنكيل .. وقسوة الحياة فيها .. التهمت الرواية المكونة من ((250 )) صفحة تقريبا .. في يوم واحد .لأني لم أستطيع مقاومتها

ربما دور المترجم كان رائع .. والذي لمسته في الكتاب

إن كان لديك صندوق بريد أرسله على الخاص وأرسل لك نسخة :)
لعله سيكون لديك تصوّر آخر في هذا الموضوع ... :)


وأهلا بعودتك <<< وهذا ماكنت أتوقعه :)

والله شوقتني يا ابا عبدالاله ..
حقيقة لم اقرأ هذا الكتاب لدستويفسكي ...
وعندي يقين انه لم ينل اعجابك الا وهو كتاب راقي يستحق المطالعة ..
بارك الله فيك اخي الغالي الصواعق ..
وسوف اتصل بك لتتكرم علي بنسخة من هذا الكتاب ..

بالمناسبة ..
هل قرأت كتب دان براون ملائكة وشياطين ... وشيفرة دافنتشي .
اذكر فيما مضى انك اخبرتني انك قرأت حقيقة الخديعة ..

وحي القلم
30-03-06, 01:39 PM
الحمد لله على العودة الميمونة ان شاء الله ، يا لفرحي هذا اليوم ، متابع

مرحبا باخي الكبير وقرة العين رامز ..
يعلم الله كم هو مقدار محبتي لك واجلالي لشخصك الكريم ..
ولا اجد تعبيراً اصدق من قولي اني احبك في الله ...

دمت تاجاً عى راس اخيك يعتز ويفختر به ..

محبك

وحي القلم
31-03-06, 09:51 AM
لقد عدت والعود أحمد أخي وحي القلم



تسجيل حضور

نعم العود احمد ....
شكرأص لك ايتها الفاضلة على حضورك الذي اتشرف به ..

دمت برعاية المولى

وحي القلم
31-03-06, 09:54 AM
بارك الله فيك أخوي وحي القلم

وهذا الذي حاصل للأسف الشديد
فكثير من بنو البشر ..... لسو بشر
بل هم كالأنعام بل هم أضل ........
والسياسة قالوا بأنها كياسة
ولكنها برأيي في هذا الزمان تعاسة

وهذا الذي حاصل للأسف الشديد
فبعد أن شبعوا إجراما ببعضهم البعض
هاهم يقذفون الإسلام والمسلمين بأوصافهم السابقة

عموما الموضوع ذو شجون
ولك الشكر أخي الكريم على هذه اللفته التوعوية

وتقبل تحياتي

اشكرك اخي الفاضل هنا طامي .
وكما تفضلت فليست هذه الصفات صفات تنتمي الى بني البشر حتى ولو كان اصحابها مثل اجسادهم واشكالهم فالبشرية عبارة عن مباديء واخلاق وقيم من تجاوزها تجاوز اطار البشرية ودخل في دائرة الوحوش الكاسرة ..

تقبل تحياتي

وحي القلم
31-03-06, 09:56 AM
اهلا بعودتك استاذي

شكراً لك استاذي على طيب مشاعرك ..

دمت بخير

وحي القلم
31-03-06, 10:02 AM
وهكذا هي أيام الإنسان تطبع بالبياض المشرق تارة.وتصبغها بقتامة الظلام تارة أخرى..فحياتنا حلقة ألوان متفاوتة .



الفاضلة ام البراء ..
اسعد الله جميع اوقاتك ..

نعم صدقتي فأن الانسان بطبعه كائن متقلب المزاج والافكار .
فحياته عبارة عن رحلة طويلة من الشقاء والعناء حتى يصل الى بر الامان بتوفيق الله .
ولكن يجب ان يضبط هذا التقلب وهذا التلون بضابط شديد الاحكام .
ومن اهم هذه الضوابط بل لنقل اصلها واساسها المتين ان هذا التلون وهذا التقلب يجب ان لايمس بحقوق الغير وكراماتهم ..
فهنا يصبح الامر اعتداء ووحشية ...

دمت برعاية المولى

وحي القلم
31-03-06, 10:04 AM
اخي الحبيب وحي القلم

حمدا لله على عودتك

أختط علينا فرح عودتك والحزن بقراءة هذة المذكرات.. ليتك أخرتها لحين .. فمثل هكذا مقال يحرم فيه الفرح..
.
متابع

اهلاً بأخي الحبيب والغالي الشعبي ..
وشكر الله لكم حضوركم ومشاعركم النبيلة ..

تقبل تحيات محبك .