المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب الف ميل في خطوة واحدة لـ الأمير عبدالله بن مساعد


فهد التويجري
26-06-14, 08:53 PM
كتاب الف ميل في خطوة واحدة لـ الأمير عبدالله بن مساعد
الرئيس العام لرعاية الشباب في السعودية

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/93/93942.gif

لتحميل كتاب الف ميل في خطوة واحدة pdf
أضغط هنا (https://ia902501.us.archive.org/13/items/A1000MilesInOneStep/A%201000%20Miles%20in%20One%20Step.pdf)
التحميل مباشر

أو
اضغط هنا (http://fesalup.com/pru3kqtot3iw/A_1000_Miles_in_One_Step.pdf.html)
عندما تضغط على الرابط اعلاه انتظر ١٠ ثواني ويظهر لك (Download) اضغطها ويتحمل الكتاب مباشرة

ولقراءة الكتاب من النت مباشرة:
اضغط هنا (https://docs.google.com/file/d/0B9MX5LnEPucoMGFkZTM1MDUtZGNlNi00ZTM0LWIzMDItYjI1Z jk1MmI1ZGJj/edit?hl=en_US)

مقتطفات من الكتاب من موقع صنعة الكلام:
«بعد ان انتهيت من قراءة "الف ميل في خطوة واحدة" تذكرت احدى الروايات التي تقول انه عندما وصل الاسكندر الأكبر الى بحر الصين وقف على الشاطىء وحوله قواده ومنجموه ومستشاروه الذين أنهكتهم حروبه. سألهم: أين وجهتنا المقبلة؟ فردوا: هذه نهاية العالم. فقال: أعطوني عوالم أغزوها».
اذا كان مبدأ القراءة الموضوعية والحكم المعياري أن لا يكون القارىء متورطاً أصلاً في ما يتحمس له الكاتب فقد لا أكون القارىء المعياري الأمثل لهذا الكتاب الذي صدر الآن في طبعة ثانية لأن تأثري به قد يكون أكبر من تأثر نسبة كبيرة من القراء، فأغلب اهتمامات الكاتب هي من اهتماماتي الشخصية اليومية، يضاف الى ذلك وجود تشابهات عدة بين حياتي وحياته، منها الطفولة في بيروت، ثم مغادرتها في العام نفسه (1975)، ثم متابعة الدراسة في "بلد المنشأ" الخ…؛ ولكنني أظن ان القارىء الذي لا اطلاع لديه البتة على مسائل الاقتصاد الجديد والانترنت والأسهم سيتفاجأ اكثر مما تفاجأت ويتحمس اكثر!

اضافة الى هذه التأثيرات الشخصية فهذا الكتاب لشخص في عمري، يهتم بـ:
الانترنت والتكنولوجيات الحديثة،
الأسهم (والاقتصاد بشكل عام)،
الأدب الروائي والشعر وأدب السيرة،
دراسة مآلات تفكير النخبة العربية،
ولهذا فهو من الكتب التي لا يمكن لمن يقرأها أن ينساها أبدا.

إن لـ"ألف ميل في خطوة واحدة" طعم الكتاب الأول. فهذه المرة الأولى التي يقيّض لي، وأنا قارىء لكل انواع الكتب، أن أقرأ كتاباً فيه سيرة ذاتية شديدة الصراحة والثقة بالنفس، لأمير سعودي، وكذلك بيان نجاح لرجل أعمال عربي بهذه العقلية الحداثية، إضافة الى كونه ابن أبوين متميزين، وأب أطفال شديدي الحساسية والفرادة، وأخ شاعر معروف.

بل إنني لأجرؤ على القول ـ وأنا قارىء متحيّز سلفا كما أسلفت ـ ان للكتاب نكهة الكتاب الفريد مثل نكهة ألف ليلة وليلة لمراهق في الرابعة عشرة من العمر، وله سطوة ونفاذ بعض الكتب التي أثّرت فيّ كثيرا مثل "زوربا" كازنتزاكيس أو "1984" أورويل او "الحب في زمن الكوليرا" ماركيز.

أعدّد الآن كتبا حكائية او روائية لأن هذه هي الكتب الأولى التي أفغمت روحي برائحة لا يمكن أن أجد أكثر منها تلويعاً. نوع من الفلفل الخيالي الحرّيف الذي يلهب الذاكرة في كل مرّة تمرّ بمثل هذه التجربة.

الروعة في كتاب الأمير عبد الله بن مساعد هو أنه يستوفي هذه النقاط الأربع التي أشرت اليها، واذا كانت هذه النقاط هي أكثر ما يشغلني (حالياً) في حياتي كفرد، وفي قراءاتي كقارىء او ناقد، فإن الكتاب يفيض عن كل ذلك، ويعطي خيارات كبيرة لمروحة واسعة من القراء:

الكتاب يمكن ان يكون ذا تأثير كبير في النخب العربية الحاكمة، وأتخيل أثره لو قرأه حكام مثل بشار الأسد والملك محمد السادس. اعتقد ان وصول الكتاب الى هذه الفئة، او الفئة المقربة منها مهم جداً، وهناك أفكار استراتيجية كبيرة في الكتاب إضافة الى حماسه الشديد للتحديث في مجال تقنيات المعلومات، منها مثلا أفكاره عن ضرورة محاربة الاحتكار، وضرورة حماية الطبقة الوسطى، وأساليب تحديث البنى والنظم.
"المثقفون العرب" مصطلح عام وتشكيلة معقدة جداً، ولكنني اعتقد ان الكثير من المثقفين الشرفاء والعقلانيين سيرحبون كثيرا بأفكار هذا الكتاب، او انه سيحفزهم على مناقشته والسجال مع معطياته.
هناك عدد هائل من الناس، بعد أن فقدت الايديولوجيات أسسها ومعانيها في عالم اليوم، أصبح شاغلهم الرئيس هو المال والرزق، والكتاب سيكشف لهذه الفئة بطريقة واضحة وعقلانية بعض الطرق الذهبية في عالم اليوم الى المال.
المهتمون بالحداثة سيرون في هذا الكتاب بيانا للتقدم وشرحاً لكيفيات تغيير البنى القديمة التي تعرقل السير باتجاه التحديث وخصوصا في أسّه الرئيس: الاقتصاد.
هناك فئة من الناس (جلّها من الشباب) تفتّش عن حل يجمع بين الايمان والعلم، وهذا الكتاب يقدّم مثالا مهما لخلق معادلة توازن بين الاحساس بالهويّة والأصالة وبين التطلع الى عالم أفضل دون الاحساس بالضغينة والحقد على العالم المتقدم، فالكتاب يوضح بسهولة ان الأسلوب الوحيد لمجاراة هذا العالم المتقدم هو منافسته في ما نجح فيه.
التجار ورجال الأعمال سيستفيدون كثيرا من هذا الكتاب، سواء في ملاحظاته العميقة في التفاوض مع الشركات الاجنبية والمقاولين وضغط النفقات و"احترام" الأشياء المستهلكة والنفايات والتفكير في تدويرها، او في اهتماماته بالأسهم ودروسه (المدفوع ثمنها غاليا) لطرق التعامل معها، او في منهجيته العملية وأسلوبه في التعامل مع المصاعب(1).
أخيرا، لا آخرا، اعتقد ان هذا الكتاب سيكون مهماً للمهتمين بالسعودية وآل سعود، من العرب، من جهة، والمهتمين بالعرب من غير العرب، من جهة أخرى. الكارهون لآل سعود والسعودية والعرب، على سبيل المثال، سيفاجأون مفاجأة كبيرة، لأن القارىء سيكتشف ان الأمراء السعوديين يعانون مثل بقية عباد الله، وهم مثل غيرهم من المواطنين بحاجة للدراسة والجهد والكفاح الحقيقي لكي يثبتوا ذواتهم، وبالتالي فهم ليسوا مجموعة من المتبطّلين الغارقين في ملذاتهم، كما ان الكاتب، في دفاعه الشديد عن هذه العائلة، يفكّك القولبة الاعلامية Stereo Type السائدة عن الامراء وعن السعوديين بعامة من خلال تقديم خطاب عقلاني متماسك للدفاع عن العائلة المالكة، والحكم السعودي، في الآن ذاته الذي يقدّم فيه مقترحات جذرية لتطوير أنظمة هذا الحكم، وتحسينها لتحقق ازدهارا اكبر لمواطني المملكة ولسكانها من العرب والمسلمين والاجانب، كما يمكن ان تفتح أبواب هجرة تقنية وعلمية كبيرة لها، وتجعل منها مركزا أكبر للدعوة والثقافة الاسلامية.
على الرغم من ان هذا يعني ان لهذا الكتاب مقروئية عالية، وان لديه الميكانيزمات الداخلية لينتشر، فان تجربتي في مسائل الانتشار في العالم العربي تقول انه لا يجب أن يتم التعامل مع هذا الكتاب كباقي الكتب التي تعتمد في نجاحها وانتشارها على امكانياتها الذاتية فحسب، بل يجب اعتباره مشروعاً استثمارياً، ووضع خطة تسويقية له يتم فيها تحليل آليات توصيله ونشره بين كل فئة من هذه الفئات.

الأسهم هي السياسة
يقول الكاتب: "كما أن المعلومات هي الأسهم والأسهم هي المعلومات، الأسهم هي الاقتصاد والاقتصاد هو الأسهم"، ويمكننا أن نعقّب على ذلك بالقول: "كما أن الأسهم هي الاقتصاد، والاقتصاد هو الأسهم، الاقتصاد هو السياسة والسياسة هي الاقتصاد".

فرغم ابتعاد الكتاب عن التعاطي مع القضايا السياسية المباشرة فإن الباحثين عن السياسة (وكذلك الباحثين في السياسة) سيجدون أفكاراً شديدة الفاعلية والأهمية على المستوى السياسي العام والتفصيلي. فما يصح على الشفافية والمساءلة على المستويات الاقتصادية يمكن سحبه بسهولة واسقاطه على المستويات السياسية كافة.

في سرده لمساءلة مساهمي شركة "ديل" لمديرها مايكل ديل الذي توقع مبيعات بنسبة 04% ولم تكن النتيجة في نهاية العام الا 38%، واعتذار ديل للمساهمين، يعلّق الكاتب: "استحلف القراء بالله. لو وجّه هذا السؤال الى أي مدير او مسؤول في العالم العربي فماذا ستكون اجابته بعدما حقق لمساهميه ما حققه ديل؟"، وفي تعقيب على ذلك يقول انه لكي تنجح شركة ما "يجب ان يكون المساهمون على القدر نفسه من الذكاء والعمل والمتابعة وعدم المهاودة في المساءلة"، ويعتبر هذه المسألة (اي ذكاء ومتابعة المساهمين للمدراء والمسؤولين) هي سبب السيطرة الامريكية على الاقتصاد العالمي.

وهكذا فان الكتاب، وفي كل موضوعاته التي لا تبدو قريبة من السياسة أبدا (كتداول الأسهم، وادارة النوادي الرياضية الخ…) يلمس جذر السياسة الحقيقي، فلو استبدلنا المساهمين في الشركة بالمواطنين في الوطن يكون الكاتب قد قدم أساسا لفكرة المساءلة للمسؤولين، او بتعبير آخر للديمقراطية، مما يمكن أن يعتبره البعض، سواء الذين يجدون افكاره الاقتصادية مناسبة لهم او العكس، نقدا جذريا للمفهوم العملي للسياسة العربية. والكتاب، بهذا المعنى ـ تقصّد ذلك ام لم يتقصّد ـ هو كتاب في السياسة من الدرجة الأولى.

ان التعاطي مع قضية مثل منع الاحتكار هو تعاط مع قضية الغلبة والشوكة التي تستقوي بالتسلط السياسي وانعدام احترام المواطن، فالسماح لشخص أن يؤذي شخصاً في رزقه ويغلق مصنعه ويطرد عماله (لا لسبب إلا لأنه اكثر مالا منه، وأنه يريد ان يسيطر على السوق لنفسه) ليس الا انعكاساً في المرآة لمسؤول يعتدي على حقّ مواطن ويسجنه دون سبب إلا أنه قادر على ممارسة السلطة الغاشمة، وفرضها على الآخرين الذين لا يتفقون معه في الرأي، او يمنعونه من السيطرة. منع محتكر من اقفال مصنع منافس أصغر له، يوازي، بالطريقة نفسها، منع مسؤول من الاعتداء على مواطن دون حق، والمساحة التي توفّرها الدولة للمنافسة في الاقتصاد، هي المساحة التي يجب ان توفّرها في الآن نفسه للمواطنين لمنافسة بعضهم البعض سياسيا، وحتى منافسة الدولة نفسها في احتكارها للحقيقة.

هذا لا يعني ان الكاتب لا يتعرض للسياسة ابدا بشكل مباشر، لكنه يتناول منها ما يتعلق بتطوير الاقتصاد وتحديثه خصوصا، كما في رده القوي على الموظف الذي قال عن الطريقة التي طورتها الانترنت للاتصال بالخارج بأسعار مخفضة ان ذلك "خطر على الأمن القومي".

كما أن في الكتاب ما يمكن ان يبدو احيانا رسائل مباشرة الى أشخاص بعينهم او مواقف خاطئة دون تسمية الأشخاص، كأن يقول "لا يمكن بعد الحديث عن ارتفاع مستوى التعليم بين السعوديين وارتفاع مستوى الثقافة بين السعوديين وارتفاع مستوى الوعي بين السعوديين ان يخاطبنا أي موظف الا بمستوى الذكاء الذي وهبه الله لنا".

المخاطرة جزء من النجاة
من قناعاتي التي كونتها كقارىء ان من مميزات الكتب العظيمة انها عادة تحمل رؤية أساسية تدافع عنها بحماس فانها مع ذلك تحمل رؤى أخرى داخلها، بحيث تسمح للأفكار أن تتنفّس وان تجد لها أبواباً للتعبير، وذلك، إضافة لكون من كتبها انسان حقيقي من لحم ودم، هي تعبير عن غنى الواقع الانساني، وقدرة الكاتب على التعبير عن هذا الغنى وهذا التعقيد.

في تعليق لغابرييل غارسيا ماركيز على العشرات الذين ساعدوه في تحرير كتابه "الجنرال في متاهته" أنه أسف لأنهم صححوا بعض الأخطاء التاريخية في الكتاب، التي تجعل بطله سيمون بوليفار ـ مثلا ـ يوجد في بلدين مختلفين في الآن نفسه. "الف ميل في خطوة واحدة" هو من هذه الكتب، واحترام وجهات النظر المختلفة تعبير عن غنى الأرض التي حرث فيها الكاتب واتساع نفسه وأهليته لاستيعاب الجدل بين الظاهر والباطن والشكل والجوهر.

من ذلك مثلا موقف الكتاب الفلسفي من مسألة متى يقرّر او لا يقرّر، المرء او رجل الاعمال، ركوب المخاطر، الذي ذكّرني باحدى اقوال النفّري: "في المخاطرة جزء من النجاة"، ويوضح الكاتب ذلك بمثال عن اشارة المرور عند الجسر القريب من منزله، فهو يقطع الاشارة حمراء احيانا عندما لا يرى احدا خلفه لكي لا يقلده ولا يقطعها الا خضراء احيانا حتى لو لم يكن احد خلفه، يلخص الكاتب موقفه بالقول: "أرى الدنيا احيانا مثل اشارة المرور عند الجسر. يجب ان تكون مستعدا لقطعها حمراء احيانا وخضراء احيانا أخرى".

مثال آخر يعبر عن هذه المسألة أيضا يظهر في تبشير الأمير الحماسي بالاستفادة من الخبرات الامريكية، على اكثر من صعيد، وقد تم الشرح باستفاضة في هذا الكتاب للكثير من حسنات النظم الامريكية، خصوصا في الحقلين الاقتصادي، والرياضي. غير ان القراءة الموضوعية للكتاب ستلاحظ ان هذا الحماس لتبييء الأمركة، ليس من النوع الانفعالي والآني، والذي يذوّب الهويّة الحقيقية (الاسلامية والعربية) للكاتب لصالح هوّية مختلقة وزائفة، وان الهدف منه ليس، في النهاية، الا خدمة ما يعزز الهويّة ويدافع عن الوطنية الحقة.

رواية الاقتصاد؟
احدى الأسباب التي تجعل هذا الكتاب شديد التأثير والفاعلية هو هذه القدرة على خلق معادلة متوازنة بين المواضيع التي تطرح والأسلوب الذي يستخدم لطرحها، فالكتاب مقسم الى فصول والفصول مقسمة لأجزاء معنونة تشرح النصّ وتشدّ القارىء. كما أن الفصول لا تتضمن فقرات طويلة، والجملة فيه واضحة وقليلا جدا ما تستخدم الفواصل بل تنتهي بنقطة لتبدأ جملة اخرى.

يستخدم الكاتب اسلوب السجال المنطقي الهادىء، حيث تتدرج الفكرة بسلاسة الى ان تصل الى المعنى المطلوب شرحه او التأكيد عليه. يضاف الى ذلك استخدام أسلوب الأمثلة والصور الواقعية بحيث تكتسي الأفكار لحما ودما، واستخدام الأرقام والتشبيهات (كرة البلياردو البيضاء مثلا).

هناك حرفية عالية في قفلات الفصول، وكذلك في الربط بين تفاصيل الكتاب بشكل مشوّق ومثير، كما في قوله مثلا في الصفحة 52 من الكتاب: "لولا هذا التوفيق لكنت أروي هنا قصة فشلي وسأشرح في مكان آخر من هذا الكتاب لماذا"، او قوله: "أهم حقيقة تعلمتها من الأسهم، خصوصا أسهم شركات تقنية المعلومات، سأكشفها في الفصل الأخير من هذا الكتاب" (145)، بحيث يستفيد الكتاب من التقنيات الروائية، بل ان اسلوبه احيانا يشبه الحبكة البوليسية المثيرة. الى حد انه من السهل جدا على القارىء احيانا ان ينسى انه يقرأ كتابا في الاقتصاد او السيرة الذاتية ليظن نفسه قارئا لرواية شديدة الامتاع والاثارة، ولعلّ بعض الباحثين عن قضايا جديدة للكتابة عنها من الروائيين سيجدون في هذا الكتاب امكانيات روائية عالية.

كل ذلك يجتمع مع كون ان الكتاب ليس دعويا خطابيا بل محصلة تجارب وتعب وهزائم وارباح، ففيه عصارة الدم والفكر البشري الذي يحسّ القارىء، العربي والمسلم خصوصا، بهويته فيه وبانتسابه اليه.

الكاتب على بحر الصين
رغم هذا الحجم الكبير للكتاب، والعدد الهائل من الأفكار التي يطرحها(4) فإنني ظللت أحس أن هناك شغورا هائلا في مكان ما. فهذا الكتاب يضع أصابعه على كل الرموز الموجودة على لوحة المفاتيح لكنه يضغط خزّانا احتياطيا (Back-up) هائلا وراءه.

تتطور مواضيع الكتاب من الذكريات الطفولية عن بيروت ومغادرتها، الاحساس بالغربة، التأقلم، كرة القدم (والسلة)، المدرسة والشلل والمرح والاحساس الطفولي بأهمية مركز النبالة (قصة عبد العزيز بن خالد)، الولع بالقراءة والانتساب للجامعة (ووضع الاصبع على بعض جذور المشاكل البيروقراطية والعقلية الدكتاتورية: "ارهاب" الدكتور عبد رب النبي)، العمل في الجامعة والاحساس بالحلقة المفرغة للعمل الوظيفي، بدء مشروع مصنع الورق، التعامل بالأسهم، الخسائر الكبيرة التي تلاها تعلم الدروس الكبيرة لسوق الأسهم (الابتعاد عن مخاطر الحدس باتجاه العمل الدؤوب للمعرفة)، اكتشاف الأهمية الهائلة للانترنت واقتصاد المعرفة، انفتاح الطرق امام تملّك الكاتب لحياته، الخطط التي يطرحها لتحديث الاقتصاد، والرياضة، والنظام الضريبي والسعودة… إضافة الى سرده الخاص لمأساة وفاة أخيه الأمير خالد، ثم عمه الملك فيصل، فأخيه الثاني فيصل؛ هذه المواضيع كلها التي يمكن ان تعتبر سيرة حياة كاملة، ظلّت تداورني وتدعوني للاحساس بأن هناك طاقة هائلة ليس هذا الكتاب إلا… (سأتجرأ على القول) حلولا محلّها واحتلالا لهوائها وازاحة هائلة لها.

من أين جاءني هذا الاحساس؟
يصف الكاتب كتابه بالنفي فهو "ليس ورقة عمل للاقتصاد السعودي في القرن الحادي والعشرين وليس سيرة ذاتية". صحيح ان الكتاب ليس هذا ولا ذاك فما هو إذن؟

اذا كان الحاضر بالفعل في الكتاب يخفي كمونا بالقوة، كما يقولون في الفلسفة، فهل يمكن حلّ هذه المسألة بالقول ان في إهاب عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز شخصية أخرى كبيرة، كأن يكون سياسيا كبيرا لم يتوفّر له هذا الدور فاستثمر قدرته في الاقتصاد؟ أو ان يكون محاربا لم توفر له الظروف ان يجتاز الألب ليحتل روما (مثل هنيبعل)، او يجتاز القسطنطينية ليصل الى فيينا (مثل محمد الفاتح)، ام هو فحسب روائي مكبوت دفعته للخلف الرغبة الهائلة في النجاح في دنيا الأعمال؟، أم أن الرغبة في دور لاعب مهم في حلبة الاقتصاد كافية لاشباع هذه الطاقة الظامئة للمجد؟: أغلب ظني الحالي أن لا، وان هذه الطاقة المزاحة التي أخذت فاعليتها في عالم الاقتصاد والأعمال هي ذات كبيرة لعربيّ مشبع بعظمة المثال المحمّدي للفتح، والمثال الرائع للتجار المسلمين الذين فتحوا ماليزيا واندونيسيا والهند والصين وافريقيا. غير ان مجاهل الأمير الكاتب الآسيوية والافريقية ودار حربه صارت الآن اقتصاد المعرفة والانترنت والأسهم. والفاتح العربي المسلم، الذي هو ابن عائلة مُلك وجبروت (وابن ألم وتراجيديا عائلية فظيعة في الآن نفسه) ما زال يقبض على جمرة الإمام عليّ مفتخرا بهويته دون عقدة نقص وبنبالته دون مركّب غطرسة، وأسلوبه لفتح العالم كومبيوتر وجرائد ومحطات تلفزيون واحصاءات وكتب، لكن القارىء للكتاب يستطيع ان يحدس بسهولة ان هذا العالم كله الذي فتحه، ليس كافياً ولا هو بمقدار الجذوة الظامئة للتغيير التي تعتمل في حناياه.

بعد ان انتهيت من قراءة "الف ميل في خطوة واحدة" تذكرت احدى الروايات التي تقول انه عندما وصل الاسكندر الكبير الى بحر الصين وقف على شاطىء هذا البحر المترامي وحوله قواده ومنجموه ومستشاروه الذين أنهكتهم حروبه. سألهم: أين وجهتنا المقبلة؟ فردوا: هذه نهاية العالم، سيدي. فقال: أعطوني عوالم أغزوها.

هذه الرغبة المستمرة في الاستكشاف والتعلم والمغامرة وفتح طرق جديدة هي نقاط علاّم كتاب عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز الفريد هذا. لنسمع رغبة الاسكندر تلك بعد وصوله بحر الصين ولنقرأ تفاصيل الرحلة التي قطعها عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز ثم لنعد الى بداية كتابه وهو يقول: "امامي من العمل والجهد والتعلم ومراكمة الخبرة اكثر بكثير مما ورائي. احيانا اعتقد انني لم أبدأ بعد، لا أزال في طريق رحلة الألف ميل".

mi223
27-08-15, 09:41 PM
الله يعطيك العافيه ,,