شامل سفر
27-10-05, 12:24 AM
شرسالة محمد
قصيدة مترجمة عن الألمانية
الشاعر : راينر ماريّا رلكه (1875-1926م)
المترجم : د.عبد الرحمن بدوي
المصدر : كتاب (الأدب الألماني في نصف قرن) تأليف د. عبد الرحمن بدوي
الناشر : عالم المعرفة/ العدد 181/ المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الاداب/ الكويت .
الصفحة : 95-96 .لمّا تبدّى المَلَكُ الطاهرُ
ذو الملامح المعروفة و النور الباهر
تبدّى رائعاً له في خلوته- خلع
كلَّ كبرياء و خيلاء ، و توسّل
إلى (التاجر)- و قد اضطرب
باطنُهُ إثر أسفاره-توسّل إليه أن يبقى ،
لم يكن قارئاً- و هاهي ذي (كلمة)
كلمة عظيمة حتى على حكيم
لكن المَلَك وجهه بمهارة
إلى ما كان مسطوراً في لوح
و لم ييأس ، بل ظلَّ
يردد دائماً : اقرأ !
فقرأ ، حتى انحنى المَلَك
و أصبح ممن
يعرفون كيف يقرأون
و يستمعون و يتمّون (الرسالة) .
ومن نفس الكتاب ، و في الصفحة 124-125 ، ينقل الدكتور بدوي نصَّ رسالةٍ أرسلها رلكه إلى صديقةٍ له ، يصف فيها مشاعره تجاه ( جامع قرطبة الكبير ) قائلاً :
انظري إلى هذا المسجد ! أيُّ غَمٍّ ، أي بؤسٍ ، أي عارٍ في تركه هكذا ينحطّ و ينهار ! و هذه الكنائس التي تتلوى في داخله المتلبك ، يودُّ المرءُ أن يجتثّها بضرباتٍ من المنسط بوصفها عُقداً في شَعرٍ جميل . و القابلاّت بقيت كأنها لقمٌ ضخمة في حلق الظلام الذي فُصِد فصداً ............... و اليوم أيضاً لا شيء أشد إزعاجاً من سماع الأرغن و ترنيمات القساوسة و هي ترن في هذا المكان (الذي يشبه صرخةَ جبلٍ من الصمت) . إن المسيحية لا تكف عن التهام (الله) كأنه كعكة شهية . لكن إله المسلمين بقي ، في مقابل ذلك ، كاملاً تاماً : إن إله المسلمين سليم . ( أوائل ديسمبر 1912 ) .
و في الصفحة 126-127 من نفس الكتاب ، ينقل المؤلف ( و يترجم ) رسالةً أخرى من الشاعر الألماني رلكه إلى الأميرة ماريه ، بتاريخ 17 ديسمبر 1912 ، يقول فيها :
لا شك أنك لاحظتِ أنني منذ أن زرتُ قرطبة قد أصبحتُ فريسةَ كراهيةٍ شديدة للمسيحية : إني أقرأ ( القرآن ) ، و في مواضع عديدة منه أجده يتكلم بصوتٍ فيه أدخلُ أنا بكل قواي مثل الريح في الأورغن . إن المرء هاهنا يعتقد أنه في بلدٍ مسيحي ، لكن المسيحية قد تم التغلّب عليها هاهنا منذ زمنٍ طويل . إن هذا البلد كان مسيحياً من غير شك ما دامت هناك شجاعة على الاغتيال على مبعدة مائة خطوة من أبواب المدينة . و على هذا الساس ازدهر العديد من الصلبان الحجرية الخالية من الادعاء و التي كانت تحمل هذا الشاهد البسيط : (هنا مات فلان) . لقد كانت تلك صورة المسيحية في هذه المواضع . و منذ ذلك الحين ساد عدم الاكتراث إلى درجةٍ لا حدَّ لها ، و لم يبق ثمّ غير كنائس خاوية ، كنائس منسية ، و كابلاّت جائعة . حقاً ، لم يعد هناك ما يدعو إلى التوقف طويلاً امام هذه المائدة الخالية من الطعام ، و لا شيئ بعد يُنتظر منها : لقد صار الوقتُ هو وقت غسل الأصابع . لقد مُصَّ عصيرُ الفاكهة ، فلم يبق بعد إلا بصق القشرة ، غن جاز استعمال هذا التعبير الخشن . و هاهم البروتستانت و المسيحيون الأمريكيون يفكرون في أن يصبوا مرة أخرى ، الماءَ الساخنَ على أوراق الشاي هذه التي خرجت عصارتُها منذ ألفي سنة ! لقد كان ( محمد ) على كل حال هو العنصر الأقرب ، و مَثَلُهُ مثل نهرٍ يجري خلال جبلٍ من الصول ، قد شقَّ طريقاً إلى الله الواحد الأحد ، الذي يحقّ للمرء أن يتحادث معه على نحوٍ جليل كل صباح ، دون اللجوء إلى تلفون (المسيح) الذي يصرخ فيه المرء باستمرار : (آلو) مَنْ الذي يتكلم ؟ دون أن يجيب أحد .................................................. ...........................
أرجو من حضرات الأعضاء و المشرفين الكرام أن يوافونني بجوابٍ على السؤال التالي :
إن أقواماً يقتربون منّا ، فما السبيل الأنجع لاستقبالهم الاستقبال المناسب ، و كيف نشجعهم على متابعة الطريق إلى الهدف الأسمى ؟
قصيدة مترجمة عن الألمانية
الشاعر : راينر ماريّا رلكه (1875-1926م)
المترجم : د.عبد الرحمن بدوي
المصدر : كتاب (الأدب الألماني في نصف قرن) تأليف د. عبد الرحمن بدوي
الناشر : عالم المعرفة/ العدد 181/ المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الاداب/ الكويت .
الصفحة : 95-96 .لمّا تبدّى المَلَكُ الطاهرُ
ذو الملامح المعروفة و النور الباهر
تبدّى رائعاً له في خلوته- خلع
كلَّ كبرياء و خيلاء ، و توسّل
إلى (التاجر)- و قد اضطرب
باطنُهُ إثر أسفاره-توسّل إليه أن يبقى ،
لم يكن قارئاً- و هاهي ذي (كلمة)
كلمة عظيمة حتى على حكيم
لكن المَلَك وجهه بمهارة
إلى ما كان مسطوراً في لوح
و لم ييأس ، بل ظلَّ
يردد دائماً : اقرأ !
فقرأ ، حتى انحنى المَلَك
و أصبح ممن
يعرفون كيف يقرأون
و يستمعون و يتمّون (الرسالة) .
ومن نفس الكتاب ، و في الصفحة 124-125 ، ينقل الدكتور بدوي نصَّ رسالةٍ أرسلها رلكه إلى صديقةٍ له ، يصف فيها مشاعره تجاه ( جامع قرطبة الكبير ) قائلاً :
انظري إلى هذا المسجد ! أيُّ غَمٍّ ، أي بؤسٍ ، أي عارٍ في تركه هكذا ينحطّ و ينهار ! و هذه الكنائس التي تتلوى في داخله المتلبك ، يودُّ المرءُ أن يجتثّها بضرباتٍ من المنسط بوصفها عُقداً في شَعرٍ جميل . و القابلاّت بقيت كأنها لقمٌ ضخمة في حلق الظلام الذي فُصِد فصداً ............... و اليوم أيضاً لا شيء أشد إزعاجاً من سماع الأرغن و ترنيمات القساوسة و هي ترن في هذا المكان (الذي يشبه صرخةَ جبلٍ من الصمت) . إن المسيحية لا تكف عن التهام (الله) كأنه كعكة شهية . لكن إله المسلمين بقي ، في مقابل ذلك ، كاملاً تاماً : إن إله المسلمين سليم . ( أوائل ديسمبر 1912 ) .
و في الصفحة 126-127 من نفس الكتاب ، ينقل المؤلف ( و يترجم ) رسالةً أخرى من الشاعر الألماني رلكه إلى الأميرة ماريه ، بتاريخ 17 ديسمبر 1912 ، يقول فيها :
لا شك أنك لاحظتِ أنني منذ أن زرتُ قرطبة قد أصبحتُ فريسةَ كراهيةٍ شديدة للمسيحية : إني أقرأ ( القرآن ) ، و في مواضع عديدة منه أجده يتكلم بصوتٍ فيه أدخلُ أنا بكل قواي مثل الريح في الأورغن . إن المرء هاهنا يعتقد أنه في بلدٍ مسيحي ، لكن المسيحية قد تم التغلّب عليها هاهنا منذ زمنٍ طويل . إن هذا البلد كان مسيحياً من غير شك ما دامت هناك شجاعة على الاغتيال على مبعدة مائة خطوة من أبواب المدينة . و على هذا الساس ازدهر العديد من الصلبان الحجرية الخالية من الادعاء و التي كانت تحمل هذا الشاهد البسيط : (هنا مات فلان) . لقد كانت تلك صورة المسيحية في هذه المواضع . و منذ ذلك الحين ساد عدم الاكتراث إلى درجةٍ لا حدَّ لها ، و لم يبق ثمّ غير كنائس خاوية ، كنائس منسية ، و كابلاّت جائعة . حقاً ، لم يعد هناك ما يدعو إلى التوقف طويلاً امام هذه المائدة الخالية من الطعام ، و لا شيئ بعد يُنتظر منها : لقد صار الوقتُ هو وقت غسل الأصابع . لقد مُصَّ عصيرُ الفاكهة ، فلم يبق بعد إلا بصق القشرة ، غن جاز استعمال هذا التعبير الخشن . و هاهم البروتستانت و المسيحيون الأمريكيون يفكرون في أن يصبوا مرة أخرى ، الماءَ الساخنَ على أوراق الشاي هذه التي خرجت عصارتُها منذ ألفي سنة ! لقد كان ( محمد ) على كل حال هو العنصر الأقرب ، و مَثَلُهُ مثل نهرٍ يجري خلال جبلٍ من الصول ، قد شقَّ طريقاً إلى الله الواحد الأحد ، الذي يحقّ للمرء أن يتحادث معه على نحوٍ جليل كل صباح ، دون اللجوء إلى تلفون (المسيح) الذي يصرخ فيه المرء باستمرار : (آلو) مَنْ الذي يتكلم ؟ دون أن يجيب أحد .................................................. ...........................
أرجو من حضرات الأعضاء و المشرفين الكرام أن يوافونني بجوابٍ على السؤال التالي :
إن أقواماً يقتربون منّا ، فما السبيل الأنجع لاستقبالهم الاستقبال المناسب ، و كيف نشجعهم على متابعة الطريق إلى الهدف الأسمى ؟