المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قــــــــــــصـــــــــه قــــــصـــيــــره


الحلم الجميل (فتون
22-11-05, 02:25 PM
ياااه كان يوما مرهقا .. قالتها أم عبد الرحمن وهى تلقى بجسدها على أقرب مقعد فى انهاك واضح .. فهى لم تحصل على قسط من الراحة منذ الصباح الباكر .. فقد كانت تعد لاحدى الولائم لعدد كبير من الضيوف وقد كان يومها مزدحما تماما .. نظرت إلى عقارب الساعة التى أشارت إلى الحادية عشر مساء .. وما كاد جفنيها المتثاقلان ينطبقان طلبا للراحة حتى انتفضت فجأة كأنها تذكرت شيئا ما .. ثم توجهت مباشرة إلى احدى الغرف وفتحت بابها ببطء وما ان دلفت إلى الحجرة حتى ابتسمت بحنان لوجه ولدها الصغير عبد الرحمن الذى كان فى سبات عميق .. أمسكت بكفه الصغيرة تقبلها لقد انشغلت عنه تماما اليوم .. حتى انها لم تستذكر معه دروسه كعادتهما عند عودته من المدرسة .. نظرت فى أرجاء غرفته حتى وقعت عيناها على حقيبته المدرسية .. جذبت جسدها المرهق إلى مكتبه الصغير وفتحت حقيبته وجلست تتفقد واجباته المدرسية .. ابتسمت حين وجدت أنه قام بعمل واجباته على أكمل وجه .. لم تجد فيها خطأ واحدا .. والخط منظم وجميل .. رمقته بنظره حانية وهى تعيد ترتيب كراساته فى حقيبته وهى تفكر .. انك لم تعد بحاجة لمساعدتى يا ولدى انك مجتهد ومتفوق والجميع يشيدون بك و ... انقطعت أفكارها فجأة وتجمدت يداها على حقيبته المدرسية ثم مدت يد مرتعشة داخل حقيبته لتمسك بقلم لامع جديد .. انه ليس قلمه .. يا إلهى من أين أتى بهذا القلم ؟؟......هل من الممكن أن ... ؟ هزت رأسها بشدة اتنفض عنها تلك الأفكار فهى تعرف ولدها جيدا .. لايمكن أن تمتد يده لأغراض غيره .. لا لا مستحيل .. أعادت أغراضه مرة أخرى فى حقيبته وأغلقتها .. ثم جلست على طرف فراشه تتأمله وهى تقول .. من أين أتيت بهذا القلم يا عبد الرحمن .. أخبرنى يا ولدى ؟ انسابت دمعة ساخنة على وجنتها مسحتها بأطراف أصابعها قبل أن تنسحب إلى حجرتها فى صمت حزين ..

لم يغمض لأم عبد الرحمن جفن طوال الليل كانت تتقلب فى فراشها تنتظر الغد بفارغ الصبر تلفها الأفكار والظنون من كل جانب فتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. فقد أحسنت تربية ولدها وأنشأته على قيم الإسلام لقد كانت تحكى له منذ أن كان فى الثانية من عمره حكايات عن الفضائل مثل الصدق والأمانة وحب الخير للناس جميعا فكيف .. كيف تظن به الظنون .. أتراه لم يفهم .. لم يستوعب عقل طفل السابعة هذا ... ولكن .. يا الله ارحمنى مما انا فيه ..

ارتفع آذان الفجر يشق السماء .. وبعد أن أدت الصلاة جلست تدعو وتدعو حتى انصرفت عنها ظنونها ومر الوقت دون أن تشعر .. نظرت إلى الساعة .. يااه انها لم توقظ عبد الرحمن .. قامت مسرعة إلى حجرته .. وما ان دخلتها حتى وجدته ينتهى من إرتداء ملابسه وبادرها قائلا صباح الخير يا أمى .. سألته أمه .. هل استيقظت وحدك؟ ..أجابها .. لا لقد ضبطت المنبه ليلة أمس .. فلم أشأ أن أزعجك يا أمى ..لقد تعبتى كثيرا بالأمس وتحتاجين للراحة .. نظرت له أمه وكأنها تريد النفاذ إلى أعماقه ثم قالت .. يبدو أنك بالفعل لم تعد بحاجة إلى .. نظر له عبد الرحمن مندهشا ثم قال .. لم تقولين ذلك يا أمى .. أنا لا يمكننى الإستغناء عنك أبدا .. نظرت له أمه قليلا ثم اتجهت إلى حقيبته وفتحتها وأخرجت كراساته وقلبتها بين يديها وهى تقول .. لقد راجعت واجباتك بالأمس كلها صحيحة .. ومكتوبة بخط جميل .. وقامت بإخراج باقى أدواته بشكل يبدو عفوى حتى أخرجت القلم الغريب منها ووضعته أمام عينيه فى صمت ..

نقل عبد الرحمن نظره بينها وبين القلم ولم يكن ينقصه الذكاء لمعرفة أن والدته تنظر بشك إلى القلم .. فضحك عبد الرحمن طويلا بطريقة أدهشت أمه التى عقدت جبينها قائلة ..ما الذى يضحكك؟ .. أجابها عبد الرحمن يبدو يا أمى أنك كنت متعبة بالأمس حتى أنك لم تراجعى كراستى جيدا .. ثم أمسك بكراسته وفتحها وقربها من وجه أمه .. التى قرأت فيها أن المعلمة سعيدة بتفوق عبد الرحمن وأنه حصل على أعلى درجة فى فصله وحصل على قلم هدية لتفوقه .. احمر وجه أمه خجلا انها بالفعل لم تلحظ ذلك بالأمس .. غالبت خجلها وسألته .. إذن أين قلمك الذى اشتريته لك ؟ أجابها قائلا .. أعطيته لصديقى محمد .. فقد ضاع قلمه ولم يعد لديه ما يكتب به .. صمت عبد الرحمن قليلا ثم قال .. أرجو يا أمى ألا تغضبى منى لأنى أعطيته القلم ولكنى لا أستطيع أن يكون لى قلمين وصديقى ليس له واحدا ..أليس كذلك يا أمى .. ألم تعلمينى ذلك ؟

جلست أمه على ركبتيها وهى تضمه لصدرها والدموع تغرقها وهى تقول له .. سامحنى يا صغيرى ..لقد أسأت الظن بك .. لقد .. ثم اجهشت بالبكاء .. نظر لها عبد الرحمن ثم مسح دموعها بيديه الصغيرتين وهو يقول اطمئنى يا أمى .. فأنا أعرف أن الله يغضب من الذين يأخذون ما ليس حقهم .. وأنا لن أغضب الله منى من أجل قلم ولا من أجل أى شىء آخر ..أطمئنى.

احتضنته أمه وهى تقبله قائلة .. بارك الله فيك يا ولدى .. أجابها عبد الرحمن .. لقد وصلت حافلة المدرسة يا أمى .. على الذهاب الآن .. السلام عليك ورحمة الله .. أخذ حقيبته وجرى .. تابعته والدته من الشرفة حتى اختفت الحافلة عن عينيها .. ثم رفعت وجهها للسماء تستغفر الله عن ظنها .. وتحمده على ان منحها ولدا صالحا بارا ..ثم ذهبت إلى حجرتها واستسلمت لنوم عميق جدا ...

سكري
22-11-05, 05:52 PM
العزيزه فتون
قصة جداً رائعه
وهي تعالج مشكله بهذا الاسلوب الشيق
والله ابداع
نعم ينقصنا التمعن وتريث قبل كيل التهم للغير حتى لو كان الابناء والاخوان
نعم يجب ان لا نستعجل ونعيد مراراً وتركراً
اي موقف قبل ان تفكر بالاتجاه الاخر الذي هو اتجاه عكسي احسن النيه وان تراجع الامور من كل صوب لعلك تجد مخرج للشخص الذي تكاد ان تشك فيه
بعض الامرو لا تتحمل الاحتمالات بل هناك من هو حساس اكثر من الازم
والانسان بطبعه حساس ورقيق وهنا يجب ان ناخذ الامور كلها بمنتها البساطه
وان يكون حسن الظن طاغي على الظن السيء
اختي فتون
لله درك والله قصه روعه
تستاهل المتابعه
تسجيل حضور وجمهور ومتابعه
اخوك سكري

حسن خليل
24-11-05, 01:29 PM
ياااه كان يوما مرهقا .. قالتها أم عبد الرحمن وهى تلقى بجسدها على أقرب مقعد فى انهاك واضح .. فهى لم تحصل على قسط من الراحة منذ الصباح الباكر .. فقد كانت تعد لاحدى الولائم لعدد كبير من الضيوف وقد كان يومها مزدحما تماما .. نظرت إلى عقارب الساعة التى أشارت إلى الحادية عشر مساء .. وما كاد جفنيها المتثاقلان ينطبقان طلبا للراحة حتى انتفضت فجأة كأنها تذكرت شيئا ما .. ثم توجهت مباشرة إلى احدى الغرف وفتحت بابها ببطء وما ان دلفت إلى الحجرة حتى ابتسمت بحنان لوجه ولدها الصغير عبد الرحمن الذى كان فى سبات عميق .. أمسكت بكفه الصغيرة تقبلها لقد انشغلت عنه تماما اليوم .. حتى انها لم تستذكر معه دروسه كعادتهما عند عودته من المدرسة .. نظرت فى أرجاء غرفته حتى وقعت عيناها على حقيبته المدرسية .. جذبت جسدها المرهق إلى مكتبه الصغير وفتحت حقيبته وجلست تتفقد واجباته المدرسية .. ابتسمت حين وجدت أنه قام بعمل واجباته على أكمل وجه .. لم تجد فيها خطأ واحدا .. والخط منظم وجميل .. رمقته بنظره حانية وهى تعيد ترتيب كراساته فى حقيبته وهى تفكر .. انك لم تعد بحاجة لمساعدتى يا ولدى انك مجتهد ومتفوق والجميع يشيدون بك و ... انقطعت أفكارها فجأة وتجمدت يداها على حقيبته المدرسية ثم مدت يد مرتعشة داخل حقيبته لتمسك بقلم لامع جديد .. انه ليس قلمه .. يا إلهى من أين أتى بهذا القلم ؟؟......هل من الممكن أن ... ؟ هزت رأسها بشدة اتنفض عنها تلك الأفكار فهى تعرف ولدها جيدا .. لايمكن أن تمتد يده لأغراض غيره .. لا لا مستحيل .. أعادت أغراضه مرة أخرى فى حقيبته وأغلقتها .. ثم جلست على طرف فراشه تتأمله وهى تقول .. من أين أتيت بهذا القلم يا عبد الرحمن .. أخبرنى يا ولدى ؟ انسابت دمعة ساخنة على وجنتها مسحتها بأطراف أصابعها قبل أن تنسحب إلى حجرتها فى صمت حزين ..

لم يغمض لأم عبد الرحمن جفن طوال الليل كانت تتقلب فى فراشها تنتظر الغد بفارغ الصبر تلفها الأفكار والظنون من كل جانب فتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. فقد أحسنت تربية ولدها وأنشأته على قيم الإسلام لقد كانت تحكى له منذ أن كان فى الثانية من عمره حكايات عن الفضائل مثل الصدق والأمانة وحب الخير للناس جميعا فكيف .. كيف تظن به الظنون .. أتراه لم يفهم .. لم يستوعب عقل طفل السابعة هذا ... ولكن .. يا الله ارحمنى مما انا فيه ..

ارتفع آذان الفجر يشق السماء .. وبعد أن أدت الصلاة جلست تدعو وتدعو حتى انصرفت عنها ظنونها ومر الوقت دون أن تشعر .. نظرت إلى الساعة .. يااه انها لم توقظ عبد الرحمن .. قامت مسرعة إلى حجرته .. وما ان دخلتها حتى وجدته ينتهى من إرتداء ملابسه وبادرها قائلا صباح الخير يا أمى .. سألته أمه .. هل استيقظت وحدك؟ ..أجابها .. لا لقد ضبطت المنبه ليلة أمس .. فلم أشأ أن أزعجك يا أمى ..لقد تعبتى كثيرا بالأمس وتحتاجين للراحة .. نظرت له أمه وكأنها تريد النفاذ إلى أعماقه ثم قالت .. يبدو أنك بالفعل لم تعد بحاجة إلى .. نظر له عبد الرحمن مندهشا ثم قال .. لم تقولين ذلك يا أمى .. أنا لا يمكننى الإستغناء عنك أبدا .. نظرت له أمه قليلا ثم اتجهت إلى حقيبته وفتحتها وأخرجت كراساته وقلبتها بين يديها وهى تقول .. لقد راجعت واجباتك بالأمس كلها صحيحة .. ومكتوبة بخط جميل .. وقامت بإخراج باقى أدواته بشكل يبدو عفوى حتى أخرجت القلم الغريب منها ووضعته أمام عينيه فى صمت ..

نقل عبد الرحمن نظره بينها وبين القلم ولم يكن ينقصه الذكاء لمعرفة أن والدته تنظر بشك إلى القلم .. فضحك عبد الرحمن طويلا بطريقة أدهشت أمه التى عقدت جبينها قائلة ..ما الذى يضحكك؟ .. أجابها عبد الرحمن يبدو يا أمى أنك كنت متعبة بالأمس حتى أنك لم تراجعى كراستى جيدا .. ثم أمسك بكراسته وفتحها وقربها من وجه أمه .. التى قرأت فيها أن المعلمة سعيدة بتفوق عبد الرحمن وأنه حصل على أعلى درجة فى فصله وحصل على قلم هدية لتفوقه .. احمر وجه أمه خجلا انها بالفعل لم تلحظ ذلك بالأمس .. غالبت خجلها وسألته .. إذن أين قلمك الذى اشتريته لك ؟ أجابها قائلا .. أعطيته لصديقى محمد .. فقد ضاع قلمه ولم يعد لديه ما يكتب به .. صمت عبد الرحمن قليلا ثم قال .. أرجو يا أمى ألا تغضبى منى لأنى أعطيته القلم ولكنى لا أستطيع أن يكون لى قلمين وصديقى ليس له واحدا ..أليس كذلك يا أمى .. ألم تعلمينى ذلك ؟

جلست أمه على ركبتيها وهى تضمه لصدرها والدموع تغرقها وهى تقول له .. سامحنى يا صغيرى ..لقد أسأت الظن بك .. لقد .. ثم اجهشت بالبكاء .. نظر لها عبد الرحمن ثم مسح دموعها بيديه الصغيرتين وهو يقول اطمئنى يا أمى .. فأنا أعرف أن الله يغضب من الذين يأخذون ما ليس حقهم .. وأنا لن أغضب الله منى من أجل قلم ولا من أجل أى شىء آخر ..أطمئنى.

احتضنته أمه وهى تقبله قائلة .. بارك الله فيك يا ولدى .. أجابها عبد الرحمن .. لقد وصلت حافلة المدرسة يا أمى .. على الذهاب الآن .. السلام عليك ورحمة الله .. أخذ حقيبته وجرى .. تابعته والدته من الشرفة حتى اختفت الحافلة عن عينيها .. ثم رفعت وجهها للسماء تستغفر الله عن ظنها .. وتحمده على ان منحها ولدا صالحا بارا ..ثم ذهبت إلى حجرتها واستسلمت لنوم عميق جدا ...

الأخت الفاضلة الحلم الجميل (فتون)

قصة رائعة جداً من روائع القصص تعالج مشكلة من المشاكل الاجتماعية باسلوب فريد

وقصة بأسلوب مؤثر جداً، أسلوب رقيق وشفاف واحساس مرهف، فقد ذرفت دموعي خلال قراءة هذه القصة.

وكم منا يستعجل في حكمه على الآخرين دون أدنى تثبت سواءً كان قريباً أم غريباً.

وكم منا يفرض سوء النية دائماً في الشخص المقابل على أقل خطأ يحصل منه.

هكذا تكون التربية الصحيحة وهكذا تنشأ الأجيال وتقود الأمة ويصلح الفرد والأسرة وبذلك يصلح المجتمع كله.

سلمت يداكِ اختي الفاضلة على هذه القصة الجميلة.

تثبت حتى يتمكن أكثر عدد من الأعضاء قراءتها.

دمتِ بحفظ الله ورعايته.

الفارس910
06-07-06, 08:28 PM
الله يعطيك العافيه