المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليبيا : 40 عام تحت سيطرة العقيد


ساري نهار
31-12-10, 04:08 AM
مقدمة

يعد الأول من سبتمبر عام 1969 بمثابة بداية جديدة لتاريخ دولة ليبيا عندما قامت حركة "الضباط الوحدويين الأحرار" في الجيش الليبي بقيادة الملازم أول معمر القذافي"1 " بالاستيلاء على السلطة بعد أن تحركت قوات من الجيش ونجحت في الإطاحة بالنظام الملكي ، حيث أسرع ممثله حسن الرضا -ولي العهد- في التنازل عن العرش، بينما كان الملك إدريس الأول في زيارة استجمام بتركيا واليونان، وأذاع القذافي أول بيان لحركته على الشعب الليبي .

وقد عانت ليبيا من مرارة الاستعمار لسنوات طويلة حيث سلمتها الدولة العثمانية عام 1912 إلى إيطاليا بموجب معاهدة "أوشي" واستمر الاحتلال الإيطالي إلى عام 1932م ورافقه هذه الفترة ثورة ومقاومة وجهاد من قبل الليبيين. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ونتيجة لتقاسم الدول المنتصرة للعالم تم تقسيم ليبيا بين كل من بريطانيا وفرنسا ، حيث حكم البريطانيين "طرابلس وسرنة" أما منطقة "فزان" فكانت من نصيب الفرنسيين ، وبعد صدور قرار من الأمم المتحدة عام 1949 ينص على استقلال ليبيا وتشكيل لجنة دولية تشرف على الاستقلال في مدة أقصاها سنتين حتى 24ديسمبر 1951 ،بحصولها على استقلالها كمملكة اتحادية وتسلم الملك "محمد ادريس السنوسي" الحكم .

وعند تسلم السنوسي الحكم عمل على توقيع معاهدات مع دول أجنبية ومنها بريطانيا ، حصلت الأخيرة بموجبها على نفوذ وسيطرة واسعة على بعض المناطق الليبية مما أدى الى عدم رضاء الشعب الليبي على هذة المعاهدات التي أعتبرها إعادة للسيطرة الأجنبية التي ناضل طويلاً للتخلص منها وفي يناير 1964اجتاحت المظاهرات ليبيا احتجاجا على سياسة الملك الذي اعلن تنحيه عن الحكم الا انه تراجع عن قراره فيما بعد واستمرت حالة المناوشات والمظاهرات المتكررة حتى قيام الثورة والتي غيرت اسم ليبيا إلى (الجمهورية العربية الليبية)."2 "

وفى حين لم يتبلور شكل النظام الجديد لليبيا طيلة السبع سنوات التالية لقيام الثورة فإن بداية عام 1977 شهدت تغيرات رئيسية دفعت باتجاه شكل جديد للنظام السياسي مخالفا للنظام الملكى والسنوات الاولى من ثورة الجيش حيث الغاء المؤسسات الحكومية بأطرها البيروقراطية التقليدية ، وحلت محلها ما سمي بـ" سلطة الشعب " التي ينص إعلانها على ان السلطة الشعبية المباشرة هى أساس النظام السياسي للشعب يمارسها عن طريق المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية والنقابات والاتحادات والروابط المهنية ومؤتمر الشعب العام ."3 "

ثورة الفاتح واستيلاء القذافي على الحكم :

بعد تشكيل حركة الضباط الوحدويين الأحرار في الجيش الليبي بقيادة الملازم أول – وقتها- معمر القذافي تم الإستيلاء على السلطة في الأول من سبتمبر عام 1969، وقام القذافي بإجلاء القواعد الأمريكية والانجليزية من ليبيا ، ثم حاول العمل على الوحدة العربية و لكن محاولاته الاندماجية فشلت ، سواء في ما سيمي بـ " اتحاد الجمهوريات العربية " بين مصر وليبيا وسوريا ، أو اندماج ليبيا مع مصر و تونس .

وقد نصب القذافي زعيما للبلاد في هذا الوقت ، وعلى الرغم من أنه لا يحمل لقباً رسميا حيث يُشار إليه أحياناً بلقب "الأخ القائد" وأحياناً أخرى بلقب "قائد الثورة" فإنه يسيطر على كل الجوانب الرئيسية للحياة السياسية والاقتصادية في البلاد . " 4 "

وقد حاولت الثورة إضفاء الطابع الإسلامي على حكمها حتى لا تصطدم بمشاعر الشعب الإسلامية التي غرستها فيهم الحقبة السنوسية التي بدأت مع حصول ليبيا على استقلالها عام 1951 وانتهت بالثورة ؛ لذا أصدرت حكومة القذافي قانوناً يمنع تعاطي الخمور، وعملت على تطبيق فريضة الزكاة، وأعلن القذافي توجهه الإسلامي ،ورسمت الثورة سياسة نفطية جديدة لوضع حد للاحتكار الأجنبي للثروات الوطنية، فقام القذافي بتأميم شركة النفط البريطانية، عندما قامت بريطانيا بتسليم ثلاث جزر عربية في الخليج لإيران، كما قام بسحب رصيد ليبيا الضخم من نطاق منطقة الجنية الإسترليني في 6 أبريل 1973م.

السلطة الشعبية الشكلية

طبقا للكتاب الأخضر الذي ألفه العقيد معمر القذافي عام 1975 م فإن القذافي رفض فكرة التمثيل النيابي بإعتبارها تمثل حاجزا شرعيا بين الشعب وممارسة السلطة التي تصبح حكرا على النواب ، وطرح إلية المؤتمرات الشعبية للمشكلة الديمقراطية فى جانبها التمثيلي التشريعي فتم تنظيم سكان ليبيا في إطار عدد من الهيئات واللجان والمؤتمرات الشعبية الأساسية ومن الناحية النظرية تمثل هذه المؤتمرات مركز القوة وصنع القرار حيث تنتقل قراراتها الى مؤتمر الشعب العام الذي يقوم بصياغة القرارات ، ومنذ عام 1992 وجد مستويات من المؤتمرات الشعبية " الأساسية ومؤتمر الشعب العام " ويصعب تقدير عدد اعضاء مؤتمر الشعب العام الذي يترواح بين عدة مئات وألوف فى فترات مختلفة ، وتعاقب على أمانة مؤتمر الشعب العام العديد من القيادات ولكن المعروف عمليا انه منذ الثمانينات تقلصت صلاحية أمانة مؤتمر الشعب الأساسية واعطيت لمؤتمر الشعب العام ، وبناحية اكثر عملية فالمؤتمر العام غير فعال لانه يجتمع اسبوعا كل عام ولا يكون لدى اعضائه معلومات او مهارات كافية للقيام بواجباتهم وتكررت اكثر من مرة ان تراجع المؤتمر عن قرارات اتخذها لاختلافها مع رغبات القذافي لدرجة انه عندما حاول المؤتمر تخفيض الضرائب فى عام 1990 رد القذافي "هذه ليست قرارات الشعب الذي اعرفه" فما كان من المؤتمر إلا أن ألغى القرار "5 ".

القذافي وسيل القوانين المقيدة للحريات عقب الثورة

تعد ليبيا أول دولة عربية ينضبط فيها التشريع بصدور أول قاعدة بيانات تشريعية تاريخية فيها على مستوى دول العالم العربي في موسوعة التشريعات الليبية، وهي تتكون من أربعين مجلدا (كلاسيرا) تغطي المرحلة من الاحتلال الايطالي وحتى المرحلة المعاصرة ويضاف إليها الملاحق بشكل دوري. ولقد كانت هذه الموسوعة التاريخية سباقة في دعم نظم الحكم في بعض الدول العربية مثلما هو الحال في النظام الفيدرالي في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تم استقائه من التجربة الفيدرالية في ليبيا في الفترة ما بين (1951-1963) "6 "

وقد سن النظام الليبي بقيادة معمر القذافي منذ وصوله الى السلطة المئات من القوانين في مختلف المجالات، ومنها ما له علاقة مباشرة بالحريات العامة وممارسة النشاط السياسي والثقافي ‏والاقتصادي غالبيتها كانت تعكس حرصه على تحصين نفسه بسد ‏الثغرات وصد الأبواب أمام أي رأي أو تيار آخر منافس لسلطته وبالتالي ايجاد ‏المبررات القانونية الجاهزة لقمعه واقصائه. ، فإلى جانب ان هذه القوانين لم تصدر عن السلطة التشريعية المنوط بها ذلك وانما صدرت من سلطة تنفيذية ممثلة فى مجلس قيادة الثورة ، فقد استخدمت هذه القوانين كسيف مسلط على رقاب الليبيين لحرمانهم من حقوق ‏أساسية مشروعة ،ولعل إلغاء دستور 1951 الذي أسّس وجسّد الشرعية الدستورية التي قامت عليها الدولة كان اولى خطوات القذافي لتشديد قبضته على الدولة حيث انهالت القوانين الداعمة لذلك والتى تسير فى ذات الاتجاه المعاكس لاتجاه الديمقراطية والحرية . "7 " ومن هذه القوانين:

* القانون رقم 45 لسنة 1972 والذي يحرم الإضرابات والإعتصامات ‏والمظاهرات
* قانون رقم 71 لسنة 1972 بشأن تجريم الحزبية والذي اعتبرت إحدى مواده ممارسة الحياة الحزبية خيانة في حق الوطن والتي أطلق عليها مقولة " من تحزب خان " ورتبَت المواد الثالثة والرابعة منه عقوبات الإعدام والسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات لكل من دعا إلى إقامة أي تجمع أو تنظيم أو تشكيل محظور
* قانون حماية الثورة في 11 ديسمبر 1969م. والذي نصَّت المادة الأولى منه على أنه يعاقب بالإعدام كل من رفع السلاح في وجه النظام الجمهوري لثورة الفاتح أو اشترك في عصابة مسلحة لهدا الغرض .
* وثيقة الشرعية الثورية في 9 مارس 1990 ، التي جاءت إمعانا في كبت الحريات وإهدار حقوق الإنسان وأعطت لقائد النظام حصانة من أي مسائلة قانونية.

ومن بين توجيهات قائد الثورة الواجبة النفاذ وفقاً لمقالة الأمين العام للاتحاد الليبي للمدافعين عن حقوق الإنسان "شارف الغريانى " ( نعدم حتى الأبرياء بقصد إرهاب الجاني الحقيقي الذي قد لا يكون معروفاً في تلك اللحظة .. من يريد أن يتحدى الثورة إذا كان في الداخل هذا أمر مفروغ منه سنداهم هذا الموقع وندمره حتى لو كان مسجداً ، وإذا كان في الخارج علينا أن ننتقل إليه في الخارج فنهاجمه وننفذ فيه حكم الإعدام.....! "8 " وقد تم وضع هذا القانون – وثيقة الشرعية الثورية- المسمى " ميثاق الشرف " وجاء في مرحلة لاحقة للثورة عندما تنامت حالة الرفض الشعبي للنظام بهدف إرهاب اى صوت معارض، وذلك بتطبيق عقوبات جماعية ليست ضد من يرتكب فعلاً يعتبره النظام مضاداً له، بل ضد أولئك الآخرين من أقارب وعائلات وقبائل وحتى الأصدقاء المقربين للجناة ...! "9 "

* قانون رقم 75 لسنة 1973 بشأن تأميم ‏الصحف والدوريات الخاصة المستقلة أو الأهلية وأيلولتها بالكامل الى الدولة وكان من بينها آنذاك ‏صحف: "البلاغ.، الرائدا ،الحرية ، الشوري ، الجهاد ، الرأي ، الميدان ، الحقيقة.. ‏".
* قانون رقم ( 10 ) لسنة 1993 م.بشأن التطهير ، والتي تعني تقطيع أطراف المخالفين له.
* قانون رقم 52لسنة 1974 م في شأن إقامة حد القذف ، والذي يعني جلد المتهم بالقذف والتشهير عدد ثمانون جلدة.
* قانون رقم (5) لسنة 1991 بشأن تطبيق مبادئ الوثيقة الخضراء الكبرى ،وهي المستمدة من الكتاب الأخضر والتي جاء بمقدمتها أن الكتاب الأخضر دليل البشرية نحو الخلاص النهائي من حكم الفرد والطبقة والطائفة والقبيلة والحزب من أجل إقامة مجتمع كل الناس فيه أحرار متساوون في السلطة والثروة والسلاح واستجابة للتحريض الدائم للثائر الأممى معمر القذافي صانع عصر الجماهير" "10" ، وغيرها من القوانين التي لا تمت للإنسانية المعاصرة بأي صلة.

سلطات القذافي في مرحلة التثوير

تولي القذافي العديد من المناصب التي تجعله متفردا بالسلطة منذ قيام الثورة وحتى نهاية مرحلة ما يسمى بمرحلة التثوير في عام 1977 العديد من المناصب منها:

* رئيس مجلس قيادة الثورة.
* قائد عام القوات المسلحة الليبية (وفيما بعد قائد أعلى).
* وزير الدفاع ورئيس مجلس الأمن القومي.
* رئيس مجلس القضاء الأعلى.
* رئيس مجلس التخطيط الأعلى.
* رئيس المجلس الأعلى للإرشاد القومي.
* رئيس التنظيم السياسي الوحيد المتمثّل في الاتحاد الاشتراكي العربي ومؤتمره الوطني (ثمّ القومي) العام.

وفضلاً عن ذلك، فقد شغل القذافي منصب رئيس الوزراء خلال الفترة من 13/9/1970 وحتى 6 أبريل 1972 "11 " الحريات المدنية والسياسية في ظل حكم القذافي :

أولا: حرية الإعلام

1- الصحافة:

يطرح الأخ العقيد قائد الثورة الليبية رؤيته للصحافة عبر رائعته الخالدة الكتاب الأخضر فيقول في القسم الخاص بالصحافة: " أنا أشهد بنفسي أن كل الصحف الحرة هي صحف مرتشية وبذلك تكون صحفاً فاسدة"

وهكذا لخص الزعيم الملهم واقع الصحافة في هذه المقولة الخالدة!! ولكن ماذا عن الصحافة التي نعرفها جميعا؟!!

يعود تاريخ الصحافة في ليبيا إلى عام 1827 حين انشأ عدد من قناصل الدول الأوربية فى طرابلس صحيفة " المنقب الإفريقي " باللغة الفرنسية لتعبر عن حال المستعمرين هناك ، تبعها إنشاء أول صحيفة باللغة العربية تحت اسم " طرابلس الغرب " والتي أنشأها الوالى العثمانى محمود نديم باشا ، ورغم كم الاستبداد الذي شهدته ليبيا اثناء الحقبة العثمانية الا ان البلاد شهدت ظهور العديد من الصحف والمجلات ، ولابد من الإشارة هنا إلى أن المادة الثانية من قانون المطبوعات العثماني عام 1909 ينص على "أحقية كل شخص بلغ عمره 21 عاما في إصدار صحيفة يومية أو أسبوعية أو مستقلة"، كما شهدت البلاد إدخال مطابع خاصة. ،ومع دخول الإستعمار الإيطالي لليبيا عام 1911 دخلت الصحافة في ليبيا حقبة سوداء، حيث تمت مصادرة المطابع، واستولت السلطات العسكرية عليها.. كما استبدلت جريدة "طرابلس الغرب" بـ "إيطاليا الجديدة" ، وبعد خروج الاستعمار الإيطالي عام 1943ودخول ليبيا تحت الإدارة البريطانية شهدت الصحافة في ليبيا بداية تأسيس جديد، وعلى أسس أقرب إلى الصحافة المعاصرة اليوم، وقد صدر في هذه الفترة ما يقرب من 20 صحيفة، وذلك بسبب نشاط الأحزاب والقوى السياسية، نشاطا لم تعهده ليبيا طوال تاريخها المعاصر، ومع حصول ليبيا على استقلالها في ديسمبر 1951 وعلى الرغم من ان حكومات الملك إدريس السنوسي ألغت الأحزاب السياسية، إلا أن الأرقام التالية تعكس مدى نشاط الصحافة في ذلك الوقت: فقد صدرت 14 صحيفة يومية وأسبوعية، و13 مجلة شهرية أو نصف شهرية و8 صحف ناطقة باللغة الانجليزية و3 صحف ناطقة باللغة الايطالية. وكانت نسبة الصحف المستقلة تبلغ 65 في المائة، بينما لا تتعدى نسبة الصحف الحكومية 35 في المائة ، وفي عام 1969 ومع قيام "ثورة سبتمبر " ودخول البلاد تحت حكم مجلس قيادة الثورة الذي ترأسه العقيد معمر القذافي، بدأ ضباط الثورة بمصادرة الصحف الخاصة وتقليص الصحف الصادرة عن الهيئات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وإنشاء صحف ذات "لون ثوري موجه"، ودخلت الصحافة في ليبيا مرحلة "تثوير الجرائد وأدلجتها ولم يعد المجال مسموحا بإنشاء صحف خاصة أو مستقلة"، وصدرت أول صحيفة يومية في 20 / 10 / 1969 تحت اسم "صحيفة الثورة". "12 " أعقبها تقديم عدد من الصحافيين الليبيين للمثول "أمام محكمة الشعب"، بسبب كتاباتهم "المخالفة لتوجهات الثورة الليبية"، كما اعتقل عشرات من الصحافيين الليبيين ضمن 700 مثقف وكاتب تم اعتقالهم في عام 1973 ، ومنع المواطنون الليبيون من ممارسة حقهم في إصدار الصحف الخاصة، كما منعوا من الكتابة والتعبير عن آرائهم التي قد لا تتفق مع رؤى النظام السياسي القائم، وأصبحت مثل هذه الكتابات سببا كافيا للاعتقال والسجن، والمثول أمام محاكم لا تمتلك أبسط معايير وأسس المحاكم العدالة. ومع عام 1973 وإعلان ما يعرف "بالثورة الثقافية"، تم إعلان "سلطة الشعب" في 1977 وإنشاء حزب "حركة اللجان الثورية" على الرغم من منع الأحزاب في ليبيا، بات مشهد الصحافة في ليبيا أكثر تضيقا وقمعا."13 "

أما اليوم فِإن المشهد الصحافي الليبي وصل إلى حالة من الفشل والتراجع، على مستوى القوانين وعلى مستوى الواقع، فاليوم ليبيا لا يوجد بها سوى 4 صحف رئيسية فقط، ثلاثة منها (الجماهيرية والشمس والفجر الجديد) تابعة للمؤسسة العامة للصحافة، وواحدة (الزحف الأخضر) تتبع حزب "حركة اللجان الثورية"، الجهة الوحيدة التي من حقها أن تصدر الصحف. ولا تتعدى مبيعات هذه الصحف في رأي البعض 4 آلاف نسخة، بل إن بعضها تقلص إلى 1500 نسخة، يتم توزيعها على المؤسسات الحكومية بشكل إلزامي ، ومهمة هذه الصحف تتمثل في الترويج لأفكار الكتاب الأخضر، والدعاية لثورة 1969، وتمجيد العقيد القذافي، الذي لا يمكن نقده أو نقد أفكاره بأي حال من الأحوال، كما لا يمكن نشر أي أفكار أو رؤى "تخالف توجهات الثورة ومبادئها" ،ورغم التطورات الهائلة التى عرفتها حرية الصحافة واستقلال قطاع الإعلام فى أغلب دول العالم لا زالت الصحافة فى ليبيا تعانى من هيمنة السلطة (النظام السياسى) الكاملة عليها وعدم وجود أي هامش لحرية الصحافة خاصة فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الهامة والمتعلقة مباشرة بحقوق المواطنة و بممارسة السلطة وتركيبتها والنظام السياسى وتجاوزاته القانونية والإدارية فى إدارته للشأن العام، كل هذه المواضيع التى تناقش فى أغلب دول العالم بكل حرية على صفحات الجرائد و فى منابر إذاعية وتلفزيونية حرة لا زالت تعتبر فى ليبيا حتى الآن "خطوط حمراء" لا يسمح بالكتابة فيها أو النشر حولها تحت غطاء "حماية الثورة" وتارة بوضع "خطوط حمراء" تحتكر بموجبها جميع أدوات النشر وتتحكم حتى فى تحديد المواضيع التى يمكن تناولها والمواضيع الممنوع الخوض فيها."14 "

2- الإنترنت

على الرغم من غياب أى إطار قانونى محدد لآليات رقابة وحجب المواقع المختلفة إلا أن السلطات الليبية تفرض رقابتها على المواقع المعارضة، وفى بعض الحالات تقوم بتدميرها تماما، ويقول أحد الناشطين من ليبيا أن جميع مواقع المعارضة محجوبة داخل ليبيا ولا يمكن تصفحها إلا عن طريق تخطى البروكسى، ومن هذه المواقع المحجوبة "أخبار ليبيا" http://www.akhbar-libya.com و"ليبيا وطننا" http://www.libya-watanona.com و"ليبيا المستقبل" http://www.libya-almostakbal.com وأنه عندما يحاول أحدهم تصفح هذه المواقع من داخل مقاهى الإنترنت ربما يتعرض للطرد أو ما هو أسوأ من ذلك (28)، بينما يقول مواطن آخر أن هناك حجب واضح لبعض المواقع خاصة مواقع المعارضة وأن الدولة هى المسئولة عن الحجب، وأن الأجهزة الأمنية قامت فى الآونة الأخيرة باستقدام مجموعة من الخبراء من روسيا فى هذا المجال من أجل زيادة قبضتها على تصفح الانترنت

ورغم الرقابة والتضييق الذى تفرضه السلطات الليبية على استخدام شبكة الإنترنت إلا أنها أثبتت نجاحا ملحوظا كوسيلة إعلام مؤثرة خاصة فى حالة مظاهرات بنغازى التى اندلعت فى 17/2/2006، وقامت السلطات الليبية بفرض حالة من التعتيم الإعلامى الشديد على هذه الأحداث ولكن الانترنت أفلتت من هذا الحصار كما قالت بيانات الجماعات الحقوقية الليبية، وذكر بيان أن السلطات الليبية قامت بإغلاق عدد من مقاهى الإنترنت كما قامت بمراقبة المقاهى الأخرى، وتم اعتقال العديد من رواد هذه المقاهى للتحقيق معهم بتهمة زيارة "مواقع مشبوهة". ورغم ذلك فإن الأخبار التى تسربت حول الأحداث نشرتها مواقع المعارضة الليبية من خلال رسائل إلكترونية من الداخل."15"

3- المحطات التليفزيونية والفضائيات

ولا توجد في ليبيا أية محطات إذاعية أو تلفزيونية ذات ملكية خاصة، بل تقع جميعها تحت سيطرة الحكومة عبر "الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية العظمى"، ، التي تضع بصرامة برامج للترويج لما تحققه من نجاحات.

وحتى وقت قريب كان عدد القنوات التليفزيونية فى ليبيا محدود للغاية سواء فضائية او أرضية منها :

الجماهيرية والفضائية الليبية . ليبيا الشبابية .المنوعة . التواصل . الهداية . وقناتي ليبيا الرياضية .وقناة البديل .

وكان لمدينة طرابلس نصيب الأسد منها.

ولعل قيام معمر القذافى بتأميم قناة الليبية المستقلة ، وتحويلها الى قناة حكومية ، وتسليمها لرئيس هيئة الإذاعة الليبية ، في شهر ابريل 2009 ، بسبب اعتراض البعض على برنامج الاعلامى المصري الشهير حمدى قنديل الذى بدأ عرضه على القناة في مارس 2009 ، يوضح بجلاء مدى سهولة إتخاذ القرارات للأخ العقيد ، الذي يزعم عدم سيطرته على أي شيء وأن الأمور كلها في يد اللجان الثورية في ليبيا.

4- شئون النشر والكتب

وعلى صعيد السماح بنشر وتداول الكتب والمجلات والصحف على ليبيا، لا تزال سلطات الرقيب الجمركي تمنع دخول أغلب الصحف العربية والدولية، ولا تسمح إلا بدخول صحيفة "العرب الدولية" بسبب إنحيازها الواضح للنظام الليبي وآرائها المؤيدة له، كما لا تزال "مجلة عراجين"، وهي مجلة ليبية ثقافية تصدر من القاهرة، ممنوعة من الدخول إلى البلاد.

ولم تكن دعوة أحد أنجال القذافي (سيف القذافي) لإلغاء وزارة الإعلام مناديا بـ " إلغاء وزارة الإعلام بشكلها المعتاد، معتبرا أنه عندما تكون هناك وزارة إعلام في أي دولة معناه ليست هناك حرية، لأنه ستكون هناك رقابة على المطبوعات والنص وعلى الصحافة والرقيب"."16 " سوى درب من الدعاية الجوفاء لمؤسسته التي افتتحها بإسم مؤسسة الغد التابعة لمؤسسة القذافي التي يرأسها ، اذ لم تمض عدة أيام حتى جاءت تصريحات السيد أحمد إبراهيم ـ الذى يمثل الخط الذى يوصف بالثوري ـ أثناء توليه لرئاسة " المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر " فى 13 مايو 2008 .. التى قال فيها ، بعد تأكيده أن حرية التعبير خدعة غربية ( ..إن الصحافة الديمقراطية هي التى ينص عليها الكتاب الأخضر ، أي التى تصدرها لجنة شعبية ممثلة لكل فئات المجتمع ..).."17 "

ثانيا : التظاهر والتجمع السلمي :

تم حظر التظاهرات والإعتصامات والإضرابات السلمية كصوره من صور التعبير الجماعي من قبل القطاعات والفئات الشعبية والمهنية والطلابية، بعد أن كانت جميع القطاعات الشعبية والمهنية تتمتع بهذا الحق في ظل الحكم الملكي، حيث شهد عقدي الخمسينات والستينات عدداً من التظاهرات والمسيرات والاحتجاجات السلمية والإضرابات العمالية العفوية، إلا أن هذا الأمر توقف تماماُ بعد ثورة 1969بدعوى أن كل المطالب الشعبية تحققت أو سوف تتحقق على يد قادة ثورة الفاتح ، وأصبح التعبير عن الرأي والتوجهات والآراء السياسية بالصورة التي كانت تتم في السابق بمثابة "الخيانة العظمى" ، ومنعت كافة المظاهرات المعارضة لثورة الفاتح او لسياسة القذافي وسمح فقط بالمظاهرات المؤيدة للثورة من اجل استجداء التأييد والمساندة . " 18 "

وفي عام 1972 أصدر "العقيد" القذافى أمرا شفهياً ثم كتابيا عمم على سائر الدوائر والمؤسسات والشركات والإدارات الحكومية في ليبيا ينص على " إخراج العاملين والموظفين في المسيرات والتظاهرات التى تنظمها السلطة ، ومعاقبة المتخلفين عن ذلك والرافضين للمساهمة فيها "، وكذلك الحال بالنسبة للنقابات العمالية والمهنية المختلفة، ووصل الأمر في معظم الأحيان الى حد دفع مبالغ مالية للمتظاهرين سواء كانوا ليبيين أو عرب أو أجانب ، ووفقا لما نشره موقع ليبيا الحرة على منتدى الحوار به فإن المظاهرات التى خرجت لتعبر عن رأي القطاعات الشعبية المختلفة والطلابية الحرة رافضة لنظام القذافي وممارسته بداية من عام 1972 وحتى 1976 فقد تعرض المشاركون فيها إلى أبشع صور القمع واعتقل الألاف من عناصرها وأودعوا السجون والمعتقلات، وتعرض عدد كبير منهم الى التعذيب، وقتل بعضهم أو شنق في الميادين والساحات، وشرد الكثيرون منهم فى المنافى ، ولا ننسي هنا ان القذافى لم يتوانى عن اطلاق أوامره الشخصية فى ابريل 1984بإطلاق النار على المتظاهرين الليبيين الذين تظاهروا أمام مكتبه الشعبي بالعاصمة البرطانية حيث سقطت شرطية إنجليزية.

وفى فبراير 2007 حاول عدد من أصحاب الرأى والناشطين السياسين القيام باعتصام سلمى فى ميدان الشهداء بطرابلس فقامت سلطات الأمن واللجان الثورية بالإعتداء عليهم وعلى ذويهم ووجهت لهم تهم كاذبة . "19 "

ثالثا : تجريم حق تكوين الأحزاب

تصنف ليبيا على انها من أبرز دول العالم التى تمنع إقامة أحزاب سياسية ، فوفقا للوثيقة الصادرة عن مؤتمر الشعب العام " الهيئة التشريعية " فالاحزاب السياسية ممنوعة ويعتبر كل من يمارس الحياة الحزبية خائن وعميل ويقف امام نهضة وتطور البلاد ، ورغم ذلك ظهرت عددا من الحركات السياسية المعارضة، وكان تيار الجماعة الإسلامية " الاسم الليبي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا" هو الاكثر ظهورا على الساحة ."20 " .

وفي لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية عام 2005 ،قال سليمان عبد القادر ، المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا "ما عندنا الآن هم الإخوان الموجودين داخل السجن.. خارج السجن لا ليس عندنا أي عدد من الإخوان، كل الإخوان اعتُقلوا وموجودين داخل السجن""21 "

أما عن القوى الأخرى مثل اليسار فليس هناك أوضح مما قاله العقيد القذافي في 15/4/1973م في مقدمة إعلانه عن قيام ما أسماها بالثورة الشعبية " أنا لا أقبل أن واحد يسمم أفكار الناس وهو ليس بقادر على قبول التحدى… هذه حصلت فى الجامعة وحصلت فى الشارع،… وعليه أنا اقول لكم أى واحد نجده يتكلم عن الشيوعية أو فكر ماركسى أو إلحادى سوف يوضع فى السجن. وسأصدر الأمر لوزير الداخلية بتطهير أى مجموعة من هؤلاء الناس المرضى… وإذا وجدنا أى شخص من الإخوان المسلمين أو حزب التحرير الإسلامى يمارس نشاطاً سرياً إعتبرناه يمارس نشاطاً هداماً مضاداً للثورة التى قامت من أجل الشعب سنضعه فى السجن… وهناك أناس اعرفهم سكتُ عنهم وسامحتهم، ولكن لا يمكن أن نسمح لهم بعد اليوم بتسميم أفكار الشعب… معنى هذا أن هناك أناس عليهم أن يجهزوا أنفسهم من الأن لأنى سأضعهم فى السجن."

ولا يجب ان ننسي هنا الواقعة الشهيرة للعقيد القذافى اثناء زيارته إيطاليا مؤخرا حين نصحها بإلغاء كافة الاحزاب السياسية قائلا " لو كان الامر بيدى لألغيت الأحزاب السياسية ومنح الشعب الايطالي السلطة المباشرة ووقتها انه لن يكون هناك يمين ولا يسار ولا وسط فالنظام الحزبي يجهض الديمقراطية" ."22 "

إهدار الأموال الليبية

وفقا لما أورده الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس ديوان المحاسبة الأسبق وسفير ليبيا في الهند فى مقالته عن مأساة ليبيا ومسئولية القذافي في عام 2002 ، فقد أنفق النظام الليبي بعد الثورة ما لا يقلّ عن 40% من عائدات ليبيا النفطية على شراء السلاح وتكديسه وعلى الإنفاق العسكري!! و أن الرائد عبد السلام جلود أورد في خطاب ألقاه بمدينة سرت خلال ما عُرف بعيد الوفاء الذي أقيم في الذكرى العشرين للانقلاب اوائل ابريل عام 1989 أنّ النظام أنفق منذ قيام الانقلاب وحتى ذلك التاريخ ما نسبته 22% من عائدات ليبيا النفطية (أي نحو 44 مليار دولار) على تمويل ودعم ومساندة حركة الثورة العالمية وحركات التحرّر مضيفا أن القذافي لم يكن سعيداً بإنفاق هذا المبلغ على حركات التحرّر ، حيث يجده أقل من اللازم "23 "

و حسبما يشير نفس المصدر ، فقد ساعد القذافي في تمويل ورعاية عمليات وحركات فى اكثر من 40 دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية ، ونحو (127) عملية."24 "

وهو ما أسفر عن قيام قرابة (50) دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية وأمريكية بقطع أو تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأخ العقيد قائد الثورة."25"

وفي 16 أغسطس 2009 ، نقلت شبكة ال"بي بي سي" عن جريدة التيليجراف مقالا للكاتب ديفيد بلير قال فيه" أن القذافي عمل خلال السبعينات والثمانينات كممول لعدد من الجماعات الارهابية بما في ذلك الجيش الجمهوري الايرلندي، وأن العديد من القادة الملطخة أيديهم بالدماء تمتعوا بدعم القذافي بما في ذلك عيدي أمين في اوغندا وشارلس تايلور في ليبريا" "26"

الفائدة الأساسية للكتاب الأخضر، التربح والثراء السريع

شرع القذافي في تأليف "الكتاب الأخضر" في عام 1975 ، و صدر الجزء الأول منه في 3 يناير1976، ويتناول ما أطلق عليه "مشكلة الديمقراطية – سلطة الشعب"، وأصبحت مقولات هذا الكتيّب منذئذ المرجعية السياسية لنظام الحكم في ليبيا ، ويضم الكتاب ثلاثة فصول الأول تناول الركن السياسي عن مشاكل السياسة والسلطة في المجتمع ، والثاني الركن الاقتصادي فيه حلول المشاكل الاقتصادية التاريخية بين العامل ورب العمل ، و الثالث الركن الاجتماعي وفيه اطروحاته عن الأسرة والأم والطفل والمرأة والثقافة والفنون ."27 ".

وقد أنشئ المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1485 بتاريخ 9 اكتوبر عام 1981 ، بناءً على قرار "جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية" أيماناً والتزاما منها بضرورة تسخير المعطيات الفكرية والمفاهيم الإستراتيجية والأساليب الديمقراطية الكامنة بفكر النظرية الجماهيرية (الكتاب الأخضر).

ووفقا لتعريف المركز له فالكتاب الأخضر ليس الا المحصلة النهائية لكفاح الشعوب ونضالها ضد أنظمة الاستغلال والعبودية وتقديماً لكل الحلول والأفكار الجذرية (التطبيقية) لجميع المشاكل والإشكاليات المجتمعية على صعيد الساحة المحلية والإقليمية والعالمية"28 "

ومنذ صدور الكتاب الأخضر ، وما أعقبه من نشأة المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بتمويله الهائل، فقد أصبح هذا الكتاب مصدرا للرزق والثراء السريع للآلاف من الكتاب والصحفيين وغيرهم في الوطن العربي أو العالم ، سواء عبر إنشاء مراكز تتبع هذا المركز ، أو تناول الكتاب نفسه بالبحث والدراسة ، رغم علم الجميع أنه قد يزيد قليلا عن كتب الأطفال ، لكنه لا يرقي لكونه كتاب جاد.

وحول العائد المالي الضخم الذي يحصل عليه أي مشارك في أحد أنشطة المركز يقول جمال عيد"خمسمائة دولار حصلت عليها نتيجة محاضرة متواضعة عن حرية التعبير على الانترنت في مؤتمر هزيل حول الإعلام الإليكتروني عقد بمقر المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، كنا أكثر من مائة مشارك ، إقامة وتذاكر سفر ، ومقابل مادي ضخم ، ماذا لو كنت كتبت مقالا يمدح أو يثني على هذا الكتاب الساذج""29 ".

ووفقا لما نشرته جريدة الرياض السعودية فقد حفل الكتاب بعدد من الملاحظات التي اقل ما يمكن أن توصف بها بالسذاجة حيث انه يوضح في مقطع منه حينما يتحدث عن الاختلافات بين المرأة والرجل فيقول «الرجل لا يحمل» إلى الآراء المتعصبة وذلك حين ادعى بأن السود في العالم يتكاثرون بلا حدود لأنهم «يمارسون الخمول في جو حار دائم» و تصل المقالة إلى نتيجة مؤداها أن "عدداً قليلاً من الناس خارج ليبيا وعدداً متناقصاً داخل ليبيا نفسها يحملون الكتاب محمل الجد. ومثل العديد من الأشياء هنا يحاول المركز تغيير النظرة للكتاب" ."30 "

وسوف يفاجأ المتصفح لقائمة المتربحين من الكتابة حول الكتاب الأخضر والمشاركين في أنشطة المركز المسمى بضخامتها ويفزع من كم الأسماء والمؤسسات التي أثرت بشكل كبير ، حيث ضمت القائمة اسماء أكاديميين من أغلب بلدان العالم ، ونشط العديد من الكتاب والصحفيين والمنافقين بإفتتاح فروع للمركز في بلدانهم ، أو المشاركة بأورق بحثية ، بحيث باتت الكتابة عن الكتاب الأخضر مهنة مربحة أكثر في بعض الأحيان عن العمل في بلدان النفط ، ويمكن مراجعة أنشطة المركز والمتعاونين معه عبر موقعه على شبكة الانترنت."31".

سياسة ليبيا تجاه المعارضين :

استمر اغتيال المواطنين الليبيين فى داخل وخارج ليبيا وإعدام السجناء المحتجزين فى ليبيا تنفيذا كما يبدو للسياسة الرسمية الداعية الى التصفية الجسدية لخصوم الحكومة السياسيين ، ومن المعتقد ان هناك المئات من السجناء السياسيين وسجناء الرأى محتجزين دون توجيه تهم اليهم ، وقيل ان بعضهم سجنوا بعد محاكمات غير عادلة او ظلوا فى السجن رغم تبرئتهم او انقضاء فترة حكمهم ، ويقال ان هناك سجناء كثيرين محتجزين فى مراكز اعتقال سرية وانهم عرضة للتعذيب ،وتعرض المنفيون الليبيون للاعتداءات المتكررة ومنهم محمد فهيمة الذي اغتيل فى اثينا ويوسف خربيش فى روما ونجا سفير ليبيا السابق من محاولة لاغتياله فى فيينا كل هذا عام 1987 فقط ، ولم يعرف ما اذا كان المسؤولون عن هذه الاعتداءات يتصرفون بناء على اوامر مباشرة من السلطات الليبية ، الا ان حوادث الاغتيال بدت متناسقة مع نمط من الاعتداءات على مناوئي الحكومة سبق وادعت السلطات الليبية مسئوليتها عنها . "32 ".

وفى 17 فبراير 1988 شاهد الشعب الليبي بعض مشاهد إعدام تسعة مواطنين ، حيث إعدم 6 منهم بالإعدام شنقا و3 رميا بالرصاص وقيل ان معظمهم ينتمون الى مجموعة معارضة باسم " الجهاد "،و ورد ان محكمة ثورية فى بنغازي حكمت عليهم بالإعدام بعد اتهامهم باغتيال مواطنين ليبيين ومحاولة اغتيال خبراء سوفيت ، وكان ذلك بعد ان دعت المؤتمرات الشعبية الأساسية فى جميع إنحاء ليبيا فى أكتوبر 1986 الى التصفية الجسدية لثمانية اشخاص وصفوا بأنهم " اعداء الله " ، ووصف القذافى فى خطبته امام المؤتمر الشعبي عمليات الاعدام بأنها دروس مفيدة جدا ." 32".

ومنذ أوائل السبعينات تم احتجاز اكثر من 199 مواطن ليبي وزاد عددهم الى 400 مواطن منذ اوائل عام 1989 بالاضافة الى اعتقال العديد من المدنيين والعسكريين فى اعقاب التمرد العسكرى فى اكتوبر 1993 وعزلهم فى مكان مجهول ."33 ".

وعندما أعلن القذافى عن عمليات التطهير عام 1996 القي القبض على العديد من رجال الاعمال واصحاب محلات الذهب وشركات الاستيراد والتصدير وشكل القذافى لجان " البركان " من الشباب الثوريين لمداهمة محلات الاغذية ومصادرة البضائع بحجة بيعها بسعر اعلى ووصل عدد المعتقلين خلال هذه الفترة الى اكثر من 1200 شخص ."35 "

واعتقل غير الليبيين المقيمين فى ليبيا لأسباب غير قانونية فعقب صدور قرار محكمة العدل الدولية فى لاهاى فى فبراير 1994 بحسم الخلاف على شريط اوزو الحدودى مع تشاد لصالح الاخيرة اعتقلت ليبيا اكثر من 400 تشادى فى طرابلس وحدها وعدد كبير من نيجيريا والاردن والصومال لأسباب ادعت انها تتعلق بتصاريح العمل ."36 "

وفى منتصف عام 1995 نشرت الرابطة الليبية لحقوق الانسان قائمة بأسماء 21 شخص تم خطفهم قسرا ولم يعرف مصيرهم ومنهم الامام " موسى الصدر " الزعيم الشيعي والذي اختفي اثناء زيارته ليبيا اواخر أغسطس 78 وقالت ليبيا انه غادر الى روما ، بينما اتهمت حركة " أمل " الشيعية فى لبنان ليبيا باختطافه فرد القذافي باتهام "نبيه برى" زعيم حركة أمل باختطافه ليحل محله فى زعامة الحركة الشيعية في لبنان"37 ".

ويعتبر ملف السجناء السياسيين والمفقودين والمغيبين في داخل السجون الليبية من أهم الملفات التي تبين حجم الانتهاكات التي ترتكبها الدولة الليبية في حق مواطنيها وبالرغم من أن ليبيا وقعت على أغلب الاتفاقيات المتعلقة بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإنها من أكثر الدول التي تنتهك حقوق السجناء السياسيين ورغم النفي المطلق من قبل السلطات لوجود سجناء رأي ، فقد انتشر في ليبيا مجموعة من السجون والمعتقلات أقدمها وأكبرها : سجن أبوسليم طرابلس / سجن عين زارة طرابلس / سجن الكويفية بنغازي كما ينتشر مئات من مراكز الحجز المؤقتة ومكاتب التحقيق التابعة لأجهزة الأمن المختلفة ، وتتضمن وسائل التعذيب الضرب بالأيدي والأقدام والأحزمة والعصي والأسلاك الكهربية، والتعليق في أوضاع ملتوية ومؤلمة مع الضرب، واستخدام الصدمات الكهربية، والاغتصاب والعنف الجنسي والتهديد باغتصاب زوجات المعتقلين وبناتهم لإجبارهم على الاعتراف فضلا عن المعاملة غير الإنسانية التي يعامل بها السجين داخل السجن كأن يجبر في مرات عديدة على شرب بوله ، ونتيجة غياب الرقابة من قبل الدولة أو منظمات حقوق الإنسان على السجون والمعتقلات في ليبيا فان العشرات من ذوي وعائلات المسجونين السياسيين قد فقدوا الأمل في حياة أبنائهم وأقاربهم ويعتقدون بأنهم قد ماتوا إما تحت التعذيب أو نتيجة الإهمال الصحي أو قتلوا في حادثة القتل الجماعي في سجن ( بوسليم ) والتي عرفت بمذبحة سجن بوسليم ."38 "

ابرز النقاط السوداء فى سجل القذافي : مذبحة سجن أبو سليم

تعتبر مذبحة سجن أبو سليم من ضمن الجرائم الأشد ضد الإنسانية ، ففي 29 يونيو عام 1996 وقعت المذبحة التي راح فيها نحو 1200 سجين سياسي .

ارتكبت السلطات الليبية مجزرة في أكبر معاقلها السياسية ( سجن بوسليم )عام 1996 وذلك عندما فتحت فوهات أسلحتها الخفيفة والثقيلة في حق سجناء عزل ذنبهم الوحيد أنهم أعلنوا تمردا وإضرابا داخل السجن نتيجة الأوضاع الصحية السيئة والمعاملة الغير إنسانية واحتجاجا على أصناف التعذيب والاهانة واستمرار حبسهم دون تقديمهم لأي محكمةو بعد عملية تفاوض مع السجناء الذين كانوا قد احتجزوا أحد حراس السجن لساعات طويلة اشترط فيها السجناء أن يسمح لهم بالاتصال الخارجي وأن يقدموا الى محاكم بدلا من الاستمرار في حبسهم دون أي تهم وتحسين المعاملة ووقف التعذيب فوافقت السلطات مقابل اطلاق سراح الحارس المحتجز . وبعد اطلاق الحارس جاءت الاوامر من الجهات العليا بإنهاء التمرد بطريقة وحشية بعد أن تم جمعهم في باحة كبيرة واطلق عليهم الرصاص بشكل عشوائي حصد أرواح المئات منهم وقد قامت مؤسسة الرقيب بتسجيل وتوثيق الحادثة كاملة عن طريق أحد الشهود على هذه المجزرة

وحتى تاريخ هذا اليوم فإن السلطات الليبية وبالرغم من اعتراف العقيد معمر القذافي بالحادثة لم تقم حتى هذه اللحظة بأي خطوات جادة لمعالجة ملف هذه القضية كما لم تقم بتقديم أي اسم من أسماء الضباط الذين أشرفوا على العملية للعدالة وفي الوقت الذي تقوم السلطات الليبية بتعويض جميع الضحايا الغربيين والامريكان فان عائلات ضحايا مذبحة سجن بوسليم والذين يقدر عددهم بالمئات ( قرابة 800 ) لايزالون ينتظرون أن يمارس المجتمع الدولي كل مايملك من وسائل الضغط المتاحة على النظام الليبي كي يقوم بالتحقيق في ملابسات هذه الحادثة المأساوية ونشر نتائجه وأسماء القتلى على الرأي العام وتعويض أهالي الضحايا ومعاقبة المسؤولين." 39"

القذافي و الاختفاء القسري لليبيين

لعل قصة رواها أحد ابناء العقيد القذافي توضح لنا البساطة التي يختفي بها المواطنين في ليبيا ، وكيف يتم قتلهم بدم بارد ، يقول السيد سيف القذافي " في أحد الأيام من عام 1986 أو 1987 ، حينما كان في المدرسة الثانوية جاءه مواطن وأخبره أن الأمن الليبي قد القى القبض على والده ، وكل مايرغبه المواطن أن يعرف هل والده حي أو ميت ، وبعد أكثر من عشرين عاما ، أجاب السيد سيف القذافي ببساطة ، عندي إجابة الآن لهذا الشخص ، أن والدك ميت أولا ، وتم قتله أو إعدامه بشكل غير قانوني وغير شرعي وقتل في غابة وفي قبر مجهول"40"

هكذا ببساطة ، إختفى مواطن ، وظلت أسرته أكثر من 20عاما دون أن تعرف مصير عائلها ، ليجيب السيد القذافي أنه ميت !!

إنها قصة الألاف من المواطنين الليبيين الذين أختفوا أو قتلوا بدم بارد سواء في غابة أو قبر مجهول ، من يهتم في ليبيا بحياة المواطن الليبي؟!!

مازالت هذه مشكلة الإختفاء القسري قائمة بالرغم من المطالب المتكررة بضرورة الإفصاح عن أماكن المحتجزين بشكل صريح وواضح، ومن أشهر هذه الحالات -وذلك على سبيل المثال لا الحصر- اختطاف واختفاء كلا من: منصور الكيخيا ، عزت المقريف ، جاب الله مطر، الشيخ موسى الصدر ورفاقه ."40 ".

وقد سجلت منظمات حقوق الإنسان الليبية والدولية أكثر من 300 حالة موثقة قامت السلطات الليبية بإبلاغ ذويهم بوفاة أبنائهم في ظروف غامضة ولم تسلمهم الدولة شهادة للوفاة أو الجثة كما أن الدولة الليبية ترفض أن تبلغ عن سبب الوفاة كما أن منظمة التضامن من أجل حقوق الإنسان / جنيف أصدرت قائمة بأسماء 258 سجيناً فقد أقاربهم الاتصال بهم منذ اعتقالهم. وفي بعض الحالات، اعتُقل السجناء كما يبدو بدون تهمة أو محاكمة طوال أكثر من عقد من الزمن. وفي حالات أخرى، يعتقد أنه حتى الأشخاص الذين برأت ساحتهم المحكمة ما زالوا معتقلين رغم أن عائلاتهم لم تسمع أخباراً عنهم منذ سنوات ، ومن أبرز الشخصيات المختفية قسرا في سجون النظام الليبي والتي يعتقد بأنه قد تمت تصفيتهم داخل المعتقلات الليبية ومراكز الحجز والشرطة :

* منصور الكيخيا دبلوماسي ليبي وناشط بارز لحقوق الإنسان والأمين العام للتحالف الليبي الوطني، اختفى في القاهرة بمصر العام 1993. عندما كان يحضر المؤتمر العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة وشوهد للمرة الأخيرة مساء 10 ديسمبر/كانون الأول 1993 في فندق السفير.

* جاب الله حامد مطر وعزت يوسف المقريف، اثنان من الأعضاء البارزين في الجماعة الليبية المعارضة "جبهة الإنقاذ الوطني لليبيا" وقد "اختفيا" في القاهرة في مارس/آذار 1990. ومكان وجودهما منذ ذلك الوقت غير معروف، على الرغم من ورود أنباء تؤكد أنهما قد سُلما إلى السلطات الليبية.

* "اختفى" الإمام موسى الصدر، وهو رجل دين شيعي بارز إيراني المولد ويحمل الجنسية اللبنانية، مع شخصين آخرين ، خلال زيارة قاموا بها إلى ليبيا في العام 1978.وفي 1 سبتمبر 2002. وفي خطاب مشهور اعترف العقيد بان الصدر قد اختفى في ليبيا

* عمرو خليفة النامي أستاذ الدراسات الإسلامية والحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة كمبردج اختفى في سجون النظام الليبي منذ اعتقاله الأخير سنة 84 م وتشير بعض الأنباء الغير مؤكدة بأن الدكتور عمرو قد مات تحت التعذيب وحتى تاريخ اليوم أي بعد 25 عاما لا تزال أسرته وأولاده بانتظار مصير والدهم . "41 "

محكمة الشعب الإستثنائية

محكمة الشعب : أداة من أداوت القمع السياسي وهي محكمة تصنف بأنها استثنائية ( غير شرعية ) ولا تتقيد بالمعايير الدنيا للمحاكمات العادلة وقد أنشئت محكمة الشعب بموجب القانون رقم "5" لسنة 1988 إلاّ أن التعديلات اللاحقة للقانون المذكور خاصة التعديل الذي أدخل بموجب القانون رقم "3" لسنة 1997 قد جعل من هذه المحكمة وذراعها مكتب الإدعاء الشعبي أداة من أدوات الحكم وتحقيق رغبة السلطة التنفيذية الحاكمة وليس أداة من أدوات تحقيق العدالة ومن خلال متابعة القضايا التي يتولاها مكتب الإدعاء الشعبي ومحكمة الشعب يمكن استخلاص ما يلي:-

* حاول مكتب الإدعاء الشعبي دائماً تغطية الممارسات التعسفية للسلطة التنفيذية من حيث قيامه شكلا بالإفراج عن المتهم الذي يُجلب إليه محبوسا بطريقة قانونية لمدة طويلة (وصلت إلى سنين عديدة) ثم القبض عليه في ذات الوقت من جديد.
* تقوم دوائر محكمة الشعب بعرض أحكامها قبل صدروها وخاصة في القضايا الهامة لأخذ موافقة السلطة التنفيذية الحاكمة عليها وهو ما يُخل باستقلالية وحيادية المحكمة.
* صدرت أحكام ببراءة متهمين مما أسند إليهم وبالرغم من ذلك فقد ظلوا رهن الحبس مدة طويلة .
* عدم وجود ضمانات للمحامين من مزاولة واجبهم تجاه موكليهم وذلك بمنعهم من ممارسة هذه الحقوق من قِبل مكتب الإدعاء الشعبي مما يُعد إخلالاً بالضمانات الأساسية للدفاع أمام محكمة الشعب.
* عدم تمكين الدفاع من الإطلاع على ملفات موكليهم الأمر الذي يعتبر إنتهاكا وخرقا لحقوق موكليهم. إن القواعد القانونية لمحكمة الشعب تجعل من تحقيق العدالة أمرا مستحيلا لذلك يطالب المحامون دائما والقانونيون ومنظمات حقوق الانسان بضرورة إلغاء محكمة الشعب واستبدالها بقضاء عادل قادر على الحكم في القضايا المعنية"42"

وقد اتخذ مؤتمر الشعب العام قراره في 12 يناير 2005 بإلغاء محكمة الشعب ، وكانت منظمة العفو الدولية في زيارتها إلى ليبيا في فبراير 2004 طالبت بإلغاء هذه المحاكم التي ابتدعها العقيد القذافى لإضفاء الشرعية القضائية على مطارداته لمعارضيه وجاء إلغاء هذه المحكمة نتيجة ضغوط دولية لما روج عن هذه ‏المحكمة من جور ٍ وأحكام لحقها الظلم والبُهتان أدت إلى انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وبدلا ً من ‏نظر هذا النوع من القضايا أمام القضاء العادي وتحويلها إليه , والتي اضطلعت بها محكمة الشعب ‏بالسابق تم إنشاء محكمة أمن الدولة ونيابة أمن الدولة لتحل محل محكمة الشعب كنوع من ‏التحوير لأدوات النظام القمعية ، والغريب في الأمر أن إلغاء محكمة الشعب أعقبه بفترة قصيرة جدا إنشاء محكمة تحت اسم " محكمة امن الدولة وذلك أواخر 2007 تنظر ذات القضايا التي كانت محكمة الشعب تنظرها مثل قضايا تجريم الحزبية وحماية الثورة وترويج أفكار ونظريات ضد نظام الدولة ، لتكون هذه المحكمة باختصار أداة من أدوات النظام للدفاع عن نفسه بإصداره قوانين لحمايته و بتفعيل القوانين الخادمة لمصالحه فقط وإهدار القوانين الكافلة لحق المواطن. "43 "

القذافي و الصحافة العربية والأفريقية

بذل العقيد القذافي كل جهد من أجل أن يسكت أصوات الصحافة المعارضة له في أنحاء العالم العربي كما نجح في إسكاتها داخل ليبيا، ومؤخرا نجح القذافي في مقاضاة ثلاثة صحف مغربية هي " المساء ،الجريدة الأولى والأحداث المغربية" يتهمها بإهانته و التعدي على كرامته وذلك على خلفية بعض المقالات التي تناولته بالنقد ،وقد حكمت المحكمة في هذه القضية بتغريم الصحف الثلاثة 370 ألف دولار" وكأن القذافى بعد أن أطاح بحرية الصحافة في ليبيا ، بدا يوجه خبراته في ملاحقة الصحافة والصحفيين العرب بشكل عابر للحدود . "44" وقائمة الصحفيين الذين لا حقهم الزعيم القذافي لاسيما في العالم العربي أو في افريقيا طويلة جدا منهم :

1- قضية ضد الصحفي المصري إبراهيم عيسى ، رئيس تحرير جريدة الدستور وبلال فضل الصحفي بذات الجريدة ،بسبب مقاله عن الرجل الأخضر في أكتوبر 2006 ، ونفي إبراهيم عيسى الاتهام المنسوب إليه بأنه اشترك في الإساءة لرئيس دولة صديقة، مؤكداً أن المقال ،ينتمي إلي الكتابة الساخرة، ويندرج تحت النقد المباح .

2- وفى نهاية عام 2003 أقام القذافى دعوى قضائية ضد 14 صحفي مصري بعد حملة صحفية هاجمته فيها الصحف المصرية بالتخلي طواعية عن إنتاج كافة أسلحة الدمار الشامل واتهمهم القذافى بسبه وقذفه وبعض هذه القضايا ذهبت الى النائب العام المصري مطالبة بإحالة المشكويّن على المحاكمة الجنائية، وحينها علق وزير الإعلام المصري السابق صفوت الشريف قائلا " إن الحكومة الليبية لا تعترض على الحوار الموضوعي، لكنها تعترض على بعض الألفاظ التي تسيء للأشقاء في ليبيا معرباً عن رفضه تلك الممارسات قائلاً إنها تسيء إلى مهنة الصحافة وتمثل خروجا على ميثاق الشرف الصحفي " ، لكن مصير هذه القضايا سرعان ما دخل زاوية النسيان إلي حين إشعار آخر.

3- بسبب مقال تحت عنوان "كلام في الهواء" للصحفي سليم عزوز في جريدة الأحرار تمت محاكمة الصحفي ورئيس التحرير بتهمة الإساءة والإهانة للشعب الليبي ولشخص قائده وزعيمه العقيد معمر القذافي. وطالبت الدعوى التي أقامها رئيس ادارة قضايا الدولة في «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى» بوصفه النائب القانوني عن الدولة الليبية ومؤسساتها، بتعويض مليون جنيه مصري على ان يتم التبرع بهذا المبلغ الى مستشفى سرطان الاطفال الجديد في مصر. إلا أن المحكمة قضت في ابريل 2004 ،برفض الدعوى وألزمت القذافي بالمصاريف، وجاء في حيثيات حكمها ان العبارة السابقة كانت مجرد مدخل في المقال الذي جاء دفاعا عن الصيادين المصريين الذين قامت السلطات الليبية بالقبض عليهم بتهمة اختراق المياه الإقليمية الليبية.

4- فيما قضت إحدى المحاكم الجزائرية في الدعوى القضائية التي أقامها القذافى ضد جريدة "الشروق اليومي" بحبس مدير الجريدة "علي فضيل" والصحفية "نائلة برحال" لمدة 6 أشهر حبس نافذة وغرامة مالية قدرها 20 ألف دينار جزائري وكذلك دفع تعويض مالي لصالح القذافى قدره 500 ألف دينار جزائري، إلى جانب توقيف الجريدة عن الصدور لمدة شهرين كاملين ، ويشار إلى أن الصحيفة الجزائرية كانت أشارت في تقريرين نشرا في 12 و13أغسطس 2006 استنادا لزعماء قبائل الطوارق في الجزائر والنيجر ومالي طالبوا عدم كشف هويتهم إلى خطة مفبركة أعدها العقيد القذافي لزعزعة استقرار الجزائر باستخدام جماعات من الطوارق ذات "نزعة انفصالية.

5- ولم يتورع القذافي حتى عن مقاضاة وكالة أنباء فلسطينية لنشرها خبراً عن إعتلال صحته ، حيث أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية على الانترنت (معا) ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي كلف محاميا فلسطينيا رفع دعوى قضائية ضدها وضد رئيس تحريرها ناصر اللحام، لنشرها خبرا غير صحيح حول تعرض القذافي لجلطة دماغية في مايو 2007.

6- وفي يوليو 2004 قام العقيد القذافي برفع دعوى قضائية ضد جريدة الوطن السعودية بعد أن نشرت الجريدة مقالة افتتاحية بعنوان " عقدة نقص " علقت فيها على اقتراح العقيد بتغيير اسم فلسطين إلى " اسراطين " وقبول عضوية إسرائيل في جامعة الدول العربية.

7- وفي عام 2004 تقدم القذافي بدعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بالرباط ضد "مصطفى العلوي" مدير تحرير صحيفة "الأسبوع" الأسبوعية، وذلك بسبب رسم كاريكاتوري للقذافي صدر على الصفحة الأولى للجريدة عقب إعلان ليبيا التخلي عن برامجها النووية.

8- و في فبراير 2009 أقام السفير الليبي بأوغندا دعوى قضائية بالتعويض ضد صحيفة "ذا رد بيبر" الاوغندية وقال رئيس التحرير الأوغندي أن محامي القذافي رفعوا دعوى تطالب بتعويض مليار دولار ضد صحيفته نتيجة تقارير الصحيفة التي ذكرت أن هناك علاقة حب تربطه بالملكة الأم في مملكة تورو وهي ارملة تدعى "بيست كيميجيشا".

والقتل مصير الصحفيين المنتقدين:

1- محمد مصطفى رمضان ، صحفي عمل مذيعا في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية وكان مقيما في لندن ، وفي يوم الجمعة 11 أبريل 1980 وبعد فراغه من أداء صلاة الجمعة في مسجد لندن المركزي، وبينما هو يغادر ساحة المسجد ليلتحق بزوجته وإبنته اعترض طريقه شخصان أطلقا عليه الرصاص من مسافة قريبة في وضح النهار وأمام مرأى ومسمع المصلين والمارة. وأعلنت اللجان الثورية مسؤوليتها عن الجريمة بكل فخر واعتزاز. ومنعت أهله من استقبال جثمانه وإقامة جنازته أو دفنه في بلده فأعيد الجثمان للدفن في لندن. وتبجح موسى كوسا في مقابلة مع صحيفة التايمز اللندنية بتاريخ 10 يونيو 1980 بأن اللجان الثورية هي التي نفذت اغتيال محمد رمضان ومحمود نافع مؤكدا أن التصفيات ستتواصل على الساحة البريطانية. وفي مـحاكمة لم تستغرق أكثر من 44 دقيقة في لندن اعترف كل من بلحسن محمد المصري (28 سنة) ونجيب مفتاح القاسمي (26 سنة) - وكلاهما ليبي – بارتكاب تلك الجريمة النكراء "تنفيذا لحكم الشعب". وصدر حكم على كل منهما بالسجن مدى الحياة."45"

2- ضيف الغزال " ربما طعنة سكين غادر أتعرض لها جزافاً من مسجون حصل على أعلى وأدق شهادات الإجرام. صار طليقاً لحسن سيرته وسلوكه..، أو خنجر مسموم لزنجى إجتاز الحدود بلا أوراق أقلها ما يثبت لياقته الصحية...!!؟؟ ربما حادث مروري أليم ومروع وغريب أتعرض له فجأة فى شوارع بلادنا المسروقة أو على طرقاتها الصحراوية من قبل ( شاحنة) يقودها صاحب رتبة عسكرية كبيرة...!!"

كانت هذه فقرة من مقال كتبه الصحفي ضيف الغزال قبيل اغتياله ففي 21 – 5 – 2005 حيث اختطف ضيف من قبل شخصين مسلحين ادعوا انهم من الأمن الداخلي الليبي ، فى طريق عودته من منزل احد الأصدقاء غربي مدينة بنغازي وكان برفقة الاعلامى محمد المرغني ، وقد صدقت نبؤه ضيف الغزال ، حيث تم العثور على جثته مهشمة الأصابع ومصابة بطلق ناري ومقيد اليدين. بعد تسعة ايام من اختفائه.

ونتيجة لرد الفعل الواسع سواء بداخل ليبيا أو خارجها على هذه الجريمة الوحشية ،" فقد تم القبض علي الجناة" وتمت محاكمتهم ،والحكم بإعدامهم في يوليو 2007 ، في محاكمة غامضة أثارت من الشك في الأمر أكثر مما أزالته ، ولم ينفذ الحكم ، مما خلق تفسيرات عديدة ، سواء ما تعلق منها بتهديد المحاكمين "كلمة المحاكمين بسبب كثرة الشكوك في حقيقة ارتكابهم للجريمة" بكشف الحقيقة ، أو بسبب ما أعلنه نجل القذافي وأحد المسيطرين على ليبيا من ترك الأمر بيدي أسرة ضيف الغزال ليقبلوا بالدية والصفح.

ولكن يبقى أن هذه الجريمة تمت ضد صحفي بنفس الوسائل التي يعاقب بها الصحفيين المنتقدين في ليبيا، وكان تهشيم أصابعه التي يكتب بها أوضح الأدلة على ذلك.

الصمت أمام الصحافة الدولية

يمكننا القول أن القذافي لم يدع اى كلمة نقد تكتب ضده في الصحف العربية إلا وقام بملاحقة و مقاضاة من كتبها ، ولكن العكس تماما كان مع الصحف الأجنبية التي تنتقده بأساليب اقوي وكلمات لاذعة ورغم ذلك لم يتحرك إزاءها وكأنها عبارات مدح .

1- ومن هذه الصحف جريدة الواشنطن بوست الامريكية التي أطلقت عليه لقب " الديكتاتور " حيث أورد التقرير السنوي الذي تصدره الجريدة لعام 2007 عن أسوأ حكام العالم تضمنت بعض الرؤساء والملوك العرب إلى جانب القذافي الذي وصفته بالديكتاتور ، وقال التقرير إن القذافي الذي وصل إلى الحكم وهو في السابعة والعشرين، قضى ما يقرب من عقد من الزمن في عداء مستحكم مع الولايات المتحدة، ولفترة طويلة كانت ليبيا ضمن القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وكما جاء في التقرير فإن الرئيس الليبي قد توقف في عام 2006 لمدة ستة أشهر عن تمويله للإرهاب، وكنتيجة لذلك قرر الرئيس الأمريكي جورج بوش في يونيه من نفس العام إزالة اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبدأ النظام الليبي في السنوات الأخيرة جني ثمار التحول في سياساته اقتصاديا من خلال الاستفادة من الاستثمارات الجديدة في حقول النفط الضخمة ، والانفتاح النسبي مع الدول الغربية."46".

2- وفى 10-06-2004 ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الزعيم الليبي معمر القذافى صادق على خطة أعدتها الاستخبارات الليبية لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله لزعزعة امن المملكة ، وقالت الصحيفة أن اثنين من المشاركين في خطة الاغتيال وهم عبد الرحمن العامودي، احد قادة الجالية الإسلامية في أميركا المعتقل حاليا في الولايات المتحدة و محمد إسماعيل، ضابط استخبارات ليبي معتقل في السعودية أدلوا بمعلومات تفصيلية حول العملية للمحققين مؤكدين أن العقيد القذافى صادق شخصيا على الخطة ، وكان رد ليبيا من خلال سيف الإسلام القذافى نفى الاتهامات قائلا أنها "مجرد هراء" ."47 "

3- قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تعليقها على اعلان إيطاليا عن عزمها إعادة بعض المهاجرين الى ليبيا بمناسبة زيارة القذافي الى إيطاليا في يونيو 2009 أنها تمثل "احتفالا بصفقة وسخة بموجبها اتفق البلدان على ضرب حقوق اللاجئين والمهاجرين عرض الحائط". وهو وصف قد يعرض حياة أي صحفي عربي إلى فقدان حياته أو حريته وأمواله على اقل تقدير اذا وصف به القذافي."48"

4- فيما قالت منظمة العفو الدولية لساركوزي إنه يستقبل "ديكتاتورا" في تعريفها للقذافي ، وهو التعبير الذي تم الحكم بالتعويض ضد الصحفيين المغاربة حين وصفوه به."49"

مؤسسة القذافي الخيرية وحقوق الإنسان:

قد لا يوازي حجم التمويل المنفق على ما يسمي" بالمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر" سوى حجم التمويل الهائل الذي ينفق على ما يسمي بـ " مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية" ، حيث تصل تقديرات البعض لحجم ميزانية هذه المؤسسة ما يعادل ميزانية دول صغيرة أو توصيل المياة والمرافق الأساسية لكل مواطني ليبيا المحرومين من هذه المرافق رغم أموال النفط الهائلة.

ويصدق على هذه المؤسسة قول الشاعر العراقي مظفر النواب " يدافع عن كل قضايا الكون ، ويهرب من وجه قضيته1".

فسوف تجد على موقع هذه المؤسسة ومن خلال تصفح الأنشطة التي قام بها ، مساعدات مالية لمواطنين وأنشطة في تشاد ، الفلبين ، النيجر ، السودان ، تايلاند ،سنغافورة ، باكستان ، بوركينافاسو ، سيراليون ، أفغانستان .. الخ ، لكن السيد سيف القذافي الذي يدير هذه المؤسسة ، الذي يشعر بالفخر بنفسه ، ويسعد بإطلاقه التصريحات "فقط تصريحات" مختلفة عن ممارسات والده ، لا يحرك ساكنا حينما تغلق جريدة أو يعتقل صحفي أو تؤمم قناة أو يختفي مواطن قسريا ، لاسيما وأن المؤسسة تستضيف نشاط حقوق الإنسان الذي تروج له أكذوبة جائزة القذافي لحقوق الإنسان ، ويبدو أن هذه المؤسسة تهتم فقط بحقوق الإنسان ، غير الليبي.

أما دورها في ليبيا فيقتصر على إنتقاد المؤسسات الحقوقية الليبية في الخارج ، ومهاجمة تقاريرها.

ألقاب القذافي

في أخر إجتماع قمة للرؤساء والحكام العرب في الدوحة 2009 ، توجه العقيد القذافي بالنقد للملك السعودي قائلا " انا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك افريقيا وإمام المسلمين. مكانتي العالمية لا تسمح لي ان انزل لأي مستوى آخر. وشكرا"

إلا أن الألقاب التي اطلقها العقيد القذافي على نفسه في هذه الجملة لا تتضمن ألقابه الوحيدة ، فقد جمع القذافي وأختار أن يمنح نفسه العديد من الألقاب سواء المرتبطة بحدث نظمتها إحدى اللجان الثورية أو حسب ما ترائي له و التي تنم عن شعوره بالعظمة والتفرد منها :

* "ملك ملوك أفريقيا"
* " ألأخ العقيد قائد الثورة"
* " أمين القومية العربية"
* "عميد الحكام العرب"
* "إمام المسلمين"
* " رئيس تجمع دول الساحل والصحراء"
* " قائد القيادة الشعبية الإسلامية"
* " المفكر والقائد الأممي"
* "قائد ثورة الفاتح من سبتمبر"
* "أمغار" أو قائد الطوارق
* "الزعيم"
* " الأخ معمر القذافي قائد الثورة الليبية‏"

الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى : ولم يكن منطقيا أن يمنح القذافي نفسه هذه الألقاب وهو يدير ويسيطر على دولة صغيرة مثل ليبيا ، فكان أن قام بتغيير اسم ليبيا من " الجمهورية العربية الليبية " إلى "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" حتى تتلاءم مع شعوره بالزعامة والعبقرية.

خاتمة

نجح نظام العقيد القذافي خلال 40 عاما نجاحا باهرا في إسكات أي صوت قد يتجرأ ليس على انتقاده أو انتقاد سياسته ، بل وإسكات أي منادي أو مطالب بدولة مؤسسات حقيقية ، بدلا من الأشكال الكاريكاتورية التي أبتدعها ، وقد نهج في سياسة الإسكات التي يتبعها كل الدروب والأشكال ، بداية من الملاحقة القانونية ، وحتى السجن والتعذيب ، وصولا إلى الإغتيالات والتصفية الجسدية ، ساعده في ذلك العائد النفطي الضخم لليبيا ، والذي تعامل القذافي معه تعامل الإنسان العادي في ثروته الخاصة ، وقد أسفرت هذه السياسات عن تفريغ شبه كامل لليبيا من الصحافة المستقلة أو المعارضة ، بحيث باتت المعارضة الليبية في الخارج هي المنافس الأكبر للمعارضة العراقية أثناء حكم صدام حسين للعراق من حيث الحجم والتأثير، على الرغم من قلة عدد سكان ليبيا مقارنة بالعراق.

وفي حين تحول العقيد القذافي إلى نصف إله ونصف ديكتاتور ، فقد أصبح ابنائه يسيطرون على مقاليد الحكم في ليبيا وثروتها بشكل يضاهي تصرف أبناء الإقطاعيين في أوربا العصور الوسطى .

وعلى الرغم من وجود مؤسسات حديثة من حيث الشكل ، مثل المؤسسات البحثية والوزارات التي سميت "أمانات" وتصديق ليبيا على أغلب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ، إلا أن حقيقة الأمر جعلت أنه ما من قانون يطبق في ليبيا سوى رغبات القذافي ، وما من دستور يلزم سوى الكتاب الأخضر الذي لا يتجاوز في افضل تقدير له كتاب أطفال في المدارس الابتدائية.

وكان لدور المجتمع الدولي ، سواء بالحصار الذي فرضه على ليبيا لسنوات طويلة ، أو نفاقه لنظام العقيد القذافي بعد دفع مليارات الدولارات كتعويضات عن عمليات ارهابية مارسها نظام القذافي لفترات طويلة ، فضلا عن أعداد هائلة من الكتاب والصحفيين والأكاديميين الذي شاركوا في إذكاء نزعة العظمة والسيطرة لدي هذا العقيد ، بمقابل مالي تم دفعه من أموال الشعب الليبي ، سواء عبر دراسات مزيفة عن عظمة الكتاب الأخضر أو تأسيس فروع له في الخارج ، أو إعلانات عن القذافي وإنجازاته الوهمية في ليبيا وفي الصحف العربية والدولية.

كل هذه ساهمت في صعوبة أن تتحول ليبيا لدولة حقيقية تحكمها المؤسسات وليس العقيد وابنائه.

ولا تجد الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، بديلا عن نضال سلمي وقانوني يقوده المواطنين الليبيين لفرض دولة القانون ، والمؤسسات ، تكون الأحزاب والصحافة المستقلة والسلطة القضائية والبرلمان هي أدواته الرئيسية ، فضلا عن فضح كل من اغترف من أموال الشعب الليبي في الداخل أو الخارج، وأن تتوقف الحكومات الغربية والأوروبية عن النفاق الذي تمارسه مع هذا النظام من أجل عقود نفطية او تجارية ، حيث تتم هذه التعاقدات من نظام يفتقد لأدني مصداقية أو شرعية.

أما الحكومات العربية ، فتأسف الشبكة العربية أن تعلن أن أغلبها لا يختلف كثيرا عن نظام القذافي ، وانه من المنطقي والطبيعي أن تؤيده هذه الحكومات ، حتى مع بعض الاختلافات الثانوية بين هذه الحكومات وحكومة القذافي ، فهي لا تغير في جوهر الطبيعة المشتركة بين حكومات غير ديمقراطية ، سواء أكانت ملكية أو جمهورية.








المصدر :

الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

ساري نهار
31-12-10, 04:11 AM
الدكتور محمد يوسف المقريف


وجدير بالذكر أنّ هذه الفصول تتعلّق بممارسات الانقلابيين خلال السنوات السبع الأولى لاستيلائهم على السلطة وقبل ادّعائهم تسليم "السلطة للشعب" في 2 مارس 1977. وقد عايش المؤلّف هذه السنوات من خلال شغله لمنصب رئيس ديوان المحاسبة (يولية 1972 - أكتوبر 1977) وقدّم خلالها عدداً من التقارير أثارت غضب القذافي وجعلته يتخلّص من المؤلّف بإبعاده عن ديوان المحاسبة وتعيينه سفيراً في الهند.




من تقارير ديوان المحاسبة.

إنّ مطالعة هذه الفصول الخاصّة بالسنوات السبع الأولى للانقلاب تؤكّد بشكل قاطع أنّ مأساة الشعب الليبي ومعاناته بدأت مبكّرة ومنذ الأشهر الأولى للانقلاب.. وظلَّ مصدرها وسببها على الدوام أفكار القذافي وتوجّهاته واختياراته، وليس كما يحاول هو وبعض أبواقه الادّعاء أنّها كانت بسبب مواقفه القومية والعربية وبسبب الحصار والعقوبات التي فُرضت على نظامه منذ العام 1992.


مآخذ الانقلابيين ووعودهم


سواء أصحَّ ما ذهبنا إليه في الفصول السابقة، من أنّ الملازم معمر القذافي كان "مخبراً" لدى الأجهزة السرّية للنظام الملكي أم لم يصحّ، وسواء أكان انقلاب الأوّل من سبتمبر/أيلول 1969 "صناعة أمريكية" أم لم يكن .. فقد "تقمَّص" الملازم القذافي منذ الأيام الأولى لاستيلائه على السلطة في ليبيا دور "البطل الثائر الوطني القومي"[1]، وأخذ، في إطار السعي لتقديم "مبرّرات" لحركته، وإضفاء "الشرعية" على انقلابه، يكيل – في بياناته وفي خطبه وأحاديثه- الاتِّهامات والانتقادات، ويسرد المآخذ على رجال العهد الملكي وسياسات حكوماته في كلّ مجال، وعلى الأخصّ في المجالات المالية والاقتصادية وفي تسيير الدولة وإدارتها، وجنباً إلى جنب مع تلك الانتقادات والمآخذ كان يُطلق العهود والوعود ببداياتٍ جديدةٍ وصحيحة في هذه المجالات ذاتها ..



(أ) مآخذ الانقلابيين على العهد الملكي



يتبيّن من خطب القذافي المبكِّرة أنّ الانقلابيين كانوا يأخذون على العهد الملكي وحكوماته في مجال الاقتصاد والمال والإدارة جملة مآخذ أهمها:



1- الإسراف والتبديد

2- تهريب أموال الشعب

3- الفساد والإفساد

4- النظام الاقتصادي الفوضوي

5- المكتبية والفساد الإداري.



ولئن اقتصر البيان الأول لانقلاب سبتمبر/أيلول على وصف العهد الملكي في هذا المجال بنعوت:



".. النظام الرجعي المتخلف المتعفن الذي "أزكمت رائحته النتنة الأنوف، واقشعرت من رؤية معالمه الأبدان..." " عهد الرشوة والوساطة والمحسوبية .."



فإنّ خطب العقيد القذافي وتصريحاته اللاحقة نضحت بالكثير والكثير في هذا الصدد، نقتطف منها:



".. لولا الفقر الذي فرض على جماهيرنا لما قامت الثورة ... ولولا التخلف والحرص لما قامت الثورة، ولولا الجهل والوساطة والمحسوبية والرشوة والفساد لما قامت الثورة .."

(خطاب بمدينة طبرق 28/3/1971. ثورة الشعب العربي الليبي، الجزء الأول صفحة 31).



".. الثورة ما قامت إلا لأنّ أموال الشعب الليبي لم تكن تصرف على الشعب الليبي، بل كانت تصرف على الحكام يبنون بها القصور، وفي علاج الحكام بالخارج بينما يمنع علاج الشعب في الخارج .."

(الخطاب السابق نفسه بمدينة طبرق 28/3/1971، المرجع السابق صفحة 31).



"... هم – أي رجال العهد الملكي- كانوا ال7 مليون وال10 مليون أستغفر الله يسكروا بها في ليلةٍ واحدة .. كان ممكن تكاليف حفلة من حفلاتهم ينشئوا بها مشروع تاورغا[2] (الزراعي)"

(خطاب ببلدة تاورغا، يوم 25/8/1971، المرجع السابق صفحة 187).



".. لن تضيع الميزانية في رواتب المحظوظين والمستغلين، ولن تصرف الميزانية في شراء آخر "موديلات المرسيدس" كما كان يحدث في الماضي .. الميزانية للشعب ومن أجل الشعب"

(خطاب بنزهونة يوم 28/8/1971، المرجع السابق صفحة 292).



"... لأنَّ ميزانية كبيرة بدلاً من أن تذهب إلى المصانع وإلى المزارع وإلى خدمة الناس، قالوا أنهم رصدوها للبيضاء ولخدمة البيضاء[3] (العاصمة الإدارية في العهد الملكي).."



".. وجدنا في كلّ مكان حكومة وتبذيراً لأموال الشعب.. وعليه قررنا أن تكون الحكومة في مكانٍ واحد حتى تكون المصاريف أقل ما يمكن... وليس من المفيد أن يكون لرئيس الوزراء ديوان في البيضاء، وديوان في طبرق، وديوان في طرابلس، وديوان في بنغازي، وديوان في سبها أو أي مكان آخر، بل إنّ هذه الدواوين كانت تكلّف الأموال ونفقات سفر وقرطاسية وأعمال إدارية ومكافآت وعلاوة إزعاج وغربة وغيرها ..."



".. بعد الثورة مباشرة أوقفنا مثل هذه الأعمال، وسحبنا أخطبوط الحكومة الطويل الذي كان ينفق الأموال على حساب الشعب، سحبناه وجعلناه في مكان واحد مركزي حتى يستطيع الشخص أن يراقب جميع موظفي الدولة، ويستطيع أن يخطط مع الجميع، ويستطيع أن يتحرك للتنفيذ ... كانت البيضاء في الماضي مقر الاحتفالات.."

(خطاب بمدينة البيضاء يوم 8/4/1970. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الثالث (الصفحات 110-112).



".. الديكتاتورية الرجعية (العهد الملكي) وبمساعدة قوى الاستعمار العالمي التي تكالبت على ليبيا وأغرقتها في سيلٍ عارم من شذاذ الآفاق ومن كل أجنبي دخيل لتمتص ثروة هذه البلاد ... وأصبح المواطن من أبناء هذا الشعب من الدرجة الثانية..."

(خطاب بطرابلس 1/9/1970. المرجع السابق، صفحة 106).



" إنّ الملكية الرجعية العميلة قدّمت لشعب طبرق[4] (مدينة طبرق) التأخر والتخلف.. إنّ الرجعية حرمت شعب طبرق حتى من نور الكهرباء ..... نحن هنا في ظل الملكية الرجعية العميلة .. نعيش في الخيام بدون كهرباء، حتى بدون مياه، والماء من ضروريات الحياة .."

(خطاب بطبرق يوم 5/11/1969. المرجع السابق، صفحة 108).



".. إنّ طبرق ... فُرض عليها الفقر وفرض عليها التخلف .. وأقيمت فوقها القصور"

(خطاب بطبرق يوم 5/11/1969. المرجع السابق، صفحة 109).



"... إنّ من مظاهر الإسراف في العهد البائد على سبيل المثال أنني وجدت بملف المواصلات (1153) جهاز هاتف كانت موضوعة في أماكن لا تخدم الدولة ولا تخدم الشعب ولا تؤدي إلا أغراضاً خاصة لأصحاب الوساطة والمحسوبية ...."

(خطاب ببنغازي يوم 4/9/1970. المرجع السابق، صفحة 128).



".. زمان كان في العهد الملكي الفاسد حتى الوزير يكتب أشياء لا يعلمها، حتى رئيس الوزراء تبّاع[5] ... صفقات بالملايين ذهبت ولم يهتم بها أحد .. صفقات بالملايين ذهبت ولم يهتم بها أحد .."

(حديث مع رجال القضاء والنيابة بطرابلس يوم 13/4/1971. المرجع السابق، صفحة 128).



".. أموال الشعب التي هُرّبت إلى الخارج في تلك الفترة الحالكة بالسواد ... لقد أغرقت البلاد بسيلٍ عارم من فرنجة أوروبا ومن مصاصي دماء الشعوب حتى أصبح المواطن الوطني العربي أقل بكثير من الأجنبي الذي يملأ الشوارع ويملأ دوائر الحكومة..."

(خطاب بمصراته يوم 9/7/1970. المرجع السابق، صفحة 129).



".. قفلت الثورة باب الإسراف في ميزانية الدولة، ألغت قرابة أربعين علاوة تعطى ترفاً، وكانت تعطى بدون وجه حق، وكانت غير معقولة بتاتاً، ولكنها على حساب ميزانية التنمية للشعب الليبي ... هذه الأشياء (العلاوات) تأخذ جزءاً كبيراً من الميزانية ... هذه الأشياء كلها ألغيت من أجل تجميع ميزانية الشعب لكي تستخدم في مصلحة الشعب.."

(خطاب بطبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 129).



"... إنّ العهد الملكي كان عصابة تحكم البلد من أجل مصلحتها، فكل وزير وكل مدير وكل واحد منهم يريد الشعب يغرق في النوم ويعيش في الظلام، يسرق في الظلام لكي يبنوا قصراً ويملك مرسيدس ويهرب أموالاً إلى الخارج.."

(خطاب بالببضاء يوم 2/2/1971. المرجع السابق، صفحة 130).



".. والحقيقة أنّ العهد الملكي الفاسد يتحمل مسئولية هذا الإهمال الخطير لثروات البلد الطبيعية .. فعيون وادي الشاطئ الطبيعية كان يمكن استغلالها منذ خمسة عشر عاماً وأكثر حتى لا تغطي التربة عليها.."



".. وأنتم تعلمون أنّ هناك أموالاً كثيرة ضاعت، وسنوات كثيرة ذهبت هباء، وذلك في العهد الملكي الذي كان ينظر إلى هذه الأمور ويضحك وكل همه أن يجذب رضاء الناس ويكسب ثناءهم ولا يهمه مصلحتهم"

(حوار مع المهندسين الزراعيين ببنغازي يوم 16/10/1971. المرجع السابق، الصفحات 178-191).



".. في العهد المباد فعلاً الميزانية كانت ميزانية حكومة، الملك يقدر يطلع مليون برّة يعمل منها قصوراً، والحكام كلهم الموجودين في البلد كل واحد منهم يقدر يشتري المرسيدسات من ميزانية الحكومة، ويعمل القصور، ويعالج على حساب الحكومة، ويعدي يصيّف برّه ويرفّه عن نفسه على حساب الحكومة، ويعدي يهرب أموال الحكومة ... كان عند الناس شعور بأنّ الحكومة ليست حكومتنا والميزانية ليست ميزانيتنا، وتنفق في أوجه حرام ولا تنفق على الشعب.."

(خطاب بصبراته يوم 7/10/1971. المرجع السابق، صفحة 239).



".. إنّه كان في تصوري أننا نحن في ظرف سنتين أو ثلاثة نستطيع أن نعمل الشيء الكثير من أجل الناس الذين يعانون وطأة الفقر .. هناك خط يسمونه خط الفقر أناس واقعه تحته وأناس فوقه ... كان لدي أمل في القدرة على أن نرفع مستوى هؤلاء الناس الذين تحت خط الفقر، أن نرفعهم فوق خط الفقر، هذا لم يتحقق لأنه لا يوجد مستوى مسئولية.."

(خطاب بصبراته يوم 7/10/1971. المرجع السابق، صفحة 243).



".. إنّ الشعب كان في العهد المباد كمّاً مهملاً "

(في افتتاح الدورة التثقيفية لقيادات الاتحاد الاشتراكي بطرابلس يوم 25/12/1972. المرجع السابق، صفحة 248).



"أمّا في السابق فقد كانت الميزانية تنفق في الخمر والقصور، وفي المصارف خارج البلاد وفي سيارات المرسيدس.."



".. الميزانية كانت (في العهد الملكي) تنفق على غير طاعة الله، وفي غير صالح الشعب.. وفي العهد المباد كانت هناك حكومة رجعية لا تعمل من أجل مصلحة الشعب، ولا من أجل قاعدة اقتصادية للشعب، ولا تعمل من أجل الرخاء.. كانت الأموال توزّع يميناً ويساراً، حتى يستطيع الوزراء والعملاء أن يسرقوا أكبر قدر ممكن ويتمكنوا من تهريبه للخارج، أو من شراء سيارات المرسيدس الفاخرة.."

(خطاب بالبيضاء يوم 8/4/1970. المرجع السابق، الصفحات 344-345).



".. إنّ الثروات التي تتجمع اليوم، والتي كانت تبذر تبذيراً ... سوف لا تصرف على القصور ولا على الرحلات في الخارج، ولا على علاج الحكام في سويسرا وإيطاليا ولا في سيارات المرسيدس والكاديلاك"

(خطاب بطبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 347).



"... أمواله التي كانت تبدَّد، وكانت تبنى بها القصور، وتشترى بها السيارات الفخمة للحكام وكانت تهرب إلى الخارج.."

(خطاب بمصراته يوم 9/7/1970. المرجع السابق، صفحة 348).



".. واستطاع هذا الشعب أن ينتزع الأموال التي كانت تصرف على المحاسيب وتنابلة السلطان وعلى كل عميل ودجال، وتتسرب خارج البلاد في السر والعلن وبشتى الطرق لينتفع بها الأجنبي الدخيل، وليعيش بها الأذناب ؟؟؟ في بحبوحة خارج البلاد، عندما كان هذا الشعب يعاني من الفقر والمرض ومن الحرمان والتخلف .. الويلات"

(خطاب بطرابلس يوم 1/9/1970. المرجع السابق، صفحة 348).



".. يجب أن يعرف الناس أن مالية ليبيا ضاعت في العهد البائد، وكان ذلك أحد أسباب قيام الثورة.."

(حديث لمجلة "تورينا" الليبية، فبراير/شباط 1972، المرجع السابق، صفحة 350).



".. مثلاً الشلحي كان عنده مزرعة، كان يعيش على الزراعة.. والواقع أن عنده أربعين مليون دينار هرّبها للخارج، وعنده قصور في كل جهة.."

(حوار مع المهندسين الزراعيين ببنغازي يوم 16/10/1971. المرجع السابق، الصفحات 178-191).



".. الناس اللي كانوا قبلنا في العهد الملكي، ألم يكذبوا علينا ويقولوا أنهم ناس مسلمين وناس متقين... ما التقوى التي وجدناها؟ .. وجدنا الخمر ووجدنا الفسق وكراهية المسلمين وكراهية العرب وبيع الضمائر والرشوة والغش والخداع والضحك على الناس وملء البطون والجيوب وأكل السحت والحرام وأكل رزق عباد الله.."

(خطاب ببلدة تاورغا، يوم 25/8/1971. ثورة الشعب العربي الليبي، الجزء الأول، صفحة 125).



".. وتتصدى الثورة لإنقاذ قرابة الثلاثين ألف من الليبيين الذين تركتهم العهود الماضية فريسة لمرض السل يعيشون بدون مستشفيات وبدون علاج، وإن الثورة الآن (تتصدى) لتركة مثقلة تركها العهد الملكي الفاسد المباد، وتدفع الثورة من ميزانية الشعب الأموال الطائلة تسديداً لنفقات ترتّبت على مشاريع العهد البائد [6] وكان لا بد لنا أن ندفع تلك النفقات مهما كانت باهظة، وتتصدى الثورة في الميدان الداخلي لبناء مئات المدارس لتعليم الشعب الذي تركته العهود الماضية فريسة الجهل والظلام.."

(خطاب بطرابلس يوم 1/9/1971. المرجع السابق، صفحة 136).



".. أُريدَ لهذا الشعب أن يكون اتكالياً .. أريدَ لهذا الشعب أن يكون شحاذاً وأن يكون متسوِّلاً وأن يكون فقيراً وثروته تحت أقدامه، فرفض هذا الشعب إلا أن يكون سيِّداً في أرضه، رفض هذا الشعب إلا أن يضع يده على ثرواته.."

(خطاب في بنغازي 16/9/1969. المرجع السابق، الصفحات 168-169).



".. كنا نعتقد على أقل تقدير أن الرجعية والملكية العميلة التي عششت في هذه المدينة الجميلة (طبرق) وشيدت القصور لم تستحِ بعض الشيء وتجعل على أقل تقدير طرقاً معبّدة في طبرق أو تمد طبرق بالمياه العذبة، فوجدنا المياه العذبة من (مدينة) درنة لكي تصب في القصور.. لكن يعيش فرد واحد متألِّه وحوله مجموعة من اللصوص المتزلفة التنابلة تعيش بالمياه العذبة وشعب طبرق بدون مياه.."

(خطاب بطبرق يوم 5/11/1969. المرجع السابق، صفحة 169).



".. كان الخواجات (الأغنياء) من سكان البيضاء (في العهد الملكي) يستوردون المياه من اليونان في علب ونحن أنفسنا شاهدنا ذلك (؟)"

(خطاب بالبيضاء يوم 8/4/1970. المرجع السابق، صفحة 185).



".. في العهد البائد كانت الوظائف تشريفاً وليست تكليفاً... وما كان يقصد منها مصلحة الشعب ولا الحاجة إلى هذا الشخص في هذه الوظيفة، ولكن المقصود منها هو أن كل وزير أو موظف كبير له قريب أو صديق أو محاسيب وتنابلة كان يوزع عليهم المرتبات، وكان يمكن أن يجد لهم الوظائف وإلا ما معنى وجود أكثر من وكيل في وزارة واحدة ووكلاء مساعدين وعدد كبير من المدراء العامين في وزارة واحدة .."

(خطاب ببنغازي يوم 4/9/1970. المرجع السابق، صفحة 197).



".. أمرنا سفير ليرجع طبيب لأنه دكتور في الطب، وحطته الواسطة سفير، يعني كيف الطب البشري ما علاقته بالدبلوماسية [7]، ولهذا قلنا لوزير الوحدة والخارجية يرجع السفير هذا إلى دكتور بشري واحنا محتاجين له في المستشفى.."

(حديث في مؤتمر الطلبة ببنغازي يوم 6/11/1969. المرجع السابق، صفحة 198).



".. احنا زمان (قبل العهد الملكي) كنا بنصدر الأغنام للخارج، لكن العهد الملكي الفاسد أفسد البلاد، طمّعنا بالشركات، طمّعنا بالوظائف، طمّعنا بالفلوس نحطّها في جيوبنا ونجري نشتري بها من الدكان حاجات غالية، تركنا البحر، تركنا الغنم، تركنا الزراعة، تركنا الخونة على وطننا وقعدنا بعدين نكبة على الحكومة.."

(خطاب باجدابيا يوم 23/8/1971. المرجع السابق، صفحة 366).





".. الواسطة والمحسوبية والرشوة كانت متفشية في العهد .. أمّا الآن فلا يظلم أحد"

(خطاب بسرت يوم 25/8/1971. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الثاني، صفحة 99).



".. زمان في العهد الملكي الفاسد الذي لم يوجد فيه تكافؤ فرص وليست فيه عدالة ..."

(خطاب باجدابيا يوم 23/8/1971. المرجع السابق، صفحة 100).



".. ومن المؤكد أن هذا الشعب يعاني من الفقر ويعاني من المرض ويعاني من الجهل ويعاني من عدم العدالة الاجتماعية، ويعاني من الظلم، ومن أجل هذا أيها الأخوة قامت الثورة.."

(خطاب بطبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 100).



".. احنا ندفع عشرات الألوف من الدينارات في تركات العهد البائد .. عمل قصور .. عمل ديون[8].. عمل فساد في الأرض، احنا ملزمين إننا ندفع .."

(خطاب ببلدة تاورغا، يوم 25/8/1971، المرجع السابق صفحة ؟؟؟؟).



".. ولقد سألني أحد الأخوة الفلسطينيين هل تقصد أن السرقة من الفلسطينيين أم من الليبيين .. فقلت له أنّ السرقة كانت من داخل ليبيا، ولم أكن أقصد الفلسطينيين إطلاقاً .. فالفلسطينيون مكافحون شرفاء، أرفع وأبعد عن هذه المستويات..

أيها الأخوة .. عندما قلت اكتشفنا سرقات لتبرعات الشعب الليبي للفدائيين الفلسطينيين أقصد أنّ حكام العهد البائد كانوا يسرقون هذه الأموال[9]، وكان المواطن الليبي غير مطمئن على الأموال التي يدفعها لفلسطين هل هي تصل إلى المقاتلين فعلاً أم لا؟ ولقد قال لي ياسر عرفات بنفسه أن تبرعات عدد كثير في ليبيا لم تصلنا بعد، ويعني هذا أن طرقاً ملتوية في الطريق من داخل ليبيا تعوق وصول التبرعات للفدائيين.."

(خطاب بالبيضاء يوم 8/4/1970، المرجع السابق، الصفحات 356-3357).



".. كانوا عصابة من اللصوص والانتهازيين فلم يحسوا بذلك .. ولم يثأروا للكرامة العربية التي جرحت عام 1948/ وعام 1967م. .. لم يعرفوا الكرامة لأن لا كرامة لهم. وقد رأيتموهم في محكمة الشعب عبارة عن لصوص."

(خطاب ببلدة تاورغا، يوم 25/8/1971، ثورة الشعب العربي الليبي، الجزء الثالث).



".. إنّ محكمة الشعب سوف تشكل قريباً وسوف تبدأ في محاكمة العهد البائد، ونحن جميعاً عندما نتكلّم عن محكمة الشعب لا نتكلّم عن محاكمة أشخاص معيّنين، ولكننا نريد أن نضع في قفص الاتهام عهداً بأكمله كان فاسداً، وكان عميلاً، وكان رجعياً وسوف نحاكمه في أشخاصه..."

(في المؤتمر النسائي الأول بطرابلس يوم 25/7/1970. المرجع السابق، صفحة 151).



".. هذا هو النظام الاشتراكي الذي يختلف عن النظام الفوضوي المتطفل وعن النظام الرأسمالي الذي كان موجوداً بليبيا.. " "إنّ النظام الاقتصادي الذي كان موجوداً بهذا البلد كان نظاماً فوضوياً خالياً من التخطيط يتطفل حتى على النظام الرأسمالي"

(خطاب في طبرق يوم 28/7/1971. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الثالث، صفحة 102).



".. ما كانت عليه هذه الثروة (النفطية) من احتكار وسلب، وكيف كان حق الشعب ضائعاً ومسروقاً.."

(مؤتمر شعبي في مدينة بنغازي يوم 2/2/1971. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الأول، صفحة 112).



هذه هي جملة المآخذ والانتقادات التي وجّهها الانقلابيون على لسان العقيد القذافي لسياسات العهد الملكي في مجالات المال والاقتصاد والإدارة العامة، ولا يعنينا هنا أن نناقش [10] مدى دقّة وصحّة هذه المزاعم بقدر ما يهمّنا أن نسجّل بشأنها ما يلي:



1- إنها اتهامات وانتقادات عامَّّّة ومبهمة ليس فيها تفصيل وغير مدعمَة بالأرقام والبيانات (وإن كان هذا لا ينفي صحّة بعضها على تفاهته).



2- إنّ النظام الانقلابي لم يستطع أن يثبت صحة هذه الاتهامات والمآخذ خلال المحاكمات التي أجراها لرجال العهد الملكي أمام ما سُمِّي بمحكمة الشعب.[11]





3- لم يعبأ النظام الانقلابي (أو ربما لم يستطع) أن يوثّق هذه المآخذ والانتقادات والاتهامات في دراسةٍ أو تقرير موضوعي متكامل.



(ب) وعود الانقلابيين المبكّرة



مع ترديد انقلابيي سبتمبر/أيلول لانتقاداتهم ومآخذهم على سياسات العهد الملكي المالية والاقتصادية والإدارية، لم يترددوا في إطلاق الوعود تلو الوعود بشأن ما هم عازمون على القيام يه وإنجازه في هذه المجالات. وقد تلخّصت هذه الوعود، كما وردت في بياناتهم وخطبهم وقراراتهم المبكرة، في الآتي:



1- توجيه إيرادات ليبيا لمصلحة شعبها.



2- توجيه الجزء الأكبر من إيرادات البلاد نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل:



- إحداث ثورة زراعية تحقق الاكتفاء الذاتي.

- إحداث ثورة صناعية تمكّن البلاد من التحرر من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد لدخلها.



3- تحقيق ثورة إدارية تهدف إلى القضاء على المكتبية وإعادة تنظيم الجهاز الإداري للدولة.



4- تحقيق العدالة الاجتماعية.



5- بناء قوات مسلحة تهدف إلى حماية مكاسب الشعب الليبي.





وإذا كانت الوعود التي وردت في البيان الأول الصادر عن الانقلابيين انحصرت في الآتي:



".. وهكذا منذ الآن تعتبر ليبيا، صاعدة بعون الله إلى العمل وإلى العلا، سائرة في طريق الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية، كافلة لأبنائها حق المساواة، فاتحة أمامهم أبواب العمل الشريف .. لا مهضوم ولا مغبون، ولا مظلوم، ولا سيد ولا مسود، بل أخوة أحرار في ظل مجتمع ترفرف عليه (إن شاء الله) راية الإخاء والمساواة..."



فإنّ الوعود التي أطلقها قائد ذلك الانقلاب، من خلال خطبه وأحاديثه وتصريحاته المبكرة، لم تعرف الحدود ... وفيما يلي أمثلة على تلك الوعود:



".. نحن لا نملك الحق في أن نبذّر أموال الشعب.. لكنّنا ليس أوصياء على الشعب بهذه الدرجة حتى نبذر أمواله.."

(خطاب بمدينة البيضاء يوم 8/4/1970. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الأول، صفحة 122).



".. الآن نحن نطبّق الإسلام الحقيقي.. ليس هناك رشوة، ليست هناك محسوبية، ليس هناك ضعف، ليست هناك تفرقة.. فيه مساواة ... فيه عمل ليل نهار... حرّمت الثورة وجود الخمر في البلاد... ومنعت أيضاً كافة النوادي الليلية الراقصة الماجنة.."

(خطاب ببلدة تاورغا يوم 25/8/1971. المرجع السابق، صفحة 125).



"... تتصدّى ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول) للعمل الوطني من أجل إنقاذ الشعب الليبي ممّا هو فيه عندما قامت الثورة وقادته في طريق التقدم ليعيش الحياة العصرية التي تعيشها الشعوب الأخرى..."

(خطاب بطرابلس يوم 1/9/1971. المرجع السابق، صفحة 136).



"... الثورة الآن جاهزة لإعادة تنظيم كافة الأجهزة الإدارية .."

(حديث في مؤتمر المعلمين بطرابلس يوم 28/11/1969. المرجع السابق، صفحة 199).



"... لن تضيع الميزانية في رواتب المحظوظين والمستغلين، ولن تصرف الميزانية في شراء آخر الموديلات من المرسيدس كما كان يحدث في الماضي .. الميزانية للشعب ومن أجل الشعب..."

(خطاب في أمسلاته والقصبات يوم 26/8/1971. المرجع السابق، صفحة 283).



"... قد قررنا أن نقضي على ظاهرة التسوُّل في ليبيا، ولا يمكن أن يكون في ليبيا الثورة، ليبيا الجمهورية شخص يتسوّل أو يمدّ يده ..."



".. لأنّ أموال الدولة هي ملك للشعب، والميزانية ميزانية الشعب، ونحن لا نستطيع أن نزيد رواتبنا ولا نقدر أن نتصرف في أموال الشعب بإعطاء راتب لهذا وذاك لأن هذا ليس من حقنا بل هو حق الشعب ونحن أمناء على هذه الأموال، ولا يمكن أن نفرط فيها ... وإلا يكون صورة طبق الأصل للعهد البائد، وهذا لا يمكن أن يكون أبداً .."

(خطاب بالبيضاء يوم 8/4/1970. المرجع السابق، الصفحات 286-287).



".. قامت الثورة من أجل العدل، وليس من العدالة الاجتماعية أن تأخذ حقك ولا تؤدي واجبك. إنّ الثورة تطبق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين طبقات الشعب.. العدالة في جميع الميادين، في الوظائف وفي التجنيد وفي الخدمة وفي المسكن وفي كل مجال..."

(خطاب بمسلاته والقصبات يوم 26/8/1971. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الثاني، صفحة 100).



".. الثورة الآن مستمرّة في تخطيط النظام الاشتراكي الاقتصادي الذي يحقق تجميع الثروات وتوزيعها بالعدل تحت سيطرة الشعب.."

(خطاب بطبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 103).



".. لا بدّ أن يشعر كل فرد منا بإنسانيته، لا بد أن يصل كل فرد منا إلى حقه بدون وساطة، بدون رشوة، بدون تزييف، إنّها ثورة على الرشوة، ثورة على المحسوبية، ثورة على الوساطة، ثورة على الدجل والزندقة، ثورة على التخلف والعبودية، ثورة على الضياع الذي وضع فيه هذا الشعب، وأريد له أن يضع ..."

(خطاب ببنغازي يوم 16/9/1969. المرجع السابق، صفحة 145).



"... نحن منعنا الشحاذة (التسول) في الجوامع ... لا يوجد شخص في المجتمع الثوري يحترف التسوّل أبداً، لأنّه ممنوع منعاً باتاً ..."

(خطاب في زليتن يوم 26/8/1971. المرجع السابق، صفحة 257).



".. نريد أن ندفع الشعب في معركة البناء .. نريد أن نسترجع حق الشعب في ثروته البترولية بزيادة الأسعار، وبإقامة صناعات بترولية حتى تصبح ليبيا دولة عصرية متقدمة بفضل الصناعات البتروكيماوية التي نحن بصدد إقامة مصانع كبيرة لها، وبصدد تحويل آلاف الهكتارات من الأراضي الصحراوية إلى أراضي زراعية وثورة زراعية بمعنى الكلمة..."

(خطاب بقاعدة عقبة بن نافع بطرابلس يوم 11/6/1972. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الثالث).



".. يجب أن تتجه أغلب الميزانية إلى هذه القطاعات الكبيرة ... التي تطمح أن تتحرر اقتصادياً واجتماعياً في عهد الثورة..."

(خطاب بصبراته يوم 7/10/1971. المرجع السابق، صفحة 244).



"... إننا نتجه إلى بناء القاعدة الاقتصادية حتى يتخلّص المواطن العربي في ليبيا من الفقر، من التخلف، لا بد أن تكون القاعدة الاقتصادية لا على البترول وحده، ولا بد أن تستغل كافة إمكانياتنا وجميع ثرواتنا لكي نبني الرخاء ونحقق مجتمع الكفاية والعدل لجماهير شعبنا المحرومة التي حكم عليها بالتخلف سنين طويلة. وسوف نحشد الإمكانيات، ونسخّر الطاقات، وسوف لن (لا) ننام بالليل، ووراءنا واجب وعلينا مسئوليات إزاء هذا الشعب الذي أعطى للثورة كل ما يملك..."



".. وعندما تتجه خطة التنمية اليوم، وإنّها لا تتجه بفتور، ولا تتجه لمكان دون آخر وإنّما تتجه لكل مكان حتى يتكامل البنيان الاقتصادي، وحتى يأخذ كل ذي حق حقه في كل مكان .."



" إننا عندما نتجه بخطة التنمية، نتجه في ثورة وفي عمق وفي اتساع، إنّنا لا نتجه للحفلات ولا نتجه لتشييد القصور، وإنما نتجه لبناء الحياة الاقتصادية للمواطن الليبي الذي حُرم طويلاً من حقّه في الحياة.."

(خطاب بمدينة درنة يوم 2/4/1970. المرجع السابق، صفحة 343).



".. وعليه بعد الثورة وفي ميزانية التنمية الجديدة لهذا العام الذي نحن في أوله قرّرنا أن نسخر الميزانية كلها لإيجاد قاعدة اقتصادية للبلد عوضاً عن الاعتماد الكلي على البترول لأنّ الاستعمار كان يريد أن يبقى الشعب الليبي معتمداً على مصدرٍ واحد في الرزق وهو البترول.."



".. ولا بد أن نفهم جميعاً أن ميزانية الدولة في عهد الثورة سوف تنفق على الشعب بكاملها، وفي مصلحته ووفق إرادته، ولبناء مصيره ومستقبله ..."



".. والآن نريد أن نفهم جميعاً بأننا قررنا أن ندخر في الميزانية ونقتصد، وقد خفضنا بعض الرواتب وقطعنا بعض المعاشات الزائدة لأننا لا نريد للميزانية أن تذهب إلى جهة دون

غيرها .."



".. علينا الآن أن نقتصد في الميزانية وندخر، ونقطع بعض العلاوات، ونعمل بها مصانع للعمال والصناع ونوفر السلاح للقوات المسلحة .."



"... الاستشارة سوف تكون من نوعٍ جديد، ولن تكون استشارة مقابل نقود ولكن ستكون استشارة نيّرة .. "وأمرهم شورى بينهم" سوف تكون هناك الاستشارة الحقّة، استشارة أبناء الشعب في مصيرهم وفي تقرير مستقبلهم .."

(خطاب بمدينة البيضاء يوم 8/4/1970. المرجع السابق، الصفحات 344-345).



".. وعليه لا بد أن تتحكم الدولة أولاً في الأسعار، وتوفر الإنتاج من داخل البلاد لكي يكون رخيصاً وفي متناول الجميع.."

(خطاب بمدينة طبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 346).



"... والثورة قامت لتحقيق هذا الحلم، حلم الاكتفاء الذاتي في كل شيء .. والاستقلال في كل شيء .."

(خطاب في مؤتمر العمال بطرابلس يوم 4/11/1969. المرجع السابق، صفحة 346).



".. إن الثروات التي تتجمّع اليوم والتي كانت تبذَر تبذيراً، هذه الثروات سواء كانت من النفط أو من الموارد الأخرى ... والثروة التي نجمعها اليوم قرشاً على قرش وجنيهاً على جنيه سوف لا تصرف إلا في مصلحة الشعب، وفي التنمية، من أجل توفير السكن لكل واحد منكم، والزراعة التي نقتات منها، والصناعة التي تتسلحون بها في هذا العصر لتواكبوا مسيرة الحياة العصرية..."

(خطاب بطبرق يوم 28/3/1971. المرجع السابق، صفحة 347).



".. اتجه هذا الشعب بأمواله، التي كانت تبدد، ليضعها في ميزانية التنمية .. يتجه هذا الشعب اليوم ليحوّل مساحات شاسعة من الأرض الجدباء إلى أرض زراعية خضراء ..."

(خطاب في المؤتمر الشعبي بمصراته يوم 9/7/1970. المرجع السابق، صفحة 348).



".. استطاع هذا الشعب أن ينتزع الأموال التي كانت تبذّر هنا وهناك، وأن ينتزع ثرواته التي هي حق له لصنع حياته وسعادته، واستطاع أن يسيطر على ثرواته ومقدراته وأن يسخرها لخدمة التنمية ... واستطاع أن يحوّل هذه الميزانيات إلى ميزانيات من أجل الصناعة، ومن أجل الزراعة ومن أجل السلاح الذي يدافع عن منجزاته .."

(خطاب بمدينة طرابلس يوم 1/9/1970. المرجع السابق، صفحة 348).



"... إنّنا لا يمكن أن نقتّر على أنفسنا لمجرد أن نرسل ماليتنا أو نعطيها للخارج ... مصلحتنا الأولى هي في الشعب الليبي، ومع كل ما نقوم به .. فلقد رفضنا أن نقرض أو أن نساعد (17) دولة متقدمة لنا، فيها دول عربية وغير عربية .. لدرجة أنّنا شعرنا بالخجل من بعض الدول ..."

(حديث مع مجلة "قورينا" الليبية، فبراير/شباط 1972. المرجع السابق، صفحة 350).



وفي معرض أحاديث القذافي عن وعوده للشعب الليبي حرص على أن يضمّن قائمة تلك الوعود وعداً آخر يتعلّق بحقِّ الشعب الليبي في محاسبة ومساءلة مسؤوليه عمّا قاموا به وأنجزوه .. فكان ممّا جاء على لسانه في هذا الصدد:



"... أريد أن أقول في هذا المؤتمر أننا ونحن الآن على أبواب مرحلة جديدة في النضال، وعلى أبواب إرساء دعائم المؤسسات الدستورية لتكتمل من خلالها البناية الثورية والأجهزة الديمقراطية .... ونحن على أبواب هذه المرحلة قررنا في مجلس قيادة الثورة أن نقوم في هذه الفترة وقبل البدء في قيام المؤسسات الدستورية التي أعلنا، أننا سوف نقوم بعملية حساب لأنفسنا على ما عملناه منذ الفاتح من سبتمبر (أيلول) 69 وحتى هذه الفترة ... ونريد من ذلك أن نحاسب الثورة علانية ... قررنا أن نحاسب الثورة ... سوف نتعرض بالتفصيل للثورة الزراعية وما حققناه في هذا المجال... وسوف يكون الكلام في هذه المؤتمرات الشعبية بإذن الله بالأرقام والأدلة المادية ... المحاسبة ستكون بالأرقام وسوف نحاسب أنفسنا جميعاً حساباً دقيقاً ... ولا غاية لنا ولا مصلحة في إخفاء الحقائق وفي المداراة على الأخطاء أو نكران العيوب أو إجحادها ..."

(في المؤتمر الشعبي ببنغازي يوم 2/2/1971. ثورة الشعب العربي الليبي. الجزء الأول، الصفحات 111- 112).



".. ليعلم الجميع أنّ أي شيء معرّض للحساب أمام الشعب كله ..."

(حديث مع رجال القضاء بطرابلس يوم 13/4/1971. المرجع السابق، صفحة 116).



"... سوف نأخذ دروساً من الماضي نتخلّص بها من الواقع المرير، ونستعين بواسطتها على بناء المستقبل بناءً صحيحاً خالياً من الغش، ومن أن تحتكر الحكومة أو يحتكر الحكام مفاتيح المستقبل، ومفاتيح معضلات الحاضر وأن يكون بعيداً عن الواقع يخطط ويضلل بنفسه ... ولا يحق لشخص مهما كان أن يحتكر التخطيط للمستقبل الذي هو مستقبلكم جميعاً ..."

(خطاب في المؤتمر الشعبي ببنغازي يوم 2/2/1971. المرجع السابق، صفحة 114).



"ستكون المحاسبة بالأرقام .."

(الخطاب السابق نفسه. المرجع السابق، صفحة 115).



إذن، هكذا كانت وعود الانقلابيين وتعهّداتهم للشعب الليبي في مجالات المال العام والاقتصاد والإدارة العامة لشؤون الدولة؛ جوهرها الحرص على الشعب ومصلحته، وتوظيف مقدراته وثرواته وإمكاناته كافة من أجل رخائه وتقدّمه ونهضته، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين كافة أبنائه ومناطقه، مع الحرص على محاسبة ومكاشفة المسؤولين جميعهم عن كل شيء وبالأرقام...





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ثمّ سرعان ما لبس عباءة المفكِّر والزعيم والقائد الإسلامي والأفريقي والأممي والعدوّ اللدود للإمبريالية في كلّ مكان وزمان.

[2] ثبُت فيما بعد أنّ هذا المشروع فاشل وغير نافع على الإطلاق حيث أنّ الأرض سبخة والمياه مِلحة.

[3] سنرى في الجزء الثاني من هذا الكتاب كم كلّفت مدينة سرت خزانة الشعب الليبي.

[4] كان الملك إدريس –رحمه الله- يتَّخذ من مدينة طبرق مقرَّاً شبه دائمٍ له.

[5] ألم يصبح الوزير ورئيس الوزراء أسوأ حالاً وأقلّ من تبَّاع في ظلِّ النظام الانقلابي ؟‍

[6] وهل يتوقع القذافي أن تقوم الدولة بدفع تكلفة كافة المشروعات التي تقيمها مقدماً وفوراً؟!

[7] الدكتور (طبيب) مفتاح أسطى عمر ظلّ يشغل منصب "أمين عام مؤتمر الشعب العام" لعدة سنوات كما أنه يشرف الآن ومنذ تركه لذلك المنصب على "مشروع" جائزة العقيد القذافي لحقوق الإنسان، بعيداً بالطبع عن مهنة الطب. ثمّ ما علاقة الملازم القذافي نفسه بالسياسة والاقتصاد والقانون وغيرها من مئات القضايا التي حشر نفسه فيها وعليها؟!

[8] سبق أن أشرنا في فصلٍ سابق أنّ النظام الملكي رفض فكرة "الاقتراض" في كلّ مرةٍ طُرحت عليه.

[9] لم يجرؤ النظام الانقلابي على تقديم أحد من رجال العهد الملكي للمحاكمة متهماً بهذه التهمة الظالمة، ولم يردّد النظام هذه التهمة الظالمة في أية مناسبة أخرى. كما لم يُثِر هذه الفريّة بشأن التبرعات التي جرى جمعها وتحويلها لنصرة الثورة الجزائرية على امتداد السنوات 1954-1962.

[10] تناولنا في فصلٍ سابق بحث المآخذ والانتقادات التي توجه إلى سياسات العهد الملكي المالية والاقتصادية من الوجهة العلمية والأكاديمية الموضوعية.

[11] راجع فصل "صراعات ومحاولات ومحاكمات" من الباب الثالث.

ساري نهار
31-12-10, 04:17 AM
الإنجازات الحقيقيه للثورة !؟

- الحصاد المر لثورة القذافي ! -



(1) إن (الثوره؟) مارست إستبدادا ً وأكلت الثوره وتغوطت فسادا ً.. فسادا َ شاملا ً وكبيرا ً لا يمكن إنكاره ولا تبريره وأصبحت رائحته اليوم تزكم أنوف كل أحرار وشرفاء ليبيا !.

(2) إن (الثوره؟) ولغت في دماء الليبيين ونصبت لهم المشانق وسط حرم الجامعات وفي الميادين !.

(3) إن (الثورة؟) بددت ثروة النفط الليبي على أحلام وأوهام العقيد القذافي وطموحاته الشخصيه وأمانيه الغاليه في الزعامة والفخامه السياسيه وفي تكوين أمبراطورية أممية أو إفريقيه!.

(4) إن (الثورة؟) مارست الطغيان الشمولي العام وصادرت الحريات الأساسية وعلى رأسها حرية التعبير السياسي وحرية المعارضة الشعبية لأراء وتوجهات القيادة السياسية !.

(5) إن (الثورة؟) تسببت في تبديد الثروة وحرمان معظم الليبيين من الإستماع بشكل عادل وكاف بخيرات النفط الليبي !.

(6) إن (الثورة؟) تسببت في إنتشار الفوضى الإداريه وشيوع الفساد وشيوع ثقافة العنف والنهب في المجتمع!.

(7) إن (الثورة؟) ساهمت بشكل كبير وخطير في ضمور الروح الوطنية لدى الليبيين وتسببت في هجرة الليبيين لأوطانهم طلبا ً للأمن والحريه أو طلبا ً لحياة أفضل وللرفاهية !.

هذه هي حقيقة ونتائج وحصاد هذه (الثورة) المزعومة أو الموهومة ياسادة – ثورة العقيد القذافي – مما يجعلنا نؤكد بأنها ليست ثورة ضد النظام الملكي وحسب بل هي ثورة ضد المجتمع الليبي ككل وضد مشروع نهضتنا الوطنية الذي أسس له الأباء المؤسسون للدولة الليبيه !.

إنها ثورة ضد ليبيا وضد طموحات الشعب الليبي الوطنيه وضد أمانيه الغاليه الحقيقية.. ودليلنا في كل هذا الكلام هو تاريخ هذا النظام ثم واقع الشعب الليبي اليوم.. الواقع البائس والمشين لمعظم الليبيين.. هذا الواقع المشهود والملموس والمشموم !.. ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم !؟.

سليم الرقعي




من صفحة شؤون ليبية

ساري نهار
31-12-10, 04:20 AM
سيف القذافي يستجدي الحضور إلى سويسرا



بعدما أعلن القذّافي "جهاده" ضد سويسرا محرّما التعامل معها لأنها "كافرة هدمت مساجد المسلمين وقتلت المهاجرين الليبيين للإستيلاء على أموالهم!" وبعد أن أهدر الملايين من أجل الإنتقام لإهانة إبنه الذي اعتقل مع زوجته في جنيف بسبب وحشية تصرفاته المنافية للقانون، ها هو إبنه الآخر سيف يستجدي حضور مؤتمر في سويسرا (الكافرة) ويرفض طلبه، رغم توسيطه لأصدقائه الأمريكيين الذين يرتبط معهم بصفقات الملياردات، بل وحتى توسيطه لنجوم هوليوود الذين يغدق أخوه عليهم مئات الملايين. ولكن دون جدوى.

فقد نشرت جريدة "لا ليبيرتي" الصادرة بالفرنسيّة بتاريخ 29 ديسمبر الجاري خبرا جاء فيه: ((إن سيف القذّافي لم يدع لحضور منتدى "دافوس" الإقتصادي الدولي لهذه السنة. وذكرت أنه ناشد كبار رجال أعمال أمريكيين ونجوما من هوليوود للتدخّل لصالحه. ولكن "كلاوس شفاب" مؤسّس المنتدى الذي ينعقد في شهر يناير من كل سنة في مدينة "دافوس" السويسريّة، قد ظلّ رافضا لدعوته.

وأضافت الجريدة أن شفاب قال لليبيين إنه لن يدعى أحد من الليبيين صنّاع القرار إلى دافوس إلى أن تتحسّن العلاقلت بين سويسرا وبلادهم . والمعروف تدهور العلاقات بينهما منذ إعتقال هانيبال القذافي في جنيف في يوليو 2008. بسبب سوء معاملته لخدمه الخاص (مغربي وتونسيّة)،. وهو ما جعل الليبيين يتخذون جملة من الإجراءات من بينها حجز رجلي أعمال سويسريين. وقالت "ليبيرتي" إن الليبيين إشتكوا رسميّا لوزارة الخارجية السويسريّة. ونقلت عن لسان ناطق باسم الوزارة قوله: إن دعوات المنتدى أمور خاصة يقرّرها المنظمون له.

وصرّح ناطق باسم المنتدى "لسويس إنفو: "إن سيف القذافي لم يشترك طيلة العام في أي من أنشطة الندوات الكونيّة المخصّصة للشباب، وبذلك لا تنطبق عليه معايير "الزعامات الشابة الكونيّة" حتى يدعى إلى منتدى 2010)) ثم أشارت الجريدة إلى خلافات سيف مع إخوته ومع من يوصفون بالمحافظين، رغم نفيه لهذا الصراع داخل عائلته.

ويصف منتدى دافوس نفسه بأنه "منظمة عالميّة مستقلّة ملتزمة بتحسين أحوال العالم من خلال إقحام زعماء العالم الإقتصاديين والسياسيين والأكاديميين وغيرهم في المجتمع، من أجل تشكيل الأجندات العالميّة والإقليميّة والصناعيّة".

إستدراك

يبدو أن التدخّلات والضغوط الأمريكيّة، قد أثمرت مع سويسرا، فالخبر الذي ترجمناه هنا كان بتاريخ 29 الجاري أي يوم أمس الإربعاء، واعتمدت فيه الصحيفة السويسريّة على قائمة المدعويّن إلى المنتدى لسنة 2010 ولم يكن من بينهم سيف القذافي كما كانت العادة كلّ سنة، بسبب سوء العلاقات القذافيّة السويسريّة فحذف إسمه من القائمة، وبالتالي بنت الصحيفة خبرها على تلك القائمة. ولكن باطّلاعنا على صحف سويسرا اليوم الخميس 30 ديسمبر الجاري نشرت الصحف نصحيحا للخبر، فذكرت "نيوتزوريشه تزايتونغ" اليومية السويسريّة بالألمانية واسعة الإنتشار، إن المعلومات التي نشرتها "لا ليبيرتي" إعتمدت على قائمة المدعوّين في السنة الماضبة، ولكن بالإتصال بمسؤولي المنتدى أكّدوا أن إسم إبن القذافي سيف أعيد إلى قائمة المدعوّين للسنة القادمة (يناير 2011)، وأن منع الدخول إلى سويسرا على الليبيين قد زال،بعد عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، كما نفى الناطق باسم الخارجية السويسريّة تسلّم إحتجاج من الحكومة الليبيّة حسبما نشرت الصحيفة السويسريّة. ويبقى السؤال قائما: هل يزور إبن القذّافي سويسرا "الكافرة؟"

الرّاصد السياسي

ليبيا المستقبل