الجراح النجدي
07-03-07, 06:37 AM
أبو البقاء الرندي
بكاء الأندلس
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ= فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ= مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد= ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ=إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ=كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ=وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ=وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب=وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له=حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك=كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه=وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ=يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة=وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها=وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له=هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ=حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)=وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم=من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ=ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما=عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ=كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية=قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما=فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ=حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ=إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ=أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها=وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً=كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ=كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ=لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ=فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم=قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ=وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبَّاتٌ لها هممٌ=أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ=أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم=واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ=عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ=لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما=كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت=كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً=والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ=إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
بكاء الأندلس
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ= فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ= مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد= ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ=إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ=كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ=وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ=وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب=وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له=حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك=كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه=وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ=يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة=وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها=وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له=هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ=حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)=وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم=من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ=ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما=عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ=كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية=قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما=فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ=حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ=إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ=أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها=وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً=كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ=كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ=لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ=فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم=قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ=وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبَّاتٌ لها هممٌ=أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ=أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم=واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ=عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ=لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما=كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت=كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً=والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ=إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ