المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ••.•°¯`•.•• ( ضياء الحق ) ••.•°¯`•.••


النـ أروى ـحلة
15-10-05, 11:42 AM
http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

ضياء الحق .. انقلاب ونهاية غامضة

http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/08/images/pic26.jpg
ضياء الحق

ولد ضياء الحق في (22 من محرم 1343هـ = 12 أغسطس 1924م) في بلدة "جولاندار" في مقاطعة البنجاب، وتعلم في مدينة دلهي عاصمة الهند؛ حيث التحق بكلية "سانت ستيفنز" الإنجليزية، وأصبح ضابطًا في سلاح الخيالة عام (1364هـ = 1945م). فلما تم تقسيم الهند، وانفصلت باكستان عنها، رحل مع أسرته عام (1368هـ = 1948م) إلى كراتشي بباكستان، وأصبح ضابطًا في جيشها، وعُرف عنه الانضباط والكفاءة في عمله، وحبه للحياة العسكرية؛ لذا صار محبوبًا بين زملائه ومرءوسيه، وتخرج في كلية الأركان سنة (1375هـ = 1955م) وعمل بها مدرسًا.

وساهم في الحرب التي نشبت بين باكستان والهند سنة (1385هـ = 1965م)، وفي عام (1389هـ - 1969م) سافر إلى الأردن، وعمل مستشارًا عسكريا، وبعد عودته إلى باكستان شارك في الحرب "الهندية - الباكستانية" التي انتهت بانفصال بنجلاديش عن باكستان، وتكوين دولة مستقلة سنة (1391هـ = 1971م).

وقد ترقى إلى رتبة جنرال سنة (1396هـ = 1976م)، وعينه الرئيس "ذو الفقار علي بوتو" قائدًا للجيش، رغم وجود جنرالات آخرين كانوا أقدم منه في الجيش الباكستاني؛ وذلك بسبب ثقة "ذو الفقار" به واطمئنانه أن ضياء الحق ليست له ميول سياسية.

وفي تلك الفترة شهدت باكستان حالة من الفوضى والاضطراب، وزادت حدة المعارضة -خاصة الإسلامية- ضد الرئيس بوتو الذي نكّل بخصومه الذين انتقدوا توجهاته الغربية العلمانية.

انقلاب ضياء الحق

ولما زادت حدة الاضطرابات في البلاد، وتدهور الوضع السياسي، وسقط حوالي 350 قتيلاً وآلاف الجرحى من جراء العنف السياسي، دعا الرئيس بوتو الجيش إلى التدخل لمواجهة أعمال العنف، وقمع المظاهرات وتأييد نظامه، إلا أن بعض ضباط الجيش -خاصة القادمين من إقليم البنجاب- رفضوا قمع المظاهرات والاصطدام بالشعب وإطلاق النار على المتظاهرين، وكانت تلك النواة التي هيأت لضياء الحق فرصة القيام بانقلاب عسكري ضد الرئيس بوتو في (7 جمادى الآخرة 1397هـ = 5 يونيو 1977م)، وأعلن أن الجيش قام لوضع حد لحالة التدهور التي تجتاح البلاد، والتي عجز الرئيس بوتو عن حلها، وخشية من إقحام بوتو للجيش في السياسة واستخدامه في عمليات القمع.

وأعلن ضياء الحق أن عودة الحكم المدني لباكستان ستكون بأسرع ما يمكن، وأكد أن الجيش ليست له مطامع سياسية، وأنه سيحتفظ بالسلطة لحين إجراء الانتخابات في أكتوبر القادم.

وفرض ضياء الحق الأحكام العرفية في البلاد، وحلَّ الجمعية الوطنية والمجالس التشريعية الإقليمية، وأقال حكومات الأقاليم، وشكل مجلسا عسكريا من قادة الأسلحة الثلاثة البرية والبحرية والجوية تحت رئاسته، وألّف حكومة شاركت فيها الجماعات الإسلامية، وأعلن أن مهمتها تطبيق الشريعة الإسلامية، غير أنه تراجع عن هذا الأمر بعد ذلك.

وقد أيّد الإسلاميون ضياء الحق في أول الأمر، وشاركوا في أول وزارة بعد الانقلاب، فتسلم وزارة الإعلام أحد أعضاء الجماعة الإسلامية، وكان "طفيل محمد" أمير الجماعة الإسلامية، خال ضياء الحق وعلى صلة وثيقة به، غير أن هذه العلاقة بدأت تتغير عندما قوي نظام ضياء الحق فكان يلتقي بهم ولا ينفذ شيئا مما يطلبونه، ويتعلل بأن له شركاء في المجلس العسكري ولا يستطيع فرض القرارات والمواقف عليهم.

http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/08/images/pic26a.jpg
ذو الفقار علي بوتو

وعندما ثبّت ضياء الحق أقدامه بعد انقلابه ضمَّ رئاسة الدولة إلى رئاسة الحكومة، وتسلمهما في شوال (1398هـ = سبتمبر 1978م)، وقدم الرئيس "ذو الفقار علي بوتو" إلى المحاكمة بتهمة الأمر بقتل أحد المعارضين، وانتهى الأمر بإعدام بوتو في (7 جمادى الأولى 1399هـ = 4 أبريل 1979م) رغم الاستياء العالمي الشديد خاصة "إيران الخميني"؛ لأن بوتو من عائلة شيعية، ولم تفلح محاولات طهران للوساطة مع إسلام آباد للعفو عن بوتو، وفي (ذي القعدة 1399هـ = نوفمبر 1979م) أجّل الانتخابات التي كان قد وعد بإجرائها إلى أجل غير مسمى.

سياسة ضياء الحق

اعتمد ضياء الحق في سياسته الجديدة في باكستان بعدما تولى مقاليد السلطة على اتجاهين هما:

1- التقرب من الغرب -خاصة الولايات المتحدة الأمريكية-؛ وذلك بهدف الحصول على الأسلحة المتطورة والمعدات العسكرية، وإبعاد واشنطن عن الهند، ومحاولة إظهار باكستان أنها الحليف القوي للولايات المتحدة، وبذلك يحول دون حصول الهند على السلاح الأمريكي، وهو ما يعطي ميزة لـ"إسلام آباد" في تسليحها وتحالفها، خاصة أن الهند لن تستطيع الحصول على السلاح من الصين بسبب الحرب التي كانت بينهما.

يضاف إلى ذلك أن ضياء الحق أراد تأمين استمراره في الحكم من خلال تحالفه مع واشنطن، ولقد لقي النظام الباكستاني تجاوبا من الولايات المتحدة؛ لأن ذلك يحقق الأهداف والمصالح الأمريكية من ناحية توجيه لطمة قوية للاتحاد السوفيتي، الذي احتلت قواته أفغانستان (1400هـ = 1979م) على غرار اللطمة القوية التي وجهها الروس إلى الأمريكان أثناء حرب فيتنام التي لا تزال آثارها باقية حتى الآن في الذاكرة الأمريكية. فكانت باكستان وجيشها هي الواسطة بين الأمريكيين والمجاهدين الأفغان، الأمر الآخر أن واشنطن أرادت إبقاء باكستان في فلك النظام الرأسمالي، وألا تتوجه إلى الصين التي شهدت العلاقات بينهما تقاربًا ملحوظًا بعد الحرب "الباكستانية- الهندية" على قاعدة "أن عدو عدوي صديقي".

2- التقرب من الإسلاميين وإقامة علاقات وثيقة مع كافة الأقطار الإسلامية؛ فضياء الحق ذو اتجاه إسلامي، واستخدام الإسلاميين في تحقيق أهداف سياسية تخدم بقاءه واستمراره في السلطة، فدعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وتقرب من الجماعة الإسلامية التي يقودها خاله "طفيل محمد"، غير أن هذا التوجه لم يُرضِ الغرب فابتعد ضياء الحق عن الحركات الإسلامية، غير أنه لم يصطدم بها رغم معارضتها الشديدة للتوجه والتعاون العسكري الباكستاني مع الولايات المتحدة.

هذان الاتجاهان لضياء الحق أثارَا غضب الكثيرين عليه خاصة الحركات الإسلامية، إلا أن الرجل استطاع أن يوفق بين سياسته المتباينة في تقوية التحالف مع الولايات المتحدة والتقرب من الإسلاميين، وذلك من خلال تدعيمه ومساندته القوية للمجاهدين الأفغان في حربهم ضد الاستعمار السوفيتي الشيوعي وحكومته العميلة في كابول، ففتح باكستان أمام تحركات المجاهدين الأفعان، وأقام لهم المعسكرات الضخمة والمستشفيات، وساندتهم باكستان -حكومة وشعبا- مساندة قوية استطاعت أن تقوي عزمهم على مواصلة الجهاد ضد الروس حتى وُقِّعت الاتفاقية بين الحكومتين "الأفغانية والباكستانية" في (27 شعبان 1408هـ = 14 أبريل 1988م) وانسحبت روسيا من أفغانستان، عندها شعرت واشنطن أن مهمة ضياء الحق قد انتهت، وأنها نجحت في إذلال روسيا في أفغانستان، ومن الضروري أن يتوقف ضياء الحق عن دعم المجاهدين وعدم تمكينهم من استلام السلطة، فتوقف الدعم الأمريكي للنظام الحاكم.

الانقلاب الجديد

وجد ضياء الحق أن وضعه في باكستان قد اختل بعد توقيع الاتفاقية بين الحكومتين "الباكستانية والأفغانية" في سويسرا وانسحاب روسيا من أفغانستان؛ لأن واشنطن تخلت عن تدعيم ومساندة نظامه، مع ازدياد التقارب السوفيتي الهندي المعادي لباكستان، وتفشي المعارضة السياسية بكافة فصائلها الإسلامية واليسارية والقومية والشيعية لنظام ضياء الحق العسكري.

يضاف إلى ذلك وجود خلاف بين ضياء الحق رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وبين محمد خان جو بنجو رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول قضية الموقف من المجاهدين الأفغان، فرأى ضياء الحق أن المخرج من هذه الأزمة النظامية والسياسية اللجوء إلى انقلاب جديد، ولكن بصورة سلمية.

وفي (14 شوال 1408هـ = 30 مايو 1988م) ألقى ضياء الحق خطابًا أعلن فيه حل الجمعية الوطنية وإقالة الحكومة؛ لأنها فشلت في وضع حد للفساد، وقال: إنه وجد نفسه أمام خيارين؛ إما أن يبقى صامتًا، أو أن يضع الأمور في موضعها الصحيح، فاختار الحل الثاني، وألغى زيارته للصين التي كانت مقررة في ذلك اليوم، وعين الجنرال المتقاعد "رحيم الدين" حاكما لإقليم السند، وهو معروف بموقفه الصارم من محاولات القوميين من سكان السند الانفصال عن باكستان.

ثم ألقى بعد ذلك خطابًا مؤثرًا، كان يبكي فيه ويمسح دموعه، ويقول: "إنني أخاف الله وأخشاه، وأعلم أنه سوف يسألني غدا: لماذا لم تحكم بالشريعة الإسلامية؟ والشعب سوف يسألني: لماذا لم تأخذ على يد الظالم؟".

واتخذ ضياء الحق فور إعلانه عن الانقلاب الجديد عدة إجراءات، منها تشكيل وزارة جديدة برئاسته ضمت اتجاهات مختلفة، وحدث تغير في وسائل الإعلام، خاصة التلفزيون؛ حيث زادت عدد البرامج الدينية، ومنع إذاعة الرقص والغناء، وأعلن الرئيس أنه سيطبق الشريعة الإسلامية قريبًا في نظام القصاص والدية، وشكّل لجانا كثيرة لأسلمة النظام الاقتصادي والتربوي، وأعلن أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأعلى للقوانين في باكستان.

http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/08/images/pic26b.jpg
بنظير بوتو تتزعم المعارضة

هذه الاتجاه أثار غضب الشيعة في باكستان، وكانوا آنذاك حوالي 8 ملايين شخص، وأعلنوا أنهم لا يقبلون بالقوانين الجديدة؛ لأنها سنية، وعارض حزب الشعب الذي تقوده "بنظير بوتو" هذا التوجه، وهو من أقوى الأحزاب، وذلك لتوجهاته العلمانية الليبرالية.

وعارضت الجماعة الإسلامية حل البرلمان، ورأت أن التحرك الحالي لتطبيق الشريعة ذو طابع سياسي، يهدف إلى تمييع الانتخابات وفرض الحظر على الأحزاب السياسية، وكان الغضب الغربي الخارجي لا يقل شراسة عن المعارضة الداخلية؛ إذ قادت الصحف الغربية هجومًا سافرًا على ضياء الحق ووصفته بالاستبداد، وأظهرت مثالب حكمه.

مقتل ضياء الحق

كان ضياء الحق يقوم بأعماله وتحركاته بسرية تامة، ويتبع إجراءات صارمة في تأمين نفسه، وزادت هذه الإجراءات صرامة بعد انقلابه الجديد، وظهور التنافر بينه وبين الولايات المتحدة وازدياد موجة المعارضة الداخلية له، يضاف إلى ذلك خوفه من السوفييت الذين انسحبوا من أفغانستان بعد المساندة القوية من باكستان للمجاهدين، ورأى أنه مُحاط بأعداء مختلفين في الداخل والخارج، يجمعهم هدف واحد وهو ضرورة التخلص منه.

وقد عرضت واشنطن على ضياء الحق شراء بعض الدبابات الأمريكية، وأحضرت بعضها إلى باكستان لرؤيتها ومعرفة مزاياها القتالية على الطبيعة، وتحدد يوم (5 محرم 1409هـ = 17 أغسطس 1988م) موعدًا لاختبار هذه الدبابات؛ فخرج ضياء الحق وبعض كبار قادته، يرافقهم السفير الأمريكي في باكستان "أرنولد رافيل" والجنرال الأمريكي "هربرت واسوم" وكانت الرحلة في منتهى السرية وبعد معاينة الدبابات، انتقل الرئيس ومرافقيه إلى مطار "بهاوالبور" لينتقلوا منه إلى مطار "راولبندي"، واستقلوا طائرة خاصة، وما إن أقلعت الطارئة حتى سقطت محترقة بعدما انفجرت قنبلة بها، وتناثرت أشلاء الجميع محترقة لا تعرف جثة أحدهم من الآخر.

وقد أشارت أصابع الاتهام إلى جهات مختلفة منها السوفييت والهند وإيران والجيش الباكستاني والولايات المتحدة الأمريكية، ولم تعلن جهة معينة مسؤوليتها عن هذا الحادث الأليم.

وحسب الدستور الباكستاني تسلم "غلام إسحاق خان" رئيس الجمعية الوطنية رئاسة الدولة في باكستان بعد مقتل ضياء الحق (رحمه الله تعالى)، وقد ترك ضياء الحق ولديْن وثلاث بنات.

مصطفى عاشور

http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

برساوي
05-08-06, 10:23 PM
Thank you