مغترب في بلدي
24-10-12, 03:45 PM
..
وكانت طفلتي بجانبي محتارة بأي ألعابها تلعب اليوم! وعلى وجهها بقايا من شوكولاته لم تكملها. وأمامي على شاشة التلفاز مشاهد لأطفال بعمرها قد التصقت جلودهم على عظامهم وكنت أستطيع أن أعد أضلاعهم وهم يبكون من شدة الجوع...
وبينما أنا خاشع على مشهد لأم تحمل طفلتها الموبوءة وتمشي حافية القدمين على أرض صخرية قاسية كقسوة دنياها عليها قاطعني صوت زوجتي وهي تسألني أي هذه الأحذية يناسب ما سألبسه غداً؟ أجبتها: لايهم...
نعم لايهم ما الذي يناسب لونه لون فستانها ولايهم أتلعب إبنتي باللعبة الخضراء أو الصفراء.. كيف نهتم لمثل هذا ونحن نعلم أن هناك من لايجد مايلبسه ولا مايلعب به فضلا عن عدم وجود مايأكله ومايتلحف به!!
ذلك موقف حمل نفسي على الاستماع لي فحدثتها وسألتها مالذي يجعلنا ننعم بالخيارات المتعددة وغيرينا لاخيار له ولاجزر!
أهو الحظ والقدر! أم إرادة البشر!
كانت نفسي مشتتة ولم أستطع خوض الحوار معها بسبب الملهيات والأصوات من عائلتي الحبيبة، فصعدت إلى السطح كي انتهز فرصة إصغائها فأناجيها دون مقاطعة، وقفت طويلا معها كنت أسائلها فلاتجيب وتقول لي تأمل..تأمل!!
فتأملت بالبيوت التي أمامي هذا قصر كبير لايسكنه إلا ثلاثة وذاك بيت شعبي صغير اكتض بعشرات البؤساء. وهناك بجانب أحد الأرصفة سيارة فارهة عليها شقي يمسح غبارها ويغسل إطاراتها كي يحصل بعد شهر من الشقاء على ثمن وجبة واحدة من وجبات صاحب السيارة!!
فاجأني وقاطعني رنين هاتفي فأجبته، كان المتصل أخي يخبرني بأن صديقنا قد دخل المستشفى وأن أوقات الزيارة مسائية. شكرته على إبلاغي بعدما طمأنني أن سبب دخوله لايستدعي الخوف...
في تلك الليلة التأملية ذهبت إلى المستشفى كي أزور صديقي .. كان تاجرا ثريا يعاني من الإكتئاب!!
اشتريت له زهورا أتت من أوروبا على طائرة خاصة، دفعت ثمنها لشقي آخر يبيع الورود كل يوم ليشتري بثمنها جرجيرا وخسا!!
حملت الورود وكتبت على قصاصة عُلقت بها أتمنى لك الشفاء العاجل! لم أستطع أن أكتب له أتمنى لك التوفيق في صفتك التجارية القادمة لأنه لايفكر بهذا الآن...
مشيت في أروقة المستشفى متجها لغرفته فمررت على جناح الولادة وكانت صيحات الأمهات والمواليد تتسابق إلى أذُنَي، وكنت أتساءل عما تخبيه الأقدار لهؤلاء الجدد، وعن مصيرهم في حياة بدؤوها بالبكاء وإيلام أقرب الناس لهم!!
شُدِهت قليلا وأكملت المشي.. ثم توقفت عند لافتة كتب عليها( العناية المركزة)، وكان أكثر نزلائها من الشيوخ والعجزة الذين يئنون بهدوء رغم الألم. وتساءلت عما قدمت لهم الأقدار فيما مضى، وعما سيجدون بعد أن تفارق أرواحهم الأجساد!
شُدهت قليلا وأكملت المشي ... حتى وصلت إلى غرفة صديقي الثري ... دخلت الغرفة فلم أجده! سألت عنه فقالوا خرج تحت مسؤوليته ورغم تحذيراتنا له خرج وهو يردد: سئمت..سئمت!!
عدت أدراجي إلى المنزل لأجد طفلتي مازالت تلعب وقد أضافت لقائمة ألعابها لعبة جديدة جلبتها أمها.. وفتحت التلفاز فوجدت الأخبار مازالت تبث المآسي وقد أضافت القناة خبرا عاجلا بتزايد عدد الموتى من المجاعة!!
وقاطعتني زوجتي مرة أخرى قائلة: مازلت محتارة أي الأحذية ألبس!!
وكانت طفلتي بجانبي محتارة بأي ألعابها تلعب اليوم! وعلى وجهها بقايا من شوكولاته لم تكملها. وأمامي على شاشة التلفاز مشاهد لأطفال بعمرها قد التصقت جلودهم على عظامهم وكنت أستطيع أن أعد أضلاعهم وهم يبكون من شدة الجوع...
وبينما أنا خاشع على مشهد لأم تحمل طفلتها الموبوءة وتمشي حافية القدمين على أرض صخرية قاسية كقسوة دنياها عليها قاطعني صوت زوجتي وهي تسألني أي هذه الأحذية يناسب ما سألبسه غداً؟ أجبتها: لايهم...
نعم لايهم ما الذي يناسب لونه لون فستانها ولايهم أتلعب إبنتي باللعبة الخضراء أو الصفراء.. كيف نهتم لمثل هذا ونحن نعلم أن هناك من لايجد مايلبسه ولا مايلعب به فضلا عن عدم وجود مايأكله ومايتلحف به!!
ذلك موقف حمل نفسي على الاستماع لي فحدثتها وسألتها مالذي يجعلنا ننعم بالخيارات المتعددة وغيرينا لاخيار له ولاجزر!
أهو الحظ والقدر! أم إرادة البشر!
كانت نفسي مشتتة ولم أستطع خوض الحوار معها بسبب الملهيات والأصوات من عائلتي الحبيبة، فصعدت إلى السطح كي انتهز فرصة إصغائها فأناجيها دون مقاطعة، وقفت طويلا معها كنت أسائلها فلاتجيب وتقول لي تأمل..تأمل!!
فتأملت بالبيوت التي أمامي هذا قصر كبير لايسكنه إلا ثلاثة وذاك بيت شعبي صغير اكتض بعشرات البؤساء. وهناك بجانب أحد الأرصفة سيارة فارهة عليها شقي يمسح غبارها ويغسل إطاراتها كي يحصل بعد شهر من الشقاء على ثمن وجبة واحدة من وجبات صاحب السيارة!!
فاجأني وقاطعني رنين هاتفي فأجبته، كان المتصل أخي يخبرني بأن صديقنا قد دخل المستشفى وأن أوقات الزيارة مسائية. شكرته على إبلاغي بعدما طمأنني أن سبب دخوله لايستدعي الخوف...
في تلك الليلة التأملية ذهبت إلى المستشفى كي أزور صديقي .. كان تاجرا ثريا يعاني من الإكتئاب!!
اشتريت له زهورا أتت من أوروبا على طائرة خاصة، دفعت ثمنها لشقي آخر يبيع الورود كل يوم ليشتري بثمنها جرجيرا وخسا!!
حملت الورود وكتبت على قصاصة عُلقت بها أتمنى لك الشفاء العاجل! لم أستطع أن أكتب له أتمنى لك التوفيق في صفتك التجارية القادمة لأنه لايفكر بهذا الآن...
مشيت في أروقة المستشفى متجها لغرفته فمررت على جناح الولادة وكانت صيحات الأمهات والمواليد تتسابق إلى أذُنَي، وكنت أتساءل عما تخبيه الأقدار لهؤلاء الجدد، وعن مصيرهم في حياة بدؤوها بالبكاء وإيلام أقرب الناس لهم!!
شُدِهت قليلا وأكملت المشي.. ثم توقفت عند لافتة كتب عليها( العناية المركزة)، وكان أكثر نزلائها من الشيوخ والعجزة الذين يئنون بهدوء رغم الألم. وتساءلت عما قدمت لهم الأقدار فيما مضى، وعما سيجدون بعد أن تفارق أرواحهم الأجساد!
شُدهت قليلا وأكملت المشي ... حتى وصلت إلى غرفة صديقي الثري ... دخلت الغرفة فلم أجده! سألت عنه فقالوا خرج تحت مسؤوليته ورغم تحذيراتنا له خرج وهو يردد: سئمت..سئمت!!
عدت أدراجي إلى المنزل لأجد طفلتي مازالت تلعب وقد أضافت لقائمة ألعابها لعبة جديدة جلبتها أمها.. وفتحت التلفاز فوجدت الأخبار مازالت تبث المآسي وقد أضافت القناة خبرا عاجلا بتزايد عدد الموتى من المجاعة!!
وقاطعتني زوجتي مرة أخرى قائلة: مازلت محتارة أي الأحذية ألبس!!