المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى يستحق اى منا لقب ..المربى الناجح...!!!


شرواكو
31-03-13, 12:05 PM
صفات المربي الناجح

مربي لا يتبع هواه:


إن المربي الناجح لا يأخذ قراره بهواه.. ولا بما تمليه عليه نفسه، بل هو يعيش لإرضاء الله تعالى وابتغاء جنته، وهو بالتالي لا يأخذ قراره التربوي بناءً على هواه، بل بناءً على ما يُرضي الله تعالى، وهذه علامة صلاحه وتقواه وقوة علاقته بالله.
ولكي يقترب المعنى لديك أقدم إليك موقفين مختلفين لوالدٍ واحد، ولكنه لم يحسن اتباع الحق واتبع في تربيته لأبنائه هواه.
الموقف الأول: في البيت:
دخل الأستاذ أحمد البيت فرحًا مسرورًا يحمل في يديه علبًا من الحلوى لأولاده وزوجته؛ إذ كان هذا اليوم في عمله بمثابة انطلاقة كبيرة في مرتبته الوظيفية، حيث حصل الأستاذ أحمد على ترقية من مدير حسابات إلى رئيس قسم الحسابات في الشركة التي يعمل بها.
وفور دخوله من باب البيت سمع صوت ابنه الصغير، وهو يصرخ في وجه أمه ويشيح لها بيده في غضب، أهمل الأستاذ أحمد هذا المشهد وكأنه مشهد طبيعي؛ ذلك لأن خبر الترقية جعله يغرق في بحر سروره، ونادى زوجته بسرور وقال لها، زوجتي الحبيبة عندي لك مفاجأة، فنسيت هذه الزوجة أيضًا ما كان يفعله الولد، وأسرعت إلى زوجها بلهفة واستفهام، وهي تلتقط من يديه علب الحلوى، تريد أن تعرف ما هذه المفاجأة.
أخبرها الأستاذ أحمد بعد قليل من التشويق أنه خبر الترقية، ثم جلست الأسرة على مائدة السفرة لتتناول الحلوى احتفالًا بهذه المناسبة السعيدة.
الموقف الثاني: بعد رحلة الكفاح:
عاد الأستاذ أحمد من عمله الشاق في وقت متأخر من الليل، حيث إن هذه الترقية كانت على حساب صحته ووقت نومه، رجع مهمومًا مكدودًا؛ حيث إن الوقت لم يسعفه في إنهاء العمل المطلوب منه، والذي كان لابد من تسليمه في اليوم التالي مباشرة لمديره في العمل، وفي ظل هذا الألم وهذا الحزن أراد الأستاذ أحمد أن ينام بعض الوقت ليستطيع أن يكمل مسيرة الكفاح في الصباح.
ولكن كان ابنه أيمن يلعب بصوت عالٍ مع إخوته الصغار في الغرفة المجاورة لغرفته، احتفالًا بإجازة نصف العام، ولكن الأستاذ أحمد كان في قمة تعبه فلم يستطع أن يتحمل هذا الصخب، وقام مسرعًا من فراشه وعمد إلى العصا الخشبية التي كانت تحت سريره، وأسرع إلى غرفة أيمن وإخوته ودفع الباب بقسوة وهو يصرخ: ما هذا الصوت المزعج؟! أريد أن أنام، وانهال عليهم بالعصا حتى كسرها على أبدانهم، وانطلق إلى غرفة نومه لينام، وترك أبناءه خلفه يقاسون ألوان الحزن والألم.
عزيزي المربي، لا تكن مزاجيًّا؛ لأن المربي الناجح ليس مزاجيًّا بل إنه يحسب لقراره ألف حساب، ويختار أسلوبه التربوي بعناية وهدوء، مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال.
إن من أكبر المشاكل التي تواجه المربين في تربية أبنائهم أن يكون المربي مزاجيًّا أو هوائيًّا، أي مزاجه الذي يحكم لا الصواب، عاطفته التي تسيطر لا عقله الحكيم.
ففي المثال السابق في قصة الأستاذ أحمد، في المرة الأولى سكت في مقام الكلام، وفي المرة الثانية تكلم بل ضرب في مقام السكوت، والسبب في ذلك كله يرجع إلى المزاج أو الهوى، أو بتعبير أدق الحالة المزاجية.
ففي المرة الأولى كان لابد أن يقف وقفة مع ابنه الذي رفع صوته على أمه وأشاح لها بيده، بغض النظر عن حالته المزاجية من أنه كان مسرورًا بالترقية أم لا، فالعقل يقول: إنه كان لابد له من وقفة مع ابنه، والعاطفة أو المزاج تُملي عليه غير ذلك؛ حتى لا تُعكِّر هذه اللحظة السعيدة والمفاجأة السارة، والحقيقة أن تمرير الخطأ يُكلِّف الكثير.
وفي المرة الثانية كان الموقف لا يستحق كل هذا التصرف الغاضب من صراخ وضرب بالعصا، وإنما كان يكفي أن يُكلِّم طفله بهدوء، ويقول له: مبروك عليك الإجازة، ولكن الرجاء الهدوء إني مُتعَب، ولكن المزاج في هذه اللحظة كان يُملِي على الأستاذ أحمد أوامره، ويجعله يتصرف كالمجنون الذي لا يدري ما يفعل.
عزيزي المربي، إن أردت أن تكون مربيًّا ناجحًا حقًّا، فلابد أن تلجم العاطفة بلجام العقل، وأن تكون هادئًا في محل الهدوء، وأن تكون غاضبًا في محل الغضب، لابد أن تعاقب في محل العقاب، ولابد أيضًا أن تثيب في محل الإثابة، لابد أن تتصرف وفق مراد الله ووفق الصواب لا وفق مزاجك أو هواك، إنها رسالة إلى كل المربين، بل هي رسالة إلى كل المسلمين: لا تكن مزاجيًّا، لا تكن هوائيًّا.
وإذا كنت مربي لا يتبع هواه ستكون قدوة لولدك في أقوالك وأفعالك لأنك تفعل ما فيه الصواب، وستكون النتيجة أن تغرس القيم الجميلة في ولدك (فإن رؤيتك للطيبة والممارسات الطيبة الدمثة من خلال الأعمال والأفعال اليومية، وتركيزك على مدى كيفية تأثير هذا السلوك الطيب على نفسك وإشعارك بالسعادة؛ سوف يجعل ابنك أكثر ميلًا إلى الاقتداء بك، وكما يقول المثل القديم: إن الطفل يتعلم مما يعايشه، فإنها بالفعل مقولة صادقة إلى حد كبير)[لا تعاملني بهذا الأسلوب، د.ميشيلي بوربا،ص(142-143)].

مربي لا ينسى الهدف:

إنه يعرف الهدف ولا ينساه أبدًا، الهدف من ماذا؟
الهدف من تربية أبنائه، الهدف من تعنيفهم في موقف التعنيف، وإثابتهم في موقف الإثابة، وتعليمهم في مقام التعليم وترفيههم في مقام الترفيه، والرحمة بهم في مقام الرحمة، والعطف عليهم في مقام العطف، والشفقة بهم في مقام الشفقة، والحزم معهم في مقام الحزم، وامتثال القدوة لهم في كل شيء.
إن المربي لابد أن يكون عالمًا بالهدف عارفًا له ساعيًا إليه، مستحضرًا النية في كل خطوة من خطواته التربوية، وفي كل توجيه من توجيهاته، وفي كل فعل من أفعاله.
وإن أردت أن أُقرِّب لك المعنى عزيزي المربي، تعال نتساءل سويًّا هذا السؤال، وتعال نتأمل ما هي ردود الآباء وإجاباتهم عليه.
لماذا أُربِّي طفلي؟
قد يتعجب البعض من هذا السؤال ويظن أننا نسخر منه، وسيجيب الجميع: بالطبع نربي أبناءنا ليكونوا صالحين، فنلقى الله تعالى بهذا العمل فيدخلنا الجنة به إن شاء الله تعالى، هل نربي أطفالنا من أجل الآتي:
1. لأن أبناء فلان الفلاني لابد أن يكونوا أبناءً مؤدبين.
2. منظري أمام الآخرين.
3. كي أجد من يعينني على الحياة ويكون عونًا لي في الدنيا.
4. كي أتفاخر بأبنائي أمام الآخرين.
5. كي يصبحوا من أصحاب المكانة في المجتمع.
وهكذا تتغير النيات مع تغير المواقف وفي ظل المعترك التربوي.
ما هو الشعور الذي يسيطر عليك وأنت تتخذ القرار التربوي،
ولأُقرِّب المعنى أكثر من ذلك، تعال معي نأخذ مثالًا واقعيًّا.
الطفل الآن يحب أن تشتري له ثوبًا جديدًا، والطفل لديه أثواب كثيرة جديدة، هو إذًا لا يحتاج إلى هذا الثوب، وإنما يريد أن يشتريه ليكون مثل فلان أو فلان.
الأمر التربوي في هذا الموقف: لا تُدلِّل طفلك.
ما تميل إليه النفس وينجذب إليه الطبع: لابد أن أُحضِر لطفلي كل ما يتمنى، لا أحب أن أحرم طفلي من شيء.
من الذي سيحكم هذا النزاع؟ إنها النية الصالحة.
ذلك لأن تدليل الطفل يفسد ولايصلح، ولا يُخرِج أطفالًا صالحين، بل يعد معوقًا أمام الصلاح وتربية الطفل على الجدية والتحمل.
وفي موقف آخر: الطفل أخطأ.
الأمر التربوي هنا: العقوبة.
ما تميل إليه النفس وينجذب إليه الطبع: نسامحه هذه المرة ولن يعود.
مع أنه أخطأ للمرة العاشرة، من الذي سيحكم هنا؟ إنها النية الصالحة.
موقف أخير: الطفل يحتاج إلى الترفيه واللعب، ولابد للأب أن يُوفِّر جزءًا من وقته لذلك، هذا هو الأمر التربوي.
ولكن ما تميل إليه النفس: لديَّ الكثير من العمل، ليس عندي وقت.
من الذي سيحكم هنا؟ إنها النية الصالحة.
إن استحضار هذه النية الصالحة في تربية الأولاد من أهم مقومات صلاح المربي، وهي كذلك من أهم أسباب نجاح العملية التربوية.
(ولاشك أن كلًّا والدين يحبان النجاح والسعادة لأبنائهما في حياتهم، ولاشك أيضًا أن كلًّا والدين مسلمين مخلصين يحبان أن يريا أنفسهما وأبناءهما في الجنة إن شاء الله، حيث لا فائدة من النجاح في الدنيا مع خسران الآخرة، وإن التربية الإسلامية الصحيحة هي التي تضمن الحصول على الهدفين معًا، السعادة في الدنيا والجنة في الآخرة بإذن الله تعالى.
إذًا فالهدف الحقيقي من العملية التربوية هو تربية الأطفال على مباديء واضحة، وبطرق معينة تعينهم على الصلاح والسعادة في هذه الدنيا والآخرة.
هاتان الخصلتان والهدفان (الصلاح والسعادة) يجب أن يكونا نصب أعين الوالدين، وألا يغيبا عن ذهنهما خلال المراحل المختلفة للعملية التربوية، ولا يمكن فصلهما في أية مرحلة من مراحل نمو الطفل.
فإن صلاح الطفل وصلاح الإنسان عمومًا هو السبب في سعادته المستمرة التي لا تنقطع، وفي نفس الوقت فسعادة الإنسان يجب أن تكون انعكاسًا طبيعيًّا لصلاحه الناتج عن مدى فهمه لهذا الدين الحنيف وأحكامه وشرائعه، وهذا هو الضمان الوحيد للحياة الطيبة وللراحة النفسية التي تملأ على الإنسان كل جوانبه، فيحيا مطمئنًا اطمئنان العقل وراحة البال، واطمئنان الروح وسلامة الجسد)[أولادنا

__._,_.___