المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استنساخ الوحش 1


شامل سفر
02-06-05, 08:54 AM
استنساخُ الوحشِ (روايةٌ تاريخية بطريقةِ الخطفِ خلفاً )
بدأت القصة عندما عَيَّنَ أشهرُ طاغيةٍ في التاريخ الحديث ، أشهرَ أعرجٍ في القرن الماضي ، وزيراً للدعاية. كان أدولف هتلر قد قرأ بعناية - و عُقبى لنا أن نبدأ القراءة - مؤلفاتِ علماء النفس الألمان في مجال التأثير على قناعات بني البشر و ميولهم و أهوائهم . ثم إن ماسح الأحذية السابق ، الضابط في جيش ألمانيا لاحقاً و قائدها فيما بعد ، تأثر بما قرأ ، و خصوصاً بأبحاث مؤسس علم التحليل النفسي ، و هو يهوديٌ يُدعى سيغموند فرويد ، فرأى - أي هتلر - أن حكومة الطغيان لا بد أن يتفرغ أحدُ أركانها للاضطلاعِ بمسؤولية غسيل أدمغة الأصدقاء و الأعداء على حدٍّ سواء ، ... فعيَّنَ (غوبلز) وزيراً للدعاية في الرايخ الثالث .
و عندما استفاق البريطانيون من غفلتهم ، منزعجين من أصوات الموسيقى الرسمية الصاخبة ، التي جعل منها غوبلز تمهيداً تقليدياً يسبقُ خطابَ وليِّ نعمتِه و يستمر لساعات ، ... فركوا عيونهم فبهرها ألقُ الأعلام و الملصقات الجدارية و قصاصات الورقِ الملقاة من عَلٍ . ثم إنهم - ببرود أعصابهم المشهور - أعدّوا قهوة الصباح و شربوها و هم يطالعون الصحف الألمانية، فعكَّرَ مزاجَهم ذلك السيلُ المتدفق من عناوين الخط العريض التي صاغها محررو غوبلز باحتراف . حتى إذا كان العصر ، و أخذوا الشاي ، زادتهم مقالاتُ علماء الأجناس البشرية الألمان ، المطبوعة في الصحف ، غضباً و إرباكاً .
و مع أن دويّ تصفيق الجماهير المخدوعة كان هادراً ، بعد كل مقطعٍ حساس من كلام أدولف أو كلام صديقه موسوليني ، فإن ذلك لم يكن برهاناًً على أنهما أتيا بجديد ، إذ سبقهما إلى التأثير في الجمهور خطباءُ اليونان و الرومان و غيرهم . كل ما هنالك أنهما - أي هتلر و صديقه- كانا سبَّاقَين إلى تطبيق تقنيات العصر و نظرياته العلمية .


و لما كانت تلك الحقبة متزامنةً مع تسارعٍ هائل في التطور العلمي ، و الذي ربما كان أولُ سببٍ لاستعار الحرب ، فقد دأب كلُّ متحاربيَن منذ ذلك الحين ، على التسابق لتسخير المختَرعات كأسلحة قتالية أو نفسية . فكانت الخطابة و الصحافة و الكتب و المنشورات و الملصقات ثم الإذاعة ... ، حتى وصلت البشرية في أيامنا هذه إلى زمنٍ هو أكثر بدائيةً من البدائية نفسها ، و أعني زمن (غابة) الاتصالات .
و لقد أصبح من التقليدي أن يُبدَأَ بتسخير كلِّ جديدٍ من العلم في خدمة النواحي العسكرية أولاً ، و أن يظل خبرُ الجديدِ و تسخيره طيّ الكتمان ريثما يؤدي الغرض ، ثم يُلقى به إلى السوق ، أي يُطرح للتداول و الاستعمال الاقتصادي ، في الوقت الذي تكون فيه المؤسسات العسكرية قد بدأت بتطبيق اختراعٍ آخر لا يزال طيّ الكتمان . و هكذا فإن ما يُقال عنه اليوم أنه أحدثُ ما تفتقت عنه قرائح العلماءِ ، في أي مجالٍ مدنيٍّ، هو في واقع الأمر آخرُ ما (سمحَتْ) بالكشف عنه و استخدامه ، المؤسسةُ العسكرية الغربية . و في أتونِ الحروب التي احترف اليهودُ إشعالها كلما أطفأها الواحدُ القهَّارُ عزَّ و جلَّ ، و خلال مئاتٍ من السنين ، تنامى - بل نُمِّيَ - لدى الغربيين خوفٌ مَرَضيٌّ من تحكُّمِ القناعات العقلية الصحيحة و الراسخة، في تصرف و سلوك الجماهير التي يجمعها تاريخٌ و أهدافٌ موحَّدة و موحِّدة ، لا سيما ما امتزج من تلك القناعات بشعورٍ قلبي صادق لا يخامره شكٌّ أو ارتياب ، و أعني طبعاً : الخوف المرضي من العقائد اليقينية .
و بالنتيجة ، اتخذ التسخيُر العسكري للنظريات العلمية - لا سيما ما تعلَّق منها بعلم النفس الإعلامي الجماهيري - أشكالاً نوعيةً متعددة و موحَّدة الهدف : زعزعة اليقين تمهيداً لإزالته على المدى الاستراتيجي .
و هكذا فروايتي هذه ، و حسب ما يقتضيه الحالُ، تعتمد على أسلوب الخطف خلفاً . فالامتدادُ الزمني للرواية بأكملها ، يتسع لما يزيد عن ألفٍ و أربعمائة عام ، تشكِّلُ بمجملها مشهداً تاريخياً يكاد الجانب الحربي منه أن يكون موحَّد السياق : حروبٌ بين ضحايا !
حروبٌ بين ضحايا فيها الظالم و المظلوم . و أما المظلوم فضحيةُ ظُلْمِ الظالمِ ، و لا مراء في ذلك . و أما الظالم فضحيّةُ سوءِ إعمال العقل من جهة ، و ضحيةُ مَنْ غرَّرَ به و حَثَّهُ على الظلم من جهةٍ أخرى . و هكذا فالظالمُ ظالمٌ لنفسه أولاً إذ قصَّرَ في إعمال عقله ، فاستحقَّ و الحالة هذه أن يُسمَّى ضحية نفسه . و هو ظالمٌ لغيره إذ وَضَعَ النتائج المغلوطة التي بناها على الهوى، مَوْضِعَ التطبيق تجاه مُحِقٍّ مُستَضعفٍ أو غير مُستَضعف .
و أما موضع الخطف خلفاً في الرواية ، فهو النصف الأول من القرن العشرين الميلادي ، عندما علا نجمُ هتلر في أوروبا التي لم تكن قد نسيت بعدُ أيامَ نابليون العصيبة. و بشكلٍ أكثر تحديداً أبدأ روايتي من الوقت الذي بدأت فيه أعراضُ نقص المناعة تظهر على الجسد الأوربي ، و أَخَذَ إدمانُ سوءِ إعمال العقل يتظاهر على الجسد نفسه .
... وقتذاك ازدادت أوروبا توهماً بأن الخطر الأكبر ما هو إلا عقيدةٌ و رجلٌ يقف وراءها، خصوصاً و أن مصدر الخطر هذه المرة أصبح داخلياً و من ضمن أوروبا ، لا من أراضٍ بعيدة أتى منها رجالٌ حفاةٌ عراة يريدون تغيير وجه العالم ( كما كان مروجو الحروب الصليبية يقولون ) !
القصةُ قديمةٌ إذن . لكن الحَدَث المُفَعِّل لدَور الإعلام المنظَّم كأداةِ حربٍ حديثة و علمية ، هو ظهور هتلر ، و بشكلٍ أكثر دقةً ، تطبيقُ غوبلز لتعاليم فرويد التي نعلمُ يقيناً متى نَشَرَها ، و نجهل متى بدأ بها و متى انتهى منها .
و على الرغم من الجهود المكثفة و الكبيرة ( العلمية منها و التلفيقية ) التي قام بها فرويد ، بما في ذلك تأسيسه لرابطةٍ للتحليل النفسي لا تضمُّ إلا يهوداً ، فإن الفضل في نجاحه لا يعود إلى الجهد العلمي وحده . بل أرى أن عمقَ فرويد التاريخي و عراقةَ أسلافِه اليهود في حِرفة الإفساد ، قد شكَّلت له قاعدةً عريضةً يبني عليها ثم ينطلق منها.
فَقَبْلَ أن يضع لنا فرويد ( أفندي ) بيضة الديك الشهيرة : فن التلاعب بالعقول، قبل ذلك بقرون ، كان أسلافُه هم مَنْ حرَّفوا الإنجيل بعد تحريفهم توراتهم، و هم مَنْ نقل الديانة النصرانية الحقَّة إلى تيه التثليث و خرافة الطبيعة الإلهية للسيد المسيح ، حتى أن بعضهم قد نجح في التسلل إلى كرسي البابوية ، ... و هم أنفسهم مَنْ كان يوغر صدورَ قريش ضدَّ سيدنا محمد (ص) .... و تطول قائمةُ غِيِّهِم و إضلالهم حتى تصل إلى الحروب الصليبية و تفكيك الدولة العثمانية ، و حتى إنشاء الاتحاد السوفياتي ثم تفكيكه، إلى يومنا هذا .
و لقد اعتاد كثيرون - من بينهم بعض المفكرين - على تلخيص السلسلة الطويلة من الإفساد اليهودي في الأرض ، بعبارةٍ واحدة هي : الخُبْث و الدهاء اليهودييَن . في حين أن الأمر أبعد غوراً من ذلك . و تقسيم العالَمِ إلى فريقيَن : طيبون و أشرار ، ليس من العلم في شيء .
و الواقع أن العامل المشترك بين مفردات السلسلة الإفسادية الطويلة اليهودية الصنع بامتياز ، ما هو إلا فنّ التلاعب بالعقول الذي (لم) يخترعه فرويد ، بل الذي تمكن فرويد من التنظير له و وضع قواعد تنفيذية لتطبيقه ، بعد أن تبحَّر في دراسة آلافٍ من التجارب الموثَّقة (كتابياً عبر التلمود و أدبياته المخفية ) أو شفهياً عبر التراث اليهودي المحكي .
هذا و إن إبداعات الذكاء الفردي التي تراكمت عبر السنين في المخزون المعرفي لليهود ، و ضمن خبراتهم المتوارثة ، لم تكن لِتُشَكِّلَ مَعيناً مُوَحَّداً واضحاً يمكن العودة إليه و النهل منه ، لولا تَوافُر شَرطَي وحدة الهدف لليهود كافة ، و أعني امتلاك ذهب العالم و استعباد الغوييم ، هذا من جهة ، و الطبيعة التقوقعية الانكفائية للحياة و الفِكْر الغيتويين من جهةٍ أخرى .
و بعيداً عن الخَوض في الردِّ على اعتراضٍ مُتَوَقَّعٍ، على تسميةِ ما يتفتَّق عنه ذهنُ المُفسِد من لإفساد ، تسميته (إبداعاً!) ، ثم بعيداً عن المعيار الإسلامي للتحليل ، و المتضمن دائماً الأخذَ بعين الاعتبار ذلك الدَور الهائل للوساوس الشيطانية في مَدِّ أفكارِ مَنْ ينوي التخطيط للإفساد ، بمزيدٍ من المقترحات التي تحمل طابعاً إبداعياً ، ... و محاولةً منّا للالتزام بجادّة الحياد العلمي ، دونما إقحامٍ لمقتضيات عقيدة المُحَلِّل ، ... بعيداً عن هذا كلّه أقول : إن فرويد و أشباهه لم يأتوا من فراغ .
بيد أن الجانب الذي لا أستطيع استبعاده في هذا المقام ، هو ما يحلو لبعض المتندرين تسميتَه : نظرية المؤامرة . و يقصدون بذلك السخريةَ ممن يهولون من أمر اليهود و تأثيرهم في حياة الشعوب ، بل و يطلقون تسميةً أخرى على هذا الموضوع ، مشتقةً من أعمال فرويد نفسه ، هي البارانويا و تعني عندهم : أنْ يَتَوَهَّمَ إنسانٌ باستمرار أنه مُستَهدفٌ من قِبل جهاتٍ أو تنظيماتٍ سريّة تنوي القضاءَ عليه ، و أنه في حالةِ تأهب قصوى و دائمة للجهاد المقدَّس ضدها . و رداً على ذلك أقول : إنَّ أخطر ما في الأمر ، أن يقع المحلِّلُ في مطبِّ الجنوح اللاإرادي إلى تبنّي مفهومٍ - أو منظومةٍ من المفاهيم - يهدف المحلِّلُ أساساً إلى إثباتِ خطئها و مجانبتِها للصواب . و عليه فلا أريد لنفسي و لا لقارئي أن يقع أحدُنا في مطبِّ تبادل الاتهامات في سياقٍ من الجدل البيزنطي العقيم .
و لا يصحُّ بحالٍ من الأحوال ، الانطلاقُ من مُسَلَّمَةٍ وهميةٍ مفادُها أن في ( بروتوكولات حكماء صهيون ) أو في التلمود ، أو حتى في أذهان قادة اليهود الفكريين جميعاً ، مؤامرةٌ واحدةٌ مفردة يجري العملُ على تنفيذها بدقة ، فهذا مما لا يقبله عقلٌ و لا منطق .
إن التخطيط الاستراتيجي يقوم أساساً على تحليلٍ و استشرافٍ و إعدادِ عدةٍ ، وعلى استهدافِ تحقيقِ مُبتَغىً نهائيٍّ بما يتضمنه من جزئيات و مراحل . و يتم كل ذلك بما يتماشى مع معطيات الواقع (إنْ أُحْسِنَ فهمُها و تقديرها) و بما يمكن أن يتماشى مع ظروف المستقبل (إنْ أُحسِنَ تقديرُها) . كما و يتضمن التخطيط أيضاً عوامل عديدة يعرفها كل مَن يعمل في المجال المذكور . و أعتقد جازماً أن قدرات البشر ، بما في ذلك العباقرة منهم ، غير مؤهلةٍ لوضعِ مخططٍ يصل مداه الاستراتيجي إلى عدة قرون ، و يشمل بيئةً مكانيةً هائلة هي كوكب الأرض !
لكن ما يجب الاعترافُ به ، أن العقل اليهودي - إنْ صحَّ التعبير - أو عقول اليهود ، استطاعت عبر العصور أن تطوِّر أسلوباً ممتازاً ، أضحى فيما بعد منهجاً عاماً خاصاً بهم ، يقوم على حُسن مسك العصا من الوسط . و أعني : المقدرة على جعل الخيال ، و هو عنصرٌ أساسيٌّ في عملية التخطيط شئنا ذلك أو أبينا ، .. جعلِ الخيال يحلِّق على الارتفاع المناسب .

و إن الانكفاء الغيتوي - سواء أكان اختيارياً أو إجبارياً - يجعل مقدرةَ المُتقوقع على رؤية التفصيلات الأكثر أهميةً في تصرفات و سلوك الآخر الخارجي و المُهدِّد ، تتزايدُ بشكلٍ رهيب ذي طبيعةٍ دفاعية دائمة التوجُّس ، الأمر الذي يوحي بدايةً بأن شايلوك يحلِّق على ارتفاعٍ منخفضٍ جداً ، بحيث لا يرى إلا التفصيلات الصغيرة مُجزِّأةً، و بأنه لن يستطيع أبداً أن يفهم الروابط و الأنساق الكلية .
و واقعُ الأمر أن اليهود تنبهوا إلى خطر التحليق المنخفض ، فجَهِدوا أولاً لفهم أفضلِ ما يمكن فَهْمُه من نتائج ذلك التحليق ، أي أنهم استخلصوا أهم ما في مشاهداتهم الشديدة القرب ، عبر عدسات الغيتو المُقرِّبة. و لعل اتخاذ الغالبية الساحقة منهم ، الصيرفة وتجارة الحليّ و المحاسبة و الطب ، حِرَفاً و مهناً لهم ، خير برهانٍ على مقدرتهم الفائقة على الاستفادة من التحليق المنخفض على أفضل وجه . و ليس الأمر - كما يُقال - أنهم عملوا في الذهب و المال بسبب حبهم لهما و بسبب أن عقيدتهم تصرُّ على أحقيتهم بامتلاك ذهب العالم . و لو صحَّت المقولة الأخيرة ، فلِمَ عملهم في مجال الطب مثلاً ؟! و لِمَ إصرارهم على إباحة الاتصال الجنسي بين نسائهم و بين الأغيار ؟! أفهذا شأن مَن يسعى للسيطرة على العالم ؟!
و أولاً و قبل أي اعتبارٍ آخر ، فإن ما يُسمى خطأً بعقيدة اليهود المكتوبة في التلمود ، ما هو بعقيدة ، بل هي خطوطٌ عامة كُتِبًتْ و طُوِّرَتْ عبر سنين ، (بعد) الانتهاء من استخلاص نتائج الطيران المنخفض ،لا قبله. و ثانياً ، إن أقليةً عالميةً مثل اليهود ، لا بد لها - بل لا بد لأيِّ إنسانٍ متوسط الذكاء - أن تلاحظ أن أهم ما يسيطر على الرغبات الدنيا في الحياة الدنيا ، إنما هو المال و النساء ، و كلاهما يحتاج إلى الصحة و العافية ، إنْ استهدافاً أو استعمالاً . و ملاحظة الفكرة السابقة الذكر ثم البناء عليها ، هي مما يَسْهُل على أي إنسانٍ بسيط ، ... فما بالُك بِخُلْدٍ أدمنَ الاختباءَ و الخوفَ و سرعةَ الحركة ؟!
و بنتيجة التعامل الطويل الأمد مع الأرقام المعبرة عن الوقائع ، و أعني حسابات المال ، و مع الرغبات الأشد ضراوةً ( و أعني الجنس ) ، و مع أهم ما يُتَخَوَّفُ منه ( و أعني الصحة و المرض ) ... فقد اكتسب شايلوك مقدرةً ممتازةً على فهم الواقع العام و تصوّر الشكل الإجمالي العام للمجتمعات في العالم ، مع أنه لم يبدأ في التحليق المرتفع إلا منذ عام 1948 من القرن المنصرم . و قد ساعده على ذلك أكثرُ ما يشتكي منه اليهود ، و أعني الشتات ، الشتات الذي يعلم كلُّ يهودي أنه نعمةٌ لا نقمة . فمن جهة يَصْعُبُ القضاء على مجموعاتٍ متفرقة في أماكن عدة ، و من جهةٍ أخرى يَسْهُلُ على تلك المجموعات - بفضل انتشارها- فهمُ هذا العالم .
و هكذا ، لا يوجد مخطط استراتيجي واحد و عام لليهود منذ نشأتهم و حتى اليوم ، بل تفاهمٌ ضمنيٌّ لا يحتاج إلى اجتماعات ، على أن الهدف واحد و الخطر واحد و أسلوب الحياة واحد . و هذا الأخير هو في حدِّ ذاته ، سلاحٌ خطير فتاك ، عَمِلَ الحاخاماتُ باستمرار على الحفاظ عليه . و السلاح المذكور هو محاربة الاستراتيجيات الخارجية النظامية بحروبِ ميليشيات فكرية و مالية (ذات طبيعة عمل إعلامية غالباً) شديدة التعدد و كثيرة الأشكال ، لكنها مُوَحَّدة الهدف : زعزعة اليقين تمهيداً لإزالته .
و لا يخفى على عاقلٍ أنه بعد موت اليقين في الأرض كلها ، يصبح المجال خصباً لزرع ما تريد حيثما تريد . بل يصبح من السهولة بمكان السيطرة على كل شيء ، بعد أن تصبح العقول و علب طلاء الأحذية شيئاً واحداً .
و لما كان عددُ اليهودِ قليلاً ، و مقدرتهم على تجنيد غيرهم تكاد تكون معدومة ، بسبب اشتهارهم بسوء النية ، ... لم يكن أمامهم إلا أسلوب واحد ذو مقدرة رهيبة على الإقناع بسبب واقعيته شكلاً و مضموناً (على الرغم من حقارة و لا أخلاقية هدفِه النهائي) ، و هو نقل العدوى إلى المجتمعات الكبيرة ، عن طريق زرع فيروسات الدافع الوهمي ، و عبر اختلاق حوافز و مثيرات للفعل الإنساني المنظَّم ، بشكلٍ لا يحتاج من اليهود إلى استراتيجية بل إلى مجرد وسوسات فردية ينشرونها هنا وهناك ، فتنتقل كالإشاعة ... ثم تصبح بالتقادم و واقعية النتيجة الملموسة ، شيئاً ما يوحي شيوعُه و عِظَمُ انتشاره بأنه حقيقة . و ما أظن الفقرةَ السابقة قابلة للفهم بسهولة بدون أمثلةٍ حيّة. و فيما يلي ثلاثة أمثلة حية تمس ثلاثَ نواحٍ كبيرة الأهمية في حياة بني الإنسان ، و تمثِّلُ أضلاع مثلث المحرمات المشهور : الدين و الجنس و السياسة .
من المعلوم أن طبيعة العلاقة بين كل مجموعة بشرية و النبي المُرسَل إليها من الباري تبارك وتعالى ، لهدايتها و تعليمها ، قد اتخذت عبر تاريخ البشرية المكتوب أو المُتناقل أو الثابت في الخبر الصادق (بالمعيار الإسلامي) ، شكلاً صراعياً ، لا سيما في البدايات .
و بنو الإنسان عموماً أعداءٌ لما يجهلون ، و لا سيما إذا كان جديداً . لكن لسيدنا موسى عليه السلام و لعلاقته بمن أُرسِل إليهم ، خصوصيةً و فرادةً ربما كانتا سبباً لكثرة ورودِ قصتهما في القرآن الكريم بمواضعَ كثيرة . و لربما كان أحدُ جوانبِ تجلياتِ المعنى و الحكمة من ورود القصة بكافة تفصيلاتها ، و بتكرارٍ نَوعيٍّ - لا شكليّ كما يظن بعض الناس واهمين - ... الإشارةَ و التنبيهَ الإلهييَن إلى المدى البعيد لتأثير طبيعة تلك العلاقة و انعكاساتها على حياة البشرية بأكملها .
و لِفهم طبيعة العلاقة بين موسى عليه السلام و بني إسرائيل ، نُذَكِّرُ أولاً بأن موسى كليمُ الله . و في العبارة الأخيرة - على قِصَرِها - معنىً عظيم يجب التوقف عنده.
تَأخذ التعاليم الدينية كلها ، شكلاً لغوياً يتمثّل في نصوصٍ منقولةٍ لفظاً ثم كتابةً . و يتلخص معنى التعاليم في : افعلْ و لا تفعلْ ، مع ذكر المبرِّر و النتيجة . و هكذا فاللغةُ أولُ و أهمُّ مفردات العملية الدَعَوية .
يَقْصِرُ نعوم تشومسكي مؤسسُ علمِ الألسنية - و هو يهودي الديانة - عناصرَ عملية التواصل اللغوي التي يسميها الرسالةَ الصوتية ، على ثلاثة عناصر فقط : المُرْسِل - الرسالة - المتلقي . و يرفع تشومسكي من شأن العناصر الثلاث المذكورة حتى لَيظنُّ القارئُ لأعماله أن كلَّ تواصلٍ في الكون منوطٌ بهذه العناصر الثلاث ، و بالتسلسل المذكور ، و أنْ لا عناصر أخرى غيرها .
و أظن أن الميزة الوحيدة لما جاء به تشومسكي ، أنه أثبت مقدرة البشر - مُغرضين كانوا أم غير مُغرضين - على تشييء كلِّ مفهومٍ و فكرةٍ بشكلٍ ماديٍّ و محسوس ، و كأنه لا خالق لهذا الكون حسبما يعتقدون (و أعني تشومسكي و مَن لفَّ لفَّه) . و يمضي تشومسكي في تخيِّلِ جهازٍ ما داخل الإنسان (لم يخبرنا عن مكانه و لا عن طبيعته) يختصُّ بعملية توليد اللغة ، و يستحي أن يقول : عملية خلق اللغة . في حين يعلم كلُّ ذي عقلٍ ، علمَ اليقين ، أن المولى عزَّ و جلَّ قد علَّم آدمَ عليه السلام الأسماءَ كلها . بمعنى أن ما نراه اليوم من تطوراتٍ لغوية على صعيد المصطلحات و الأدب و فنون القولِ كافة ، ما هو إلا نِتاجُ إعمال العقل البشري الذي خلقه الخالقُ الواحدُ الأحد ، و الذي أودعَ فيه العناصرَ الواجب تطويرها ، بل و إمكانية ذلك التطوير، ناهيك عن اشتمال كافة الرسالات السماوية على حَثٍّ مستمرٍّ على إعمال العقل ، مشفوعٍ بِحِكَمٍ تنير الدرب، مع طائفةٍ وافيةٍ من الأمثلة التطبيقية .
و لقد بدأ فرويد حياتَه مدَّعياً الإلحاد ، ثم كان آخرُ ما نشر من أعمالٍ كتابَ : موسى و التوحيد ! و بدأ تشومسكي حياته (التي لا تزال مستمرةً حتى الآن) بمواقفَ مؤيدةٍ للعرب مناهضةٍ لإسرائيل ، و قد (أفلح الأعرابي إنْ صدق) إذ لا نعلم ما ستكون آخر أعماله (العلمية!) .
و بما أن أكثرَ اليهودِ علميةً - أو ادعاءً للعلمية - لا يستطيعون الفكاك من تراثهم ، حتى لو كانوا بصدد تأسيس علمٍ جديد ، و من ذلك جَعْلُ آينشتاين كلَّ مفهومٍ نسبياً بسبب كرهِ اليهود لفكرة المُطلق ، ... فإن تشومسكي عبَّر بجدارة عن التحليل الوصفي لنظرة بني إسرائيل ، أي لنظرةِ مَن يظنُّهم أسلافَه ، إلى سيدنا موسى و رسالته . ففي حين أيقن بنو إسرائيل بأن موسى مُرسَلٌ لا مُرسِل ، و بأنه يمثل الرسالة ، و بأن أقواله و أفعاله ما هي إلا سياقُ الإرسالِ المنقول ، .. فقد فضَّلوا أن يتعاملوا معه على أنه مُرسِلٌ بذاته ، و حاربوه بناءً على ذلك .
و لعل فعلَ بني إسرائيل هذا ، أشهرُ صيغةٍ لإساءة إعمال العقل المُتعمَّدة ، إذ يغلِّبُ إنسانٌ هواه الكارهَ للحقِّ على عقله الموقنِ بالحق ، فيجنِّد الأولُ الثانيَ لمحاربة الحق، بناءً على تغطية التصديق بغطاءٍ من التناسي المُتعمَّد (و هذا هو الكفر تماماً) . و جزى الله خيرَ الجزاءِ عبدَهُ محمد متولي الشعراوي الذي شرح ذلك في أحد دروسه ، عندما أفاد بأن أصل تسمية بعض القرى المصرية ﺑِ (الكَفْر) هو أن الفلاّح عندما يزرع البذار يغطّيها .
و لكن ما علاقة تشومسكي بما نسبناه إلى اليهود من اتباعِ أسلوبِ نقل العدوى إعلامياً إلى المجتمعات الكبرى المنظمة ؟! العلاقة باختصار هي الرغبة الشيطانيةُ المصدر في قضاءِ المميَّزِ على سببِ تمييزه ، أملاً في نسخ ذلك السبب من عقول الناس ، حتى يصيرَ المميَّزُ متميِّزاً بذاته لا بفضلِ غيره .
و مع أن الفكرة السابقة تثبت أن اليهود ، باتخاذهم لها منهجاً ، قد أبطلوا العقلَ و المنطقَ تماماً ، فإنها حقيقةٌ واقعة دالةٌ على أن عوامّ اليهود مُضللون مِن قِبل حاخامتهم و قادتهم الفكريين .
إن الذي ميَّز بني إسرائيل في الماضي من الأيام ، إنما هو الله عزَّ و جلَّ ، عن طريق سيدنا موسى عليه السلام . و لما كان بنو إسرائيل موقنين بأن الله هو القاهر فوق عبادِه ، فقد استفادوا من فكرة أن الله يَرى و لا يُرى ، فحاربوا ناقلَ رسالتِه المرئيّ للجميع . بمعنى أنهم حاربوا الماديَّ المَرئيَّ الملموس ، حاربوا سيدَنا موسى، حاربوا الإنسان .
و العقيدةُ الإنسانيةُ المَنبع ، أي التي مصدرُها إنسانٌ ما ، وهمٌ يعرفُ اليهودُ أنه وهم ، و يعلمون علمَ اليقين أن تراثهم السياسي (و الذي أظن أنهم يفضِّلون أن يسموه نضالاً !) قد قام على أساسٍ من محاربة تاريخية لذلك الوهم و كأنهم يحاربون خطراً حقيقياً .
و منذ أن بدأ اليهود بمحاربة سيدنا موسى عليه السلام ، و هم مستمرون في لعبة إيهام الناس بخطر الإنسان الحامل لعقيدةٍ مُنْزَلَةٍ أو وضعية . لقد صنعوا في خيال الناس صورةً لوحشٍ خرافي آتٍ إليهم ليغيرهم و يغيَّر من عاداتهم و مفاهيمهم و يبدِّل حياتهم، ... ثم أخذوا في استنساخ هذا الوحش في صورٍ مختلفة عبر العصور : فمِن نابليون إلى هتلر إلى سواهما . و عندما كانوا يفلسون ، و لا تسعفهم الظروف بتواجد إنسانٍ ما على ساحة الأحداث يمكن تحويله إلى وحشٍ جديد في عيون الناس ... كانوا يصطنعون وحشاً جديداً من إنتاجهم هم .

khaledm
02-06-05, 11:57 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخ الفاضل شامل سفر

جزاك الله خير الله يعطيك العافيه

بعد الحرب العالميه الاولى(1914-1918) وبعد هزيمة المانيا على يد الحلفاء واذلال الشعب اللماني

كان لبد لالمانيا ان تستعد كبرياءها وشرفها لذلك وبعد انتخابات ديموقراطيه انتخب الحزب النازي باغلبية الاصوات

وكان على زعيم الحزب النازي ادلوف هتلر وعندما طلب منه الائيس هندنبرك تشكيل الحكومه عمل هلتر بجد لاقامة

اول حكومه يراسه الحزب النازي اما الدعايه فهي دعايه صادقه المعاني والاقوال

وليس مثل دولنا العربيه صاحبة صواريخ الظافر والقاهر

ان هتلر لم ياتي من فراغ ان هتلر استطاع ان يحتل كل اوروبا دون مساعده من احد

ياريت يا اخي الغالي ان يكون لنا نحن العرب زعيم مثل هتلر ليبعد العار الذي لحق بامة العرب

لا حول ولا قوة الا بالله