توتة
17-04-07, 01:24 PM
صور مشرقة من بيت النبوة
الذي يقرأ في سيرة الرسول r يجد عجباً، من حسن تعامله، وجمال أسلوبه مع كافة طبقات المجتمع على سبيل العموم ، ومع أهل بيته على سبيل الخصوص ، ويكفي مصداقاً لذلك .. ثناء ربه عليه بقوله : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم:4) .
تقول عائشة رضي الله عنها : ((إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ r كَانَ الْقُرْآنَ)) [1] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn1)
ولعلي أعرض لكم نماذج من معاملة النبي r مع أهله ..من خلال المطالب التالية :
تعامله r مع زوجاته :
لقد كانت حياته r في بيته وبين نسائه المثلى الأعلى في المودة ، والموادعة ، وترك الكلفة ، وبذل المعونة ، واجتناب هجر الكلام ومره ، وهو الذي يقول : ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)) [2] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn2)ومن خلال النصوص الشرعية يمكن أن نستقرئ ما كان يفعله r في بيته مع زوجاته :
عَنْ الأسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( مَا كَانَ النَّبِيُّ r يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ )) [3] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn3)
عن عُرْوَةَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: ((كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ )) [4] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn4)
وعن عمرة عن عائشة أنها سئلت : ما كان عمل رسول الله r في بيته ؟ قالت : ((ما كان إلا بشراً من البشر كان يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه r )) [5] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn5)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ r فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ - وهو العظم الذي عليه اللحم - وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ r فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ )) [6] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn6)
وكان r من التبسط ورفع الكلفة إلى حدِّ أن يستبق هو وامرأته كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتْ : (( خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ ، وَلَمْ أَبْدُنْ . فَقَالَ : ( لِلنَّاسِ تَقَدَّمُوا ) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ لِي : ( تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ )، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : (تَقَدَّمُوا) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ : (تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ) فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: (هَذِهِ بِتِلْكَ)) [7] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn7)
بل أحيانا ترفع عائشة رضي الله عنها صوتها على رسول الله r ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : ((جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ r فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، قَالَ : فَحَالَ النَّبِيُّ r بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ r يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا : ( أَلا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ ؟) قَالَ : ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا ، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا )) [8] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn8)
وقال أنس رضي الله عنه في حديثه عن صفية رضي الله عنها : ((فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ r يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ )) [9] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn9) .
وعن عائشة قالت : ((أتيت النبي r بخزيرة - لحم يقطع ويصب عليه ماء كثير ، فإذا نضج ذر عليه الدقيق - قد طبختها له فقلت لسودة والنبي r بيني وبينها كلي ، فأبت ، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها ، فضحك النبي r ، فوضع بيده لها وقال لها : الطخي وجهها ، فضحك النبي r )) [10] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn10)
معاملته r مع بناته
فقد كانت قمة في الروعة والجمال، لقد كان rيرحب بهن ، تقول عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ r فَقَالَ النَّبِيُّ r : (مَرْحَبًا بِابْنَتِي) ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ [11] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn11) ، وما كان النبي r إذا زوج البنت يتخلى عنها ، بل كان يتعاهدها بالنصح والإرشاد ، والتذكير والزيارة ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ((أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أُتِيَ بِسَبْيٍ فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ r فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ ، فَقَالَ : عَلَى مَكَانِكُمَا ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي ، فَقَالَ: أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ)) [12] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn12)
بل كان r يبحث عن أولاد بناته ويلاعبهم فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ((خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي طَائِفَةٍ مِنْ النَّهَارِ ...حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَالَ : ( أَثَمَّ لُكَعُ - يعني الصغير - أَثَمَّ لُكَعُ ) - يَعْنِي حَسَنًا - فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَابًا ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّه))[13] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn13)
وكان r يحرص على ملاطفة أزواج بناته والصلح بينهما إذا حصل خلاف ، فما كان يترك بناته وكأن حملاً ثقيلاً قد زال عنه ، فيتركها لزوجها دون متابعة أو مناصحة أو ملاطفة للزوج حتى يحسن معاملة ابنته فمثلا ..حصل ذات مرة خلاف بين فاطمة رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب فجاء الرسول r وسأل عن علي فقالت فاطمة : ((كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ r وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ : قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ)) [14] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn14) .
انظر إلى ملاطفة النبي r لزوج ابنته من أجل كسب وده وملاطفته فهل يفعل الآباء ذلك مع أزواج بناتهم ؟!! بل كان r يحث بناته وأزواجهن على قيام الليل، ويذهب إليهما ليوقظهما كما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن علي بن الحسين ((أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلام لَيْلَةً فَقَالَ : أَلا تُصَلِّيَانِ ؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا ، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ : (( وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)) [15] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn15) .
وكان r يأمرهن بالمعروف وينهاهن عن المنكر ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ((أَتَى النَّبِيُّ r بَيْتَ فَاطِمَةَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا ، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ r قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا ، فَقَالَ : مَا لِي وَلِلدُّنْيَا ، فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا ، فَقَالَتْ : لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ ، قَالَ: تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ )) [16] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn16).
بل كان r يغضب إذا أوذيت أو تعرض لها أحد بسوء كما جاء في صحيح البخاري أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ : (( إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَتْ : يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ : أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ r وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ )) [17] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn17)
ولم يكن r يغالي في مهور بناته أو يتاجر بهن عليه الصلاة والسلام ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ((أَلا لا تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ r مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ r نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ ، وَلا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً )) [18] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn18)
هكذا كان r يتعامل مع بناته فأين نحن من هذه الأخلاق الكريمة ، والصفات الحميدة .
معاملته r مع أخواته
جاء في كتب السير أن أخته r جاءته ، وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة ، وهي لا تعرفه وهو لا يعرفها ، فقد مرت سنوات ، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة وهو تحت سدرة ، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم ، فتستأذن فيقول لها الصحابة : من أنت ؟ فتقول : أنا أخت الرسول r من الرضاعة ، أنا الشيماء بنت الحارث ، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية .
فيخبرون الرسول r فتترقرق الدموع في عينيه ، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة ، وبُعد الوحشة والغربة ، ويُجلسها مكانه ويظللها من الشمس [19] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn19).
تصوروا رسول البشرية ، ومعلم الإنسانية ، ومزعزع كيان الوثنية ، يظلل هذه العجوز من الشمس وهي أخته من الرضاع ؟!! فأين الذين قطعوا أخواتهم وعماتهم وخالاتهم ، بل حتى الميراث الذي أحله الله لهن حرموه عليهن ؟!!
فيسأل الرسول r أخته عن أحوالهم ثم يقول لها : اختاري الحياة عندي محببة مكرمة أو تريدين أهلك ؟ فتقول : أريد أهلي. فيعطيها المال ليعلم الناس صلة الأرحام .
[1] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref1)رواه مسلم (746)
[2] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref2)رواه الترمذي ورقمه (3895) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح ، ورواه ابن ماجه ورقمه (1977) والدارمي في سننه ورقمه (2260) .
[3] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref3)رواه البخاري ورقمه (676) .
[4] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref4)رواه أحمد (6/121) وابن حبان (12/490) ورقمه (5677) وصححه ، وأبو يعلى في مسنده (8/287) ورقمه (4876) .
[5] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref5)رواه ابن حبان في صحيحه (2136) وأبو يعلى في مسنده (4873) قال الذهبي في السير (7/158) : (هذا حديث صالح الإسناد أخرجه أبو عيسى الترمذي في كتاب الشمائل (293) .
[6] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref6)رواه مسلم (300) .
[7] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref7)رواه أحمد في مسنده (6/264) و أبو داود (2578) وصححه العراقي في تخريج الأحياء (2/40) والألباني كما في آداب الزفاف ص 276 .
[8] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref8)رواه الإمام أحمد في مسنده (4/272) وأبو داود (4999)
[9] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref9)رواه البخاري 4211)
[10] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref10)قال في مجمع الزوائد ( 4/315) رواه أبو يعلي (4476) ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن .
[11] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref11)رواه البخاري (3624) ومسلم (2450) .
[12] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref12)رواه البخاري (3113) ومسلم (2727) .
[13] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref13)رواه البخاري (2122) ومسلم (2421) .
[14] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref14)رواه البخاري (441) ومسلم (2409) .
[15] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref15)رواه البخاري (1127) ومسلم (775) .
[16] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref16)رواه البخاري (2613) .
[17] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref17)رواه البخاري (3729) ومسلم (2449) .
[18] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref18)رواه الترمذي (1114) والنسائي (3349) وأبو داود (2106) وابن ماجه (1887) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .
[19] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref19)انظر : زاد المعاد (3/475)
منقــــــول للفائدة
.,.
الذي يقرأ في سيرة الرسول r يجد عجباً، من حسن تعامله، وجمال أسلوبه مع كافة طبقات المجتمع على سبيل العموم ، ومع أهل بيته على سبيل الخصوص ، ويكفي مصداقاً لذلك .. ثناء ربه عليه بقوله : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم:4) .
تقول عائشة رضي الله عنها : ((إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ r كَانَ الْقُرْآنَ)) [1] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn1)
ولعلي أعرض لكم نماذج من معاملة النبي r مع أهله ..من خلال المطالب التالية :
تعامله r مع زوجاته :
لقد كانت حياته r في بيته وبين نسائه المثلى الأعلى في المودة ، والموادعة ، وترك الكلفة ، وبذل المعونة ، واجتناب هجر الكلام ومره ، وهو الذي يقول : ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)) [2] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn2)ومن خلال النصوص الشرعية يمكن أن نستقرئ ما كان يفعله r في بيته مع زوجاته :
عَنْ الأسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( مَا كَانَ النَّبِيُّ r يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ )) [3] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn3)
عن عُرْوَةَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: ((كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ )) [4] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn4)
وعن عمرة عن عائشة أنها سئلت : ما كان عمل رسول الله r في بيته ؟ قالت : ((ما كان إلا بشراً من البشر كان يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه r )) [5] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn5)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ r فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ - وهو العظم الذي عليه اللحم - وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ r فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ )) [6] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn6)
وكان r من التبسط ورفع الكلفة إلى حدِّ أن يستبق هو وامرأته كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتْ : (( خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ ، وَلَمْ أَبْدُنْ . فَقَالَ : ( لِلنَّاسِ تَقَدَّمُوا ) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ لِي : ( تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ )، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : (تَقَدَّمُوا) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ : (تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ) فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: (هَذِهِ بِتِلْكَ)) [7] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn7)
بل أحيانا ترفع عائشة رضي الله عنها صوتها على رسول الله r ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : ((جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ r فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، قَالَ : فَحَالَ النَّبِيُّ r بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ r يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا : ( أَلا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ ؟) قَالَ : ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا ، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا )) [8] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn8)
وقال أنس رضي الله عنه في حديثه عن صفية رضي الله عنها : ((فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ r يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ )) [9] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn9) .
وعن عائشة قالت : ((أتيت النبي r بخزيرة - لحم يقطع ويصب عليه ماء كثير ، فإذا نضج ذر عليه الدقيق - قد طبختها له فقلت لسودة والنبي r بيني وبينها كلي ، فأبت ، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها ، فضحك النبي r ، فوضع بيده لها وقال لها : الطخي وجهها ، فضحك النبي r )) [10] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn10)
معاملته r مع بناته
فقد كانت قمة في الروعة والجمال، لقد كان rيرحب بهن ، تقول عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ r فَقَالَ النَّبِيُّ r : (مَرْحَبًا بِابْنَتِي) ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ [11] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn11) ، وما كان النبي r إذا زوج البنت يتخلى عنها ، بل كان يتعاهدها بالنصح والإرشاد ، والتذكير والزيارة ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ((أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أُتِيَ بِسَبْيٍ فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ r فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ ، فَقَالَ : عَلَى مَكَانِكُمَا ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي ، فَقَالَ: أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ)) [12] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn12)
بل كان r يبحث عن أولاد بناته ويلاعبهم فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ((خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي طَائِفَةٍ مِنْ النَّهَارِ ...حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَالَ : ( أَثَمَّ لُكَعُ - يعني الصغير - أَثَمَّ لُكَعُ ) - يَعْنِي حَسَنًا - فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَابًا ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّه))[13] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn13)
وكان r يحرص على ملاطفة أزواج بناته والصلح بينهما إذا حصل خلاف ، فما كان يترك بناته وكأن حملاً ثقيلاً قد زال عنه ، فيتركها لزوجها دون متابعة أو مناصحة أو ملاطفة للزوج حتى يحسن معاملة ابنته فمثلا ..حصل ذات مرة خلاف بين فاطمة رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب فجاء الرسول r وسأل عن علي فقالت فاطمة : ((كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ r وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ : قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ)) [14] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn14) .
انظر إلى ملاطفة النبي r لزوج ابنته من أجل كسب وده وملاطفته فهل يفعل الآباء ذلك مع أزواج بناتهم ؟!! بل كان r يحث بناته وأزواجهن على قيام الليل، ويذهب إليهما ليوقظهما كما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن علي بن الحسين ((أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلام لَيْلَةً فَقَالَ : أَلا تُصَلِّيَانِ ؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا ، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ : (( وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)) [15] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn15) .
وكان r يأمرهن بالمعروف وينهاهن عن المنكر ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ((أَتَى النَّبِيُّ r بَيْتَ فَاطِمَةَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا ، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ r قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا ، فَقَالَ : مَا لِي وَلِلدُّنْيَا ، فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا ، فَقَالَتْ : لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ ، قَالَ: تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ )) [16] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn16).
بل كان r يغضب إذا أوذيت أو تعرض لها أحد بسوء كما جاء في صحيح البخاري أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ : (( إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَتْ : يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ : أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ r وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ )) [17] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn17)
ولم يكن r يغالي في مهور بناته أو يتاجر بهن عليه الصلاة والسلام ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ((أَلا لا تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ r مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ r نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ ، وَلا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً )) [18] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn18)
هكذا كان r يتعامل مع بناته فأين نحن من هذه الأخلاق الكريمة ، والصفات الحميدة .
معاملته r مع أخواته
جاء في كتب السير أن أخته r جاءته ، وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة ، وهي لا تعرفه وهو لا يعرفها ، فقد مرت سنوات ، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة وهو تحت سدرة ، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم ، فتستأذن فيقول لها الصحابة : من أنت ؟ فتقول : أنا أخت الرسول r من الرضاعة ، أنا الشيماء بنت الحارث ، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية .
فيخبرون الرسول r فتترقرق الدموع في عينيه ، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة ، وبُعد الوحشة والغربة ، ويُجلسها مكانه ويظللها من الشمس [19] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftn19).
تصوروا رسول البشرية ، ومعلم الإنسانية ، ومزعزع كيان الوثنية ، يظلل هذه العجوز من الشمس وهي أخته من الرضاع ؟!! فأين الذين قطعوا أخواتهم وعماتهم وخالاتهم ، بل حتى الميراث الذي أحله الله لهن حرموه عليهن ؟!!
فيسأل الرسول r أخته عن أحوالهم ثم يقول لها : اختاري الحياة عندي محببة مكرمة أو تريدين أهلك ؟ فتقول : أريد أهلي. فيعطيها المال ليعلم الناس صلة الأرحام .
[1] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref1)رواه مسلم (746)
[2] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref2)رواه الترمذي ورقمه (3895) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح ، ورواه ابن ماجه ورقمه (1977) والدارمي في سننه ورقمه (2260) .
[3] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref3)رواه البخاري ورقمه (676) .
[4] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref4)رواه أحمد (6/121) وابن حبان (12/490) ورقمه (5677) وصححه ، وأبو يعلى في مسنده (8/287) ورقمه (4876) .
[5] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref5)رواه ابن حبان في صحيحه (2136) وأبو يعلى في مسنده (4873) قال الذهبي في السير (7/158) : (هذا حديث صالح الإسناد أخرجه أبو عيسى الترمذي في كتاب الشمائل (293) .
[6] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref6)رواه مسلم (300) .
[7] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref7)رواه أحمد في مسنده (6/264) و أبو داود (2578) وصححه العراقي في تخريج الأحياء (2/40) والألباني كما في آداب الزفاف ص 276 .
[8] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref8)رواه الإمام أحمد في مسنده (4/272) وأبو داود (4999)
[9] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref9)رواه البخاري 4211)
[10] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref10)قال في مجمع الزوائد ( 4/315) رواه أبو يعلي (4476) ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن .
[11] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref11)رواه البخاري (3624) ومسلم (2450) .
[12] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref12)رواه البخاري (3113) ومسلم (2727) .
[13] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref13)رواه البخاري (2122) ومسلم (2421) .
[14] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref14)رواه البخاري (441) ومسلم (2409) .
[15] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref15)رواه البخاري (1127) ومسلم (775) .
[16] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref16)رواه البخاري (2613) .
[17] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref17)رواه البخاري (3729) ومسلم (2449) .
[18] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref18)رواه الترمذي (1114) والنسائي (3349) وأبو داود (2106) وابن ماجه (1887) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .
[19] (http://www.islamlight.net/dolm/swr.htm#_ftnref19)انظر : زاد المعاد (3/475)
منقــــــول للفائدة
.,.